الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الأخبار والمستجدات التربوية > منتدى الجمعيات التربوية > منتدى التضامن الجامعي المغربي > الإستشارة القانونية



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2013-07-27, 02:03 رقم المشاركة : 271
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


ديداكتيك التاريخ


عرفت المنظومة التعليمية بالمغرب ، تحولا نوعيا في حقل التربية و التكوين ، وذلك بتبني مقاربة الكفايات الذي تعتبر كأحد المقاربات الأساسية لتفعيل مضامين الميثاق الوطني للتربية والتكوين ،

رغبة في الارتقاء بالمتعلم وتحسين العملية التعليمية التعلمية.

لذا وجب الاعتماد على الطرق الفعالة النشيطة التي تتناسب مع مدخل الكفايات والتي تترك للمتعلم فرصة التعلم الذاتي على اعتبار المتعلم لب العملية التعليمية- التعلمية ومحورها, كما يجب ان تحقق تلك الكفايات أهدافا اجتماعية مهمة مثل الاعتماد على الذات والقدرة على اخذ القرارات, وتتعدد الطرق البيداغوجية , وفي مقدمتها طريقة حل المشكلات. فمثلا كيف يستطع المتعلمين التوصل تحليل دور الازمات الدولية في اندلاع الحرب العالمية الاولى؟

والبيداغوجيا أو علم التربية تتكون كلمة " بيداغوجيا " في الأصل اليوناني، من حيث الاشتقاق اللغوي، من شقين، هما : Péda وتعني الطفل، و Agôgé وتعني القيادة والسياقة، وكذا التوجيه.

و كان البيداغوجي le pédagogue هو الشخص المكلف بمراقبة الأطفال ومرافقتهم في خروجهم للتكوين أو النزهة، والأخذ بيدهم ومصاحبتهم. وقد كان العبيد يقومون بهذه المهمة في العهد اليوناني القديم.

و البيداغوجيا ذات بعد نظري ، وتهدف إلى تحقيق تراكم معرفي ، أي تجميع الحقائق حول المناهج والتقنيات والظواهر التربوية ؛ أما التربية فتحدد على المستوى التطبيقي لأنها تهتم ، قبل كل شيء ، بالنشاط العملي الذي يهدف إلى تنشئة الأطفالو تكوينهم.

واما مفهوم البيداغوجيا، يستعمل للدلالة على الحقل المعرفي الذي يهتم بالممارسة التربوية في أبعادها المتنوعة .. وبهذا المعنى نتحدث عن البيداغوجيا النظرية أو البيداغوجيا التطبيقية أو البيداغوجيا التجريبية .. وتستعمل للإشارة إلى توجه orientation أو إلى نظرية بذاتها، تهتم بالتربية من الناحية المعيارية normative ومن الناحية التطبيقية، وذلك باقتراح تقنيات وطرق للعمل التربوي، وبهذا المعنى نستعمل المفاهيم التالية : البيداغوجيا المؤسساتية، البيداغوجيا اللاتوجيهية ويمكننا أن نضيف كذالك، للتميز بين التربية والبيداغوجيا، أن البيداغوجيا حسب اغلب تعريفاتها بحث نظري، أما التربية فهي ممارسة وتطبيق

. مفهوم الديداكتيك La didactique :
تنحدر كلمة ديداكتيك، من حيث الاشتقاق اللغوي، من أصل يوناني didactikos أو didaskein، وتعني حسب قاموس روبير الصغير Le Petit Robert، " درٌّس أو علٌّم " enseigner. ويقصد بها اصطلاحا، كل ما يهدف إلى التثقيف، وإلى ما له علاقة بالتعليم

الديداكتيك هي فرع من البيداغوجيا موضوعه التدريس. و نهج وأسلوب معين لتحليل الظواهر التعليمية تواجه نوعين من المشكلات : مشكلات تتعلق بالمادة الدراسية ( وبنيتها ومنطقها .. ومشاكل ترتبط بالفرد في وضعية التعلم، وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية.

ولقد عرف الدكتور محمد الدريج الباحث في علوم التربية والمتحصص في بناء المناهج التعليمية، الديداكتيك في كتابه " تحليل العملية التعليمية "، كما يلي : " هي الدراسة العلمية لطرق التدريس وتقنياته، ولأشكال تنظيم مواقف التعليم التي يخضع لها المتعلم، قصد بلوغ الأهداف المنشودة، سواء على المستوى العقلي المعرفي أو الانفعالي الوجداني أو الحس حركي المهاري. كما تتضمن البحث في المسائل التي يطرحها تعليم مختلف المواد.

ومن هنا تأتي تسمية " تربية خاصة " أي خاصة بتعليم المواد الدراسية (الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك المواد) أو " منهجية التدريس المطبقة ( في مراكز تكوين المعلمين والمعلمات)، في مقابل التربية العامة (الديداكتيك العام)، التي تهتم بمختلف القضايا التربوية، بل وبالنظام التربوي برمته مهما كانت المادة الملقنة ".
ويجب التميز في تعريفنا للديداكتيك، حسب.Legendre بين ثلاث مستويات:
* الديداكتيك العامة : وهي التي تسعى إلى تطبيق مبادئها وخلاصة نتائجها على مجموع المواد التعليمية وتنقسم إلى قسمين : القسم الأول يهتم بالوضعية البيداغوجية، حيت تقدم المعطيات القاعدية التي تعتبر أساسية لتخطيط كل موضوع وكل وسيلة تعليمية لمجموع التلاميذ؛ والقسم الثاني يهتم بالديداكتيك التي تدرس القوانين العامة للتدريس، بغض النظر عن محتوى مختلف مواد التدريس .
* الديداكتيك الخاصة : وهي التي تهتم بتخطيط عملية التدريس أو التعلم لمادة دراسية معينة .
* الديداكتيك الأساسية : ( Didactique .Fondamentale ) وهي :

جزء من الديداكتيك ، يتضمن مجموع النقط النظرية والأسس العامة ، التي تتعلق بتخطيط الوضعيات البيداغوجية ـ دون أي اعتبار ضروري لممارسات تطبيقية خاصة ـ وتقابلها عبارة ( الديداكتيك النظرية)

قبل الحديث عن ديداكتيك مادة التاريخ يجب تعريف مفهوم الديداكتيك، فالديداكتيك هو فن التدريس ويشكل خطة ترمي إلى تحقيق أهداف تعليمية
أو استراتيجية تعليمية تواجه مشكلات كثيرة: مشكلات المتعلم, مشكلات المادة, أو المواد وبنيتها, المعرفية مشكلات الطرائق, مشكلات الوضعيات التعليمية التعلمية

ودراسة مادةالتاريخ تكتسيأهمية قصوى بالنظرإلىالدورالخطيرالذي يلعبه التاريخ والذي يمنحنا معلومات التاريخية تعطينا خلفية جيدة لفهم العلاقة بين السياسة والمجتمع، وهذهالمعلومات تمكننا من ممارسة السياسة الجيدة في زمن الحاضر وتكوين مواطن يؤمن بقضاياه واع بمسؤولياته ولهذا فانكتابة التاريخ هي عملية متجددة ومستمرة، تتجدد بتجدد هموم ومشكلات الإنسان فيالحاضر فالإنسان لايعيش حاضره مفصو لاعن ماضيه. فالإنسان لايفكر في تاريخه باعتباره زمنغابر تملأه الأحـداث والـوقائع ذات علاقة خارجية وموضوعية به فحسب ،بل بوصفه صيرورة في الزمن لها كبيرالأثرعلى حياته اليومية .إن تفسيرالماضي وتأويله وتكوين معنىعنه شكل دوما هاجسا للإنسان.

العناصر الأساسية في تدريس مادة التاريخ :
-1 الإشكالية: قد أصبح التفكير التاريخي المعاصر ينطلق من تحديـد إشكالية مـا (مشكلة تاريخية ) قبل تحديد الوثائق . لأن قيـمة الوثـائق لا تتحدد إلا من خلال قيمة المشكلـة التاريخية المطروحة.إن المـنهج التاريخي السليم هو الذي يبدأ بطرح أسئلة توجه المؤرخين إلى التنقيب المنظم و المكثف الجماعي. فدراسة التـاريخ انطلاقا من دراسة المشكلات، أصبح مطلبا ضروريا عند كل المـؤرخين المعاصرين ووضع اشكالية من خلال العمليات الفكرية التالية:

*طرح المشكل ووضع سؤال مركزي

*تفريعه الى تساؤلات فرعية

* وضغ فرضية لكل سؤال

وينطلق السؤال المركزي من خلال الوثائق التي تعتبر مصدرا للمعلومات وبرهانا لاتبات وجهة نظر اونفيها مع مراعات الابعاد الثلاثة الزمن -المجال والمجتمع ومن خلال دراسة الوثائق نقترح لكل سؤال جواب يسمى فرضية فابلة للتاكيد او النفي او التعديل واثنا الدراسة لابد من استعمال الأدوات المنهجية : التعريف -التفسير -التركيب .
-2 السيرورة؛ ؛ طبيعة السيرورة أي خاصية عملية الحل الأكثر ملائمة للمشكلة أي السمات المحددة سلفا للعمليات التي سنقوم بها للوصول إلى الحل أي تطورها وطبيعتها ويمكن الاعتماد على الخرائط التاريحية مثلا عند دراسة تكوين الدول اوعلى المبيانات عند دراسة مثلا مظاهر التحولات الاقتصادية والمالية التي عرفها النظام الراسمالي خلال القرن 19م .

وأما إذا كانت السيرورة تعبر عن ترابط العمليات و هدف المشكلة ترابطا واضحا يقال عنها إنها سيرورة متقاربة مثال ؛ تحديد السبب المباشر لوقيعة ما . مثلا السبب المباشر لحرب تطوان1860 سنة

-3 الوضعية النهائية: الحل للمشكلات المطروحة.
ومن الادوات المنهجية في ديكتاكتيك التاريخ :

1 – التعريف : خلال هذه العملية ننطلق من الوثائف لاجل تمحيص الفرضيات المقترحة وتتم هذه العمليات من خلال فهم الوثائق بوضغها في سياقها التاريخي وانتقاء المعطيات التاريخية من الوثائق وفق الاشكالية المطروحة والفرضيات المقترحة كما تتطلب نقد الوثائق من اجل بناء احداث تاريخية داث مصداقية علمية

2- التفسير: أصبح المؤرخون يتسألون عن الأسباب و العوامل المتحكمة في صناعة الأحداث والوقائع التاريخية اي علاقات السببـية التي تربط الأحداث بأسبابها.بل اجتهد بعضهم في دراسة العوامل الفاعلة في التاريخ

والتفسير مرتبط بمجال الإشكالية التي توجه عمله منذ بدايته. وعليه يمكن القول إن التفسير التاريخ كآلية فكرية مرتبط أشد الارتباط بالتساؤلات التي ينطلق منهاالمدرس . كما أن أهمية العملية التفسيرية في التاريخ مرهونة بأهمية وقيمة الإشكالية المنطلق. غاية التحليل هي الكشف عن بنية الموضوع قيد الدراسة، وتقسيم الظواهر المعقدة وتفكيكها الى عناصر أقل تعقيداً بحيث يتمكن الباحث من إنجاز مهمته و الخروج من دراسته بتفسير محدد للأحداث التاريخية المدروسة وبعد استفراء الوثائق وتحليلها نقوم بعملية التفسيبر والهدف هو الاجابة عن السؤال المطروح من خلال تصنيف العوامل المتسبب في الحدث حسب طبيعتها ( عامل سياسي - اجتماعي افتصادي) او خسب فعاليتها ومدتها ويمكن ايضا ان نفسر الحدث بالرجوع فبل وقوعه للتمكن من معرفة السياق التاريخي للحدث لنضعه في اطاره الزمني والموضوعي والمجالي

* معيار الزمني: اسباب قريبة –بعيدة – مباشرة – غير مباشرة

*معيار موضوعاتي: اسباب سسياسية - اقتصادية - اجتماعية - ثقافية دينية,,,,,,

* معيار مجالي اسباب داخليى - خارجية - وطنية - دولية...

3 - التركيب التاريخي

بعد معالجة الوقائع . ينتقل المدرس إلى مرحلة التركيب ، حيثيتم التوصل من خلالها إلى الاستنتاجات النهائية، من خلال ربط الجزء بالكل والخاص بالعام.

والتركيب يكتسي طابعا خاصا يقوم على سرد الاحداث والوقائع تبعا لتغاقبها الزمني والفائم على سرد الاحداث كما وفعت لكن هذا التركيب لا يرقى الى نفد الاحداث فيكتفي عند التحليل والتحقيق لا يرقى الى اعطاء دلالة وفهم ومعنى للوافع والاحداث وذلك عبر اعادة بنائه وربطه مع احداث اخرى,والتركيب مسالة ضرورية لانها تمكن المتعلم من التوصل الى استنتاجات والخروج باقتراحات اساسية في بناء المعرفة واكتساب مفاهيم جديدة والتدرب على منهجية البحث التاريخي.

الدكتورة ثورية ابوفاطمة






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-27, 02:05 رقم المشاركة : 272
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


التنشئة الإجتماعية في الأسرة والمدرسة


الأستاذ : الصادقي العماري الصديق

يرجع الفضل الكبير في وضع مفهوم التنشئة إلى عالم الإجماع الكبير (إميل دوركايم) ، الذي عرفها بأنها :الفعل الذي تمارسه الأجيال الراشدة على الأجيال الصغيرة التي

لم تصبح بعد ناضجة أو مؤهلة للحياة الاجتماعية، وموضوعها إثارة وتنمية عدد من الاستعدادات الجسدية والفكرية والأخلاقية عند الطفل ،والتي يتطلبها المجتمع السياسي في مجمله، والوسط الذي يوجه إليه.ثم إلى العالم (روبرت بارك) الذي قام ببحث سوسيولوجي حول التنشئة، عام 1932 بعنوان : التبلور و التنشئة .

أما عالم الاجتماع الفرنسي المعاصر RENE LORED يرى أنه : يندرج في مفهوم التنشئة مجمل الصيرورات العاطفية والمعرفية والاجتماعية التي يتعلم الأفراد من خلالها القيم والمعايير، أي المجموع المتجانس مع السمات الثقافية التي تنظم العلاقات الاجتماعية.وإذا كان التعليم أساسيا فإن كل المجتمعات تنظمه بطريقة فعلية ،فهي تدمج الطفل في جماعات مختلفة،جماعات أولية وجماعات ثانوية،تأخذ على عاتقها مهمة التعليم والتأطير،التي ينبغي أن يتعرض لها الطفل طيلة حياته، الأسرة / القرابة/ الأصدقاء/ المقاولة….) فيالمجتمعات الحديثة،أو (أبوية/عشائرية/سلالية) في المجتمعات البدائية.
والدكتور حامد زهران يعرفها بأنها عملية تعليم وتعلم وتربية،تقوم على التفاعل الاجتماعي وتهدف إلى إكساب الفرد طفلا فراشد،شيخا سلوكا ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة،تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجتماعي معها،وتكسبه الطابع الاجتماعي وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية.إذ أنها عملية تشكيل السلوك الاجتماعي للفرد وهي عملية إدخال ثقافة المجتمع في بناء الشخصية. وتسهم أطراف عديدة في عملية التنشئة الاجتماعية كالأسرة و المدرسة و المسجد والرفاق و غيرها إلا أن أهمهاالأسرة بلا شك كونها المجتمع الإنساني الأول الذي يعيش فيه الطفل ، والذي تنفرد في تشكيل شخصية الطفل لسنوات عديدة من حياته تعتبر حاسمة في بناء شخصيته .(حامد زهران ، 1977 ، ص213 )
التنشئة الاجتماعية هي سيرورة مستمرة ومتغيرة على امتداد الحياة، بحيث إنها تهدف إلى الاندماج الاجتماعي النسبي والمتوالي من لدن الفرد، وباعتبارها ،من جهة أخرى، بمثابة وسيلة لاكتساب الشخصية من خلا استيعاب طرائق الحركة والفعل اللازمة( معايير وقيم وتمثلا ت اجتماعية...) من أجل تحقيق درجة من التوافق النسبي عبر سياق الحياة الشخصية والاجتماعية للفرد داخل تلك الحياة المتغيرة باستمرار.(المصطفى حدية بن الشيخ ،2006)
وبذلك، يمكن وصف عملية التنشئة الاجتماعية بأنها العملية التي تتشكل فيها معايير الفرد ومهاراته ودوافعه واتجاهاته وسلوكاته ،لكي تتوافق مع تلك التي يعتبرها المجتمع مرغوبة ومستحسنة للحاضر والمستقبل في المجتمع. وهي عملية تهدف إلى دمج الفرد في الجماعة وتكيفه مع أنماط وسلوك وأعراف وتقاليد المجتمع، بشكل تدريجي وتسلسلي.وبهذا تكون التنشئة الاجتماعية عملية ونتيجة للتفاعل داخل المجتمع وتفاعل الأفراد فيما بينهم في إطار مجموعات أو مؤسسات معينة.
كما يمكن اعتبارها نتاج للعمليات التي ينتقل بواسطتها الطفل الفرد الكامل العضوي إلى كائن اجتماعي، علما بأن سيرورة التنشئة الاجتماعية استمرارية تمتد عبر مراحل الحياة لا تبدأ إلا بها ولا تنتهي إلا بانتهائها.وبما أن الفرد لا يعيش بمفرده ،أو بمعزل عن المجتمع،وبما أنه يولد ثم ينمو ويتطور بيولوجيا واجتماعيا،فإن هناك أساليب استكمال اجتماعية وإنسانية الفرد ،وذلك عن طريق أنماط سائدة داخل المجتمع لها طرقها الخاصةفي الاندماج ، مستعملة أنماط خاصة في جعل الفرد يسير وفق المعايير المجتمعية مثل الضغط ،العقاب،الثواب،التعليم …..فماهي خصائص التنشئة الاجتماعية وماهو دور الأسرة والمدرسة في هذه العملية؟ومن هم الفاعلون الأساسيون في إطارهما؟ وهل يكون تدخلهم دائما إيجابيا؟
من أهم خصائص التنشئة الاجتماعية أنها عملية اجتماعية قائمة على التفاعل المتبادل بينها وبين مكونات البناء الاجتماعي،كما أنها عملية نسبية تختلف باختلاف الزمان والمكان، وكذلك باختلاف الطبقات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد ،وما تعكسه كل طبقة من ثقافة فرعية،كما أنها تختلف من بناء اجتماعي واقتصادي لأخر،وتمتاز بأنها عملية مستمرة، حيث أن المشاركة المستمرة في مواقف جديدة تتطلب تنشئة مستمرة يقوم بها الفرد بنفسه ولنفسه حتى يتمكن من مقابلة المتطلبات الجديدة للتفاعل وعملياته التي لا نهاية لها. كما أنها عملية إنسانية واجتماعية حيث يكتسب الفرد من خلالها طبيعته الإنسانية التي لا تولد معه ولكنها تنمو من خلال المواقف عندما يشارك الآخرين تجارب الحياة.فهي تهدف إلى تحويل ذلك الطفل إلى عضو فعال قادر على القيام بأدواره الاجتماعية متمثل للمعايير والقيم والتوجهات.وهناك كثير من الجماعات والمؤسسات التي تلعب دورا رئيسيا في عملية التنشئة كالأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق وأماكن العبادة إضافة إلى النوادي ووسائل الإعلام والوسائط الثقافية المسموعة والمكتوبة والمرئية.كلها وسائط حتمية ومفروضة لعملية التنشئة حيث تتدخل لتؤطر الطفل وتوجه حياته وتشكلها في مراحلها المبكرة وتستمر في هذا الدور طول حياته وعلى الرغم من اختلاف تلك المؤسسات فيأدوارها إلا أنها تشترك جميعها في تشكيل قيم الطفل ومعتقداته وسلوكه بحيث ينحو نحو النمط المرغوب فيه دينيا وخلقيا واجتماعيا.
إن للأسرة تأثير كبير في حياة الطفل خاصة في السنين الأولى من عمره، فهي تمثل عالم الطفل الكلي وتؤثر بدرجة كبيرة على تطوير شخصيته ونموه. ويبدأ هذا التأثير بالاتصال المادي والمعنوي المباشر بين الأم وطفلها، فهي ترعاه وتحن عليه وتشبع حاجاته، كما أن دور الأب والإخوة له تأثير كبير على تنشئته وتطوير شخصيته الاجتماعية. إن شخصية الوالدين وموقع الطفل بالنسبة لإخوته ومركز العائلة الثقافي والاقتصادي وصلات القرابة كلها عوامل أساسية تتدخل في عملية التنشئة، خاصة في السنين الأولى من عمره.فتأثير الأسرة يصيب أبعاد حياة الطفل الجسدية والمعرفية والعاطفية والسلوكية والاجتماعية، مما يجعل تأثيرها حاسما في حياته.كما أن الأسرة تنقل إلى الطفل قيم ومعايير وتحددالمواقف من مختلف القضايا الاجتماعية والمثل العليا، وكذلك مفهوم القانون والمسموح والممنوع ،كل هذا يشكل هوية الطفل وانتماءاته .فالأسرة هي المؤسسة الرئيسية في نقل الميراث الاجتماعي فالمسألة ليست إشباعا لحاجات مادية وإنما هي بناء الشخصية وبناء الانتماء.
وإذا طرأت بعض المتغيرات أو المؤثرات داخل الأسرة أدت إلى التضارب في أداء الأدوار وأثرت بالتالي على عملية التنشئة فتصبح هي الأكثر تضررا لتلك المتغيرات.فالتفكك الأسري أو إنفصال أحد الوالدين أو سلبية العلاقة بينهما أو بين الأبناء والتمييز بين أدوار الذكور والإناث وما ينتج عنه من عدم المساواة ،كل ذلك له تأثير في توجيه السلوك، كما أن الوضع الاقتصادي المتدني للأسرة يؤثر سلبا في إشباع حاجات الطفل.وإن ما تمر به بعض المجتمعات من مشاكل كالحروب والمجاعات وعدم الاستقرار السياسي وتدهورالأوضاع الاقتصادية والكوارث الطبيعية ينعكس سلبا على الخدمات التعليمية والصحية والثقافية وغيرها، كلها معيقات حقيقية في وجه عملية التنشئة، ولنا في عالمنا العربي أمثلة كثيرة على تدني الخدمات المقدمة للأطفال نتيجة للمشاكل السابقة ،فأطفال المخيمات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشمال السودان وجنوبها والدول الأخرى التي تعرف ثوراتالربيع العربي خصوصا التي عجز المجتمع الدولي إيجاد حل فيها، أمثلة صارخة لمعانات حقيقية لشريحة واسعة من أطفال العرب نتيجة لما تمر به مجتمعاتهم من ظروف صعبة.هذا الوضع الذي يتناقض تماما مع مبادئ اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عام 1989 م والتي تضمنت مبادئ كثيرة منها :
§ حماية الطفل بعيدا عن كل اعتبار بسبب الجنس والجنسية أو الدين.
§ مساعدة الطفل مع احترام وحدة الأسرة.
§ أن يكون الطفل في وضع يمكنه من النمو بشكل عادي من الناحية المادية ولمعنوية والروحية.
§ أن يكون الطفل أول من يتلقى المعونة وقت الشدة.
§ أن يستفيد الطفل إستفادة تامة من وسائل الوقاية والأمن الاجتماعية.
وهذه الاتفاقية تكتسي أهمية خاصة لأنها المرة الأولى في تاريخ القانون الدولي تحدد فيها حقوق الطفل ضمن اتفاقية ملزمة للدول التي تصادق عليها ،إذ تجدد الاتفاقية معايير لحماية الأطفال وتوفر إطار عمل لجهود تبدل للدفاع عنهم وتطوير برامج وسياسات تكفل لهم مستقبلا صحيا، ويمكن تصنيف الحقوق الواردة في الاتفاقية إلى أربعة أقسام :حقوق مدنية- حقوق اقتصادية -حقوق اجتماعية وحقوق ثقافية.
كما تعتبر المدرسة المؤسسة التعليمية الرسمية الهامة في المجتمع بعد الأسرة، التي تقوم بوظيفة التربية ، ونقل الثقافة المتطورة، وتوفير الظروف المناسبة، لنمو الطفل جسمياً وعقلياً وانفعالياً واجتماعياً ، وتعلم المزيد من المعايير والأدوار الاجتماعية .فالطفل يخرج من مجتمع الأسرة المتجانس إلى المجتمع الكبير الأقل تجانسا وهو المدرسة .هذا الاتساع في المجال الاجتماعي وتباين الشخصيات التي يتعامل معها الطفل تزيد من تجاربهالاجتماعية وتدعم إحساسه بالحقوق والواجبات وتقدير المسؤولية، وتعلمه آداب التعامل مع الغير.
فالمدرسة تمرر التوجيهات الفكرية والاجتماعية والوجدانية، من خلال المناهج والبرامج الدراسية التي لا تنقل المعرفة فقط، بل تبني شخصية الطفل وتوجهه نحو المجتمع والوطن ،كما تقدم المدرسة إضافة إلى هذا الجهد التعليمي في التنشئة جهد آخر ،من خلال ممارسة السلطة والنظام وأنماط العلاقات في الفصل الدراسي ومع الجهاز التعليمي والرفاق، أي أنها تحدد النماذج المرغوبة للسلوك.وهكذا نلاحظ ان عمليات التربية بين جدران المدرسة تساهم إسهاما مؤثرا في عملية التنشئة الاجتماعية،فهي عبارة عن مجتمع صغير يعيش فيهالتلاميذ حيث يوفقون فيه مابين أنفسهم كأفراد وبين المجتمع الذي يعيشون فيه،وهم في هذا المجتمع الصغير يتدربون على العمل الجماعي وتحمل المسؤولية والمشاركة والامتثال للقانون وإدراك معنى الحق والواجب.فالطفل في المدرسة يأخذ بقدر ما يعطي على عكس المعاملة الأسرية التي تتسم بالتسامح والتساهل والتضحية.لذلك المدرسة تمثل مرحلة مهمة من مراحل الفطام النفسي للطفل، فهي تتعهد القالب الذي صاغه المنزل بالتهذيب والتعديل بواسطة طرق وأساليب وتقنيات تتناسب وخصوصيات وحاجيات الأطفال.
ومن أهم العوامل المدرسية التي تؤثر في التنشئة الاجتماعية للطفل شخصية المدرس فهو الذي يتمثل به الطفل وهو القائد والمساعد والمرشد والميسر لعملية التعليم والتعلم،ومادام كذلك لابد أن يكون المدرس متسلحا بالتكوين المعرفي والفضائل الأخلاقية والاجتماعية ،لأنه يؤثر بشكل كبير في بناء شخصية الطفل معرفيا ووجدانيا وسلوكيا،إضافة إلى تأثير البرامج والمناهج الدراسية والتي يجب أن تستجيب لحاجيات التلاميذ وتحترم خصوصياتهم.
ولكي تنجح المدرسة كمؤسسة تعليمية في تحقيق وظيفتها التربوية والاجتماعية لابد أن ترتكز العملية التعليمية التعلمية على مجموعة من الأسس والمقومات نذكر من بينها :
§ الأهداف التعليمية ويقصد بها الأهداف التي تسعى المدرسة إلى تحقيقها من خلال مجموعة من الأنشطة والممارسات في مدة محددة،علما بأن لكل مرحلة تعليمية أو نوع من التعليم أهدافه التي تتفق مع احتياجات المجتمع من جهة، ومع قدرات المتعلمين وخصوصياتهم ومتطلباتهم من جهة أخرى.
§ احتياجات المتعلم وهي مجموعة من المعارف والمهارات والقدرات والخبرات….. التي يحتاج المتعلم إلى اكتسبها ،كي يصل إلى المستوى التعليمي الذي تتطلبه احتياجات المرحلة التعليمية التي يجتازها.
§ البرامج والمناهج الدراسية وهي مجموع الأنشطة والممارسات الفنية والصحية والغذائية والدينية والاجتماعية والثقافية…… والتي من خلالها يبني المتعلم تعلماته عن طريق التقنيات و الأساليب والطرق التي يعتمدها المدرس وفق ما يتطلبه الوضع والمتعلم.
§ المدرس وهو الشخص المتخصص في إيصال المعلومات والمعارف والخبرات التعليمية للمتعلم وذلك باستخدام وسائل و أساليب فنية تحقق التواصل.
§ الإمكانيات المادية وهي الوسائل المادية لتحقيق فعل التعليم والتعلم من حجرات دراسية وكتب ووسائل تعليمية مساعدة وملاعب دراسية ملائمة إلى أخره.لذلك لابد أن يتطور مفهوم التعليم من مجرد الدرس والتحصيل للحصول على شهادة ،إلى التركيز على بناء شخصية الإنسان من النواحي المعرفية والوجدانية والحسية-الحركية على اعتبار أنه عضو في مجتمع يجب الاهتمام به،حتى يتحقق تكامل متون بين هذه الجوانب.أما إذا اتسم التعليم بتقليدية التدريس وعدم كفاءة المدرسين وتقليدية المناهج وسطحية محتواها،تصبح المعارف غير قابلة للاستثمار الوظيفي،وبذلك تفقد كل مقومات التعليم القائم على التحليلوالاستنتاج والنقد والتفسير والتساؤل،وبذلك تصبح المعلومات مفصولة عن الحياة وقضاياها،ولا تفتح المجال أمام المشاركة في بناء المعرفة النافعة والشخصية الفاعلة والمندمجة في الحياة العملية والمواكبة للمستجدات والتطورات.
وأخيرا ،ليست التنشئة الاجتماعية صراعاً دائماً، بين الفرد والجماعة؛ وإنما عملية أخذ وعطاء بينهما. فالجماعة تسعى إلى تشكيل الفرد، وإكسابه خصائص مجتمعه، وتشريبه ثقافته. وفي الوقت عينه، يسعى الفرد إلى تحقيق الانتماء إلى الجماعة، لكي يشعر بالأمن والانتماء والاحتماء النفسي. فإذا التزم قِيم جماعته ومعاييرها، حقق تكيفاً شخصياً واجتماعياً، ناجحاً. أما إذا خرج عليها، مارست عليه الجماعة ضغوطاً، تردّه إلى الإطار العام، الذي يلائم أهدافها وتركيبها وبناءها وأصول الحياة فيها؛ لكي تحافظ على وحدتهاواستمرارها، وهذا ما يسمى بالضمير الجمعي عند (إميل دوركايم) حيث تمارس الجماعة سياسة الضبط الجماعي ،في إطار منظومة القيم، على الأفراد من أجل إخضاعهم لقيم ومبادئ الجماعة، وكل من يخرج عنها يعتبر خارقا للقانون .لكن تختلف طريقة التأديب والضبط الإجتماعي حسب نوع المؤسسة التي ينتمي إليها الفرد إما بالعقاب أو عن طريق المكافأة وإعادة الإدماج.



المراجع المعتمدة
§ إميل دوركايم : التربية والسوسيولوجيا
§ روبرت بارك :التبلور والتنشئة ،1932
§ حسين رشوان ، 1997 ، ص153
§ عدنان الأمين : التنشئة الاجتماعية وتكوين الطباع المركز الثقافي العربي 2004
§ علي ليلة: الطفل والمجتمع- التنشئة الاجتماعية وأبعاد الانتماء الاجتماعي، المكتبة المصرية للطباعة والنشر والتوزيع، 2006.
§ المصطفى حدية، التنشئة الاجتماعية بالوسط الحضري بالمغرب، ترجمة محمد بن الشيخ، مطبعة Rabat Maroc net ،2006.
§ خليل ميخائيل عوض،علم النفس الاجتماعي، دار النشر المغربية،1982.
§ أحمد عبد العزيز سلامة، عبد السلام عبد الغفار، "علم النفس الاجتماعي"، دار النهضة العربية، القاهرة، ب.ت.
§ جابر عبد الحميد، علاء كفافي، "معجم علم النفس والطب النفسي"، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، الجزء السادس.
§ حامد زهران، "علم النفس الاجتماعي"، عالم الكتب، القاهرة، 1977.
§ حسين عبد العزيز الدريني، "المدخل إلى علم النفس"، دار الفكر العربي، القاهرة، 1983، الطبعة الأولى.
§ سعد عبد الرحمن، "السلوك الإنساني"، مكتبة الفلاح، الكويت.
§ عبد الحليم محمود السيد، "الأسرة وإبداع الأبناء"، دار المعارف، القاهرة، 1980.
§ محي الدين حسين، "مشكلات التفاعل الاجتماعي"، المعونة الأمريكية، مشروع الخدمات الاجتماعية المتكاملة، 1981.
§ إقبال بشير وآخرون ،1997 : ص63






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-27, 02:07 رقم المشاركة : 273
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


نظريات التعلم: نظرية الارتباط لثورندايك


يعرف ثورندايك التعلم بأنه سلسلة من التغيرات في سلوك الإنسان.

المفاهيم الأساسية التي وضعها ثورندايك:

الارتباطية: هو المذهب القائل بأن كل العمليات العقلية تتألف من توظيف الارتباطات الموروثة و المكتسبة بين المواقف و الاستجابات.

و ينظر إلى هذا المذهب بأنه الأساس في نظرية ارتباط المثير و الاستجابة.

الاستجابات: تطلق على أي ردود فعل ظاهرة

الإثارة: و لها معنيان الأول أي عامل خارجي (مثير ما) يتعرض له الحي و الثاني أي تغير داخلي في الكائن الحي نفسه عن طريق أي عامل خارجي.

قانون الاستعداد: هو الأول من قوانين ثورندايك الأولية و هو مبدأ إضافي يعبر عن خصائص الظروف التي تجعل المتعلم يميل إلى أن يكون مشبعا أو متضايقا

قانون المران أو التدريب: هو ثاني قوانين ثورندايك الأولية و ينص على أنه عند حدوث ارتباط قابل للتعديل بين موقف و استجابة تزداد قوة هذا الارتباط. (المران يؤدي إلى الإتقان)

قانون الأثر :هو ثالث قوانين ثورندايك الأولية و ينص على أن أي ارتباط قابل للتعديل بين موقف و استجابة يزداد إذا صاحبته حالة إشباع و يضعف إذا ما صاحبته أو أعقبته حالة ضيق.

قانون نقل الارتباط: إذا ما بقيت الاستجابة ثابتة أثناء حدوث سلسلة من التغيرات في الموقف المثير فان الاستجابة يمكن أن تنقل إلى مثير جديد تماما. ويتغير الموقف المثير بالإضافة أولا ثم بالطرح ثانيا حتى لا يتبقى سوى الموقف الأصلي.

الانتماء: تكتسب الرابطة بسهولة أكبر إذا كانت الاستجابة تنتمي إلى الموقف و يعمل التأثير اللاحق بشكل أفضل إذا ما كان منتميا إلى الرابطة التي يقويها. ويعتمد انتماء الثواب أو العقاب على مدى ملاءمته لإشباع دافع أو حاجة لدى المتعلم.

انتشار الأثر: إن أثر حالة الإثابة لا يقتصر على الرابطة التي ينتمي إليها فحسب بل يمتد إلى الروابط الأخرى التي تسبق تلك الرابطة أو تأتي بعدها. ويقل هذا الأثر كلما زاد البعد بين الرابطة المثابة و غيرها من الروابط.



كانت تقوم طريقة ثورندايك في البحث على المشاهدة و حل المشكلات: كوضع الإنسان أو الحيوان في موقف يتطلب حل مشكلة ما كمحاولة الهرب من مكان يحبس فيه. ومن بين تجاربه الأولى تجربة الإثابة بالحلوى و كان اعتقاده قويا بأن الإثابة هي مفتاح التعلم. ولم يكن ثورندايك يهتم بالبعد الاجتماعي لعلم النفس التربوي.

يرى ثورندايك أن القوانين الثلاث (الاستعداد و التدريب و الأثر) تحكم جميع عمليات التعلم: بالنسبة لقانون الاستعداد فعندما تكون وحدة توصيل ما في حالة استعداد للقيام بهذا التوصيل فإن إنجاز هذا التوصيل يكون مشبعا و عندما تكون وحدة ما غير مستعدة للقيام بهذا التوصيل فإن إنجاز هذا التوصيل يكون مضايقا.

أما قانون المران أو التدريب فهو يشمل قانوني الاستعمال وعدم الاستعمال. وينص قانون الاستعمال على أنه في حالة حدوث رابطة قابلة للتعديل بين موقف واستجابة فإن قوة هذه الرابطة تزداد بافتراض أن العوامل الأخرى ثابتة أما قانون عدم الاستعمال فهو في حالة عدم حدوث رابطة قابلة للتعديل بين موقف و استجابة على مدى فترة زمنية محددة فإن قوة تلك الرابطة تضعف.

أما قانون الأثر فينص على أنه عندما تحدث رابطة قابلة للتعديل بين موقف واستجابة ويصاحب هذه الرابطة أو يتلوها حالات الإشباع فإن هذه الرابطة تتعزز و عندما تصاحب هذه أو تتلوها حالات الضيق فأن قوة هذه الرابطة تتضاءل.



وبالتالي فالروابط التي يحدثها سلوك المتعلم بين الموقف و استجابته تزداد قوة عندما تصاحبها حالة إشباع. ومفهوم حوافز الإثابة أو المكافأة في حالة الإشباع و العقاب في حالة الضيق ليس مفهوما جديدا. ففي عهد ثورندايك ظل المدرسون يستعملون الإثابة و العقاب لسنوات. و أكد ثورندايك أن الأثر الناجم عن الإشباع أو الضيق يتناسب تناسبا طرديا مع شدة كل منهما. لكنه تراجع بعد ذلك عن التأكيد على دور العقاب في التعلم.

ويصنف ثورندايك التعلم في أربعة أنماط وهي : تكوين الرابطة، و تكوين الرابطة مع الأفكار، و التحليل أو التجريد، و التفكير الانتقائي أو الاستدلالي. ويعتبر تكوين الرابطة هو أدنى هذه الأنماط.



وقد أدرك ثورندايك أن المعلم العادي قد يواجه مشكلات جمة إن حاول تطبيق قوانينه داخل الفصل إذ أن ما كان يقصده هو أهمية التعرف على هذه القوانين قبل ممارسة العملية التعليمية التعلمية للإفادة من الاعتبارات التالية : سهولة التعرف على الروابط التي لابد من إحداثها أو تجنبها. و ضرورة التعرف على الحالات التي تبهج التلاميذ أو تضايقهم.كما أنه لابد من تشخيص الأخطاء لمنع تكرار حدوثها. و هناك حاجة دائمة لوضوح الشيء الذي يراد تعليمه و تعلمه حتى يتسنى للتدريب تقوية الارتباطات الصحيحة و التخلص من الارتباطات الخاطئة. و في نفس الوقت فإن بعض الارتباطات الضرورية التي لا يعيها المدرس قد تضعف بسبب عدم الاستعمال.

و يعتبر ثورندايك الأب الروحي لعلم النفس التربوي رغم ما تعرضت له نظريته من انتقادات. إذ أنه كان بمثابة القوة الدافعة لمن جاء بعده من أصحاب النظريات.

الأستاذ الشادلي محمد






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-27, 02:09 رقم المشاركة : 274
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


المدرسة ومسألة التنمية المعرفية.. لا تنمية مجتمعية بدون تنمية معرفية


بما أن المدرسة المعاصرة والحداثية أصبحت تعتبر رافعة استراتيجية في تحقيق نهضة المتجمعات وخصوصا المتخلفة منها أو التي في طريق النمو، فإنه من الطبيعي أن نجد مفهوم التنمية يحتل

مساحات كبيرة في أشكال الخطاب والتدخل لهذه المجتمعات الأخيرة، غير أنه يتم التركيز بشكل كبير على مفهوم التنمية في بعديه الاقتصادي والسياسي، إلى حد ما - وذلك رغم تداول مفهوم التنمية الشاملة، حيث لازال هناك شبه إهمال للأبعاد الثقافية والمعرفية والتربوية والنفسية للتنمية المجتمعية الشاملة. لذا، سنحاول فيما يلي إلقاء بعض الأضواء على أهمية البعد المعرفي، خاصة في تحقيق التنمية المجتمعية المأمولة، وذلك من خلال الوظيفة التربوية والتكوينية للمدرسة كمؤسسة سوسيو- ثقافية، استراتيجية وحاسمة، وذلك من خلال تنمية شخصيةالمتعلم، وخصوصا في أبعادها المعرفية والسوسيو - قيمية، ليكون مؤهلا وفاعلا أساسيا في المشروع التنموي والنهضوي لمجتمعه•

ولمقاربة ما سبق، سنحاول إبراز أهمية وظيفة المدرسة كمؤسسة في تحقيق تنمية الفرد والمجتمع، من خلال بعض النماذج من الخطاب التربوي الإصلاحي الرسمي الجديد، ثم سنتطرق الى إبراز أهمية المدرسة في التنمية المعرفية والذهنية لشخصية المتعلم، عبر التعرف علي بعض البحوث الميدانيةالتي تؤكد ذلك، ثم سنقوم بالتعريف بما يسمى "التربية المعرفية" كتخصص ومقاربة حديثة تستجيب لحاجيات وأهداف التنمية المعرفية للفرد من أجل التنمية المجتمعية الشاملة، خاتمين بذكر المعارف الضرورية لتربية المستقبل، كما أوردها "إدغار موران" (Edgar Morin) نظرا لأهميتها في تحقيق التنمية القيمية والمعرفية (الذهنية) لدى الفرد / المتعلم، ونتائجها التطبيقية المأمولة في التربية المدرسية لتحقيق التنميةالعلائقية بين-إنسانية على المستويات الفردية والمحلية والعالمية:

المدرسة والتنمية في الخطاب التربوي الرسمي :
إن الدينامية الجديدة التي خلقها إصلاح المنظومة التربوية أخيرا، قد خلص نسبيا المدرسة من الخطاب التربوي التقليدي، الذي كان يعطي للمدرسة وبشكل كبير، دورا إيديو- معرفيا ومحافظا... ويرى بأن المدرسة ليس لها أي وظيفة في التنمية والتقدم، حيث أنها مجرد مؤسسة غير منتجة، وشكل عبئا ثقيلا وزائدا على الدولة (ماليا وسياسيا)... فأصبحت المدرسة - مع الخطاب الإصلاحي الحداثي - عاملا أساسيا في تحقيق التنمية البشرية والمتجمعية الشاملة، وذلك من خلال الاعتماد الرسمي لفلسفات ومقاربات اقتصادية وتربوية واجتماعية عقلانية وحداثية وفعالة، ويمكننا أن نلمس هذا من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين، حيث "يروم نظام التربية والتكوين الرقي بالبلاد، الى مستوى امتلاك ناصية العلم والتكنولوجياالمتقدمة، وللإسهام في تطويرها، بما يعزز قدرة المغرب التنافسية، ونموه الاقتصادي والاجتماعي والإنساني، في عهد يطبعه الانفتاح على العالم" كما نجد بأن الاختيارات التربوية الموجهة لمراجعة مناهج التربية والتكوين المغربية (الواردة في الكتاب الأبيض) "تنطلق من العلاقة التفاعلية بين المدرسة والمجتمع، باعتبار المدرسة محركاأساسيا للتقدم الاجتماعي وعاملا من عوامل الإنماء البشري المندمج، ومن إعدادالمتعلم المغربي لتمثل واستيعاب انتاجات الفكر الإنساني في مختلف تمظهراته ومستوياته، ولفهم تحولات الحضارات الإنسانية وتطورها، وإعداد المتعلم المغربي للمساهمة في تحقيق نهضة وطنية اقتصادية وعلمية وتقنية، تستجيب لحاجات المجتمع المغربي وتطلعاته، وكذلك لكي يكون النظام التربوي المغربي في مستوى مواجهة تحديات العصر ولتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية تضمن للفرد الإندماج في المجتمع، وقدرته على التفاعل في النسيج الدولي، كان لزاما عليه تبني فلسفة تربوية تضمن التربيةالمستدامة للفرد والمجتمع، مادامت التربية هي الموجهة والحاسمة في كل نمو وكل تطور، (بيداغوجيا الكفايات، مصوغة تكوينية•••)• ولحقيق أهداف وغايات التنمية المأمولة ،كان لزاما على المدرسة المغربية الجديدة تبني اختيارات تربوية وبيداغوجية حداثيةوحديثة، أثبتت فعاليتها في دول أخرى، وخاصة اعتماد مدخل الكفايات لتحديث وتفعيلا لمنظومة التربوية والتكوينية المغربية، حيث وبعلاقة مع المشروع التنموي المستدام وآمال النهضة المجتمعية الشاملة، تم اعتماد تنمية وتطوير الكفايات التالية :

" كفايات مرتبطة بتنمية الذات: تعمل على تنمية شخصية المتعلم كغاية في ذاته،وكفاعل إيجابي تنتظر منه المساهمة الفعالة في الارتقاء بمجتمعه في كل المجالات.

" كفايات قابلة للاستثمار في التحول الاجتماعي: حيث تجعل نظام التربية والتكوين يستجيب لحاجيات التنمية المجتمعية بكل أبعادها الروحية والفكرية والمادية.

" كفايات قابلة للتصريف في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، والتي تجعل نظام التربية والتكوين يستجيب لحاجيات الإدماج في القطاعات المنتجة ولمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

من خلال هذه النماذج المقترحة، من بعض الأدبيات التربوية الرسمية، يتبين نية السياسة التعليمية (إنما الأعمال بالأفعال) في جعل المدرسة كمؤسسة معرفية وتربوية، رافعة استراتيجية لتحقيق نهضة مجتمعية، وذلك عبر تنمية وتطوير الكفايات المعرفية والقيمية لدى المتعلم المغربي، الذي هو الفاعل الأساسي والمستقبلي في تحقيق رهان التنمية المأمولة.

وبما أن لا تنمية مجتمعية بدون أفراد أكفاء ومؤهلين معرفيا وقيميا ومؤسسيا ، فإنه وكاختيار استراتيجي، لابد من إعطاء الاهتمام والدعم الكافيين للمؤسسة المدرسية على كل المستويات (المادية والمالية والبشرية...) حيث أن المدرسة تلعب دورا حيويا في تقدم المجتمع ، وذلك عبر أدوارها المتميزة في التأهيل المعرفي والتربوي للأفراد، (كما سنرى لاحقا)، فلا تنمية مجتمعية بدون تنمية معرفية لشخصية هؤلاء الأفراد الذين يكونون المحرك الأساسي لأي مجتمع.

المدرسة والتنمية المعرفية لشخصية المتعلم تشكل المقارنة بين الأطفال المتمدرسين وغير المتمدرسين، أبسط وسيلة لتأكيد وإبراز آثار التمدرس على تنمية الكفاءات والسيرورات الذهنية عند الطفل / الفرد، وعلى تطور شخصيته وأشكال تفاعله مع محيطه الاجتماعي، وهذا ماقامت به مجموعة من البحوث، نذكر منها: أعمال فجوتشكي (19 ، وهو أول من ربط النمو المعرفي للطفل بالتمدرس عامة، وبالكتاية والقراءة خاصة، كأدوات اجتماعية وثقافية تطور فكر الطفل، حيث أكد على الدور الايجابي الذي تلعبه اللغة المكتوبة كنظام رمزي مجرد في تكوين السيرورات الذهنية العليا، كما نجد بأن لوريا (1976) قد قاد بعثة من علماء النفس في الثلاثينات الى آسيا الوسطى لدراسة آثار الاصلاحات الاجتماعية والثقافية، وبالضبط التمدرس، على الوظائف الفكرية للسكان، الذين لم تكن أنشطتهم تتجاوز حدود العمل الفلاحي التقليدي المحكوم بمظاهر الامية والعزلة عن باقي العالم•• حيث اكتشفت هذه الدراسة أهمية التأثير الإيجابي للتمدرس على فكر السكان، حيث ان المجموعة المتمدرسة تعاملت بطريقة مجردة مع الاختبارات واستجابت إلى العلاقات التصورية والمنطقية للأشياء. وحسب بروير وروجوف، التمدرس في جل الحالات له تأثير إيجابي جدا على معارف الطفل، يكمن أساسا في تحويل هذه المعارف في طابعها العملي والواقعي المتضمن في السياق الى طابع نظري مجرد ومتحرر من السياق الواقعي.

إن الدراسات السالفة، وغيرها، تقر بأن المدرسة تلعب دورا مهما في الدفع بالطفل إلى ولوج الفكر الصوري المجرد، وتبني وتسرع سيروراته وعملياته الذهنية العليا، وبذلك تلعب (المدرسة) دورا حيويا في الرقي بشخصية الفرد وتنمية ذكائه، مما يؤثر إيجابا على أشكال تفاعله الفعال والناجع مع محيطه الاجتماعي والطبيعي المعقد، بالاضافة إلى أن السيرورات الذهنية العليا لدى الفرد، هي القمينة بإنتاج وإبداع الخبرات النظرية والتكنولوجية والاقتصادية... الجديدة، كما تؤكد ذلك كل الدراسات المتمركزة حول الموارد البشرية في التنمية المستدامة.

وهذا ما جعل الدول المتقدمة أو الطامحة للتقدم تركز بشكل كبير على الكفاءات المعرفية العليا لمواطنيها، لربح رهانات التقدم والمنافسة الدولية الجديدة، حيث أصبح الاقتصاد الجديد، هو "اقتصاد المادة الرمادية"، أي اقتصاد معرفي بالأساس، يعتمد على الكفاءات البشرية لتدبير وصناعة المعارف والمعلومات الابتكارية، التي توظف، بشكل مباشر أو غير مباشر، في النمو الاقتصادي والاجتماعي الشامل، إن هذه المعطيات والرهانات الجديدة جعلت جل الباحثين والمهتمين يركزون على دراسة الموارد البشرية وسبل تنميتها، وخصوصا تنمية كفاءاتها المعرفية والمهارية، بحيث أصبح هناك تخصص جديد يهتم بالتربية المعرفية، لتنمية وتربية القدرات والكفاءات المعرفية / الذهنية لدى الفرد، فلا بأس ان نتعرف، ولو بشكل مقتضب، على ما يسمى بالتربية المعرفية، نظرا لأهميتها في تحقيق التنمية المعرفية للفرد، ولنتائجها التطبيقية الايجابية، سواء في المدرسة أو المجتمع.

- التربية المعرفية

يستعمل لفظ التربية المعرفية للإشارة بصفة عامة الى الانجازات والممارسات المعتمدة في هذا الميدان، رغم أنه عادة ما يتم الحديث عن التربية المعرفية كلما تعلق الامر بتسهيل النمو والاشتغال الذهني لدى الفرد الذي يشكو من نواقص معرفية خاصة، وعن العلاج المعرفي كلما تعلق الامر بإمكانية تصحيح النواقص الناتجة عن العوامل التي عطلت ذلك النمو او الاشتغال الذهني• اما أهدافها، فتحدد في: تربية بنيات المعرفة وتطوير الوظائف الذهنية / الفكرية، ثم تعلم التعلم وتعلم كيفية التفكير، المراهنة على بلوغ الهدف الأول بكيفية مباشرة، دون المرور باكتساب المعارف او الاجراءات الخاصة بتخصص معين ، السعي الى تشكيل الذكاء وتنميته، مع التسليم بإمكانية تربيته• وتوظيفه في تحقيق مستويات جيدة من التعلم والاكتساب• هكذا، نرى، حسب التربية المعرفية، بأن الكفاءات المعرفية والذكاء بصفة عامة، هما معطيان قابلان للتربية والتنمية والاستثمار، وتبقى المدرسة ، هي المؤسسة المؤهلة أكثر من غيرها، للقيام بالدور التربوي المعرفي للأفراد، لتنمية كفاءاتهم وسيروراتهم المعرفية / الذهنية لاستثمارها في المشاريع التنموية الشاملة• وفي الأخير، نود أن نختم هذه المقاربة، بتقديم المعارف الضرورية لتربية المستقبل كما يقترحها إدغارموران، نظرا لأهمية هذه المعارف في التربية على القيم الأخلاقية والابستيمية، هذه القيم التي تعتبر دماء وشرايين أي تنمية إنسانية في كل أبعادها الوطنية والكونية، حيث على المدرسة الحداثية العمل على إدماجها واستثمارها باستمرار داخل برامجها ومناهجها التربوية والتكوينية.

المعارف الضرورية لتربية المستقبل

يحدد إدغار موران هذه المعارف في سبعة مبادىء أساسية:
1 - معرفة الخطأ والوهم، حيث أنه من اللافت للنظر - حسب إدغارموران - أن نلاحظ بأن التربية التي تهدف إلى توصيل المعرفة تظل جاهلة بماهية المعرفة الإنسانية وبآلياتها وحدودها وصعوباتها ونزوعها الطبيعي الى الخطأ والوهم، كما أنها لاتبذل أي مجهود لتعرف بماهية المعرفة:
2 - مبادىء المعرفة الملائمة: هناك قضية حاسمة يتم تجاهلها على الدوام، وتتعلق بضرورة بناء معرفة قادرة على تمثل المشاكل الشمولية والجوهرية، في أفق دمج المعارف الجزئية والمحلية داخلها•• حيث من الضروري تطوير القدرة الطبيعية للفكر البشري على موضعة معارفه داخل إطار وسياق محددين• من الضروري تدريس المناهج التي تسمح بتمثل العلاقات والتفاعلات بين الاجزاء والكل داخل عالم مركب•
3- تعلم الشرط الإنساني: الإنسان هو في الوقت ذاته كائن فيزيائي وبيولوجي ونفسي وثقافي واجتماعي وتاريخي، وهذه الوحدة المركبة للطبيعة الإنسانية هي ما يعبث بها التعليم في مختلف المواد الدراسية• وبفعل هذا التشتت، أصبح من المستحيل تعلم اليوم ما يعنيه الكائن الإنساني... من الملح لكل فرد، أينما كان، أن يعي الطابع المركب لهويته ولهويته المشتركة مع الآخرين. لذلك على التعلم أن يجعل من الشرط الإنساني موضوعه الجوهري...
4 - تعليم الهوية الأرضية: يعتبر المصير الكوكبي البشري الغائب الأكبر عن التعليم، يجب أن تصبح المعرفة بمستجدات العصر الكوكبي (العولمة)، والاعتراف بالهوية الأرضية أحد المواضيع الجوهرية للتعليم...
5 - مواجهة اللايقينيات: يجب تعليم مبادىء الاستراتيجية التي تمكن من مواجهة المحتمل واللامتوقع واللايقيني، حسب المعلومات المحصل عليها أثناء القيام بفعل ما، والعمل على تغيير مسار تطورها. يجب تعلم الإبحار في محيط اللايقينيات عبر أرخبيلات من اليقين ...
6 - تعليم الفهم: يشكل الفهم في الوقت ذاته وسيلة التواصل الإنساني وغايته... إن كوكبنا يتطلب أنواعا من الفهم المتبادل في جميع المستويات وعلى جميع الأصعدة... لقد أصبح التفاهم بين البشر أمرا حيويا لكي تتحرر العلاقات الإنسانية من الوضعية الوحشية التي يتسبب فيها اللاتفاهم...
7 - أخلاق الجنس البشري: يجب ترسيخ الاخلاق في العقول، عبر تعليم الوعي بكون الإنسان هو في الوقت ذاته فرد وجزء من مجتمع وجزء من نوع. إن كل واحد منا يحمل داخله هذا الواقع الثلاثي الأبعاد. من هنا تتضح الغايتان الأخلاقيتان السياسيتان الكبيرتان للألفية الجديدة، أولاهما بناء علاقة المراقبة المتبادلة بين المجتمع والافراد عن طريق الديمقراطية وتحقيق البشرية كجماعة كوكبية. إن هذه المبادىء المعرفية / التربوية السالفة، وكما قلنا، هي مدخل أساسي لبناء وتفعيل المدرسة الحداثية، لجعل المعرفة العلمية والإنسية مساهما استراتيجيا في تحقيق التنمية البشرية الشاملة، في بعديها المحلي والعالمي، حيث لا تنمية حقيقية بدون معارف وقيم علمية وإنسية ومواطنة، فالتنمية الشاملة هي مشروع مجتمعي إنساني مركب، يتداخل فيه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والنفسي والمعرفي. والمحلي والعالمي، وتبقى المدرسة، دائما، هي تلك المؤسسة الاجتماعية المؤهلة لتحقيق التنمية الشاملة عبر إشاعة وإنتاج التنمية المعرفية، التي هي في خدمة تنمية شخصية الفرد والمؤسسات والقطاعات المجتمعية على السواء، بطريقة جدلية وتفاعلية.

محمد الصدوقي/المغرب






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-27, 02:13 رقم المشاركة : 275
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


المعارف النظرية والعلمية والتطبيقية في المجال التربوي- غاستون ميالاريه


ترجمة: نور الدين البودلالي

خلال النصف الثاني من هذا القرن العشرين، تغيرت عقليات المدرسين والتلاميذ والآباء، وتغيرت آمال المجتمع وعلاقات المدرسة بعالم الشغل.

ولم يعد بمقدور المدرسة أن تشتغل بنفس طريقة اشتغالها عند بداية القرن: لذلك أصبح من الضروري ابتكار مرامي جديدة، وأنماط فعل جديدة، وطرق جديدة في التربية دون أن يعني هذا إقصاء منهجيا للأشكال القديمة القابلة للاستعمال... ولا يمكننا اليوم، بأي حال من الأحوال، أن ننكر أو نتجاهل ما يقدمه كل من العلم المعاصر والتطبيقات التربوية والبحث العلمي في المجال التربوي من إسهامات.

مقدمة: الوضعية الخاصة للتربية :

1 - للــ"معارف" في مجال (مجالات) التربية وضعية جد خاصة. إننا إزاء وضعيات لها، على الأقل، أربعة ينابيع معرفية:

المنبع الأول له صلة بشكل التفكير الفلسفي والتاريخي الخاص بالمرامي والأهداف التربوية. منبع ضروري وذو أهمية قصوى، ولهذا يعرف حاليا تجددا ملفتا للنظر ببعض الدول الناطقة باللغة الفرنسية.

بينما يتصل المنبع الثاني بالوضعية الحالية التي تولدت عن وجود مجموع وسائل الاتصال (صحف، مذياع، تلفاز، بنوك المعلومات وغيرها…) وعن وجود المنظمات العالمية الكبرى (اليونسكو على الخصوص)، التي قامت بتجميع ومراكمة عدد هائل من المعلومات المرتبطة بمجموع القضايا التربوية المطروحة على المستوى العالمي. وتشكل إمكانيات الطبع والنشر الحديثة عنصرا جديدا في بناء هذه المعرفة الوثائقية، التي سنعود إليها بالتحليل خلال هذه الدراسة.

أما المعرفة التي تتأسس انطلاقا من الـ"تجربة اليومية" للمربي أو، باصطلاح أكثر علمية (وأكثر حذلقة)، المعرفة ذات طابع النهج العلمي (praxéologique) فتشكل المنبع الثالث المتميز بغناه. لكن، وللأسف، غالبا ما تضيع "تجربة" المدرسين هذه دون الاستفادة منها، لكونها تظل مرتبطة بالشخص دون أن يطلع عليها أحد. وقد عملت الدول الشرقية على تصحيح هذه الوضعية عن طريق خلق الـ"أكاديميات البيداغوجية"، التي من بين مهامها تجميع، وبناء ونشر المعارف المتأتية عن التطبيق العملي للمدرسين.

أخيرا، يتكون المنبع الرابع من معرفة ذات نمط علمي، نتجت عن البحوث الدارسة للوضعيات التربوية وعما قدمته الدراسات من مساهمات علمية في التاريخ، والبيولوجيا، وعلم النفس، والاقتصاد، وعلم الاجتماع والسياسة… وهي مجالات تقدم فرصة إغناء تفسير وشرح الوضعيات التربوية. إن ظهور وتطور البحث العلمي في التربية (أو حول التربية) يشكلان واقعة جديدة في تاريخ التربية، ويطرحان، في صورة جديدة، مسألة العلاقات الكائنة بين كل من المعارف النظرية، والمعارف العلمية والمعارف الخاصة بالفعل، وكذلك مسألة مساهمة كل واحدة منها.

غايتنا إذن أن نكتفي بفحص الخصائص المميزة للأنماط المعرفية الثلاثة الآتية: معرفة النهج العلمي praxéologique، المعرفة العلمية والمعرفة النظرية، قصد دراسة العلاقات التي توجد -أو من المفروض أن توجد- بينها. ليس الغرض إذن جعل هذه المعارف متقابلة ولا ترتيبها حسب أهميتها، وإنما فقط تحليل الوقائع الحالية. سيؤدي بنا هذا، بطبيعة الحال، إلى دراسة حجم استفادة كل نمط معرفي من الآخر، والنظر فيما ستكون عليه التطورات المرجوة على مستوى التطبيق التربوي اليومي وعلى مستوى تكوين المدرسين.

2 - علينا أن نشير أيضا إلى مسألة تعدد معاني كلمة "التربية" تعددا يحيلنا خلال نقاشنا، إلى ميادين و/أو إلى حقائق مختلفة لا تملك نفس النظام. وهكذا أمكننا التمييز بين:

-التربية-المؤسسة،

-التربية-الفعل،التربية-العملية،

-التربية-المحتوى،

-التربية-المنتوج، التربية-النتائج.

من المؤكد أن العلاقات المتواجدة بين المعارف النظرية، والمعارف العلمية والمعارف التطبيقية، بالنسبة لكل ميدان من هذه الميادين، ليست تماما من نفس الطبيعة. وسنقتصر خلال هذه الدراسة على جانب "التربية-الفعل" وحده.

3 - وقبل أن نتقدم أكثر في دراستنا، نشير إلى خصوصية تميز ميدان التربية، حيث لا يمكن أبدا عدم الأخذ بعين الاعتبار ما يسمى بـالـ"مرامي" التربوية. تنتج عن هذه الوضعية علاقات متميزة تجمع بين الـ"فعل" (مناهج، تقنيات)، والـ"نظرية" والـ"بحث العلمي"، ما دامت مرامي نفس الوضعية التربوية قادرة على أن تتنوع بشكل كبير وأن تؤدي إلى مناهج وتقنيات مختلفة.

وعليه فسنحاول خلال هذه الدراسة الإجابة على الأسئلة التالية:

-ما هي مستويات التطبيق، والتربوي منه على الخصوص؟

-كيف تتكون الـ"معرفة التطبيقية" لدى المربي؟

-ما هي مميزات الـ"معرفة العملية" وكيف تنشأ؟

-ما المقصود بالـ"معرفة النظرية" في المجال التربوي؟

-ما هي العلاقات الكائنة بين كل هذه الأشكال المعرفية؟

المعرفة التطبيقية لدى المربي:

1 - مستويات التطبيق:

كلمة "تطبيق" كلمة جد فضفاضة، تستند إلى أشكال ومستويات جد متنوعة من النشاط الإنساني، مما يستدعي تدقيقها وتمحيص ما نسميه بـ"مستويات" التطبيق.

المستوى الأول الذي سندعوه المستوى الـ" إندفاعي" (إحالة إلى المرحلة الـ"إندفاعية" لفالون)، يكون فيه الفعل استجابة فورية إزاء المؤثرات الداخلية أو الخارجية عن المحيط. فعندما لا يستطيع المدرس التحكم فيما يحدث داخل القسم، فإنه "يقوم بأي تصرف" في محاولة منه للتغلب على الوضعيات المواجهة. في حالات قصوى كهذه، يعجز الفرد على تعليل سبب تصرفه أو استجابته بهذه الطريقة؛ فالاستجابة الـ"إندفاعية" نادرا ما تناسب المثير أو تؤدي إلى حدوث خبرة تعلمية.

في المستوى الثاني يكون التطبيق استجابة تلائم إلى حد ما الواقع الخارجي، ومبنيا إلى حد ما على ما سبق تعلمه، إلا أنه يظل منغلقا على نفسه حتى وإن كان فعالا في استجابته لمتطلبات الوضعية. فالفرد ينشغل بالوضعية وبالحاجة إلى الاستجابة إليها، فيشوب سلوكه نوع من النمطية، والتكرارية. لنا مثال عن الحالة القصوى والشبه مرضية في شخصية شارلي شابلن وقد كلف، في سلسلة عمل بالمعمل، بحزق boulonnerالأجزاء التي تمر أمامه (انظر فيلم "الأزمنة الحديثة"). أما على المستوى التعليمي، فلنا مثال في حالة المدرس الذي يلبي متطلبات المؤسسة المدرسية بتدريس نفس المستوى بنفس الطريقة لسنوات عديدة دون أن يحدث أدنى تعديل عليها. قد يحالف بعض النجاح فردا من هذا القبيل لفترة محدودة، دون أن يظهر قدرا من الإبداع. يمكن القول، بلغة متداولة، "إن هذا المدرس ينفذ بأمانة بعض الأوصاف".

أما في المستوى الثالث فليس التطبيق استجابة تلبي متطلبات الوضعية فحسب، بل إنه بالنسبة للفرد، بحث عن الحل -الخلاق بطبيعة الحال- الذي يوافق المشاكل التي تعترضه في واقعه اليومي. إنه، بذلك، مرتبط ارتباطا وثيقا بنوع من النشاط السيكولوجي المكثف من أجل معرفة أو الوقوف على المشاكل المطروحة، وتحليل عناصر الوضعية، والبحث عن حل عوض الاكتفاء بتطبيق الوصفات المعروفة قبل (أو، إن تعلق الأمر بوصفة، القيام بها عن وعي تام وقدرة على تبريرها). من المفروض أن تكون هذه الحالة حالة كل المربين والمكونين داخل أقسامهم وبين مجموعاتهم. فلكل وضعية تربوية مشكلها أو مشاكلها الخاصة، ومن الصعوبة بمكان تخصيص حلول بيداغوجية لكل وضعية تربوية، سواء أكانت هذه الحلول منتظرة أم محددة سلفا: فالبحث المتواصل عن الحلول الأكثر ملاءمة لتجاوز الوضعيات المواجهة هو بالضبط ما يجب على المدرس أو المكون القيام به.

2 - كيف تتشكل المعرفة الإمبريقية؟

سنعيد النظر في مستويات التطبيق، المشار إليها سابقا، من زاوية مغايرة وذلك لمعرفة الطريقة التي تتكون بها "المعرفة الامبريقية" لدى الممارس.

أ - إن الدراسة الممحصة للمسألة تستوجب استحضار كل ما أنجز من دراسات حول "نظريات الفعل" من قبل مختلف الباحثين. سيتطلب الأمر دراسة مطولة جدا، تبدأ بأرسطو، وتمر بكانط وعقلـ (ـه) الخالص، فماركس وتحليلاته لـ"شروط وجود" المجتمعات، فبولندل Blondelو"نظريتـ (ـه) في الفعل"، وصولا، عبر قفزات كبيرة، إلى علماء الاجتماع المعاصرين من أمثال بورديوه ومفهومه في الـ"حس التطبيقي". في الجانب السيكولوجي لن ننسى مدرسة الاتحاد السوفيتي سابقا (فيجوتسكي، ليونتييف، لوريا)، وجون ديوي من العالم الأنكلوساكسوني، ومن العالم الفرانكفوني أسماء مثل جان بياجيه، إيدوارد كلاباريد، وعلى الخصوص هنري فالون في مؤلفه الأساسي: "من الفعل إلى التفكير".

ب - كل الأفعال تولد معرفة، ما عدا الأفعال الإرادية والحركة النمطية (وفيها نقاش). والمدرس يكتسب ما نسميه "تجربة". والتجربة، كما نعرفها، هي: "مجموع المعلومات، والمعارف connaissance، والمواقف التي اكتسبها الفرد خلال حياته عن طريق الملاحظة التلقائية للواقع ولسلوكاته اليومية، والتي تندمج مجتمعة في الشخصية بشكل تدريجي". باصطلاحات عالمة أكثر سيتحدث بيير بورديوه عن "استدخال الماهو خارجي Une intériorisation del'extériorité ". عندها نقول إن المدرس قد اكتسب من الأقسام الابتدائية تجربة قائمة على دراية واسعة بها، وذلك في حالة ما إذا كان قد درس بها سنوات طويلة وطبق نشاطا بيداغوجيا من نمط المستوى الثالث أو الثاني.

ومع التقدم في العمر، تنمو، بشكل طبيعي، هذه التجربة المكتسبة"، وتتنوع بتنوع الوضعيات التي خبرها وعاشها الفرد. تجربة تختلف من فرد لآخر وترتبط بشخصيته: إذ يحتاج البعض لوقت قصير، والبعض الآخر لوقت أطول لتكوين "تجربة" خاصة. وفي كل الحالات تظل هذه التجربة شخصية جدا وصعبة -إن لم نقل مستحيلة- النقل.

تعتمد هذه "التجربة المكتسبة" بالأساس على حدس المدرس و"فطنتـ"ـه، دون أن يكون للإجراءات السيكولوجية أو العلمية الخاصة أي تدخل واضح؛ وبتعبير آخر، غالبا ما تكتسب هذه التجربة بطريقة شبه لا شعورية، ولا تمر إلى الآخرين بشكل تلقائي. فعادة ما يعجز الفرد عن تحليل سبب وكيفية حصوله على هذه الطريقة في الفعل أو تلك الطريقة في التفكير. وعلى الرغم من ذلك تترجم هذه الطريقة في سلوك وعادات الفرد وشخصيته ، لتصبح له طبيعة ثانية. غير أن اكتسابها بطريقة لا شعورية يجعل نقاشها يقل بشكل تدريجي، وتقل بذلك مراقبتها الواعية.

نشير من جهة أخرى إلى أن هذه التجربة تكون إما غنية جدا، وإما جامدة تماما وإما خليطا بينهما. فهي غنية إذا حملت المدرس على التفكير فيما يقوم به، وكانت المواجهة بين رغباته، وبين متطلبات الواقع تؤدي إلى جدل ثاقب يدفع إلى التأمل. وهي جامدة إذا ما اعتقد المدرس، دون تمحيص، أن ما يقوم به فعلا حسن لا يتطلب أي تعديل أو تطوير. في هذه الحالة، يجعل التطبيق الممارس، تدريجيا، يقمع تماما بالمحاولات الأولى، فيحول بينه وبين كل أشكال التأمل وأية محاولة للتحسن. وعليه، فإذا كانت الحالة الأولى تعرف التطور والتحسن انطلاقا من تحليل الإخفاقات، يتم في الحالة الثانية إحالة حالات الفشل -خاصة تلك التي يقع فيها التلاميذ- على عوامل خارجية: اكتظاظ القسم، المستوى العقلي للتلاميذ…. فيصبح المدرس سجين ممارسته التطبيقية. نضيف في النهاية أن المدرسين الذين لهم سلطة داخل القسم، ودأبوا على اعتبار أنهم "على صواب دوما"، ينتهون إلى الميل نحو "الانغلاق دون التجربة imperméable àl'expérience"، حسب تعبير ليفي ستراوس.

ج - التكيف مع الوضعية ومع الأفراد ومع الشروط الآنية خاصية كل فعل يستحق حقا صفة التربوي. إننا لا ننكر أبدا عمل نفس الشيء، والوضعيات التربوية لا تتشابه تشابها مطلقا: إذ الزمن يجري بشكل غير متجانس، فيتغير التلاميذ بفعل التقدم في السن، ويتبدل المدرسون. ولقد أخبرنا هيراقليط، منذ زمن بعيد، أننا: "لا نستحم دوما في نفس النهر". إذ ذاك تبرز، في الحالات المثلى، تغيرات "إمبريقية" على التكيف، تغيرات تقع على العمليات التي كانت تبدو للمربي سليمة، كما تقع على ما يجعله يعتقد في السير الأفضل للأمور. حينما تحدث هذه التغييرات عن وعي، فلن يتردد المدرس عن إعلان نيته في البحث عن أحسن السبل لأداء عمله؛ له الحق في هذا ما دام أن هناك مجهودا لتغيير أو تحسين الفعل التربوي. غير أن اصطلاح الـ"بحث" هنا كما هو واضح ينتمي إلى مجال هذه الـ"بحوث الإمبريقية"، التي تشابه طبيعتها الإبيستيمولوجية طبيعة البحوث العلمية التي سنتناولها بالدرس فيما سيأتي؛ إذ يتحدد الهدف الأساسي من "الـبحث الإمبريقي"، في المقام الأول، في تعديل الفعل الذي يمارسه المدرس على التلاميذ، الأمر الذي لن يخلع عنه أهميته بالنسبة للتطور البيداغوجي، ولا القيمة التي يمثلها بالنسبة للتوازن النفسي ووعي الفرد بذاته. وعلى العموم، فما يكون "تجربة" المدرس، في جزء كبير منها، هي نتائج هذه المحاولات، موفقة كانت أم فاشلة، علما أن لهذه "التجربة" ارتباطا وثيقا بحياة المدرس وفعله والظروف التي يختبرها (تلاميذ، مؤسسات، زملاء…). وفي أفضل الحالات، يعطي الاندماج الأحسن لمجموع الشخصية سمات خاصة يمكن التعرف عليها بسهولة وتجيز الحكم دون قيد بـ"أنه(ـها) مدرس(ـة) مجرب(ـة) أو أن له(ـها) تجربة غنية".

د - من الأهمية بمكان الإحاطة بصيغ تشكل هذه "التجربة"، وذلك لقدرة هذه الأنماط على التمييز بين المدرسين ولتوضيح نوعية العلاقات الممكن قيامها بما سنسميه بـ"التجربة العلمية". وبالفعل يمكننا ملاحظة وجود مستويات لتشكل هذه "التجربة"، والتي سنفصل فيها القول أدناه.

من الممكن، في مقاربة أولية، التمييز بين عمليات تأخذ المدرس إلى ثلاث وجهات جد متباينة من حيث النتائج:

-إلى تجربة جامدة Sclérosante؛

-إلى تجربة مغتنية؛

-إلى تجربة من النمط العلمي.

في الحالة الأولى يكون التكيف مع الوضعيات الجديدة منعدما، حيث تحدث الأشياء تماما كما حدثت أول مرة، دون إمكانية تسجيل أي تغيير وإقصاء كلي للتكيف، فيعيد المدرس فعل ما فعله في السابق دون ملل ولا كلل. إن التجربة المهنية -وأيضا المعيشية بكل تأكيد- محصنة بدرع حجري يتقوى بشكل تدريجي، تتزايد معه استحالة حدوث أي تغير أو تكيف، إراديا كان أم مفروضا. في وضعية قريبة من هذه، وهي قليلة نسبيا، يحدث بعض الأفراد أحيانا بعض التغييرات تنفيذا لرغبة تلبي حاجة مرضية في التجديد، دون أي استفادة من التجربة السابقة في بناء التجربة الجديدة. في هذه الحالة أيضا لا تقوم التجربة الحالية بتعديل أو تقويم للتجربة المكتسبة ولا تؤدي، بالتالي، إلى أي تغيير سيكولوجي لدى الفرد.

أما في الحالة الثانية، وهي الأكثر شيوعا لحسن الحظ، فالوعي بأشكال النجاح والفشل، وبالخصائص المتجددة للوضعيات والشركاء (تلاميذ، زملاء، آباء…) يحمل الفرد على أن يسائل تجربته ويطرحها للنقد باستمرار، وأن يصحح ممارسته وأشكال علاقته بالعالم الخارجي. لا يتعلق الأمر هنا بإجراء من النمط الـ"علمي"، وإنما إجراء من نمط فينومينولوجي يعد عاملا من العوامل الأساسية للإثراء النفسي لدى الفرد. في هذه الحالة، غالبا ما نجد مدرسين لا يقفون عند استثمار تجربتهم الحالية فقط، وإنما يعملون على إغنائها بالاستفادة من تجربة الآخرين، إما عبر القراءة وإما عن طريق مشاركتهم في العمليات البيداغوجية التي تعتبر إمكانية تبادل التجارب الشخصية من بين أهدافها. فالتجربة المكتسبة حسب المعنى الأقرب إلى الاصطلاح، تجربة "مغتنية".

في مستوى أعلى، يمكن لهذا التكيف، وهذه التعديلات أن تحدث تبعا لشروط أكثر موضوعية، متمثلة في الاهتمام بالمراقبة الموضوعية للنتائج، أي بالتقييم (حتى وإن ظل هذا التقييم ذا طابع كيفي). وهكذا يعمل المدرس على ملاحظة وتقييم وقياس النتائج الجديدة التي يسجلها مع تلامذته، ومقارنتها بالنتائج السابقة… فلم يعد يكتفي بذاك الشعور الغامض، أو بالاقتناع القائم تقريبا على الحدس، أو بالانطباع؛ بل أصبح يبحث عن سبل جعل أحكامه أحكاما قائمة على أسس أكثر متانة وموضوعية. ليس ضروريا أن يستعمل المدرس، في حالات كثيرة، الـ"أدوات علمية" متخصصة، وإنما يكتفي باستعمال وسائل المراقبة والتقييم التي تدخل في نطاق عمله، بحيث يمكن القول إنه يشق طريقه نحو "تجربة من النمط العلمي". وهذه الطريقة في تحليل النتائج قد تؤدي، في حالات معينة، إلى نوع من التنسيق بين المدرسين للقيام بمقارنات بين مناهجهم وبين النتائج التي يتوصلون إليها. وهنا أيضا يمكن للقاءات التي تتم خلال العمليات البيداغوجية أن تلعب دورا جد إيجابي. على أن من أهم مميزات هذه الـ"تجربة من النمط العلمي"، إمكانية نقلها إلى الآخرين، نظرا لما تبذله من جهد في شرح وتوضيع معاييرها في الحكم، وفي استعمال وسائل تقييم من الممكن تقديمها، ونقلها، تحليلها ومناقشتها.

لنشر أيضا إلى أن تطبيق المدرس للمستوى الثالث من الممارسة البيداغوجية، سيجعل تلامذته يعتادون موقفا علميا قريبا من موقف الدارس، كما سنرى فيما بعد.

على هذا النحو تتشكل "معرفة المنهج العلمي" هذه، متميزة بذلك عن الـ"معرفة العلمية" التي سنقوم بمعالجتها بعد حين. من الملاحظ أن هذه المعرفة، في مجموعها، غير متجانسة سواء على المستوى الفردي أو على مستوى مجموع هيئة التدريس. فمن الصعب القول، عن فرد واحد إن "تجربتـ"ـه من هذا النمط أو ذاك فحسب، بل من البديهي أن تكون تجربتنا الشخصية مزيجا من الأنماط الثلاثة، التي سبق تقديمها موجزة، مع سيطرة كبيرة نسبيا لنمط على الأنماط المتبقية. هنا يبرز سؤال على جانب كبير من الأهمية، لكنه خارج عن نطاق هذا الفصل: كيف يمكن للتكوين الأصلي، وللتكوين المستمر على الخصوص أن يساهم في تغيير بنية "تجربتـ(نا) الشخصية"، وبأية طريقة؟ إنها مسألة أخرى كما يقال.

حول البحث العلمي في المجال التربوي:

إذا كان البحث العلمي آخر مستجدات العقل البيداغوجي، فلقد أسس "معرفة" ذات طبيعة إبيستيمولوجية مغايرة، الأمر الذي سنعمل على توضيحه الآن:

1 - تختلف أهداف الـ"بحث العلمي" كلية عن أهداف الـ"بحث الإمبريقي". فإذا كان الهدف الأساسي من الـ"بحث الإمبريقي" تقويم الفعل، كما سبق قوله، فالهدف الأساسي من الـ"بحث العلمي" البحث عن "تفسير" و"فهم" (بالمعنى الديكارتي، لا الفينومينولوجي، للإصطلاح) الذي يحدث أثناء الوضعيات التربوية، والبحث ضمنها عن أسباب وكيفيات حدوثها، ثم تحليلها. آثار هذا الفعل سيتم استخراجها من خلال النتائج، مما يعني وجود مدة زمنية، قد تكون طويلة أحيانا، تفصل البحث عن الفعل. وبالفعل فالهدف، كما يقول بويز R. Buyseالباحث التجريبي، هو اكتشاف و/أو البرهنة على القوانين التي تعمل الوضعيات التربوية حسبها (مع أخذ كلمة القانون هنا بالمعنى العام أي إبراز التنظيمات، والعلاقات النوعية والكمية).

2 - خطوات البـ"بحث العملي" مختلفة كثيرا عن خطوات الـ"بحث الإمبريقي". فعلى عكس المربي، يعود الباحث نفسه، بالدرجة الأولى، على تنصيب مسافة تأمل بينه وبين موضوع البحث. أما المدرس فمكانه داخل قسمه، يندمج مع كل ما يقع داخله، ويتفاعل وجدانيا وعلى الأخص، بشكل آني مع ردود أفعال تلامذته. في حين يتعين على الباحث المجرب اتخاذ موقف مغاير: أن يحاول قدر الإمكان أن لا ينصهر بشكل عاطفي في الوضعية، ويحاول عيش التجربة وكأنه خارج الوضعية، مما تتولد عنه صعوبات إبيستيمولوجية وأخلاقية مهنية في المجال التربوي. إنه، إذا صح التعبير، تعارض مشابه للتعارض الموجود بين الحدس البرغسوني والحدس الديكارتي.

3 - قبل البدء في الدراسة، والقيام بالتجربة، يتعين على الباحث البدء بتحليل موضوعي، شامل ودقيق للوضعية بغرض استخراج المتغيرات المحددة لها وجردها جردا شاملا. لا يطالب المدرس بإنجاز هذه الإجراءات خلال "بحثـ (ـه) الإمبريقي"، إذ أنه يكتفي، عموما، بالانطباعات العامة التي تسببها له الوضعية والتلاميذ، ويكتفي في إصدار حكمه على المعطيات الواضحة والخارجية التي تسهل ملاحظتها. أما الباحث العلمي، فغالبا ما يتوجب عليه الشروع، في مرحلة أولى، في إجراء بحث أولي يبرز فيه ويحصي المتغيرات المحددة للوضعية. ولا تصبح التجربة قابلة للتنفيذ إلا حين ينجز هذا العمل ويصبح من الممكن، أثناء بلورة تصميم التجربة، تحديد المتغيرات المستقلة، ومعاينة كيفية تبدل المتغيرات التابعة تحت تأثير عامل التجربة. وعليه فالـ"تجربة الإمبريقية" للمدرس تجربة آنية مباشرة، في حين تحتاج الـ"تجربة العلمية" إلى وقت أطول.

4 - أثناء القيام بدراسة علمية من الضروري تجميع الملاحظات والمعطيات المباشرة المتاحة تجميعا شاملا قدر الإمكان. فالعالم الباحث يعلم حق العلم أن عدد المتغيرات في كل وضعية تربوية، ولو كانت "بسيطة"، يكون جد مرتفع حتى لا نقول لا نهائي؛ وعلى الرغم من أننا لا نعرف بشكل مقنع إن كان التمييز بين المتغيرات الأساسية والمتغيرات الثانوية مناسبا بالفعل، إلا أنه يبقى أمرا ضروريا. أما المدرس فليس له سوى تجميع بعض وجهات النظر: ردود أفعاله وأفعال تلامذته، وأحيانا ردود أفعال الإدارة والآباء. إن تفسير النتائج العلمية المحصل عليها تفسيرا سليما يقتضي الأخذ بعين الاعتبار عددا كبيرا من المتغيرات؛ نسيان واحد أو أكثر من المتغيرات قد يؤدي إلى تغيير كلي في تفسير النتائج، الأمر الذي يسهل تقديم أمثلة عنه.

5 - يضم البحث العلمي، على اختلاف ميادينه، مبدأين أساسيين، هما: مبدأ الشفافية، ومبدأ القابلية النسبية لإعادة التجربة. فمن الضروري أن تكون كل الخطوات التي يقوم بها الدارس واضحة ومقبولة، ما دامت شفافية مجموع هذه الإجراءات هي أولى مميزات كل عمل علمي. بالمقابل ليس بمقدور المدرس دوما تفسير سبب قيامه بهذا الإجراء أو ذاك، لاعتماده على حدسه دون أن يكون قادرا دوما على تبرير وتفسير سبب نهجه تلك الخطوات. أما المبدأ الثاني الصعب، إن لم نقل المستحيل، أعني التحقق بشكل مضبوط ضمن وضعيتنا التربوية، فهو مبدأ قابلية التجربة للإعادة: إذ من الضروري أن تكون التجربة قابلة لأن تكرر حتى تؤكد أو تلغى. نعلم، بالاتفاق مع هيراقليط، أن الشروط لا يمكنها أن تكون دوما متماثلة بشكل دقيق، إلا أن المناهج الحديثة في تحليل النتائج تسمح لنا بإبراز العوامل التفاضلية وأهمية كل واحد منها، مما يمكننا من إيجاد المجموعات المتشابهة نسبيا التي يمكن إجراء التجربة عليها من جديدوضعية المدرس تختلف اختلافا جوهريا: فمن غير الممكن أن يعيد الوضعية التربوية التي عاشها هو وتلامذته بدقة تامة، لكون الفعل التربوي فعلا محددا في الزمن، ولأن كل إعادة تعد، في حقيقة الأمر، وضعية جديدة.

6 - أحيانا يتعذر على المدرس استيعاب مناهج تحليل النتائج المقنعة التي يستعملها الباحث. فإذا أخذنا، مثلا، دراسة إملاء تلاميذ قسم معين، نجد أن المدرس يصحح التمارين، ثم قد يعمد إلى تحليل الأخطاء المرتكبة أو أنماط معينة منها، وتحليل أشكال بسيطة من العلاقات الكائنة بين التلاميذ وبين الأخطاء التي ارتكبوها. إنه عمل طويل لا يمكن أن يشمل جميع التمارين، الواحد بعد الآخر. أما الباحث فباستعماله الوسائل المعلوماتية يمكنه بسهولة كبيرة القيام بنفس العمل، بل ويضيف إليه الارتباطات الإحصائية بغرض إبراز أوجه أسباب الخلل، وبحث العلاقة الممكنة بين الأخطاء المرتكبة وبين عوامل أخرى من قبيل المستوى اللغوي، والمستوى الفكري، والفئة الاجتماعية واللغوية للتلميذ، ودور عامل الجنس، ورتبة الطفل بالنسبة لإخوانه في الأسرة… وهكذا تنضاف إلى النتائج الفردية سلسلة معلومات تسمح بتفسير سليم للأخطاء المرتكبة، وبالتالي، استنتاج ما يمكن أن يفيد، بشكل عام، جانب الفعل التربوي.

7 - بحث الدارس عن التفاسير الممكنة مرحلة أساسية من مراحل البحث: فالنتائج، الكيفية منها والكمية شيء، والدلالة التي يجب إعطاؤها لها شيء آخر. إن النتيجة من حيث هي كذلك فارغة: إذ يجب أن نعيد تحديد موقعها إزاء الوضعية أو الوضعيات التي حصلت ضمنها، وأن تقارن مع نتائج أخرى غيرها لتكون لها دلالة مقبولة ومعترفا بها من قبل جميع الباحثين والممارسين. تتطلب هذه المرحلة كثيرا من روح "الدقة" "de finesse" espritكما قال باسكال، ومعرفة كاملة بالوسط الذي حصلنا فيه على تلك النتائج، مما يجعل التعاون بين المدرسين والباحثين أمرا ضروريا في هذه المرحلة من البحث. سيؤدي بنا هذا إلى التساؤل فيما بعد عن نوعية العلاقة الكائنة، أو التي يمكن أو يجب أن تقوم، بين هذه الـ"معرفة من نمط النهج العلمي" وبين الـ"معرفة من النمط العلمي". بعبارة أخرى. ما هي الجوانب التي يمكن لهذين الشكلين التعاون فيها بشكل ثنائي، وما نوع الإفادة التي يمكن للباحث أن يقدمها للممارس؟

ملاحظات حول الـ"معرفة النظرية" في المجال التربوي:

اصطلاح الـ"نظرية" في المجال التربوي اصطلاح غير واضح بما فيه الكفاية لكونها تنبني على صرح حقائق تنتمي لمستويات تتباين فيما بينها تباينا كليا رغم العلاقات التي تجمعها.

1 - التنظير المؤسساتي، البرامج، التوجيهات الرسمية والتطبيق.

غالبا ما يقارن المربون ممارستهم اليومية بالنصوص الرسمية (التوجيهات الرسمية)، وبالبرامج المقترحة من قبل القانون. فالـ"نظري" هو كل ما يتم اقتراحه، ما يتم فرضه، الشيء الذي يعطي الإحساس بضعف الصلة بين النصوص الوزارية والممارسة اليومية. وكلما ذكر أحد المسؤولين بالتوجيهات الرسمية اعتبره المربي "منظرا".

2 - تشمل المعرفة النظرية مجموع التصورات الفلسفية-التاريخية التي سبق لنا الحديث عنها في بداية هذا الفصل. إنها مجموع ما تراكم من تحاليل فكرية ونظريات وتعاليق، سواء قدمها المربون والفلاسفة، أوقدمها مختصون آخرون ينتمون حاليا لحقل علوم التربية: اقتصاديون، ديموغرافيون، اثنولوجيون، سوسيولوجيون… غير أن فلسفة التربية وتاريخ التربية، على الخصوص، يشكلان معارف نظرية ذات أهمية قصوى، رغم أنهما يبدوان أحيانا بعيدين عن اهتمامات المدرسين العملية داخل القسم، واهتمامات المكونين بالميدان.

3 - تأخذ المعرفة النظرية أيضا شكل إيديولوجيات بيداغوجية وتترجم في مبادئ تيارات تربوية كبرى: ونتيسوري، ديكرولي، كوسيفيه، فرينيه و G.F.E.N… وعلى الرغم من أنها تنادي بمبادئ متقاربة، إن لم نقل مشتركة، وأنها تعترف بما نسميه بالـ"تربية الحديثة"، فإن لكل تيار مذهبه، وخطواته الخاصة، ومناهجه وتقنياته.

4 - تبقى، أخيرا، المعرفة النظرية التي تنحدر عن التطبيق والتي لها صلات قوية بما سميناه بالـ"المعرفة الفعل". ففي حالة تطبيق ممارسة تربوية من المستوى الثالث (انظر قبله)، لا تغتني تجربة المربي بالمعارف فحسب، وإنما يتبلور قبس تفسير نظري للتجربة المكتسبة.

أشكال العلاقات بين التطبيق، والنظرية، والبحث والتكوين:

1 - تتلخص الفكرة العامة التي ننطلق منها في تبيان أن الـ"معرفة الإمبريقية" والـ"معرفة النظرية" والـ"معرفة العلمية" لا يجب أن تكون متقابلة ولا متراتبة: فلكل واحدة منها مبررات وجودها، وأهميتها وضرورتها. لا يجب على أي منها إقصاء الأخريات، ولا أن يكون لها امتياز عليها. لكن هل يتعلق الأمر فقط بتعايش ساكن؟ على العكس من ذلك نعتقد أنه يتعلق بتعاون دينامي، يخدم بالدرجة الأولى مصلحة التلاميذ والمدرسين والباحثين والمجال التربوي. وسنعمل على توضيح هذه الفكرة بشكل موجز، ما دام التحليل الشامل للعلاقات الكائنة بين المجالين تتطلب لوحدها فصلا طويلا جدا.

أ - إن الـ"معرفة الإمبريقية" بالضرورة معرفة متخصصة وموضعية، في حين أن الـ"معرفة العلمية" تطمح لأن تكون معرفة عامة. والحال أن كل تفسير أو فعل، سواء في علوم التربية أو خلال الممارسة التربوية، لا يقبل أن يكون خاصا فقط، أو عاما، فقط. فمن الضروري أن يمتح تكوين فرد ما من ينبوعي الفردانية والكونية. نفس القول يصدق على تفسير نتائج البحث العلمي: إذ عليها أن تهتدي إلى الجانب المتفرد والجانب المشترك مجتمعين لدى الكثير من مجموعات الأفراد؛ غناها يكمن، بالضبط، في هذه الجدلية الدقيقة التي تربط بين هذين النمطين من المعرفة. لذا نعتقد أن هذين النمطين لا يغتنيان داخل حصون نقائهما وقيمتهما وإنما خلال تواجههما.

ب - ومع ذلك، لا بد من التساؤل بدقة كبيرة عما يمكن للبحوث العلمية في المجال التربوي أن تقدمه من مساعدة لتحسين أداء المربي، وبالتالي، لإغناء الـ"معرفة المتعلقة بالتطبيق العملي"؟ أهمية هذه النقطة تكمن في كونها تبرر جزئيا، وجود علوم التربية.

-الوصف الدقيق والموضوعي لما يجري داخل وضعية تربوية، وإمكانية نقل صادق وأمين لما يجري بالفعل كي يراه المدرس (مواقفه، مواقف تلامذته، مجموع العلاقات، اتصالات…) يشكلان واحدا من العناصر الأساسية التي تسمح بتشكل الوعي لدى كل مربي في حالة ما إذا لم يكن يرغب في العمل كالأعمى في الظلمة. ودون إصدار أي حكم قيمة على التصرفات الملاحظة، بمقدور الباحث أن يساعد المدرس على الوعي. بواقع عاشه دون أن يتمكن من ملاحظته بدقة، لكونه عنصرا من عناصر الوضعية النشيطة. ومفعول المرآة (انظر أعمال فالون حول مرحلة "المرآة" في نمو الطفل مثلا) مفعول مفيد دوما لمعرفة الذات. فكل المكونين يعرفون أهمية التسجيلات المنجزة داخل الأقسام وما ينسج حولها من تعاليق من قبل كل من المدرسين والباحثين مجتمعين.

-كما سبقت الإشارة إليه، من الضروري المرور من الوصف البسيط إلى محاولة ملامسة تفسير لما يقع وفهم أسباب الفعل التربوي، ودينامية الوضعية، وبروز التناقضات، والصعوبات أو التسهيلات، وكذا فهم أسباب عدم تحقق الأهداف المتوخاة. هكذا يمكننا، بطبيعة الحال، المساهمة في تحسين أداء المدرس بالانطلاق من نشاطه الخاص. كما يمكن للباحث وللمدرس على حد السواء القيام، من جهة أخرى، بمقارنة الوضعيات مقارنة موضوعية والوصول إلى نوع من التعميم، انطلاقا من التحديد الموضوعي لمتغيرات الوضعية وللمؤشرات المرتبطة بها التي تسمح بوصفها.

-من الانعكاسات المباشرة لهذا الإجراء البحث عن تفسير السلوكات وفق تصور أكثر شمولية والانتهاء إلى منح الوضعية معنى جديدا (مثلا إدخال عناصر تاريخية أو سياسية أو إثنولوجية مرتبطة بالوضعية). من شأن هذا إعادة طرح مشكل المرامي الدقيقة والمحددة ورسم الحدود التي لا تحتاج بعدها إلى تعديل. فالتعارض بين ما يخططه المربي من مشاريع، وبين تحقيق فعله التربوي المتوخى، وبين ما يحققه التلميذ من نتائج، قد يبيح التساؤل من جديد حول بعض المرامي والأهداف المرجوة سواء من طرف المعلم، أو من طرف التعليمات الرسمية.

-الوصف الموضوعي الذي يرافق البحث عن الدلائل والمؤثرات المناسبة التي تسمح بهذا الوصف، والاهتمام بتقديم تفسير موضوعي يشكلان عونا واضحا ومثمرا لتقييم الوضعية التربوية بشكل أكثر دقة. فعلاوة على ما يعرفه التقييم من مشاكل في الوقت الحاضر، يعتبر التقييم "الإجمالي" القديم متجاوزا بشكل كبير، ومن الضروري البحث عن أشكال جديدة لكل تقييم يتغيى الموضوعية والسداد.

-بحوث من هذا القبيل تعتبر ضرورية خاصة إذا تعلق الأمر بمسألة نقل المعرفة البيداغوجية، ومن ثمة، بمشكلة تكوين المدرسين. ففي الوقت الراهن لا يمكن أن ينحصر تكوين المدرسين على الخطب الفضفاضة حول الوظيفة التربوية أو على تقديم المناهج والتقنيات والإجراءات المتعامل بها. إذا أردنا أن يكون مربي الغد، بالفعل، فردا قادرا على أن يفكر في عمله وفق طرحات جديدة، فمن الضروري تعويده على تحليل الفعل الذي يقوم به بغرض تجاوزه بشكل مستمر، والسماح له بإيجاد حلول تتجدد بتجدد المشاكل التي تعترضه -وستعترضه مستقبلا-

2 - من الممكن معالجة المسألة بشكل آخر، وذلك انطلاقا من التمييز بين مستويات التطبيق المشار إليها سابقا.

أ - واضح أن نشاطا من النمط الأول لن يجد له امتدادا في أي من المستويات الثلاث التي نريد تقصيها. فالنشاط لا يخضع لأية سلطة ولا يسمح بأية عودة إليه. استخدام النشاط الفكري منعدم، والتجربة الشخصية للفرد لا تغتني، ولا تضيف أية خبرة. وبين الفعل السابق والفعل اللاحق يتقدم الفرد في السن دون أن يغني تجربته.

ب - تتغير الوضعية تماما حالما يتعلق الأمر بالنمط الثاني من النشاط. فالفرد يستجيب لمؤثرات الوسط عبر سلسلة من الأفعال والسلوكات والممارسات المكتسبة دون الذهاب بعيدا في البحث عن حل للمشاكل التي تعترضه. إنه فرد مهووس بالتنفيذ الآلي اليومي، وتفكيره موجه كلية إلى ما يقوم به من فعل، وإلى تحسين فعله التربوي حتى وإن لم يكن، في الحالات القصوى، ذا علاقة بالتكيف مع الوضعيات الحقيقية.

-يظل البحث محصورا في مدار الفعل المباشر، فيطبق الفرد، في أحسن الحالات، ما قدم له من وصفات بشكل رائع، لكنه خال من كل أصالة وإبداع.

-يكتسب الفرد شكلا من الممارسة المتكررة، فلا تراوح خبرته منها مكانها، بعد وقت قصير، ستصبح هذه الممارسة ذاتها جزءا من شخصية الفرد، لدرجة اعتبارها معرفة صلبة ويقينية. إنها حالة المدرسين الذين بعد تقديمهم نفس الدروس لسنوات عديدة -مع تفاوت في الدقة- يعتبرون أنهم قد اكتسبوا معرفة واسعة بمواضيع هذه الدروس، والتي لا تماثلها في القيمة أية معرفة نظرية أخرى. إنهم لا يقبلون بتاتا أن يفكر الآخرون عكس ما يتقنونه من معرفة، لأنهم متأكدون أنهم على حق "بناء على تجربتهم". لكل منا معرفة بأساتذة شيوخ يتبجحون بترديد: "عندما تصبح لكم تجربة هذه السنوات العديدة مثلي…"، قولة تصبح حاجزا منيعا أمام كل تطور. يماثله في هذا الإسكافي الذي لا يتقن سوى صنع نوع واحد من الأحذية، دون القدرة على تعديل التصاميم الأولية حتى تساير أشكالا أخرى وأنماطا جديدة؟ وهكذا يصبح الاهتمام متزايدا، بالفعل، بالإجراء عوض المنهج وبالتنفيذ المباشر عوض الرؤية الشاملة وبناء الفعل. فإذا كان المعلم يصحح الأخطاء الإملائية التي يرتكبها التلاميذ، فإنه لا يفكر في طرق تجنب الوقوع فيها من جديد؛ يصحح الأخطاء دون تطبيق أي بيداغوجية ذكية وفعالة في درس الإملاء.

-بإمكاننا أن نضع اليد على ما ينتج عن أي موقف من المواقف من عواقب، سواء تعلق الأمر بالراشدين أم بالأطفال. ففي مستوى أعلى، يرتكز التكوين المهني للمدرسين على تلقين الطلبة-المعلمين وصفات جاهزة وطرق للاشتغال، وكأن النظام التربوي يعيد إنتاج وضعيات لا تتغير لا في المكان ولا في الزمان. فيتحول التكوين البيداغوجي إلى مجموعة "طرق العمل". ويصبح للطلبة-المعلمين قدوة يتشبهون به متمثلا في نموذج "أحسن معلم". أما في مستوى أقل، فيتعرض تكوين التلاميذ لخطر بيداغوجية الوصفات الجاهزة، التي تحول دون تحفيزهم على التفكير، وعلى جعلهم يبحثون بأنفسهم عن سبل حل المشاكل: إنها تحمل معها حلا جاهزا للمشاكل، وهو الميدان المفضل لـ"بيداغوجية التماثل la pédagogie de laconvergence"، حيث إننا إزاء بيداغوجية مستوحاة من بيداغوجية هوكسلي A. Huxleyالقائلة "بالأفضل بين الأقران".

-لا بد من الاعتراف بأن الأوساط المعنية (البيداغوجية والمهنية) لا تتخذ دائما موقفا نقديا تجاه بيداغوجية من هذا القبيل. فتلك الأوساط، ولتمجيدها لـ"التكوين التطبيقي" ترى أن لهذه البيداغوجية الفضل في عدم تعويد التلاميذ والعمال التفكير والتبصر، ومن ثمة طرح الأسئلة. فتكون سعادة المشغلين عارمة إذا اكتفى العمال بالامتثال لما أمروا به، وبتشغيل الآلات التي يعملون عليها تشغيلا سليما‍‍‍‍‍‍‍! إذ الممارسة العملية هي الأهم دون سواها. كم ستكون الحياة العملية سعيدة وهي خالية من طلبات العمال! تحليلنا قد يأخذ هنا، أبعادا اجتماعية-سياسية، لذا نكتفي بهذه الإشارة، مذكرين أن التطبيق العملي لا يتطور في الفراغ وإنما ضمن فضاء إنساني، وتاريخي، واجتماعي، وسياسي يصبغ عليه معناه الكلي.

ج - مسألة العلاقات الكائنة بين التطبيق والنظرية والبحث ستأخذ أبعادها الحقيقية مع الممارسة العملية التي سبق لنا اعتبارها من النمط الثالث. التطبيق هنا لا ينفصل عن التفكير والبحث عن الحلول، وعن التدخل المكثف للنشاط النفسي. كل موقف يبدو وكأنه مشكل يتطلب حلا، مشكل يستوجب حلا يناسبه. إن التطبيق ليس استعمالا آليا ممنهجا للوصفات الجاهزة، بل إنه الاحتفاظ بالذهن في حالة تيقظ مستمر، مما يجعل التطبيق يقترن بالتفكير اقتران الروح بالجسد. وعليه، فالقيام بفعل قصدي هو، قبل كل شيء، إبراز المشكل والعمل على إيجاد الحل المناسب له؛ أما إبراز المشكل فهو تحديده، وتحليل مكوناته المختلفة وأوجهه المتعددة، وتحليل علاقاته بالسياق العام (المحيط). أما العمل على إيجاد الحل المناسب للمشكل فالمقصود منه الاستعمال الأصيل والغير النمطي لخطاطات الفعل المتوفرة قبلا أو المكتسبة خلال تكوين ما، كما يقصد به، بطبيعة الحال، البحث عن خطاطات فعل أخرى الغرض منها الوصول إلى الحل السليم. من الضروري أن تصاحب هذه العملية رؤية نقدية تجعل من كل مرحلة من مراحل حل المشكل وقفة لتقييم مدى ملاءمة الحل المبتكر وفعالية نتائجه. لتوضيح قولنا هذا نقدم، فيما يلي، تعليقا وتفسيرا.

"اكتشاف المشكل"-الواقع أن الخطوة الأولى لكل تطبيق ذكي هي معرفة طبيعة المشكل المطروح ولماذا طرح. لنضرب مثالا على هذا بجماعة القسم أو جماعة المتكونين، حيث يلاحظ الأستاذ أو المنشط أو المكون، وقد شرع في نشاطه التربوي، أن هناك نوعا من الاعتراض (المقاومة) من قبل المجموعة الجالسة أمامه والتي يطمح في مشاركتها. إذا كان المدرس ينتمي لفئة المستوى 2، الذي سبق لنا التعرف عليه، فسيطبق وصفته الجاهزة مثيرا بذلك معارضة أكبر أو إهمالا كبيرا من قبل المستقبلين، وذلك نتيجة عدم وعيه باختلاف الوضعية الحالية عن الوضعيات السابقة التي خبرها من قبل. أما المدرس أو المنشط المنتمي لفئة المستوى 3، فسيدرك منذ البداية أن هناك وضعية مختلفة عن التي كان يتوقع، وسيتساءل عن السبب في هذا الاختلاف، فيعمل على تحليل المتغيرات المحددة للوضعية لمعرفة أيها يسبب الصعوبة، أو الصعوبات المواجهة حاليا. هذا أمر يتطلب من المدرس أو المكون أن تكون له دراية مسبقة بتحليل الوضعيات التربوية (Mialaret, 1991) مما يعني اكتسابه، من خلال التكوين، للعناصر الأساسية للنظرية البيداغوجية وللبحث في المجال التربوي. انطلاقا من مستوى التكوين هذا يجب (بل وجب) أن يعمل التطبيق، والنظرية والبحث بطريقة متساوية، وعلى قدم وساق.

"البحث عن الحلول" - يتعلق الأمر هنا، سواء بالنسبة للأستاذ أو المكون أو المنشط، بالبحث عن الحلول الملائمة للمشكل الذي تطرحه الوضعية. الحل ليس آنيا ولا آليا (كما سيكون عليه الحال إذا ما تموقعنا في المستوى 2 الذي عرفناه قبلا). إن خطاطات الفعل التي اكتسبها الفاعل من قبل، تستعمل كما هي أو تستعمل في نطاق لم تخلق له أصلا، مما يستدعي، أحيانا، ابتكار تقنيات فعل جديدة. في هذه اللحظة بالذات، يصبح من الضروري أن يتصف الممارس أو الباحث بسمة أساسية ألا وهي: المخيال المبدع. لا علاقة لهذا الأخير بالمخيلة la folle du logisالتي يتخوف منها البعض، لكون ديناميته تدخل ضمن الإطار النظري الذي يعتمد عليه الفاعل التربوي: فهو لا يؤدي إلى فعل غير مراقب (حالة المستوى1) ولا إلى سلسلة أفعال مقولبة Stéréotypéesشبيهة بـ"المفتاح العمومي" (حالة المستوى 2). المخيال المبدع يؤدي بالفاعل التربوي، على العكس من ذلك، إلى تمثل صيغة الفعل تمثلا جيدا، وتحديد طبيعته ووظائفه التحديد الدقيق: إذ تتم، بالفعل، مرافقته بتفكير ذي طابع نظري حول مدى ملاءمة صيغة الفعل المتبنى للوضعية. وعليه تصبح ضرورة التنسيق ما بين معطيات الوضعية، والإحالات النظرية، وصيغ الفعل الجديدة المختارة، أمرا أساسيا عند البحث عن حل يلائم الوضعية.

ليس البحث عن هذا الحل من اختصاص المدرس أو المكون فقط، فقد سبق أن نبهنا إلى أن فعلنا لا يأتي من فراغ، بل إنه في تفاعل مستمر مع الوسط المحيط، الإنساني منه والجغرافي والمادي. إننا هنا أمام واحدة من أهم خصائص الفعل التربوي الناجح: ضرورة إشراك المعنيين بالفعل التربوي في تكوينهم الخاص. فما دام الفعل الذي يود المربي القيام به فعلا منظما يستشرف التأثير إيجابيا على المربى، فلقد أصبح حريا على هذا الأخير، حاليا، أن يكون "المربي لنفسه" le "s'éduquant ". كل هذا يدخل في إطار ما أكد عليه كانط من تقليد كبير مؤداه أن الإنسان هو الذي يؤسس معرفته وأنها ليست انعكاسا بسيطا للأفكار الأبدية؛ موقف سيقول به كذلك جان بياجيه في إطار نظريته البنائية، كما سيقول به أصحاب التيارات التربوية الحديثة ( وفي هذا الصدد تظل صياغة فريق G.F.E.Nالقائمة على "الإنبناء الذاتي – الاجتماعي للمعرفة" متميزة). إن إشراك التلاميذ أو الراشدين في البحث عن حل للوضعيات فعل تربوي من مستوى عال جدا (فعل تنكره البيداغوجية التقليدية التي تفرض الطريق الذي على الجميع تتبعه). وعليه فالبحث عن الحلول مسؤولية الجميع، والمربي مطالب بجعل هذه المرحلة من التكوين عنصرا من مشروع فعله التربوي. البحث عن الحلول وإيجادها تشكل معرفة جديدة تنضاف للفاعل التربوي (مدرسا كان، أم مكونا أن منشطا)، وعنصرا من عناصر تعلمه و "تجربتـ (ـه) المعيشة"؛ وتبعا للمبدإ الذي تعرفنا عليه سابقا، فالمعرفة الجديدة المكتسبة أحسن وأفضل نظرا لمشاركة الفرد في بلورتها وإدماجها المباشر في ممارسته العملية. إن التجربة المكتسبة ليست إذن تجربة معززة للخطاطات المكتسبة والمستعملة قبلا (حالة المستوى الثاني)، بل إنها معرفة مغتنية ومبتكرة، لا تسجن المعني في سلوكات سابقة، وإنما تجعل منه فردا منفتحا على كل الوضعيات المستقبلية، وتنمي لديه موقفا إيجابيا من التغيير يعتبره العديد من الفلاسفة والبيداغوجيين موقفا ضروريا من أجل العيش في الحضارة المعاصرة والتكيف مع العالم الحديث (Mialaret, 1991). ألسنا أمام واحد من المرامي الأساسية للتربية الحديثة؟







    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعة , التعليم , تربوية , بنساء , ثقافية , خلق , خاصة , ورجال


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 23:27 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd