+ المغرب.. ثورة صناديق الاقتراع +
ويبدو أن الإثني عشر شهرا الأخيرة شهدت في المغرب مسارا مغايرا تماما لما شهدته الدول العربية التي اندلعت فيها الثورات وأسفرت عن مقتل وجرح واعتقال عشرات الآلاف من المواطنين, واستخدام الرصاص الحي والدبابات في مواجهة المتظاهرين, وانتهت برؤساء بعض الدول بين تونسي هارب إلى الخارج, ومصري قابع في السجن, وليبي مقتول في القبر.
فمن المظاهرات السلمية التي عرفها الشارع المغربي والمطالِبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, إلى التصويت, بأغلبية ساحقة, على دستور جديد يضمن المزيد من الحقوق والحريات, مرورا بمواصلة مسلسل الأوراش التنموية, وانتهاء بثورة "صناديق الاقتراع" التي عرفتها الانتخابات التشريعية الأخيرة وشهد المراقبون الدوليون بنزاهتها وشفافيتها, يكون المغرب قد عاش "ربيعه الخاص", ومهد الطريق لجيل جديد من الإصلاحات يتطلب انخراط جميع الفاعلين فيه في إطار من التدافع البناء بين الأغلبية الحكومية والمعارضة, والاختلاف الصحي بين مختلف تيارات المجتمع.
+ 2011 .. سنة واحدة بفصل واحد +
سيكون على أساتذة التاريخ والجغرافيا وعلوم الطبيعة أن يحَينوا الدروس التي يقدمونها للطلبة في المدارس, ويسجلوا أن فصول السنة الأربعة يمكن أن تستحيل فصلا واحدا, بعدما أثبتت التجربة أن سنة 2011 مرت على العالم العربي فصلا ربيعيا كاملا ولم يداخلها خريف الدكتاتورية الذي يعصف بالحريات, ولا قر شتاءها الذي يشل الطاقات, ولا حر صيفها الذي يخنق الأنفاس ويرهن زهرة الأوطان للذبول ولليباس.
ومع
2011, رحيل أسماء وازنة وثقت حضورها في رقيم الذاكرة الوطنية.. حتى لا ننساها
غادرتنا إلى رحاب الله وجواره, سنة 2011, شخصيات وأعلام هوت بموتها نجوم متألقة, مفكرون وسياسيون ودبلوماسيون ورياضيون وفنانون وجمعويون وثقوا, بأحرف من ذهب, أسماءهم في رقيم الذاكرة الوطنية.
فبعد حياة حافلة بالعطاء والنضال, ودع المغاربة يوم رابع شتنبر 2011 صاحبة السمو الملكي الأميرة للا عائشة, كريمة المغفور له محمد الخامس وشقيقة المغفور له الحسن الثاني وعمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وقد عرفت الفقيدة الأميرة للا عائشة بنضالها إلى جانب والدها من أجل دعم تعليم الفتاة المغربية وتحررها, وكانت أيضا أول امرأة في العالم العربي تمارس مهام دبلوماسية.
وفي بحر هذه السنة, فقد العمل الدبلوماسي المغربي يوم ثامن يناير عبد الله معروفي, السفير السابق بالولايات المتحدة عن عمر يناهز 66 سنة, ويوم 10 أكتوبر الدبلوماسي السابق عبد الهادي بنجلون أندلسي, بفاس عن عمر 75 سنة.
وفقد العمل الجمعوي برحيل الدكتور عبد الرحيم الهاروشي, الوزير السابق والفاعل الجمعوي, بالدار البيضاء يوم 21 غشت عن سن يناهز 67 سنة, أحد أعمدته.
ويعتبر الراحل الهاروشي واحدا من أبرز المتخصصين في جراحة الأطفال في المغرب, وسبق له أن تولى في تسعينيات القرن الماضي منصب وزير الصحة, كما تولى عام 2004 منصب وزير الأسرة والتنمية الاجتماعية والتضامن. وكان الراحل يرأس جمعية "آفاق" التي تنشط في مجال التوعية من أجل المواطنة وحقوق الإنسان.
وغادرنا إلى دار البقاء كل من العلمي التازي, الوزير السابق وعضو مجلس المستشارين الذي وافته المنية يوم ثامن يناير بأحد مستشفيات تولوز عن سن يناهز 81 عاما, ومحمد بوعمود, الوزير السابق, الذي وافته المنية بالرباط عن سن يناهز 83 عاما, وابريكة الزروالي, البرلماني السابق وأحد وجوه المقاومة وجيش التحرير, الذي توفي بالرباط يوم 18 يوليوز عن سن تناهز 81 سنة.
ولبى داعي ربه يوم فاتح دجنبر عمر دومو, المدير السابق للشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل, عن عمر يناهز 67 سنة.
ورزأت أسرة المقاومة وجيش التحرير يوم 16 يناير في أحد الوجوه البارزة في مجال الكفاح الوطني, في شخص المقاوم بنعبد الله بن محمد الوكوتي الذي استجاب إلى داعي ربه بمدينة بركان عن عمر يناهز 86 سنة.
وقد كان المرحوم الوكوتي قبسا وعلما من أعلام ملحمة العرش والشعب المجيدة, وأحد أقطاب المقاومة وجيش التحرير, الذي عرفته ساحة الجهاد بالمنطقة الشرقية, ومن مؤسسي خلايا المقاومة ببني يزناسن.
وفقدت الساحة الفكرية خلال السنة التي نودعها ثلاثة أسماء وازنة في مجال البحث والفكر, ففي يوم 12 فبراير غيب الموت العلامة محمد بن عبد الرازق بمراكش عن عمر يناهز 105 سنوات.
وكان الفقيد, العضو السابق بالمجلس العلمي بمراكش, متخصصا في العلوم الإسلامية والحسابية وعلم التوقيت والفلك, وألف العلامة الراحل العديد من الكتب التي عرفت انتشارا واسعا في العالم العربي والإسلامي, من بينها "خلاصة علم التوحيد على نهج السلف" و"دروس في الفقه والحديث والتفسير". وعرف الفقيد بدفاعه المستميت عن القضية الوطنية.
كما أخرست يد المنون يوم 11 غشت واحدا من الأساتذة المبرزين, الأستاذ محمد البردوزي الذي لبى داعي الحق بأحد مستشفيات الرباط عن سن 63 عاما.
وقد أنجز الراحل العديد من الدراسات والأبحاث, من بينها كتاب "تحديث التعليم.. من الميثاق إلى التفعيل", كما ترجم إلى اللغة العربية كتاب "علم النفس والبيداغوجيا" لجان بياجي, وبالإضافة إلى كونه عضوا سابقا بهيئة الإنصاف والمصالحة, فقد كان الأستاذ البردوزي أيضا عضوا باللجنة العلمية التي أنجز تقرير "50 سنة من التنمية البشرية في المغرب وآفاق 2025".
وفي يوم 16 أكتوبر, اختطفت يد المنون علي لغزيوي, محافظ خزانة القرويين بفاس, الذي توفي عن عمر يناهز 63 سنة. وقد كرس الراحل جهوده للمهمة النبيلة التي أنيطت به, والمتمثلة في السهر على تدبير خزانة القرويين, ذات الصيت العالمي, التي تعد ذاكرة للكتب والمخطوطات القديمة. وكان الفقيد معروفا بأبحاثه الأكاديمية, وإنتاجاته العلمية في مجالي التاريخ والأدب.
كما ودعت الوطنية واحدا من خيرة مناضليها, ففي يوم ثاني دجنبر توفي شمعون ليفي, الأمين العام لمؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي, بأحد مستشفيات الرباط, عن عمر يناهز 77 سنة.
انخرط الراحل شمعون ليفي, منذ شبابه, في النضال السياسي, وساهم بدور حاسم في المعارك التي خاضها المغاربة منذ معركة الاستقلال, كما كان وجها بارزا في الحركة النقابية, فضلا عن عطائه الفكري الغني. وتميزت سيرة ليفي بنضاله الوطني من أجل أن يتبوأ المغرب مكانته اللائقة في المجموعة الدولية.
وفقد المغرب يوم 28 يونيو واحدا من أقطاب التصوف, مقدم الطريقة القادرية البودشيشية بالرباط العلامة أحمد لسان الحق الذي وافته المنية بمدينة فاس.
وفي المجال الموسيقي, ذوت من شجرة الإبداع المغربي الرصين أوراق كانت, إلى الأمس القريب, نضرة في عرصات الإبداع, فقد رحل عنا, في صمت الزاهدين, يوم 29 شتنبر 2011, عراب الأغنية المغربية الفنان والملحن عبد النبي الجراري, وذلك عن عمر 87 عاما.
وبرحيل الجراري فقد المغرب أحد رواده في مجال الموسيقى والغناء, وواحدا من المساهمين في وضع اللبنات الأولى للموسيقى والفن بالمغرب, ومكتشفا للعديد من الأصوات البارزة في الساحة الغنائية, وطنيا وعربيا.
وفي يوم 21 نونبر من هذه السنة, انطفأت شمعة أخرى, وودعنا عازف القانون الشهير الفنان صالح الشرقي عن سن 88 عاما.
ويعتبر الراحل ظاهرة فريدة في المشهد الموسيقي المغربي, بجمعه بين التلحين والتأليف والتوثيق, فكان بذلك نموذجا للفنان العصامي الذي اجتمع فيه ما تفرق في غيره.
وفي تاسع يناير 2011, لبى داعي ربه بإقليم الرشيدية الفنان امبارك أولعربي رئيس المجموعة الموسيقية الأمازيغية "صاغرو باند".
وفقد فن الدراما بالمغرب العديد من الوجوه والأسماء, مخرجين وممثلين وكتاب سيناريوهات, فقد رحل يوم 16 يناير الفنان المسرحي والمنشط الإذاعي والتلفزي إدريس التادلي عن عمر 70 عاما, ويوم سادس فبراير المخرج والسيناريست والأديب المغربي أحمد البوعناني ببلدة اومغار عن سن تناهز 73 عاما.
وفي ثامن فبراير 2011 انتقل إلى عفو الله بالدار البيضاء عن سن يناهز 81 سنة الفنان المغربي عائد موهوب, وفي ثالث أكتوبر 2011 الفنان والممثل مصطفى سلمات عن عمر 67 عاما. وانتزعت الموت يوم 20 أكتوبر بالرباط الفنانة حبيبة المذكوري, بعد رحلة فنية حافلة بالأعمال الإذاعية والتلفزيونية والسينمائية وعلى خشبة المسرح امتدت لأكثر من 57 عاما.
وفي الرابع من دجنبر أدت حادثة سير وقعت بالدار البيضاء إلى وفاة نزهة الإدريسي, مؤسسة ومديرة مهرجان الفيلم الوثائقي بأكادير.
ومن زملاء المهنة الذين غادرونا إلى دار البقاء خلال السنة الجارية, الحسين رفا أحد قيدومي وكالة المغرب العربي للأنباء, يوم ثامن شتنبر, عن عمر 60 عاما, ولحسن اجطيط الصحافي بالوكالة عن عمر 43 سنة, والصحفي الرياضي سالم حضري يوم 24 يوليوز عن عمر يناهز 69 عاما بمدينة طنجة, وفي 16 شتنبر الصحافي المختار الزياني أحد أعضاء هيئة تحرير جريدة (الاتحاد الاشتراكي) بمدينة الرباط.
ورزئ المشهد الرياضي المغربي خلال سنة 2011 في العديد من الوجوه والشخصيات التي بصمت بسماتها مختلف الألوان الرياضية, ففي يوم 25 مارس توفي المدير التقني السابق للجامعة الملكية المغربية للشطرنج والحكم الدولي عبد الواحد العاقل, بمدينة تطوان عن عمر يناهز 71 سنة, وانتقل إلى عفو الله يوم 31 غشت نجم كرة القدم المغربية الدولي السابق عبد الرحمان بلمحجوب, بالدار البيضاء عن سن يناهز 82 سنة, ويوم 30 نونبر فجعت أوساط كرة السلة الوطنية برحيل المدرب الوطني السابق لكرة السلة محمد الرايس.
وفي ثالث أكتوبر فجع عشاق كرة القدم الوطنية بفقدان لاعب الرجاء البيضاوي والمنتخب الوطني لكرة القدم زكريا الزروالي بالدار البيضاء عن عمر يناهز 33 سنة.
المشهد الثقافي بالمغرب سنة 2011 .. حراك وطني وإشعاع وتألق دولي
عرف قطاع الثقافة بالمغرب خلال السنة المنصرمة, وبالرغم من رجات كانت حسب المتتبعين "صحية", تألقا دوليا في كل المجالات, حيث حقق المثقفون والفنانون المغاربة, بمختلف مشاربهم, تواجدا تمثل, بالخصوص, في انتزاعهم لجوائز وتقديرات في تظاهرات إقليمية ودولية.
كما أن المشهد الثقافي الوطني تميز, خلال السنة المنصرمة, بنقاش وسجال كان محوره "السؤال الثقافي" بالمغرب, واقعه وآفاقه, وهو ما يعتبر -حسب المتتبعين- دليلا على الحيوية التي اتسم بها الحقل الثقافي بالمغرب على الدوام.
وكدليل على هذا السجال والحيوية, يمكن استحضار "الميثاق الوطني للثقافة", الذي دعا إليه الشاعر والكاتب عبد اللطيف اللعبي, و"الحوار الثقافي" الذي طالب به الناقد والكاتب محمد برادة.
ولكن, وبالرغم من ذلك, تعددت أوجه تألق وإشعاع الثقافة المغربية, إذ تمكنت من كسب رهانات أولها ضمان حضور دولي لافت, وثانيها نجاح الفاعلين, ولو نسبيا, في تنشيط الساحة الثقافية, من خلال مبادرات فردية في أحيان كثيرة, ومؤسساتية في بعض الأحيان, وذلك وعيا بأهمية الثقافة في مواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية.
++ الثقافة والفن والإبداع .. تألق الرواد ++
تحضر الثقافة المغربية, على الدوام, على الصعيدين الدولي والعربي, ويكون الرواد في الصدارة بحضورهم الوازن, إذ توج المركز الثقافي الروماني في باريس, خلال السنة المنصرمة, الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي ب`"الجائزة الدولية للأدب الفرانكفوني بنجامان فوندان".
وفاز الكاتب الطاهر بنجلون بجائزة السلام الألمانية (إريك ماريا ريمارك), بينما تسلم الكاتب بنسالم حميش بتولوز (جنوب-غرب فرنسا), جائزة أكاديمية ألعاب الزهور التي تم منحها بمناسبة الذكرى ال687 لإحداث هذه المؤسسة الثقافية.
عربيا, تألق الشاعر والروائي محمد الأشعري بفوز روايته "القوس والفراشة" بجائزة (البوكر) العالمية للرواية العربية في دورتها الرابعة.
وفي مجال النقد, فاز المفكر والكاتب المغربي محمد مفتاح بجائزة الشيخ زايد للكتاب (فرع الآداب), عن كتاب "مفاهيم موسعة لنظرية شعرية (اللغة-الموسيقى-الحركة).
وعن دراسة نقدية بعنوان "الهوية .. والسيمولاكر/ عن تجربة الأنستليشن في التشكيل العربي المعاصر", فاز الناقد التشكيلي المغربي إبراهيم الحَيْسن بالرتبة الثانية لجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي, التي تنظمها وتشرف عليها إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة.
ويصعب حصر لائحة التتويجات التي حظي بها شعراء, وأدباء, ومفكرون, وفنانون, ومتخصصون في أدب الرحلة, من أمثال الشاعر محمد بنيس, والباحث عبد النبي ذاكر, وغيرهم من الكتاب.
كما لا يمكن إغفال حصول المغرب على كرسي اليونسكو في مجال الفلسفة, الذي أعلن في الشهر الأخير من السنة الجارية عن إحداثه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة محمد الخامس-أكدال بالرباط.
وعلى غرار الكتابة السردية والقصصية والشعرية, تألقت الموسيقى والفن السابع الوطني وكذا التشكيل, إذ توج المركز البيوغرافي العالمي (إي بي سي) بمدينة كامبردج البريطانية الفنان حسن مكري بلقب رجل سنة 2011, وذلك بعد أن منح نفس الفنان لقب نائب رئيس الكونغرس العالمي للفنون والعلوم والتواصل الذي ترعاه المؤسسة البريطانية نفسها, ممثلا بذلك فناني القارة الإفريقية في هذا المنتدى.
وتوجت الفنانة المغربية سميرة القادري, مغنية الأوبرا السوبرانو والباحثة في علم غنائيات البحر الأبيض المتوسط, بالجائزة الكبرى لجوائز ناجي نعمان الدولية لسنة 2011, كما منحتها الأمانة العامة لجائزة المهاجر العالمية للفكر والآداب والفنون التي تشرف عليها جريدة "المهاجر" التي تصدر عن "منظمة المهاجر الثقافية" في مدينة ملبورن في أستراليا, جائزتها لموسم 2011.
++ الجيل الجديد... على خطى الرواد ++
وعلى خطى هؤلاء سار الجيل الجديد, إذ توجت, مؤخرا, ومن بين آخرين, الكاتبة المغربية الشابة حنان والولاه بالجائزة الأولى للنسخة الرابعة (2011) للمسابقة الأدبية "بحر من الكلمات", التي تنظمها مؤسسة آنا ليند والمعهد الأوروبي للبحر المتوسط, وذلك عن عملها الأدبي (القفل).
وفاز الشاعر المغربي محمد عريج بجائزة "البردة" (الرتبة الثانية) في دورتها التاسعة (فئة الشعر الفصيح) التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بدولة الإمارات.
وحصدت السينما الوطنية, التي حضرت حسب المتتبعين في حوالي 120 تظاهرة سينمائية دولية, جوائز مهمة سواء عبر الأشرطة القصيرة أو الطويلة.
++ شريط "حياة قصيرة" عنوان من عناوين تألق السينما المغربية ++
كانت البداية من طنجة, حيث استطاع أن ينتزع اعتراف النقاد والمهتمين بالسينما بمنحه الجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة (يناير 2011), إنه شريط "حياة قصيرة" للمخرج الشاب عادل الفاضلي.
وينطلق الشريط إلى آفاق دولية ليكون عنوانا للحضور المبهر للسينما الوطنية دوليا, فقد حصد عادل الفاضلي 10 جوائز عالمية, وبمختلف أصقاع العالم على جوائز كثيرة آخرها جائزة أفضل فيلم قصير خلال الدورة الخامسة لمهرجان وهران للفيلم العربي (22 دجنبر الجاري).
ومن الجوائز التي حصل عليها, جائزة (السلحفاة الذهبية) للفيلم القصير في مهرجان الفيلم المغاربي بنابل التونسية, والسنبلة الفضية في الدورة 56 لمهرجان بلد الوليد السينمائي, والجائزة الكبرى لمهرجان "مالمو" السينمائي للأفلام العربية بالسويد واللائحة طويلة.
++ المهرجان الدولي للفيلم بمراكش .. عنوان آخر لتألق السينما ++
تميزت الدورة 11 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش (2-10 دجنبر) بتخصيص فقرة "نبضة قلب" للسينما الوطنية, وكذا افتتاح الدورة واختتامها بأفلام مغربية.
وعرضت, ضمن هذه الفقرة, أفلام "على الحافة" لليلى الكيلاني و"النهاية" لهشام العسري, و"الأندلس مونامور" لمحمد نظيف, و"عودة الإبن" لمحمد بولان.
ومما يزكي الاهتمام الذي توليه هذه التظاهرة للسينما الوطنية تأكيد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد, رئيس مؤسسة المهرجان, بأن "هذا المهرجان يضطلع, سنة بعد أخرى, بدوره في المساهمة في تطوير السينما الوطنية من خلال ما تحمله في إبداعها وتنوعها من وعود وآمال, وهو بذلك ينخرط, بكل تلقائية, في مغرب اليوم المفعم بالحياة".
وأضاف صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد, في افتتاحية الدورة نشرت على الموقع الإلكتروني للمهرجان, "إنه ومع مطلع العقد الثاني من عمر المهرجان, أود التأكيد على أمر هام, أن تفتتح السينما المغربية الدورة الحادية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش وأن تختتمها, فهذا في نظرنا لم يأت محض صدفة, بل إن مصدره هو ذلك التلاقي الجميل والمقصود بين مهرجان كبير وسينما مقتدرة تعد بالكثير".
وأبرز سموه أن ولادة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش تزامنت مع ما عرفته السينما المغربية في بدايات هذا القرن من نهضة حقيقية, من هنا تبدو وثيقة تلك العلاقة التي تربط المهرجان بالإنتاج السينمائي الوطني حتى أنهما أصبحا, مع مرور الوقت, مدينين لبعضهما.
++ التشكيل .. ليلة الأروقة لترسيخ سياسة القرب الفني ++
عرفت الفنون التشكيلية بالمغرب, خلال هذا العام, تطورا مهما وانتعاشا ملحوظا, حيث نظمت على مدار السنة مجموعة من المعارض الفردية والجماعية.
ويعتبر حدث "ليلة الأروقة", الذي تنظمه وزارة الثقافة كل سنة, تتويجا لمسار تشكيلي متميز, إذ تم عرض أعمال فنية ب`13 مدينة مغربية أخرى وب`64 رواقا.
ويأمل المنظمون, كما عبر عن ذلك وزير الثقافة, السيد بنسالم حميش, أن ينفتح هذا الحدث على مدن صغرى بالمملكة, ولم لا عرض اللوحات الفنية بفضاءات مفتوحة لترسيخ سياسة القرب الفني.
++ مهرجان موازين... إيقاعات العالم بالرباط ++
من 20 إلى 28 ماي الماضي , وكما عودت "جمعية مغرب الثقافات" عشاق الإيقاعات العالمية , كان الموعد مع الدورة العاشرة لمهرجان موازين, التي استضافت هذه السنة فضلا عن نجوم المغرب من أمثال عبد الوهاب الدكالي و لطيفة رأفت ونعمان الحلو أسماء المنور وغيرهم , جميع أنواع الموسيقى الغربية من بوب وجاز وسول وفانك , و نجوم عالميين مثل يوسف إسلام وجو كوكر وليونيل ريتشي وشاكيرا.
بينما حضرت الموسيقى الأفريقية بقوة من خلال نجوم من حجم يوسو ندور وساليف كييتا وتيكن جاهفاكوري وفيمي توكي وإيرنيست رانغلان و ستاف باندا بيليلي.
++ حراك ضروري وصحي ++
من جهة أخرى, عرفت الساحة الثقافية رجات, تمثلت, بالخصوص, في مقاطعة اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب والائتلاف المغربي للثقافة والفنون, لفعاليات الدورة ال`17 للمعرض الدولي للنشر والكتاب التي نظمت ما بين 11 و20 فبراير الماضي بالدار البيضاء.
كما قاطعت كل من النقابة المغربية لمحترفي المسرح وجمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي ومنسقية الفرق المسرحية الوطنية الدورة الثالثة عشر للمهرجان الوطني للمسرح بمكناس (يونيو الماضي).
وفي هذا الصدد, يقول رئيس اتحاد كتاب المغرب, عبد الرحيم العلام, إنه "بالرغم من توتر العلاقة وتأزمها بين بعض المنظمات والجمعيات الثقافية الوطنية ووزارة الثقافة", فقد تمكن اتحاد كتاب المغرب, "رغم هزالة الإمكانيات" من الإسهام بفعالية في خلق حركية ثقافية, على صعيد مجموعة من المناطق, وداخل حقول ثقافية وفنية متنوعة.
وأضاف السيد العلام أن الاتحاد سجل "حضورا لافتا على مستوى المواقف والاستشارة, بخصوص الإصلاحات الدستورية الأخيرة التي عرفها المغرب, حيث ساهم الاتحاد, على سبيل المثال, في تقديم تصوره للمسألة اللغوية, وللإصلاح الثقافي ببلادنا, والتعاقد الاجتماعي, وأيضا, وهذا مهم, الاستئناس برأي الاتحاد, فيما يتعلق ببلورة الجانب المتعلق بالسياسة الثقافية ببلادنا في التصريح الحكومي المرتقب".
كما سن الاتحاد, خلال هذه السنة, يضيف العلام, تقليدا احتفاليا برموز الثقافة الوطنية, من مختلف الاهتمامات والأجيال, في إطار تنظيم بعض اللقاءات والندوات الثقافية والأدبية الموازية.
كما تميزت هذه السنة بتنظيم الأيام الثقافية المغربية الكويتية, في دورتها الثانية, في إطار انفتاح الاتحاد على الفضاء الثقافي العربي, إلى جانب ذلك, وقع الاتحاد بعض اتفاقيات التعاون والشراكة مع اتحادات ومؤسسات وطنية وعربية وأجنبية, مما ساهم في توسيع إشعاعه الوطني والخارجي.
وأشاد العلام بالاهتمام الذي أولاه الدستور الجديد للثقافة واللغة وتخصيصهما بمجلس أعلى, فضلا عن اهتمام بعض الأحزاب الوطنية الديموقراطية بالمكون الثقافي في برامجها السياسية.
وعبر عن أمله في أن يولي التصريح الحكومي المرتقب, بدوره, أهمية خاصة للمسألة الثقافية, وكل ذلك بغاية تحقيق تنمية ثقافية شاملة, "تعكس طموح مثقفينا ومبدعينا وفنانينا ورغائبهم المستقبلية".
ومع
قضية الصحراء: الوضع الإقليمي الجديد يفرض عودة سريعة إلى الإطار الرسمي
تعيش منطقة شمال إفريقيا أقوى لحظات تاريخها منذ عهد الاستقلال حيث تشهد هذه المنطقة دينامية جيوسياسية جديدة تفرض عليها تسريع حل النزاعات المعلقة, لا سيما نزاع الصحراء المغربية والعودة بشكل سريع إلى الإطار الرسمي للمفاوضات.
فبعد 12 جولة من المفاوضات, انعقدت ثمانية منها بشكل غير رسمي تحت إشراف الأمم المتحدة بغية التوصل إلى حل سياسي لقضية الصحراء يكون في مصلحة الشعوب المغاربية والأمن الإقليمي, فإن المأزق الذي توجد فيه هذه القضية لم يسبق أن كان مقلقا بهذا الشكل.
ويرى الدبلوماسيون الأمميون أنه" رغم انعقاد جولات عديدة من المفاوضات , فإن الآفاق على المدى القريب ليست واضحة تماما".
وعلى الرغم من ذلك فإن الدينامية الجديدة التي نشأت لفائدة المشروع المجتمعي الذي اختاره المغاربة, وأيضا الانتفاضات التي تعرفها دول الجوار والتي تحمل تهديدات جدية لأمن واستقرار منطقة شمال إفريقيا; وأبعد من ذلك شريط الساحلي- الصحراوي, تفرض "عودة سريعة" إلى الإطار الرسمي للمفاوضات.
ويعتبر هؤلاء الدبلوماسيون أن "الوقت حان للعمل والتفعيل الفوري والحقيقي لقرارت مجلس الأمن".
وقال مسؤول أممي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إنه مع الإقرار "بجدوى وقيمة اللقاءات غير الرسمية" والأنشطة الموازية التي تواكبها, فإن المغرب يعرب عن أمله في العودة إلى الإطار الرسمي لتفعيل قرارات مجلس الأمن.
وعلى غرار مجلس الأمن, دعت الجمعية العامة الأسبوع الماضي من جديد جميع الأطراف إلى تأكيد "رغبتها السياسية لتجاوز العراقيل من أجل الدخول في مرحلة مفاوضات مكثفة وجدية من شأنها ضمان التقدم في اتجاه حل نهائي لهذا النزاع.
وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالصحراء إيريك ينسين قد أكد مؤخرا بنيويورك أن حلا متفاوضا بشأنه لقضية الصحراء يقوم على الواقعية وروح التوافق, يكتسي طابعا أولويا في النظام الإقليمي الجديد للمغرب العربي الذي يعرف تحولات عميقة والمهدد باستمرار من قبل الإرهاب.
وشدد المسؤول الأممي السابق الذي اشتغل بالمنطقة ما بين 1993 و1998, في هذا السياق, على أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تبقى الحل الأكثر واقعية لهذا النزاع من وجهة نظر الولايات المتحدة وأيضا فرنسا وإسبانيا.
ويرى السيد ينسين أنه منذ الأحداث التي عاشتها منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط, عرف النظام القديم, الذي وإن لم يختف بشكل نهائي, تحديات كبيرة. إلا أنه في جميع الحالات, يتعين بروز نظام جديد لمواكبة الجيل الجديد من الساكنة المتكون في غالبيته من شباب على درجة من التربية ,يتطلع إلى حياة أفضل , ويعرف محيطه القريب والدولي حق المعرفة.
ويندرج الشباب المحتجزون في مخيمات تندوف بالجزائر أيضا في هذه الزاوية. ففي انتظار حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي, يتم حرمان محتجزي مخيمات تندوف من حقوقهم الأساسية, ومن بينها تلك المرتبطة بحرية الرأي والتعبير والتنقل. فليس لهم الحق حتى في الإحصاء الذي يضمنه القانون الدولي الإنساني والذي دعا إليه قرار مجلس الأمن الأخير حول الصحراء
إن هؤلاء الشبان يتوقون إلى مستقبل أفضل بعد أن ملوا من سياسة الانتظار والترقب التي سادت لعقود, فلم يبق أمامهم من خيار سوى الفرار والعودة إلى أرض الوطن للعيش في اطار مقترح الحكم الذاتي والدستور الجديد, ما لم يتعرضون للتوقيف ,على غرار التجربة المريرة لمصطفى ولد سيدي مولود ,أو في أسوأ الأحوال للوقوع في أيادي الجريمة المنظمة التي تجوب منطقة الساحل التي جعلت منها الميليشيات الإرهابية "للبوليساريو" وكرا لها .
ومما يؤكد هذه الحقيقة المثيرة للقلق عمليات الاختطاف الأخيرة لرعايا غربيين ولا سيما داخل مخيمات تندوف والتي بات تواطوء عناصر من جبهة البوليساريو فيها أمرا جليا, وكذا التوغل في أراضىي دول ذات سيادة.
وقد سبق للعديد من المراقبين أن دقوا ناقوس الخطر مرارا في هذا الاتجاه .وفي هذا الصدد شدد السفير الأميركي السابق مارك غينسبرغ على أن المغرب , يعيش في" محيط مضطرب وخطير" , في حين حذر إيريك ينسن من خلق ما وصفه ب " ساحلستان على أبواب المغرب العربي".
إن التغيرات الجارية في العالم , سواء المفزعة منها أو الباعثة للأمل , تشجع في الواقع على الحديث عن حكم ذاتي موسع يحترم الخصوصيات المحلية , والذي يبقى "الحل الأكثر واقعية ".
كما أن الدستور الجديد بتكريسه للهوية المتعددة بالمغرب يوسع نطاق الحريات الفردية, ويعزز حقوق الإنسان ويضمن استقلال السلطة القضائية , في اطار ديمقراطية برلمانية حقيقية.
وحسب العديد من المحللين فان " المسلسل الديمقراطي واحترام حقوق الانسان يسمح بالتجسيد الكامل لمبادرة الحكم الذاتي على أرض الواقع ", ويبرهن من جديد على الإرادة السياسية للمغرب وقدرته على التكيف مع التحولات الجديدة في المنطقة ,معتبرين أنه آن الاوان "لإعادة التفكير واغتنام " الفرص الجديدة التي تتيحها التحولات الجارية في المنطقة العربية والمغاربية.
ويرى الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء , أن نزاع الصحراء هو أكبر عائق أمام تحقيق الاتحاد المغاربي. الذي من شأنه أن يتيح لبلدان شمال افريقيا آفاق مشرقة للتنمية الاقتصادية في اطار اتحاد مغرب عربي مستقر ومزدهر قادر على مواجهة تحديات المستقبل.
ومن جهته اعتبر مصدر دبلوماسي أممي, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, أن " التحسن الملحوظ في العلاقات المغربية - الجزائرية من شأنه فتح آفاق جديدة لقضية الصحراء في اطار المقترح المغربي للحكم الذاتي الموسع ", وأن قيام شراكة إقليمية وتعاون فعال مقرونا بنهج ديمقراطية حقيقية يشكل أفضل الأسلحة لمواجهة الارهاب.
واعتبارا لكل المعطيات السالفة الذكر , فإن الفشل في حل نزاع الصحراء سيكون ليس فقط احباطا لتطلعات شعوب المنطقة , وإنما أيضا إبقاء المنطقة عرضة لكل المخاطر.