2009-10-26, 19:11
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | تعليمنا.. قراءة في تضاريس الوجع | تعليمنا.. قراءة في تضاريس الوجع فيصل سعد الجهني | السعودية | تمل نفسي في الآونة الأخيرة محاولة الكتابة في مقاربة سلبيات مشهدنا التعليمي من جديد، فأقرر الاكتفاء بقراءة مايكتب بين الحين والآخر في هذا الشأن، إلا انني أجد نفسي مضطراً أن “أشق بقلمي ماء البرك” في اللحظة التي تزداد فيها قناعتي بأن لا سبيل إلى انعتاقنا من أسر فكرنا المنغلق وثقافتنا المهترئة حد التلاشي إلا من خلال منظومة تعليمية تربوية حقيقية.. التعليم (وما أدراك مالتعليم) حديث من وجع وشجون. مقدمات لاتنتهي,أحاول تجاوزها سريعا للولوج المؤرق الى (متن) الحكاية الزاخر بمشاهد ضبابية عجائبية متقاطعة دائما، أفضت مجتمعة الى ضبابية الصورة الفكرية للمجتمع كله. أبرز هذه المشاهد ما أحاول اختصاره فيما يأتي:
1- بداية.. فإن المعلم الحقيقي في أبرز تجليات المنظومة التعليمية هو (القادر على خدمة الأغراض النبيلة للتعليم وهي ترسيخ العقيدة الاسلامية ومبادئها السمحة في النفوس، واكساب الطالب مايحتاجه من علوم ومعارف، وتنمية الروح العلمية لدى الطالب من خلال وعيه الصحيح بأساسيات المنهج العلمي في التفكير والطرح التي تمكنه من معانقة مسارب الابداع والابتكار). هل حرصنا -بشكل أو بآخر- على إيجاد ذلك المعلم؟ النموذج الأكثر فاعلية وتأثيرا في منهجيات التعلم -على الأقل في المستوى الغالب- إذ علينا أن نجدَّ في إيجاد ذلك المعلم الحقيقي قبل كل شيء سواء في فضاء القادمين للتو الى عالم التربية والتعليم، أو لدى الممارسين منذ زمن لتلك المهمة الحاسمة. وبعد أن نطمئن الى ان ذلك الهاجس صار حقيقة بالفعل، فعلينا أن نمنح هذا المعلم كل الحقوق والاستحقاقات التي تتناسب ودوره الوظيفي في الحياة، ومنها الغاء الفكرة التي باتت تهيمن مؤخرا على خطابات وعينا ولاوعينا الفردي والمؤسساتي التي تنادي باعتبار المعلم موظفا كغيره في كافة قطاعات بلادنا. المعلم لاشك في انه فرد يؤدي دوره التكاملي مع أفراد المجتمع الآخرين,ولكن مهمته -مع ذلك- اكثر حسما وتأثيرا وانهماكا وفعلا، فمن يقف على قدميه أربع أو خمس ساعات متواصلة يعلم ويربي ويشحذ الهمم ويستفز العقول,ثم يستريح قليلا ليرصد ويكتب و(يصحح) من أجل صناعة أبدية لأجيال منتظرة في خدمة الانسان والوطن يستحق أن نمنحه نظرة خاصة، ولذلك فربما يكون مخطئا من ينادي اليوم -مثلا- بمساواة المعلمين مع موظفي الدولة في الاجازة السنوية المستحقة، وأن على هؤلاء المعلمين أن يعودوا مع كل بداية الى مدارسهم حتى ولو لم يكن ثمة طلاب باعتبار أن حالهم كحال غيرهم لافرق! ويخطئ من يستهجن مطالبة المعلمين بحق تعيينهم على المستويات والدرجات الوظيفية المطابقة. وعندما نطمئن -أيضا- الى وجود ذلك المعلم الحقيقي فإن علينا ان ننظم آليات عمله وفق معايير صحيحة، فلا يتساوى معلم أكثر خبرة وكفاية عملية ودرجة علمية مع معلم جديد بكفاءة مهنية أدنى ودرجة علمية أقل.ولا يجدر ان يأتي (مشرف تربوي) لمعلم ما في اللحظة التي يشعر فيها المعلم -وهو محق- انه أكثر خبرة وكفاءة مهنية وأرقى درجة علمية من مشرفه الموجه. ثم ان هذا المعلم الحقيقي يحتاج الى توفير البيئة اللائقة الآمنة لأداء عمله على الوجه المناسب. ثمة معلمون يظلون في مدارس بلا مكاتب او غرف تؤوي تعبهم وتحتضن كتبهم وأدواتهم,ويحتشد عشراتهم في انتظار دورة مياه واحدة، وبالطبع فمع هذا الحال فإن أمر تجهيز مكان بسيط يجد فيه المعلم ماء او قهوة يظل مطلبا مترفا يصعب تحقيقه، فضلا عن وجود مكان آمن (يركن) فيه سيارته بعيداً عن عبث العابثين (والمآسي في هذه الأثناء كثيرة). كما ان ذلك المعلم الحقيقي -وهو لاشك موجود- يحتاج الى منحه صلاحيات متنوعة ترتفع بقدره داخل فضاءات عمله، كمنحه حرية التصرف في اعطاء درجات مادته الدراسية -بحسب منهجية محددة- وفي اتخاذه لما يراه من إجراءات حاسمة بحق الطلاب المتغيبين والمخفقين، كما كانت تتجلى بعض هذه الملامح في النظام المطور الذي يشعر فيه المعلم باستقلاليته المستحقة، حتى في صلاحية قبول الطلاب لديه في المواد التي يدرسها.
2- أما المشهد الثاني فيتعلق بالبناء الحاضن للعملية التعليمية برمتها,وزارة الترببة والتعليم، ىوالذي تكاد تغيب فيه الرؤية الصحيحة للأفكار وخطط العمل، فما يخرج عن تلك المؤسسة ينبثق عن فكر نمطي يستند الى نماذج وقرارات جاهزة تدعي اكتمال الحقيقة، مع ان الفكرة التي نحتاجها تتحول الى صيغة للتعايش تجترح معها امكانات الواقع المتاح، بالاشتغال على المعطيات وتحويلها الى انجازات.ثم ان الواقع -المدرسة تحديدا- ليس مجرد تطبيق لأفكار المؤسسة النموذجية وآرائها المجردة، لأن هذا الاعتقاد يختزل الحياة ويقوم على نفي الوقائع ذاتها. كما أننا نجد من بين كل الضجيج تداخلا مضطربا بين البرامج التي تصدرها الوزارة بين الحين والآخر، على سبيل المثال برامج(تطوير، المدارس الرائدة، الثانويات المطورة، مدارس التعليم الشامل، المدارس التقليدية..) ألا نزال حتى هذه اللحظة نجرب في أبنائنا؟ أي جيل ذلك الذي سوف تتجلى على شرفاته مخرجات التعليم الخالصة؟ متى نجده؟ ألا يستحق العمل في مجالات تربية وتعليم الأجيال مشاريع صادقة منظمة تندرج كلها في سياق مشروع واحد يتوافر على أبرز تجليات كل مشروع بتناغم منشود، وعلى كافة مستويات التعلم مرة واحدة، ماذا يعني وجود مدرسة (رائدة) سوى وجود مدارس (غير رائدة) بالضرورة المنطقية! وماذنب أبنائنا الذين أسلمتهم عشوائية الخطط الى المدارس غير الرائدة وغير المطورة والتي لم يصلها الى اللحظة برنامج تطوير التعليم؟ .. وبعد، فلست أعلم تفسيرا لصمت الوزارة عن تحجيم الجامعات لمقدرات التعليم العادي للدرجة التي لاتتجاوز نسبة الأخذ بمعدل الشهادة الثانوية عند القبول في بعض الجامعات 20%، ألا تثق الوزارة بمخرجاتها الى هذا الحد؟ وهي التي لم تضبط حتى تفاوتت كل جامعة من جامعات بلادنا في طلب النسبة التراكمية لشهادة الثانوية العامة. ويبدو ان للحديث بقية متى ما لاح طيف اشعاع يثير بعضا من طيف تفاؤل ما.. الى الأسبوع القادم بإذن الله. المصدر:المدينة | | |
| : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=36686 |
| |