منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - مشكلات في التجديد: رحلة في كتاب عملية التجديد التربوي (المحور 3)

ينتهي الكتاب بفصل خاص، يلخص وجهة نظر المؤلفين حول التجديد ومشكلاته، ويورد بعض التعميمات والإستنتاجات الخاصة به. ويؤدي التخطيط دورا أساسيا في التجديد، لأنه هو الذي يمهد له، مستبقا الحوادث، وراسما الحلول لمشكلات المستقبل قبل استفحالها. ولكن المخطط لا يستطيع أن يتنبأ بكل شيء، وبكل ما يتوقع حدوثه. ومع ذلك فإن عليه، أن يتخذ قرارات معينة على أساس الواقع، بالإعتماد على سلسلة من الفرضيات ونظريات السبب والتأثير. وعندما يفكر المخطط في وضع خطة للتجديد، يجدر به أن يحسب حسابا لمشكلات كثيرة منها قدرة النظام التربوي على تحمل إجراءات التجديد وإمكانية تغطيته النفقات المترتبة عليه، ومدى توافر الأجهزة والمعدات اللازمة. كما أن عليه أن يتأكد من نتائج التجديد، فكثيرا ما يحل التجديد مشكلة، ويخلق في الوقت نفسه مشكلات أخرى. وهذا ما حدث مثلا، بالنسبة لخطة البناء المدرسي التجديدية في نيوزيلانده. فقد أدت هذه الخطة إلى الإسراع في عملية البناء وتحسينها. ولكن من جهة أخرى، فإن إدخال نمط غير تقليدي في البناء، كان له تأثير سلبي في البنية الإجتماعية للبلاد. وعلى العكس من ذلك، فإن التجديد الذي يستنبط لحل مشكلة، كثيرا ما يحل مشكلات أخرى لم يكن يقصد منه حلها. وكمثال على ذلك، خطة الوحدات التعليمية في أندونيسيا، التي أسفر إدخالها عن حل مشكلات تربوية كثيرة لم تكن قد خطرت على بال الذين صمموا خطة التجديد.

ومن الأمور الأخرى التي يتوجب على المخططين أن يأخذوها في الحسبان، ردود الفعل المتوقعة للجمهور تجاه التجديد، ومدى قبول المعلمين له.

ويقدم المؤلفان أخيرا عدة تساؤلات هامة منها:
1- في أية ظروف تصبح التجديدات مقبولة؟
2- ما الشروط التي يجب توافرها حتى يستمر التجديد بعد مرحلة القبول؟
3- ما سرعة سريان التجديد في النظام التربوي؟
4- ما مقدار التغيير الذي يحدثه التجديد؟

ويجيب المؤلفان عن هذه التساؤلات بنفسيهما إجابات افتراضية يقران بأنها قابلة للجدل، وبأنها لا تعتمد على نتائج ثابتة، فقبول التجديد، يتوقف في رأيهما، على عدة عوامل:
أ- مقدار القوة التي يمكن تعبئتها لدعمه.
ب- مدى تهديده لمصالح الجماعات المهيمنة، فكلما قل التهديد، ازداد القبول.
ج- كون الفوائد والمنافع الناجمة عن التهديد أكبر من التكاليف المترتبة عليه، فكلما كانت النتائج طيبة والمردود جيدا، لاقى التجديد قبولا أوسع.

أما بالنسبة لاستمرار التجديد وبقائه على قيد الحياة، فإن هذا يعتمد، في رأي المؤلفين، على عوامل عديدة، منها:
أ- مصداقيته، إذ أن اتساع الهوة بين الوعد النظري والإنجاز الحقيقي يقود إلى تفويض مصداقية التجديد، وبالتالي إلى إضعاف استمراريته، بحيث لا يكتب له الدوام طويلا.
ب- نتائج تقييم التجديد، وكون هذا التقييم إيجابيا.
ج- مقدار توافر المواد والكوادر والأجهزة المطلوبة.
د- مدى قدرة التجديد على التكيف مع الظروف السائدة.

وبخصوص الوقت الذي يستغرقه تنفيذ التجديد، فإن المؤلفين يريان أن ذلك يعتمد على تسلسل الحوادث وتتابعها واتساقها، فكلما تحقق تناسق أفضل، تمت عملية التجديد بسرعة أكبر. أما فيما يتعلق بمقدار التغيير الذي يمكن أن يولده التجديد، فإن هذا يتوقف على درجة التقلب داخل النظام التربوي والنظام الإجتماعي بإكمله، فمع إزدياد استقرار التربية والمجتمع، تزداد المقاومة التي يلاقيها التغيير.