الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2011-09-30, 10:30 رقم المشاركة : 6
رشيد زايزون
مشرف منتدى التعليم العالي ومنتدى التفتيش التربوي
 
الصورة الرمزية رشيد زايزون

 

إحصائية العضو









رشيد زايزون غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي رد: قراءة في غزوة خيبر/د.عثمان قدري مكانسي


قراءة في غزوة خيبر (6)

الدكتور عثمان قدري مكانسي
إسلام الأسود الراعي واستشهاده

أتى الأسود الراعي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محاصر لبعض حصون خيبر ، ومعه غنم له ، كان فيها أجيرا لرجل من يهود ، فقال : يا رسول الله ، اعرض علي الإسلام ، فعرضه عليه ، فأسلم - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحقرُ أحدا أن يدعوه إلى الإسلام ، ويعرضه عليه - فلما أسلم قال : يا رسول الله ، إني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم وهي أمانة عندي ، فكيف أصنع بها ؟ قال : اضرب في وجوهها ، فإنها سترجع إلى ربها - أو كما قال - فقال الأسود ، فأخذ حفنة من الحصى ، فرمى بها في وجوهها ، وقال : ارجعي إلى صاحبك ، فوالله لا أصحبك أبدا ، فخرجت مجتمعة ، كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن .
ثم تقدم إلى ذلك الحصن ليقاتل مع المسلمين ، فأصابه حجر فقتله ، وما صلى لله صلاة قط ؛ فأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوضع خلفه ، وسجي بشملة كانت عليه . فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من أصحابه ، ثم أعرض عنه ، فقالوا : يا رسول الله ، لم أعرضت عنه ؟ قال : إن معه الآن زوجتيه من الحور العين . والشهيد إذا ما أصيب تدلت ( له ) زوجتاه من الحور العين عليه ، تنفضان التراب عن وجهه ، وتقولان : ترّب الله وجه من تربك ، وقتل من قتلك .

إضاءة:

1- قد يكون المرء البسيط أعقل من سيده وأقدر على الفهم ، لأنه يحمل قلباً سليماً وفكراً سديدا ، ولعل الغني المتبلد الإحساس تنطبق عليه الآية الكريمة " إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى " وقد يصيبه الغرور والكِبر فلا يستطيع تمييز الحق والباطل أو هو لا يريد ذلك ويود أن يبقى منغمساً في ملذاته وكبره إلى أن يرى ما لا يسره فيندم ، ولات حين مندم.

2- يسمع الأسود الراعي برسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل رسالة عالمية للإنسان فيقبل عليه يسأله عن هذه الرسالة ، فيقدمها له على طبق من نور ، ولا يتكبر أن يحدث راعياً فهو رسول الله لكل فئات البشر كبيرهم وصغيرهم ،غنيهم وفقيرهم ،ذكرهم وأنثاهم ،أبيضهم وأسودهم .وقد كان أغلب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء المساكين ، وقد قال له المشركون : لا نقعد مع هؤلاء ، فاجعل لنا يوماً أو مجلساً واجعل لهم يوماً أو مجلساً . فنبهه القرآن الكريم إلى الإحسان إلى هؤلاء الفقراء : " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تَعْدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فُرُطاً " .

3- أداء الأمانة من صلب تعاليم الإسلام . فحين أسلم الراعي قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم وهي أمانة عندي ، فكيف أصنع بها ؟ كان جوابه صلى الله عليه وسلم تعليماً للراعي وتدريباً على حفظ الأمانة وعدم تضييعها . لقد كان أميناً وهو كافر ، فلْيكن أكثر تشبثاً بحفظ الأمانة وهو مسلم وأمَرَه أن يؤدي الأمانة إلى صاحبها

4- ولأنه أسلم ورغب أن يوصل الأمانة إلى صاحبها دون أن يلقاه - فيسأله السبب في ترك العمل عنده ، ولربما ناله السوء منه فقتله أو عذبه أو سجنه – باح بمكنون نفسه للنبي المعلم فكان جوابه إحدى المعجزات التي أجراها الله تعالى على يديه فقال له : اضرب في وجوهها ، فإنها سترجع إلى ربها . وقد آمن به الراعي وصدّقه في عقيدته ومجرى حياته أفلا يسمع لقوله ويعمل به؟ أخذ حفنة من حصى فضرب بها وجهها فانطلقت إلى صاحبها مجتمعة كأنها يسوقها سائق .

5- ونلحظ أن المسلم حين يرى نفسه في مجتمعه الأصيل وبين إخوانه لا يفضل أحداً عليهم ، فهو منهم وهم منه . إنه حين أسلم رأى نفسه في مرآة إخوته المسلمين فالتزمهم مجتمعاً وحياة وعملاً . كان في معسكر الشرك والكفر فانتمى لمعسكر الإيمان والتوحيد ، ورأى نفسه جندياً في جيش المسلمين يقاتل معهم تحت رايتهم ويأرز إليهم ،إنه معهم كالبنيان المرصوص يشد بعضُه بعضاً .

6- يتقدم الراعي بعد قليل إلى الحصن يقاتل اليهود . كان قبل زمن يسير منهم فصار في الإيمان ضدهم " إنما المؤمنون إخوة " . ينخرط في صفوف المجاهدين ويقاتل معهم عدوّهم ، وتكتب له الشهادة ، فيُقتل ولم يصلِّ لله ركعة واحدة . ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى" وينال الجنة سريعاً وتستقبله زوجتاه من الحور العين تسرّيان عنه وتحتفيان به.

7- من الحياء أن يغض المرء طرفه عما ليس له . ففي المعراج يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة لعساء تعجبه ، فيقول : لمن هذه ؟ فيُقال : إنها لعمر بن الخطاب فيبعد نظره عنها ، متمثلاً بقوله تعالى: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" وهنا كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر إلى هذا المسلم الجديد بإسلامه والسريع بشهادته. ثم يعرض عنه لأن معه زوجتيه من الحور العين تنفضان التراب عنه وتدعوان على قاتله. وتملّ قوله صلى الله عليه وسلم " تدلّت له زوجتاه من الحور العين " والتدلي سرعة الحضور والرغبة فيه تحملان الشوق والحب لزوجهما الذي انتظرتاه بفارغ الصبر .

8- ومن المواقف التي تسترعي الانتباه وتستدعي الإعجاب سرعة بديهة أصحاب رسول الله الذين يتابعون كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن كل ما يبدر منه أو يفعله ، فقالوا : يا رسول الله ، لم أعرضت عنه؟ أأعرضْتَ رغبة عنه ؟ فيا ويله إذاً ! أم هناك أمر يراه الرسول صلى الله عليه وسلم وهم لا يرونه ويودّون أن يعرفوه ليفيدوا منه ، ولينقلوه لمن بعدهم من الأمم . وبهذه المتابعة اللماحة لنبيهم ، وبهذا الاهتمام البالغ بما يفعله استحقوا أن يكونوا سادة الأمم ، ففتحوا الفتوح ، وسادوا العالم وكانوا المشعل الوقّاد على مرّ الدهور وكرّ العصور.

يتبع





التوقيع




    رد مع اقتباس
قديم 2011-09-30, 10:31 رقم المشاركة : 7
رشيد زايزون
مشرف منتدى التعليم العالي ومنتدى التفتيش التربوي
 
الصورة الرمزية رشيد زايزون

 

إحصائية العضو









رشيد زايزون غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي رد: قراءة في غزوة خيبر/د.عثمان قدري مكانسي


قراءة في غزوة خيبر(7)/القسم الأخير

الدكتور عثمان قدري مكانسي

حيلة الحجاج بن علاط السلمي في جمع ماله من مكة

لما فتحت خيبر ، كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحجاج بن علاط السلمي ، فقال : يا رسول الله ، إن لي بمكة مالا عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة - وكانت عنده وله منها ولد، ومال متفرق في تجار أهل مكة ، فأذنْ لي يا رسول الله ؛ فأذن له ، قال : إنه لا بد لي يا رسول الله من أن أقولَ ؛ قال : قلْ .
قال الحجاج : فخرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت بثنية البيضاء رجالا من قريش يتسمعون الأخبار ، ويسألون عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد بلغهم أنه قد سار إلى خيبر ، وقد عرفوا أنها قرية الحجاز ريفا ومنعة ورجالا ، فهم يتحسسون الأخبار ، ويسألون الركبان ، فلما رأوني قالوا : الحجاج بن علاط - ولم يكونوا علموا بإسلامي- عنده والله الخبر ، أخبرنا يا أبا محمد . فإنه قد بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر ، وهي بلد يهود وريف الحجاز .
قال الحجاجُ : قد بلغني ذلك وعندي من الخبر ما يسركم ، قال : فالتبطوا( حَفـُّوا والتصقوا )بجنبَيْ ناقتي يقولون : إيه يا حجاج ؛ قال : قلت : هزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط ، وقتل أصحابه قتلا لم تسمعوا بمثله قط ، وأسر محمد أسرا ، وقالوا : لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة ، فيقتلوه بين أظهرهم بمن كان أصاب من رجالهم .
فقاموا وصاحوا بمكة ، وقالوا : قد جاءكم الخبر ، وهذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم ، فيقتل بين أظهركم . قال لهم الحجاجُ : أعينوني على جمع مالي بمكة وعلى غرمائي ، فإني أريد أن أقدم خيبر ، فأصيب من فيء محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى ما هنالك .

العباس يستوثق من خبر الحجاج ويفاجئ قريشا

قال الحجاج : فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث جمع سمعت به : وجئت صاحبتي فقلت : مالي ، وقد كان لي عندها مال موضوع ، لعلي ألحق بخيبر ، فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار ؛ فلما سمع العباس بن عبد المطلب الخبر ، وجاءه عني ، أقبل حتى وقف إلى جنبي وأنا في خيمة من خيام التجار ، فقال : يا حجاج ، ما هذا الخبر الذي جئت به ؟ فقلت : وهل عندك حفظ لما وضعت عندك ؟ قال : نعم ؛ قلت : فاستأخر عني حتى ألقاك على خلاء ، فإني في جمع مالي كما ترى ، فانصرفْ عني حتى أفرغ .
قال الحجاجُ: حتى إذا فرغت من جمع كل شيء كان لي بمكة ، وأجمعت الخروج ، لقيت العباس ، فقلت : احفظ عليّ حديثي يا أبا الفضل ، فإني أخشى الطلب ثلاثا ، ثم قل ما شئت ، قال : أفعل ؟ قلت : فإني والله لقد تركت ابن أخيك عروسا على بنت ملكهم ، يعني صفية بنت حيي ، ولقد افتتح خيبر ، وانتثل ما فيها ( حاز كنوزها)، وصارت له ولأصحابه ؛ فقال : ما تقول يا حجاج ؟ قلت : إي والله ، فاكتم عني ، ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي ، فرَقا من أن أغلب عليه ، فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك ، فهو والله على ما تحب ،
فلما كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له ، وتخلق ( تعطّر)، وأخذ عصاه ، ثم خرج حتى أتى الكعبة ، فطاف بها ، فلما رأوه قالوا : يا أبا الفضل ، هذا والله التجلد لحَرِّ المصيبة ؛ قال : كلا ، والله الذي حلفتم به ، لقد افتتح محمد خيبر وترك عروسا على بنت ملكهم ، وأحرز أموالهم وما فيها فأصبحتْ له ولأصحابه ؛ قالوا : من جاءك بهذا الخبر ؟ قال : الذي جاءكم بما جاءكم به ، ولقد دخل عليكم مسلما ، فأخذ ماله ، فانطلق ليلحق بمحمد وأصحابه ، فيكونَ معه ؛ قالوا : يا لعباد الله انفلت عدو الله ، أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن ؛ قال : ولم ينشبوا( يلبثوا) أن جاءهم الخبر بذلك .

إضاءة:

1-لصاحب الحق حين يجد حقه صعبَ المنال – وخاصة في حالة الحرب والعداوة – أن يظهر غير الحقيقة فيما يرضي الشانئين – حتى حين - فيسهلَ الوصول إلى حقه ، وهذا ما فعله الحجاج بن علاط حين أسلم ولم يكن أحد يعلم بإسلامه ، ولو عاد مشهراً دينه الجديد لضاع حقه عند أهل مكة ، وقد يقتلونه إذا علموا بإسلامه ، والحرب خدعة .

2-وقد يخفي أمره عن أقرب الناس إليه إذا خشي افتضاحه ، فنرى الحجاج يخفي أمر إسلامه على زوجته كي لا تفسد خطته وتشي به عند متنفذي مكة . ولمّا تزلْ على كفرها ، وهي لصيقة بأهلها وترى الأمرَ أمرَهم والرأيَ رأيَهم.

3-ولا بد من استئذان القائد فيما ينتويه الرجل حين يتطلب الأمر أن يقول ما لا يعتقد بحق الآخرين وخاصة إذا تعلق الأمر بلبّ العقيدة ,فلا يجوز لمسلم أن ينال من الإسلام ورسوله إلا إذا اضطر ،وإلاّ باءَ بسوء عمله ،وكان من أهل النار ، وما يُسلم المرء إلا رغبة ورهبة ، رغبة في الحق ورضوان الله ، ورهبة من الكفر والعقوبة الأبدية ،ونعلم أن المشركين ما تركوا عذابَ عمار بن ياسر إلا حين نال مضطراً من الدين ورسوله وقال في الذات الإلهية ما قال ، وجاء إلى رسول الله يبكي ويعتذر ، فطيّب النبي صلى الله عليه وسلم خاطره وقال له " وإن عادوا فعد مادام الأمر لم يتعدّ اللسان ، وقرأ عليه الآية من سورة النحل " إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان " .

4-ولا ننسى ما فعله نُعَيم بن مسعود الغطفاني في غزوة الخندق عام خمسة للهجرة حين حين جاء رسولَ الله مسلماً وسأله أن يقبله في جيش المسلمين فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفرّق أمر الأعداء ، ولم يكونوا يعلمون بإسلامه. فكانت سفارته بين مشركي مكة ويهود قريظة عامل تثبيط إدّى إلى زرع الشك بين الفريقين ،ثم إلى انفراط عقدهم .

5-بدأ الحجاج خطته حين رأى المشركين خارج مكة يتلمّسون أخبار المسلمين وينتظرون خبراً يناسب رغباتهم ، ويدغدغ أهواءهم ، فقد كفوه مؤونة سب رمز المسلمين وسيدهم حين وصفوه صلى الله عليه وسلم بـ( القاطع) ، وهو الواصل لكل خير والآمرُ به صلى الله عليه وسلم ، ويظنون أن اليهود أقوياء لاجتماعهم وتحصنهم وغناهم ، ويتوهمون أنهم سينالون من المسلمين ونبيهم ، وأن نهاية المسلمين سوف تكون على أيديهم – وهي أمنية كل ضعيف جبان لا يمكنه فعل شيء فيرجو أن ينال ما يتمناه على أيدي الآخرين، فيسبغون عليهم ما يؤهلهم للفوز ( وهي بلد يهود وريف الحجاز) – بلد الغنى والقوة والمنَعة - وأنّ من يقع بين أيديهم يلقى سوء العاقبة ! ويتناسى الواهن ذو الفكر الضعيف أن خير وسيلة للدفاع الهجومُ وأن من يهاجم يُعِدُّ العدة لسفر وغربة طويلين ، وأنه لعوامل عدة أهمها الإيمان بالله والاعتماد عليه وإعداد العدة والصبر والثبات سيقطف النصر ويحظى بالعزة والفوز.

6-يغتنم الحجاج الحالة النفسية للسامع ويضرب على وتره الحساس ، فهؤلاء وطنوا أنفسهم أن يسمعوا النبأ الذي يسرهم – وهو نصر اليهود على المسلمين – فيمد لهم من الوهم حبالَ الطمأنينة ويعلن أن لديه الخبر اليقين الذي يريدونه ، فيجتمعون عليه متوثبين ويميلون عليه مندفعين . ويحدثهم بما يودّون سماعه ويقص عليهم ما يرغبون من خبر لا يمت إلى الحقيقة بصلة ، ولا بأس أن يُفصّل لهم ما يتمنونه فيجعلهم يبنون قصور الأحلام على كثبان الرمال ( هزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط ، وقتل أصحابه قتلا لم تسمعوا بمثله قط ، وأسر محمد أسرا ، وقالوا : لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة ، فيقتلوه بين أظهرهم بمن كان أصاب من رجاله .) فالهزيمة عصيّة على التصوير ، وقد قرر أهل خيبر أن يشركوا أهل مكة بنصرهم وسيرسلون الاسرى الكثيرين - وعلى رأسهم رسول الله - إلى مكة ليروا هؤلاء رأيهم فيه . هذا ما قاله الحجاج وهو يعلم أنه لا يرغبون أن يسمعوا غير ذلك.

7-هذه الحالة من الوهم التي بسطها الحجاج فيهم أهّلتـْه أن يطالب بماله ، فيسرعوا إلى تلبية ما طلب على جناح السرعة مأخوذين بفرحة النصر التي دفعت عنهم الحذر في استقبال الحديث والتوثّق منه ، أسرعوا إلى إكرامه في جمع ماله من غرمائه الذين كانوا يماطلون في أدائه وأعانوه على ذلك ، ودفعتْ زوجته إلى إعطائه مالَه منتشية بما سمعته منه وراغبة في ربح كبير يعود عليها وعلى ولدها : إن فيءً محمد كبيرٌ ويستحق الحجاج أن يربح ويغنى، فقد أثلج الصدور وأراح القلوب .

8-لا بد للعاقل الحصيف أن يستوثق الخبر ، ولا بد للمكلوم أن يتعرف حقيقته ، فالعباس عمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يخرج الظفر من اللحم ، ولئنْ كان العباس في مكة إنّ قلبه هناك عند ابن أخيه ، وهذا الخبر يقتلع القلوب من الصدور ، فلا بد من استجلاء الأمر ، أين يجد الحجاج؟ إنه يجمع ماله ويسعى للانطلاق به إلى خيبر ، وقبل الإعلان عن الرضا بالواقع الأليم ينبغي الوقوف عليه .

9-إن سؤاله على رؤوس الأشهاد لن يقدم ولن يؤخر، فالجواب لن يكون غير ما أعلنه أمام الناس جميعاً أكان صحيحاً أم كان كاذباً . فليكن السؤال بينه وبينه. فإن كان كما سمعه فلكلّ حيٍّ نهاية ،وسوف يرضى العباس بقضاء الله وقدره، وإن كان غير ذلك فسوف يخبره الحجاج به .

10-وكان الحجاج بن علاط حكيماً ذكياً إنه لن يكلم العباس عم النبي أمام التجار ، فلربما ساورتهم الشكوك وتساءلوا، وضاع ما خطط له ، ولربما جاءوا يستمعون فاضطر إلى الكذب ، وهو لا يريد ذلك ولا ينوي أن يكسر قلب عم الحبيب صلى الله عليه وسلم ، بل يود أن يلتقيه ليخبره الحقيقة . فكان أن اتفقا على اللقاء بعيداً عن أعين الرقباء بعد أن استوثق الحجاج أن العباس لن يفشي سره إن أخبره بغير ما قال للناس. وكان الحديث بينهما في الخيمة أمام التجارعابراً لا يأبه له أحد.

11-وفي اللقاء أسرّ الحجاج إلى العباس عمّ النبي صلى الله عليه وسلم بما يسر القلب ويفرح الفؤاد وزادَ أنْ أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم حاز كنوز خيبر ، وتزوج بنت ملكهم صفية رضي الله عنها ، وأنه عائد إلى المدينة المنورة منتصراً معافى .. إنه النبأ الذي كان العباس ينتظره ويرجوه . وأراد الحجاج أن يُطَمئِن العباس أكثر فأخبره أنه أسلم وأنه استأذن النبي في أن يقول ما قال .

12-حِفظُ السر سمة العقلاء وأصحابِ المروءة والشهامة ، وسيدنا العباس رضي الله عنه على رأس هؤلاء الكرام ، فلما اطمأنّ إلى سلامة رسول الله وانفرجت أساريره حفظ السر في نفسه ولم يبده لأحد من الناس ولا لأهل بيته – فقد تظهر عليهم فرحة أو تصرفات تسيء للعهد بينهما فتؤذي الحجاج - ثلاثة الأيام التي طلبها الحجاج حتى بَعُد عن مكة وأمن على نفسه وماله .

13-قد يريد المرء أن يظهر الحقيقة دون أن يبدأ بها فيتصرف بغير ما يُتوقّع منه فيستغرب الآخرون تصرفه هذا ويسألونه ، فيوصل إليهم ما يريد . إن عمر رضي الله عنه حين أسلم قال : مَن أنقلُ قريشٍ للحديث؟ قيل له: جميلُ بن معمرالجُمَحيّ . فغدا عليه فقال : أعلمتَ يا جميل أنني أسلمت ودخلت في دين محمد؟ فقام هذا الرجل يجر رداءه ويصيح في نوادي قريش : إن عمر قد صبأ . ومشى عمر وراءه يرد : كذبَ ؛ ولكني قد أسلمت وشهدت أن لاإله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. ..فماذا فعل العباس ؟! لبس أجمل حلة له ، وتعطر وأخذ عصاه وانطلق إلى الكعبة فطاف بها . فلما رأه الناس يفعل هذا أكبروه قائلين : إن أبا الفضل صبور يتحمل المصائب التي نزلت به وابن أخيه . فأخبرهم إذ ذاك أن رسول الله فتح خيبر وحاز أموال يهود وتزوج صفية رضي الله عنها ،فلما سألوه : من أنبأك هذا؟ أخبرهم : إنه الحجاجُ الذي أسلم وجمعوا له ماله وانصرف عنهم آمناً . فندموا أشد الندم لتلاعبه بهم واستخفافه بعقولهم إذ جعلهم يسرعون لخدمته حتى ابتعد عنهم آمناً ..

انتهى الموضوع


منقول






التوقيع




    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مكانسي , خيبر/د.عثمان , غزوة , قدري , قراءة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 03:23 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd