أجدني مرة أخرى أعبر قارئا لحفيف الشعر ، وأنا أستنفر كل طاقاتي المتواضعة ، و إمكاناتي الصغيرة ..محاولا تسجيل حضوري المعتاد بالقرب من مملكة الكلمات الإبراهيمية الشافعية .

ومن الوهلة الأولى ، وجدتني أمخر وسط عباب القصيدة / اللغز ... وهو المسار الذي أحببتُ أن أحيد عنه – ولو مؤقتا – وأعالج الإبداع الشعري لذاته ، و في ذاته .. لكوني أردد دوما قول القائل : الشعر ليس بموضوعه فحسب ، و إنما بالصياغة التي ترتقي به إلى الأفق الذي ترتضيه حقيقة ذاته .

وأستاذنا الشافعي ، عوّد المتلقي على العبارات الشعرية المتجاوزة لليومي ، والمتعالية عن العرضي و العابر ، وهو تجسيد للأحاسيس و نسج الخيال ، ومعبرا لنظم المقاطع المدهشة و الجميلة و الصادقة ...

فعنوان القصيدة مثلا ، يخلو من علامة الإستفهام الدالة عن التساؤل ، وهي إشارة – في اعتقادي – لضرورة تحويل المطلوب ، وإعادة تركيب الصياغة المنسجمة مع النص كقولنا مثلا : لا تسلبيني سحر قيثارتي .. وهو الأمر الذي نستخلصه و اللغة تنساب واصفة ميسة الزهر، وبوصلة الهدى .

الشاعر ، حاول في آخر النص أن ينبه المتلقي لضرورة الإعتناء بالوزن ، كونه معبرا أساسيا لاكتشاف الإسم الحقيقي ،أو الصفة الحقيقية للحبيب الروحي ! ولكن حين العودة للقصيدة نجد أن البناء الإيقاعي لم يحفل كثيرا بعروضية الوزن ، بل اهتم كثيرا بالمفارقات اللغوية التي تذهب إلى ترجيح كفة اللغز و الظن ! وهذا الترجيح أدى أيضا إلى خلق صور شاعرية أنيقة و بديعة .

فالشعر – كما يعلم الأغلبية – تمثيل أكثر من كونه تصنيف ، و رمز مشحون بالطاقة ، لذلك فاغلب الأبيات ، أو المقاطع الشعرية كُتبت بقوة المعنى ، و بسحر كلمات هادئة و مفتوحة على أعلى نسبة من القراءات ...وحتى الموسيقى أتت هرمونية ، وداخلية تنشأ مع الإستجابة لجمالية النظم ، ونسق الإهتداء إلى الفهم المُتوقع !

فالقصيدة التي نحن بصددها ، تعتبر نتاجا روحيا ، و تعبير عن مذهب العشق للأستاذ الشاعر ، وهي سيرة للمعاناة التي تبدو أكثر تصوفا و أعمق إشراقا ...

أجدني أنساق وراء كلمات تحمل شعرا تحمل لغزا تحمل أحاسيس خاصة .
شكرا لك سيدي الفاضل