2012-01-01, 01:40
|
رقم المشاركة : 3 |
إحصائية
العضو | | | رد: الرد على شبهة أن الرسول صل الله عليه وسلم كان مزواجا شديد الميل للنساء | بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام تابع الرد على الشبهة · أم سلمة: تزوجها في السنة الرابعة للهجرة بعد موت زوجها عقب غزوة أحد، وكان زواجه بها مكافأة لها على ما لقيته من الشدة عند إسلامها وعند هجرتها، فقد كانت أول مهاجرة للحبشة، وأول ظعينة للمدينة، انتزعها أهلها من زوجها عند هجرته، ثم لحقت به بعد ذلك، وكان لها أولاد من أبي سلمة، اعتذرت بسببهم عن الزواج عندما عرض عليها ذلك أبو بكر وعمر، كما اعتذرت في بادئ الأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - عندما خطبها، فكان زواجه بها عزاء لها، وتكريما لجهادها، وحماية لأولادها. · زينب بنت جحش: إن الزوجات الأربع السابقات لا يحتجن إلى تعليل لتعددهن، فهن في حيز العدد المسموح به، ومن جاء بعدهن يحتاج زواجهن إلى تعليل، وأولاهن زينب بنت جحش وقد تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن طلقها زوجها مولاه زيد بن حارثة، وذلك لإبطال عادة التبني، الذي كان يمنع تزوج الرجل بمطلقة ابنه المتبنى، كما كان في زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بها رد اعتبار لها، ومكافأة لها على رضاها بحكم الله ورسوله في الزواج من مولى وهي شريفة قرشية؛ لأنها بنت أميمة عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت هي موضع التجربة في إزالة العصبية الجاهلية في نظرتهم لكفاءة النكاح، إذ رأى أن تجربة الإلغاء تكون فيمن يمكنه أن يتزوجها قبل زيد إذا أراد، ثم إنه قد استفاض عنها بعد طلاقها من زيد أنها أتعبته، ولهذا لم يجرؤ أحد على زواجها بعده، فتزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن الملفت للنظر أن زيدا مطلقها هو الذي كلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بخطبتها له، فالموضع كله تخطيط للتشريع، لا لشهوة أو دنيا، ولهذا فإن الله - عز وجل - هو الذي زوجها للنبي - صلى الله عليه وسلم - بدون ولي عنها، قال سبحانه وتعالى: )فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا (37)( (الأحزاب)، وكون الله - عز وجل - هو الذي زوجها له دليل على إباحة تجاوز العدد عن أربع زوجات له - صلى الله عليه وسلم - خاصة[31]. · جويرية بنت الحارث: كانت أسيرة في غزوة بني المصطلق ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري، فكاتبها على تسع أواق من الذهب ليعتقها، فدفعها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعتقت وتزوجها، وكان عتقها سببا في أن أهل مائة بيت من بني المصطلق أعتقوا، إكراما لعتق النبي - صلى الله عليه وسلم - لها وزواجه بها، فليس من اللائق أن يكون أصهار النبي - صلى الله عليه وسلم - أرقاء، وقد رأى الصحابة ذلك دون ضغط عليهم، تقول عائشة: «ما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها، أعتق بسببها مائة أهل بيت من بني المصطلق» [32]. وهكذا كان هذا الزواج تأليفا لبني المصطلق، بعد عداوتهم الشديدة للنبي صلى الله عليه وسلم. · أم حبيبة: هي رملة بنت أبي سفيان الذي ناصب النبي - صلى الله عليه وسلم - العداء طويلا، تزوجها رحمة بها، حيث تنصر زوجها عبيد الله بن جحش بالحبشة، وأصبحت وحيدة وأبوها وإخوتها مشركون، فكان من الإنصاف والرحمة والحماية من الفتنة أن يضمها النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه؛ فضمها - صلى الله عليه وسلم - وهي ما تزال بالحبشة، كما أن فيه تأليفا لأبي سفيان، فقد حمد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فعله، ولم يتألم حين علم بزواجه منها، بل قال فيه: "هو الفحل لا يقدع أنفه" [33]. · صفية: تزوجت في بيت ابن أبي الحقيق، وهو بيت مشهود له في خيبر، وكان زواجها فيه من كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، عاشت معه قدر ما عاشت إلى أن غزا المسلمون خيبر، وإذا بها تخبر زوجها ذات صباح أنها قد رأت فيما يرى النائم أن قمرا قد وقع في حجرها، وطلبت منه أن يعبر لها رؤياها، فقال لها مغضبا: تتمنين ملك يثرب؟ ولطمها لطمة شديدة أثرت في إحدى عينيها، ولقد بقي هذا الأثر في عينها إلى أن وقعت أسيرة في يد المسلمين. وظلت صفية مع الأسرى لا يعرف أحد ما شأنها، حتى هم القوم بالرحيل، وقد وقعت في سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغنائم، فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأنها، فوجدها من علية القوم، وقد وقعت أسيرة، وهي مكلومة[34] بفقد أبيها وفقد زوجها، وفقد بعض أقربائها، فتحركت النخوة في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي نخوة عالية كما هي عادته في مواقفه، فرأى أن يرحم عزيزة قوم ذلت بالأسر، وحزنت لفراق أبيها، فما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن أعتقها ثم تزوجها. وهذا عمل قد حظي بإعجاب الكتاب والمؤرخين من المسلمين ومن اليهود على السواء. وبهذا الحماس نفسه أظهر الكثيرون من المنصفين رأيهم على هذا النحو، وأبانوا عن إعجابهم بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - واتخاذه هذا الموقف من صفية، مع علمه الأكيد بخلائق اليهود التي لا يؤتمنون معها على شيء. أما صفية فقد حولها الله إنسانة أخرى فأسلمت وحسن إسلامها، وأخلصت للنبي - صلى الله عليه وسلم - إخلاصا شديدا يليق بوضعها الجديد أما للمسلمين. ولقد ظلت على وفائها هذا لا تعلن عنه بألفاظها، وإنما تعبر عنه بالأفعال إلى أن جاء وقت مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واجتمع نساؤه حوله، فقالت صفية: يا رسول الله، إني قد تمنيت أن ما بك من الوجع ينتقل إلي، فغمزتها صويحباتها، ورأى النبي زوجاته وما فعلن بها، فأمرهن أن يغسلن أفواههن، فسألنه: ومن ماذا يا رسول الله؟ فقال: من غمزكن لصاحبتكن، فوالله إنها لصادقة. هذا وإن صفية في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تتعرض أحيانا لبعض الألفاظ التي تؤلمها، كأن يقال لها: إن أباك يهودي وأمك كذلك، وكانت تتألم من ذلك ألمـا شديدا، وتشكو للنبي - صلى الله عليه وسلم - ألمها، فقد روى ثابت بن أنس قال: «بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تبكي، فقال: "ما يبكيك"؟ فقالت: قالت لي حفصة إني بنت يهودي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك"؟ ثم قال: "اتقي الله يا حفصة» [35]. أرأيت إلى هذا النبل الرشيد، والخلق العالي السديد في تصرفات خاتم المرسلين[36]؟ · ميمونة: تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما كان معتمرا في مكة، وكان زواجه منها ربطا لصلته بأقاربه المصاهرين لأقاربها، حيث كانت أختها أم الفضل لبابة تحت عمه العباس، وكانت أختها لأمها أسماء بنت عميس زوجة لجعفر بن أبي طالب، وأختها لأمها أيضا سلمى بنت عميس كانت تحت عمه حمزة، فكانت إحدى أخوات ثلاث, فتزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدما تأيمت من زوجها أبي رهم الذي مات ولم يسلم. · زينب بنت خزيمة: تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - عقب موت زوجها عبد الله بن جحش في أحد، فكان زواجه منها تكريما لها، وقد توفيت بعد أقل من سنة من زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - منها. كانت هذه بعض الملابسات والظروف التي صاحبت زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من هؤلاء الزوجات، ويظهر من هذا أن زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا العدد لم يكن شهوة، بل كان دينا وإنسانية [37]، كما يمكننا أن نلاحظ من خلال العرض السابق لزوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة حقائق منها: · أنه - صلى الله عليه وسلم - ظل عزبا مدة خمسة وعشرين عاما. · أن ترتيب زيجاته - صلى الله عليه وسلم - كان توفيقا إلهيا، إذ إن كل زوجة تناسب متطلبات المرحلة التي كان يمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعوته المباركة. · أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج بكرا سوى عائشة - رضي الله عنها - على الرغم من تشجيعه على الزواج من الأبكار؛ فمن هديه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الشأن قوله لأحد أصحابه: «هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك» [38]؟ · أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - هي أكثر النساء رواية للحديث، ونشرا للعلم من بعده، مقارنة بالسيدة خديجة أو سودة مثلا... إلخ، وهذه إحدى الحكم الإلهية والأسرار الربانية من تقدير الله زواجه - صلى الله عليه وسلم - بها صغيرة السن؛ لتحفظ عنه الحديث ويؤخذ عنها الدين (فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر)، فقد روت - رضي الله عنها - (2210) ألفين ومائتين وعشرة أحاديث. · أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوج بامرأتين أكبر منه سنا، هما: خديجة بنت خويلد (أكبر منه بـ15 سنة)، وسودة بنت زمعة (أكبر منه بـ5 سنوات). · أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوج بأربع نسوة كن قد تجاوزن الخامسة والثلاثين هن: خديجة (40 سنة)، سودة (55 سنة)، زينب بنت جحش (35 سنة)، رملة بنت أبي سفيان (40 سنة). · أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج قبل الخمسين سوى السيدة خديجة أما باقي نسائه فقد تزوج بهن بعد تجاوزه سن الخمسين. فكيف يقال بعد كل هذه الحقائق أن زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كان زواج شهوة لا يقوم على أسس دينية؟! [COLOR=******text]خامسا. اختلاف فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعدد عن فعل السلاطين:[/COLOR] جرت عادة السلاطين والأمراء والملوك الذين يجرون وراء شهواتهم ونزواتهم فيتزوجون الكثير والكثير من النساء زواجا ليس في حقيقته إلا ضرب من المتعة الحسية واللهو الجنسي، ولذلك فإنهم لا يرضون بالأبكار الجميلات بديلا، وليس من شك في أنهم كانوا يقومون بنزواتهم وشهواتهم في قصور فارهة شامخة. فهل يعقل أن يشبه هؤلاء السلاطين المترفون المنعمون برجل تزوج في أول عهده بالزواج امرأة ثيبا تكبره بخمس عشرة سنة، واستمر معها حتى جاوز الخمسين من العمر، وكانت زوجاته بعد ذلك كلهن ثيبات عدا عائشة - رضي الله عنها ـ!! "كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مشغولا في أكثر أوقاته بواجبات الدعوة، إلى جانب واجبات نفسه، فكان بالنهار يدعو إلى الله، ويقضي بين الناس ويجهز الجيوش والإمدادات، وينظم أمور المجتمع... وبالليل كان يتعبد الساعات الطويلة، فأين هو الوقت الذي يكفيه - إن كان شهوانيا - لإشباع رغبته الجنسية" [39]؟ إن بيت النبوة لا يحق له أن يكون وكرا للملذات، كما يحدث في قصور الملوك؛ ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بملك ولا سلطان، ولكنه نبي مرسل للناس جميعا. وهل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصحاب القصور الفارهة التي يقتني فيها أصحابها ما يشاءون من النساء؟! إنه كان يعيش في بيت متواضع، وكل من زوجاته تسكن في حجرة واحدة، لا تخرج منها إلا لحاجة. ثم إن الحالة المعيشية للرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت رقيقة - كما هو معروف - ولذيذ الطعام والشراب والراحة الكافية، وما إلى ذلك مما يساعد على التمتع الشهواني غير موجود، ومن الذي يصدق أن رجلا تقدمت به سنه بعد موت خديجة، إذ تجاوز الخمسين، وفي الوقت نفسه كان فقيرا، إن لم يجد في الصباح ما يأكله نوى الصيام، وأحيانا كان لا يجد ما يفطر عليه من صيامه إلا الخل، فيتناوله شاكرا راضيا، وثبت أنه كانت تمر عليه الليالي الطويلة، شهرين أو أكثر ولا يوقد في بيته نار لإنضاج طعام لذيذ، وكان عيشه على التمر والماء - من الذي يصدق أن من في هذه الحالة يمكن أن يشبه بالملوك والسلاطين المترفين الذين لا هم لهم إلا المتعة الحسية؟ ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كهؤلاء لوفر لنفسه الطعام والشراب ووسائل الراحة الكافية، وكان الحصول على ذلك سهلا؛ لأنه رئيس الدولة، والشعب كله يحب أن يوفر له ما يسره لو أراد، لكنه زهد وقنع، وتحرج عن مد يده إلى شيء من الخزينة العامة لمصلحة نفسه[40]. [COLOR=******text]سادسا. ما جاء به القرآن في قصة وليمة زواج زينب بنت جحش، كان لتهذيب سلوك المسلمين وتنبيههم إلى مراعاة شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم:[/COLOR] إن ما جاء به القرآن الكريم لم يكن لغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ادعى مثيرو هذه الشبهة وإنما جاء لتعليم المسلمين، وعن سبب نزول قوله عز وجل: )يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق( (الأحزاب: ٥٣). يقول القرطبي: "قال حماد بن زيد: هذه الآية نزلت في الثقلاء، فالجمهور من المفسرين على أن سببها «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تزوج زينب بنت جحش - مطلقة زيد - أولـم[41]، فدعا الناس، فلما طعموا جلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله، وزوجته مولية وجهها إلى الحائط فثقلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أنس: فما أدري أأنا أخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القوم قد خرجوا أو أخبرني. قال أنس: فانطلق - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل البيت، فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب، قال: ووعظ القوم بما وعظوا به، وأنزل الله عز وجل: )يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق( (الأحزاب: ٥٣)»[42][43]. والحق - سبحانه وتعالى - وزع الأمر بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أمته من بداية هذه السورة... وعلى هذا فالآية هنا للتعليم والتأديب وما كانت أبدا بسبب غضبه - صلى الله عليه وسلم - كما أن سبب نزول هذه الآية يؤكد ذلك، بل إنه يؤكد شدة حياء النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحياء الذي منعه من التحدث إليهم، رغم ضيق البيت عليه - صلى الله عليه وسلم - هو وزوجه لدرجة أن زوجته - صلى الله عليه وسلم - كانت مولية وجهها نحو الحائط من شدة الحرج. والحق - عز وجل - هنا يعلمنا الأدب مع رسول الله، ويجعله لنا قدوة، فإن لم يكن عنده - صلى الله عليه وسلم - من الحجرات إلا بعدد نسائه؛ لكل زوجة من زوجاته حجرة واحدة، فلا بد وأن تتعلم الأمة آداب الدخول وآداب الزيارة في مثل هذه الحالة، وخاصة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيوته، فقال عز وجل: )يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث( [44]. سابعا. ثمة أمور اختص بها النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز أن يشاركه فيها أحد من أمته؛ لأنها وقف عليه: ويأتي على رأس قائمة الخصوصيات هذه ما يتعلق بجواز نكاحه - صلى الله عليه وسلم - النساء بغير عقد ولا ولي ولا شهود ولا مهر، وإليكم البيان: · أخبر أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بنى بصفية قال الناس: لا ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد، فقالوا: إن حجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد، فلما أراد أن يركب حجبها فعرفوا أنه قد تزوجها» [45]. ووجه الدلالة منه ظاهر كما ترى. وقال العلماء: إنما اعتبر الولي في نكاح الأمة للمحافظة على الكفاءة، وهو - صلى الله عليه وسلم - فوق الأكفاء، وإنما اعتبر الشهود لأمن الجحود، وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يجحد ولو جحدت هي لم يرجع إلى قولها على خلاف قوله، بل قال العراقي في "شرح المهذب": "تكون كافرة بتكذيبه". وكان له - صلى الله عليه وسلم - تزويج المرأة من نفسه وتولي الطرفين بغير إذنها وإذن وليها لقوله تعالى: )النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم( (الأحزاب: ٦). ومن خصائصه، أن المرأة كانت تحل له بتحليل الله - عز وجل - فيدخل عليها بغير عقد. · قال البيهقي: وإذا جاز ذلك جاز أن يعقد على المرأة بغير استئمارها، قال سبحانه وتعالى: )فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها( (الأحزاب: 37). · وعن أنس - رضي الله عنه - قال: «كانت زينب تفتخر على أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات»[46]. · وعن أنس - رضي الله عنه - أيضا قال: «لما انقضت عدة زينب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزيد: "اذهب فاذكرها علي"، فذهب فأخبرها، فقالت: ما أنا بصانعة شيئا على أوامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل عليها بغير إذن»[47][48]. ويعجب المرء من كلام هؤلاء الذين يستكثرون على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يختصه الله دون أمته بخصائص وميزات، فالسوي إذا فكر في هذا فإن عقله سيهديه أن هذا الأمر أمر طبيعي. ألم يميز أهل الدنيا بعض أهلها في قوانينهم؟ أيجعلون ذلك حقا لهم، ولا يعدونه حقا لله تعالى؟ فلماذا إذن ينكر هؤلاء أن يختص النبي - صلى الله عليه وسلم - بأحكام ليس للناس أن يقلدوه فيها؟ وكذلك استدلوا - على أباطيلهم هذه - بأنه - صلى الله عليه وسلم - أعتق السيدة صفية بنت حيي بن أخطب، وتزوجها دون شهود، ولا صداق، ولا موافقة ولي، واعتبر عتقها صداقها، وهذا الفهم المغلوط منهم ترده النظرة الحيادية المنصفة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكونه مختصا من قبل ربه بخصائص وميزات دون أمته، وكذلك إلى ملابسات زواجه - صلى الله عليه وسلم - من السيدة صفية - رضي الله عنها - والحكمة من ذلك الزواج، وهنا نترك المجال لأحد المنصفين كي يرد عليهم. يقول الباحث المنصف د. نبيل لوقا: "وكان من أسيرات اليهود صفية بنت حيي بن أخطب ابنة زعيم اليهود في خيبر، وكانت صفية بنت حيي في سهم غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكن عقلاء القوم وجدوها ابنة زعيم اليهود فوضعوها في سهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخيرها إما أن يعتقها ويتزوجها، أو يعتقها وتعود إلى أهلها معززة مكرمة كما كانت تعيش قبل موقعة خيبر، ولكنها بعد أن شاهدت معاملة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكريمة الرحيمة الرقيقة قررت بلا تردد الزواج من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكانت الزوجة التاسعة للرسول صلى الله عليه وسلم" [49]. ويستطرد د. نبيل لوقا قائلا: فقد كان زواجه - صلى الله عليه وسلم - من السيدة صفية بنت حيي سببه الأساسي المواساة والرحمة طبقا للمثل الموجود من زمن طويل: "ارحموا عزيز قوم ذل" [50]. (يتبع بإذنه تعالى) | التوقيع | لا إلـه إلا الله بها نحيــــا وبها نمـــوت وبها نلقــى الله | آخر تعديل فصبر جميل يوم 2012-01-01 في 01:42. |
| |