الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات الــــتــــربـــــويــــة الــــعــــــامــــة > منتدى الأنشطة التربوية > التعبير الجسدي و المسرح


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2009-10-31, 19:07 رقم المشاركة : 1
أشرف كانسي
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أشرف كانسي

 

إحصائية العضو








أشرف كانسي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام المرتبة الاولى لصناعة النجاح عن ورشة التفوق ه

وسام المراقب المتميز

الوسام الذهبي

شيطان بذاكرة ملاك



مـــــســــرحــــــيَّـــــــة -




جواد الشوفي



الــمــشــهــد الأول

( حديقة عامة . . . في الرُّكن الذي على يسار الجمهور هناك مقعد تحت شجرة كبيرة ، والمقعد يواجه الجمهور مع انحراف 45 درجة نحو خشبة المسرح ، وهناك شخص يجلس على المقعد ، ويغطي وجهه بجريدة يقوم بقراءتها ، ويخاطب جمهور الصَّالة بصوت فيه الكثير من التـَّعبيريَّة ) :
الشَّيطان : أنتم لا تعرفونني ، لكنكم تسمعون عني وتستشهدون بي دون أن تروني ، أما أنا فأعرفكم جميعاً . . . تتناقلون القصص والأساطير والمواعظ التي حيكت حولي دون أن تتساءلوا أو تبحثوا عن حقيقتي . . طبيعتي أشرف من طبيعتكم ، لكنني أوصَف بأقذع الصِّفات التي تجود بها مخيِّلتكم البشريَّة . . . لو خُيِّرت لما اخترت إلا أن أكونَ أنا . . . وأنا أنا . . . ( هنا يغيِّر نبرة صوته قليلاً لتعبِّر عن حكاية ) وُجـِدتُ قبلـَكم ، ورافقتـُكم عبر مسيرة تاريخكم الذي لم يُرضِني يوماً . . . كنتم رهان حياتي . . . الرِّهان الذي كسبته حتى الآن ، وسوف أنهيه لصالحي ، لا لشيء إلا لأنني أعرفكم أكثر من أنفسكم ، لم يخلقني الله من نور ٍ كباقي الملائكة ، ولا من طين غثٍّ مثلكم ، بل خلقني من نار مما جعلني في مرتبة وسطى بين الملائكة من جهة ، والبشر والجن من ناحية ثانية . . . هناك الكثير من الملائكة ممن سمعتم وقرأتم عنهم في الكتب ، وهناك الكثير من الإنس والجن ، لكن هناك من لا يشبهه أحدٌ من خلق الله . . . ذاكَ أنا ( ينزل الجريدة عن وجهه فيظهر وجهه مع ملامح بشريَّة عادية ) . . . توقَّعتم أن أكون ضخم الجثـَّة ، بوجهٍ أسود ، وأذنين كأذني الوطواط ، وجناحين ممتدَّين . . . . لا ضير عليكم فأنتم لا تبنون أفكاركم وقناعاتكم من تجاربكم وبحثكم ، بل تأخذونها عن التاريخ ، وعن المنقول من الكلام والحكايا ، وفي السَّنوات الأخيرة أصبحتم تأخذونها من السِّينما والتلفزيون ، والرُّسوم المتحرِّكة . . . بذمَّتكم من قرأ منكم كتاباً في الفترة الأخيرة ؟ وإذا كان أحدكم قد قرأ كتاباً فهل أكمله ؟ ، وإذا كان قد أكمله فهل ما زال يحتفظ بشيء منه في مخيِّلته ؟ ( . . يجيب بيقين ، ويهزُّ رأسه ذات اليمين وذات اليسار ) لا أعتقد . . . . أنا أبدو مثلكم لكنني لا أشبهكم وأنا وإيّاكم في تحدٍّ منذ قال لها : كوني . . فكانت ( يضع الجريدة جانباً على المقعد ، ويقف بمواجهة الجمهور ) أنا ألبـسُ مثلكم في هذا الزَّمن الذي أضاع ملامحه . . ( يشير إلى قميصه ) . . القميص من بينيتون ، ( يمسك جيب بنطاله ) والبنطال من فيرساتشي ( ويضع سبابة يده اليمنى على صدغه الأيمن ) لكن هذا لم يتغيَّر . . . ولن يتغيَّر . . وأنا معكم حتى آخر وهمكم بإنسانيَّتكم ، معكم حتى تثبت براءتي من اتهاماتكم لي أنني دائماً وراء فشلِكم وإحباطاتِكم ، ضعفِكم أمام الإغراءات وكفركم ، حتى تثبت براءتي من اتهامكم لي أنني سبب انحرافكم وخطاياكم . . . . . . . .
ومن فمكم أدينكم يا من وهبكم الله العقل والإرادة والمحاكمة ، يا من لا تحتملون الاعتراف بخطاياكم ، وبأن قناعكم البشري يخفي تحت جلده كلَّ شيء ، وكلَّ صفةٍ إلا الإنسانيَّة ، يا من دائماً تحتجُّون بي عند مخالفتكم لقواعد الدِّين والأخلاق والقانون . . . . قال أحدكُم : خلق الله الإنسان على صورته حين أراد أن يخرج من ذاته ، وأنا أضيف : أما الإنسان فأراد معرفة الله فدخل في ذاته . . . ( يتمشى قليلاً فوق خشبة المسرح . . وفي هذه اللحظة تتدحرج كرة إلى منتصف خشبة المسرح ، ويجري خلفها طفل . . يلتقط الشَّيطان الكرة ويعطيها للطفل . . . يضع الشَّيطان يده على رأسه ويمسح على شعره ، ويكمل حديثه ) : أنا أظهِر نفسي وأخفيها كما أشاء ، فقد أكون موجوداً ولا يشاهدني أحد منكم ، وقد أكون غائباً ، وتدَّعون حضوري . . . . . . الأطفال أنقاكم لأنهم يتعاملون بفطرتهم ، ولم يفسَدوا بعد ، ولأنهم لا يستغلون معرفتهم وتجاربهم ، لأنهم وببساطة لم يمتلكوها بعد ( يدخل في هذه الأثناء طفل أخر يحمل بيده نقـِّيفة ، وينظر هنا وهناك باحثاً عن عصافير) ورغم ذلك تـسـمُّونهم شياطين إذا ما تحرَّكوا كثيراً ، أو أصدروا ضجَّة ً ، أو كـسـروا شـيئاً . .
( في هذه اللحظة يسدِّد الطفل حصوة إلى رأس الشَّيطان ، فيضع يده على مؤخرة رأسه متألماً ، فيلتفت بسرعة إلى الطفل ويكشر عن أسنانه ، ويرفع يديه وأظافره بوجهه ، ثمَّ يتذكَّر نفسه ، فيهدأ ويعود إلى سابق حالته ، وينزل يديه ، ويخاطب الجمهور ) :
أنا أكره الحصى . . . منذ لقَمَني إبراهيم بالجمرات . . . . وأنا في كلِّ عام أقذف بالمليارات من الجمرات . . . . . على كلِّ لن أدخل في هذه التفاصيل حتى تجيزَني الرَّقابة ، فأنا أيضاً عليم بأساليبكم لمنع الرأي الآخر ، وإن كان حلمكم على أربعة أو خمسة أشخاص ممن تتعاملون معهم ، فإن حلمي يعادل مجموع حلم وصبر كلِّ البشر ، لأنني أتحمَّلكم جميعاً . . .
( يأخذ الطفل كرَته ويخرج مع الطفل الأخر ) .
الأطفال صفحات بيضاء ، وأنتم تملؤون سـطورها بما سوف يحكم مستقبلهم ، أنتم تكتبون لا أنا ، أنتم تربُّون لا أنا . . . ومن هنا البداية يا من تكتبون ( يدخل طفل آخر يحمل لعبة رشّاش ، ويصدر صوتاً يقلِّد به صوت الرَّصاص . . . فيتابع الشَّيطان كلامه ) :
أنتم وأطفالكم تشاهدون التلفزيون ، ولا تشاهدونني ، ولا أمتلك محطة فضائيَّة واحدة ، ولا أنتج ولا أخرج ولا أمثـِّل . . هي صناعة بشريَّة بامتياز ، ثقافتكم هي زرع أيديكم ، وسلوككم وتصرُّفاتكم نتاج هذه الثقافة . . . أنا لا أصنع الحروب والمجاعات والكوارث ، ولا آكل البشر رغم أنني من نار ، والنَّار تأكل كلَّ شيء ، وأقول لكم صراحة إنَّ أكثر ما أكرهُه هو رائحة احتراق أجسادكم .
( يسير متمهلاً للخروج من المسرح ثمَّ يلتفت إلى الجمهور ) :
أنا ذاهب لتناول ساندويشة فلافل ، وأنا أحبُّ الفلافل جدَّاً ، وهو من أكثر الاختراعات التي خدمَت الفقراء والشياطين في آن ، وأودُّ إخباركم أنني غيَّرت المطعم الذي أقصده ، فقد كنت أرتاد مطعماً قريباً من هنا . . . في يوم من الأيام وبينما كنت أقضم الـسَّـاندويـشـة ، حضر رجلان من الضابطة التموينيَّة لإغلاق المحل ، وقد قالا لصاحبه إن نتيجة التحليل أثبتت أن 50 % من قرص الفلافل في مطعمه هو من الخبز اليابس والـ 50 % الباقية تتكون من صراصير وجرذان ومواد غير معروفة ، وحين لاماه وعاتباه وقالا له إنَّ الضبط قد تم تحويله إلى المحكمة قال : الله يلعن أبو الطمع ، لقد أغواني الشَّيطان . . . . لحظتها ضربت ساندويشة الفلافل بوجهه . . ومعلومكم أنا لا يمكن أن أغوي صاحب المطعم حتى يغشَّ الطعام الذي أتناوله . . قال غواني الشَّيطان قال . . . . أنا أغوي مفتشي التموين حتى يقفلوا هكذا محلات ، لكن بساندويشتين وورقة الخمسمائة ، تبقى هذه المحلات مفتوحة توزع الطعام المغشوش .
( يمضي خارجاً من الحديقة ) .

.................................................. ..........................................
الــمــشــهــد الثاني

( يجلس على المقعد ، يتناول قلمه من جيبه ، ويبحث في جيوبه عن ورقة ..يخرج لفافة ورق ، ويشرع بالكتابة .....
عيناك غابتا نخيل ٍ ساعة السَّحَر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
( يلتفت الشيطان إلى الجمهور )
الشَّيطان : لاتقولوا لي إنَّ هذا الشِّعر لبدر شاكر السَّيَّاب فأنا من أوحيت إليه بأنشودة المطر ، وأنتم من فمكم تعترفون أن الشِّعرَ نتاج شياطين الشِّعر . . أنا شخصيَّاً أحبُّ أبا نواس لأنه يمضي إلى آخر الـشـَّوط في كلِّ شيء ، في الشعر والسَّهر ، والسُّكر ، والحبِّ ، وأحبُّ المعرِّي لأنه يرى أبعد مما ترون ( يعود إلى الكتابة ) بل سأكتب مما زرعت في صَدر نِزار حين اغتال الحقد حبيبته بلقيس ( ويكتب وهو يقرأ بصوت عالٍ )
هيلين ..
يا كنزاً خرافيَّاً
ويا رمحاً عراقيَّاً ..
وغابة خيزران ..
يا من تحدَّيت ِ النُّجوم ترفـُّعاً ..
من أين جئت ِ بكلِّ هذا العنفوان ؟
هيلين ..
أيتها الصَّديقة .. والرَّفيقة ..
والرَّقيقة مثل زهرة أقحوان .
ضاقت بنا بيروت .. ضاق البحرُ ..
ضاق بنا المكان ..
هيلين ما أنت التي تتكرَّرين ..
فما لهيلين َ اثنتان ..
هيلين تذبحني التفاصيل الصَّغيرة في علاقتنا
وتجلدني الدَّقائق والثواني ..
فلكلِّ دبّوس صغير قصة
ولكلِّ عقد ٍ من عقودك ِ قصَّتان
حتى ملاقط شعرك الذهبي
تغمرني كعادتها بأمطار الحنان
ويعرِّش الصَّوت العراقيُّ الجميل
على السَّتائر
والمقاعد
والأواني .....
( يهزُّ رأسه طرباً ونشوة ) الله الله الله يا نزار ، أقسم بأعناق أباريق الخمر أنه لم تعطَ َ قصيدة لشاعر بهذه البساطة والعذوبة والطلاوة ، وأعتقد أنني لو التقيت بهيلين قبل أن يلتقي نزار ببلقيس لكانت هذه القصائد لعينيها ، سأعدُّ قصيدة لهيلين تجمع شعر نزار والسَّياب ... أقسم بأعناق أباريق الخمر ( يردَّدها مرة ثانية بتمهُّل .. أقسم .. بأعناق ... أباريق الخمر ... وهذا مظفـَّر النواب .. تالله لم يقسم شيطان من قبل بمثل هذا القسم .... ( ويعود إلى كتابته ، ثمَّ يلتفت إلى الجمهور ) أين ستذهبون من خطيئة ذبح العراق ، وماذا ستقولون للنسائم حين تنقل رائحة البارود والدَّم بدلاً عن أن تعزف على نايات القصب التي ترضع من ضفاف دجلة والفرات.
.................................................. ........
الــمــشــهــد الثالث

الشَّيطان واقف على المقعد يضمُّ يديه أمام صدره ، ويمسك طاقة ورد ، ولا يتحرك أو ينطق بكلمة .... تدخل حبيبته هيلين ، وهي شابة طويلة جميلة ، بشعر طويل أشقر يصل خصرها ....)
هيلين : مازلت تنتظرني مع أنني تأخرت نصف ساعة ؟!!!!!!!
الشيطان : أستطيع أن أنتظر لأشهر إن كنت سأراك تطلّين من بوابة الحديقة وتبحثين عني بهاتين العينين الغائمتين الممطرتين ..( يلعب بحاجبيه مغازِلاً ، ويقفز عن المقعد، يقف أمام هيلين ينحني على ركبة ونصف ويقدَّم الورد الذي في يديه ) .
الشَّيطان : سيِّدتي .
( تتناول هيلين الورد ..... تشمُّ الورود ، وتنزل يديها ، يقف الشيطان ، ويرفعها من خصرها بيديه ويضعها على المقعد فتقف فوق المقعد مندهشة من تصرُّفاته ... يتراجع خطوتين إلى الوراء ، يسحب من جيب سترته الداخلية لفافة ورق كبيرة ، ما أن يفردها حتى تنفتح اللفافة وتتدحرج على خشبة المسرح ، فيبدو أن طول الورقة التي يمسكها بيديه تقارب بضعة أمتار .. تفاجأ هيلين وتتساءل )
هيلين : ما هذا ؟؟؟!!!!
الشَّيطان : أمضيت ليلة أمس في كتابة قصيدة في عينيك ..
هيلين : لكنني لا أحبُّ الشِّعر .
الشَّيطان : وهل هناك امرأة ترفض أن تُكتب في عينيها قصيدة شعر ؟!!!!!!!
( ينظر في ورقته )

عيناك غابتا نخيل ساعة السَّحر
أو شرفتا..........
( تقاطعه هيلين ..)
هيلين : كفى يا حبيبي ... كفى ... كلُّ قصائد العالم لا تملأ معدة خاوية ، أين ستأخذني هذا المساء لتناول العشاء ؟
( تصطدم اندفاعته للشعر بهذا الاستخفاف ... يلفُّ ورقته عشوائيَّاً ... يجمعها على شكل كرة ورقية ، يسدَّد نحو سلَّة المهملات ، ويرمي الكرة الورقية عالياً فتسقط في السَّلة .. فيرن جرس في المسرح يشبه الجرس الذي يرنّ في مباريات كرة السَّلة عند إحراز النقاط ، فينظر الشّيطان إلى الجمهور مبتسماً ، ثم يخاطب هيلين )
الشّيطان : هيا بنا يا حبيبتي .... ( ينزل هيلين عن المقعد من خصرها بكلتا يديه ، ويمضيان خارج الحديقة ) .

.................................................. .....................................
الــمــشــهــد الرَّابع

( الشَّيطان يتمشّى جيئة وذهاباً في الحديقة ، ويخاطب نفسه والجمهور )
الشَّيطان : أحبُّها هذه الهيلين ، هي أيضاً تقول : أحبُّك ..... لكنني أحسُّ أنها يمكن أن تقفل باب قلبها دوني في أية لحظة ..... تتعامل معي ..... بحسِّها الخارجي ، وتخفي الكثير .... حتى الشَّيطان عاجز عن أن يعرف كيف تفكِّر امرأة ... المشكلة أنني احاول إقناع نفسي بأن لا شيء يستحق القلق ، وأتغاضى عن طريقة تعاملها معي ، لا لشيء إلا لأنني أحبُّها ، حين نحبُّ نتغاضى عن كلِّ ما يجعلنا نشكُّ بتصرفات الآخر ، الحبُّ ستارة ثخينة تخفي كلَّ عيوب الحبيب ، فنصوِّره على أنه أجمل شخص في العالم ، والأكثر تميُّزاً ، وتصبح صفاته وعاداته هي المقياس المأخوذ به لتقييم مواصفات الآخرين .....الحبُّ .... آه ما أجمل هذا الشُّعور لولا لامبالاة الآخر ، لكنني أعيش الحبَّ لذاته ، أنا أعشق هيلين رغم أنها تلوَّنت بألوان هذا الزَّمن ، ورغم أنَّ السِّيليكون قد دخل في تكوينها ، فهذه الشِّفاه ليست حقيقيَّة ، ولا يمكن أن تخرج امرأة من رحم أمها بهكذا شفاه ، ولا الذَّقن ، ولا الصَّدر ، ولا .. ولا .... شعرها الأشقر ليس أشقر في الحقيقة ، عرفت هذا من صورتها في بطاقتها الانتخابية ، هي تنكر لون شعرها ، وكلُّ ذلك غير مهم ، المهم أنَّني أحبُّها ... والحبّ يستحقّ أن يعاش لذاته ، فكيف إذا كانت الحبيبة بمواصفات هيلين . . سأمضي في الحبِّ إلى حافة الهاوية ... وسأسير على حدِّ السَّيف .... أنا عاشق ....... أنا عاشق ( ويبدأ برفع صوته من مرَّة لمرَّة .. أنا عاشق .... أنا عاشق ... عاشق ... عاشق ) .

.................................................. .......................................


الــمــشــهــد الخامس

( يدخل شاب و فتاة ، يتجهان نحو المقعد وهما يتحادثان ) . . . .
الشَّاب : والله بحبِّك . . .
الفتاة : ( بغنج ) كذَّاب . . . لو كنت تحبُّني لما تردَّدت لحظة في طلب يدي .
الشَّاب : لكنَّك تعرفين الظروف . . . الوضع صعب الآن ، ولم أجد وظيفة ً بعد.
الفتاة : وضعك جيِّد . . . والدك غني ، ولديكم الكثير من العقارات والأملاك .
الشَّاب : أنتِ قلتِ . . . والدي هو الذي يملك كلَّ هذا ، وأنا أريد الاعتماد على نفسي حتى أكون راضياً عن ذاتي .
الفتاة : لا تدَّع ِ المثاليَّة . . . لو كنت حقيقة ً تريدني لما وضعت بينك وبيني هذه النظريَّات .
الشَّاب :هذه المثاليَّات هيَ أنا يا عزيزتي ، وأنا كما أنا دائماً صادق مع ذاتي ومعكِ.
الفتاة : إذا سننتظر كثيراً ؟
الشَّاب : ألا تثقين بي ؟
الفتاة : الثِّقة شيء ، وإلحاح طبيعتنا الإنسانيَّة شيءٌ آخر .
( يدخل الشَّيطان المسرح . . . وينتبه مباشرة إلى الشَّاب والفتاة الجالسين على المقعد . . . الشاب والفتاة يتحدثان حديثاً غير مسموع . . . والشَّيطان يتحدَّث مع الجمهور . . )
الشَّيطان : هما يأتيان كلَّ يوم ، ويجلسان على نفس المقعد ، وبالطَّبع لا يلاحظان وجودي ، لأنَّه لا يمكن رؤيتي إلا إذا أردتُ ذلك . . . . هذا الشَّاب كاذب ، وفي كلِّ مرَّة كان يأتي مع فتاة مختلفة . . . هو ببساطة يتسلى ، وسوف أكشف لكم ذلك . . على فكرة هذه الشَّابة مهذَّبة ، خجولة ، ومراعية جداً لكلِّ ما هو اجتماعي وسائد ، وسوف ترون ذلك الآن . . . يقترب منهما ويقف خلف المقعد بينهما ، ويهمس في أذن الشَّاب ، فيمدُّ الشَّاب يده ويمسك بيد الفتاة ، فتسحب يدها بسرعة . . )
الفتاة : بلا هالحركات .
الشَّاب : عن أي حركات تتحدَّثين ، أنا أحبُّكِ . .
الفتاة : الحبُّ ليس هكذا . . . نحب لكن يجب ألا نخرق السَّائد الاجتماعي والدِّيني .
(في هذه الأثناء يهمس الشَّيطان في أذن الشَّاب )
الشَّاب : إذا كنت خجـِلة ً نذهب خلف ذاك السِّياج .
الفتاة : لم تفهم قصدي . . . . الرَّغبة دائماً موجودة . . . لكن يجب ألا نخرق منظومة العادات والتقاليد .
الشَّاب : يعني لديكِ الرَّغبة في هكذا أمور ؟
الفتاة : وهل تظنني ملاكاً . . .هذا من طبيعة البشر .
الشَّاب : يعني مقولة : لا يجتمع رجل وامرأة إلا كان الشَّيطان ثالثهما - صحيحة .
( الشَّيطان يشير إلى نفسه ويقول للجمهور )
الشَّيطان : أرأيتم أنني مظلوم .
الفتاة : نظلم الشَّيطان دائماً ، والخلل في أنفسنا .
( الشَّيطان وهو ينظر للفتاة . . . وبالطبع الشَّابان لا يسمعان كلامه )
الشَّيطان : والله إنك بتفهمي . ( وتتابع الفتاة حديثها )
الفتاة : دائماً نلقي تبعة عطب نفوسنا على الشَّيطان مع أننا وهِبنا العقل والإرادة . .
ثمَّ إنني قلت لكَ سابقاً : أنا لست متاعاً ، ولن تحصل على شيء إذا لم أرِدْ أنا ذلك حقيقة ً .
الشَّاب : طيِّب أعطني قبلة واحدة ( ويحاول تقبيلها فتصفعه على وجهه فيرتد عنها بينما تقف وتهمُّ بالمغادرة بينما يتابع الشَّاب كلامه )
الشَّاب : فكرك ما في غيرِك بالدِّنيا ؟ .
الفتاة : هناك الكثير لكن لسْنَ مثلي . . . . أنت شخص منحطٌّ ( وتغادر المسرح مسرعة وبادية الانزعاج ، بينما يتابع الشَّاب بلا مبالاة )
الشَّاب : اذهبي فهناك الكثيرات . ( هنا يدفعه الشَّيطان بوركِه دفعة قويَّة فيسقط عن المقعد ويجلس الشَّيطان مكانه . . . ولا يعرف الشَّاب من دفعه فتصيبه الدَّهشة . . يقف ويغادر المسرح وعلامات الاستغراب على وجهه . . . . ويتابع الشَّيطان حديثه الموجَّه إلى الجمهور ) .
الشَّيطان : أرأيتم ؟ ألم أقل لكم . . . النَّاس يقولون : أغواه الشَّيطان ، أو وسوسَ في صدره . . . أنا لم أجبره على قول ما لا يعبِّر عنه ، أنا دفعته إلى أن يخلع قناعه ، ويعبِّر بلسانه الحقيقي ، أنا اقدِّسُ الطُّهر ولا أدنـِّسـه ،أنا أكشف الأقنعة ، وأنتم رأيتم وسمعتم . . .على كلِّ حال أنا لم أنجز مهمَّتي مع هذا الشَّاب ، يجب أن يلقى عقابه ، ويجب أن أدركه .
( يقوم الشَّيطان ويلحق الشَّاب بسرعة فيخلو المسرح ، وبعد ثوان ٍ يُسمع صوت مكابح سيَّارة ، واصطدام . . . . ويدخل الشَّيطان ينفض يديه ، ويهدِّيء من روع الجمهور . . مشيراً بيديه للجمهور للدلالة على ذلك ) .
الشَّيطان : لا تخافوا لم يمُت في الحادث . . . . شويِّة رَضوَضَة .
( ثمَّ يأخذ مكانه على المقعد ، ويتناول الجريدة الملقاة على الأرض ، ويفتـِّش فيها عن خبر . . . . ثمَّ يخاطب نفسه ) . .
الشَّيطان : والله لا أعلم . . . كأنني قرأت هذه الجريدة من قبل . . . هذه الجرائد تجعلنا نضيِّع الزَّمن ، أو تصوِّر لنا أنَّ الزَّمن قد توقـَّف . . . . واللهِ والله إنَّ أكبر شيطان غير قادر على إخراج جريدةٍ مثل هذه . . هيَ هيَ منذ آدم . . . . هذه الصُّحف لا تصلح لشيء . . ( يراجع نفسه ) . . . . . . . بل تصلح . . .
( يقف ويفرش الجريدة على المقعد وينام . . وتنطفيء أضواء المسرح . . . لكنَّه يتابع حديثه مع الجمهور )
الشَّيطان : قد تستغربون ، وتتساءلون لماذا أنام هنا وأنا أمتلك كلَّ هذه الإمكانيَّات ؟ أنا نفسي لا أعلم ، لكن على الأغلب حتى أحسَّ بكم ، وأحسنَ التعامل معكم . . كنت ابتعدتُ عنكم لو سكنت قصراً ، وركبت سيَّارة ، ولبست غيرَ ما تلبسون ، وأكلتُ غير ما تأكلون ، أنتم تدركون ذلك لا شك . . . انظروا حولكم لترَوا أثر هذه الأمور . . . انظروا حولكم . . . . انظروا فوقكم . . . انظروا ( ويقطع الجملة كما لو أنه لا يريد التفصيل أكثر أو الاستفاضة في التشبيبهات ) على فكرة . . . هذه الحديقة كانت مقبرة ، لكن المدينة التهمت ضواحيها ومقابرها ، وتمَّ إنشاء الحديقة ، لذلك ترون أن أشجار هذه الحديقة سامقة ، وهي تجمع بين بهاء الحياة ، وجلال الموت ، لأنها شربت من أجساد البشر ، لذلك أحبُّ هذه الحديقة . . . كثيراً ما أفكِّر. . . لماذا كلُّ شيء مختلف هنا ؟! حتى الموت . . . هون ما حدا بيموت موتة ربُّو . . . في هذه المقبرة كثـُرٌ ممَّن اختاروا موتهم ، هنا دفِنَ الشَّهيد والفدائي ، لكنَّهم أخذوا عظامهم بعيداً ، وما زالت ترن في أذني صرخات أصحاب العظام المكوَّمة في صناديق : هربنا منكم فتبعتمونا إلى هنا ، دعونا فنحن الأحياء وأنتم الأموات ، دعونا يا حشرات ...... أنا ما زلت حتى هذه اللحظة أكاد أسمع صوت خربشة في الليل ، وحين أصحو . . . أجدُ أطياف أرواح تبحث عن عظامها . . تنبش تحت الأشجار ، تلامس جذوعها وفروعها كما يلامس أحدُكم ملامح وجهه حين يريد إدراك وجوده ، ثمَّ تفرّ كغزلان مذعورة . . . . . . . ( يختم بهدوء ) تصبحون على خير يا من لا تخجلون من عيون شهدائكم التي تحدِّق فيكم من خلف زجاج صُوَرهم المعلقة على الجدران .
( فجأة ينبعث نور سماوي مبهر فيجلس الشَّيطان ، ويحجب عينيه بيديه ، ويُظهـِر الخشوع . . . . ) .
الشَّيطان : أسعدت مساءً ياربُّ ( ينظر إلى ساعته ) بل أسعدتَ صباحاً ، لأنها تجاوزت الواحدة .
( يعلو النور ويخفت دلالة على توجيه رسالة إلى الشَّيطان ) .
الشَّيطان : أنا ؟ ! . . . أنا ما زلت أحاول ، والنتائج - وأنتَ العليم الحكيم – مبهرة، هؤلاء البشر يا ربُّ غير جديرين بعطفِكَ ورحمتكَ التي وسعت السَّماء والأرض ، ما زالوا يخافونَك ولا يؤمنون ، يمارسون الطُّقوس ولا يصدِّقون ، يفعلون الخير، وعيونهم على الشَّر . . . والمؤمنون يُعدُّون على الأصابع ، والدِّين في تراجع ، كان الناس فيما مضى ينصرون الضَّعيف ، ويطعمون الجائع ، وأصبحوا الآن يظلمون الضَّعيف ، ويأكلون الجائع ...... انقطعت حميَّتُهم ، وقد ملأ التلفاز ناظريهم بالجثث والأشلاء ، بالعري ِ والزِّيف والخواء .
( يعلو الضوء ويخفت . . فيخفت صوت الشَّيطان قليلاً )
الشَّيطان : أعلم يا خالقي أن معيار الزَّمن لديك مختلفٌ . . . لكن ما العمل فيمن تسحقه اللحظة ، ولا يجد منها فكاكاً ؟ فأن تعيش التاريخَ أمر مختلف عن أن تديرَ عجلته ، وتراقب تفاعلاته .
( يعلو الضَّوء ويخفت ) . . . . .
الشَّيطان : أنا عبدكَ لا أعصيكَ ، لكنني على قسوتي ، وزهوي بانتصاري على أكرمِ خلقِكَ ، أرثي لحالة هؤلاء البشر الذين يعيشون خبط عشواء دون غاية أو هدف ، يدَّعون معرفتـَكَ يا ربُّ ، والجهل يعشِّش في عظامهم .
( يشتد الضوء ويخفت . . . . )
الشَّيطان : أحاول يا ربِّي . . . . . أنا أشجِّع لديهم المونولوج الدَّاخلي . . . الحوار بين قواهم الدَّاخليَّة . . . أنا خلقت لديهم أوَّل بذور الدِّيمقراطيَّة ، فإذا لم يكن الإنسان ديمقراطيَّـاً في تعاطيه مع عالمه الدَّاخلي وقواه ونزعاته ، كيف يمكن له أن يكون ديمقراطيَّـاً مع الآخرين ؟!
( يشتد الضَّوء ويخفت . . )
الشَّيطان : ( متسائلاً ) السِّـياسـة ؟ ؟ ؟ . . . . بالأساس السِّـياسة ولَعي ، فلو سألني أحد مقدِّمي البرامج : لو لم تكن شيطاناً فماذا كنت تحب أن تكون ؟ ؟ ، لأجبته : كنت أحبُّ أن أكون سـياسيَّـاً ، فالسِّـياسـة مجال حيويُّ لعملي ، حيث لا عواطف ، ولا أخلاق ، حيث المصالح هي التي تسيِّر عجلتها . . . لكنَّك يا ربُّ تعلم . . . . .
لا ذنبَ لي فيما يحصل بأفغانستان والعراق وفلسطين ودارفور والصُّومال ، حيث أن اليهود وهم أبناء دين سماويٍّ يفوقونني دهاءً ، وقد وضعت في صدورهم ليرات ذهبيَّة عِوضاً عن القلوب . . . . .
( يشتد الضوء ويخفت ) .
الشَّيطان : الأميركان؟؟ . . . فتحتُ صدرَ أحدهم فوجدتُ شطيرة هامبرغر ، وفي صدر آخر وجدت رامبو وروكي . . . أما العرب فقد وجدت في بعض الصُّدور أحجاراً ، ووجدتُ أرانب في بعضها الآخر .
( يشتد الضَّوء ويخفت . . . )
الشَّيطان : الشَّيخ عبد الجليل . . . أنا لم أضايقه ، لكنه أزعجني حيث أنه يريد الزَّواج بامرأة رابعة مستنداً لفهمه وتفسيره للقرآن الكريم . ( يشتد الضوء ويخفت )
بأمرك يا رحيمُ . . . يا أرفقَ بهم من أنفسهم . .
( ينطفيء الضوء ، فيقف ، ويتوجَّه إلى الجمهور . . )
يقول راماكريشنا : الشَّمس أكبر بملايين المرَّات من الأرض لدرجة أنها تبدو كقرص صغير . . . كذلك الله ، بعدُنا عنه يجعلنا نجد صعوبة في إدراكه . . .
أنا لا أقصد أنه بعيد . . لأنه هنا ( ويشير إلى صدره ) ، لكن حين أبحث عنه هناك ( ويشير بيده اليمنى إلى البعيد ويمشي بعض الخطوات بتثاقل ) فأنا أبتعد عنه . وهو هنا ، وأنا جزء منه .
( يعود ليتمدَّد على المقعد . . . يحاول النَّوم ، ويغطي نفسه بالجريدة ) .

.................................................. ..............................
الــمــشــهــد السَّادس

( يطلع الصَّباح . . . والشيطان نائم على المقعد . . . يدخل الحديقة شيخ الجامع وقد أنهى صلاة الفجر . . . . يتوجه نحو المقعد . . ويجلس في الجهة التي لا يشغلها الشَّيطان . . . وبالطبع هو لا يستطيع رؤيته إلا إذا أراد ذلك . . . يمر أمامه في هذه اللحظة شاب وفتاة تترفَّق ساعده ويتهامسان بحميميَّة . . فيتابعهما الشيخ باستنكار وبتلصُّص . . ) .
الشَّيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم . . . أعوذ بالله ...
( يفتح الشَّيطان عينيه . . . . )
الشَّيطان : هل همسَ أحدهم باسمي ؟ .
الشَّيخ : ( يتابع بنظره الشَّابين ) أعوذ بالله من هذا الجيل ، أليس لهما أهل حتى يقوموا بتربيتهما .
( يجلس الشَّيطان ، وينظر إلى الشَّيخ )
الشَّيطان : من ؟ الشَّيخ عبد الجليل ؟!
( يقف من خلفه ثمَّ يضع يديه على عيني الشيخ عبد الجليل من الخلف ) .
ما دمتَ بهذا الورع . . . إمنع عينيكَ يا شـــيخ .
( يتسمَّر الـشَّـيخ من فزعه . . . ويتساءل )
الشَّيخ : إنسٌ أم جنّ يا هذا ؟ أعوذ بالله منك أياً تكون .
الشَّيطان : ( يزيح يديه عن عيني الشَّيخ ) لا هذا ولا ذاك . . . انظر إليَّ يا شيخ ، ماذا ترى ؟ ( يلتفت إليه الشَّيخ فيفاجأ ) .
الشَّيخ : صورة ٌ مما خلق الله . . . أيّ أرض ٍ انشقَّت عنك . .؟ !
الشَّيطان : ألا تؤمن بالله يا شيخ لتستنكرَ وتستفسر إن كنتُ من الإنس أو من الجنِّ ، وقد كرَّمهما الله بقوله تعالى : وما خلقتُ الإنسَ والجنَّ إلا ليعبدون . . . فكيف تعوذ بالله من خلق الله . . . ثمَّ . . . ثمَّ لو كنت مؤمناً حقَّـاً لعرفتني . .
الشَّيخ : ومن أين لي معرفتك . . هل التقينا من قبل ؟ .
الشَّيطان : ألستَ الشَّيخ عبد الجليل ؟ من مواليد عام النكبة . . . متزوِّج من ثلاث ، والرَّابعة على الطَّريق . ( يفزع الشَّيخ ، ويتلفَّت يميناً ويساراً )
الشَّيخ : ( ممازحاً ومستغرباً ) يا شـيطان ! ! من أين لك هذه المعلومات ؟ .
الشَّيطان : ( يستدير من خلف المقعد ويجلس بجانبه على المقعد و يعلن عن نفسه بحزم وثقة ) أنا الشَّيطان يا هذا ، وأعوذ بالله منك .
الشَّيخ : ( وقد زال الاستغراب وبدأ يمزج بين المزاح والجد ) سبحان الله ، طوال عمري أتمنى أن ألتقي شيطاناً . . . أتَعرف ؟ . . كنتُ أظنُّكَ شاباً من شباب هذه الأيَّام ، ولم أعرف أنَّ الشَّياطين تلبس على الموضة .
الشَّيطان : النَّاس لا تقاس بلباسها يا شـيخ . . فرُبَّ شخصٍ لا يجد كفافَ يومه ، ولا يجد ما يسترُ بدنه ، لكنَّ الإيمان يعشِّش في قلبه . . . ( ويمسك بسبابته وإبهامه طرف ثوب الشَّيخ ) ما فائدة الثَّوب المكويِّ النَّظيف والقلب أسوَد .
الشَّيخ : أنا قلبي أسوَد يا هذا ؟ كيف تجرؤ وأنا الشَّيخ عبد الجليل ؟ .
الشَّيطان : شيخٌ على من يسمعون كلامَك ، فلا تتظاهر أمام من يرى أفعالك ، ويعرف سريرتك .
الشَّيخ : ( يثور) كيف تتجرَّأ والنَّاس يحلفون بديني وورعي ، وعلمي وأخلاقي .
الشَّيطان : أولئك لم يلمحوك تلوك بعينيك من يلبسُ ما تنهى عنه ، ولم يعرفوا أنَّك مداوم يوميَّاً في بيت الشَّيخ سلامة .
الشَّيخ : ( يحكُّ رأسه كما لو كان يحاول التـسـتـُّر على شـيء يلمِّح إليه الشَّيطان )
الشَّيخ سلامة ؟! الشـ . . . . الشَّيخ سلامة صديقي . . .
الشَّيطان : صديقي ها ؟ ؟ أصلاً هو على شاكلتك ، قال يا شكلي تاع لعندي . . وطبعاً تريد أن تتزوَّج ابنته ذات الثلاث عشرة سنة ؟ .
الشَّيخ : وما لك يا هذا . . . ثمَّ كيف تحدِّثني بهذه الطَّريقة ؟ ! .
الشَّيطان : وكيف أحدِّثك يا شايب يا خايب ؟! .. متزوِّج من ثلاث ، ولديك عشرة أولاد، وقد زوَّجت خامسهم منذ أيَّام . .
الشَّيخ : وماذا في ذلك ؟! الشَّرع أعطاني هذا الحق .
الشَّيطان : الشَّرع يا من تزيِّف الشَّرع ، هل سمح لك الشَّرع أن تتزوَّج ابنة ثلاث عشرة سنة ، ماذا تريد بعد من دنياك وأنت العابد على ما تدَّعي .
الشَّيخ : أتعارض ما أحلَّ الله يا هذا ؟
الشَّيطان : بل أعارض الشَّهوة والتَّصابي ، والجري وراء الغرائز ، يا رجل غالبيَّة الكائنات التي خلقها الله تكتفي بشريك واحد ، لاستمرار النَّسل ، وخلق الثقة والاحترام . . . وإني أحذِّرُكَ إن أقدمتَ على هذا لأنشرنَّ فضائلك . . . مِن أكل مال أخيك ، والتلصُّص على النِّساء ، ولأجعلنَّ قلبكَ مسرحاً يستطيع البشر معرفة ما فيه، وأنت تسير في الشَّارع .
الشَّيخ : ( يصدَم ويضع يديه أمام ذقنه دلالة على الاستجداء ) . . أنا بعرضك أيها الشَّيطان الطَّيِّب . . .
الشَّيطان : ألن تقترف هكذا أمور ثانية ً ؟.
الشَّيخ : أعدُكَ بأن لا . . .
الشَّيطان : عيني عليكَ ، ولن ترفَّ فانتبه .
الشَّيخ : شاكرٌ فضلك . . . ( يمدُّ له الشَّيطان يده موحياً له بضرورة تقبيلها )
( الشَّيخ يتساءل مستغرباً ) ماذا ؟ ؟ .
الشَّيطان : يا رجل . . . كن متواضعاً ولا تتكبَّر .
( يمسك الشَّيخ يده متردِّداً ، ينظر حواليه ، ويقبِّلها بتردُّد واضح . . . ثمَّ ينصرف مسرعاً ) .
الشَّيطان : ولا تنظر إلى الفتيات في الطَّريق . . ها .
( يقف الشَّيطان ويتمطَّى ، ويمدُّ يديه وجسده إلى الوراء بنشوة . . . )
صدِّقوني يا بشر.. قال أحدكم : حين يكبر ملاكك يصبح شيطاناً ، وأنا أضيف : وحين يكبر شيطانك يصبح ملاكاً .................................... يسير بطول المسرح وعرضه وهو يشبك يديه خلف ظهره .... يا فتَّاح يا عليم ، يا رزَّاق يا كريم . . ( ثمَّ يستدرك ) وبماذا سيرزقني الله إلا بإنسان يعرف قيمتي وقيمة نفسه ؟!
( يدخل شاب يحمل مجموعة كتب وجرائد ، ويمر بجانب الشَّيطان الذي يتابعه بنظره حتى يجلس على المقعد ، ويضع الكتب جانباً . . يتلفَّت حوله ، ويتناول دفتراً وقلماً ، يفتح الدَّفتر ويبدأ بالكتابة فسيتثير فضول الشَّيطان فيتجه نحوه ، ويجلس بجانبه ، وينظر في الدَّفتر ، ثمَّ يُظهر نفسه )
الشَّيطان : ماذا تكتب يا هذا ؟ .
الشَّاب ( يلتفت إليه ) : كنت أبحث عنك .
الشَّيطان : حقَّـاً ؟ ! . . . ولماذا ؟ .
الشَّاب : حتى تساعدني في إثبات نظريَّتي .
الشَّيطان : وما هي نظريَّـتك يا عيوني ؟ .
الشَّاب : نظريَّتي وببساطة . . . لا يمكن للشَّيطان أن يكون سيِّئاً للدَّرجة التي نتصوَّرها ، ولا يمكن أن يكون البشر جيِّدين إلى الحدِّ الذي نتصوَّره .
الشَّيطان : ولك تسلملي شــو ذكي . إبن مين يا حبيبي ؟ لا بدَّ أن تكون ابن شيطان .
الشَّاب : أنا مدرِّس مادَّة الفلسفة في تلك المدرسة ( يشير بإصبعه ) ولديَّ ساعة فراغ ، وقلت لنفسي ، فلأمضِها في الحديقة .
الشَّيطان : يا محاسن الصُّدف ، أنا منذ قليل كنت أتمنى من الله أن يرزقني إنساناً موضوعيَّاً ، يعرف قيمتي وقيمة نفـسـه .
الشَّاب : وهل تؤمن بالله ؟ .
الشَّيطان : سأغيِّر نظرتي فيك هه . . . ثمَّ كيف عرفت أنني شـيطان ؟ .
الشَّاب : أنا كنت أمزح . . . هل أنت شيطان حقيقي ؟ .
الشَّيطان : ما رأيك أن أحرق شاربيك بنظرة حتى تصدِّق ؟ .( ويحدِّق فيه ممازحاً )
الشَّاب : ( ممانعاً بيديه ) لا لا . . . أنا قلت لنفسي : لا يتواجد هنا وفي هذه السَّاعة من الظهيرة إلا شيطان .
الشَّيطان : وما قصَّة نظريَّتك هذه ؟
الشَّاب : هي أفكار . . . هل تعلم أن الكثير من النَّاس يفكِّرون بأمور قد تخالف الأفكار السَّائدة ، لكنَّهم لا يجاهرون بهذا ، لأنَّ ذلك قد يعتبر زلزالاً ، تصوَّر أن تنسف بكلمتين اعتقادات النَّاس التي لم يصدِّقوها يوماً ( يضع الشَّيطان يده اليسرى على كتف الشَّاب ، ويهزُّ رأسه بمبالغة تدلُّ على أنه معجب بكلامه )، ربَّما أرادوا تصديقها ، ربَّما لم يجرؤوا على التشكيك بها بسبب وجود أحكام مسبقة على كلِّ شيء ، وهذه الأحكام لم نصغها نحن ، بل خلقنا وزرعت فينا ، ولم نناقش يوماً . . . . . أنا أعتقد أنَّ الشَّيطان رمز ، هو ليسَ شيئاً حقيقيَّـاً ( يهزُّ الشَّيطان برأسه )، هو رمز لكل ما هو عكس الإيمان ، والحق ، والصِّدق ، والأخلاق ، أي هو كمفهوم كل ما هو عكس القيم . . هو رمز لشيء يراد منا الابتعاد عنه فيتم تجسيده قوَّة تحمل منتهى الشَّر . . لا أحد يحبُّ الشَّرَّ . . . لكن . . كيف نجعل من الشَّر شيئاً يطاردنا ، ونخاف منه ، ونستشعر بوجوده . . . . . نحن أوجدنا الشَّيطان لنحمِّله كلَّ زلاتنا وأخطائنا ، مع أنَّ الخطأ من طبيعتنا ( يستمر الشَّيطان بهزِّ رأسه ) يا عزيزي . . أنتَ غير موجود . . . أو أنَّك شيء آخر .
الشَّيطان : بزعل منَّك هه . . . يظهر أنَّك سوف تغيِّر نظرتي فيك .
الشَّاب : أنت لا تستطيع أن تجبرني على ما أريد . . . أليس كذلك ؟ .
الشَّيطان : نعم ، وبعد ؟ ؟ .
الشَّاب : داخل كل إنسان مجموعة من الشَّخصيَّات . . . هناك الخيِّر والشِّرير ، الجميل والقبيح ، داخل كل إنسان هناك النَّاسـك والأزعر ، هناك السَّارق والزَّاني والقاتل ، هناك القوي والضَّعيف ، الكريم والبخيل . . . داخل كل إنسان شخصيَّات بعدد ما تحفظ ذاكرتك من صفات يمكن للإنسان أن يتَّصف بها . . . والإنسان إمَّا أن يحجب كلِّ الصِّفات ، ويُظهر الصِّفة التي تشبهه ، وتعبِّر عنه حقيقة ً ، وإما أن يظهر صفة لا يريدها ليظهر بعكس حقيقته ، أي . . إما أن نستيقظ صباحاً بوجوهنا الحقيقيَّة ، أو نرتدي قناع إحدى شخصيَّاتنا قبل أن نغادر المنزل . .
الشَّيطان : والله تستحق التهنئة ، بل تستحق جائزة المشعل الذَّهبي . .
الشَّاب : أنا لا أريد الجوائز . . . أنا أريد الحقيقة . .
الشَّيطان : ما دمت بهذه النفسيَّة فأنا أتنبَّـأ لك بإحدى نهايتين ، السِّجن أو القتل .
الشَّاب : لماذا تخيفني ؟ .
الشَّيطان : أنا لا أخيفك ، لكن لا الناس ، ولا سلطاتكم السِّياسيَّة والدِّينيَّة تقبل الجديد.
الشَّاب : أنا لا يهمُّني إلا الحقيقة .
الشَّيطان : نلتقي في الجنَّة إذا .
الشَّاب : وهل أنت متأكد من ذهابك إلى الجنَّة .
الشَّيطان : ( ممازحاً ) أعتقد أنني - وفقط نتيجة تحمُّلي لأبناء آدم - أستحقُّ الجنَّة.
ثمَّ يجب أن أراك كثيراً قبل أن يكفِّروك يا عزيزي .
الشَّاب : لا آبه لما سيفعلون . . . . والموت عندي أهون من أن أحصل صباح كلِّ يوم على تعليمات بالمسموح والممنوع في الكلام والأحلام. . إن كان من حلُم ٍ لدي ، فهو أن أموت ميتة الحلاج .
الشَّيطان : أشدُّ على يدك يا بطل .
الشَّاب : نلتقي قريباً .
الشَّيطان : ربَّما . . . ( يقف الشَّاب . . يحمل كتبه ويغادر الحديقة ، بينما يتابعه الشَّيطان بنظره . . . ويتابع الكلام مخاطباً الجمهور ) الحقائق الأكثر أهمية تبقى طيَّ الصُّدور .
( يدخل أربعة أشخاص إلى الحديقة وهم يحملون تابوتاً ، وملامح الحزن بادية في وجوههم ، وحركتهم المتثاقلة . . . فيجلس الشَّيطان على المقعد مترقِّياً . . )
الشَّيطان : ماذا يفعل هؤلاء المجانين ؟! . المقبرة انتقلت من هنا منذ خمس سنوات . هذه حديقة عامَّة . . . ( ثمَّ يستدرك ) كأنني أعرف هؤلاء الأشخاص ؟ . . . لكن.. أين الخامس ؟ ، كانوا يأتون دائماً برفقة شخص خامس ، ويزعجونني بنقاشاتهم غير المجدية حول الحرِّية والوطن والديمقراطيَّة ، وكأنهم يظنون أنفسهم في اسكندنافيا. . . سنوات وهم يتناقشون ، بل ينظِّرون ، والعالم يتآكل من حولهم ، وأحلامهم تذبل ،وقضاياهم تتأزم وتُحتضَر . . ( يقترب منهم بينما يكونون قد وصلوا منتصف المسرح وأنزلوا التابوت على حافة بحرة الماء الجافة ، وبدأ كلُّ منهم بملامسة التابوت و رأس الميت الملفوف بالشَّاش بحزن وحسرة ، والشَّيطان يدور حولهم ، وينظر في وجوههم من فوق وتحت ، ومن جميع الجهات . . . )
الشَّخص الأول : رحمك الله يا صديقي .
الشَّخص الثاني : هذه هي المرَّة الأولى التي نكون فيها هنا دون رنَّة صوته ، وحضوره .
الشَّخص الثالث : أهذه هي نهايته ؟! رصاصة في الرَّأس ؟! . . الرَّأس المليء بالأفكار والأحلام والذِّكريات .
الشَّخص الرَّابع : سكتَ القلب الذي راهن على الحبِّ ، وتنفَّسَ الشِّعر .
الشَّخص الأول : علينا يا أصدقائي أن نكون موضوعيين ، هذه رصاصة في الرَّأس. . . يعني . . الأمر مقصود ، وهي رسالة موجَّهة إلينا جميعاً .
الشَّخص الثالث : رصاصة في الرَّأس يعني رصاصة موجَّهة إلى العقل . . . إلى الأفكار والقناعات .
الشَّخص الرَّابع : إلى السُّلوكيَّة والتعامل .
الشَّخص الثاني : إلى الانتماء .
الشَّخص الأول : وإلينا جميعاً من نحمل أفكاراً مشابهة ، وإن كان صديقنا ساكن هذا الصُّندوق أكثرنا مجاهرة وضجيجاً .
الشَّخص الثالث : أينما حلَّ يفرش بساط أفكاره .
الشَّخص الثاني : ( ينظر بعمق إلى الجثة الملقاة في التابوت ) إنَّ الإنسان تافه حقاً .
هل تعلمون أنه في اللحظة التي علمت فيها بوفاته - ولا أدري من أين - وبعد لحظة الصَّدمة وعدم التَّصديق . . . التمعت في ذهني ومضة فرح . . . صدِّقوني ومضة فرح . . .( ينظر إلى الأرض ويهز رأسه مستنكراً ) الإنسان حقير فعلاً !!! . . . تصوَّروا لحظة فرح تلتمع في صدر إنسان يخبرونه على الهاتف بموت أعزِّ أصدقائه ! . . حقاً إن الإنسان تافه .
( الشَّيطان يفتِّش في جيوب الجثَّة )
الشيطان : كثيراً ما قلت ذلك ، ولم يصدِّقني أحد ( ثمَّ وكأنه وجد شيئاً ، ويخرج من أحد جيوبه بعض الأوراق . . يقرأ فيها ) يخرب بيتك . . . مناشير ( ويعيدها إلى جيبه . . . ثمَّ يخرج عدة واقيات ذكريَّة ، فيهز برأسه ، ويبتسم ) .
يللا . . . قد تحتاجها في الجنة . ( ثمَّ يعيدها إلى جيب الجثة ) .
الشَّخص الأوَّل : أنا شخصيَّاً لا ألومُك على لاشعورك ، فنحن غير مسؤولين عن لاشعورنا ، وكثيراً ما تنتاب الإنسان مشاعر مناقضة للشعور الذي يجب أن يشعر به ، فيحزن بدلاً عن أن يفرح ، والعكس . . . ولكن لماذا أومض الفرح في ذهنِك لحظة عرفت النبأ ؟!
الشَّخص الثاني : لا أدري . . لحظتها شعرتُ أنَّ هناك الكثيرين ممن يشغلون حيِّزاً مهمَّـاً في حياتنا ، أو حتى ممن نحبُّهم . . لكنهم في نفس الوقت يثقلون علينا دون ذنبٍ منهم . . أو أننا لا نحبهم حقيقة . . أو ربَّما ... ربَّما نحسدهم .
الشَّخص الثالث : أحياناً تنتابني هذه المشاعر المتناقضة . . . أعتقد أن دوافعها إما الغيرة ، أو الكراهيَّة . . أو بذور لأشياء غامضة تنزرع عميقاً في نفوسنا .
الشَّخص الرَّابع : أنا لا أدري لماذا لا أستنكر منكم مثل هذا الشُّعور ! . . على كلٍّ كان الفقيد صديقنا . . لكن ما العمل ؟ لقد مات ، ولا رجعة للموتى . . ثمَّ – وكما كنَّا دائماً موضوعيين – فلنكن اليوم صادقين مع أنفسنا ، ولنذكر محاسنه ومساوئه .
الشخص الثاني : للحقيقة أقول لكم ، أنني ربَّما شعرت أنني قد تحلَّلت من سطوة آرائه وقوة شخصيته علينا ، كان أكثرنا تجربة وثقافة ، وألمعنا ذهنا ، وكنا مبهورين بكاريزما شخصيته لدرجة أننا تقمَّصنا الكثير من آرائه دون أن نقتنع فيها حقيقة ، فيكفي أن يعتنق فكرة حتى تكون في أذهاننا جديرة بالاتـِّباع ما دام ساكن هذا التابوت قد آمن بها .
الشَّخص الأول : هو نثر بذور أفكاره ، ونحن استقبلناها ، فنبتت وأورقت ، وأصبحنا كياناً له حضوره وهيبته في المدينة ، أي أنَّ الأمر خدمنا ، رغم كثرة ما جلب علينا من متاعب ، وملاحقة الأجهزة الأمنية والمخبرين .
الشّخص الرّابع : ما العمل بعد موته ؟؟؟ هل نعود إلى بيوتنا ؟؟ أم نعمل بأفكاره ؟ أم ننقلب عليها ونعلن أنها أفكار لا تناسب العصر ، وأنه قد آن أوان تغييرها ؟ ؟؟؟
الشَّخص الثالث : يا جماعة تأخرنا على المشيِّعين ، وقد سمحوا لنا بربع ساعة لنودِّع صديقنا على طريقتنا الخاصة .
الشَّخص الأول : هيا بنا . . رحمه الله . . . سنفتقده ، لكن . . . لن تكون الحياة أصعب من دونه .
الشخص الرَّابع : إي سيدي . . . لم تنتهِ الحياة ولا مرَّة .
( يقفون . . ويحملون التابوت ويمضون بخطى متثاقلة . . . بينما يتابعهم الشَّيطان بنظره . . وقد وضع يديه على خصره وكأنه لا يستغرب ما شاهد وسـمع )
الشَّيطان : أرأيتم ؟ . . . . أسمعتم ؟ هذه هي الطبيعة البشريَّة . . ودون تعليق . .

.................................................. .......................................
الــمــشــهــد السَّابع

( الشَّيطان يروح ويجيء بطول الحديقة وعرضها والتَّوتُّر باد ٍ على حركته ، فتارة يشبك يديه خلف ظهره ، وتارة يضرب قبضة يده اليمنى بكفه الأيسر ، ويحادث نفسه ) .
الشَّيطان : أنا الذي لم أسجد لآدم أو لأيٍّ من أبنائه ولُعِنت لأجل ذلك .. سجدت لها ، أنا بالحبِّ سجدت لها ، لأنني أحسست أن ذلك الشعور ألغى أناي ، وأنها أنا ، وأنَّني هيَ ، ما الحبُّ ؟ ؟ أنا لا أقبل أن أكون احتمالات ٍ في الحبِّ ، فتقول : نعم إذا جلبت لها كذا ، وتقول : لا إذا لم أجلب لها ما تريد ، سأبقى أحبها لأجل الحبِّ ، لا لأجلِها . . . لأن الحبَّ أنقى ممن يدَّعونه ، أنا أستطيع أن أجلب لها كنوز الأرض ، لكنني لن أفعل ، ولتفعل ما تشاء ، ولا أسف على من يخون العهد ، الأسف على الإساءة للحبِّ وتدنيس نقائه بالمال أو بالكذب ...
سأبقى أراهن على الحبِّ القضيَّة ، الحبّ المجرَّد من حسابات زيف الزَّمن والذِّمم والنفوس ، الحبِّ الذي لا يمر بالآلة الحاسبة والميزان والمازورة ، سأراهن على الحبِّ الحبِّ ، الحبِّ الشـُّعور الذي يصلح لأن نبني عليه ، الحبّ العطاء ، الحب القصيدة ، النَّقاء ، الصِّدق .... سأراهن على ما فقدتموه يا بشر .

--------------------------------------------------------------------
الــمــشــهــد الثَّامن

تدخل هيلين إلى الحديقة متردِّدة ، تخطو خطوة ً ، ثمَّ تتوقف قليلاً ، وكأنها تفكِّر بالإقدام على شيء ، وتتراجع عنه ، تقترب قليلاً قليلاً من المقعد الذي احتضن لقاءاتهما ، تفتح حقيبة يدها ، تخرج مرآة مستديرة صغيرة ، ترفعها أمام وجهها ، وتعاين ماكياجها ثمَّ تعيد المرآة إلى الحقيبة . . . . تقف ووجهها إلى الجمهور ، وتجلس على المقعد . . وتخاطب الجمهور ) :
هيلين : قولوا ما تريدون عني . . . . نحن في زمن مختلف ، والعواطف فيه لا تكفي، وما عاد هناك لقاء على الغدير أو نظرات عابرة على الشرفات ، أو رسائل معطرة بوردة ، أو سهر ليل ، أو قصائد شعر . . .وحبّ من أوَّل نظرة ... هناك حبٌّ من أوَّل هديَّة ، هذا زمن المال ، من معه يستطيع الحصول على كلِّ شيء ، ومن لا يملك ، يبدأ بفلسفة الحياة وتدبيج المباديء ، والعزف على أوتار المثالية ...... كلُّ مباديء العالم لا تشتري رغيف خبز . . . أحبُّهُ ؟؟؟ نعم ، أو لست أدري ما أستطيع تسمية شعوري ، لكنَّ ذلك لا يكفي ، فأين سنسكن ؟ على مقعد ٍ في حديقة ، وما سنأكل ؟ وكيف سنربي أسرة ؟ . . . الحبُّ شيء والواقع شيءٌ آخر . . . سأعطيه خاتمه ، ويمضي كلٌّ في طريقه . .
( يدخل الشَّيطان الحديقة ، ويسير مباشرة باتجاه هيلين ، يقف أمامها دون أن يسلِّم عليها ، ودون أن يُظهر على وجهه أدنى حركة تدلُّ على شيء أو شعور أو انفعال. تقف هيلين بمواجهته ، وتدرك أنه يعرف ما تريد أن تقول ) .
هيلين ( وهي ترفع يدها اليمنى تؤشِّر بها على نفسها ) : أنا ...( وتصمت ) أنا (وتقطع جملتها .... ثمَّ تصمت وتنظر إلى الأرض . . فيمدُّ يده اليمنى كأنما يريد منها أن تعطيه خاتمه . . فتدرك ذلك بسرعة .)
الشَّيطان ( ومازالت يده ممدودة ) : لن أخوض معك معركة مباديء واحدة .
( ترفع يدها اليمنى أمام عينيها ، تقلبها ، تتأمَّل الخاتم ، ثمَّ تسحبه بيدها اليسرى ، وتضعه بهدوء في يده الممدودة .. يبقي يده ممدودة ويحرِّكها يميناً حتى تصبح فوق سلة القمامة ، ويسقط الخاتم فيها . . دون أن يغيِّر شيئاً من ملامح وجهه ، توجِّه عينيها نحو الأرض ، تستدير وتغادر الحديقة مسرعة والتأثر باد ٍ عليها )
( ينزل يده إلى جانبه ، ويلتفت إلى الجمهور ) .
الشَّيطان : ( صارخاً ) كنت مستعدَّاً لأن أخوض طروادة جديدة لأجلها هذه الهيلين ( يغيِّر نبرة صوته ، ويبدأ أسلوب الحكاية وكأنه لم يكن منذ لحظات ينهي حكاية حبٍّ جارفة ) . . على كلِّ حتى جيوش اسبارطة لم تهاجم طروادة من أجل عيني هيلين ، فهي في المحصِّلة عاهرة ، لكنَّها قضيَّة مبدأ على ما تقولون معشر البشر ، فقد خانهم باريس في ديارهم وأغوى زوجة ملكهم ، ولتذهب هيلين إلى الجحيم ، لكنني أعلم أنَّ منيلاوس كان يقبل لو أعادوا له هيلينَه أن يعود آغاممنون بجيشه ، ويذهب هباءً دم دمُ ابنته العذراء الذي جلب لهم الرِّيح التي ساقت مراكبهم نحو طروادة ، وآلاف المحاربين الذين سقطوا على أسوارها ....... يعني.......... دائماً يخرق البشر ألف مبدأ وقاعدة في سبيل مبدأ واحد . . . . . على كلِّ حال ، أنا أعلم ، فقد كنت حاضراً ، وأنا صاحب فكرة التفاحة التي كانت سبب خلاف الآلهة ، وأنا من أخبر الطرواديين بأن كعب أخيل لم يغطَّس في مياه نهر استيكس ، نهر الخلود ، فكان السَّهم القاتل في كاحل رجله ، لا شكَّ بأن مقتل أخيل كان أكبر وقعاً وأثراً من كلِّ المعركة ونتائجها ، لكن كان لي وجهة نظر دفعتني للتَّدخُّل في مسار التاريخ ، وبرأيي ... لو لم يقتل أخيل لما أصابَ ما أصاب من الشُّهرة والخلود ، ثمَّ إنَّ مجرَّد وجود السَّبب كاف ٍ لتحقيق النتيجة ، فما العبرة في السِّياق العام لأن لا يعمَّد كاحل رجله في المكان الذي كانت أمُّه تمسك رجله منه حين غطَّسته في نهر الخلود ؟ مجرد ترك هذه المساحة القاتلة يكفي لأن نبحث عن سهم يقوم بالمهمَّة . . .
كونوا على ثقة ، هوجمت طروادة لأجل ذهبها وثرواتها لا لأجل شرف أحد..
( ثمَّ ، وكأنما استعاد وضعه وحالته ، والموقف الذي هو فيه ، فهل هذا حديث من تركته حبيبته للتَّو ؟.. يلقي نفسه على المقعد ، ويخفي وجهه بيديه ، ويبدأ بالنحيب) .

.................................................. ...........................................
الــمــشــهـــد التَّاســـــع

الشيطان يجلس على المقعد ، يتناول الجريدة ، فيلاحظ أنه يمسكها بالمقلوب ، فيقلبها رأساً على عقب ويخاطب نفسه بصوت عالٍ :
الشَّيطان : لم يتغيَّر شيء ، ما زالت مقلوبة ، رأسها مثل ذيلها ، لكن ........ ويقلب الجريدة من جديد للأسفل .) هكذا أفضل ، على الأقل أرى وجوه السّياسيّين مقلوبة، أي أرى وجوههم على حقيقتها ، يعني . . في كل جرائد العالم تكون الصَّفحة الأولى للناس ، لبقرة مجنونة ، لدجاجة أو بطة مصابة بالأنفلونزا ، لقطار مقلوب ، لحريق، لغريق ، لفريق ، لعاهرة . . . إلا هنا ، يتصدَّر السّياسيّون الصَّفحة الأولى بثيابهم المكوية ، وربطات العنق ، واستقبلَ ، واجتمع ، وودَّع ، وتغدّى ، وأدلى ، ونفى ، وشجب ، واستنكر ، وكرَّر ، ( ويظهر في نبرة صوته أنه قد ضاق ذرعاً ) يعني إذا دخل أحدهم إلى الحمّام رافقه وفد صحفي، وعشر وكالات أنباء ، وحين يخرج يدلي ببيان صحفي عن تحدّيات المرحلة ، وأصول وأساليب النضال (يستدرك) النضال بالنّاس طبعاً . . . أما الناس التي تعمل ، وتتعب، وتفني العمر والعقل فمكانها سطر غير كامل في صفحة الأخبار المحلّيَّة ، و........ يتبع في الصفحة 17، مع أن الجريدة مكونة من ستَّ عشرة صفحة .
البارحة احتلت الصَّفحة الأولى زيارة وزير المثليين في جُزر الواقواق ، بينما لم ترد كلمة واحدة عن حادث مروري أودى بـ 50 إنساناً ، أو عن غلاء الأسعار ، وتدشين سجن جديد ، وإغلاق صحيفة ، وعطش الأرض ، وأزمة السَّكن ، والنقل ، والرَّواتب الزهيدة ، وتشغيل الأطفال ، والفساد ، والرَّشاوى ، والملابس الضَّيقة ، والأخلاق والمفاهيم الأضيق ، و...... و...... و....
( يستوقف الجمهور للحظة ) لا تتشاءموا ، واسمعوا ( وهو يتصفح الجريدة ) اسمعوا ، اسمعوا .. :
وصرَّح الوزير الضَّيف بأن العلاقات بين البلدين في أحسن حالاتها ، و قد تمَّ الاتفاق على إنشاء منطقة حرة للتبادل بين البلدين ....وأنَّ ما شاهده خلال زيارته لم يشاهد نظيراً له في أي بلد في العالم .....
( يخفض صوته وهو يخاطب الجمهور ، وكأنه لا يريد لأحد غير الجمهور أن يسمع ) : لا بدَّ أنه قد سُرَّ جداً في الجلسات المغلقة . . . لماذا هذه الجلسات المغلقة ؟ لا أعلم ، ما الذي يخفونه عن الناس ؟ لا أعلم ، مادام هناك ما يخفونه فهم إما أنهم يخجلون به ، أو أنهم يريدون إضفاء الأهمية على ما يفعلون .( يطوي الجريدة بعناية ظاهرة ، ثمَّ يمدُّها بشكل مستقيم فوق سلة الزبالة بجانب المقعد ويسقطها في السَّلّة .. ويتَّكيء إلى الخلف، ويضع يديه خلف رأسه ويمعن النَّظر في السَّماء ، ويتابع ...:
الشَّيطان : ما أجمل سماء هذه البلاد ! . المشكلة أن لا أحد ينظر إلى السَّماء .
( يدخل المسرح عدد من الأشخاص من بينهم شخص يبدو أنه مركز الاهتمام ).
الشيطان ( وما زال يحدق في السَّماء ) : والآن أستطيع أن أغفو على صوت خطاب هذا الدَّجال .
( يتجمع الناس حول الخطيب الذي يصعد أحد المقاعد ، ويتنحنح استعداداً لخطابه ).
الخطيب : أيها الرفاق أيتــ........... ( ولا يكمل جملته ، حيث يدخل رجلان يضعان نظارات سوداء ، ويمسك كلٌّ منهما بإحدى يديه ويفر البقية كالجرذان المذعورة ، كلٌّ في اتجاه ، ويخاطبه أحدهما )
جاك 1 : هل تظن نفسَكَ في حديقة هايد بارك يا عزيزي ؟ !
جاك 2 : ثمَّ .. أين الجماهير الغفيرة ؟ صاروا متل العصافير الصَّغيرة.
( يسحبانه أمامهما )
جاك 1 : سوف تخطب في السِّجن حتى يجفَّ لعابُك ( ويضربه على رقبته ) .
جاك 2 : مشي ولا . . ( ويمرّان من أمام الشَّيطان الذي يتابعهم بعينيه حتى يخرجوا من المسرح ) .
الشَّيطان : ( يوجه كلامه للجمهور ) أرأيتم ؟ ؟ نفس الأسلوب . . .
( يدخل شخص آخر الحديقة ، ويظهر أنه مستعجل ، وتستوقفه علبة عصير فارغة مرميَّة على الأرض ، فيتناولها يهزّها بيده ، ثمَّ يضعها في السَّلة بجانب المقعد الذي يجلس عليه الشَّيطان ، والشَّيطان يراقبه بفضول ، وما أن يسير من أمامه حتى يضع رجله أمامه ويعرقله ، فيسقط أرضاً . . . ينهض وهو ينفض ما علق بملابسه نتيجة سقوطه على الأرض ، فيركله الشّيطان على قفاه ، فيمضي خارجاً من الحديقة متلفِّتاً حوله ، ومتسائلاً عما يحصل له .
الشَّيطان : هوَ يستحقها ،. . . لا تعتقدوا أنه يحبُّ النظافة ، فبيته وسخ . . . أرأيتم يده وهو يهزُّ العلبة ؟ ؟ كان يريد أن يعرف إن كانت تحتوي على بعض العصير ، وحين لم يجد فيها شيئاً تظاهر بأنه يريد رفعها ورميها في سلَّة المهملات ، أنا أعرف هذه النوعيَّة من البَشر . . . لا يجود على نفسه أو عياله بعلبة عصير مع أنه يمتلك الملايين .

---------------------------------------------------------------
الــمــشــهــد العاشــر

( الشيطان في الحديقة ، وحقيبة مفتوحة موضوعة على المقعد ويبدأ بجمع ملابسه المنتشرة على أشجار الحديقة ويضعها في الحقيبة ، وهو يخاطب الجمهور )
الشيطان : لم أعد أحتمل هؤلاء البشر ، لم أعد أحتملكم ، سأبحث عن غابة أو جزيرة لا بشر فيها ، فعشرة الوحوش أفضل من عشرتكم . . . . حتى أنتم يا من تسمعونني وترونني ، سأكشف لكم ما لا ترونه بينكم ، وما خفي في صدوركم ، ( يقف بمواجهة الجمهور ويشير بسبابته ) انظروا هناك في المقعد الأخير ، شاب يقبِّل فتاة ، وهناك في الزاوية رجل ينشل آخر ، وذاك يبقر جلد المقعد الذي يجلس عليه ، وهذا يفكر بسرقة خزنة شركته غداً، وذاك يتحرَّش بالفتاة الجالسة في المقعد المجاور ، وتلك ، وذلك . . . . . أصدَقكم ذلك الطفل النائم هناك في حضن أمه ، لا أطيقكم يا بشر ، لا أطيقكم ، سأهجر أية أرض يسمع فيها خفقُ قلوبكم ، ورجعُ أنفاسكم ، كان يمكن فقط أن أستمريء وجودي بينكم لو كان الحبُّ..( ويغصُّ بكلماته ) ............... أنا راحل ( يحمل حقيبته ، ويسير بتمهل للخروج من الحديقة فيدخل المسرح جميع أشخاص المسرحية ، وكلٌّ منهم يحمل حقيبة سفر ، ويخاطبه أحدهم) : إلى أين ؟ خذنا معك .
ويخاطبه آخر : لا نستطيع الحياة بدونك .
وآخر : انتظرني فكرشي لا يساعدني .
وتخاطبه أخرى : أنا أحبّك فانتظرني حتى أنتهي من نتف شعر رجلي .
ويخاطبه آخر : انتظر فلم أكمل بعد التهام البلد .
وآخر : انتظر فلم أكمل ضـَياعي بعد .
وآخر : ألن تنتظر حتى ترى الشرق أوسطيَّة تتحقق والعولمة تتشدَّق و تتشردق ؟؟؟ وآخر : لمن ستترك المحافظين الجدد ؟؟ .
وآخر : والعرب ؟! .
( يفاجأ الشيطان ، ويهرول هارباً ويتبعه البقية إلى كواليس المسرح صارخين ) :
انتظرنا ، انتظرنا يا أبتاه . . . انتظرنا ... .







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=38805
التوقيع




" أن تنتظر مجرد الثناء على فعلك التطوعي، فتلك بداية الحس الإنتهازي ''
محمد الحيحي

    رد مع اقتباس
قديم 2009-11-18, 13:20 رقم المشاركة : 2
jawad1711
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







jawad1711 غير متواجد حالياً


افتراضي رد: شيطان بذاكرة ملاك


أشكر المنتدى المحترم على إضافة مسرحيتي إلى النصوص المدرجة في المنتدى ، واشد على أيديكم في سبيل كلمة حق وكلمة علم ......

جواد الشوفي

[email protected]






    رد مع اقتباس
قديم 2009-11-18, 14:03 رقم المشاركة : 3
أشرف كانسي
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أشرف كانسي

 

إحصائية العضو








أشرف كانسي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام المرتبة الاولى لصناعة النجاح عن ورشة التفوق ه

وسام المراقب المتميز

الوسام الذهبي

افتراضي رد: شيطان بذاكرة ملاك


أهلا بك استاذي العزيز جواد الشوفي
سررنا بتسجيلك هنا
بروف في بي يرحب بك
محبتي






التوقيع




" أن تنتظر مجرد الثناء على فعلك التطوعي، فتلك بداية الحس الإنتهازي ''
محمد الحيحي

    رد مع اقتباس
قديم 2009-11-27, 17:07 رقم المشاركة : 4
سواد الليل
أستـــــاذ(ة) جديد
 
الصورة الرمزية سواد الليل

 

إحصائية العضو








سواد الليل غير متواجد حالياً


bayan رد: شيطان بذاكرة ملاك


اسف
طويلة جدا






    رد مع اقتباس
قديم 2009-11-28, 13:22 رقم المشاركة : 5
أشرف كانسي
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أشرف كانسي

 

إحصائية العضو








أشرف كانسي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام المرتبة الاولى لصناعة النجاح عن ورشة التفوق ه

وسام المراقب المتميز

الوسام الذهبي

افتراضي رد: شيطان بذاكرة ملاك


للأهمية فقط يا سواد الليل
يمكنك تلخيصه .. سهل جدا
عيدكم سعيد






التوقيع




" أن تنتظر مجرد الثناء على فعلك التطوعي، فتلك بداية الحس الإنتهازي ''
محمد الحيحي

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 06:32 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd