ذات يوم والناس نيام
جال فكري في حال الأنام
والتأمل من شيم الكرام...
فرددت التاريخ إلى الوراء، وأغمضت عيني، فانتقلت إلى زمن ما قبل الإسلام
...الجو مكفهر مخيف !!!!!!
أه !! ما هذه الوحوش التي تأكل بعضها البعض
أيحكمهم قانون الغاب؟؟؟؟
ما بال هؤلاء؟
مررت وسط قبيلة فوجدتها خالية إلا من الصبيان الذكور فقط !!
أما البنيات فقد حكم الجهل عليهن بالعيش تحت الرمضاء
فقلت لصبي بلغة بسيطة: أين قومك وعشيرتك؟
أين رجال هاته البلدة؟
فرد علي بلغة عانيت الكثير لأفهمها قال:
لقد افرنقعت الجموع، وصالت وجالت لتمريغ الأنوف في التراب، ولرد الكيد في النحر، فإما أن ترفع الرؤوس وإما أن يبل الخد بالدمع .
فانصرفت خارج البلدة
وإذا بغبار يعلوا السماء
وإذ بأصوات الخيل تنادي...
والقوم بين الكر والفر
فابتعدت قليلا..
ثم انصرفت خائفا وجلا لأزور قبيلة عربية عريقة
يقال لها قريش
فوجدت القوم في جهل وظلام دامس
ومن أعجب ما رأيت أن الرجل الواحد يتزوج العشرة نساء وإن ولد لإحداهن ولد تلحقه بمن شاءت
ومن العجب أيضا والعجائب جمة أن القوم شديدوا الحمية والعصبية، يتقاتلون لأتفه الأشياء ويتناحرون
.... في هذه اللحظة وأنا أتجول في هذا العالم الغريب أيقظني صوت الوالد....
وهو ينادي علي؟؟؟
قم يا ولدي أحضر قنينة زيت من صاحب الدكان
لبيت الطلب مسرعا ورجعت لأتم ما بدأت
لكن هذه المرة ـ مستيقظا ـ أبحث في كتب خزانتي عن مآل هؤلاء القوم ومصيرهم
فرأيت ما يشفي الغليل ويبشر المومنين الصادقين
فمن الغريب أنه نشأ بين هؤلاء شاب اتصف بالأمين
كنيته أبو القاسم
عرف بالصدق والفضيلة
أبت نفسه كل ما كان عليه قومه من خمر وفواحش
أحب العزلة فاتخذ لذلك مكانا في جبل يسمى غار حراء
مضت الأيام وبلغ الأمين سن الأربعين
فجاء الوحي من السماء
"اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق"
فالعلم نور ولن يزيل ظلمة القوم إلا العلم
فلبى داعي ربه
وقام بالعزم والحزم
وعانى وابتلي وصبر
فأظهره الله على قومه
وفتح الله به القلوب الغلف والأذان الصم
فوضع الأساس: توحيد الخالق وإفراده بالعبادة
والاتصاف بمكارم الأخلاق
ثم أقام صرح الأمة وأتم البنيان بالأحكام العملية والتكاليف التشريفية
فكان بحق
القائد
والإمام
والقدوة
والأسوة
وفي ثلاث وعشرين سنة
ترك لنا الدستور والقانون الرباني
الذي من سلك طريقه نجى ومن ابتعد عنه شقي كل الشقاء
" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا"
والسلام عليكم ورحمة الله