اعتبر السيد ولد دادة مدير أكاديمية جهة فاس أن الزي المدرسي الموحد يجعل من العملية التعليمية عملية أنيقة داخل القسم والمدرسة وخارجهما، إن هذا ليس سوى اهتمام بالمنظر فقط أما ما يسود الفصول من نقص في التجهيزات الأساسية ونقص الوسائل التعليمية واكتظاظ الفصول والأقسام المشتركة وانعدام المرافق الصحية وانعدام الأمن ، كل هذا ينطبق عليه المثل الدارج
( المزوق من بر اش اخبارك من الداخل).
فانظر إلى منظر تلاميذ بزي موحد، هذا رائع، لكن الكل يوجد في قسم مكسر زجاج نوافذه ، فارغ من كل الوسائط أمام سبورة سوداء قاتمة وبعض الأحيان بها تقوب (نذوب الزمن)وعلبة طباشير وممسحة (بونجا في الغالب)، والمدرسة وحيدة معزولة بدون سور واق ولا كهرباء ولا ماء ، أليس هذا منظر جميل ؟؟؟ وكما يقول المثل الدارج:
(أش خصك أالعريان الخاتم أمولاي)
والمعلوم أن الزي الموزع جزئيا الآن هو زي صالح لفترة الخريف فأين هو زي الشتاء يا ترى؟
كما جاء على لسانه أن الزي المدرسي يهدف إلى محو الفوارق الاجتماعية بين فئات التلاميذ، وهذا ضحك على ذقون الفقراء لأنهم يعرفون جيدا أن الأغنياء لا يسجلون أبنائهم في المدارس الحكومية وإن سجلوا فيها فتكون الفوارق واضحة تتجلى في مواكبة تمدرس المتعلم من قبل الأسرة وشكل الدعم المادي والتربوي المقدم له والفسحة والرحلات وأنواع اللمجات واصطحابه في السيارات أو مع الخادمات...
كما صرح أن توحيد اللباس يقطع الطريق أمام الاختراقات الإيديولوجية التي تحاول أن تمرر، فهل يعني السيد مدير الأكاديمية الايدولوجيا الرأسمالية فهي لا تحتاج إلى تمرير في هذا البلد سيما وأن الطبقات الاقتصادية المسيطرة قد أحكمت قبضتها على نفوس الفقراء وما الزيادة في رواتب الوزراء والكتاب العامون ورؤساء المصالح وعدم الزيادة في أجور العاملين الكادحين لهو التمرير الواضح للإيديولوجيا الرأسمالية المتوحشة، وإذا كان السيد المدير يعني الايدولوجيا الإسلامية كتنامي الحجاب واللباس المحتشم كالجلباب والعباءة من قبل الأطفال الصغار لهو المعبر الحقيقي عن هوية البلد وثقافته السائدة وتاريخه الذي لا يمكن لأحد أن ينسلخ عنه ، وليس ثقافة التغريب والارتماء المتطرف في أحضان الغرب وهذا هو سبب الانحراف والسلوكات الشاذة للمتعلمين خصوصا في الإعدادي والثانوي، وأن ليس لأحد أن يفرض على الآباء أسلوب التربية الذي يراه مناسبا لأطفاله.
وإذا كان يعني الرموز الدينية فلا صليب عندنا ولا القبعة اليهودية، ومن حق التلميذات ارتداء الحجاب والجلباب لأن هذه هي ثقافتنا الأصيلة وهذا هو آداب ديننا الحنيف، والطفل وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه.
والغريب في الأمر أن الوزرات لا تلبس إلا عند ولوج الاعداديات والثانويات مما يعني أن الفوارق الطبقية واضحة بين التلاميذ ولت تعمل الوزرة على إزالتها ، كما تنخفض حدة مراقبة اللباس مع توالي الأيام لتزول مع قرب نهاية السنة الدراسية.
كما أن الوزرات التي تم توزيعها على التلميذات (نيابة الحوز مثلا) لا تسمى بزي مدرسي لكونها كانت موجودة من قبل وكان الآباء يشترونها غالبا مع اللوازم المدرسية وكانت لا تطرح إشكالا لهم. وكان الأمر اختياريا فقط. كما أن جودتها ونوعيتها رديئة جدا،وأنها لن تصلح لفصل الشتاء.
كما أن سياسة الإعانات المقصودة في هذا الاتجاه مثل توزيع الكتب والمحافظ والوزرات ومبالغ مالية للأسر الفقيرة ...لن تجدي نفعا خصوصا أن غالبية الفقراء يعتبرون أنفسهم مغبونين في حقوقهم الاقتصادية وعدم استفادتهم من خيرات بلادهم وينتظرون تنمية شاملة لمناطقهم إن لم نقل اقتسام ثرواتها ،وكما يقول المثل الصيني لا تعطيه سمكة بل علمه كيف يصطادها.
وقد أشار أن تعميم الزي المدرسي ليس الهدف منه عسكرة للنظام التعليمي لأن العسكرة تكون سلوكا وليس زيا موحدا ويا ليت مسؤولي وزارة الداخلية والجيش يفهمون كلامه التربوي و يعمدون لإزالة الزي الموحد لكي لا تكون هناك تفرقة بين الموظفين والمواطنين المدنيين والموظفين العسكريين وما أكثر من يستغل تلك البذلة،
إن توحيد الزي المدرسي جاء لغرض في نفس الوزارة لضرب الحرية وخصوصا حرية الأهل في العمل على تنشئة أبنائهم التنشئة الإسلامية الصحيحة التي تبدأ باللباس المحتشم ،
لقد بدأ الكل يحارب هذا اللباس سواء الدوائر الغربية أو الدول التي تدور في فلكها والذي تنامى منذ انهيار الاتحاد السوفياتي والدليل واضح هو أن الحجاب وإعفاء اللحية قد يكونا السبب في عدم ولوج بعض الوظائف الحكومية إلا ما رحم ربك، فإذا كان هذا هو أمر الحجاب فكيف بالنقاب إذن. ونعلم جيدا الضجة العالمية في وسائل الإعلام والدوائر السياسية حول هذا الموضوع.
إن منطق الحداثة التي يتغنى بها المسؤولون في كل القطاعات هو تغني سلبي لا يربطها بمقتضيات الوجود الإنساني الأصيل المحافظ على ثوابته وأصالته منفتحا على عصره.