منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الفكر و التاريخ و الحضارة (https://www.profvb.com/vb/f194.html)
-   -   سُنَّة التدافع أم هو صراع الحضارات ؟ (https://www.profvb.com/vb/t80887.html)

رشيد زايزون 2011-10-06 13:10

رد: سُنَّة التدافع أم هو صراع الحضارات ؟
 
سنة التدافع:

المنهج الإسلامى وما ينبنى عليه من حضارة إسلامية، لا يحمل فى مبادئه الاعتداء على الآخرين أو الغلبة والقهر لأحد، أو سيطرة جنس على آخر أو إشعال الصراع والحرب، وإنما الأصل أن الأمة الإسلامية صاحبة رسالة تشرحها وتوضحها دعوة وتطبيقاً لكل العالم، وهى دعوة إيجابية تواجه كل صور الظلم والاستبداد لتزيله من حياة البشر أياً كان، وكذلك تواجه المعوقات التى تمنع وصول دعوتها للعالمين وتزيلها حتى لو لزم الأمر استخدام القوة.
أما الصور والنماذج الأخرى من الدول والإمبراطوريات أو الأشكال المختلفة من الحضارات الإنسانية الخارجة عن نطاق رسالة الإسلام فكان منهجها قائم على السيطرة والصراع وعصبية الجنس والحروب وكان منهجها تجاه حضارة الإسلام أو من يمثلها هو الحرب والإقصاء ومحاولة القضاء عليها.
وهذا الأمر حقيقة تاريخية وواقع تحدثت عنه آيات القرآنية ورأينها فى قوم عاد وثمود وفرعون وغيرهم عندما جاءتهم دعوة الإسلام، ولهذا كان على أمة الإسلام أن تدفع هذا العدوان وتدفع هذا الظلم، وأن يكون لها موقفاً فاصلاً حاسماً مع الباطل، تراعى فى ذلك مبادئ وقيم رسالتها، وتحذر كل صور الظلم وتجتهد فى إقامة الحق والعدل. {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا } [الحج:40]، { الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّـهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ } [ الحج : 41] لهذا كانت هناك " سنة التدافع" التى قررها الله فى الأرض وأصبحت تكليفاً لكل المؤمنين جهاداً خالصاً فى سبيله أن يدفعوا عدوان الباطل ويتصدوا له مهما كانت إمكانياتهم وأن الله على نصرهم لقدير.
وهذا العدوان من الباطل ليس خيالاً أو توهماً وإنما هو أمر واقع وسلوك ضمنى ينبع من الطبيعة البشرية، ومن المنهج الذى تدين به ومن الاعتراض على دعوة الإٍسلام، وبدون هذا التدافع البشرى المؤيد بالرعاية الربانية، لكان حال الأرض إلى الفساد والهلاك وغلبة الباطل عليها.
وهذا التدافع والجهاد له سنن وقوانين يجب على أهل الحق التزامها والتمسك بها وقد وضحتها كذلك سيرة رسول الله صلي الله عليه وسلم ويُعرف هذا بسنن التمكين فى الأرض.
ونظرة الإسلام فى تعامل دولته وأمته مع الدول والأمم الأخرى تقوم أساساً على :
1) الدعوة وإبلاغ رسالة الإسلام للجميع.
2) تشجيع التعاون والتعارف فيما فيه خير الإنسانية وفق قيم العدل والمعانى السامية،وبما يحقق سعادة وسلام الإنسانية.
3) المعاملة بالمثل،فمن اعتدى عليها واجهته وردت عدوانه، ومن سالمها سالمته، بما يحفظ لأمتها العزة والكرامة.
والحضارة الإسلامية يتسع صدرها لكل شعوب العالم وحضاراته وقيمه الخاصة به، وحقه فى أن يعتز كل منها بقوميته دون اعتداء على الآخرين. وهى تزن رصيد وتراث وحضارات هذه الأمم بميزان الإسلام وقيمه، فما وافق منها مبادئ الإسلام أقرته، وما خالفها أوضحت رأيها فيه، وهى تأخذ بالنافع المفيد مما فيه عمران الأرض والكون وتستفيد من خبرات الآخرين، وتصبغه بالصبغة الإسلامية، وتوجهه التوجيه النافع الصالح لها وللبشرية.
وأمة الإسلام تدرك سُنّة التدافع فى الكون، وأنه لابد للحق من دعاة يحملونه وأمة تتبناه وتقر مبادئه، وتؤمن له الحرية والحماية وتدفع الاعتداء والظلم فى الأرض.

رشيد زايزون 2011-10-06 13:11

رد: سُنَّة التدافع أم هو صراع الحضارات ؟
 
صراع الحضارات، والمقصود من الحوار:

نحدد أولا ما المقصود بهذا الصراع، وما هى أبعاده؟
فهناك مثلاً صراع المبادئ والقيم، وإذا كان هذا أمر وارد بين اجتهادات البشر فالأصل فيه هو الحوار والجدال ولكن بعض الدول تتبنى منطق السيف والقهر لإظهار وسيطرة مبادئها وإرغام الناس عليها.
وإذا نقلنا الحديث عن الإسلام بقيمه ومبادئه وعن النماذج البشرية الأخرى بقيمها المنحرفة عنه، فالأصل عند الإسلام هو {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ } [النحل:16] وما كان الجهاد والسيف إلا لدفع الاعتداء، أو لإزالة الظلم والمعوقات التى تحول بين الإنسان ووصول دعوة الإسلام إليه، ولتأييد وحماية حركة الدعوة ثم بعد ذلك من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
لكن الواقع التاريخى أن الباطل وقيمه المنحرفة عن قيم الإسلام،لا يحتمل هذه المواجهة الفكرية ولا يصمد أمامها فكان يلجأ للعنف والتعذيب والقتل والنفى لمواجهة هذه الدعوة .
إن الحضارة والفلسفة الغربية ما زالت تقوم على فكرة صراع الحضارات واستهدافها، إخضاع وقهر الدول والحضارات الأخرى وسيطرة الجنس الغربى على العالم كله، بل ومع طبيعتها تلك يوجد صراعات أخرى داخلية فيما بينها لا تكف عنها حيث هناك من يستفيد من آلة الحرب، ويستغل هذه الفلسفة، وقد يأخذ الصراع صوراً أقل حدة من الحرب المباشرة إلى صراع المشروعات وتقاطع المصالح.
والإسلام يرحب بأى دعوة للحوار لعرض مبادئه وقيمه وإظهار سموها،فهى من عند رب العالمين، وكذلك يرحب أن نتعاون فى إطار القيم المشتركة المتفق عليها وما فيه من صالح العدل ورقى البشرية وقد عرض رسول الله صلي الله عليه وسلم الاستجابة لمبادئ حلف الفضول الذى فيه نصرة للضعيف ومنع للظلم.
لكن أن يكون معنى الحوار وهدفه أن يتنازل الإسلام قليلاً عن بعض مبادئه لنلتقى فى منتصف الطريق ، فهذا خروج على الحق وخروج على رسالة الإسلام وليس بحوار وتعاون، أو أن تكون الدعوة إلى الحوار وإشاعة الودّ فى ناحية، ومن ناحية أخرى يقوم بالظلم والاضطهاد والاغتصاب لحقوق المسلمين وبلادهم ولا يحرك ساكناً تجاه ذلك، فهذه دعوة للتخاذل والتسليم، وازدواجية فى المقاييس والمواقف، ولعب بالعقول واستهزاء بالحقوق.
إن الحوار لابد أن يقوم على أسس واضحة من الحق والعدل الذى لا يتجزأ ومن الموقف الواضح العملى من أى ظلم واعتداء.
وهناك صورة من الصراع ليس من أجل القيم والمبادئ ولكن من أجل المصالح والسلطان وامتلاك القوة، وهذا نراه كثيراً بين الدول وبعضها البعض، وإذا كان فى حق أمة الإسلام فقد جمع الأمر بين النموذجين صراع الباطل ضد القيم والحضارة الإسلامية، وصراع دولة للهيمنة والسيطرة على بلاد المسلمين ومقدراتهم.
فكيف يكون الحوار بين أمة الإسلام وهذه الدول المعتدية عليها، إنه لابد أولاً من أن توقف عدوانها أو تمتنع عن مساندة هذا العدوان، وأن ترد كل ما أخذته وتعوض عما اقترفته ثم يأتى بعد ذلك الحوار والتفاهم لإقرار العلاقات وصور التعاون، أما حوار السيطرة والقهر والظلم فهذا مرفوض فى كل منطق ويأباه كل حر.
فهذه الحرب من ناحيتهم هى صراع وعدوان ومن ناحية الأمة الإسلامية هو دفع ورد للعدوان فموقف الأمة الإسلامية من صراع الحضارات أنه صراع مصطنع من حملة الباطل وقوى الظلم والاستبداد، وهى تدعو إلى استبداله بالاتفاق على القيم والمثل الإنسانية وأن تكون حضارة الإنسان منطلقها الإيمان والأخلاق وألا نعبد إلا الله، وأن تقوم حضارة الإسلام التى تحمل نموذج الهداية المستمد من الشريعة الربانية بدورها فى الدعوة والوصول بالإنسانية إلى الرقى الحضارى الإيمانى.

رشيد زايزون 2011-10-06 13:11

رد: سُنَّة التدافع أم هو صراع الحضارات ؟
 
خاتمة :


والقوى التى تواجه الأمة الإسلامية فى هذا الصراع أو ذلك التدافع فصّل لنا القرآن وأحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم طبيعتها ومراحله، وأنه محاولة لمواجهة نور الحق، ومنهج الإسلام ومن يحمله، وأنه لا محالة سيكون الباطل مهزوماً بوعد الله وقدره لكن علينا أن نأخذ نحن بأسباب الثبات والنصر التى قدرها الله إذا أردنا أن نكون من أهل الحق بصدق { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } [ الإسراء:81] لكن هذا الصراع العنيف لا يجعل أمة الإسلام تشتط أو تتجاوز أو تظلم وتعتدى { وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } [ المائدة : 8] .
ويأتى هذا التدافع فيميز الله به الخبيث من الطيب، ومن خلاله تترسخ قيم الحق والعدل فى مواجهة قيم الباطل فى الأرض.. يبدأ الصراع وأهل الحق قلة مستضعفة قليلة فى الوسائل والإمكانيات ، وتتحمل الكثير من الجهد والتضحيات، ويجرى عليهم اختبار الزمن وتمر عليهم أنواع الفتن والابتلاءات،لكى يتم تمحيص الإيمان وتحقيق الصدق والتجرد الكامل لله، ومع استفراغ الجهد البشرى تتأخر عنهم النتيجة { حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ } [البقرة:214] { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا } [ يوسف: من الآية110] فيكون عليهم الثبات والصبر ، متعلقة قلوبهم بالله وليس بالنتيجة أو بمدة معينة فيأتيهم نصر الله بالأسباب التى يقدرها وفى التوقيت والصورة التى تقتضيها حكمته فلا يظن أحد منهم أنه حقق النصر بفضل مجهوده البشرى أو نتيجة لخطته المحكمة ، وعلى الجانب الآخر تجد أمامها أهل الباطل كثرة متفوقة فى كل الوسائل المادية، ويبذلون أقصى الجهد عندهم، ورغم هذا لا ينجحون فى القضاء على الحق أو ينتصرون فى النهاية ليدركوا أن هزيمتهم لم تكن للتقصير فى الجهد الذى بذلوه وإنما لأنهم باطل فى ذاته وأن ترك الله لهم إلى حين هو إمهال لهم ليريهم قدرة الله ومشيئته المطلقة وتدبيره المحكم .
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [ الأنفال: 36] .

رشيد زايزون 2011-10-06 13:12

رد: سُنَّة التدافع أم هو صراع الحضارات ؟
 
انتهى

منقوووووووووول


الساعة الآن 18:13

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd