منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

القروم الباسقات تتهاوى..تقرضها الفؤوس الصدئة التي لا تكل عن كيدها ليل نهار,والعيون الفاقدة الأبصار تروح وتغدو,تمسح المدن النازفة المقطعة الأوصال,تتملى القروم الباسقات على أرض الطريق..وسط الطريق..بين الأنقاض,تحت الأنقاض..تغشاها أسراب الذباب الأزرق,تلتهم أطرافها الدامية المحارق مرة,والمزابل مرات ومرات..تسحقها جنازير الدبابات الشرقية والغربية..تمرغها بطين المتحضرين..حتى الاختناق القروم المقهورة لا يتغير منها الا العدد الذي يزداد ويزداد..في كل بقعة غصن كسير..وجذع محطم..وشلو ممزق الأوصال
القروم الكليلة في النزع الأخير ترتجف..فتندفق الدماء أكثر وأكثر..تمتد من أقص تكبيرة الآذان الى أقصى شهادة التوحيد..تتوغل في لهاة المقريء الرخيم الصوت..وفي صدر المصحف الطاهر الوضيء
ما تزال القروم تهوي..والعيون تكحلها الدماء..وأفوه الأطفال امتلأت بالذباب الزاحف مثل التراب..وصورة من صور الهمجية الأولىترسمها عينا جنين أطل مع الأحشاء,من بين الأحشاء..لكنه-دون أن يدري-جاء على غير معاد..ضباب كالح يغشى القلوب..وجوم قاتل شل من الناس الجد والتفكير..بحيرة الدماء التي ترتفع وتمور..ألجمت ما تبقى من حياة..لكنه وحده يعلم..أن بحيرة الدماء اذا ارتفعت فبلغت أجلها المكتوب..فستنطلق سفينة نوح عبرها تمخر العباب..وعلى ظهرها ينجو المؤمنون الطيبون..وحده الشهيد يعلم أن حبال النجاة اذا انقطعت..فأوردة الشهداء ستجد لها الملائكة حبالا للنجاة..وحده كبير القلب..واسع القلب..جريح القلب يعلم..أن الأغصان المستوية الصلبة السامقة..تقطع لتصنع نها السهام..وأن الفروع الملتوية الرخوة المعوجة..تترك بسلام..لينهرها السوس وتقصفها الايام..ومقبلة بلا ريب تلكم الأيام