منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   مدرسة النجاح وإشكالية التغيير د. محمد بوعزة (https://www.profvb.com/vb/t9246.html)

ابن خلدون 2009-11-04 18:33

مدرسة النجاح وإشكالية التغيير د. محمد بوعزة
 


في إطار تفعيل برامج المخطط الاستعجالي، الذي طرحته الوزارة الوصية كمخطط إنقاذ لوضعية التعليم المتردية، تم إحداث جمعية دعم مدرسة النجاح. على المستوى النظري، لا أحد ينكر أهمية المشروع الذي يتضمن أبعادا تطويرية متعددة: بيداغوجية إدارية اجتماعية، من شأنه في حالة توفير الشروط اللازمة لتفعيله، إحداث دينامية داخل النسق المدرسي، عبر آلية دعم روح الفريق داخل المجتمع المدرسي، أو على مستوى علاقة المدرسة.
من خلال الرصد النظري والميداني، نلاحظ أن أهم مشكل يواجه أجرأة المشاريع في مجال التعليم هو غياب الملاءمة الإبستمولوجية والاجتماعية بين المشاريع وسياقاتها، والذي ينتج عن إشكال الانفصام بين السياسات العمومية والواقع، وما يترتب عنه من افتعال برامج ومشاريع لا مفعول لها في الواقع الميداني للمدرسة.
وفي إطار المساهمة في تغيير هذه الإستراتيجية الانفصامية، نقدم بعض المقترحات على صعيد المنظور والآليات من أجل بلورة إستراتيجية واقعية للإصلاح، تحرص على مراعاة القوانين العلمية والاجتماعية التي يقتضيها أي تغيير، من حيث مراعاة سياق النسق وانسجام عناصره، وتأهيل وتكوين العنصر البشري الذي هو أساس أي تغيير وإصلاح، وتغيير أساليب وسياسات التدبير التقليدية، بما يضمن إحداث أثر إيجابي في المجتمع المدرسي، حتى لا تظل مشاريع الإصلاح مجرد ظاهرة لفظية (أي نظرية) تدور حول نفسها. وهنا ندرج بعض الأسئلة والإشكالات التنظيمية والابستيمولوجية والسياقية التي يثيرها مشروع مدرسة النجاح:
ـ تعطيل بعض بنود الميثاق الوطني للتربية والتكوين بسبب عدم تفعيلها، خاصة مجلس التدبير الذي يشكل أعضاؤه المكتب التنفيذي لجمعية دعم مدرسة النجاح، بفعل إكراهات الزمن المدرسي التي تعوق عقد اجتماعاته، وكثرة أعضائه، واستمرار النموذج السلطوي التقليدي على مستوى الإدارة، الذي يختزل الإدارة في إصدار التعليمات، لأنه يتصور الشركاء الآخرين مجرد منفذين للتعليمات، وبالتالي يرى في العمل بمنطق المجالس انتزاعا لسلطته. فإذا كان مجلس التدبير لم يفعل، وفي أفضل الأحوال يتم تحريكه بصورة شكلية، كجزء من العمل البيروقراطي، كيف سيوفق أعضاؤه بين مهماتهم الرسمية (التدريس، الإدارة..)، ومهماتهم داخل مجلس التدبير، ومهماتهم داخل جمعية دعم مدرسة النجاح؟ مع الأخذ بعين الاعتبار الإكراهات التي تطرحها كل مهمة في هذه السياقات الثلاثة.
ـ ارتباطا بالإكراه السابق، تطرح الجمعية مشكل تداخل المهمات بين مجلس التدبير وجمعية مدرسة النجاح، وهو ما قد يؤدي إلى توتر وتنازع في الصلاحيات والقرارات (الأمر يذكر بإشكال التنازع بين البرلمان ومجلس المستشارين). بالرجوع إلى القوانين المنظمة لمجلس التدبير والجمعية نجد تداخلا في الاختصاصات والوظائف، وهذا يثير قضية الاستقلال النسبي لكل مؤسسة. هل القرارات التي يتخذها مجلس التدبير ستكون ملزمة لجمعية النجاح؟ وبالعكس هل القرارات التي ستتخذها الجمعية ستكون ملزمة بدون الرجوع إلى مجلس التدبير؟
على المستوى التنظيمي يظهر التباس مشوش في العلاقة بين مجلس التدبير وجمعية دعم مدرسة النجاح. ففي حين يخضع مجلس التدبير للقوانين والمذكرات الصادرة عن الوزارة الوصية، فإن جمعية دعم مدرسة النجاح تخضع للقانون 07.09 الخاص بتنظيم حق تأسيس الجمعيات كما تم تغييره. فهل جمعية مدرسة النجاح جمعية حكومية أم جمعية مدنية؟ خاصة أن القانون الأساسي للجمعية يحدد مهام المكتب التنفيذي في «تنفيذ قرارات السلطة الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين...». وهذا ما يطرح على المستوى الشخصي قضية حرية الاختيار والانتماء.
إن أي مشروع لا يواكبه تغيير في السياسات والأساليب، وتكوين وتأهيل العنصر البشري في الميادين الجديدة التي يتضمنها، سيضعف من فرصة نجاحه.
ـ تتبنى مدرسة النجاح منهجية العمل بمشروع المؤسسة والتدبير بالنتائج. ويعني مفهوم التدبير بالنتائج في علم الاقتصاد أن جميع الخيارات من أفعال وقواعد ومؤسسات وقوانين... يتعين الحكم على قيمتها في ضوء النتائج المترتبة عنها، أي ما تسفر عنه من آثار ومفعول في الواقع. وحسب الخبير الاقتصادي أمارتيا صن، فإن التركيز على حالة الأوضاع وما تؤول إليه، ينكر بوجه خاص ميل بعض النظريات المعيارية إلى اعتبار بعض المبادئ صائبة بغض النظر عن نتائجها. وواقع الأمر أنه يمضي إلى ما هو أكثر من اشتراط الوعي بالنتيجة، ما دام يلغي إمكان القول إن أي شيء آخر غير النتائج يمكن أن يكون موضوع اهتمام. ويشكل مفهوم التدبير بالنتائج في أصوله الفلسفية فرعا من المذهب البرغماتي (مذهب المنفعة). ظاهريا، يبدو الأمر جذابا، لأنه لا يمكن إنكار ما لمذهب المنفعة من مزايا، منها أهمية أن نضع في الاعتبار نتائج التنظيمات والمؤسسات عند الحكم عليها.


المساء
العدد 970 الثلاثاء 3 نوفمبر 2009


الساعة الآن 19:33

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd