2012-04-26, 23:25
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | ظاهرة الانتحار عند دوركايم | تمثل دراسة دوركايم عن الانتحار1897م مكانة هامة في الدراسات السوسيولوجية . تعريف ظاهرة الانتحار عند دوركايم :"يشير الانتحار إلى كل حالات الموت التي تكون نتيجة مباشرة لفعل ايجابي أو سلبي قام به الشخص المنتحر وهو يعلم انه سيؤدي إلى هذه النتيجة " .(بيومي،2000 : 146-147) , وبالرغم من أن عملية الانتحار عملية شخصية بحتة إلا انها لا تخرج عن نطاق المجتمع الذي يعيش فيه المنتحر إذ أن القوى الاجتماعية المحيط به وليس حالته النفسية هي التي تدفعه إلى قتل وتدمير ذاته، ويضيف دوركايم قائلا بان التناقضات والأخطاء التي قد تظهر في البناء الاجتماعي لابد أن تكون عاملا من عوامل تفاقم مشكلة الانتحار ,فكلما كان الأفراد منسجمين مع المجتمع ومتكيفين لعاداته وتقاليده وظروفه كلما تنخفض فيه نسبة الانتحار والعكس هو الصحيح .لهذا السبب نرى بان نسبة الانتحار عالية في المجتمعات لصناعية المعقدة ومنخفضة في المجتمعات الزراعية البسيطة التي تتكون من جماعات تربط أفرادها علاقات ايجابية ومتكاملة .لهذا يشير دوركايم إلى أن نسب الانتحار تكون عالية في المدن ومنخفضة في القرى والأرياف, وتكون عالية بين العزاب ومنخفضة بين المتزوجين لاسيما هؤلاء الذين لديهم أطفال ،وتكون عالية بين المسيحيين البروتستانت ومنخفضة بين اليهود والمسلمين ،وأخيرا تكون نسبة الانتحار بين العسكريين أعلى من المدنيين . أنواع الانتحار عند دوركايم: 1. انتحار الوحدانية أو العزلة الاجتماعية (Egoistic Suicide) يظهر هذا النوع من الانتحار نتيجة لانعزال الفرد عن المجتمع لسبب ما يتعلق بالفرد نفسه أو يتعلق بالمجتمع الذي ينتمي إليه الفرد ويتفاعل معه ،فهذا الفرد لا يستطيع تكوين علاقة طبيعية مع المجتمع لعدم تذوقه لقوانين وعادات المجتمع وسخطه على نظامه ووضعه العام ،والمجتمع من جانبه لا يعطي المجال للفرد للتفاعل معه والانسجام مع مؤسساته البنيوية نظرا لتناقض ميوله واتجاهاته ومصالحه وأهدافه وقيمه مع تلك التي يتمسك ويؤمن بها الفرد .لذا يشعر الفرد بالبعد والاغتراب عن المجتمع وهنا يفقد آماله وطموحه ويضيع كل شي له علاقة بالمجتمع ويفشل في تذوق ثمرة عمله وجهوده,لذا تنعدم عنده معاني الحياة السامية ويفقد مثله وقيمه ومقاييسه بعد ذلك يصاب بمرض نفسي خطير قد يؤدي به إلى الانتحار .وهذا النمط من الانتحار غالبا ما يصيب الأشخاص المعدمين والمحرومين والذين يعانون من الأمراض النفسية والعقلية . ومن وجهة نظري اعتقد ان هذا النوع من الانتحار يظهر بنسبة كبيرة في الوطن العربي بين الشباب في الوقت الحاضر وذلك قد يرجع الى ازدياد نسبة البطالة بشكل ملحوظ وقلة فرص العمل مقابل الازدياد السكاني وكذلك حرمان الشباب من حقوقهم المشروعة في العمل وشعوره بالاحباط مما يؤدي به الى الاقدام على الانتحار. 2. انتحار التضحية في سبيل الآخرين (Altruistic Suicide) يعتبر انتحار التضحية في سبيل الآخرين مناقضا من حيث أسبابه ودوافعه لانتحار الوحدانية فهو ناتج عن شدة تماسك وانسجام الفرد مع جماعته وقوة علاقته الاجتماعية معها ذلك أن جماعته كما يعتقد لها أهميتها وفاعليتها في وجوده وكيانه فهو لا يستطيع العيش دون وجودها ويكون معتمد عليها ومتأثر بتعاليمها وفلسفتها وأساليبها السلوكية كما يكون مستعدا على التضحية بماله ونفسه من اجل بقائه واستمرارها إذا تعرضت للخطر والتهديد وعندما تتعرض الجماعة لخطر العدوان أو التفكك فانه يقوم بالدفاع عنها بكل ما يملك من قوة وباس ،وفي أحيان كثيرة ينتهج الصيغ الانتحارية لإنقاذها من مأزق التشتت والانهيار والفناء .وإذا فشل في إنقاذ الجماعة من الخطر فإنه يقدم على الانتحار علما منه بأنه لا يستطيع العيش بدونها ولا يريد مشاهدة وضعها البائس والمتشتت بعد عجزها في درء الأخطار والتحديات عنها والعمليات الانتحارية التي يقوم بها بعض أفراد القبائل عندما تتعرض قبائلهم بالغزو والاحتلال والسبي من قبل القبائل الأخرى إلا مثال حي على هذا النوع من الانتحار ،وارى في هذا النوع من الانتحار انه غالبا ما يكون في المجتمعات التي تعاني جراء الحروب والعدوان مثال ذلك فلسطين وإقدام العديد من أطفالها وشبابها ونسائها على العمليات الانتحارية (الاستشهادية) . 3. انتحار التفسخ الاجتماعي (Anomic Suicide) يظهر هذا النوع من الانتحار عندما يفشل المجتمع في السيطرة على سلوك وعلاقات أفراده ,وعندما تتفسخ الأخلاق والآداب والقيم وتضعف العادات والتقاليد وتعم الفوضى والفساد في ربوع المجتمع وهنا يفقد الفرد آماله وطموحاته وتضعف أو تنعدم عنده الرغبة في التفاعل مع الآخرين والانسجام معهم . وعندما يشعر الفرد بعدم قدرته على وضع حد لهذه الحالة المتفسخة والشاذة وعجزه عن تغيير المجتمع نحو الأحسن فانه يصاب باليأس والقنوط وانعدام الآمال والأهداف . ومثل هذه الحالة تلحق به المرض النفسي والكآبه والاشمئزاز من الحياة . إذن التفسخ الاجتماعي (Anomie)الذي يعبر عن نفسه في ارتباك موازين الحياة واضطراب قيمها ومقاييسها وتشتت آمال وأهداف الفرد وتناقض مصالحه مع مصالح المجتمع لابد أن يدفع عدد غير قليل من أبناء المجتمع إلى الانتحار .أما الأفراد الذين يتعرضون لهذا النمط من الانتحار فهم المطلقون والمطلقات والذين يتعقدون بقيم ومقاييس ومثل معين اكتسبوها من وسط المجتمع الذي عاشوا فيه وتفاعلوا معه وعندما تغير هذا المجتمع وتغيرت معه القيم المقاييس والمثل لم يستطيع الأفراد المسنون مثل تغير قيمهم ومثلهم القديمة وإدخال القيم الجديدة التي دخلت المجتمع مؤخرا . وهنا يتعرض هؤلاء إلى عدم التكيف مع المجتمع الجديد فيفقدوا طموحاتهم وأهدافهم ويصبحوا من نقاد المجتمع والحاقدين عليه وعندما يفشلون في تغيره أو إصلاحه وفق أفكارهم وقيمهم وميولهم واتجاهاتهم فأنهم سرعان ما يصابون بخيبة الأمل واليأس ومثل هذه الحالة المأساوية قد تدفع بعضهم إلى الانتحار لتخلص من الحياة ومنغصاتها .(الحسن،1991 :247-249) ، وبرائي أن انتحار التفسخ الاجتماعي قد يحدث بشكل ملحوظ في المجتمعات التي تصاب بانقلاب مفاجئ أو تغيير عكسي ولم تعد قادرة على السيطرة على جميع مجريات هذا التغير ومحاولة الإصلاح أو التكيف معه . | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=553958 التوقيع | محمد الزاكي ( tagnaouite) | |
| |