منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى الأخبار العامة (https://www.profvb.com/vb/f30.html)
-   -   الصومال .. جوع في الجنة ! (https://www.profvb.com/vb/t79686.html)

رشيد زايزون 2011-09-18 18:01

الصومال .. جوع في الجنة !
 
أبوالدراري
محمد علي ديريه
طبيب وكاتب صومالي
عمان – الأردن
9-8-2011م


http://alanany.files.wordpress.com/2...omali-star.jpg


أخرج أبونا آدم –عليه السلام- من جنة الخلد موعوداً بوعد سرمدي مفاده أنك متى ماوصلت إلى الأرض فإنك ستجد فيها اختلافاً كبيرا عما عهدته في دار الخلد الأولى التي كان مكتوباً على بابها : ( إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وإنك لاتضمؤا فيها ولا تضحى ) .

يؤكد المؤرخون أن أبانا هبط من عل إلى الهند وتقول الروايات أنه لم يلامس أرضاً قبل العراق .. بينما يجزم علماء الإنسان أن أقدم هياكل الإنسان وجدت شرق الصومال .

فالصومال إذاً قديمة قدم التاريخ لكن اختلاف المؤرخين كان ومازال في تاريخ الإنسان الصومالي .. هل هو امتداد لإنسان هضبة الحبشة الكبرى التي كانت تضم السودان واثيوبيا والصومال القديم , أم أن مفردة الصومالي حديثة لاتتجاوز ال 800 عام .

وهنا يخرج ياقوت الحموي من معجم البلدان ويسافر ابن بطوطة إلى أول ساحل بعد جزيرة العرب .. ويأتي بخبر مفاده أنه نزل بأرض صحراوية مسيرة شهرين أو أكثر وأن بها رجالاً طوالاً سمر الملامح يسكنون الخيام ويرعون الإبل ولايمشي الرجل منهم إلا ورمحه على ظهره , وأنه مافهم لغتهم لكنه صلى خلفهم إذ أنهم شافعية المذهب مسلمون جميعاً , وأنه لم يستوعب من كلامهم سوى كلمةً واحدةً كان يسمعها في كل خيمة نزلها .. كان كل مضيف يهرع إلى إبله وينحر واحدةً منها لابن بطوطه وحين يبدأ السمر والليل ينادي ابنه أو عبده ويقول له : (سومال) .. وهي أشهر مفردات البادية الصومالية وتعني : احلب الناقة للضيف .

وحين عاد من أرضهم التفت إليها وقال .. هذه أرض الصومال !

ولأنه لاتاريخ مكتوب لدى الصوماليين .. وهذه إحدى مشاكلهم فكل مشاكلهم هي الفقر بعيون الآخرين .. أما أزماتهم الحقيقية فلم يكتب عنها أحد منهم أبدا.. ولاعجب ..فلم تبدأ لغتهم المكتوبة إلا بداية السبعينات الميلادية .. خليطاً من الحرف العربي بحروفه الثمانية والعشرين نطقاً .. وكتابة ً بالرسم اللاتيني .

وهنا سنبدأ الحديث عن أبرز مشاكل الصومال الحديث ابتداء من اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت العالم كغنائم حرب بين الأوربيين .. ولعلنا نبدأ دائماً من الخلف .. فالسنوات الأجمل في الدول النامية الأجمل دائماً!


المشكلة الأولى كانت تقسيم الصومال الكبير بنجمته الخماسية البيضاء إلى خمسة أجزاء جديده..

فاختارت انجلترا الشمال الصومالي وسمته – صوماليلاند- وكانت جيبوتي وهي أصغر من أن تكون دولةً مستقله من نصيب فرنسا , بينما استقلت ايطاليا بالجنوب وعاصمته مقديشو .. وأهدى الاستعمار اقليم أوجادينيا الكبير بثرواته وسكانه إلى العدو القديم والأزلي للصومال .. اثيوبيا .. وطوقت كينيا إقليم – nfd- الواقع جنوب الصومال .

ثم كانت المشكلة الثانية هي انضمام الصومال لجامعة الدول العربيه .. فهي لم تستفد من ذلك شيئا كثيرا .. وخسرت بريقها الافريقي .. فالعرب مشغولون منذ ستين عاماً بقضية فلسطين كونها قضية رمزيةً أبد العدل والظلم .

وبدأت مشكلة الهوية تتجذر أكثر عند الفرد الصومالي فهو لم يحسن لغة العروبة ولا مشية الأفارقة .. وهم نصف زنج ونصف عرب .. حالهم حال السودانيين الذين تفوقوا على أنفسهم وتجاوزا هذا السؤال مبكراً بتذكير كل من يسألهم عن أصولهم بعروبة موريتانيا التي تقع غرب أفريقيا والتي هاجر عربها من اليمن بعد انهيار سد مأرب .. فكيف لم يصلوا ظهر العروبة متجاوزين باب المندب وهم تجار الصومال منذ القدم وبائعوا الحرير ولم يدخل الصوماليون الإسلام إلا على يد الحضارم الأولين .

تنتسب بعض القبائل الصومالية إلى الأمويين الهاربين من بطش الخلفاء .. وينتسب البعض إلى همذان ويحفظون أنسابهم في طفولتهم رفقة القران الكريم وكتاب سفينة النجاة للشافعي ..

تماماً كالعرب الذين نزحوا إلى شبه الجزيرة الهندية واندونيسيا سنين الفقر في جزيرة العرب تنتسب بعض القبائل الصومالية للأشراف .. ولسنا مسؤولين عن تصديق أنساب الناس أو تكذيبها فقد قابلت أصدقاء من السنغال يملكون صكوكاً ترميهم في بيت فاطمة بنت محمد .. ولأن الفتى من قال هأنذا وكل منا أعلم بنفسه فلن أطيل كثيراً في هذه النقطة ..

وإن كان الكثيرون يعتقدون بأن الصوماليين جنس قائم بذاته كالأكراد والأرمن .. يتقاطعون مع الأمم التي تحدهم جغرافياً ويتمايزون عنها لغةً وثقافةً وحضارة .

ثالثاً : الأزمة السياسية والقبليه في الصومال : فالمجتمع الصومالي مجتمع قبلي عشائري في المقام الأول .. حتى أن المحاصصه الوزارية لايمكن أن تستقيم إلا بمعادلة تدعى 4.5 وهي كناية عن القبائل الأربعة الكبيرة ونصف يضم الآخرين .. وهنا أصف حالةً لا أتفق معها بالضرورة .

وربما تعود قصة الأزمة السياسية الدائمة والاقتتال العنصري إلى تاريخ الاستعمار الإنجليزي فقد علم الإنجليز الشماليين وابتعثهم وساعدهم على تحسين ظروف معيشتهم .. عكس الفرنسيين الذين مسخوا جيبوتي وملؤها بالحانات والمراقص وأجبروا الناس على التعلم بلغتهم وكذلك الايطاليين الذي اشتغلوا بعمارة مقديشو والحفاظ على أمنها أكثر من تعليم الانسان الصومالي الجنوبي القراءة والكتابة .. فبعد الاستقلال مباشرة انضم الشمال طوعاً إلى الجنوب وبدأ الشماليون باقتسام كل الحقائب السيادية أو اكثرها وظل الجنوبيون مهمشين في أرضهم حتى قامت الحرب الأهلية الضارية مطلع التسعينات الميلادية .

ولايمكن إغفال بطش المؤسسة العسكرية وتفرد الراحل محمد سياد بري بكل شيء .. إلا أنه كان سيبقى رئيسا خالدا للصومال لو لم يضرب الشمال والشرق والجنوب بأسلحة الوطن وطائراته .. غير أن الصوماليين الحقيقين يتمنون عودته بدل سنين الضياع هذه .. فجائر ظالم في المجتمعات القبلية الأمية خير من فشل الدولة أو الدولة الفاشلة في كل الأحوال .. وقد لايتفق معي الكثيرون إن قلت أنه لا أفضل للأمم الجاهلة ذات نسب الأمية المرتفعة سوى حاكم عسكري أو نظام ملكي مستبد حتى يقوم من تلك الأمة جيل يعي قيمة الوطن دون تلك الرموز المرحلية .

رابعاً : أزمة حدود وكوارث طبيعيه : ربما يكون موقع الصومال هو الموقع الأفضل في جميع الدول العربية والاسلامية .. فساحل يمتد ل 3700 كم .. ومطل على البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي .. يجعلها عجوزاً تملك مفاتيح خزائن سليمان .. وبإمكانها إغلاق باب المندب فلاشيء يذهب للسويس .. وتهديد التجارة العالمية المتجهة إلى رأس الرجاء الصالح كما يفعل القراصنة منذ أعوام .

وقد تحول الموقع الاستراتيجي إلى لعنة تجعل الدول الكبرى طامعة دائما في الصومال .. فقد كانت مشتهى أمريكا وروسيا في الحرب الباردة وأصابع الاتهام تتجه دائماً إلى دول الخليج التي لاتريد استقرار المنطقة بإيعاز من أمريكا .. وهذه وجهة نظر دائمه وموجودة لدى شرائح المتعلمين الصوماليين كوجه من وجوه نظرية المؤامرة .. فما قيمة دبي إن استفاد الصوماليون من موقعهم الخرافي .. ومن هو المستعد لزيادة أسعار البترول بعد أن يطلب هؤلاء السمر نصيبهم من مرور ناقلات النفط العملاقه ؟.

ثم لم يسلم الصوماليون من كوارث الجغرافيا .. فظاهرت النينا والنينو الكارثيتان لايمكن شرحهما إلا على جغرفاية الصومال التي تضربها المجاعة في كل عقد مرةً أو مرتين لموقعها المحاذي لكل تلك التيارات المائية القادمة من ثلاث جهات .


فالظاهرة المناخية المعروفة بقطبية المحيط الهندي والتي ترتبط بظاهرة النينا في المنطقه الاستوائيه من المحيط الهادي هي السبب في الجفاف الحاصل في منطقه القرن الإفريقي، حيث ساعدت هذه الظاهرة المناخية منذ منتصف العام 2010 تقريبا على تكدس المياه الباردة في الجزء الغربي من المحيط الهندي قبالة السواحل الشرقية لأفريقيا وتكدس المياه الدافئة في الجزء الشرقي والجنوبي الشرقي من المحيط الهندي، وبالتالي تشكل منطقة من الضغط المنخفض شرق وجنوب شرق المحيط الهندي ومنطقة من الضغط المرتفع في غرب وشمال غرب المحيط الهندي.

فهذه الظاهرة المناخية تسود في طورها السلبي والذي أثر على المناطق الشرقيه من افريقيا في المواسم التي تكون فيها ظاهره النينا هي السائده في المنطقه الاستوائية من المحيط الهادي حيث يرافق سياده هذه الظاهرة قلة الامطار في مناطق الشرق الأفريقي وزيادتها على مناطق شرق وجنوب شرق المحيط الهندي.

في السنوات الماضية وتحديدا بعد العام 2000 الذي شهد جفافا في مناطق واسعه من القرن الافريقي ساد النمط الايجابي لهذه الظاهره، والذي ترافق مع مواسم النينو وبالتالي عمل على نقل الرياح الرطبه نحو غرب وشمال غرب المحيط الهندي، بالاضافه الى احترار بحر العرب شمالا اما خلال المرحله البارده التي سادت خلال الاشهر الماضيه كان سقوط الامطار قليلا على هذه المناطق.

وفي فتره العصر الجليدي الصغير كان المناخ في شرق افريقيا أكثر استقرارا وجفافا من اليوم وفقا لرواسب أحدى البحيرات القريبه من جبل كليمنجارو في جنوب شرق كينيا، حيث أفادت نتائج الدراسات التي أجريت في هذه المنطقه .

ان سياده ظاهره النينا في المنطقه الاستوائيه من المحيط الهادي يجلب ظروف الجفاف لهذه المناطق كما حدث خلال السنة الحالية، حيث تواجه الصومال جفاف شديد ومجاعة أشد في حين أدت ظاهره النينو في المنطقه الاستوائيه من المحيط الهادي الي دفء هذه المنطقه .

ففي الظروف البارده عموما هطول الامطار يكون أقل من معدلاته بشكل كبير في هذه المناطق وهو ما حدث خلال فتره العصر الجليدي الصغير في حين تكون الأمطار أعلى من معدلاتها في الظروف الدافئه كما حدث في فتره القرون الوسطى الدافئه وفتره العصر الروماني.

ووفقا لاخر التوقعات للمنطقه الاستوائية من المحيط الهادي يمكن أن تنتهي ظروف الجفاف الحالية خلال الاشهر القادمه تدريجيا، وخاصه مع بدايه العام 2012 مع ضعف ظاهرة النينا في المنطقه الاستوائية من المحيط الهادي، وبالتالي انتشار المياه الدافئه قباله السواحل الافريقيه الشرقيه.

كما ان مثل هذه الظروف يمكن التنبؤ بها قبل فترة كافية، وبالتالي التجهيز لها وتلافي المزيد من الخسائر في الأرواح خاصه ان مثل هذه الظروف الجافه تسود في أفقر مناطق الدنيا.

وليست هذه المرة الأولى التي تضرب بها المجاعة القرن الافريقي فقد ضربت السودان في السبعينات واثيوبيا مهددة دائماً بالمجاعه والصومال موعود معها دائماً منذ مجاعة السبعينات الشهيرة ومن ثم مطلع التسعينيات الميلادية وتتكرر الآن موجة الجفاف الأكثر سوءاً منذ ستين عاماً على الكرة الأرضيه .

وفي عالم يزداد فيه الغني غنى والفقير فقراً .. فإن حدوث شيء من هذا النوع لن يقلق أحدا مادام أن عدد الموتى لن يقلق صادرات النفط العالمية ولن يهدد أمن أمريكا ودول المنطقة .

وإن كانت المجاعة والجفاف موسماً في كل عقد .. إلا أن الكارثة الكبرى في الصومال ليست هذه المشكلة فوفيات الأمهات والأطفال فيها من أعلى المعدلات في الأرض .. وهي مؤشر الصحة الأهم في كل بلدان العالم ..

ومع ذلك لا تجد هذه المشكلة الاهتمام الكافي من حيث التسجيل والرصد والمراقبة الدورية لاتخاذ التدابير المناسبة لخفضها. بحسب تقديرات الأمم المتحدة عن معدلات وفيات الأمهات لعام 2005م، فقد بلغت نسبة وفيات الأمهات على المستوى العالمي 400 لكل 100,000 مولود حي.

عالمياً تحدث نحو 536,000 وفاة امرأة في سن الإنجاب نتيجة لمضاعفات الحمل والولادة في كل عام، تتحمل الدول النامية 99% من هذه الوفيات (533,000) أما نصيب الدول المتقدمة فقط 1% (3,000).

بمقارنة نسبة وفيات الأمهات لعام 2005م مع عام 1990والتي كانت تبلغ 430 وفاة أم لكل 100000 ولادة حية، نجد أن متوسط الانخفاض السنوي في تلك الوفيات بلغ 0.4% فقط. وبذلك لم يتم بلوغ نسبة الانخفاض السنوية المطلوبة وهي 5.5% لتحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية الألفية الخاص بتحسين صحة الأمومة والحدّ من معدلات وفيات الأمهات بنسبة 75% بحلول عام 2015.

مع التقدم البطيء في خفض وفيات الأمهات، لا يزال مؤشر وفيات الأمهات أكبر فارق بين البلدان المتقدمة والنامية مقارنة مع أي مؤشر آخر للصحة، تبلغ نسبة وفيات الأمهات 450 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حيّة في الدول النامية، بينما تبلغ تلك النسبة 9 لكل 100,000 ولادة حيّة في البلدان المتقدمة.

مقابل كل امرأة تموت من المضاعفات المتصلة بالحمل والولادة، تعاني حوالي 20 امرأة من إصابات عميقة تؤثر سلبياً على حياتهن الصحية والاجتماعية والاقتصادية. لا تقتصر وفيات الأمهات على النساء وحدهن، بل أيضا على الأطفال والأسر والمجتمعات مما يؤدي إلى تدهور في نوعية الحياة بين الأفراد، ويعوق التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية، وتقلل فرص المجتمع من الوصول إلى التقدم والازدهار.

هنالك تفاوت شاسع في مستوى نسبة وفيات الأمهات بين البلدان العربية، فنجد نسبة وفيات الأمهات يتراوح من 4-12 لكل 100000 مولود حي (في الكويت وقطر) إلى 820-1400 لكل 100000 مولود حي (في موريتانيا والصومال). كما أن بلداناً مثل السودان وجيبوتي لا تزال تسجل أكثر من ضعف المعدل العام السائد في المنطقة العربية، وترتفع هذه النسبة إلى ثلاثة أمثال المعدل في موريتانيا.

إلا أن الوضع في الصومال هو الأسوأ بين البلدان بدون منازع، حيث ترتفع نسبة وفيات الأمهات هناك إلى ثمانية أمثال المعدل في المنطقة العربية تصل إلى 1400 وفاة لكل 100000 ولادة حية.

والصومال يتفرد عن كل تلك الدول باستمرار الفوضى خاصة في الجنوب .. إذ يشهد اقليم صوماليلاند نهضة اقتصادية وعمرانية لاينقصها سوى اعتراف الأمم المتحدة به كدولة مستقلة في الشمال .. وتبدو حركة التجارة في اقليم بونت لاند ملفتة للأنظار عطفاً على موقعها الاستراتيجي .

وهنا تبدأ مشكلة أخرى من مشاكل الهوية : هل يحافظ المثقفون الصوماليون على موقفهم الدائم من وحدة التراب الصومالي وفاء للتاريخ والجغرافيا .. أم يصبحون براجماتيين منتمين لصحة الإنسان وتعليمه واستقرار المنطقة باختيار خيار الانفصال مع سلام وحسن جوار كما حدث مطلع هذا العام بين شمال السودان وجنوبه ؟!

تبدو الإجابة صعبةً في الوقت الراهن لكن قد تتبدى أمور تزيد من احتمالية ترجيح أحد الخيارين مع ظهور الحركة السلفية الجهادية واحتلالها لجنوب الصومال , فلا يمانع الكثيرون من بقاء الوحدة إذا استطاعت الحكومة الحالية القضاء على هذا التحدي المتمثل في فكر التكفير والهجرة العنيف جدا في الجنوب الصومالي, أما إذا فشلت في ذلك فإن التسريح بإحسان سيكون خياراً استراتيجيا لهذه المنطقة المنكوبة منذ مايزيد على ربع قرن .


تدهور وضع الصومال هو انعكاس لحال الأمة العربية في شكل من أشكاله .. إذ تبدو نافذة العرب الجنوبية مخلوعة جائعةً تائهة منذ عشرين عاما .. والعامل الأكبر في نظري هو ضعف السياسة العربية خارجياً .. فمصر حسني كانت دولة فقيرة وجدت لتعذيب الفلسطينين وحماية اسرائيل نيابة عن أمريكا .. والسياسة السعودية الخارجية مازالت تلتزم الصمت وتردد أنها على مسافة واحدة من الجميع ..

رغم أن الدور السعودي الخارجي أقل بكثير من المطلوب فهي قلب العالم الإسلامي ومهد العروبة وأغنى دول العالم .. ولو تفرغت السعودية لجامعة الدول العربية لكان الوضع مختلفاً على الأقل في المشاكل التي لاتحتاج إلا إلى تمويل وتوجيه.. ولنا في اتفاق الطائف الشهير بين الفرقاء اللبنانيين خير مثال .

ولن تجدي دائماً سياسة اطفاء الحرائق مع الصومال .. فإما أن يبني الصوماليون وطناً يستحقهم أو أن يظلوا أبد الدهر تائهين بين الجوع والرصاصة والعطش .. وهذا يقتضي حراكأً من مثقفيهم ومتعلميهم بدل الإحتكام إلى صوت الرصاص وفتوى رجل دين متشدد يجاهد صغاراً لايملكون سوى عظام نحلها العوز وبطون ملؤها الخواء .. يريد هدايتهم إلى توحيد آمنوا به في أصلاب أبائهم وأرحام أمهاتهم .


وعطفاً على المشاكل الداخلية الأخرى كضعف التعليم والإنتاج وهجرة المتعلمين أو هروبهم منذ ربع قرن .. والقات .. وضعف الاقتصاد المحلي .. والجفاف الذي لايريد الإرتحال .. والتجاهل العربي والدولي لجنة المانجو والموز والبخور التي استحالت إلى أرض أشباح وهياكل جوع .. فإن المؤرخين والأنثربولوجيين والرواة سيتفقون حتماً على أن أبانا آدم لو هبط إلى الصومال الآن .. لوجدها عقوبةً كافيةً لرجل خرج من الجنة للتو !




فاطمة الزهراء 2011-09-18 18:04

رد: الصومال .. جوع في الجنة !
 
لا حول ولا قوة إلا بالله
الصومال وصمة عار في جبين العالم
عالم الديموقراطية وحقوق الإنسان
اللهم فرج كربه وأعينهم على بلائهم
واعفو عنا واغفر لنا خذلاننا لهم

رشيد زايزون 2011-09-18 18:34

رد: الصومال .. جوع في الجنة !
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء (المشاركة 436168)
لا حول ولا قوة إلا بالله
الصومال وصمة عار في جبين العالم
عالم الديموقراطية وحقوق الإنسان
اللهم فرج كربه وأعينهم على بلائهم
واعفو عنا واغفر لنا خذلاننا لهم


الأستاذة الفاضلة فاطمة الزهراء
تقديراً واعتزازاً بمرورك الكريم .. وتعليقك النابه ..
لك عميق مودتي



الساعة الآن 08:13

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd