منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - بدعة (صلاة الفاتح) العجيبة

إذًا لابدَّ أن نتقيَّد بالصيغ الواردة في السنة وفي القرآن وما سمعناه من السلف الصالح في القرون المفضلة، وأما ما اخترعه المخترعون وابتدعه المبتدعون في هذا الباب، من تحويل الصلاة والسلام عليه إلى أغاني وأناشيد وأهازيج، وربما صحِبها بعض الطبل والزمر، فلا شك أن هذا من تزيين الشيطان، ومن تلبيس إبليس، ومن نزغَاتِ الشيطان وتَوْهِيمهُ؛ حيث صرف الناس عن السنة، وزيَّن لهم البدعة، وأوقعهم فيها، وأظهرها في صورة السنة ورتبوا عليها.

والعجيب، ومن أعجب العجب أن مفتري ما يسمى: "بصلاة الفاتح" عندما افتراها على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم؛ رتب عليها أجورًا عظيمة لم يَرد لها نظير لا في الكتاب ولا في السنة، ولم يقل بها أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال هذا المفتري؛ قال: "إن مَن قرأ صلاة الفاتح مرة واحدة فكأنما قرأ القرآن ستة آلاف مرة!

وفي بعض روايات كتابه الخبيث المسمى بـ: (جواهر المعاني) يقول: "إن من قرأ صلاة الفاتح مرة واحدة فكأنما قرأ القرآن ستمائة ألف مرة، وكل مرة تعدل أربعمائة غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل غزوة بها يحصل قائلها على ألف زوجة من الحور العين" !!

ماشاء الله! يا الافتراء!!

أولاً: اضرب ستمائة ألف في أربعمائة، ثم اضرب هذا المبلغ كله في تلك الألف الزوجات من الحور العين، -ولعل هذا هو المقصود؛ لأن هؤلاء الصوفية يتزوجون أكثر من أربعة، يُحلون لأنفسهم ما حرم الله -سبحانه وتعالى-؛ يعني تطلع بلايين وعلى من عرف الحساب أن يخرجها، أقول تطلع بلايين البلايين، وهذا افتراء على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم. فما عندنا في الشرع لا صلاة فاتح ولا ماتح!

من زعم أن هناك صلاة فاتح؛ فهو مفتري كذَّاب أشِرْ، مفتري على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ونحن نبرأ إلى الله ونحن في مسجد رسول الله من هذه البدع، ومن أهلها، ومن قائليها، ونحاكمهم إلى الله يوم نلقاه؛ حيث أضلوا المسلمين، وصرفوهم عن كتاب الله، تجد بعض الناس لا يقرأ القرآن وهو يعرف يقرأ؛ لكن يجلس يردد صلاة الفاتح هذه آلاف المرات، ولا يقرأ سورة البقرة حتى يطرد الشيطان من بيته، ولا يقرأ آية من كتاب الله.

وأدهى من هذا وأمَرّ أنهم يقولون لهم: أنتم ضِعاف لا تحتملون القرآن، القرآن لا يقدر عليه إلا الخُلَّص من الناس، وإلا طائفة خاصة من الناس؛ كشيخ الطريقة - قصم الله رقبته-، وكغيره من المفترين الدجالين الأفاكين المتقوِّلين على الله بغير علم، يقولون هؤلاء هم الذي يستطيعون. أما أنت، أنت مسكين عامي لا تتحمل القرآن؛ يعني مثل اليهود يقسمون الناس إلى أمَمِيَّين وشعبُ الله المختار - تعالى الله عما يقولون علواً كبيرًا-.

يعني أنت أمِّي عندهم، وهم الذين وصلوا إلى ما شاء الله من الوصول. نعم، وصلوا إلى دركات الشياطين التي أضلتهم وأغوتهم وصرفتهم عن هدى الله الذي بُعث به نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.

فأكثروا من الصلاة والسلام عليه، وإياكم وما يسمى بصلاة الماتح! ما أدري الفاتح! فإنها فرية افتُريت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكثروا من الصلوات والسلام عليه بالصلاة الإبراهيمية الواردة في التشهد، واختصارها جملة: "صلى الله عليه وسلم" هي الصيغة التي ذكرها الصحابة عندما يروون أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فانتبهوا فإن هذا الأمر جدُّ خطير، ويحتاج إلى وقفات ووقفات؛ حيث تحولت الصلاة عند هؤلاء الناس إلى أغاني وابتهالات وأناشيد مجرد ما يُسلِّم الإمام يتغنى بتلك المسماة بصلاة الماتح! ما أدري الفاتح! ويجعلونها أهازيج وأغاني ويرددونها مرارًا وتكرارًا ويظنوا أن ذلك يقربهم إلى الله {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}[1]

فالتزموا السنة، التزموا السنة عباد الله! فإن الخير كل الخير في الإتباع وتطبيق السنة، والسير على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. والشر كل الشر في الابتداع والسير على هدي شيوخ الطرق المضللين، الذين ضلوا وأضلوا؛ حيث وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إن الله لا ينتزع العلم انتزاعًا وإنما يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقَ عالمٌ- وفي رواية : إذا لم يُبْقِ عالمًا - اتخذ الناس رؤوسًا جُهَّالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا))[2].

فانتبهوا عباد الله! وحكِّموا شرع الله، وانتبهوا إلى ما جاء في كتاب الله واعملوا به، وما جاء في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم واعملوا به، وما اخترعه المخترعون فابتعدوا عنه واحذروا منه وتجنبوه، قال صلى الله عليه وسلم: ((وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ)).[3]

فإن من أعظم ما نهى عنه البدع والابتداع في الدين؛ فإن الدين دين الله الكامل الذي لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كمَّله الله له في عهده قبل أن يلقى ربه -سبحانه وتعالى-، وأشهد الناس على ذلك يوم الحج الأكبر، رافعًا إصبعه إلى السماء ((أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَ فَاشْهَدْ))[4].

فالذين يخترعون مثل هذه المخترعات والمبتدعات في الدين، ما هو موقفهم من كمال هذا الدين؟

أيكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد قصَّر في بيان الدين؟! من رأى هذا فقد كفر.

أيكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد كتم شيئًا من العلم؟! من اعتقد هذا فقد كفر.

أيكون من جاء بعد النبي صلى الله عليه وسلم أعلم منه بالله، وبما يجب لله، وبما يجب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟! من اعتقد هذا فقد كفر أيضًا.

أيكون الرسول صلى الله عليه وسلم ادخره عن أبي بكر وعمر، وأخبر به هؤلاء بعد مئات السنين؟! هل هذا معقول يا عباد الله!؟ أم أنها البدع التي قال فيها عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ))[5]. نعم.

------------------------

[1] [الكهف: 103].

[2] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)) رواه البخاري ومسلم.

[3] رواه البخاري ومسلم.

[4] رواه البخاري ومسلم.

[5] رواه البخاري ومسلم.