منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى منهجيات وطرائق التدريس (https://www.profvb.com/vb/f344.html)
-   -   فكرة "الشمولية المنهجية" بين التحليل المدرسي والتحليل النقدي (https://www.profvb.com/vb/t95229.html)

محمك مريني 2012-04-17 10:05

فكرة "الشمولية المنهجية" بين التحليل المدرسي والتحليل النقدي
 
( التحليل المدرسي)
د. محمد مريني
تقديم:
إن الحديث عن الاختلافات المنهجية بين التحليل الديداكتيكي والتحليل النقدي حديث متشعب، يمكن أن نستحضر فيه جوانب كثيرة للتشابه والاختلاف، لكنا آثرنا أن نقف هنا عند جانب واحد من الجوانب المنهجية الكثيرة. يتعلق الأمر بما ورد في منهاج اللغة العربية بمبدأ "شمولية المنهج"، وما يصطلح عليه في النقدي الأدبي ب "التكامل في المنهج". سنحاول من خلال ما يلي بسط الحديث في تصور المقاربتين لهذا الموضوع، اعتمادا على عمليات المقارنة.
إن الحديث عن المنهج يستدعي -في البداية- التمييز بين جانبين مختلفين، يتعلق أولهما بالمنهج؛ أي بالرؤية المنهجية التي يعتمدها عليها محلل النص، وهو ما سنتناوله هنا بالتحليل. ويتعلق ثانيهما بالموضوع، وهو ما تناولناه سابقا. أي ما يريد المحلل الوصول إليه في الأخير. من المهم التمييز بين هذين الجانبين، وذلك ''لأن أبسط الاحتياطات المفروض اتخذها في الممارسة النقدية هي أن يميز الناقد بين موضوعه وأدواته في التحليل وإذا لم يحصل هذا التمييز سيتحول النقد إلى عمل عشوائي لا معنى له على الإطلاق''[i].
ولا شك في أن الحديث عن المنهج، في كل من المقاربة الديداكتيكية والمقاربة النقدية، عنصر أساس في عملية المقارنة بينهما. وذك على اعتبار أن الممارسة التحليلية تستلزم –على حد تعبير أدريان مارينو- "وجود تصور مساعد [...] يتم الاشتغال عليه كبرنامج وكمنهجية علمية خاصة"[ii]. لكني سأركز هنا على فكرة واحدة في هذه المقارنة، تتمثل في موقف المقاربتين من فكرة "التكامل المنهجي" باعتبار هذه الفكرة تمثل محور الممارسة التحليلية الديداكتيكية.
1- مبدأ الشمولية في المنهجية الديداكتيكية:
تقوم منهجية تدريس النصوص الأدبية –كما وردت في المناهج الثلاثة- على مفهوم "القراءة المنهجية للنصوص". وقد أفرد منهاج اللغة العربية -في نسخه الثلاثة- حيزا لبيان المقصود بهذا المفهوم، والمبادئ التي يقوم عليها:
- يتحدث منهاج 1993 عن ثلاثة عناصر أساسية في القراءة المنهجية للنصوص:
أولها، تنوع المقاربات المعتمدة في التعامل مع النص.
ثانيها، غنى في وسائل وأدوات التحليل.
ثالثها، مراعاة مبدأ التدرج[iii]. مفهوم هذه المنهجية والعناصر التي يقوم عليها:
وسيفصل منهاج 2007 الحديث في مفهوم "القراءة المنهجية"، والمبادئ التي تقوم عليها:
يعطي منهاج اللغة العربية أهمية كبيرة للجانب المنهجي، وقد جعل من مسألة المنهج "كفاية" من الكفايات الأربع، التي يرمي إلى تحقيقها. وقد سماها "الكفاية المنهجية" وقد أوضح المنهاج أن هذه الكفاية " تسعف التلميذ على التمكن من منهجية في التحليل تقوم على توظيف جهاز مفاهيمي وخطوات محددة. كما أن هذه الكفاية من شأنها أن تسعفه على تشغيل مختلف المقاربات المنهجية لوصف وتأويل النصوص الأدبية"[iv].
تتحقق الكفاية المنهجية من خلال مجموعة من الخطوات والعمليات التي يوظفها الأستاذ لإثارة الأنشطة التعليمية للتلاميذ. وتنطلق هذه الخطوات من الإدراك العام والكلي للنص، ووضع فرضيات لقراءته، إلى العمليات التي يقوم بها التلميذ لفحص فرضيات القراءة من خلال بحث عناصر النص الداخلية معجما ودلالة وتركيبا وأسلوبا. وكذا من خلال ربط النص بمعطيات مستمدة من محيطه الاجتماعي والثقافي والتاريخي. وانطلاقا من هذه الخطوات العامة فإن منهجية النص تقوم على مبدأين أساسيين، يتمثلان في الشمولية والتدرج:
يتمثل المبدأ الأول في "شمولية القراءة المنهجية"، من حيث إحاطتها بمعطيات النص الخارجية والداخلية، وفق أدوات التحليل الملائمة لكل مقاربة. وذلك استنادا إلى المبدأ التربوي الذي لا يقتصر على ما يحيط بالنص ملغيا لمكوناته الداخلية. ولا ينغلق داخل هذه البنيات، ويقصي عوامل المحيط التي أسهمت في إنتاج النص. بل يرمي إلى التوفيق بين المقاربتين معا. "ذلك أن أهداف التربية تختلف، إلى حد ما، عن أهداف البحث، لأنها تسعى إلى الإحاطة والتنوع وملاءمة درجة نضج التلاميذ وإمدادهم بأكبر قدر من الأدوات المنهجية التي تعدهم لمتابعة دراستهم التخصصية بنجاح"[v].
أما المبدأ الثاني الذي يتمثل في التدرج، فيتجلى في تسلسل الأدوات المنهجية المقترحة وفق مسار تعلم وتطور مكتسبات التلاميذ. لهذا عمد المنهاج في الجذع المشترك أدبي –مثلا- إلى اقتراح جملة من الأنشطة القرائية التي تستند إلى بعض أساليب التدخل، ذات العلاقة بالمكونات الدالية والدلالية والتداولية، باعتبارها تكون شبكة الدلالات المرتبطة بقراءة التلميذ للنص[vi]. ليتم الاهتمام في السنة الأولى بالمستوى الأسلوبي في عناصره التركيبية والبلاغية والإيقاعية، إضافة إلى المستويات السابقة[vii]. وتوجه العناية في السنة الثانية إلى كافة المستويات إضافة إلى بلاغة الحجاج، وأساليب البرهنة والاستدلال، ومهارة التقويم الداخلي والخارجي للنصوص[viii].
1-1- منطلقات القراءة المنهجية:
استنادا إلى المبدأين السابقين، فإن خطوات القراءة المنهجية للنصوص تعتمد على مجموعة من المفاهيم والمنطلقات الأساسية اللازمة لفهم مرتكزاتها، ومسوغاتها، وسبل تنفيذها:
1-1-1- تنطلق المنهجية المقترحة من المبدأ النفسي اللساني يرى أن المتلقي لا يستقبل النص "بذهن فارغ" بل هو مزود بشبكة للقراءة تمكنه من وضع فرضياته الخاصة التي هي نتائج خبراته وتجاربه ومكتسباته. لذلك فإن خطوات القراءة المنهجية تبدأ بملاحظة بعض المؤشرات المحيطة بالنص أو المستمدة من داخله، واقتراح "فرضية" لنوعه وموضوعه.
لا شك في أن المنهجية تحيل هنا على الدراسات التي قدمت في إطار علم النفس التربوي، التي اشتغلت على دور المعرفة القبلية في عملية الاستيعاب، والعمل الذي تقوم به هذه المعرفة في تأطير القراءات المختلفة للنص. نحيل هنا –على الخصوص- على "فريديريك بارليت" F. Barlettونظرية "الخطاطة"[ix]، التي قدمها سنة 1932. لقد لقد كانت الفكرة الأساسية التي تبلورت ضمن نظرية الخطاطة تركز على دور المعرفة القبلية في عملية الاستيعاب القرائي. وقد تشعبت هذه الفكرة في اتجاهات مختلفة كان لها أثر عميق في تعميق الوعي بمسألة القراءة والإواليات التي تقوم عليها. لقد تأكد من خلال الأبحاث التجريبية التي قدمت في هذا الإطار أن القارئ يعمد- أثناء قراءة النص وتأويله- لوضع فرضيات حول النص المقروء، وذلك اعتمادا على عملية انتقاء للمعلومات المناسبة من خزان الذاكرة، وملاءمتها مع المقتضيات الداخلية والخارجية للنص. في ضوء هذه النتائج التي انتهى إليها "بارليت" والذين جاءوا بعده ستظهر أبحاث انشغلت على "المعرفة الخلفية" التي تمثل المعرفة الجاهزة في الذاكرة؛ وهي عبارة عن بنيات منظمة تقود إلى توقعات تبنى عليها عمليات التأويل للخطاب والوقائع. معنى ذلك أن القارئ لا يتعامل مع النص بذهن خال، وإنما يستحضر معارفه التي راكمها من خلال تعامله مع نصوص سابقة، وذلك قصد تحقيق قدر من الانسجام الذي يسعفه في تقديم فرضيات، وملء فراغات النص[x].
1-1-2- تعتمد المنهجية المقترحة أيضا على عمليات إجرائية للفهم، أساسها مجموعة من التقنيات لتحويل النص، أو قراءته قراءة فاحصة، أو تنويع أشكاله، وغيرها من التقنيات المتعلقة بهذه المهارات. من المناسب الإشارة هنا إلى وجود العديد من الأبحاث، التي قدمت تصنيفات جديدة لأنماط النصوص، وأشكالها مثل النص الحجاجي والسردي والوصفي[xi]. ويفترض هذا الأمر عدم وجود إطار جاهز لاستعماله في تحليل جميع النصوص، بل إن الأمر يتطلب اقتراح أدوات منهجية مناسبة لكل نمط على حدة. إذا كان كل نص ينتمي إلى نمط معين، فإنه يتضمن كذلك مستويات متداخلة ومركبة كالمعجم والدلالة والأسلوب ...إلخ. مما يدعو إلى توظيف مقاربات متنوعة في معالجة كل مستوى من مستويات النص. وتبقى الغاية الأساسية من التعامل مع النصوص المختلفة هي تمكين التلميذ من آليات إنتاج نص يعبر عن الأفكار ومشاعره. ولهذه الغاية تقدم المنهجية أنشطة لتركيب واستثمار معطيات النص، قصد إبداع نصوص مشابهة أو مخالفة للنص المدروس.
1-1-3- كما تهدف المنهجية أيضا إلى تمكين التلميذ من قدرات على البرهنة والحكم والتقويم، تنبني على درجة نضجه وحصيلة تعلمه السابق، وشبكة المفاهيم التي يقرأ بواسطتها النص، لذلك فقد اقترحت المنهجية في نهاية الحصة وضعيات مفتوحة للحوار ومناقشة ما استخلصه التلاميذ من نتائج[xii].
نخلص من هذا الكلام إلى أن المبدأ العام الذي يقوم عليه منهج المقاربة الديداكتيكية في دراسة النصوص الأدبية هو مبدأ التكاملية، الذي يسمح للقراءة الديداكتيكية بالانفتاح على مختلف الحساسيات النقدية.وقد كان المناهج واضحا في تبني هذا الخيار، ليس فقط من خلال تبني مبدأ "شمولية القراءة المنهجية"، الذي يفرض ملاءمة المنهجية مع مستوى نضج التلاميذ، بل أيضا، بل أيضا من خلال تعدد المصادر والمرجعيات التي يستفيد منها المنهاج نفسه. فقد ورد في تقديم المنهاج أنه "يستفيد مناهج اللغة العربية من تطورات حقول التربية بما عرفته من تراكم في مجالي الترجمة والتأليف، وما قدمته من أبحاث ودراسات عرفتها ساحة البحث والتأليف ببلادنا"[xiii]. كما يستفيد من "الدراسات التي اهتمت ببناء المناهج، وخطاطات التدريس، وطرائقه"[xiv]، ومن "المصادر التي استلهمها ... كذلك الأبحاث والدراسات الأدبية واللغوية في ضوء تطبيقاتها على مجالات التدريس"[xv]، و "من الدراسات النقدية والأدبية التي قدمت بدائل ومقاربات جديدة للتعامل مع النص"[xvi] كما يستثمر هذا المنهاج ". والمقاربات المنهجية التي تطورت في حقل تدريس اللغات لما لها من ارتباط وثيق بالتصور الذي يحكم هذا المنهاج"[xvii]، بالإضافة إلى كل ذلك فإن المنهاج ينفتح على العديد من المقاربات، التي تتمثل في ما يلي:
- مقاربات متنوعة تنسجم مع معطيات النصوص وخصوصياتها وتتميز باعتمادها على مبدأ التدرج المنهجي.
- معطيات يقدمها ديداكتيك النص والتعبير.
- معطيات تقدمها سيكولوجية الإبداع بصفة عامة، وبيداغوجيا الإبداع والتعبير بصفة خاصة[xviii].

[i][i]د. حميد لحمداني، بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي. المركز الثقافي العربي. ط1 : 1991.

[ii]Adrian MARINO, la critique des idées littéraires, p : 134

[iii] وثائق خاصة بحلقات استكمال تكوين الأساتذة العاملين بالتعليم الثاوي، وزارة التربية الوطنية، 1993، ص: 2

[iv]التوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة اللغة العربية بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، مديرية المناهج، نونبر 2007، ص: 14-15.

[v] منهاج اللغة العربية، وزارة التربية الوطنية، الكتابة العامة للشؤون التربوية، مديرية التعليم الثانوي، قسم البرامج والمناهج والوسائل التعليمية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 1996، ص: 21

[vi]أنظر الكتاب المدرسي: النجاح في اللغة العربية، الجذع المشترك للتعليم الأصيل وجذع العلوم الإنسانية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2005.

[vii]أنظر الكتاب السنة الأولى أدبي: ..

[viii]أنظر الكتاب المدرسي: في رحاب اللغة العربية، السنة الثانية من سلك البكالوريا، مسلك الآداب العلوم الإنسانية، الدار العالمية للكتاب، البيضاء، 2007، ص: أدبي.............................

[ix]سنعتمد هنا على كتاب:M. Fayol, Le récit et sa construction,une approche de psychologie cognitif Delachaux Nuestlé, Paris, 1985, pp:35

[x] J. M. Adam, Dimension Séquentielle et configurationnelle du texte, In Degrés n°: 46-47, 1986, pp: 22

[xi] أشير هنا إلى وجود دراسات اشتغلت على ما يسمى "التعيين الجنسي" La généricité، وهي عملية تندرج ضمن الممارسة النقدية للناقد. أقف هنا تحديدا عند التصور الذي قدمه "جون ماري شافر" J. M. Schaeffer في دراسته "من النص إلى النوع"، و هو تصور يقوم على أساس رفض التعيينات الجنسية الخارجية Extériorité Génétique، التي يقترحها كتاب الأعمال الإبداعية. إن الناقد المحصن بسلطة علمية ومعرفية هو الذي يعطي لكل نص وضعه الاعتباري الملائم، ويحدد –في الوقت نفسه- مواده التكوينية والتجنيسية. أنظر: J. M. Schaeffer, du texte au genre, In théorie des genres , seuil 1976



[xii]منهاج اللغة العربية، وزارة التربية الوطنية، الكتابة العامة للشؤون التربوية، مديرية التعليم الثانوي، قسم البرامج والمناهج والوسائل التعليمية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 1996، ص: 22.


[xiii]المرجع نفسه، ص: 3

[xiv]المرجع نفسه.

[xv]المرجع نفسه.

[xvi]المرجع نفسه.

[xvii]المرجع نفسه.

[xviii]المرجع نفسه.

خالد السوسي 2012-04-17 10:36

رد: فكرة "الشمولية المنهجية" بين التحليل المدرسي والتحليل النقدي
 



شكرا جزيلا لكم أخي الكريم محمد على مساهمتكم القيمة والمفيدة وبارك الله فيكم




abo fatima 2012-04-17 13:43

رد: فكرة "الشمولية المنهجية" بين التحليل المدرسي والتحليل النقدي
 
بارك الله فيك اخي الكريم

أبو هاجر و رميساء 2012-04-17 15:36

رد: فكرة "الشمولية المنهجية" بين التحليل المدرسي والتحليل النقدي
 

شكرا على العرض القيم
مُرَحَّبٌ بك في المنتدى
و في انتظار المزيد من مشاركاتك

http://photo.mrchat.net/pictures/810...b18250989e.gif


الساعة الآن 17:00

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd