الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى الثقافة والفنون والعلوم الإنسانية > الفلسفة العامة والفكر الإسلامي > علم الفلسلفة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2012-05-14, 20:14 رقم المشاركة : 1
رشدية جابرية
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية رشدية جابرية

 

إحصائية العضو







رشدية جابرية غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في دورة HTML

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

a7 الابستمولوجيا و بعض مسائلها. الدكتور عماد فوزي الشعيبي.



الفصل الأول :
"الإبستمولوجيا" مدلول المصطلح
اختلف الباحثون في المعنى الدقيق، إن وُجد، لكلمة إبستمولوجيا فإذا رجعنا إلى الأصل الاشتقاقي لهذا اللفظ وجدنا أنه مركّب من (ابستيمه)EPISTÉMÉ ومعناه(العلم)، ومن(لوجيا) LOGIE وهي تدل على(المقال)[1] ، أو علم ، نقد ، نظرية ، دراسة …[2] . وفي هذا المستوى اللغوي رأى المعجم العام للعلوم الاجتماعية، أنها تعني(علم العلم)، لكن المُصطلح يغدو –هنا- أكثر التباساً .
إنها كلمة مستحدثة. فهي لا توجد في معجم(ليترة)، ولا في معجم"لاروس الجديد المصوَّر". ويذهب(روبرت) إلى أنها ظهرت أول ما ظهرت في المعاجم الفرنسية في"ملحق لاروس المصوَّر" سنة1906. وقد كان(جدل لاشيله) في حوالي ذاك التاريخ، حيث كان معجم(لالاند) الفلسفي يهيأ للظهور، يعد هذه الكلمة كلمة جديدة مؤسفة[3].
و قد قال مؤلفا تعريف "الإبستمولوجيا" في"معجم اونيفرساليس" إنها كلمة قديمة جداً، أو إنها على الأقل مؤلفة من مواد قديمة جداً، ولكن استعمالها حديث لا يسبق القرن التاسع عشر ضمن مفردات الفلسفة المتخصصة. وهذه الكلمة يقابل ظهورها تاريخ الفلسفة وتاريخ العلوم، فيما يذهب (لالاند) في"معجمه" إلى أنها تدل على فلسفة العلوم. فهي ليست بوجه خاص دراسة الطرائق العلمية، لأن هذه الدراسة موضوع علم المناهج (الميثودولوجيا)، و الأخيرة جزء من المنطق[4]، كما تتوافق عليها المدرسة الفرنسية في الفلسفة، كما أنها ليس تركيب قوانين علمية أو استباقها بالافتراض.

الإبستمولوجيا، بالدرجة الأولى، دراسة نقدية لمبادئ مختلف العلوم وفرضياتها ونتائجها بغية تحديد أصلها المنطقي(لا النفسي) وقيمتها ومداها الموضوعي. ويرى العوا أن من الموائم ترجمة هذا اللفظ الأعجمي بعبارة"نقد العلوم"، باعتبار النقد إيضاح تقويم يصدر حكماً في أمر بما له وما عليه معاً، إن لم يكن من الأفضل الحفاظ في اللغة العربية على اللفظ بصيغته الأجنبية بوجه الإطلاق، ونحن نميل لهذا الاتفاق ، فهي نقد للعلم أكثر منها علم للعلم ، فالأخير ينزع عنها صفتها الفلسفية،وكذلك فإن نظرية العلم تبدو حطاً من قدرها الفلسفي، إذ يُلحقها بالعلم ولا تبدو –كما هي عليه فعلاً- رؤية فلسفية وليست نظرية فحسب للعلم.
ويجب أن نتذكر دائماً أن المصطلح بدا بهذا الشكل من الإشكالية نظراً لعدم القدرة على إيجاد الفواصل أو الحدود النهائية بين الإبستمولوجيا والعديد من المجالات كالميتودولوجيا(علن المناهج) أو الغنيزيولوجيا( نظرية المعرفة) أو الكريتيريولوجيا (علم المعايير).
ولئن كانت الكلمة جديدة فإن روبرت بلانشيه يرى أن ما تدل عليه لم يكن بالشيء القديم جداً. فكل فلسفة تنطوي على بعض تصور للمعرفة،و مثال ذلك(أفلاطون) الذي يعرض منذ وقت بعيد في(تيتاوس) نظرية عن العلم بالمعنى الواسع.

ولكن كلمة"علم" قد تحلت منذ القرن الثامن عشر بمعنى أضيق وأدق، وهو المعنى الذي نرمي إليه عندما نتحدث اليوم عن"أكاديمية العلوم"، أو عن الثقافة العلمية، أو عن تطبيقات العلم..الخ. ففي القرن الثامن عشر، وبعد الدفع الذي حققه(غاليله)، وهو دفع حاسم، غدا العلم غير مستقل استقلالاً كافياً عن الفلسفة. وكذلك الحال لدى(نيوتن)، فضلاً عن(ديكارت)، إذ كان العلم يُعرض بعنوان"مبادئ الفلسفة" وستستمر عبارة"الفلسفة الطبيعية" ذائعة لدى الإنكليز حتى نهاية القرن التاسع عشر للدلالة على الفيزياء. وكذلك كان اللفظ الألماني لمعنى العلم WISSENSCHAFT لا يزال على العكس يحتفظ ببعض المعنى الأوسع الذي كان يميل فيه سابقاً إلى الامتزاج بمعنى الفلسفة.[5]

ويرى بلانشيه [6] أن أفضل كتاب في القرن الثامن عشر يشكل إرهاص ما سيصبح الإبستمولوجيافي هو"المقالة التمهيدية للموسوعة" بقلم(دالمبر). وفي مستهل القرن التالي يمكن عدّ الممهدَّات الآتية وهي الجزء الثاني من كتاب(دوغالن ستورت) بعنوان"فلسفة الفكر الإنساني"(1814) وكتاب(اوغست كونت)"دروس الفلسفة الوضعية وكتاب(جون هرشل) بعنوان"المقالة التمهيدية للفلسفة الطبيعية"(1830). ولكن الكتابين الرئيسين اللذين نختار عدّهما طوعاً مما ندعوه اليوم الإبستمولوجيا، ولو أن الكلمة لما توجد آنذاك، فقد ظهرا في وقت واحد بوجه التقريب في الثلث الثاني من القرن التاسع عشر: الأول يتصل بالعلوم الصورية، المنطق والرياضيات، وهو كتاب(برنار بوالزانو) بعنوان WISSENSCHAFTSLEHRE، والكتاب الآخر يتصل بعلوم الطبيعة وعنوانه"فلسفة العلوم الاستقرائية" وقد وضعه(ويليام وهويل)[7] سنة1840.

إن كلمة WISSENCHAFTSLHRE التي كتبها(بوالزنو) في مقدمة كتابه تسمح بالإمعان، فهي تقابل من الناحية الحرفية في اللغة الألمانية ما تعني كلمة الابستمولوجيا المستلهمة من الإغريقية في اللغة الفرنسية أي: نظرية العلم. وعلى الرغم من ذلك فإن اللفظين، الألماني والفرنسي،(أو كلمةEPISTEMOMGY باللغة الإنكليزية) ليسا مما يمكن استبدال أحدهما بالآخر بدقة. لأن اللفظ الأول لم يكن يحتفظ من أصوله الأقدم في الغالب إلا ببعض معنى أوسع من المعنى الذي تحلى به اللفظ الآخر من رسم دلالة على مجال أضيق فهو لا يتميز على الدوام تميزاً جلياً عن لفظERKENNTNISCHTHEORIE الذي يدل على"نظرية المعرفة" بوجه عام. وإذن فإنه يتسم بسمة فلسفية أجلى. بل أنه قد يحظى بتوسيع أكبر جداً ما دام هذا اللفظ ذاته WISSENSCHAFTSLEHRE هو الذي اختاره(فيخته) حوالي سنة(1800) عنواناً لعرض- أو بالحري للعروض المتعاقبة لفلسفته بأسرها.

إن عبارة نظرية العلم WISSENSCHAFTSLCHRE تدل لدى(بولزانو) على معنى أدق، هو المعنى الذي تشير فيه كلمة WISSENSCHAFT دلالة دقيقة على المعرفة العلمية، بصرف النظر عن أي شكل آخر من أشكال المعرفة، وإن دراسته تتناول، أكثر ما تتناول، بكثير من الانتباه الدقيق، بحرص جمّ على الصرامة، بحث مفاهيم المنطق الرئيسة مثل قابلية الاشتقاق. وهي تبشّر على هذا النحو بالأسلوب، وتستبق إلى بعض المشكلات مما يطالعنا اليوم في بحوث ما وراء المنطق.

ويذكّرنا بلانشيه بأننا نطلق الآن تعبير"ما وراء العلم"، من أجل حالات أخص لكلمتي"ما وراء الرياضيات" و"ما وراء المنطق"، فنطلقه على دراسة"تلي" العلم وهي تتناول العلم فتتخذه بدوره موضوعاً، وتتساءل، وهي ترقى إلى مستوى أعلى، عن مبادئه، وأسه، وبنياته، وشروط صحته،الخ. ولهذا يرى أن الإبستمولوجيا، وهي تفكير في العلم، إنما تدخل هي ذاتها، بهذا الوصف، في"ما وراء العلم"، ولا يمكن تمييزها عن"ما وراء العلم" إلا بفويرقات أن ما وراء العلم يبين في العادة حرصاً أقصى على أن ينقل إلى مضماره أسلوب العلم ذاته ومقتضياته، فلا يكاد يكون من الممكن إذن أن يتصدى لممارسته إلا العلماء الاختصاصيون، في حين أن الابستمولوجيا تقف في الغالب بالإضافة إلى العلم على بعض مسافة، وهي لا تزال تحتفظ بسمة فلسفية متميزة إلى حد كبير أو صغير، وعلى الرغم من مساعيها للتقليل من شأنها.

وفي حوالي سنة(1900)، عندما بدأ التساؤل بجد عن بعض مبادئ ما سيدعى العلم"المدرسي"، نمت الحركة الكبيرة المسماة"نقد العلوم"كانتقاد موجه ضد الوثوقية العلمية، حيث تناولت طبيعة القوانين، ونظريات الفيزياء.
وقد كانت"أزمة الأسس" التي انطلقت من متناقضات الفئات ترغم علماء الرياضيات في الوقت ذاته على التساؤل، هم أنفسهم، عن مبادئ علمهم. وقد انصرف إلى هذا التساؤل، أكثر من انصرف(كوتلوب فريجه) في ألمانية و(برتراند رسل) في انكلترة. وباتصال الكفاءة العلمية والتفكير الفلسفي على هذا النحو، وهو اتصال توجيه بصورة قاهرة حال العلم ذاتها وقد جعله الاختصاص العلمي الناجم عن نمو العلم أمراً نادراً باطراد، وجدت الإبستمولوجياذاتها، وقد تكونت بوصفها مبحثاً أصيلاً. وهذا الوضع الراهن هو الذي جاء داعماً عمادها[8].

ويرى العوا [9] أن الطريف في الأمر، وهو غير مباغت حقاً، أن الباحثين الإبستمولوجيين من أمثال(مايرسون)و(دوهم) و(برنشفيك) و(بوانكاره) و(رسل) والوضعيين وأصحب(نادي فيينا) و(باشلار) وأتباعه من طراز(بانكليم) و(داكوني) و(كرانجر) يمضون وراء أهدف متباينة بشأن تعريف وموضع تطبيق الابستمولوجيا، كذلك يفعل (بوبر) في مقدمة الطبعة الإنكليزية للكتاب"منطق الاكتشاف العلمي" (1958) معتبراً :" أن المشكلة المركزية في الابستمولوجيا كانت وتبقى مشكلة نمو المعرفة والسبيل الأفضل لدراستها هي دراسة نمو المعرفة العلمية".

ويذهب(جان بياجه) إلى هذا الوضع بالذات عندما يقول :"إن المشكلة المركزية في الابستمولوجيا هي تبيان هل تنحلّ المعرفة إلى مجرد تسجيل المرء معطيات منتظمة سلفاً بصرف النظر عنه في العالم الخارجي(الفيزيائي أو المثالي) أم أن المرء يتدخل في المعرفة وفي تنظيم موضوعاتها كما حسب(كانت)"[10].

فالإبستومولوجيا التكوينية هي نوع خاص من الإبستمولوجيات حيث رأى بياجيه أن الخطأ العقيم الذي ارتكبه الفلاسفة قد كمن في نظرتهم إلى المعرفة كواقعة نهائية وليس كسيرورة، وقد ذهب بدوره إلى أن جميع القضايا العلمية قابلة للمراجعة والتصحيح (والنقطة الأخيرة يوافقه عليها باشلار عندما يعتبر أن العلم هو تاريخ تصحيح أخطاء العلم[11]) وبالتالي فالمنهج التكويني في الإبستمولوجيا يستلزم النظر إلى المعرفة من زاوية تطورها في الزمان أي كتكوين من ناحية وباعتباره لم ولن يكتمل من ناحية أخرى، وهذه الأخير تتطابق مع رؤية باشلار لما يسميه الفلسفة المفتوحة[12].

ولا بد عندما نود أن نوغل أكثر في تعيين المفهوم أن نُلاحظ أنه ستُطالعنا مشكلتان أساسيتان: الأولى مشكلة وحدة العلوم، وهي مطروحة لدى(كونت) و(مايرسون) مثلاً، وقد زعزعها (باشلار)، ثم مشكلة وحدة أشكال المعرفة: إذ يرى باحثون مثل(مايرسون) أن هناك استمراراً بين المعرفة العامية والعلم، ويرى آخرون مثل(باشلار) وأتباعه أن ثمة انقطاعاً بل انقصاماً بين المعرفة والحس المشترك إزاء العلم هو ما يدعوه بالعقبة الإبستمولوجية.






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=560008
التوقيع

"لا شيء يعتم الرؤية ويوقع في التيه الوجداني والضلال الفكري كالأسئلة المزيفة. الأسئلة المزيفة هي، كأسئلة الأطفال، أسئلة تطرح مشاكل مزيفة يعيشها الوعي على أنها مشاكل حقيقية"
محمد عابد الجابري
آخر تعديل رشدية جابرية يوم 2012-05-14 في 20:19.
    رد مع اقتباس
قديم 2012-05-14, 20:17 رقم المشاركة : 2
رشدية جابرية
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية رشدية جابرية

 

إحصائية العضو







رشدية جابرية غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في دورة HTML

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

a7 رد: الابستمولوجيا و بعض مسائلها. الدكتور عماد فوزي الشعيبي.


الفصل الثاني
المجال الإبستمولوجي
بات واضحاً لكل من عالج موضوع الإبستمولوجيا أنه من العسير رسم تخوم تفصلها عن المباحث المجاورة، سابقة الذكر. والأمر شأنه شأن كل مسعى للتعريف. أنه، بادئ ذي بدء، مسألة مفردات، وإذن مسألة قرار حرّ لا ينمّ عما هو صواب أو خطأ، بل عما هو مناسب، كما يُقر بلانشيه إذ مهما تتباين طريقة تحديد معنى الكلمة، ستبقى تخوماً متحولة، لأن مشكلات الابستمولوجيا تتجاوز وتتناول في آنٍ مجالات كنا قد وضعناها خارج تلك التخوم ومنها العلاقة بين الإبستمولوجيا وكل من :

1. الإبستمولوجياونظرية المعرفة:
تختص نظرية المعرفة كما بات معلوماً في إمكانية قيام معرفة ما عن الوجود بمختلف أشكاله ومظاهره، وما إذا كانت المعرفة ممكنة وبالسؤال عن أدواتها وحدودها وقيمتها، وتأسست في سياقها هنا عدة مذاهب منها المذهب العقلي الذي يعتبر العقل هو الوسيلة الوحيدة للمعرفة وفيه تتأسس معرفة قبلية فطرية ، والمذهب الحسي- التجريبي الذي يُحيل المعرفة إلى الحواس باعتبار العقل صفحة بيضاء TABU LA RASA والمذهب الحدسي الذي يُحيل المعرفة إلى الحدس الذي لا يُتوافق على تعريف صارم له!
وتبدو علاقة الابستمولوجيا بنظرية المعرفة -بشكل أولي- كأنها علاقة الجنس بالنوع،حيث أن الابستمولوجيا تقتصر على شكل وحيد من أشكال المعرفة، وهو المعرفة العلمية. وعلى الرغم من ذلك فإن التمييز سرعان ما ُيمحّي عندما نُرجع النوع إلى هذا الجنس وحده، كما هي الحال لدى المؤلفين الذين يطلقون تعبير المعرفة على المعرفة العلمية وحدها ويرون أن كل ما عدا ذلك لعب لفظي خلو من أي مدى معرفي. وذاك ما كان عليه، مثلاً، موقف الوضعيين- المحدثين في(فينا)، وهوموقف الاختبارية المنطقية التي جاءت في أعقابهم.

وعلى ذلك فإن(كارناب) لا يعترف بصحة نظرية المعرفة إلا في حدود إرجاعها إلى الإبستمولوجيا، بل، وبوجه أدق، إلى تحليل العلم تحليلاً منطقياً. وفي فرنسة جعل(ل. روجيه)، الذي يتفق في هذه النقطة مع الاختبارية- المنطقية، عبارة"كتاب المعرفة" عنواناً لكتابه الذي يقول فيه أن ليس ثمة من معرفة إلا المعرفة العلمية. فهنالك"علوم زائفة" و قد ُبتَّ في شأنها منذ زمن بعيد. وهذا ما يقف وراء افتخار(ديكارت) بأنه لم ينخدع بوعود السيميائي ولا بتنبوءات المنجّم وأضاليل الساحر"[13]

و يلاحظ بلانشيه هنا أنه على الرغم من ذلك، فإن(ديكارت) هذا كان هو نفسه يجعل العلم تابعاً للميتافيزياء مثلما تتغذى الشجرة بجذورها، واليوم أيضاً، يرجع إلى العلم ذاته أن يقول هل تعترف بسمة علمية تسم أبحاث التخاطر، أو حتى مجرد الفراسة أو قراءة الخطوط لاستشفاف سجية أصحابها. بل وكذلك حال المباحث التي يجمعها عنوان(العلوم المعيارية" ولكن، بالمقابل، ليس من باب المسألة العلمية أن نطلب معرفة هل توجد إمكانات معرفية خارج العلم أم لا توجد. فمثل هذا السؤال يرجع إلى نظرية عامة عن المعرفة، يكون أحد أغراضها الأساسية هو، بوجه الدقة، تحديد وضع المعرفة العلمية بين أشكال أخرى يمكن تصورها عن المعرفة. ترى هل توجد طرائق معرفية تمنح من دروب أخرى غير دروب العلم أم لا توجد؟. فقد قال فريق من الباحثين بوجود ملكات غير فكرية، أو فكرية جزئياً، كالقلب"ذي الأسباب التي لا يعرفها العقل"، أو الحدس بوصفه"غريزة ينيرها الذكاء": وهذا ما يسوّغ صحة معرفة صوفية أو ميتافيزيائية. ويقترح آخرون توجيه ملكاتنا الفكرية ذاتها في منحى آخر، شطر"حدس الذوات"، ونؤسس إذ ذاك علماً ظواهرياً فيما وراء العلم بالوقائع. بل إننا، حتى لو قابلنا مثل هذه المزاعم بالرفض، فإننا إنما ننخرط بذلك في أفق فلسفة ما عن المعرفة.

إن التفريق النظري بين الإبستمولوجيا وبين نظرية المعرفة ضروري مع الاعتراف حقاً بأن هذا التمييز لا يُراعي في الواقع على الدوام، وذلك أولاً لأسباب تتصل بالمفردات وحدها. ففقدان اسم بسيط يمكن أن يُشتق منه نعت وظرف[14] يجعل من اليسير الاستعاضة عن عبارة"نظرية المعرفة" بكلمة أيسر هي كلمة"الإبستمولوجيا".
وقد حاول المعنيون تدارك هذا المحذور بنحت كلمة(علم المعرفة) GNOSELOGIE. ولكن هذه الكلمة لا تكاد تستند إلى جذر وربما استعلمت في اللغة الإيطالية أحياناً، و لكن يبقى استعمالها أمراً نادراً في اللغتين الفرنسية والإنكليزية وهي تكاد أن تكون غائبة في اللغة الألمانية اللهم إلا في شكلها المدرسي في لفظي EKENNTNITHEORIE أو ERKENNTNISLEHRE.

ولكن ( جان بياجه)،مثلاً، يعدّ"الإبستمولوجيا" و"نظرية المعرفة" أمرين مترادفين. ذلك أن العلم والفكر العلمي، إنما ينشئ أحدهما الآخر بالتدريج ودون أن يبلغا حال الإنجاز في تطور المجتمعات وفي نمو الفرد سواء بسواء. وإذ ذلك تكون كل إبستمولوجيا تكوينيةً، سواء تناول الأمر تاريخ العلوم أو علم نفس الطفل،وهي تتسع بالضرورة لنظرية المعرفة، ما دامت تتوخى اجتياز جميع المراحل التي نبلغ بها ما نعدّه اليوم معرفة علمية – أي أن ننظر إلى المعرفة في أشكال يمكن أن نحكم بأشكال سابقة للعمل، والتي لا نستطيع، بالرغم من ذلك، أن نمنع عنها أية قيمة علمية ما دام وجودها قد هيأ لضروب التقدم اللاحقة.
زد على ذلك أن مجرد توحيد الإبستمولوجيابنظرية المعرفة، وإن كان اليوم لا يكاد يتسق مع الممارسة، فإنه لم يزل ناشطاً لدى كثير من المؤلفين الذين يقرونه دون مناقشة كما لو أنه أمر بديهي. من ذلك المقالة الطويلة في"موسوعة الفلسفة"(1967) الفرنسية، الخاصة بالإبستمولوجيا، وقد ورد فيها التعريف الآتي:"إن الإبستمولوجياأو نظرية المعرفة هي فرع من الفلسفة يعنى بالطبيعة، وبمدى المعرفة، وبمقولاتها التمهيدية، وبأسسها، وبالثقة الممنوحة لها". ويلي ذلك عرض تاريخي طويل يمتد من العصر القديم اليوناني إلى"فلاسفة اللغة العادية" مروراً على الأخص بالقديس(توما) وبـ(سبينوزا) و(شوبنهور). وقد عرفت"الموسوعة البريطانية" Britanica[15] الإبستمولوجيا بألفاظ شبه مماثلة:"إنها فرع الفلسفة المعني بمشكلات الطبيعة وحدود المعرفة والاعتقاد وصحتهما". أما"الموسوعة الإيطالية" فقد اكتفت في كلمة" الإبستمولوجيا" بالإحالة على كلمةGNESOLOGIE. ولنلاحظ، على العكس، أن"موسوعة يونيفرساليس"(1970) تقف في أقصى الطرف المقابل وترفض الاعتراف بأي رباط يصل الإبستمولوجيا بالفلسفة.!

الإبستمولوجيا وفلسفة العلوم:
يرى بلانشيه أن من شأن التمييز الدقيق أن يزداد عسراً بين الإبستمولوجياوفلسفة العلوم، وذلك من جراء مرونة هذه العبارة الأخيرة.
فثمة من يعترض على السمة الفلسفية للمبحث الابستمولوجي ويرى أن المهمة لأولى للإبستمولوجيا تمثل في تعيين معيارقبلي لكل معرفة علمية.
فإذا نظرنا إلى فلسفة العلوم بالمعنى الأوسع وجدنا أن الإبستمولوجيافصلاً من فصولها، أو طرازاً من طرز ممارستها. وعلى هذا النحو صاحبا كتاب "قراءات في فلسفة العلوم" بتمييز أربع وجوه مختلفة لفلسفة العلم[16]:

· دارسة علاقاته بالعالم وبالمجتمع.
· السعي لوضع العلم داخل مجموعة القيم الإنسانية.
· المحاولات الفكرية التي تنطلق من نتائج العلم وتجاوزها لبلوغ ما يمكن تسميته فلسفة الطبيعة.
· التحليل المنطقي للغة العلم.
وقد أعلن فايغل و برودك أنهما يتمسكان بهذه الدلالة الأخيرة؛ وهي وحدها التي يمكن أن تتسق مع ما تشير إليه كلمة الإبستمولوجيا.
ويمضي بعض الإيبستمولوجيين إلى أبعد فيقطعون الجسور بين المفهومين، وكأنهم يسعون إلى صون الإبستمولوجيا، كمصطلح جديد من فساد يصيبها من الفلسفة!





التوقيع

"لا شيء يعتم الرؤية ويوقع في التيه الوجداني والضلال الفكري كالأسئلة المزيفة. الأسئلة المزيفة هي، كأسئلة الأطفال، أسئلة تطرح مشاكل مزيفة يعيشها الوعي على أنها مشاكل حقيقية"
محمد عابد الجابري
    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 15:11 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd