منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - تجارب في التجديد: رحلة في كتاب عملية التجديد التربوي (المحور 2)

يقدم لنا الكتاب صورة سريعة عن بعض تجارب التجديد في عدة أقطار آسيوية وإفريقية، ففي أندونيسيا حيث كان الفقر المدقع، ونقص الخبرة اللازمة لاستغلال الطاقات سائدين، وأمية مستشرية بمعدل 90% تقريبا، وحيث أدى الغزو الياباني إلى تخريب عدد كبير من المدارس، وجعلها غير صالحة للإستعمال، ثم وضع خطة لتحسين النظام التعليمي، وتصميم برنامج بعيد المدى لإعادة بناء النظام برمته. وقد أنصب هذا، بصورة أساسية، على تغيير المناهج، وتحسين الكتب المدرسية، وتوفير التدريب في أثناء الخدمة للمعلمين.

وتقضي الخطة بالبدء من مستوى غرفة الصف، وبطريقة منظمة ومنهجية، بحيث يتم الاصلاح خطوة بخطوة، وبشكل لا يكون معه انتقال من خطوة إلى أخرى، قبل أن تثبت التجربة صحة الخطوة السابقة، كما أن الخطة تتجه نحو الإعتماد على الدلائل والشواهد العلمية، ونتائج التطبيق العملي.

وكان من أبرز نتائج الخطة المذكورة، التي بدئ تنفيذها في عام 1971م، بعد أن كانت المشكلة قد حددت بوضوح في عام 1969م، الأخذ بمبدأ إجراء التعليم بواسطة سلسلة من الوحدات التعليمية، وهذا يعني تجزئة المنهاج في كل مادة إلى عدة أجزاء يمكن السيطرة عليها، وتسمى الواحدة منها ( وحدة التعلم learning uit ).

وتتألف كل وحدة من:
1- كراس المعلم التوجيهي
2- مجموعة من نشاطات التعلم التي يتوجب على التلاميذ أن يمارسوها عند تحقيق أهداف التعلم
3- ورقة عمل تمكن التلميذ من تسجيل الحلول للمشكلات التي تتضمنها الوحدة
4- وسيلة لتقييم مدى نجاح الطالب في إنجاز أهداف التعلم لكل وحدة.

ومن الأمثلة الأخرى التي أوردها الكتاب، ما حدث في ألمانيا الغربية، فعلى الرغم مما كان يتمتع به هذا القطر، وما زال، من وضع مالي متين، واقتصاد قوي، فقد كانت هناك بطالة مستشرية، أثرت إلى حد بعيد، في أوضاع الذين كانوا يتخرجون من المدارس، ولا سيما منهم الغير المؤهلين بدرجة كافية. وقد أنحي باللوم في ذلك على التربية، بسبب عدم كفاية النظام التربوي الألماني، والذي عجز عن تأهيل طلاب قادرين على الإنخراط في المهن المختلفة، ومنذ عام 1975م، بدئ بتنفيذ خطة التجديد والإصلاح، تقوم على أساس السماح للطلاب المتخرجين الذين يعجزون عن ايجاد عمل، بالعودة إلى المدرسة لمدة سنة واحدة، إذا شاؤوا، من أجل التدريب على المهن والمهارات.

وكان من نتيجة الخطة أن نشأت الحاجة إلى وضع مناهج لدورات مهنية مكثفة وفعالة. وعلى الرغم من أن نتائج البرنامج الإصلاحي الجديد لم تتضح بعد، فإن المعنيين يتوقعون أن يؤدي البرنامج إلى إصلاح تدريجي في نظام التعليم بأكمله.

أما في سريلانكا، فكانت هناك مشكلات تربوية كثيرة، منها استشراء التسرب بنسبة 60%، لأسباب منها ازدياد الرسوم المدرسية، الناجم عن تدهور الوضع الإقتصادي، وكان 65% من المعلمين غير مؤهلين بدرجة كافية ، كما أن 90% من سكان الأرياف أميين، ناهيك عن أكاديمية المناهج وعدم تناسبها مع حاجات البلاد. ولمواجهة هذا الوضع التربوي الصعب، تم وضع برنامج للتجديد والإصلاح يتضمن:
1- تطوير مناهج جديدة للتعليم الإبتدائي
2- إيلاء التعليم في الريف اهتماما خاصا
3- توسيع مهام كليات تدريب المعلمين، لتوفير المزيد من التدريب في أثناء الخدمة، وتقديم خدمات تربوية إضافية للمعلمين الريفيين، على أساس الحاجة والطلب
4- إنشاء مراكز لتوفير التعليم والتدريب، النظامين وغير النظامين على السواء، للشبان والكبار في الارياف

وفي ماليزيا، جرى تنفيذ برنامج تجديدي شديد الشبه بما جرى في سريلانكا، وبموجب ذلك أعيد تشكيل المناهج بصورة كاملة للسنوات الثلات الأولى في المدرسة الإبتدائية، ويتوقع أن ينجم عن ذلك تغير في طرق التعليم. ويتضمن البرنامج، ايضا، خططا لرفع كفاية المعلمين، وحل مشكلة الريف التربوية.

وفي نيوزيلاندا، كانت هناك مشكلة عدم القدرة على بناء ما يكفي من المدارس الثانوية الجديدة، وبالسرعة المطلوبة، لمواجهة السيل المتزايد من الطلاب الجدد. وعندما فكر المعنيون بحل هذه المشكلة، تطورت المسألة واتخذت أبعادا جديدة، واصبح المطروح كيفية بناء مدرسة المستقبل النموذجية.

وقد انعقد الاتفاق على أن المدرسة يجب أن تستجيب للحاجات الاجتماعية والتربوية للسكان، وأن تكون قادرة، أيضا، على التفاعل والتعاون مع البيئة الإجتماعية المحيطة بها. وكذلك أن تشكل مكانا ملائما يستطيع الأطفال والمعلمون والوالدون في ظله التعاون معا، لما فيه صالح قضية التعليم. بالإضافة إلى ذلك، فإن البناء المدرسي ينبغي أن يسمح للأطفال والكبار القيام بالعمل الفردي، وبالعمل الجماعي المحدود. وبالعمل الجماعي الواسع، في آن واحد، وحسب الرغبة والحاجة، وذلك حتى يتمكن الطالب من تطوير معرفته وخبرته، ويغدو قادرا على فهم نفسه وفهم الناس الذين يعيش ويعمل معهم.

ونتيجة للمناقشات والمداولات التربوية الطويلة، انبثقت خطة التجديدات والإصلاح، تقوم على استخدام طريقة الوحدات في البناء. وهي طريقة تسمح بسرعة الإنجاز وخفض التكاليف. وتولي الخطة موضوع حجم المدرسة اهتماما كبيرا، فهذا الحجم يجب ألا يكون له حد نهائي، والتصميم الهندسي ينبغي أن يسمح للمدرسة بالنمو والتوسع، أو التقلص والانكماش، حسب مقتضيات الحال. لقد انطلق برنامج الإصلاح التربوي في نيوزيلاندا، اساسا، من تطوير طريقة جديدة أكثر فعالية لبناء المدارس. ولكنه اتسع بعد ذلك ليشمل أيضا طرائق التعليم، وليتبنى فلسفة تربوية خاصة، تقوم على أن البناء المدرسي يجب أن يوفر إطارا يسمح بالتعليم الجيد الناجح، دون أن يتدخل بدقائق هذا التعليم وعلى كيفية سيره.

أما في غانا، فقد جرى تنفيذ برنامج تجديدي وإصلاحي أساسه إدخال قدر من العمل التطبيقي في المناهج التي كانت توصف بأنها تقليدية وأكاديمية، وخاضعة لمستلزمات الإمتحاناتـ، وبموجب البرنامج الجديد يخصص يوم واحد أو أكثر في الأسبوع يقوم خلاله الطلاب بعمل ذي مردود اقتصادي، إذ يقضون أوقاتهم في زراعة أو صنع شيئا ما، أو في تقديم خدمات معينة، أو في إجراء نشاطات عملية تؤدي إلى نتائج محسوسة ومربحة، وتقود إلى السيطرة على بعض المهارات المنتجة. ولدى تنفيذ البرنامج تبين أن هناك حاجة لإصلاحات أخرى، تنظيمية وبنيوية، في النظام التعليمي الغاني. ومن بين الخطوات التجديدية التي تم ادخالها:
1- الربط بين ما يجري في المدرسة، وبين الظروف التي يواجهها الطلاب بعد مغادرة المدرسة
2- قيام الطلاب في المدارس بعمل ما هو مفيد للمجتمع بأسره
3- تدريب الأطفال على إحراز المهارات الضرورية التي تساعد على التطوير في المناطق الريفية
4- تغيير مواقف المتخرجين من المدارس تجاه العمل وتشجيعهم على العمل في المهن العملية الحرفية المنتجة، بدلا من الوظائف المكتبية.

وشكرا على حسن متابعتكم

يتبع

...