آباء يجهلون حقوق التأمين المدرسي

الخميس, 09 فبراير 2012 11:08


تعويضات هزيلة ومديرون تساءلوا عن جدوى استخلاص أموال دون الاستفادة منها
يشوب ملف التأمين المدرسي وتعويضاته الهزيلة، غموض وضبابية يزيدان من حيرة الآباء والإدارة والمرتبطين بالعملية التعليمية التعلمية، خاصة في غياب حملات توعية دورية ومنتظمة، تذيب جهل الأولياء للإجراءات الكفيلة بتأمين استفادة فلذات كبدهم، عند تعرضهم للخطر. هذا الواقع يجعل تعويضات التلاميذ الضحايا، تحت رحمة شركة التأمين المتعاقد معها، إذ قد تكبر أو تصغر وفق ما يدلي به الآباء من وثائق مثبتة لخطورة إصابة أبنائهم ومصاريف علاجهم، في ظل جهل تام بالخطوات الإجرائية الممكنة لـ"تسمين" تلك التعويضات.
وتعوض شركة التأمين، عن المصاريف الطبية والصيدلية والاستشفاء والنقل والترويض، رأسمالا للعجز، وفي حالة الوفاة أو العجز البدني الدائم، فيما يمر الملف، عبر مراحل مختلفة ومتنوعة تنطلق من المؤسسة المشكلة للملف، إلى النيابة المباشرة للإخبار وتوفير الشهادات وتقرير اللجنة الطبية.
وقلة قليلة من الآباء على دراية بما تتحمله الدولة من مصاريف ناجمة عما يتعرض إليه أبناؤهم من حوادث داخل المؤسسات التي يدرسون بها، أثناء وجودهم تحت الحراسة الفعلية للمكلفين، أو أثناء الرحلات والخرجات الدراسية والتثقيفية وفترة المخيمات الصيفية المنظمة من قبل الوزارة الوصية.
ويتحمل آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، مسؤولية هزالة تلك التعويضات، حين لا يقدمون عن جهل مثل تلك الوثائق، خاصة أن ملفات حوادث أبنائهم، عادة ما تسوى وديا مع شركة التأمين عن طريق الإدارة، دون اللجوء إلى المحاكم المختصة، إلا في حالات قليلة يتم الطعن فيها في مبلغ التعويض.
ويتذكر الرأي العام قصة تلميذ أصيب بكسور في حصة التربية البدنية بإعدادية بتاونات، تطلب علاجها مصاريف باهظة، لكن قيمة التعويض المقدرة ب60 درهما، نزلت قطعة ثلج على ولي أمره الذي لجأ حينها إلى الإعلام، للتعريف بقضيته، وكشف هزالة التعويض، رغم انتظام أداء الآباء لواجبات التأمين.
وإن كان هذا التعويض، أغضب هذا الأب، فإن أب تلميذ آخر بإعدادية بعين عائشة بالإقليم ذاته، استثمر مليون سنتيم، قيمة تعويض إصابة ابنه في حصة الرياضة، في توسيع رقم قطيعه من الغنم، بشكل أثار حفيظة الابن، الذي استغل الورقة للضغط عليه، وتسهيل مغادرته الدراسة، ما تحقق لاحقا.
ويستبعد عبد الرحيم بقلول، مدير إعدادية قاسم أمين بمدينة فاس، تعويضا من قبيل ذاك الذي استفاد منه التلميذ الأول، مؤكدا أن عدة حالات إصابة عرفتها مؤسسات تعليمية أدار تسييرها طيلة 12 سنة بتاونات وفاس، عوض ضحاياها بمبالغ تراوحت بين 3 و10 آلاف درهم، كتعويض "مقبول" بنظره.
ولم ينكر عدم استفادة حالات أخرى لعدم استكمال الوثائق والإجراءات الضرورية داخل الآجال المحددة، مؤكدا أن العديد من الآباء يجهلون كيفية تكوين الملفات، خاصة في ظل ما أسماه "تماطل الجهات الصحية وعدم تقديم الشهادات الطبية وإجراء الخبرة وتحديد نسبة العجز وما جاورها، في حينها".
ويؤكد أن تأخير تقديم مثل تلك الوثائق، يفوت الفرصة على عدة ضحايا حوادث يشهدها فضاء المؤسسات التعليمية، مشيرا إلى أن دور المدير والمقتصد، يقتصر على استخلاص مبلغ التأمين وتتبع الحالة انطلاقا من المعاينة الأولية إلى حين إرسال تقرير مفصل حولها، إلى قسم مختص بالنيابة.
هذا الأمر يجعل بعض المديرين والمقتصدين يرفضون استخلاص قيمة التأمين التي لا تستفيد منها المؤسسة والنيابة والأكاديمية والوزارة، بقدر ما تضخ مباشرة في ميزانية شركة التأمين التي عليها، بنظره، أن تضطلع بدور تحسيس الآباء بحقوقهم.
ويتساءل بعض المديرين الغاضبين، عن الفائدة من استخلاص مبالغ مالية من عملية لا علاقة لها بالمؤسسة، رغم أن الأصابع تشير إليهم، مطالبين بإشراف موظفي شركة التأمين على ذلك، درءا للشبهات أو تعويض من يقوم بذلك، نيابة عنهم.
ويعيب بعض الفاعلين في القطاع، قدم الظهير المتعلق بالحوادث المدرسية، خاصة أنه صدر في 26 أكتوبر 1942، وجاء بضمانات "ضعيفة". وطالبوا بتحيينه وإطلاع الجميع على مستجداته، لمعرفة الحقوق والواجبات، ورفع كل لبس قد يشوبه.
ويتمنون مباشرة الجهات المختصة، حملات واسعة للتحسيس بالحقوق والواجبات، وتوفير مطويات بالمؤسسات التعليمية، توضع رهن إشارة المعنيين، وتعويض مباشري استخلاص قيمة التأمين، عن مهامهم وضمان استفادة المؤسسات. من حصة منها، تخصص للإسعافات الأولية ومساعدة الآباء.
حميد الأبيض (فاس)