الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات الــــتــــربـــــويــــة الــــعــــــامــــة > منتدى المكتبة التربوية العامة > الكتب التربوية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2009-10-25, 17:55 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

important مجلة ناشيونال جيوجرافيك( National geographic) العربية



مجلة ناشيونال جيوجرافيك( National geographic) العربية





عندما تريد العين ان تستمتع بجميــــــــــــل صنع الله
و عندما يريد العقل ان يتفكر فى خلق الله
فانت مع
مجلة ناشيونال جيوجرافيك
أقوى مجلة علمية فى العالم




















..........

شكرا لكل من زار الموضوع و الف شكر لمن ترك تعليق
و اليكم عدد جديد من هذه المجلة الرائعة









و نتابع معا هذه المجلة الرائعة
مع العدد الخامس






لا شئ يساوى متعة القراءة الورقية


طريقة التحميل


أولا لا تستخدم برامج التحميل و إستعمل الدونلود العادى ...عطل برنامج التحميل
ثانيا قم بالخطوات كما بالصور




منقول






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=36084
    رد مع اقتباس
قديم 2009-10-30, 13:24 رقم المشاركة : 2
siham 19
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







siham 19 غير متواجد حالياً


افتراضي رد: مجلة ناشيونال جيوجرافيك( National geographic) العربية


اريد معلومات حول العولمة و الهوية الثقافية






    رد مع اقتباس
قديم 2009-10-30, 14:45 رقم المشاركة : 3
أبو لعم
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







أبو لعم غير متواجد حالياً


افتراضي رد: مجلة ناشيونال جيوجرافيك( National geographic) العربية


ألف شكر






    رد مع اقتباس
قديم 2009-10-30, 14:51 رقم المشاركة : 4
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

important رد: مجلة ناشيونال جيوجرافيك( National geographic) العربية


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة siham 19 مشاهدة المشاركة
اريد معلومات حول العولمة و الهوية الثقافية

عولمة الهوية الثقافية لبلدان العالم الثالث




عرض/ كامبردج بوك ريفيوز
يتحدث مؤلف هذا الكتاب البروفيسور محمود الذوادي أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، عن نوع آخر من التخلف غير التخلف الاقتصادي والتكنولوجي الذي يتم الحديث عنه في العادة. إنه التخلف الثقافي واللغوي والنفسي الذي يرى المؤلف أنه تخلف مسكوت عنه ولا يخضع للتحليل والنقاش والبحث كما هو الحال بشأن التخلف الأول.

غلاف الكتاب-اسم الكتاب: عولمة الهوية الثقافية لبلدان العالم الثالث
-المؤلف: محمود الذوادي
-عدد الصفحات: 161

-الناشر: Kuala Lumpur: A.S Noordeen 2002

في البداية يحاول الكتاب تحديد وتعريف معنى التخلف الآخر، ويقول إنه التخلف اللغوي والثقافي الذي يتجسد على شكل نظام نفساني وثقافي تتداخل في تشكيله مجموعة من العوامل، منها ما هو متعلق بالماضي والتاريخ، ومنها ما يتعلق بالحاضر وبعقد النقص التي يستشعرها كثير من أبناء العالم الثالث، في حين أن بعضا آخر منها يتعلق بالضغوط والتأثيرات الغربية والمركزية المعرفية المرافقة لها.
وأهم ملامح هذا التخلف هي تقليد الغرب، الطرف الغالب في التوزيع الحضاري الراهن. وهو يربط هذا التقليد بنظرية ابن خلدون التي تصف تقليد الطرف المغلوب للطرف الغالب في دورات الحضارات.
في الفصل الأول يبدأ المؤلف توضيح الإطار النظري لأطروحة الكتاب، وفيها يرى أن ظاهرة التخلف الثقافي اللغوي التي تمتد لتشمل العالم الثالث وليس فقط العالم العربي، لها بعدان ثقافي ونفسي. ويبدأ باستعراض الإطار الجغرافي لانتشارها فيعرج إلى أفريقيا السوداء ليعالج الوضع الحالي الموسوم بسيطرة اللغات الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية، وهو وضع يشمل 38 دولة في القارة السوداء.
ويقسم المؤلف هذه الدول إلى مجموعتين: الأولى ناطقة بالفرنسية والثانية ناطقة بالإنجليزية. ومن المجموعة الثانية هناك دول مثل: أوغندا وغانا ونيجيريا وليبيريا وسيراليون، في حين تنتمي دول مثل السنغال وتشاد وغويانا والكونغو إلى الدول الناطقة بالفرنسية. وهناك أيضا مجموعة أخرى من الدول ناطقة بالبرتغالية مثل أنغولا وموزمبيق وغينيا بيساو.
تمثل الدول المغاربية أوضح حالة على التخلف اللغوي والثقافي حيث سيطرة اللغة الفرنسية شبه المطلقة على الفضاء الثقافي في تلك البلدان

أما عربيا فتمثل الدول المغاربية أوضح حالة على التخلف اللغوي والثقافي كما يقول المؤلف حيث سيطرة اللغة الفرنسية شبه المطلقة على الفضاء الثقافي في تلك البلدان.
لكن من الملاحظ أنه رغم تحليل المؤلف للأسباب والخلفيات الاستعمارية التي تسببت في ظاهرة التخلف اللغوي والثقافي, فإنه ينزلق في بعض الأحيان إلى مقولات شبه استشراقية، إذ يقول مثلاً "إن التخلف اللغوي في أفريقيا السوداء يجب أن لا يفسر فقط من خلال الإمبريالية الغربية, بل إن هناك ظروفاً محلية بنيوية للتخلف اللغوي موجودة في تلك البلدان" (صفحة 4). ويستشهد على ذلك التخلف البنيوي بوجود لغات محلية عديدة جداً في الكثير من الدول الأفريقية وعدم وجود لغة وطنية واحدة، فضلاً عن وجود لهجات محكية أكثر بما يعقد من الوضع اللغوي.
وحول الوضع اللغوي والثقافي في شمال أفريقيا (تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا) يقول المؤلف إنه برغم أن اللغة العربية أصبحت هي اللغة الرسمية المعلنة لهذه البلدان في حقبة ما بعد الاستقلال فإن المكانة المميزة للغة الفرنسية -خاصة في القطاعات الحديثة- وكذا استخدام اللغة المحكية التي هي خليط من العربية والفرنسية, يعكس أحد أهم مظاهر التخلف اللغوي.
ويشير إلى الجهود الرسمية وغير الرسمية في تفعيل سياسات التعريب, لكنه يقول إن هذه السياسات لم تنجح بعد في إزالة التخلف اللغوي, وإعادة الاحترام للغة العربية كلغة وطنية وموحدة للمجتمعات. وهو يرى أن نجاحات سياسات التعريب تعتبر حجر الأساس في القضاء على التخلف الثقافي واللغوي هناك.
وهنا يشير المؤلف إلى أن فرصة الدول المغاربية في التخلص من التخلف اللغوي تظل أكبر بكثير من فرص بقية الدول الأفريقية في القارة السوداء, وذلك لعدة أسباب يراها كالآتي:
  • اللغة العربية منتشرة ويتم التحدث بها وفهمها من قبل الغالبية الكاسحة في هذه المجتمعات.
  • اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم الكتاب المقدس عند المسلمين.
  • قوة اللغة العربية كلغة أثبتت متانتها عبر التاريخ والحضارات, فمن خلالها ترجمت العلوم الإغريقية والرومانية, وهي ليست باللغة الهشة التي يمكن اقتلاعها من الجذور.
وفي نقطة أبعد من التخلف اللغوي المحدد الذي توقف عنده الكتاب, يسهب المؤلف في تحليل التخلف الثقافي ويربطه بالأثر الكبير للغرب وقيمه ومنظومته الفكرية على تشويه وتشتيت منظومات القيم الثقافية والمحلية في العالم الثالث. وهنا يتحدث عن مفهوم "الغزو الثقافي" الذي يعتبره أخطر أنواع الغزو لأنه يمس جوهر حياة الناس التي اعتادوا عليها تاريخيا وتشكل محور الوجدان والانتماء عندهم.
أما على صعيد التخلف النفسي (السيكولوجي) فيلحظ المؤلف كيفية تطور عقدة النقص واحتقار الذات عند مجتمعات العالم الثالث, وخاصة عندما ينظر أفراد هذه المجتمعات إلى الغرب باعتباره النموذج الحضاري الناجح. ويرى المؤلف أن التخلف السيكولوجي يعبر عن نفسه لغويا عبر تبني لغة الطرف القوي المتغلب ومحاولة تقليده.

سيطرة النمط الرأسمالي على عالم اليوم سواء بدوله المتقدمة أو المتخلفة تعني تكريس الغنى والتقدم للدول المتقدمة وتكريس الفقر والتخلف للمتخلفة
الفصل الثاني يخصصه المؤلف لمناقشة الرأسمالية وأثرها على التنمية البشرية وخلق التخلف الآخر، وهو يرى أن سيطرة النمط الرأسمالي على عالم اليوم سواء بدوله المتقدمة أو المتخلفة, تعني تكريس الغنى والتقدم للدول المتقدمة وتكريس الفقر والتخلف للدول المتخلفة, لهذا فهو يعلن معارضته لهذا النمط ولا يراه الحل لدول العالم الثالث.
ويناقش المؤلف أولا موضوع الدولة التنموية في العالم الثالث, والنظريات التي تطرح هنا سواء تلك المتعلقة بردم الفجوة التنموية مع العالم المتقدم والسير على خطاه, أو تلك التي تنظر إلى التخلف في العالم الثالث نظرة بنيوية وعلى اعتبار أن اللحاق بالغرب أمر صعب المنال في ظل إشكالية الاعتماد الكلي عليه. ثم يتحدث عن الأثر العميق الذي خلفته الرأسمالية في التطور العالمي، مقرا بإنجازاتها الكبيرة من ناحية, وناقدا لها من ناحية أخرى لما تتركه من آثار سلبية وتشوهات على تطور وتنمية الدول الفقيرة والضعيفة.
لكنه في الوقت ذاته لا يعرض البديل الذي يمكن أن تتبعه هذه الدول ويحقق لها تنمية متعددة المستويات, وخاصة على مستوى التخلف الآخر الذي تعاني منه ويركز عليه المؤلف بكونه على نفس الأهمية من التخلف الاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي.
وبانتقاد يشير المؤلف إلى خلو النموذج الرأسمالي من أي مضمون أخلاقي كما يقول, وتحديدا أي بعد ديني يهذب السمات التي يتصف بها مثل الركض وراء الربح بأي وسيلة والطمع وعدم الاهتمام بأي أبعاد إنسانية خلال عملية اللهاث خلف تكديس المنافع المالية. ثم يحلل آلية اشتغال الرأسمالية بتحقيق التنمية من الداخل, ويتشكك في نجاحها في أي مكان وأي منطقة من دون أن ترافقها الشروط التاريخية التي رافقتها في منطقة نشأتها الغربية الأوروبية الأصلية.
والأهم من ذلك يبدأ المؤلف بربط أثر الرأسمالية ونمطها الاقتصادي على "التخلف الآخر" في العالم الثالث، ويقول إن هناك ثلاثة مظاهر للاستعمار لاتزال ماثلة في البلدان التي كانت مستعمرة, وهي تتوزع على المجالات السياسي والاقتصادي والثقافي. وكما كان الوضع أيام الاستعمار التقليدي فإن القوة الاستعمارية المعنية تسيطر على الفضاء السياسي طبعا, وتنصب آلية فوقية مرتبطة بها.
أما اقتصاديا, فهي تدمر الاقتصاد المحلي وتعمل على إنشاء اقتصاد بديل تابع لها بحيث تتحكم في عناصره الأساسية, وفي الغالب الأعم تكون وجهته خدمة القوة الاستعمارية المسيطرة بالدرجة الأولى, ثم السكان المحليين واحتياجاتهم في الدرجة الثانية. وثقافيا, تشتغل القوة الاستعمارية على تفكيك البنى الثقافية واللغوية المحلية, وتحطيم الأنوية الصلبة فيها كالعقائد والتقاليد والأنماط الثقافية الممتدة تاريخيا والتي ينظر إليها الاستعمار كقلاع تتحدى أهدافه الثقافية والسياسية. وخلال السيطرة الكلية هذه تنشأ علاقات اتكالية يقوم من خلالها المستعمَر بتقليد القوة المستعمِرة في الكثير من الأبجدية بما يشوه التكوين الأصلي للثقافة والهوية, وهو منشأ "التخلف الآخر".
أما سياسيا واقتصاديا فقد تكفلت نظرية "الاعتمادية" (dependency) التي تطورت في الأوساط اليسارية العالمثالثية في ستينات وسبعينات القرن الماضي خاصة في أميركا اللاتينية. ويتوسع المؤلف هنا في موضوع "الرموز الثقافية" سواء الحقيقية المحلية, أو تلك المخلقة التي يصنعها الاستعمار ويفرضها على الثقافة المستعمَرة.
وفي هذا السياق يتطرق إلى نظرية عالم الاجتماع الأميركي الشهير وليام أوغبيرن في أواسط القرن العشرين, بشأن الفجوة الثقافية. أوغبيرن يقول إن التطور الإنساني -خاصة في القرون الأخيرة- امتاز بتباطؤ التطور الثقافي والقيمي عن التطور الاقتصادي والتكنولوجي. ففي كل مرحلة من المراحل, وفي كل منطقة من المناطق نرى أن المجموعات البشرية تتقدم بسرعة معينة في المسارات التقنية والاقتصادية, في حين تكون سرعتها في المسارات الثقافية والقيمية أبطأ بكثير.
ومن هنا فإن ما نراه في العالم الثالث وفي أكثر من مكان في العالم, يتساوق في أكثر من جانب منه مع تنظير أوغبيرن, هذا مع أن المؤلف يرى أن هذه النظرية وإن كانت تصف ما يحدث فإنها تقف عاجزة عن تقديم أسباب لهذا التباطؤ والفجوة بين مسارات التنمية والتقدم المختلفة.
في الفصلين الثالث والرابع يتوسع المؤلف في التطرق إلى مسألة التعريب في شمال أفريقيا وخاصة في تونس والجزائر. وهو إذ يرى ابتداء أن ماكينة التعريب نشطت في هاتين الدولتين في مرحلة ما بعد نشوء دولة الاستقلال, فإنه يلحظ أن جهد التعريب ظل يتخبط من جهة وظل عاجزا عن النفاذ إلى قلب حركة المجتمع.

الجهد الرسمي على صعيد التعريب كان أسرع وأنشط من الجهود غير الرسمية. بل إن الكثير من القطاعات غير الرسمية -خاصة الحداثية- وتلك المرتبطة بفرنسا سواء اقتصاديا أو ثقافيا, لم تتحمس للتعريب وأبقت على استخدام الفرنسية في حياتها اليومية
والأمر الملفت حقا للانتباه في معالجة المؤلف هو تقديره بأن الجهد الرسمي على صعيد التعريب كان أسرع وأنشط من الجهود غير الرسمية. بل إن الكثير من القطاعات غير الرسمية -خاصة الحداثية- وتلك المرتبطة بفرنسا سواء اقتصاديا أو ثقافيا, لم تتحمس للتعريب وأبقت على استخدام الفرنسية في حياتها اليومية.
ويتعرض المؤلف للشرائح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة وكيف نظرت إلى التعريب، فالجيش مثلا في البلدين لم يكن متحمسا جدا للتعريب رغم أن المؤسسة العسكرية في الجزائر كانت هي الحاكمة في عهد بومدين مثلا.
وهناك أيضا شرائح المثقفين المتفرنسين وهؤلاء بالتعريف وقفوا ضد التعريب, وساندهم في ذلك ذوو العلاقات الاقتصادية الوثيقة بفرنسا، في حين وقفت شرائح المثقفين التقليديين والمتدينين مع التعريب بكل قوة.
لكن تظل القوة الأساسية في قيادة لواء التعريب وإنجاحه -بحسب ما يرى المؤلف- في أيدي النخبة السياسية الحاكمة. ويشير هنا مثلا إلى أن حركة التعريب وفعاليته كانت أنشط في الجزائر منها في تونس خلال عهدي الرئيسين بومدين وبورقيبة, وهذا كان يعكس الإرادة السياسية للقيادات.
كما تلعب الخلفية الثقافية واللغوية والأيدولوجية لهذه النخبة الدور الحاسم في دفعها أو تباطئها نحو التعريب. ويرى أن تسلط بعض النخب العلمانية والمتفرنسة في الكثير من مراحل الحكم السياسي -خاصة في مجال التعليم والتعليم العالي والثقافة- أثرت على عملية التعريب وأربكتها.
ويقول على سبيل المثال إنه لو وصلت إلى الحكم في هذه البلدان حركات إسلامية فإن حركة التعريب ستشهد نهضة كبيرة جدا, وستنتعش اللغة العربية وتأخذ مركزا محوريا في البلاد.
والمؤلف عموما لا يدعو إلى الانقطاع عن اللغات الأجنبية أو الثقافات الوافدة, لكنه يرى أنه يجب أن يسبق استخدامها والتعامل بها تأمين أرضية ثقافية محلية صلبة. فمن ناحية عملية يشير إلى أمثلة في أوروبا وغيرها وكيف أن اللغة الثانية -والثقافة الثانية- يتم إدخالها على مناهج التعليم والثقافة بعد أن يمر التلاميذ بمرحلة تشبع من الثقافة الوطنية لا تزاحم من قبل لغات وثقافات أخرى كما يتم في الكثير من بلدان العالم الثالث.
في الفصلين الخامس والسادس يقدم المؤلف قراءة تفصيلية مثيرة لظاهرة قليلا ما يتم التطرق إليها، وهي ما تتضمنه اللهجات المحلية في تونس والجزائر بسمتها الخليطة -أي خلط العربية بالفرنسية- وكذلك انتشار الشتيمة والدعاء على الآخرين.
أولا, يناقش قضية انتشار نمط الحديث المختلط حيث يعمد المتحدث إلى استخدام مفردات وجمل فرنسية خلال الحديث بالعربية, وعادة باللهجات المحلية. وتنتشر هذه العادة بين النساء بشكل أوسع كثيرا مما هي عليه بين الرجال. والتعليل الأساسي هنا يرده المؤلف إلى جذور اجتماعية لها علاقة بوضع المرأة إزاء الرجل في هذه المجتمعات. فإزاء الضغوط التي تتعرض لها, وعدم وجود حرية تتمتع بها في أكثر من مجال، ترى المرأة أنها بتشبهها بلغة فرنسا "المتحضرة" تهرب من واقعها. وينطبق الأمر على استخدام النساء التونسيات والجزائريات للهجة الباريسية عندما يتحدثن الفرنسية, بخلاف الرجال.
والتركيز الذي يوليه المؤلف على حرف "الراء" الذي يلفظ بالفرنسية الباريسية "غينا". فالإناث هنا يلفظنه مثل "الغين" في حين يلفظه الرجال "راء". ومن ناحية تاريخية عمد الجزائريون في جلهم وخلال عقود الاحتلال الفرنسي إلى "نحت لغة فرنسية" خاصة بهم تختلف عن لغة المستعمر من ناحية اللهجة. وكان نطق حرف "الراء" أهم مميز للغة الفرنسية التي تحدث بها الجزائريون. أما في مرحلة لاحقة فقد بهت هذا التميز خاصة مع الأجيال الجديدة التي نشأت بينها وبين الفرنسية علاقة تختلف عن تلك التي نشأت بين آبائهم وأجدادهم ولغة المستعمر.



المصدر:الجزيرة
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/1288575A-7B72-4D1B-B3D1-DF60FAAD4A90.htm





    رد مع اقتباس
قديم 2009-10-30, 14:55 رقم المشاركة : 5
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي رد: مجلة ناشيونال جيوجرافيك( National geographic) العربية


هل تتعارض الهوية الثقافية مع العولمة؟



هل تتعارض الهوية الثقافية مع العولمة؟
بقلم : د‏.‏ عاطف العراقي


قد لاأكون مبالغا إذا قلت إن دراسة قضية العولمة وعلاقتها بموضوع الهوية الثقافية‏,‏ تعد من أهم القضايا والمشكلات التي تثار الآن‏.‏ إنها قضية الساعة‏,‏ قضية أن أكون أو لاأكون‏.‏

نقول هذا ونحن نضع في اعتبارنا الكم الهائل من الأقوال حول العولمة‏,‏ وأغلبها للأسف الشديد تعد أقوالا خاطئة أو أقوالا زائفة تقوم علي تجاهل الواقع الذي نعيشه‏,‏ وبحيث نقول من جانبنا إن العولمة تعد آتية لاريب فيها‏,‏ بل إنها تعد موجودة فعلا‏,‏ ولا سبيل إلي إعلان الحرب عليها عن طريق بيانات الشجب والاستنكار‏,‏ التي تصدر عن أناس تحسبهم من المفكرين وهم ليسوا بمفكرين‏,‏ بل أشباه أو أنصاف مفكرين‏.‏

العولمة وجدت لكي تبقي‏,‏ ونقصد بها بالدرجة الأولي العولمة الثقافية‏,‏ خاصة أن أكثرنا نخلط خلطا شنيعا بين العولمة الثقافية‏,‏ والعولمة التجارية أو العولمة في دنيا المال والاقتصاد‏.‏

وإذا كنا نتساءل عن علاقة العولمة بالهوية الثقافية‏,‏ فإن من الواضح أننا نقصد العولمة الثقافية‏,‏ ولايصح أن ندفن رؤوسنا في الرمال‏,‏ بل لابد من التعايش مع العولمة الثقافية‏,‏ ففيها الخير كل الخير‏,‏ ولا يصح أن نخاف من العولمة‏,‏ أو نقول إنها ستقضي علي هويتنا الثقافية‏,‏ فصاحب المعدة القوية لايخشي من تناول أي نوع من أنواع الطعام‏.‏

إننا كشعوب عربية بالدرجة الأولي لنا تاريخنا الثقافي المزدهر في الماضي البعيد وفي الماضي القريب‏,‏ وكمثال‏,‏ فيلسوفنا ابن رشد صاحب أصرح اتجاه عقلي نقدي في تاريخ ثقافتنا‏,‏ وفي الماضي القريب ابتداء من رفاعة الطهطاوي الذي اخلص لربه وأخلص لوطنه بغير حدود‏,‏ وتأثر بدعوته مفكرون من العرب في عصرنا الحاضر في أكثر بلداننا العربية من مشرقها إلي مغربها‏.‏

وإذا كانت ثقافتنا العربية تعد ثقافة راسخة البنيان وتقوم عليها أبعادنا التربوية‏,‏ وبحيث لا نتصور مجتمعا إلا وأن نحلل جوانب التربية السائدة فيه‏,‏ فإن من الضروري إذن أن نتواكب مع العولمة الثقافية‏,‏ إذ فيها الخير كل الخير‏.‏ ويقيني أن من يشنون الحرب علي العولمة الثقافية إنما يريدون بالدرجة الأولي نظاما تربويا يصلح للكهوف والمغارات‏,‏ ولايصلح بأي حال من الأحوال لطبيعة عصرنا ومانجد فيه من تغيرات مستمرة وقضايا لاحصر لها‏.‏

نقول ونكرر القول إن العولمة الثقافية‏,‏ تعني الانفتاح علي ثقافات العالم‏,‏ والانفتاح يؤدي إلي تجدد الهواء‏.‏ وإذا تم الانفتاح علي ثقافة الآخرين فإن هذا سوف لايؤدي اطلاقا الي القضاء علي هويتنا الثقافية‏.‏ وهل تم القضاء علي الهوية العربية في الماضي حين انفتحت أمتنا العربية في العصر العباسي علي أفكار الآخرين‏,‏ وذلك عن طريق الترجمة ونشر ثقافات الأمم الأخري‏.‏

نعم إن العولمة لابد أن ترتبط بواجب مقدس يجب أن نفعله من جانبنا‏,‏ وهو أن نبرز الجوانب القوية في هويتنا الثقافية‏,‏ وبحيث ننظر في غضب إلي الثقافات التي تمثل الضعف في تراثنا الماضي‏,‏ وهذا مافعلته أوروب‏,‏ا وبحيث استطاعت الاحتفاظ بهويتها الثقافية‏,‏ لقد استفادت من عقلانية ابن رشد ونظرت في غضب إلي فكر التقليديين‏,‏ فحققتا لنفسهما القوة والمجد والانطلاق من الحاضر نحو المستقبل‏.‏ وواجبنا كعرب معاصرين أن نسير في طريق التقدم والازدهار‏,‏ وذلك عن طريق التمسك بالعولمة الثقافية والتي تتيح لنا ترقية مشاعرنا والسمو بعقولنا‏.‏

هل من المعقول أن أحارب العولمة الثقافية‏,‏ في الوقت الذي لاأجد فيه سيمفونية موسيقية واحدة‏,‏ ولا أجد لدينا فيلسوفا عربيا واحدا منذ أكثر من ثمانية قرون؟ كلا ثم كلا‏.‏ إن الصحيح والمنطقي أن أسعي نحو التقدم عن طريق تربية تتفاعل مع العولمة الثقافية وبحيث يكون المطلوب هو الاتصال بالعالم المتقدم وليس الانفصال‏.‏ فالتربية تحقق التواصل والاتصال‏,‏ إنها التربية القوية‏,‏ أما تربية الضعف والرجوع إلي الوراء فإنها تربية أهل الكهوف‏,‏ التربية التي تتكلم لغة لايفهمها الآخر في كل زمان وكل مكان‏,‏ ومن هنا فإن الهوية الثقافية تقوم علي الانفتاح الذي لايتحقق إلا عن طريق التواصل بين الأمم‏,‏ الانفتاح الذي تقوم عليه العولمة الثقافية‏,‏ وإن كان أكثرهم لايعلمون‏.‏ وبحيث تكون وظيفتنا أن نسعي إلي الاستفادة من كل الأمم وبحيث تتحقق لنا القوة عن طريق العولمة‏,‏ فالمتأخر لابد أن يسعي إلي الاستفادة من المتقدم‏,‏ وليس من المناسب ولا من المعقول أن أطلب من المتقدم أن يقف في مكانه حتي يلحق به المتأخر‏.‏ إنها سنة الله في خلقه‏,‏ ولن تجد لسنة الله تبديلا‏.‏

العولمة الثقافية أصبحت ضرورة حياة‏,‏ ولا خوف منها علي هويتنا الثقافية‏,‏ ومن يتصورها خطرا إنما يريد أن يروج لبضاعته الفاسدة‏,‏ والتي لاتقوي علي الخروج والتواصل مع الثقافات الأخري‏.‏

ولاسبيل إلي التركيز علي العولمة الثقافية إلا بأن نقضي علي دعوات فاسدة ومفسدة يرددها البعض منا‏,‏ ومن بينها الغزو الثقافي‏,‏ إن القول بأن العولمة تمثل غزوا ثقافيا‏,‏ يعد قولا خاطئا قلبا وقالبا‏.‏

وإذا شاع هذا القول في أمتنا العربية فان هويتنا الثقافية‏,‏ سيصيبها الضعف والرجوع إلي الوراء‏,‏ أما إذا أكدنا مفاهيم خاطئة كالقول بالغزو الثقافي‏,‏ أو القول بأن العولمة ستؤدي بنا إلي فقدان الهوية الثقافية‏,‏ إذا أكدنا هذه الأقوال الزائفة‏,‏ فإننا سنكون كالدون كيشوت‏,‏ الذي يحارب طواحين الهواء‏.‏

لامفر إذن من التمسك بهويتنا الثقافية لأننا ـ كما قلنا ـ لانتصور شعبا متقدما يخلو من هوية‏,‏ وعن طريق التربية التي تقوم علي الايمان بالعولمة الثقافية‏,‏ ستواصل هويتنا الثقافية طريقها نحو التقدم والازدهار‏,‏ إن هذا أحسبه طريق النور الذي يجب أن أسعي إليه بكل ماأملك من قوة‏,‏ ومن يشن حربا علي العولمة الثقافية‏,‏ فإن هدفه ـ فيما أري ـ هو إشاعة الظلام الذي تعيش في ظله الخفافيش‏

نشر بتاريخ 21-06-2009

قراءة في كتاب "العولمة والتكنولوجيا والثقافة" ليحيى اليحياوي

انتشار القيم الثقافية للحضارة العربية الإسلامية يجسد تحديا حقيقيا "للعالم الحر"

ثمة ملاحظة مثيرة يصطدم بها، ولا يزال، كل من يتأمل طبيعة تعاطي الأقلام العربية مع موضوع العولمة، أو الموضوع الذي كتب فيه الكل، حتى صح الحديث عن انتظار ما يمكن أن تحرره الراقصات الشرقيات!! وأصبح كل من يملك فرصة إنتاج خطاب فكراني (إيديولوجي) معين، يمرر إذن وجهة نظره في الموضوع، تأسيسا على أرضية معرفية صلبة أم مهترءة، وبطبيعة الحال، في ظل هذه الفوضى الفكرية غير السوية ـ بيت القصيد ـ يختلط الغث بالسمين، وتختلط القراءات الاختزالية مع القراءات المركبة بتعبير عبد الوهاب المسيري، ونكاد نجزم أن الكتاب الذي نستعرض خطوطه العريضة اليوم، أبعد ما يكون مندرجا ضمن خانة القراءات الاختزالية التي يغلب عليها الخطاب العاطفي أو الدعائي الذي لا يفيد البتة في حسن تقييم أي ظاهرة، ولسنا في حاجة إلى تذكير القارئ الكريم كون المنتوج المعرفي العربي في هذا الصدد يشكو من طغيان هذه القراءات النمطية والحصرية.

لا تتجسد صلابة القراءة النقدية التي نجدها في ضيف هذه القراءة فقط من خلال تأمل طبيعة ما جاء فيه وحسب، ولكن، ترتبط على الخصوص، بحكم أن مؤلفه، الباحث المغربي يحيى اليحياوي، أصبح إسمه لصيقا تحديدا بملفات العولمة الاتصال والمعلوماتية، كما تشهد له بذلك عناوين أغلب مؤلفاته التي لا تخرج عن هذه المجالات المعرفية الثلاثة، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: "حركة الليبرالية ومنطق الخوصصة" (1996 بالفرنسية)، "الوطن العربي وتحديات تكنولوجيا الإعلام والاتصال" (1997)، "العولمة ورهانات الإعلام" (1998)، "المحطات الفضائية في العالم العربي/ الإسلامي: تحليل في المضامين الثقافية" (1998)، "العولمة الموعودة" (1999)، "العولمة ومجتمع الإعلام" (2001)، "الإنترنت ومجتمع الإعلام" (2001)، "كونية الاتصال, عولمة الثقافة" (2004) ومؤلفات أخرى، منها ضيف هذه القراءة، كتاب "العولمة والتكنولوجيا والثقافة" (الصادر عن دار النشر "الطليعة"، بيروت، الطبعة الأولى. 2002).


+++ العولمة بين الخطاب والممارسة


مع البداية يشير الكاتب إلى أنه لا يروم من خلال مبحثه هذا تفكيك الخطاب السائد حول ظاهرة العولمة، أو تفكيك إشكالية المصطلح الإبستمولوجية، ولا مساءلة الممارسة (السياسية بالأساس) حول "استغلالها" له بغية تجديد خطابها، بقدر ما يهدف إلى مقاربة ظاهرة ومصطلح العولمة بحثا في مضمونها ومحاولة لتحديد فضائها على ضوء التحولات التكنولوجية الكبرى التي ميزت العقود الثلاثة الأخيرة للقرن العشرين، لاسيما في ميدان الإعلام والاتصال.

إذا كان مصطلح العولمة حديث النشأة والعهد، فإنه تمكن بحسب الكاتب من غزو أكثر من خطاب واختراق أكثر من ممارسة. فعلى مستوى الخطاب الاقتصادي، أسس المصطلح لما اعتيد على تسميته بالعولمة الاقتصادية، بينما أسس بالنسبة لخبراء التكنولوجيا لما سمي بالعولمة التكنولوجيا، في الوقت الذي تبناه "أهل الثقافة" فيما أسموه بالعولمة الثقافية، أو رجال الأعمال فيما اصطلحوا على نعته بعولمة المال والأعمال ورأس المال.

أما على مستوى الممارسة، فقد وظف المصطلح لتبرير، وبالتالي تمرير، برامج ومخططات لم ينجح الخطاب السائد إلا جزئيا في تبريرها وتمريرها. من هنا فإننا نجد من يفسر طبيعة الأزمة بظاهرة العولمة، وينادي بضرورة مسايرتها، أو على الأقل، التكيف معها. ونجد من يرى فيها إحدى فرص الخلاص نظرا لما توفره من حوافز ولما يمنحه تبنيها من امتيازات.

العولمة هي بكل المقاييس إفراز لمعطيين ما انفكا منذ ثمانينات القرن العشرين يتكرسان ويتقومان:
المعطى الأول، ويتمثل في النمو المتسارع لسوق رأس المال والخدمات المالية غير الخاضع لسلطة ورقابة الدولة. إذ تنتقل مئات مليارات الدولارات عبر التدفقات المالية من مكان لآخر لمجرد تغييرات طفيفة في نسب الفائدة ودونما أن يكون للدولة الوطنية سلطان يذكر على حلها أو ترحالها.

المعطى الثاني، ويتجلى في عولمة رأس المال نفسه، إياه التي سرعت بدورها من وتيرة تدويل الاستثمارات والأنظمة الإنتاجية وبالتالي التيارات التجارية بين أقطاب الاقتصاد العالمي، وهو ما أدى إلى عولمة لا المؤسسات فحسب، بل والاستراتيجيات والسياسات والأسواق أيضا.يعيب المؤلف على الخطاب السائد في العالم الثالث حول العولمة (وخصوصا الخطاب الأكاديمي منه) عدم تحديده للمفهوم، وتركيزه الجلي على أبعاده وتجلياته، بحيث تأتي الإسقاطات إما مؤدلجة، أو عديمة الموضوعية، أو مجانبة للسياق العام. وهو ما يفرغها، في كل الأحوال، من طابعها العلمي وفرضية تجردها. كما يعيب على الممارسة تبنيها للمصطلح من باب الترويج الديماغوجي المحض وعلى خلفية من "تحيزها" الصارخ، إذ باسمه تفسر الأوضاع، وتحت مسوغاته تبرر السياسات.

+++ دور تكنولوجيا الإعلام في عولمة الاقتصاد

بحسب المؤلف، يبقى الحديث عن عولمة الاقتصادات الوطنية (المتقدمة منها على وجه التحديد) شيء، وأن نتحدث عن عولمة قطاعات محددة من هذه الاقتصادات شيء آخر. والمقصود هو أن ربط تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال بظاهرة العولمة إنما يجب أن يتم عبر مسألتين يراهما متلازمتين:

المسألة الأولى: ومفادها أن تكنولوجيا الإعلام والاتصال، المشكلة من معلوماتية واتصالات وميدان سمعي-بصري، لم تحدد مسار العولمة بقدر ما مهدت لها الطريق ويسرت لها السبل.

والمسألة الثانية: وترتبط بكون هذه التكنولوجيا لم تسلم هي نفسها من ظاهرة العولمة، كما لم تسلم من قبل، وإن بمستويات أخف، من ظاهرتي التدويل وتعدد الجنسية في قطاعات إنتاج السلع والخدمات، وتصغير الحواسيب وربطها داخل شبكة كوكبية، قد مكنت من خلق انقلاب ضخم وشامل في نظام العالم". وانطلاقا من كل هذا، لم يتردد البعض في وصف اقتصاد نهاية القرن العشرين واقتصاد القرن الحادي والعشرين باقتصاد الرموز، باعتبار أن المعطى التكنولوجي المركزي الذي جعلته وسائل الإعلام والاتصال ممكنا يتمحور حول اللامادية والسرعة والآنية والشمولية وما إلى ذلك.

وفحوى القول هو أن السلطة في ظل العولمة - لم تعد تكمن في امتلاك الأدوات المادية من أراض وموارد طبيعية وآلات وغيرها، بقدر ما أصبحت تتمحور تدريجيا حول التحكم في الأدوات اللامادية من بحث علمي وتحكم في التكنولوجيا العالية، في الإعلام والاتصال والمال، لدرجة أن الحديث بدأ يتركز على مجتمع الإعلام والاتصال والمعرفة أكثر منه على المجتمع الإنتاجي المادي المقدم نفسه على أنه تقليدي.

ولعل إحدى أبرز العلامات على الميل المطرد باتجاه الاقتصاد اللامادي، ظهور شركات كبرى للإعلام والاتصال وتوسع نشاطها على المستوى الكوني. إذ من بين 20 مؤسسة صناعية كبرى نجد ستا منها متخصصة في الإلكترونيات الدقيقة وفي المعلوماتية، في حين لم يكن لمثل هذه الشركات أثر يذكر قبل عشرين سنة.

لم يعد السوق العالمي إذن، في ظل ظاهرة العولمة، مجرد فضاء مادي تتم من خلاله العمليات التجارية والمالية كما عهدناه في مرحلتي التدويل وتعدد الجنسية، بل أضحى ملتقى إعلاميا كوكبيا يجري في إطاره تبادل المعطيات والتحكيمات المالية على حساب الاقتصاد الواقعي أو المادي، وخرجت من صلبه مافيات نشيطة ذات خبرة واسعة في مجال المضاربات المالية والعقارية، واندحرت داخله مفاهيم المنافسة الحرة وقيم الشفافية لصالح الممارسات الاحتكارية وثقافة الارتشاء والتهرب من الضرائب وتبييض أموال المخدرات الخ.

مهم للغاية تنبيه الكاتب إلى ما قد نصفه بأهم تبعات تكريس منظومة العولمة الجديدة، تلك التي صنعتها وكرستها وسايرتها تكنولوجيا الإعلام والاتصال من بين عوامل أخرى، بحيث أنها لم تسحب السجاد من تحت أقدام مفاهيم القومية (بمعنى القطرية) والسوق الوطني والحدود الجغرافية فحسب، بل سحبتها أيضا من تحت أقدام الدولة (أو الدولة/الأمة) بتشريعاتها ومعاييرها ونظم تسييرها، فتحولت الدولة إلى مجرد متفرج على قرارات تتخذ داخلها من طرف شبكات المال والأعمال العالمية النشاط، فأرغت بذلك من دورها كفاعل رئيسي في عملية تحديد السياسة الاقتصادية وحتى من سلطتها الجبائية على الموارد "العابرة" لكيانها الجغرافي.

+++ العولمة وإشكالية "المجتمع الإعلامي الكوكبي"

في معرض سبر أغوار المقدمات الميدانية ـ التاريخية التي أفرزت العولمة الراهنة، أو "مراحل العولمة" السابقة التي مهدت لما نعيش على إيقاعه اليوم، يستشهد المؤلف بما صدر عن المفكر مارك فيرو الذي أن العصر الحاضر إنما هو نتاج أربع عولمات ساهمت كل منها على حدة في مأسسة ما يمكن تسميته بعقيدة التوحيد أو "إيديولوجية التطابق"، وهي:

+ عولمة الاقتصاد، وقد بدأت تظهر خلال القرن السادس عشر، وهي ظاهرة ما فتئت تتسارع وتتطور. ففي الوقت الذي بدأت فيه الاقتصادات تتميز (في الصين والغرب الإسلامي..) بوحدتها، برزت للوجود ظواهر مثل ارتفاع وانخفاض الأسعار، تطور التقنيات، تزايد الضغوط الخارجية.. أفقدت المواطن معاييره الثابتة الكامنة في الملك والضابط ورجل الدين والقانون وغيرها، وهذه الفترة أرخت لما يسميه مارك فيرو بفترة "ضياع المعايير".

+ مرحلة العولمة البيروقراطية، وقد تزامنت مع الثورة الفرنسية وظهور بذور العهد التكنوقراطي والسلطة المركزية، ونجم عن امتيازات النخب الجديدة فيها (عسكريون، رجال دين..) اتساع الهوة بين المركز والأطراف، وأدت إلى رفض كل من هم خارج النظام من مهمشين وضحايا، بما في ذلك مناطق بأكملها. وهذه الفترة كرست لمرحلة "غياب الملجأ أو ضياعه".

+ المرحلة الثالثة، وقد تأسست لفترة العولمة العلمية خلال القرن السابع عشر. لكن هذه العولمة كانت بطيئة لا على مستوى العلوم الطبية والفيزيائية فحسب، ولكن فيما يخص علوم الإنسان والاجتماع والعمران أيضا.

+ ثم مرحلة عولمة الإعلام والاتصال، وهي تؤرخ لمرحلة توحيد الخبر حيث تبث التلفزة، عن الصومال مثلا، الصورة نفسها لمشاهدي لندن وريو وأوكلاهوما.

ما من شك إذن في أن ثورة قطاع الإعلام والاتصال وتراجع دور الدولة والتشريعات "وانفراج" العلاقات الدولية هي أحد أهم هذه العوامل الأساسية. إلا أن ظاهرة العولمة، على الرغم من طابعها الانتقالي وعدم استقرار مكوناتها، تثير تساؤلات المؤلف على أكثر من جانب وعلى أكثر من مستوى:

المستوى الأول، ويتعلق بطابعها التناقضي لا على مستوى الأسواق فحسب، ولكن أيضا بالنظر إلى استراتيجيات المؤسسات الفاعلة.

والمستوى الثاني، ويتجلى في محدودية الظاهرة لا في تكريسها للقطبية فقط، بل وفي تبنيها ل"مجتمع الشبكات" عوض "مجتمع الإعلام والاتصال" كذلك.

وطابع العولمة التناقضي إنما يتجلى في تبنيها لمعطى التطابقية بالنظر لنزاهة السوق ووحدة (وربما وحدانية) نمط الاستهلاك وعقلانية الاختيار. بمعنى أن السلع والخدمات إنما هي منمطة لمستهلك لا لمستهلكين، والحال، يضيف اليحياوي، أن هذا الطرح لا يستثني فقط اختلافية الأذواق وتباين الاختيارات، بل وكذلك خصوصية أنماط الاستهلاك حتى وإن كانت الاختلافية تلك والخصوصية نفسها متناسقتين لا متباينتين.

+++ نحو "مجتمع إعلامي كوكبي"!

في ظل رخاء ما يصفها الكاتب ب"الثلاثين الخوالد" التي عاشتها الاقتصادات الغربية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وإلى منتصف السبعينات من القرن العشرين، غمرت الفكر الاقتصادي والسوسيولوجي مصطلحات ومفاهيم جديدة هدف من خلالها أصحابها إلى مقاربة مرحلة الازدهار الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي الذي ميز فترة ما بعد الحرب. فظهرت مفاهيم "المجتمع ما بعد الصناعي" و"المجتمع ما بعد الصناعي" و"المجتمع الاستهلاكي". وما إلى ذلك. وقد استنفذت هذه المفاهيم دلالتها مع ظهور أنماط جديدة وطرق متجددة لإنتاج وإعادة إنتاج وتوزيع القيمة، وبالتالي استهلاكها. فظهرت بذلك مفاهيم "اقتصاد الإعلام والاتصال" و"اقتصاد اللامادة" و"المجتمع العالي الدقة"، وأخيرا وليس آخرا، مصطلحا "القرية الكوكبية" أو "المجتمع الإعلامي الكوكبي".

ينطلق أصحاب أطروحة "المجتمع الإعلامي" أو "الاتصالاتي" من فكرة مؤداها أنه في ظل تكنولوجيا الإعلام والاتصال بفروعها الثلاثة: اتصالات، معلوماتية، ميدان سمعي-بصري، ستنتقل المجتمعات والاقتصادات من الإنتاج المادي المحض (إذ سيوكل هذا الأخير للربوتات Robots)، إلى إنتاج وتسيير وهضم المعلومات. ويستدلون، لتزكية طرحهم هذا، على ما تتيحه هذه التكنولوجيا، ولاسيما ترابط شبكاتها، من امتيازات كبرى كالعمل عن بعد والتعلم عن بعد والتطبيب عن بعد والحجز عن بعد وطبع الجرائد عن بعدإلى غير ذلك من الخدمات. وهو ما جعل، تقنيا على الأقل، مجتمعات الدول المتقدمة عبارة عن "مجتمعات/شبكات" يتم التعامل داخلها بالرموز والبيانات والصور باعتبارها "المحدد" الجديد للنشاط الاقتصادي والمالي والاتصالاتي (وإلى حد ما التواصلي) الاجتماعي والثقافي.

يطرح مصطلح "المجتمع الإعلامي"، في تصور الكاتب أكثر من تساؤل وأكثر من ملاحظة لا على المستوى القطري

(الأقطار المتقدمة بالخصوص) فحسب، ولكن فيما يخص محاولات تعميمه ليشمل "المجتمع الكوني أيضا".

+ الملاحظة الأولى، وتتعلق باختلال العلاقة بين العرض التكنولوجي ومستويات الطلب المتوافرة لدرجة يصدق معها القول بوجود محددات تكنولوجية للعملية الإعلامية والاتصالاتية ترسم وتنمط أساليب الاستهلاك والاستعمال وتوجه معالمه وهياكله.

+ الملاحظة الثانية، وتكمن في كون "الانخراط" في هذا المجتمع الإعلامي ليس في متناول كل الشرائح الاجتماعية بحكم تعقيداته (حتى وإن سلمنا بفرضية توافر الشروط المادية لاقتحامه)، ناهيك عن صعوبة مسايرته.

+ الملاحظة الثالثة، وتتمثل في تراجع الفكر والإنتاج الفكري الهادئ والمعمق. فحتى وإن مكنت أوتوستراد الإعلام والاتصال (والإنترنت جيلها الأول بامتياز) من الاطلاع على كبريات الموسوعات وأمهات الكتب، فإنها لا تعدو كونها جزءا من "الزمن العالمي" المهووس بالسرعة والآنية، وضمنيا بالإنتاجية والربحية.

أما مفهوم "المجتمع الإعلامي الكوكبي" الذي يروج له رعاة "النظام العالمي الجديد"، فيبقى هو الآخر مفهوما مركبا ومحملا بإيديولوجية ضمنية تثير تساؤلات المؤلف على أكثر من مستوى وتفرض مجموعة ملاحظات:

+ الملاحظة الأولى، وتكمن في القول بأن "المجتمع الإعلامي الكوكبي" لا يعدو كونه طرحا إيديولوجيا خالصا وضربا من ضروب المزايدات "الفكرية العقيمة". إذ كيف نفسر انتماء حول العالم الثالث إلى هذا المجتمع الإعلامي ومعظمها لا تتوافر فيها الطرق ناهيك عن الأوتوسترادات.

+ الملاحظة الثانية، وتتعلق بما يسمى "دمقرطة" تكنولوجيا الإعلام والاتصال للعلاقات الدولية وداخل الدولة الواحدة بحكم شعار تعايش الدول والشعوب داخل مجتمع كوكبي واحد موحد، وبدليل ما رأيناه من تعرية هذه التكنولوجيا لديكتاتوريات أبادت شعوبها وأخرى ما زالت تجتهد في إبادتها.

إلا أن الإحساس بالتعايش في إطار "المجتمع الإعلامي الكوكبي" إنما هو شعور كاذب. إذ تهتم الشركات المتبنية لهذا الخطاب (ودولها الأم) بدمقرطة العلاقات داخل الدول وفيما بينها بقدر ما تهتم بتوسيع فضاء إنتاجها وربحيتها على غرار ما فعلته البعثات الدينية في عهود سابقة لتكريس نمط العيش والاستهلاك والتفكير الغربي.

+++ عولمة تكنولوجيا الإعلام والمسألة الثقافية

بحسب الكاتب، تم الترويج لخطاب عولمة تكنولوجيا الإعلام والاتصال والمسألة الثقافية لظاهرتين أساسيتين اثنتين:

تتجلى الظاهرة الأولى في وجود ثقافة عالمية موحدة ومهيمنة تتعامل بها وفي إطارها جل دول العالم الثالث في ظل العولمة، وأنه لا مجال، على هذا الأساس، للحديث عن ثقافات وطنية أو عن خصوصيات ثقافية. أما الظاهرة الثانية، فتتمثل في ما دار ويدور حول أطروحة الغزو والاختراق اللذين تتعرض لهما "الثقافات المتدنية" ويعنى بها ثقافات دول العالم الثالث، وإلى حد ما ثقافات بعض الدول المتقدمة.

ينطلق الطرح المتبني لوجود ثقافة عالمية موحدة من مفهومي العولمة والشمولية، وهما محض مصطلحات اقتصادية تعني أن فضاء الإنتاج والتسويق قد توسع تدريجيا. والمقصود أن ما يسمى بالخصوصية الثقافية لم يعد، في ظل العولمة والشمولية، فضاء مستقلا بذاته بقدر ما أصبح جزءا من سوق عالمي يتحكم فيه منطق رأس المال المتعدد الجنسيات، وتتكرس في عمقه أطروحة الأحادية الثقافية، وهو ما يعمل على تمريره باستمرار ما يسمون ب" أسياد العالم"، كما نقرأ في مضمون تصريح صادر عن والتر ريستون، المدير السابق لبنك ستيكورب، مفاده أن السوق المالي الدولي لن يعود أبدا إلى حدوده الوطنية القديمة، فالمال والأفكار تتخطى الحدود بطريقة وبسرعة لم يسبق لهما مثيل، وهي هجمة على سيادة سلطة الحكومات".

كما نقرأ لنعوم تشومسكي وإدوارد هيرمان في مؤلفهما المرجعي "صناعة الإذعان": "إن نظام وسائل الاتصال الجماهيرية يمكن من نقل الأخبار والرموز إلى الجمهور العريض. فوظيفة هذه الوسائل هي تسلية الأفراد وإخبارهم، وأيضا إقحام هؤلاء الأفراد في القيم والمعتقدات ونظم التصرفات الكفيلة بإدماجهم في الهياكل المؤسساتية للمجتمع الواسع. وكي يستقيم هذا الدور في عالم تتركز فيه الخيرات وتشتد فيه الصراعات بين الطبقات، يجب انتهاج سياسية تشهير واسعة".

إن اعتبارات القوة هي التي بدأت إذن، وبعمق، في تحديد الإنتاج الثقافي، سواء تعلق الأمر بإبداع وإذاعة الأفلام والبرامج التلفزيونية، أو التقاط وتوزيع الأخبار، وإلى حد ما الإبداع الأدبي ونشره. وهكذا، على الرغم من كون الفضاء الثقافي العالمي لم يخضع كله لمنطق العولمة والشمولية، فهناك إحساس عميق بتجدر "جو عام مطابق لاحتياجات النظام".

وعلى غرار قطبية الاقتصاد العالمي، ولنقل تعدد قطبيته "عولمة الاقتصاد" يشير الكاتب إلى أننا نلاحظ نفس القطبية، أو تعددها، في الميدان الإعلامي والثقافي. ف"التلفزة والسينما والكابل والصحافة وبنوك المعلومات وبرامج المعلوميات تتجمع داخل وحدات أعمال عملاقة تمتلكها حفنة من الشركات لا تعير كبير اهتمام للتمييز بين عالم الأعمال وأعمال العالم". فهي تمهد وتمأسس للعولمة والشمولية، وتعمل ببساطة وفق منطق ومعايير حددتها بنفسها للسوق الدولي (الواحد) وللمستهلك الواحد (الموحد).

+++ مواجهة "الثقافات المتدنية" للثقافة العالمية الواحدة

يكاد بعض المهتمين بالعلاقات الدولية يعتقد بأن مسألة الثقافة، في ظل العولمة والشمولية والثورة التكنولوجية، لم تطرح بجدية كبيرة إلا أثناء الإعداد لإنشاء "المنظمة العالمية للتجارة" (WTO)لكونها تزامنت مع مطالبة أغلب دول العالم، ولا سيما ذات الثقافات "المهددة"، بضرورة استثناء هذه المسألة، نظرا لدقتها وحيوتها وحساسية الظرف الذي طرحت فيه، وكذلك خطورة المصير الذي من الوارد أو من المقرر أن "تخضع له"، لتبزغ أسئلة قلقة يتقدمها سؤال مصير "الثقافات القطرية"، أو باستفسار المؤلف: هل انتهت أو تراجعت السيادة الثقافية بتقدم وهيمنة "الثقافة العالمية"؟ وهل سلمت الدول والشعوب بأطروحة أن الثقافة إنما هي صناعة تنتج سلعا وخدمات مثلها في ذلك مثل باقي الصناعات؟

ثمة خمس ملاحظات هامة جدا، يوردها المؤلف في سبيل وضع الأرضية للإجابة عن هذا السؤال:

الملاحظة الأولى تتعلق بمكانة الثقافة في "فلسفة" واستراتيجيات شركات الإعلام والاتصال الكبرى (وهي في معظمها أمريكية) في عصر أهم خصائصه: العولمة والشمولية وتعدد القطبية الاقتصادية، ونحن لا نعتقد مع المؤلف أن هذه الشركات تعير الثقافة كبير أهمية. فهي لا تتعامل معها إلا بالقدر الذي يخدم أهدافها وتطلعاتها في خلق مجتمع استهلاكي عالمي موحد ونمط تفكير ولنقل "رؤية" تقدس السلعة والمبادرة الحرة "وديموقراطية" السوق. وبالتالي، فالثقافات الأخرى إنما توظف وتكيف "وتنمط" لخدمة مصالح العولمة والشمولية ومن ورائهما الروحية والإنتاجية وتوسيع الأسواق.

والملاحظة الثانية ترتبط بما سمعناه وقرأناه قبل وخلال وبعد حفل توقيع "ميثاق" المنظمة العالمية للتجارة من خطاب حول مسألة "الاستثناء الثقافي". وهو الطرح الذي تبنته أوروبا الغربية بزعامة فرنسا، باعتبار أن المسالة الثقافية لا يمكن أن تطبق عليها المعايير والقوانين التي تخضع لها السلع والخدمات بحكم خصوصيتها وارتباطها بقضايا السيادة والهوية والحق في التميز.

الملاحظة الثالثة تكمن في التهميش شبه المطلق لدول العالم الثالث، والتعامل معها لا كخصوصيات ثقافية لها ما يميزها، ولكن كجزء من مجتمع استهلاكي عالمي تحدد فلسفة وتوجهاته انطلاقا من ثقافتين:

-الثقافة الأنجلوساكسونية المهيمنة على وسائل الإنتاج والتوزيع المعرفي بحكم امتلاكها ل" التكنولوجيا الثقافية" عتادا وبرامج، وقدراتها على التصرف في مكونات وخصوصيات ما يعرف ب"الثقافات المتدنية" وفي مقدمتها ثقافات العالم الثالث.

-والثقافات الجهوية (الفرنكوفونية بالنسبة لإفريقيا، الإيبيرية لأمريكا اللاتينية) التي خلقت لنفسها متنفسا أو سبيلا لدرء مخاطر المنافس الأمريكي لدى الشعوب وأمم أفقدتها الحروب والأزمات آدميتها فكم بالأحرى ثقافتها.

الملاحظة الرابعة تنطلق من الاعتقاد التالي: منذ بداية هذا القرن لم تعد الثقافة هي صانعة الاقتصاد (باستثناء اليابان ربما)، بل أصبح الاقتصاد والمال هما صانعي الثقافة. بمعنى أن القوة الاقتصادية والمالية للأمم هي التي تمكنها من فرض ثقافتها وتهميش "الثقافات التابعة" باتجاه السيطرة عليها لا نفيها.

الملاحظة الخامسة تتمثل أساسا في محدودية مصطلحات "الغزو الثقافي" أو "الاختراق الثقافي" أو "الاستعمار الثقافي" المستعملة لكشف ما تمارسه الشركات المتعددة الجنسيات. فهي، في اعتقاد المؤلف، لا تمارس الغزو ولا الاختراق من أجل الاختراق ـ لأن عصر الاستعمار المباشر انتهى بحكم انفصامه عن "المنطق وفلسفة الجديد" ـ بل توظفه في ما يتراءى لها في عصر العلم والمعرفة متطابقا وفلسفة عولمة الاقتصاد ورأس المال. بالتالي، فالغزو والاختراق لا يوظفان كهدف بقدر ما يتخذان وسيلة لتوسيع فضاء رأس المال ومجالا لترويج السلع داخله.

+++ العولمة وإشكالية الغزو الثقافي

تعتبر تكنولوجيا الإعلام والاتصال، فضلا عن تنامي خطاب العولمة والشمولية، إحدى وسائل تنميط وتأطير الأفراد والجماعات لا على مستوى الإنتاج المادي "والمعرفي" فحسب، بل وعلى مستوى استهلاك "المادة الإعلامية والاتصالاتية" كذلك، ودرجة فعلها في هياكل الاقتصاد ومدى تأثيرها في تشكل البنى الاجتماعية والاقتصادية. من هنا، فالحديث عن الغزو في العلاقة مع الآخر (مع الغرب) قديم قدم العلاقة نفسها: الغزو العسكري في مرحلة تكوين الإمبراطوريات، والغزو الاقتصادي في مرحلة الصراع على الأسواق. ولعل هما أشهر ما عرف التاريخ وأعنف ما عانت منه الشعوب والأمم المغلوب على أمرها. لئن كان اشتداد هذين النوعين من الغزو قد خف مع تراجع التوتاليتاريات (الكليانيات) العسكرية، وتراجع أهمية الأسواق الخارجية باعتبارها مصدرا للمواد الأولية واليد العاملة لا باعتبارها منافذ ذات أهمية استهلاكية، فإن المفهوم نفسه ما كان له إلا أن يتكيف مع تطور العلاقات الدولية. وبالتالي، ففي زمن العولمة والشمولية وانتصار القطبية، أصبح من المسلم به أن ظاهرة الغزو لم تندثر ولم تتراجع بقدر ما غيرت لبوسها لتتلاءم وواقع العصر الجديد.

ليس الغزو الثقافي حسب المؤلف أو الاختراق الثقافي (بتعبير محمد عابد الجابري) إلا مرحلة غزو واختراق للنفوس بعدما غزت القوة الأبدان والأجساد. والهدف من إخضاع النفوس إنما هو "غزو العقل، تكييف المنطق، توجيه الخيال، صنع الأذواق، ترسيخ نوع معين من القيم، تكريس إيديولوجيا خاصة، إيديولوجيا الاختراق"، كمرحلة لا مناص منها لتوسيع الفضاء الإنتاجي وتكريس نموذج "النظام الاستهلاكي" المهيمن، أي النظام الاستهلاكي الغربي المقدس للسلعة وللمستهلك. وهكذا نقرأ لجاك ديلكور: "إن ما يميز العصر الراهن هو ظهور نوع جديد من الغزاة: المجموعات المالية والاقتصادية عوض الدول "المحلية". هؤلاء الغزاة الجدد لا يتبنون نشر حضارة أو دين أو ثقافة أمة من الأمم، بقدر ما يعترفون بأن عملهم إنما هو غزو لا أقل ولا أكثر، مدللين على ذلك بالقول: إذ لم نفعله نحن فسيفعله غيرنا".

قد يكون وراء الاستهداف الثقافي الغربي تصفية حسابات ضيقة مع حضارات أبانت عن دينامية كبيرة طوال مدة لا يستهان بها من التاريخ كالحضارة العربية الإسلامية. وقد يكون الهدف من وراء ذلك "الإجهاز على ما تبقى منها كثافة للحيلولة دون أخطار انبعاثها من جديد" حسب الجابري.

قد يجوز هذا الطرح نظرا لما تتعرض له هذه الحضارة من شتى أوجه التشنيع والتمييع. وقد لا يجوز على ضوء الهيمنة المطلقة ل"النظام / العالم" (وهو رأسمالي بطبيعته)، والتي لا تترك فرصة لظهور قوى منافسة أو مناقضة. إلا أن الكاتب يعتقد أنه بغض النظر عن كل هذا وذلك، فليس ثمة غزو من أجل الغزو، وليس ثمة استهداف من أجل الاستهداف، لأنه حتى لو سلمنا جدلا بحنين بعض العقليات إلى عصور الحروب الصليبية، فإن مرحلة ما بعد انتصار الرأسمالية والليبرالية إنما تعمل وفق منطق المصالح والربحية لا على أساس الصراعات ذات المسببات الفردية أو النعرات الشخصية.

وحاصل القول في ثنائية العولمة والغزو الثقافي، أن هذا الأخير يبقى في زمن العولمة والشمولية وثورة تكنولوجيا الإعلام والاتصال مجرد شرط مسبق لغزو أهم وأفيد، ويعني به الكاتب الغزو الاقتصادي والمالي والتكنولوجي.
+++ العولمة ومسألة "الأمن الثقافي"

التساؤل حول الثقافة وضرورة "الأمن الثقافي" لا يعني المطالبة بخلق أجهزة رسمية وطنية أو فوق وطنية لحماية الخصوصيات والهويات (خصوصيات وهويات شعوب العالم الثالث تحديدا)، بقدر ما يستبعد، حتى في حالة استحداث هذه الأجهزة، قدرتها على ضمان حماية هذه الثقافات من أخطار "الغزو الثقافي الخارجي".

مفارقة هامة يشير إليها الكاتب تستحق وقفة تأمل في هذا الصدد، وتكمن في كون الخطر لم يعد كامنا، مع وجود النخب العالمثالثية، في الغزو الثقافي، بقدر ما أصبح كامنا في اجتهاد هذه النخب من أجل ترسيخه وتعميقه، مع الأمل البعيد المدى في إمكانية مأسسته. ولم تعد سبل الحل تقتصر على الخطاب التحذيري، بقدر ما بدأت تتعداه لتسائل الممارسات، أي السياسات المتبعة، التي من الواجب أن تتصدى لما يمكن تسميته ب" الهجمة الحضارية" التي تتعرض لها "الثقافات المتدنية" وفي مقدمتها الثقافة العربية-الإسلامية.

لكن، في المقابل، وعلى الرغم من سلبيات ومحدوديات طرح المسألة الثقافية، في ظل العولمة والشمولية وثورة تكنولوجيا الإعلام والاتصال، انطلاقا من مصطلح الأمن، فإن لهذا الطرح امتيازين منهجيين اثنين: يتمثل الأول في الإحساس بوجود "تشوش خارجي" قد يشكل خطرا على السير العادي والمتزن لمكونات النظام (النظام الثقافي فيما يخصنا) القائم. أما الامتياز الثاني فيتجلى في ضرورة التصدي لكل ما من شأنه أن يحول دون السير العادي للمؤسسات (الثقافية فيما يخصنا)، أو "يشوش" على طبيعتها، أو يؤثر على منطق تسييرها.

فمواجهة "الهجمة" القادمة من الخارج لا يمكن أن تمر عبر إغلاق الأبواب أمام العلم والمعرفة والتكنولوجيا، إذ أن "الانغلاق موقف سلبي غير فاعل، ذلك لأن فعله "الموجه" ضد الاختراق الثقافي، أي محاربته، لا ينال من الاختراق ولا يمسه ولا يفعل فيه، بل فعله موجه كله إلى الذات بقصد "تحصينها". والتحصين إنما يكون مفيدا عندما يكون المتحاربان على نسبة معقولة من تكافؤ القوى والقدرات. أما عندما يتعلق الأمر بظاهرة عالمية تدخل جميع البيوت وتفعل فعلها بالإغراء والعدوى والحاجة، ويفرضها أصحابها فرضا بتخطيط واستراتيجية، فإن الانغلاق في هذه الحالة ينقلب إلى موت بطيء قد تتخلله بطولات مدهشة ولكن صاحبه محكوم عليه بالإخفاق".

ومواجهة الظاهرة نفسها يجب أن تمر عبر مواجهة خطاب "النخب التابعة" المتبنية لأطروحة وجود حضارة عالمية واحدة وثقافة عالمية واحدة يستحيل العمل خارجها أو التفكير بغير منطقها، والمقصود أمران اثنان:

الأمر الأول يتعلق بالحماس الشديد يبديه الغرب للحيلولة دون انتشار القيم الثقافية للحضارة العربية الإسلامية بالنظر إلى ما تمثله من خطر خارجي يهدد "العالم الحر"، أي الحضارة الغربية ونمط الحياة الأمريكي، مثلما كانت الشيوعية ذلك الخطر الأحمر الذي دأبت القوى الاقتصادية المهيمنة على المجتمع الأمريكي والموجهة لسياسات حكوماته على توظيفه لخدمة أغراضها.

الأمر الثاني يتلخص أساسا في أن الأقطاب الاقتصادية الكبرى لا تميز، في ظل العولمة والشمولية وثورة تكنولوجيا الإعلام والاتصال، أثناء تكييفها للعقول تمهيدا لغزو الأسواق، بين حضارة وأخرى، أو بين ثقافة وأخرى. فما يهمها، في اعتقادنا، إنما هو توسيع الفضاء الاستهلاكي العالمي كشرط مسبق لرفع مستوى الإنتاجية والربحية وتسريع وتيرة "الدورة الرأسمالية".

+++ البعد العربي لإعلام النظام العالمي الجديد

يلح الكاتب على أن أهم مميزات "إعلام النظام العالمي الجديد" الأساسية خضوعه شبه المطلق للمؤسسة العسكرية وللسلطة التنفيذية، كما تم عمليا أثناء حرب الخليج، وبالتالي تراجعه كسلطة رابعة مستقلة، نزيهة وموضوعية. وميزة هذا الإعلام أيضا تهميشه وتشويهه "المعقلن"، بعد حرب الخليج، لمشاكل وقضايا دول العالم الثالث بصفة. فتعامل وسائل الإعلام والاتصال الغربي مع قضايا العالم الثالث عموما، وقضايا الوطن العربي بالخصوص، في ظل النظام العالمي الجديد، يثير تساءلنا على أكثر من مستوى.

+ المستوى الأول، ويتعلق بتغافلها الصارخ عن تطلعات دول العالم الثالث إلى علاقات اقتصادية وإعلامية دولية متوازنة ومنصفة، وهو ما لم تكف هذه الدول عن طرحه طيلة السبعينات والثمانينات في إطار حركة عدم الانحياز، وداخل منظمة اليونسكو بالأخص.

+ المستوى الثاني، ويرتبط بتوظيف الدول والشركات المتعددة الجنسيات لوسائل الإعلام والاتصال نظرا لما تتمتع به من تأثير في تكريس الأمر الواقع: واقع القطبية الوحدة والهيمنة الغربية، وما تتمتع به من قوة في تنميط ثقافات العالم الثالث كمرحلة أولى لتعميم نمط الاستهلاك الغربي على نطاق الكرة الأرضية.

+ المستوى الثالث، ويتجلى في ما يسميه المؤلف ب"التعاون الانتقائي" الذي تمارسه الدول الكبرى ووسائل إعلامها في تعاملها مع مشاكل وقضايا دول العالم الثالث.

والحقيقة، أن أطروحة "النظام العالمي الجديد" التي مأسست لها وتبناها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش (الأب)، ما كانت لتخلق علاقات دولية عادلة أو متوازنة بين دول الشمال ودول الجنوب. كما لم يكن في ترويجها قيمة كبرى بالنسبة للمواطن الأمريكي العادي الذي ربما لا يستطيع تعيين دول العالم على خريطة الجغرافيا. (ولم يطلب من الأطروحة، على أية حال، أن تكون كذلك. فما يهم الأمريكي المتوسط هو تكريس عقدة القوة التي تميزه، وإبراز مكامن التفوق التي تلازمه. وقد عبر جورج بوش (الأب) عن ذلك بامتياز في تأكيده على الدور المركزي الذي من الواجب أن تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في إطار النظام العالمي الجديد، بمعنى آخر، الأمريكي رجل الشارع المتشبع بمرحلة التخمة التي يعيشها، لا يهمه النظام العالمي الجديد كممارسة بقدر ما يهمه كشعار وكترويج، على عكس ما يهم الأمريكي رجل المؤسسة الحاكمة).

ما يصدق على شعار "النظام العالمي الجديد" يصدق على مشروع "أوتوسترادات" الإعلام والاتصال، حتى وإن طغت في الثاني خاصية الممارسة والتطبيق على الخطاب / الشعار، وهو الخطاب الذي لم يضمن لمروجه الأساسي الفوز بولاية رئاسة ثانية، ويقصد الكاتب بذلك الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، الذي مباشرة بعد تعيينه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، أعلن عن إيمانه بأن ما يمكن أن يحقق الرفاهية للأمريكيين (أحد شعارات حملته الانتخابية الأساسية، هو ضرورة التركيز على التكنولوجيا، وبالخصوص التكنولوجيا المتقدمة: "بالنسبة للرئيس الأمريكي، فإن المعلوماتية والاتصال الآني هما أقصر الطرق لإعادة الحياة إلى الاقتصاد الأمريكي المتأزم"، كما أشار إلى ذلك الراحل هربرت شيلر.

يفضح المؤلف خلفيات توظيف الإدارة الأمريكية لمشروع أوتوسترادات الإعلام والاتصال بفروعه الثلاثة: الوطني والإقليمي والدولي، وهو المشروع الذي انتشر بين الدول الكبرى بقوة شديدة ليس باعتباره ضربا من ضروب الخيال العلمي أو مفهوما للاستهلاك الدعائي المحض، ولكن أيضا بوصفه مشروعا يجر وراءه رهانات ضخمة وحقائق أضخم (مادامت المنافسة وموازين القوى أصبحت تقاس في القرن الحادي والعشرين بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا المتقدمة، وهو ما تروج له حتى نخب العالم الثالث كخطاب لا كممارسة للأسف). فقد وظفت الإدارة الأمريكية مفهوم أوتوسترادات الإعلام والاتصال لإبراز تأثيرها على تنافسية الشركات الأمريكية وخلق المزيد من مناصب الشغل الجديدة والاستعداد لصنع اقتصاد القرن الحادي والعشرين. وبقدر ما وظف هذا المفهوم الموحد في إبراز الرهانات الكبرى التي ستتبع البنية الوطنية للإعلام، بقدر ما وظف أيضا في اجتماع "مجموعة السبعة" لإبراز ما تطرحه البنية التحتية العالمية للإعلام من رهانات أكبر على المستوى الكوني.

يلاحظ مؤلف "العولمة الموعودة" على الترويج الأمريكي لهذا المفهوم أمران اثنان على الأقل:

الأمر الأول، ويرتبط بما يسميه ب"الانزلاق المفاهيمي" للخطاب الأمريكي. إذ انتقل هذا الخطاب من مفهوم "البنية التحتية العالمية للإعلام" إلى مفهوم "مجتمع الإعلام العالمي". وقد آثر نائب الرئيس الأمريكي السابق- عن قصد طبعا استخدام المفهوم الثاني عوض الأول، نظرا لقوته الرمزية و"محتواه الإنساني".

الأمر الثاني، ويتعلق بالإطار الشكلي الذي تم في داخله الترويج ل"المشروع الكوني الجديد". فقد انحصر اللقاء ضمن مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى عوض توسيعه ليشمل دول المعمورة، وبالطبع، في ظل التنسيق الدولي المستمر بين الأقطاب الصناعية الكبرى من أجل تسريع صنع شبكات أوتوسترادات الإعلام والاتصال، لا تحظى دول العالم الثالث إلا بجملة مقتضبة من قبيل: "ضرورة الأخذ بعين الاعتبار دول العالم الثالث"، أو "يجب تقديم يد المساعدة للدول السائرة في طريق النمو"..الخ في مؤخرة التقارير أو التوصيات. كما أنه لا تخصص جمعيات الإلكترونية والمعلوماتية والاتصالات، وتقرير المفوض بانجمان بشأن المشروع الأوروبي لأوتوسترادات الإعلام والاتصال إلا جملة واحدة لدول العالم الثالث.

المؤسف، إن تهميش دول العالم الثالث لم يعد منحصرا في الممارسة فحسب، بل تضاعف أيضا بتهميش آخر على مستوى الخطاب. في تعليقه على أعمال قمة "مجموعة السبعة" حول مجتمع الإعلام، علق تامبو مبيكي، نائب رئيس جمهورية جنوب إفريقيا آنذاك، والرجل الوحيد من القارة الإفريقية الذي دعي لحضور القمة، قائلا: "الواقع أن هناك من الخطوط الهاتفية في مانهاتن (الحي المركزي في مدينة نيويورك)، ما يفوق العدد الموجود في كل إفريقيا جنوب الصحراء".

ثم هل توطنت تكنولوجيا الإعلام والاتصال في ثقافة العالم الثالث، والثقافة العربية جزء منها، لدرجة يصدق معها تعميم مصطلح "مجتمع الإعلام والاتصال"ط عليها؟ هل تم تأصيلها والتأصيل لها؟ وهل عاشت شعوب هذه الدول مرحلة "مجتمع الاستهلاك كي تنتقل إلى "مجتمع الإعلام" حيث للأوتوسترادات دور كبير في تكرسه؟ لا نعتقد أن واقع العالم الثالث، والوطن العربي كذلك، يمكنه من معايشة العصر. فالعصر لا "يعاش" بقرار ولا بالنزوات، وهذا ما يجب أن يفقهه جيدا صناع القرار الإعلامي في الوطن العربي بالذات، ولقد صدق الراحل هربرت شيلر عندما أشار إلى أن شبكة الإنترنت ما كان لها أن تخرج من رفوف إدارة الدفاع لولا ضغط المستهلكين وحاجة السوق. فهي لم تخرج بقرار، وإلا لكانت خرجت به، أي بقرار، قبل ذلك في الستينات.

والحديث عن أوتوسترادات الإعلام والاتصال في دول العالم الثالث حتى لو سلمنا مع الكاتب بإمكانية فرضها يتطلب، من بين ما يتطلب من شروط، توفير الضرورة لنشأتها وشيوعها: أرضية تحديد مفاهيم الحق في الإعلام والاتصال، الحق في التعبير الحر، والحق في تنقل الصحفيين.. الخ.

فأين دول العالم الثالث وضمنها الوطن العربي، من هذه الأرضية ومن هذه الحقوق؟ أين له منها في وقت تتشدد فيه الرقابة ويغتال فيه الرأي الحر وحتى المدافعون عنه، وتتكرس فيه قيم الميوعة الإعلامية وغيرها؟

المقصود مما سبق هو أن ربط العالم الثالث بإشكالية أوتوسترادات الإعلام والاتصال لا يختلف عن ربط الشيء بغريمه، أو حتى ربط المحروم بنقيضه. والنتيجة واحدة، باعتبار أن ما تقتنيه هذه الدول من تكنولوجيا عالية لبناء الأوتوسترادات لا يخدم في المقام الأول والأخير إلا النخبة لدرجة يصدق معها تسمية التكنولوجيا ب"تكنولوجيا الصفوة" أو "تكنولوجيا النخبة".

+++ على سبيل الختم

رؤية شبه قاتمة يختتم بها الكاتب مبحثه القيم حول "العولمة والتكنولوجيا والثقافة" عندما يؤكد على أن ما يجب تأسيسه، وعلى أن يتمشى ومنطق التاريخ، لا يمكن أن يتحقق إذا أغفلنا النظر عن مقدمات جوهرية ثلاث:
-لا مستقبل للعرب من الجزء الأول من القرن الحالي في غياب نظام عربي قيمه الديموقراطية والوحدة واحترام حقوق الإنسان.
-لا مستقبل للعرب في الجزء الثاني من القرن الحالي في غياب رؤية متكاملة وشاملة، وتأخذ بعين الاعتبار وتزكي معادلة العلم والتكنولوجيا والمعرفة.
-ولا مستقبل لنظام إعلامي عربي شامل، وبالتالي لا مستقبل لنظام عربي، في ظل الأوضاع السائدة حاليا.


قراءة في كتاب "العولمة والتكنولوجيا والثقافة" ليحيى اليحياوي,مجلة منتدى الحوار, شهرية, العدد 16, الرباط, فبراير 2005.





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 17:15 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd