ليس للمعلم الحق في المرض في بلاد الرحامنة




يعتبر إقليم الرحامنة من المناطق الصعبة من حيث صعوبة ولوج مقرات العمل بالنسبة للمدرسين، وكذلك من حيث افتقارها إلى أدنى شروط العمل، وذلك لما هو عليه واقع الحال بالنسبة للوحدات الدراسية التي لا تصلح سوى كإصطبلات للحيوانات في أحسن تقدير!
أمام هذا المعطى فإن ثلة من المعلمين اهتدوا إلى إكساب العملية التعليمية شرعيتها المنعدمة(!) بالتنقل اليومي بين الوحدات الدراسية والمراكز المحيطة بابن جرير عبر الدراجات النارية في عملية انتحارية لا يخرج منها رجل التعليم سالما بحكم موجات البرد القارس التي تشهدها المنطقة في كل موسم ونتيجة لغياب
النوافذ في معظم القاعات، الشيء الذي يجعل من رجل التعليم بالمنطقة عرضة لمجموعة من الأمراض. إلا أن الأدهى والأمر في كل هذا هو أن المعلم حينما يسقط طريح الفراش وينقل على وجه السرعة إلى المستشفى ويمنحه الطبيب المعالج رخصة مرضية، تقام الدنيا ولا تقعد! يشتكي السكان وهم الذين يتحملون الجزء الأكبر في معاناة هؤلاء الفئة من موظفي الدولة حيث يرفع الشعار «من حق أبنائنا التمدرس، وأنتم معشر المدرسين لا مرحبا بكم!» فكيف للمعادلة أن تستقيم؟ يحاصرون رجل التعليم، يخربون سكنه الوظيفي، تلاميذ غير ملتزمين يتنفسون الفوضى ولا يعرفون من المصطلحات سوى التخريب والكلمات النابية وإزعاج المدرس وإثارة البلبلة في القسم وعرقلة سير الدرس. وبعد كل هذا وذاك يلقى المعلم من النيابة الإقليمية أشد أنواع التهديد والنهر والوعيد، لا لشيء سوى لإسكات أصوات المحتجين من ساكنة الدوار! فالمعلم بهذه المنطقة يشتغل دون أي حماية، لا من الجهة المشغلة ولا من السلطات. وبدل أن يتابع المدرس الجهة المشغلة قضائيا على عدم توفير أدنى شروط العمل وفي غمرة تنازله عن كرامته وحريته وفي أسمى صور تضحيته وقيامه بواجبه، بدل كل هذا وذاك تأتي الأصوات التي تستنكر تعرضه للمرض. ومن هنا نتساءل: هل مدرسو منطقة الرحامنة خلقهم الله من حديد دون غيرهم!!؟