تلميـذ ترانــزيـت ! - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2009-10-22, 13:45

رقم المشاركة : 1

ابن خلدون

بروفســــــــور

إحصائية العضو

ابن خلدون غير متواجد حالياً

تلميـذ ترانــزيـت !

20 أكتوبر 2009
خباب عبد المقصود

قد ينظر الكثير لفترة الدراسة منذ الصف الأول الابتدائي وحتى الثانوية العامة على أنها فترة مملة تعيشها مضطرا لأسباب كثيرة؛ منها تحديد مستقبلك وأن تصل إلى عمل تتمناه بعد الكلية التي ترغب بالتخصص فيها.

وذكريات أكثرنا تتعلق دائما بمدارس ثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية، لكن أن تتعلق ذكرياتك في هذه المراحل بعدة دول وبعدد مدارس أكثر منها.. فهنا تكمن المفارقة كونك "تلميذ ترانزيت"!.

بداية القصة

ألحقني أبي بالمعهد الأزهري – كان حريصا أن أتم حفظ القرآن – وأمضيت عامي الأول فيه، ولكني أقمت مع جدتي، فقد رزق أبي بسفر إلى اليمن وسافرت أمي معه، كان سفر أبي مقدمة للحاق به، وبالفعل بمجرد أن انتهى العام الدراسي سافرت اليمن.. كانت مدرستي في اليمن خليطا بين كونها مدرسة ومعهدا في نفس المكان، نقف طابورا صباحيا بأروع مما تتخيله عين، كان كل يوم هو طابور عرض لاحتفال نقيمه لأنفسنا، كان عندنا يوما أسبوعيا يعرض في طابور الصباح مسرحية قصيرة أو مجموعة اسكتشات ننتظرها من أسبوع إلى أسبوع.

وجودي في اليمن كان عامي 88، 1989 ودرست هناك الصف الثاني والثالث الابتدائي، وهذه الفترة كانت مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى - انتفاضة الحجر – فتركزت الأعمال الفنية في طابور الصباح حولها.

لكن مكوثنا أنا وإخوتي وأمي لم يطل في اليمن فعدنا سريعا إلى مصر، وقدمت أوراقي للالتحاق بالمعهد من جديد، فأبى المعهد إلا أن أدرس الصف الثالث الابتدائي من جديد بسبب أن عمري أصغر من عمر أقراني في نفس السنة وبالتالي يجب عليّ إعادة هذه السنة.

وبدأت في الانتظام بالدراسة في المعهد في الصف الثالث الابتدائي وكانت الدراسة إلى حد ما ممتعة أمضيت فيها عامين، اتسمت هذه الفترة ببعض الرومانسية، فالمعهد كان مختلطا بنين وبنات، كانت فينا براءة لا تجرؤنا على النطق بأي ألفاظ تجاه الأخريات، لكن الود الموصول معهن كان كبيرا لدرجة تجعلنا نتذكره حتى الآن.

أبو شورت سوداني

بعد انتهائي من دراسة الصف الرابع الابتدائي، رزق الله أبي بالسفر إلى السودان ليصبح مديرا لدار للنشر - بطبيعة عمله الإعلامي – فانتقلنا معه جميعا للسودان وتقدم أبي بأوراقنا لوزارة التعليم السودانية وكنت أدرس في الصف الخامس.

طلاب المدارس الابتدائية في السودان يرتدون زيا موحدا عبارة عن قميص لبني وشورت كحلي وطبعا كنت المصري اللي بينهم "بياض بحَمار" بشرتي بيضاء جدا وكان صعب جدا أني وأخوتي نلبس شورتات، أنا فاكر إننا جربنا موضوع الشورت ده يوميين ثلاثة ومقدرناش نستحمل، وذهب أبي للوزارة وقدم طلب استثناء بحيث أننا نلبس بناطيل.
في نفس السنة ولأننا كنا حابين نوفر سنة دراسية بدل ما أدرس ست سنوات ابتدائي، قدمت وبدأت أدرس في مدرسة السفارة المصرية بالخرطوم، وبالتالي بقيت بدرس في مكانين مختلفين ودرست خامسة ابتدائي مرتين مرة سوداني ومرة مصري في نفس السنة.

في منتصف العام تقريبا، جاءت فرصة لأمي للسفر لسلطنة عُمان، وسبقتنا هي إلى هناك وكان من الضروري اللحاق بها مع بداية العام الدراسي الجديد.

مدرسة المشاغبين

الخابورة، هي اسم المدينة التي كنا نسكنها ودرست بها طوال ثلاث سنوات المرحلة الإعدادية- أطول مدة مكثت بها في مدرسة- وتميزت فترة عُمان بالتنوع الكبير فيها، من ناحية المدرسين، والنشاطات والسياحة.

كان مدرسونا في المدرسة من عمانيين ومصريين وأردنيين وفلسطينيين ومغاربة وتوانسة وسودانيون وبالتالي كان مجرد دراستك في المدرسة شيئا مميزا، وهو ما عاد على التنوع في الأنشطة المدرسية التي أتسمت بالكثير من الاختلاف والتجديد على الأقل مستوانا نحن كطلاب.

كان طلاب مدرستي الأسوأ على مستوى السلطنة، كانوا الأكثر شغبا على مستوى البلاد كلها، تصور في أحد الأعوام سجلنا في المدرسة أكثر أنواع الحوادث غرابة وشرا.. كان طبيعيا أن يدخل المدرس الفصل فيجد السبورة وقد كسر عليها عددا لا بأس به من البيض الفاسد ويكفي أن تتخيل الرائحة التي كانت كفيلة بأن تجعل المدرس يغادر المدرسة بأكملها وليس الفصل فقط، أو يجلس على الكرسي فيفاجأ بالمسمار فيه وأن أن بنطلونه قد قطع، ومن الطبيعي أن يقذف بالبيض في ظهره.. وطبيعي أن يكون هناك من يمارس اللواط في آخر الفصل!.

رائد الفصل

تركنا عُمان بدون رجعة، ورجعنا إلى مسقط رأسي وبدأت في أولى خطواتي الواعية في التعود على الجو الجديد للدارسة في مصر، التحقت بالصف الأول الثانوي، والذي أعتبره من أصعب سنوات الدراسة بالتعليم المصري حيث يصبح عليك الجمع بين دراسة الأدبي والعلمي في وقت واحد.

لم أواصل الدراسة في مصر أكثر من نصف تيرم بسبب رحيل أبي وأمي مرة أخرى ولكن هذه المرة إلى السعودية، ورغم قصر المدة كان لي ذكرى في المدرسة وحيث أننا شعب ديمقراطي قررت أن أمارس لعبة الحصول على مقعد في إتحاد الطلاب.. وإليكم التفاصيل.

عندما دخلت الفصل 1/6 في مدرسة "كفر صقر الثانوية بنين" بالشرقية، اكتشفت أنهم زملاء منذ الابتدائية وتقريبا هناك حالة من الجمود.. فرائد الفصل هو هو منذ أولى ابتدائي، فقفزت في رأسي فكرة دخول الانتخابات.. لكن نصحني كثير بالابتعاد عن رئاسة الفصل وإذا كنت عايز تلعب اللعبة فكفاية عليك لجنة والسلام.

قررت اللعب بشكل مختلف، ومنذ اليوم الأول للاستعداد لإجراء الاقتراع داخل الفصول لاختيار رائد الفصل، بدأت بتوزيع جداول الحصص وأيضا الأجندات والأقلام وعندما وصلنا ليوم التصويت طالبت أن يكون الاقتراع سري وسري جدا ويشرف عليه الأستاذ بنفسه، وكانت الصدمة الكبرى..
طبعا الصدمة لزميلي، فقد حصلت أنا على أعلى الأصوات وأصبحت رائدا للفصل ودخلت انتخابات المدرسة وكنت رئيس لجنة الصحافة المدرسية والإذاعة.

غترة وعقال

سافرنا السعودية، ولم يكن غريبا علينا أن نرتدي ثوب سعودي -الجلباب والغترة والعقال- أثناء الذهاب إلى المدرسة فقد جربناه في عُمان، بالنسبة لي وضع السعودية كان غريبا، فالامتحانات يضعها مدرسو الصف ويصححوا الامتحانات كذلك وهكذا بنفس الطريقة حتى الثانوية العامة التيرم الأول، وفي التيرم الثاني تعمم الوزارة الامتحانات على الجميع.

كانت الميزة في السعودية أمران، أولا الدراسة هناك كانت عملية، فتقريبا كانت دراستنا كلها داخل المعامل لنرى الأمور على حقيقتها وهو ما أفادني شخصيا على مستوى الخبرة الحياتية، الأمر الثاني أن الجو هناك مفعم بالإسلامية وهو ما أتاح لي فرصة إتمام حفظ القرآن ولله الحمد.

...
مرة أخيرة عدت إلى القاهرة للالتحاق بالجامعة.. بعد رحلة طويلة في المدارس العربية لكل منها ذكرى حفرت في عقلي ومحبة للبلد التي تضمها في قلبي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* تجربة ذاتية للكاتب.

http://www.20at.com/masr/t7kyk/13770-2009-10-20-13-56-40.html#