يوميات الثورة التونسية: يوم 7/03/11. مواطن العالم د. محمد كشكار

1
قال الوزير الأول التونسي الحالي السيد الباجي قائد السبسي أنه سيعمل مع هيئة استشارية متكوّنة ممّن شاركوا في الثورة. أتوجه إليه بكل احترام بالسؤال البرئ التالي: هل شارك هو في الثورة؟ هل شارك في الثورة كل من رئيس الدولة و الحكومة المؤقتة و البوليس و معتصمي القبة في المنزه و البورجوازية المحلية و شقيقتها الكبرى البورجوازية متعدّدة الجنسيات و أمريكا و فرنسا؟ هل شارك في الثورة المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل و على رأسه عبد السلام جراد "بن على الاتحاد" و انتبهوا يا قرّائي النقابيين الشرفاء المعارضين للنظام بما فيه ركيزته الأساسية المتمثلة في المكتب التنفيذي بـ13 حرامي و "علي باباهم" جراد، أنا لم أتهم و لن أجرؤ على اتهام منظمتنا التاريخية المناضلة بمنتسبيها من كل الاتجاهات، منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل بل قلت و أكرّر: مكتبه التنفيذي المعادي للثورة قبل اندلاعها و بعد ولادتها؟ كيف يحكم الثورة من لم يشارك في الثورة و يُستشارُ فقط من شارك في الثورة
2
البوعزيزي أشعل الثورة و شارك فيها كل من المواطنين التونسيين، أمثالي و أمثالك، نساء و رجالا، شيبا و شبابا، الصادقين المنتمين و غير المنتمين، إسلاميين و يساريين و النقابيين من كل الاتجاهات السياسية. شارك فيها الجيش التونسي بالحياد السلبي بين الجلاّد و الضحيّة. شاركت فيها بعض الفضائيات الخليجيّة و الأوروبية بانحيازها الواضح للشعب باستثناء قناة "المستقلة" لمديرها و صاحبها الدكتور المنافق العظيم البشير الحامدي أصيل مدينة "سيدي بوزيد" منبع و مهد الثورة و مسقط رأس البوعزيزي. شاركت فيها شركتا الاتصال التونسيتان "تونيزيانا" و "تيليكوم" بشحن هواتفنا المحمولة بخمسة دنانير مجانا في عز الاحتياج للاتصال بين المتظاهرين و شارك فيها قطار حمام الأنف بنقله المتظاهرين من تونس الجنوبية إلى العاصمة مجانا "مْرَسْكْيينْ" ، "مُكره أخاك لا بطل. شارك في الثورة معتصمي القصبة 1 و 2 الأبطال الممثلين لكل مدن و قرى و أحزاب و جمعيات تونس الحرّة
3
أحلى و أروع خبر سمعته في حياتي السياسية في تونس لو نفذته الحكومة المؤقتة فعلا و قدمت المجرمين من منتسبيه أمام قضاء مستقل و عوّضت ضحاياه، شهداء كانوا أو أحياء
تعلم وزارة الداخلية أنّه تماشيا مع قيم ومبادئ الثورة والتزاما باحترام القانون نصّا وممارسة وتكريسا لمناخ الثقة والشفافية في علاقة الأمن بالمواطن وحرصا على معالجة السلبيات المسجّلة في ظل النظام السابق في مستوى هذه العلاقة وفي إطار مراجعة تنظيم هياكل الأمن الداخلي بالاستئناس بالتنظيمات المعتمدة في الدول الديمقراطية وما توفّر لهذه الدول من خبرات وتجارب، شرعت وزارة الداخلية في اتخاذ الإجراءات العملية الكفيلة بتحقيق هذا التمشّي وقرّرت ما يلي
أوّلا : القطع نهائيا مع كلّ ما مـن شأنه أن ينـدرج، بأيّ شكل من الأشكال، تحـت منطوق "البوليس السياسي" من حيث الهيكلة والمهمّات والممارسات
ثانيا : إلغاء إدارة أمن الدولة
ثالثا : تأكيد التزام وزارة الداخلية بالقانون واحترام الحريات والحقوق المدنية

وتندرج هذه الإجراءات والقرارات في إطار الرؤية الجديدة لمهام وزارة الداخلية ومواصلة ما شرعت فيه من خطوات عملية للمساهمة في تحقيق مقوّمات الديمقراطية والكرامة والحريّة

تعليق على الخبر
هذا الكيان المخيف المرعب الذي يُدعى "البوليس السياسي" لم يحصل لي شرف مواجهته عن قرب إلا عندما أغلق زبانيته، مراقبي الأنترنات، صفحة المقالات في حسابي الفيسبوكي أثناء العهد البائد. كنت أخافه غريزيا و أنا أتحدث سياسة في المقهى لكن خوفي منه لم يثنيني عن مواصلة الكلام في المقهى و في قاعة الأساتذة و في الاجتماعات النقابية و في المناسبات العائلية. لم يمنعني غَلْقُهُ لصفحة المقالات في حسابي الفيسبوك من مواصلة نشر مقالاتي النقدية المعارضة لسياسة النظام في بعض المنتديات و في مدوّنتي الخاصة. كنت أسمع عن أفعاله من تعذيب و خطف و قتل و ترويع فتقشعرّ فرائصي من هول ما أسمع. كتبت فيه بعض "المدح" بعد الثورة عندما زال الخوف نهائيا من قلوب كل التونسيين. "كيان-شبح" روّعني من بعيد و لم يعتقلني و لم أره مجسّما أمامي على شكل شرطي مدني، ربما لأنني كمعارض سلمي ناقد مفكر غير منتمي و معزول، لا أمثل صيدا ثمينا يُرضي به أسياده أو يساعده على الحصول على ترقية مهنية في السلك . أرهبني جدا رغم أنني لم أتعرّض للتوقيف و لا للضرب و لا للتعذيب و لا للاستنطاق و لا للإهانة في زنازينه تحت الأرضية في وزارة الداخلية، لقد أدخل و أسكن في ضلوعي الرعب المستدام رغم عدم تعرّضه لي ، فما بالك إذن بالنشطاء السياسيين المعارضين اليساريين و القوميين و الإسلاميين الذين أذاقهم العذاب ألوان و اللذين لم أتعاطف معهم و لم أساندهم إلا و هم تحت قبضته الحديدية الجهنمية


في النهاية أنا مواطن فقير بسيط عادي منعزل غير منتمي لأي حزب و لا أومن بأية إيديولوجية يسارية كانت أو يمينية لكن أومن بالمُثل العليا سماوية المصدر أو إنسانية الإبداع
لا حول لي و لا قوة إلا بالله و ليس لي أي وزن أو تأثير مباشر على الأحداث و أمارس النقد الفكري و السياسي و الاجتماعي و العلمي و الثقافي كهواية أدبية دون اختصاص في هذا المجال الواسع و لا أملك بدائل جاهزة لِما أنقد لأن النقد مؤسسة قائمة بذاتها و غنية بما تقدّمه للمبدعين و أرى أن البديل ينبثق انبثاقا من صنع و تفاعل أصحاب المشكلة فيما بينهم و "أهل مكة أدرى بشعابها
شاركت في الثورة كفرد بكل ما أُوتيت من جهد متواضع، شاركت على مدى أربعين عام بموقف معارض على طريقتي السلمية و بالمشاركة في كل إضرابات و تجمّعات نقابة التعليم الثانوي و الاتحاد العام التونسي للشغل و شاركت منذ عام بنشر حوالي 200 مقال تأليفا و نقلا، مقالات نقدية للتصورات غير العلمية السائدة في مجتمعنا التونسي و مقالات معارضة لسياسة النظام البائد على صفحات جريدة "الشعب" و في الفيسبوك و في مدوّنتي و في 50 موقعا آخر في منتديات على النات
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي