منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   المنتدى الإسلامي (https://www.profvb.com/vb/f25.html)
-   -   سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟ (https://www.profvb.com/vb/t78863.html)

خالد السوسي 2011-09-06 14:04

سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الله تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر

ويقول عليه الصلاة والسلام : صلوا كما رأيتموني أصلي


فهل تبث في السنة الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرسل يديه ويسدلهما في الصلاة حتى نقتدي به وننال أجر اتباعه؟


جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم

بلابل السلام 2011-09-06 14:26

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 
هذه رسالة في الموضوع

[quote]السلام عليكم ورحمة الله ..

هذه رسالة كتبها أحد الفضلاء يذكر فيها ما استدل به المالكية من حجج في القول بسدل اليدين في الصلاة، رغم عدم عملي بهذا لكني أثبتها هنا لكي يظهر للباحثين وجود أدلة على هذه المسألة، ولا يشغبون في محل لا يصح فيه التشغيب ..
[/
quote]

وهذا جواب:جلال علي الجهاني

[quote]تأليف وجمع
أعمون مولاي البشير


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم).
أما بعد..
فإنك أيها الأخ السائل الكريم، توجهت إليَّ بسؤال عن أدلة جواز السدل في الصلاة، وعن حكمه هل هو سنة أو مندوب أو مكروه أو ماذا؟
فاعلم –نوَّر الله بصيرتي وبصيرتك بنور الفهم- أنني لست من فرسان أهل هذا الميدان، ولا من أهل الرسوخ في هذا الفن، حتى تسألني عن مثل هذه المسائل العويصة الشائكة، والتي جرى فيها الخلاف بين المذاهب والعلماء، وتناظر فيها الفقهاء، وبحثوا فيها وألفوا، وحققوا ونقحوها وأجادوا وفصلوا وحكموا، فلم يبق لنا –معشر التلاميذ المتأخرين المقلدين- إلا فهم كلامهم، واستخلاص العبر من مناقشتهم، والأخذ بتوجيهاتهم، لا الإعراض عن تآليفهم، والضرب عنها صفحاً، والاستبداد دونهم؛ لأنهم أشياخنا وأساتذتنا ومعلمونا، وهم المجتهدون الذين نقحوا النصوص والأصول، وحققوا الفروع والنقول.
ولما أردتُ أن ألبي رغبتك أيها السائل الكريم، بجمع ما تيسر لي جمعه وتأليفه، وضعتُ أمامي ما ينيف عن بعضة عشر مؤلفاً حول هذا الموضوع؛ لأنتقي منه وأنتخب منها ما له صلة بمسألتنا باختصار.
وبدأتُ بعدم صحة أخذ المقلِّدِ الدليل مباشرة من الكتاب والسنَّة وأقوال العلماء في ذلك.
وسميت هذه النقول المنتقاة، بـ (أدلة سنية السدل في الصلاة).
ومن الله أرجو الإعانة وبلوغ المأمول، وأسأله القبول.
فقلتُ: قد أجمع العلماء المحققون أن المقلد لا يصح منه أن يستدل بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية إلا بعد أخذها من الأئمة المقتدى بهم، فعدم صحة احتجاج المقلد على إثبات حكمٍ أو نفيه بآية أو حديث مجمعٌ عليه، وأمرٌ متفق عليه.
فالذي عليه الجمهور أنه تجب على من ليس فيه أهلية الاجتهاد أن يقلد أحد الأئمة المجتهدين.
وقال بعض الأئمة: لا يجوز لعامي أن يترك تقليد الأئمة الأربعة، ويأخذ الأحكام من القرآن والأحاديث؛ لأن ذلك له شروط كثيرة مبينة في الأصول، لا توجد تلك الشروط في أغلب العلماء، ولا سيما في آخر الزمان.
قال ابن عيينة: الحديث مضلَّة إلا للفقهاء، إلى آخر ما ذكره العلماء في ذلك. انظر نوازل سيدي المهدي الوزاني الكبرى والصغرى.
هذا وقد بنى الإمام مالك رضي الله عنه مذهبه على أربعة أشياء:
الأول: آية قرآنية.
والثاني: حديث صحيح سالمٌ من المعارضة.
والثالث: إجماع أهل المدينة.
والرابع: اتفاق جمهورهم، وهو العمل.
وقد سبقت الإشارة إلى إجماع العلماء على وجوب التقليد على من ليس فيه أهلية الاجتهاد، حتى صار معلوماً من الدين بالضرورة، اهـ.
[حكم السدل في الصلاة]
أما حكم السدل في الصلاة، فقد قال عليش في فتاويه: أما بعد، فاعلم أن سدل اليدين في الصلاة ثابت في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به بإجماع المسلمين، وأجمع الأئمة الأربعة على جوازه فيها، واشتهر ذلك عند مقلديهم، حتى صار كالمعلوم من الدين بالضرورة، وأنه أول وآخر فعليه صلى الله عليه وسلم.
أما الدليل على أنه أول فعليه وأمر به، فالحديث الذي أخرجه مالك رضي الله عنه في الموطأ، عن سهل بن سعد واقتصر عليه البخاري ومسلم، من قوله: (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة).
ووجه دلالته أن أمرهم بالوضع المذكور دليل نص على أنهم كانوا يسدلون، وإلا كان أمراً بتحصيل الحاصل، وهو عبثٌ محالٌ على الشارع صلى الله عليه وسلم.
ومن المعلوم بالضرورة أنهم لم يعتادوا السدل ولم يفعلوه إلا لرؤيتهم فعل الرسول صلى الله عليه وسلم إياه، وأمرهم به بقوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
وأما الدليل على أنه كان آخر فعليه وأمريه صلى الله عليه وسلم، فهو استمرار عمل الصحابة والتابعين عليه، حتى قال مالك في رواية ابن القاسم في المدونة: لا أعرفه، يعني الوضع في الفريضة، إذ لا يجوز جهلهم بآخر حالي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا مخالفته؛ لملازمتهم له بضبط أحواله واتباعه فيها، فلهذا ضمَّ مالكٌ عملهم للآية المحكمة والحديث الصحيح السالم من معارضة العلم به، والإجماع، وجعل الأربعة أصول مذهبه.
وأما القبض في الفرض، فاختلفوا في كراهته وندبه وإباحته، مع اتفاقهم على ثبوت فعله والأمر به من النبي صلى الله عليه وسلم، اهـ.
وقال الإمام الشعراني في الميزان، في جواب شرذمة من البطالين يقولون: كيف تترك الآيات والأحاديث الصحيحة وتقلد الأئمة في اجتهادهم المحتمل للخطأ، ما نصه:
إن تقليد الأئمة في اجتهادهم ليس تركاً للآيات والأحاديث الصحيحة، بل هو عين التمسك والأخذ بالآيات والأحاديث الصحيحة، فإن القرآن ما وصل إلينا إلا بواسطتهم، مع كونهم أعلم ممن بعدهم بناسخه ومنسوخه، ومطلقه ومقيده، ومجمله ومبينه، ومتشابهه ومحكمه، وأسباب نزوله ومعانيه، وتأويلاته ولغاته، وسائر علومه، وتلقيهم ذلك عن التابعين المتلقين ذلك عن الصحابة المتلقين ذلك عن الشارع صلى الله عليه وسلم، المعصوم من الخطأ، الشاهد للقرون الثلاثة بالخيرية.
وكذلك الأحاديث ما وصلت إلينا إلا بواسطتهم، مع كونهم أعلم ممن بعدهم بصحيحها وحسنها وضعيفها ومرفوعها ومرسلها ومتواترها وآحادها ومعضلها وغريبها وتأويلها وتاريخها المتقدم والمتأخر، والناسخ والمنسوخ، وأسبابها ولغاتها، وسائر علومها، مع تمام ضبطهم وتحريرهم لها، وكمال إدراكهم، وقوة ديانتهم، واعتنائهم وتفرغهم، ونور بصائرهم.
فلا يخلو أمر هذه الشرذمة من أحد الشيئين: إما نسبة الجهل للأئمة المجمع على كمال علمهم، المشار إليه في أحاديث الشارع الصادق عليه الصلاة والسلام.
وإما نسبة الضلال وقلة الدين للأئمة الذين هم من خير القرون، بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم، (إنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).
وقولهم أيضاً لمن قلد مالكاً مثلاً: نقول لك: قال الله تعالى أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت تقول: قال مالك، أو ابن القاسم أو خليل أو ابن عاشر!! إلى آخره.
جوابه: أن قول المقلد: قال مالك إلخ معناه: قال مالك فاهماً من كلام الله أو من كلام رسوله، أو متمسكاً بعمل الصحابة والتابعين الفاهمين كلام الله أو كلام رسوله، أو المتأسين بفعل رسوله.
ومعنى قوله: (قال ابن القاسم) أنه نقل عن مالك ما فهمها من كلام الله إلخ، أو أنه فهمه ابن القاسم نفسه من كلام الله إلخ.
ومعنى قوله: (قال خليل) مثلاً، أنه ناقل عمن ذكر، ومالكٌ وابن القاسم مجمع على إمامتهما ومن خير القرون.
أما التارك للتقليد يقول: قال الله، أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقلاً بفهمه، مع عجزه عن ضبطِ الآية والحديث، ووصل السند، فضلاً عن معرفة ناسخه ومنسوخه، ومطلقه ومقيده، ومجمله ومبينه، وظاهره ونصه، وعامه وخاصه، وتأويله وسبب نزوله، ولغاته وسائر علومه، فانظر أيهما يقدَّم؟ قول المقلد: قال مالك الإمام بالإجماع، أو قول الجهول: قال الله تعالى قال رسول الله؟ (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).
فتبين من هذا أن المشهور في مذهب مالك هو كراهة القبض في صلاة الفرض، ولاسيما والكراهة هي رواية ابن القاسم في المدونة، وعليها عمل أهل المدينة.
وفي سنن أبي داود قال: حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع، قال: حدثنا حجاج، عن أبي جريح، قال: كثيراً ما رأيت عطاء يصلي سادلاً، اهـ
[/
quote]

اقتباس:

قال الحفيد ابن رشد في بداية المجتهد: وسبب اختلاف العلماء في القبض في الصلاة، هو أنه وردت أحاديث صحيحة في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يذكر فيها أنه كان يقبض في صلاته، وثبت أيضاً كما في صحيح البخاري أنهم كانوا يؤمرون بالقبض فيها، فذهب بعض العلماء إلى أن القبض في الآثار التي فيها القبض هي زيادة من ثقة مقبولة، معمول بها، وذهب آخرون إلى المصير إل الآثار التي ليست فيها تلك الزيادة، لكون تلك الزيادة ليست مناسبة لأفعال الصلاة، وإنما هي من باب الاستعانة، ولذلك أجازه مالك رضي الله عنه في النفل، وكرهه في القبض، اهـ باختصار.
أما الأحاديث الواردة في القبض فليس أكثرها صحاحاً ولا حساناً ولا سالماً من الضعف، بل كلها إما بين موقوف ومضطرب وضعيف، وكل ما ورد في القبض ليس فيه خبر إلا وفيه مقال، فلا يحتج به بوجهٍ، غير حديث وائل عند مسلم، مع ما فيه من الخلاف في سنده وإرساله ومتنه، فبقي النظر فيه: هل هناك شيء يخالفه أصلاً، أو وجد ولكن دونه في المرتبة، وجب الرجوع إليه عند أهل الأصول بلا خلافٍ أعلمه.
وهنا قد عارض حديث وائل المذكور الأحاديث التي معه في القبض عند مالك أمران:
أحدهما: حديثان صحيحان، وليس فيهما ما في تلك الطرق التي في القبض من المقال.
أحد الحديثين: حديث المسيء في صلاته، قال ابن بطال في شرح البخاري: وحجة من كره ذلك، أي القبض، أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّم المسيء صلاته الصلاة، ولم يذكر له القبض، نقله عن ابن القصار، ولعلهما –والله أعلم- أرادا حديث رفاعة بن رافع الذي أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين من طرق صحيحة عنه أنه كان جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فدخل المسجد، فصلى، فلما قضى صلاته جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل، قال: فرجع فجعلنا نرمق صلاته لا ندري ما يعين منها، فلما قضى صلاته فجاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فإنك لم تصل، وذكر ذلك إما مرتين أو ثلاثاً، فقال الرجل: ما أدري ما عبت عليَّ من صلاتي، قال صلى الله عليه وسلم: لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمر الله عز وجل، يغسل وجهه ويديه للمرفقين، ويمسح رأسه بيديه، ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر ويحمد الله ويمجده، ويقرأ من القرآن ما أذن الله له فيه، ثم يكبر فيركع، ويضع كفيه على ركبتيه، حتى تطمئن مفاصله، ويستوي، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ويستوي قائماً، حتى يأخذ كل عظم مأخذه، ثم يقيم صلبه، ثم يكبر فيسجد فيمكن جبهته من السجود حتى تطمئن مفاصله ويستوي، ثم يكبر فيرفع رأسه ويستوي قاعداً على مقعدته، ويقيم صله، وصف الصلاة هكذا حتى فرغ ثم قال: لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك.
قال الحاكم: هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين، وساقه من طرق.
فبهذا –والله أعلم- احتج الإمام ابن القصّار، ولم يذكر له القبض، مع أنه ذكر له السنن والمندوبات، كيف يصح أن يكون القبض سنةً ولم يعلّمه لهبعد أن علمه السنن و....
وثاني الحديثين: حديث أبي حميد الساعدي الذي أخرجه البخاري في الجامع الصحيح، والنسائي وأبو داود وغيهم، واللفظ لأبي داود: حدثنا مسدد، أنبأنا يحيى، قال: أخبرني محمد بن عمر عن عطاء، سمعتُ أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة، وفي رواية وأبو هريرة ومحمد بن مسلمة وسهل بن سعد ويغرهم يقول: أنا أعلمكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: فلم؟ فوالله ما كنتَ بأكثرنا تبعاً ولا أقدمنا صحبة، قال: قالوا: فأعرض، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بيهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقرَّ كل عظمٍ في موضعه معتدلاً، ثم يقرأ، ثم يكبر ويرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يركع ويضع راحته على ركبتيه، ثم يعتدل ولا يصبو رأسه ولا يقنع، ثم يرفع رأسه، فيقول: سمع الله لمن حمده ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى، فيقعد عليهما ويفتح أصابع رجليه إذا سجد، ثم يسجد، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظمٍ إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثم يقوم من الركعتين فيكبر ويرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما كبر عند افتتاح الصلاة، ويصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت الجلسة التي فيها التسلم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر.
قالوا: صدقتَ، هكذا كان يصلي.
وهذا حديث ابن حنبل، وهو كما ترى حجة واضحة في السدل؛ لأن أبا حميد في مقام الاحتجاج على الصحابة المنكرين عليه أنه أعلمهم وأعلم منهم بصفة صلاته صلى الله عليه وسلم، لكونهم ما سلموا له أول مرة حيث قالوا له: ما كنتَ بأكثرنا له تبعاً، كما جبلت عليه الأقران من التنافس وعدم التسليم للأتراب، إلا لمن وصف لهم صلاته صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستقصاء للسنن والفرائض، ولم يترك منها شيئاً علمه، فقالوا له: صدقتَ، وسلموا له ما ادعاه، لكونهم أخبرهم بما عندهم، فحينئذ لو كان القبض من صفة صلاته صلى الله عليه وسلم لأنكروا عليه قائلين له: يا أبا حميد، تركت أو نسيتَ أخذ الشمال باليمين؛ لأن المقام مقام الاحتجاج، والعادة قاضية بأنهم يناقشون فيه على أقل شيء، فحيث لم يناقشوه في ذلك علمنا أنهم متفقون على ترك القبض في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم كان سادلاً؛ لأن السدل هو الأصل، والأصل لا يُحتاج إلى ذكره، والتمسك به هو الحكم المتفق عليه.
قلت: هذا الحديث صرح فيه بالسدل واضحاً عند كل ذي لب سليم، وهو في قوله: حتى يقر كل عظم في موقعه معتدلاً، ولا شك أن موضع اليدين جنباه، وذلك هو السدل بعينه، وهو دليلنا في الحديث.
فإن قيل: أبو حميد وأصحابه وإن لم يذكروا القبض فقد ذكره غيرهم، فيكون زيادة ثقة، وهي مقبولة عند أهل الفن.
قلنا: المسألة ذات خلاف، وعلى التسليم فشرطها التساوي بين الراويين في الصوف، كما هو مقرر عندهم، وما هنا ليس كذلك؛ لأن أبا حميد وأصحابه لم يخالفهم من هو أعلم منهم، بل لم يخالفهم من طريقٍ ثابتٍ إلا وائل بن حجر الحضرمي، وهو شاسع الدار من أرض حضر موت باليمن، ولم يكن ملازماً له صلى الله عليه وسلم، بل إنما أتاه مرتين، بخلاف أبي حميد وأصحابه، فإنهم لم يفارقوه منذ صاحبوه، فهم أدرى بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم أولاً وآخراً، وهذا من المرجحات عند أهل الأصول والأثر، ولا أعلم في ذلك خلافاً بينهم.
ومن عادة أهل الأثر والنظر إذا جاء حديث صحيح، وجاء شيء آخر مما يعد معارضاً له عندهم التمسوا له شاهداً من حديث آخر ضعيف، أو قراءة شاذة أو قياس جلي، أو غير ذلك، ليكون عاضداً له، وإذا كان لحديثٍ راوٍ واحد، التمسوا له متابعاً، وإن كان ضعيفاً، فقد فعل ذلك الشيخان في صحيحهما، فاستشهد البخاري في الصحيح برواية عبد الكريم بن أبي المخارق وغيره من الضعفاء، ولم يحتج بهم في الأصول، وعبد الكريم ضعيف باتفاق، واستشهد به أيضاً في باب التهجد في صحيحه، فإذا تقرر هذا فقد جاء ما يفسر حديث رفاعة، وحديث أبي حميد وأصحابه، وفيه نص، وهو ما رواه الطبراني في معجمه الكبير من طريق محبوب بن الحسن والخطيب بن جحدر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه قِبَل أذنيه، فإذا كبر أرسلهما، ثم سكت، وفي رواية: وربما أخذ الأولى بالثانية.
فهذا كما ترى نص في النزاع، ومعاذٌ لم يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحبوب بن الحسن وثقه ابن معين وأخرج له البخاري في صحيحه، وأما ابن جحدر فهو وإن كان فيه مقال، إلا أنه غير متهم، فصح أن يكون هذا الحديث مفسراً أو عاضداً لحديث رفاعة، وحديث أبي حميد وأصحابه، به يزول الإشكال ويرتفع القيل والقال مما ورد في تلك الأخبار.
وهناك رواية أخرى في الحديث الذي رواه الطبراني في الكبير عن معاذ بن جبل قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في صلاته رفع يديه قبال أذنيه، فإذا كبَّر أرسلهما، ثم سكت، وربما رأيته يضع يمينه على يساره.
ومن الأحاديث المصرحة بالإرسال ما أخرجه ابن أبي شيبة، عن الحسن وإبراهيم وابن المسيب وابن سيرين وسعيد بن جبير أنهم كانوا يرسلون.
وقال النووي في مجموعه: قال الليث بن سعد: يرسلهما، فإن طال عليه ذلك وضع اليمنى على اليسرى، وقال الأوزاعي: مخير بين الوضع والإرسال اهـ.
قلتُ: كلام الليث صريح في أن القبض عنده ليس من السنة، وإنما هو من باب الاستراحة، وهذا هو عين ما علَّل به مالك كراهيته لما فيه من الاعتماد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين أنه قال حين سئل عن الرجل يمسك بيمينه شماله، فقال: إنما ذلك من أجل الروم.
وروي عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأني أنظر إلى أحبار بني إسرائيل واضعي أيمانهم على شمائلهم في الصلاة، وهكذا أخرج عن أبي مجلز وأبي عثمان النهدي وأبي الجوزاء اهـ.
وهؤلاءكلهم من كبار التابعين وفيهم الحسن البصري الذي روى أبو داود في حديث وائل بن علقمة عن وائل بن حجر أن محمد جحادة قال: فذكرتُ ذلك للحسن بن أبي الحسن، فقال: هي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعله من فعله، وتركه من تركه.
وما نقل عن جميعهم يفهم منه النسخ لأن نسبته لأحبار بني إسرائيل أو الروم، دالٌّ دلالة صريحة على أنه ليس من سنته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يقتدى بأخبار الروم، ولا يأمر بالاقتداء بهم، ولا ينسب إليهم شيئاً من السنة، بل لقد نهى صلى الله عليه وسلم عن سؤالهم والاقتداء بهم والنظر في كتبهم.
وروى ابن المنذر عن ابن الزبير والحسن البصري والنخعي أنه يرسلهما ولا يضع اليمنى على اليسرى.
وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن إبراهيم قال: سمعتُ عمرو بن دينار قال: كان ابن الزبير إذا صلى يرسل يديه.
ومن الأحاديث الدالة على الإرسال: كل حديث وصفت فيه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وتعرض فيه ذلك لذكر المستحبات، ولم يذكر فيها القبض؛ لأن الإرسال هو الأصل كما لا يخفى، والقبض وصفٌ زائدٌ، فإذا لم يذكر بقي الحالُ على الأصل الذي هو الإرسال.
ومن أدلة الإرسال: ما عليه عمل أهل المدينة.
عمل أهل المدينة مقدم على خبر الآحاد عند مالك، جاعلاً له كالناسخ لما عارضه من خبر الآحاد، وذلك لأن الصحابة رضوان الله عليهم يأخذون بالمتأخر من أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن يخفى عليهم المتأخر منها، فإذا وجد مالك رضي الله عنه عمل أهل المدينة المشحونة من التابعين على خلاف ذلك الخبر، عمل بعمل أهل المدينة، وترك الخبر لقرب عهده صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة الذين تلقوا منه الشريعة، وتلقتها منهم التابعون، فلا يمكن التابعين أن يجدوا الصحابة على عمل ويعملوا بخلافه، فعلم أن هذا العمل مستندٌ إلى خبر متأخر ناسخ للخبر الذي قبله، فصار عمل أهل المدينة لهذا المعنى كالمتواتر، والمتواتر مقدمٌ قطعاً على خبر الآحاد.
وعمل أهل المدينة حجة عند مالك رحمه الله، والمقصود بعمل أهل المدينة مقصور على عمل الصحابة والتابعين بالمدينة خاصة؛ لأنهم هم الذين يتوفر فيهم ما مر من نقل خلفهم عن سلفهم ما كان يعمل به صلى الله عليه وسلم ويحصل فيهم شرط التواتر كما مر.
وإذا قال قائل: لم يثبت عندنا عمل أهل المدينة بالإرسال، ومن أين لنا ثبوته؟
فالجواب: أن قول مالك بالإرسال كافٍ في ثبوته؛ لأن القائلين بالقبض يزعمون أنه لا يوجد حديث يدل على الإرسال، مع ما قدمناه من الأحاديث الدالة عليه.
ومما هو دليل أيضاً على أن عمل أهل المدينة على الإرسال، كونه مذهب سعيد بن المسيب، وهو أحد كبار التابعين، وأحد فقهاء المدينة السبعة، أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو أفضل التابعين على الإطلاق كما قال الإمام أحمد.
فهذا وحده كافٍ في ثبوت كون عمل أهل المدينة على الإرسال.
ومن أشد العلماء تعصباً للقبض ابن عبد البر، وقد قال في كتابه الكافي الذي ألفه في فقه مالك، وذكر في خطبته أنه اعتمد فيه على عمل أهل المدينة، واقتصر فيه على الأصح عملاً والأوثق نقلاً من ذلك ما نصه: ووضع اليمنى منهما على اليسرى وإرسالهما، كل ذلك سنة في الصلاة.
قلنا: إن آخر الأمرين الإرسال، لما مر بيان ما عليه عمل أهل المدينة.
فمالك لم يترك العمل بالحديث إلا لترك الصحابة القاطنين بالمدينة، ومنهم العشرة المبشرون بالجنة، العمل به، والتابعين لهم، فمالك رحمه الله جعل عمل أهل المدينة على خلاف خبر الآحاد مستنداً إلى ناسخ لذلك الخبر؛ لأن الصحابة رضوان الله تعالى عنهم إنما يأخذون بالمتأخر من أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم.
والإرسال في مذهب الإمام مالك هو المشهور والراجح، وذلك معلوم حتى عند علماء المذاهب الخارجة، فقد قال النووي في شرح مسلم: وعن مالك رحمه الله روايتان: إحداهما يضعهما تحت صدره، والثانية يرسلهما ولا يضع إحداهما على الأخرى، وهذه رواية جمهور أصحابه وهي الأشهر عندهم، اهـ.
وفي فتح الباري لابن حجر العسقلاني: وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال، وصار إليه أكثر أصحابه، اهـ.
وأما كونه هو الراجح في المذهب، فلأ، الراجح هو ما قوي دليله، وأحديث القبض كلها ضعيفة، وذكرنا أحاديث الإرسال الدالة دلالة صريحة أو التزامية، وأنها سالمة من الطعن الواقع في أحاديث القبض.
ومن تلك الأحاديث الدالة على سنية السدل حديث أبي حميد الساعدي، لصحته الصحة التامة، ودلالته على الإرسال دلالة صريحة.
وقد قال في فتح الباري: إنه أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وأحمد وابن خزيمة، نكرر هنا ذلك الحديث وإن سبق ذكره، ونسوق رواية أبي داود لما فيها الزيادة الدالة على الإرسال صراحة.
ولفظه: قال: حدثنا أحمد، حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد (ح)، وحدثنا مسدد، حدثنا يحيى، وهذا حديث أحمد: أنبأنا عبد الحميد، يعني ابن جعفر، أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سمعتُ أبا حميدٍ الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: فَلِمَ؟ فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعاً، ولا أقدمنا له صحبه، قال: بلى، قالوا: فاعرض، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقرَّ كل عظم في موضعه معتدلاً، ثم يقرأ ، ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل، فلا يصوب رأسه، ولا يقنع، ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده، ثم يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه معتدلاً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يهوي إلى الأرض، فيجافي يديه على جنبيه، ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى، فيقعد عليها، حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثم إذا قام إلى الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما كبر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر، قالوا: صدقت، هكذا كان يصلى صلى الله عليه وسلم، انتهى.
فانظر هذا الحديث الذي رجاله رجال الصحيح، صرح فيه بالسدل في قوله: (إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقرَّ كل عظم في موضعه معتدلاً).
قال في فتح الباري: وفي رواية هشيم عن عبد الحميد: ثم يمكث قائماً حتى يقع كل عظم في موقعه، ثم يقرأ، إلى آخره.
فغير خافٍ على عاميٍ، فضلاً عن عالمٍ، أن معنى (يقر) و(يقع) في الروايتين يثبتُ ويستقرُّ في محلِّه، ولا شك أن محل اليدين من الإنسان جنباه، وذلك هو الإرسال بعينه، لا ينازع في ذلك إلا مجنون أو مكابر في المحسوس، انتهى باختصار من كتاب (إبرام النقض لما قيل من أرجحية القبض) بتصرف يسير حسب الحاجة.
وبهذا الحديث الصحيح ختمتُ هذه العجالة المباركة، المختصرة من أقوال الأئمة المجتهدين، حول حكم السدل في الصلاة، فخذها أيها السائل المتعطش جواباً تاماً كافياً شافياً مختصراً.
فكن من أهل التسليم والاعتقاد، ولا تكن من أهل التعصب والانتقاد، فقد عرفت من خلال ما تقدم بإيجاز أن السدل سنَّةٌ ومندوب في الصلاة على مذهب إمامنا مالك، كما ذكره أئمة الفروع الفقهية، كالشيخ خليل وشراحه، وابن عاشر وشراحه وغيرهم، ومستندهم جميعاً هو هذا الحديث المذكور أعلاه المدعوم بما سبق ذكره من الدلائل، وبعمل أهل المدينة الذي اعتمده إمام الأئمة مالك بن أنس رضي الله عنه، فلم يبق للإنسان الذي يريد الحقيقة ويبحث عنها إلا أن يسلم ويستسلم، وينقاد للحقيقة، ويعترف بأن ما ذهب إليه مالك رحمه الله هو الأحوط والأجدر بالاتباع، وأن من صلى بكلتي الحالتين السدل أو القبض فصلاته صحيحة كاملة تامة غير ناقصة، غير أن السدل هو الأفضل والأحسن، وهو الأشهر والأرجح على مذهب الإمام مالك الذي اتبعه المغاربة قاطبة منذ رسوخ الإسلام في هذا الوطن العزيز، وتوحدت به كلمة المغاربة، واجتمع عليه صفهم ورأيهم وإجماعهم منذ دخول المولى إدريس الأول إلى المغرب، حتى ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الفرق التي قلدت المشارقة في كيفية صلاتهم وصيامهم وحجهم، بسبب ما يرون في الحرمين الشريفين أثناء زيارتهم في الحج والعمرة، وبسبب ما يروجه علماء المشرق من الكتيبات المطبوعة المشتملة على ما يخالف المذهب المالكي السائد في الحرمين الشريفين وبلاد الحجاز، قبل تولي الحكام السعوديين واستيلاؤهم على تلك البلاد، ومعلوم أن مذهبهم ودولتهم قامت على أسس المذهب الوهابي، الذي تزعمه محمد بن عبد الوهاب النجدي، الذي أجمع علماء الأقطار الإسلامية بأنه مخالف لجميع المذاهب الإسلامية.
ووصل هذا الداء إلى صفوف شباب المغرب في السنين الأخيرة، حتى استفحل الأمر واتسع الرتق على الراقع، رغم النداءات المتكررة والأوامر المتأكدة من طرف أمير المؤمنين جلالة الحسن الثاني نصره الله، الذي ما فتئ يصرح في كثير من خطبه وتوجيهاته السامية إلى وجوب اتباع المذهب المالكي والمحافظة عليه، والعمل به في مجموع بلاد المغرب، لكن الشباب يستهويه كل جديد، حتى ظنوا أن في الدين جديداً ما يقوم به مروجو الأفكار الوهابية من وسائل التشجيعات والإغراءات المادية والمعنوية، وذلك هوا لسبب فيما يلاحظ في وسط الساحة الاجتماعية من خلافات وصراعات فكرية، حتى يفقد الإنسان في بيته ومسجده مع من يصلي مطمئناً براحة باله، من أجل كثرة التكلفات في الصلاة، من تفريق الرجلين كثيراً، ومجافاة المرفقين حتى يسع المصلي الواحد مساحة صلاة رجلين أو ثلاثة، وكذلك تكرار (قد قامت الصلاة) في الإقامة، والسكتة بعد تكبيرة الإحرام هنيهة قليلة لا تفي حتى لقراءة دعاء الاستفتاح إن كان المقصود قراءته ولو كره عند مالك، وكذلك رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام حتى يقبض بهما أذنيه، وكذلك الجهر بالتأمين جهراً ينافي الخشوع لقوة النطق به، وكذلك رفع اليدين عند تكبيرة الركوع وعند الهوي إلى السجود، وعند القيام من الركعة، وكذلك تقديم الركبتين عند السجود وتأخير وضع الكفين، عكس ما هو عند الإمام مالك، وكذلك تأخير الركبتين في القيام ن السجدة وإحداث جلسة زائدة أثناء ذلك، مثل جلسة الاستراحة بعد الركعة الأولى، وكذلك القيام بتكلف وانحناء الرأس إلى جهة اليمين مما ينافي الاعتدال المطلوب في الصلاة، وكذلك وطء المصلي برؤوس أصابع رجليه على رؤوس أصابع رجلي مصلٍّ آخر بجنبه، ولا أدري من أين لهم بذلك، وكذلك التسليم مرتين، إلى آخر ما أحدثوه في الصلاة، من كل ما يخالف المذهب المالكي.
فهذه الخلافات الفقهية كلها تقلق راحة المصلي، ويفقد فيها خشوعه في الصلاة، وتلك هي نتائج ما يروجه أهل المذاهب المختلفة بين صفوف الشباب الضائع الذي لم يجد من يأخذ بيده ويرشده إلى الصواب لأول وهلة، قبل أن يزرع في أفكاره أهل الأهواء ضلالاتهم وزريعتهم الفاسدة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وهناك مسائل خلافية أخرى في أبواب فقهية شتى، سيأتي وقت تبيينها وتوضيحها للقراء إن شاء الله تعالى.
وكتبه على عجل، العبد الضعيف، أعمون مولاي البشير، بن محمد، بن مبارك، الناصري التتنائي، وذلك بتاريخ 5 صفر الخير عام 1419 هجرية، موافق 31 مايو سنة 1998ميلادية، غفر الله ذنبه وستر عيبه، بجاه سيد الأولين والآخرين أجمعين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد أشرف المرسلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، والحمد لله رب العالمين.


بلابل السلام 2011-09-06 14:35

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 
في كتاب تاريخ الحافظ الكبيرأبي زرعة الدمشقي المتوفى 281هجرية مانصه
حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم عن عبد الله بن يحي المعافري عن حيوة عن بكر بن عمرو أنه لم ير أبا أمامة يعني ابن سهل واضعا إحدى يديه على الأخرى قط ولا أحد ا من أهل المدينة حتى قدم الشام فرأى الأوزاعي ونا سا يضعونه انتهى



استدل المالكية رضي الله عنهم على السدل بالسنة المطهرة وبعمل أهل المدينة والأخير أقوى لكونه لا ينسخ بخلاف الأول.

فمن أدلتهم أثر بكر بن عمرو الذي ذكره السيد ابن الشريفة وهو عاضد لعمل أهل المدينة المنصوص في كلام الإمام مالك رضي الله عنه، ويستدل كذلك بما رواه عبدالرزاق في مصنفه قال: أهل مكة يقولون أخذ ابن جريج الصلاة من عطاء وأخذها عطاء من ابن الزبير وأخذها ابن الزبير من أبي بكر وأخذها أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم)) وروى ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده إلى ابن الزبير رضي الله عنهما ((أنه كان إذا صلى أرسل يديه)) والتركيب اللغوي في أثر ابن الزبير يدل على الدوام والاستمرار وعليه فصفة الصلاة التي ورثها ابن الزبير عن سيدنا أبي بكر الصديق هي السدل في الصلاة ويكون الصديق ورثها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وورد في الأثر أن ابن جريج كذلك كان يصلي مرسل اليدين، فهذا سند صحيح لعمل أهل مكة بالسدل وتقدم السند الصحيح بعمل أهل المدينة بالسدل فمذهب أهل الحجاز إذن سدل اليدين في الصلاة، وبالسدل في الصلاة أخذ الإمامين الليث بن سعد ومالك بن أنس الذي انتهى إليه علم الحجاز

بلابل السلام 2011-09-06 14:48

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 

aboukhaoula 2011-09-06 18:23

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 
أخبرنا الحسن بن سفيان قال : حدثنا حبان بن موسى قال : حدثنا عبد الله عن الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه
=(2353) [108:2]
قال الشيخ الألباني :
حسن ـ (( المشكاة )) (764) , (( صحيح أبي داود)) (650) .

aboukhaoula 2011-09-06 18:30

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 
س2: الأغلبية هنا مالكيون ويصلون بالسدل فيجيء بعض الذين تعلموا في الخارج الأزهر والمدينة المنورة بدأنا نرى السدل والقبض أشكالاً وأنواعاً فنرجو بيان حكم الإسلام في هذا؟

ج2: لقد ورد سؤال إلى المفتي رحمه الله عن حكم السدل والقبض في الصلاة فصدر عليه الجواب التالي وفيه الكفاية:

الأصل في هذا القول عند من قال به الكتاب والسنة والاستصحاب، أما الكتاب فقوله تعالى: {قد أفلح l المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون}([30])، وما جاء في معنى هذه الآية مما يدل على الخشوع في الصلاة، ووجه الدلالة أن قبض رسغ اليد اليسرى بكف اليد اليمنى والحركة المؤدية إلى ذلك بعد تكبيرة الإحرام مناف للخشوع فيكون ممنوعاً والأقرب إلى الخشوع هو الإرسال فيكون مشروعاً .

والجواب عن هذا أن تحريك اليدين إلى استقرار القبض وسيلة والغاية سنة كما سيأتي والوسائل لها حكم الغايات، وكون الغاية سنة ثابت ذلك عن رسول الله
r بطريق التواتر فعند الترمذي وابن ماجه عن قبيصة بن هلب عن أبيه، قال الترمذي بعد إخراجه: حديث حسن، وعند مسلم في صحيحه وابن خزيمة في صحيحه عن وائل بن حجر، وعند أحمد في المسند وابن عبدالبر في التمهيد والاستذكار عن عظيف بن الحارث، وعند الدارقطني عن حذيفه بن اليمان، وعن أبي الدرداء عند الدارقطني مرفوعاً وابن شيبة مرفوعاً وعند أحمد والدارقطني عن جابر، وعند أبي داود عن عبدالله بن الزبير، وعند البيهقي عن عائشة وقال صحيح، وعند الدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة وعندأبي داود عن الحسن مرسلاً وعنده أيضا عن طاووس مرسلا وعند البخاري في الصحيح وأحمد في المسند عن سهل بن سعد، وعند أبي داود والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود، قال ابن سيد الناس: رجاله رجال الصحيح. وقال الحافظ في الفتح: إسناده حسن، وقال الترمذي في جامعه بعد سياقه لحديث قبيصة عن أبيه ما نصه: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي r
والتابعين من بعدهم: يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة، ويرى بعضهم أن يضعها فوق السرة ويرى بعضهم أن يضعها تحت السرة وكل ذلك واسع عندهم. انتهى كلام الترمذي.



aboukhaoula 2011-09-06 19:55

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 
على أن ما نسبوا إلى الإمام مالك منالقول بالسدل باطل، فإنه عقد لوضع اليمنى على اليسرى بابا في كتابه الموطأ الذيألفه ودرسه ستين سنة ومازال يحذف منه ما ظهر له خلافه حتى أنه حذف منه الثلثين كماقال عياض في المدارك ولم يحذف منه باب وضع اليمنى على اليسرى ولا حذف الحديثينالذين استدل بهما على ذلك، ورواهما عنه أكثر المحدثين واحتجوا بهما وقد تعلل بعضهمبقوله أن وضع اليمنى على اليسرى من سنن الصلاة لا من فرائضها فإذا تركها المصلي لمتبطل صلاته، فنقول له إذا خالف النبي صلى الله عليه وسلم متعمدا بطل إيمانه كله، لاصلاته وحدها، لأن خلاف النبي صلى الله عليه وسلم على عمد من أعظم الضلالات التي تجرصاحبها إلى سوء الخاتمه، قال تعالى في آخر سورة النور {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَيُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌأَلِيمٌ} [النور:63]. قال أحمد بن حنبل رحمه الله لصاحبه الفضل بن زياد في تفسيرهذه الآية: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا ترك بعض قوله، يعني النبي صلىالله عليه وسلم، أن يقع في قلبه زيغ فيهلك. قال محمد تقي الدين الهلالي: لأن كل منخالفه عن عمد فإما يزول حبه عن قلبه وإما أن ينقص، ولا بد، لأنك إذا اعتقدت فيهالكمال والعصمة من الخطأ لا تخالفه إلا بغضا وعنادا وذلك يجر إلىالوبال.



محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله

قبطان 2011-09-06 21:23

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 
إقرأ إن شئت كتاب :
هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب الإمام مالك
لمؤلفه :
محمد المكي بن عزوز المالكي

ط: في الانتصار لسنة القبض في الصلاة

رابط تنزيل الكتاب :

http://ia600305.us.archive.org/3/items/Hayaa-Nassike/Hayaa-Nassik.pdf


أو من صفحة الكتاب على الارشيف

http://www.archive.org/details/Hayaa-Nassike

أو نزله من هذا الرابط

http://elmalikia.blogspot.com/2011/01/blog-post_5782.html



نبذة عن الكتاب :
كتاب «هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب الإمام مالك» , لصاحبه « أبي عبد الله محمد المكي بن مصطفى بن محمد بن عزوز الشريف الحسني الإدريسي المالكي التونسي (1270هـ/1334هـ)» , أثبت فيه مؤلفه أن فحول علماء المالكية وأقطابه وأهل التحقيق منهم يرون سنية قبض اليدين في الصلاة , وأنه مذهب الإمام مالك ـ عليه رحمة الله ـ خلافا لما شائع عنهم عند أصحاب المذاهب الأخرى من أن السدل هو مذهب الإمام مالك ـ عليه رحمة الله ـ . وقد أجاب ـ رحمة الله عليه ـ في هذا الكتاب عن أي تساؤل أو شبهة أو اعتراض قد يرد على ذلك , مما لا يدع لمنصف مجالا للشك أو التردد في صحة نسبة القبض إلى الإمام مالك ـ عليه رحمة الله ـ .



قبطان 2011-09-06 21:31

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 



وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة هو مذهب الإمام مالك.




قال الإمام مالك في الموطأ : (( 15-باب وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة )) حدثني يحيى عن مالك، عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري أنه قال : (( من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت ، و وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة ، يضع اليمنى على اليسرى ، و تعجيل الفطر ، و تأخير السحور )) .

و حدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد أنه قال : (( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة . قال أبو حازم : لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك )) . انتهى

قال السيوطي في تنوير الحوالك (ص236) عند شرح حديث الموطأ:

... روى الطبراني في الكبير بسند صحيح عن بن عباس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ((إنا معشر الأنبياء أمرنا بتعجيل فطرنا وتأخير سحورنا وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة)) وروى الطبراني عن أبي الدرداء رفعه قال ((ثلاث من أخلاق النبوة تعجيل الإفطار وتأخير السحور ووضع اليمنى على الشمال في الصلاة)) وروى بن عبد البر عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ثلاث من النبوة تعجيل الإفطار وتأخير السحور ووضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)) وروى سعيد بن منصور عن عائشة رضي الله عنها قال ((ثلاث من النبوة ...)) فذكرت مثل حديث أبي هريرة وروى الطبراني عن يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه ((وسلم ثلاثة يحبها الله عز وجل تعجيل الإفطار وتأخير السحور وضرب اليدين إحداهما بالأخرى في الصلاة))
ينمي ذلك أي: يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ


قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/155): ((إنا معشر الأنبياء أمرنا بتعجيل فطرنا وتأخير سحورنا وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة)) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح وقد تقدمت لهذا الحديث طرق في الصلاة.
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إنا معاشر الأنبياء أمرنا بثلاث بتعجيل الفطر وتأخير السحور ووضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)) رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه يحيى بن سعيد بن سالم القداح وهو ضعيف وعن يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة يحبها الله تعجيل الإفطار وتأخير السحور وضرب اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة رواه الطبراني في الاوسط وفيه عمر بن عبد الله بن يعلى وهو ضعيف. اهـ


قلت (أبو عبد الله) وحديث ابن عباس الذي ذكره السيوطي قد رواه البيهقي في الكبرى (2/29) وقال: أخبرنا أبو سعد الماليني أنبأ أبو أحمد بن عدي ثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي بمكة ثنا يحيى بن سعيد بن سالم القداح ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي داود عن أبيه عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إنا معاشر الأنبياء أمرنا بثلاث بتعجيل الفطر وتأخير السحور ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة)) تفرد به عبد المجيد وإنما يعرف بطلحة بن عمرو وليس بالقوي عن عطاء عن بن عباس ومرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الصحيح عن محمد بن أبان الأنصاري عن عائشة رضي الله عنها قالت ثلاث من النبوة فذكرهن من قولها أبو بكر بن الحارث الفقيه أنبأ علي بن عمر الحافظ ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا شجاع بن مخلد ثنا هشيم قال منصور حدثنا عن محمد بن أبان الأنصاري عن عائشة رضي الله عنها قالت ثلاث من النبوة تعجيل الإفطار وتأخير السحور ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة. اهـ


و في صحيح البخاري (1/259) : باب وضع اليمنى على اليسرى

حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال ثم كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي الله صلى الله عليه وسلم قال إسماعيل ينمي ذلك ولم يقل ينمي. اهـ


قال الحافظ في الفتح () : قوله باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة أي في حال القيام قوله كان الناس يؤمرون هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي... ثمّ قال: وقد روى بن خزيمة من حديث وائل أنه وضعهما على صدره والبزار ثم صدره وعند أحمد في حديث هلب الطائي نحوه وهلب بضم إلها وسكون اللام بعدها موحدة وفي زيادات المسند من حديث على أنه وضعهما تحت السرة وإسناده ضعيف واعترض الدائى في أطراف الموطأ فقال هذا معلول لأنه ظن من أبي حازم ورد بأن أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه الخ لكان في حكم المرفوع لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلى من له الأمر وهو النبي صلى الله عليه وسلم لأن الصحابي في مقام تعريف الشرع فيحمل على من صدر عنه الشرع ومثله قول عائشة كنا نؤمر بقضاء الصوم فأنه محمول على أن الآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم وأطلق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل والله أعلم.

وقد ورد في سنن أبي داود والنسائي وصحيح بن الموطأ شيء يستأنس به على تعيين الآمر والمأمور فروى عن بن مسعود قال رآني النبي صلى الله عليه وسلم واضعا يدي اليسرى على يدي اليمنى فنزعها ووضع اليمنى على اليسرى إسناده حسن .

قال بن عبد البر لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وهو الذي ذكره مالك في الموطأ ولم يحك بن المنذر وغيره عن مالك غيره وروى بن القاسم عن مالك الإرسال وصار إليه أكثر أصحابه وعنه التفرقة بين الفريضة والنافلة ومنهم من كره الإمساك ونقل بن الحاجب أن ذلك حيث يمسك معتمدا لقصد الراحة. اهـ


وفي صحيح مسلم (1/301) باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام تحت صدره فوق سرته ووضعهما في السجود على الأرض حذو منكبيه:

401 حدثنا زهير بن حرب حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا محمد بن جحادة حدثني عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر وصف همام حيال اليسرى ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى فلما أراد أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه.اهـ


قلت (أبو عبد الله) وهو في المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم (2/24)

وفي السنن الكبرى للبيهقي (2/28)

وفي موارد الظمآن (1/124) باب وضع اليد اليمنى على اليسرى.

حديث رقم 447 أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا وهب بن جرير وعبد الصمد قالا حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت حجر بن العنبس يقول حدثني علقمة بن وائل عن وائل بن حجر أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوضع اليد اليمنى على اليد اليسرى فلما قال ولا الضالين قال آمين وسلم عن يمينه وعن يساره.اهـ


وفي مسند أبي عوانة (1/428) باب إباحة الالتحاف بثوبه بعد تكبيرة الافتتاح ووضع يده اليمنى على اليسرى والدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغطي يديه في صلاته ويخرجهما إذا كبر وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه قبل قوله سمع الله لمن حمده.اهـ

وفي سنن الترمذي (3/388) باب ما جاء في رفع اليدين على الجنازة. ثم روى بإسناده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على جنازة فرفع يديه في أول تكبيرة ووضع اليمنى على اليسرى.

قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه واختلف أهل العلم في هذا فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن يرفع الرجل يديه في كل تكبيرة على الجنازة وهو قول بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وقال بعض أهل العلم لا يرفع يديه إلا في أول مرة وهو قول الثوري وأهل الكوفة وذكر عن بن المبارك أنه قال في الصلاة على الجنازة لا يقبض يمينه على شماله ورأى بعض أهل العلم أن يقبض بيمينه على شماله كما يفعل في الصلاة قال أبو عيسى يقبض أحب إلي. اهـ أي: أنّ بعض أهل العلم استدلوا على القبض في صلاة الجنازة قياسا على الصلوات الخمس المفروضة.

وقال أبو داود في سننه (1/27): باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة :

755 حدثنا محمد بن بكار بن الريان عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان النهدي عن بن مسعود أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى. قال الألباني: حديث حسن.

759 حدثنا أبو توبة ثنا الهيثم يعني بن حميد عن ثور عن سليمان بن موسى عن طاوس قال ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة قال الألباني: صحيح. اهـ
وفي سنن الدارمي: (1/312) باب قبض اليمين على الشمال في الصلاة

1241 أخبرنا أبو نعيم ثنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى قريبا من الرسغ. اهـ

جاء في بداية المجتهد (1/99) المسألة الخامسة

اختلف العلماء في وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة فكره ذلك مالك في الفرض وأجازه في النفل ورأى قوم أن هذا الفعل من سنن الصلاة وهم الجمهور والسبب في اختلافهم أنه قد جاءت آثار ثابتة نقلت فيها صفة صلاته عليه الصلاة والسلام ولم ينقل فيها أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى وثبت أيضا أن الناس كانوا يؤمرون بذلك وورد ذلك أيضا من صفة صلاته عليه الصلاة والسلام في حديث أبي حميد.

فرأى قوم أن الاثار التي أثبتت ذلك اقتضت زيادة على الاثار التي لم تنقل فيها هذه الزيادة وأن الزيادة يجب أن يصار إليها.

ورأى قوم أن الأوجب المصير إلى الاثار التي ليست فيها هذه الزيادة لأنها أكثر ولكون هذه ليست مناسبة لأفعال الصلاة وإنما هي من باب الاستعانة ولذلك أجازها مالك في النفل ولم يجزها في الفرض وقد يظهر من أمرها أنها هيئة تقتضي الخضوع وهو الأولى بها.اهـ

قلت: أما قول ابن رشد غفر الله له ((والسبب في اختلافهم أنه قد جاءت آثار ثابتة نقلت فيها صفة صلاته عليه الصلاة والسلام ولم ينقل فيها أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى)) غير مسلّم بل باطل. كيف وقد تقدم نقل الأحاديث التي تدل على خلاف ذلك.

قال الشوكاني في النيل : (( جاء عن النبي r في وضع اليمنى على اليسرى عشرون حديثاً عن ثمانية عشر صحابياً و تابعياً )) .

و قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : (( قال أبو عمر : (( لم يرد فيه خلاف عن النبي r يعني لم يرو أحد عن النبي r سدل اليدين لا في حديث صحيح و لا ضعيف )

قلت (أبو عبد الله) أما ما يروى عن بعض التابعين من قولهم بإرسال اليدين في الصلاة فقد فصّل ابن عبد البر رحمه الله تعالى وأطال الكلام في هذه المسألة وجاء بروائع وعجائب تشدّ إليها الرحال فقال في تمهيده:
وأما وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ففيه آثار ثابتة أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلّم... قال أبو عمر لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلّم في هذا الباب ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافا إلا شيء روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه وذلك قوله صلى الله عليه وسلّم وضع اليمين على الشمال من السنة وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر .

فأما اختلاف الفقهاء في هذا الباب فذهب مالك في رواية ابن القاسم عنه والليث بن سعد إلى سدل اليدين في الصلاة قال مالك وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة إنما يفعل ذلك في النوافل من طول القيام قال وتركه أحب إلي هذه رواية ابن القاسم عنه.

وقال ابن القاسم لا بأس بذلك في الفريضة والنافلة وهي رواية المدنيين عنه.

وقال الليث سدل اليدين في الصلاة أحب إلي إلا أن يطيل القيام فيعيا فلا بأس أن يضع اليمنى على اليسرى.
قال عبد الرزاق رأيت ابن جريج يصلي في إزار ورداء مسدلا يديه.

وقال الأوزاعي من شاء فعل ومن شاء ترك وهو قول عطاء.

وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم والحسن بن صالح وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وداود بن علي والطبري يضع المصلي يمينه على شماله في الفريضة والنافلة وقالوا كلهم وذلك سنة مسنونة .

قال الشافعي ثم الصدر وروي عن علي بن أبي طالب أنه وضعهما على صدره وعن طاوس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشهدهما على صدره وهو في الصلاة وقال الثوري وأبو حنيفة وإسحاق أسفل السرة وروي ذلك عن علي وأبي هريرة والنخعي ولا يثبت ذلك عنهم وهو قول أبي مجلز وقال أحمد بن حنبل فوق السرة وهو قول سعيد بن جبير قال أحمد ابن حنبل وإن كانت تحت السرة فلا بأس به.

قال أبو عمر:

قد ذكرنا أن الصحابة لم يرو عن أحد منهم في هذا الباب خلاف لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلّم فيه.
وروي عن الحسن وابراهيم أنهما كانا يرسلان أيدهما في الصلاة وليس هذا بخلاف لأن الخلاف كراهية ذلك وقد يرسل العالم يديه ليري الناس أن ليس ذلك بحتم واجب.

وقد ذكر ابن أبي شيبة عن جرير عن مغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم قال لا بأس أن يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة .

وذكر عن عمر بن هارون عن عبد الله بن يزيد قال ما رأيت سعيد بن المسيب قابضا يمينه على شماله في الصلاة كان يرسلهما.

وهذا أيضا يحتمل ما ذكرنا .

وذكر عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن العيزار قال كنت اطوف مع سعيد بن جبير فرأى رجلا يصلي واضعا إحدى يديه على الأخرى هذه على هذه وهذه على هذه فذهب ففرق بينهما ثم جاء.

وهذا يحتمل أن يكون رأى يسرى يديه على يمينه فانتزعها على نحو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صنعه بابن مسعود.

وقد روي عن سعيد بن جبير ما يصحح هذا التأويل لأنه ثبت عنه أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى في صلاته فوق السرة.

فهذا ما روي عن بعض التابعين في هذا الباب وليس بخلاف لأنه لا يثبت عن واحد منهم كراهية ولو ثبت ذلك ما كانت فيه حجة لأن الحجة في السنة لمن اتبعها ومن خالفها فهو محجوج بها ولا سيما سنة لم يثبت عن واحد من الصحابة خلافها .اهـ

قلت: (أبو عبد الله) تبيّن ممّا سبق أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم لم يثبت عنه أنّه صلى مسدل اليدين بل ثبت عنه خلاف ذلك فقد تقدم حديث وائل ابن حجر في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وأنّه كان يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.
وهذا وحده يكفي كدليل على سنّية وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة. كيف إذا أضيف إلى ما سبق نصوص عامّة ونصوص خاصة تؤكد هذه السنّة وتأمر بها.

أما النصوص العامّة، فمن ذلك قوله عليه السلام: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) رواه البخاري.

أما النصوص الخاصّة، فمن ذلك ما رواه الإمام مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد أنه قال : (( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة . قال أبو حازم : لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك )).

فهل بعد هذا البيان من شك في كون وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة من سنن الهدى التي كان يأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.

فهذا هو مذهب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهذه هي صفة صلاته التي نقلت إلينا عبر الثقاة

قد يقول قائل: إنّ ما ذكرته لا يتوافق مع ما عنونت به بحثك هذا، فأنت أثبتّ سنّية وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ولم تثبت أنّ هذا هو مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى؟

فأقول: لقد تعمدت أن أقدم بين يدي هذا البحث إثبات سنيّة هذه الهيئة في الصلاة لأنّ أغلب الذين ناقشتهم من متعصبي المالكية (ومالك منهم براء) لا يعتقدون مشرعية القبض أصلا. فهم يزعمون أنّ إرسال اليدين في الصلاة هو السنّة وأنّ خلافه هو البدعة.

وأعود إلى أصل الموضوع فأقول:

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: ...ذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد القطان عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي زياد مولى آل دراج قال ما رأيت فنسيت فإني لم أنس أن أبا بكر رضي الله عنه كان إذا قام إلى الصلاة قال هكذا ووضع اليمنى على اليسرى.

قال وحدثنا وكيع قال حدثنا عبد السلام بن شداد العبدي أبو طالوت عن غزوان بن جرير الضبي عن أبيه قال كان علي إذا قام في الصلاة وضع يمينه على رسغه فلا يزال كذلك متى ما ركع إلا أن يصلح ثوبه أو يحك جسده....

قال وحدثنا عبد الأعلى عن المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء أنه كان يأمر أصحابه أن يضع أحدهم يده اليمنى على اليسرى وهو يصلي.

قال وحدثنا وكيع قال حدثنا يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن عاصم الجحدري عن عقبة بن ظهير عن علي في قوله عز وجل ((فصل لربك وانحر)) قال وضع اليمين على الشمال في الصلاة رواه حماد بن سلمة عن عاصم الجحدري عن عقبة بن صهبان عن علي مثله سواء .

ذكر الأثرم قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم الجحدري عن عقبة بن صهبان سمع عليا يقول في قول الله عز وجل ((فصل لربك وانحر)) قال وضع اليمنى على اليسرى تحت السرة.

قال وحدثنا العباس بن الوليد قال حدثنا أبو رجاء الكفي قال حدثني عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عباس ((فصل لربك وانحر)) قال وضع اليمنى على الشمال في الصلاة.

وروى طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه قال إن من سنن المرسلين وضع اليمين على الشمال وتعجيل الفطر والاستيناء بالسحور.

وأكثر أحاديث هذا الباب في وضع اليد على اليد لينة لا تقوم بها حجة أعني الأحاديث عن التابعين في ذلك وقد قدمنا في أول هذا الباب آثارا صحاحا مرفوعة والحمد لله ...

قال أبو عمر : روي عن مجاهد أنه قال إن كان وضع اليمين على الشمال فعلى كفه أو على الرسغ ثم الصدر وكان يكره ذلك ولا وجه لكراهية من كره ذلك لأن الأشياء أصلها الإباحة ولم ينه الله عن ذلك ولا رسوله فلا معنى لمن كرهه هذا لو لم يرو إباحته عن النبي صلى الله عليه وسلّم فكيف وقد ثبت عنه ما ذكرنا وكذلك لا وجه لتفرقة من فرق بين النافلة والفريضة ولو قال قائل إن ذلك في الفريضة دون النافلة لأن أكثر ما كان يتنفل رسول الله صلى الله عليه وسلّم في بيته ليلا ولو فعل ذلك في بيته لنقل ذلك عنه أزواجه ولم يأت عنهن في ذلك شيء ومعلوم أن الذين رووا عنه أنه كان يضع يمينه على يساره في صلاته لم يكونوا ممن يبيت عنده ولا يلج بيته وإنما حكوا عنه ما رأوا منه في صلاتهم خلفه في الفرائض والله أعلم. اهـ التمهيد (20/67 إلى 80) بتصرف.


قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله:

فيه وضع اليمنى على اليسرى في القيام وفي الباب حديث سهل بن سعد الساعدي قال ((كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم لا أعلمه إلا ينمي ذلك)) رواه مالك في موطئه عن أبي حازم بن دينار عنه وبوب عليه فقال وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة وقال في الباب عن عبدالكريم بن أبي المخارق أنه قال من كلام النبوة إذا لم تستح فافعل ما شئت ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة تضع اليمنى على اليسرى وتعجيل الفطر والاستيناء يعني المتأني بالسحور .

قال أبو عمر:

تضع اليمنى على اليسرى من كلام مالك وهذه الترجمة والدليل والتفسير صريح في أن مذهبه وضع اليمنى على اليسرى. اهـ من حاشية ابن القيّم (2/294)

وفي شرح الزرقاني (1/453-455):

وقوله يضع اليمنى على اليسرى من قول مالك ليس من الحديث وهو أمر مجمع عليه في هيئة وضع اليدين إحداهما على الأخرى... وروى أشهب عن مالك لا بأس به في النافلة والفريضة وكذا قال أصحاب مالك المدنيون. وروى مطرف وابن الماجشون أن مالكا استحسنه قال ابن عبد البر لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول جمهور الصحابة والتابعين وهو الذي ذكره مالك في الموطأ ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وصار إليه أكثر أصحابه وروي أيضا عنه إباحته في النافلة لطول القيام وكرهه في الفريضة ونقل ابن الحاجب أن ذلك حيث تمسك معتمدا لقصد الراحة. اهـ

وفي المدونة الكبرى () : الاعتماد في الصلاة والاتكاء ووضع اليد على اليد قال وسألت مالكا عن الرجل يصلي إلى فيتكىء على الحائط فقال أما في المكتوبة فلا يعجبني وأما في النافلة فلا رأى به بأسا قال ابن القاسم والعصا تكون في يده عندي بمنزلة الحائط قال وقال مالك إن شاء اعتمد وإن شاء لم يعتمد وكان لا يكره الاعتماد قال وذلك على قدر ما يرتفق به فلينظرا رفق ذلك به فليصنعه قال وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة قال لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه قال سحنون عن ابن وهب عن سفيان الثوري واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يده اليمنى على اليسرى في الصلاة. اهـ

وعند القرطبي: وقال علي رضي الله عنه ومحمد إبن كعب في قوله تعالى: ((فصل لربك وانحر)) المعنى ضع اليمنى على اليسرى حذاء النحر في الصلاة وروي عن إبن عباس أيضا. .. ثمّ قال: وأما ما روى عن علي عليه السلام ((فصل لربك وأنحر)) قال وضع اليمين على الشمال في الصلاة خرجه الدارقطني. فقد أختلف علماؤنا في ذلك على ثلاثة أقوال:
الأول لا توضع فريضة ولا نافلة لأن ذلك من باب الإعتماد ولا يجوز في الفرض ولا يستحب في النفل. الثاني لا يفعلها في الفريضة ويفعلها في النافلة إستعانة لأنه موضع ترخص.

الثالث يفعلها في الفريضة والنافلة وهو الصحيح لأنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على اليسرى من حديث وائل إبن حجر وغيره قال إبن المنذر وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وحكى ذلك عن الشافعي وأستحب ذلك أصحاب الرأي ورأت جماعة إرسال اليد وممن روينا ذلك عنه إبن المنذر والحسن البصري وإبراهيم النخعي.
قلت وهو مروي أيضا عن مالك قال إبن عبدالبر إرسال اليدين ووضع اليمنى على الشمال كل ذلك من سنة الصلاة. انظر تفسير القرطبي (20/219-220)

وجاء في حاشية ابن الحاج على (( ميارة الصغير )) فيها ما نصه :

و في القبض ثلاثة أقوال أخر :

أحدها : الاستجابة مطلقاً و هو قول مالك في رواية مطرف و ابن الماجشون عنه في (( الواضحة )) و قول المدنيين من أصحابنا و اختاره غير واحد من المحققين كاللخمي و ابن العربي و ابن عبد البر و ابن رشد و ابن عبد السلام ، و عده ابن رشد في المقدمات من فضائل الصلاة ، و تبعه عياض في قواعده و نسبه في الإكمال للجمهور ، و به قال أئمة المذاهب : الشافعي و أبو حنيفة و أحمد و سفيان الثوري و إسحاق بن راهوية و أبو ثور و داود بن علي و أبو جعفر الطبري و غيرهم .

الثاني : إباحة القبض فيهما ، و هو قول مالك في سماع العرينيين و قول أشهب في رسم شك في طوافه من سماع ابن ابن القاسم من جامع العتبية .

الثالث : منعه فيهما حكاه الباجي ، و تبعه ابن عرفة و هو من الشذوذ بمكان ، قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد المسناوي في رسالة في القبض : (( و إذا تقرر الخلاف في أصل القبض كما ترى وجب الرجوع إلى الكتاب و السنة كما قال تعالى : ] فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول [ و قد وجدنا سنة رسول الله r قد حكمت بمطلوبية القبض في الصلاة بشهادة ما في الموطأ و الصحيحين و غيرهما من الأحاديث السالمة من الطعن ، فالواجب الانتهاء إليها و الوقوف عندها و القول بمقتضاها )) أ.هـ.


قال صاحب كتاب (( المتوني و البتار )) : (( فإن وضع اليمين على الشمال في الصلوات كلها فرضاً و نفلاً هو مذهب مالك و قوله الذي لم يقل غيره و لا نقل أحد عنه سواه و هو المذكور في الموطأ الذي ألفه بيده و قرئ عليه طول عمره و رواه عنه الآلاف من تلامذته و أصحابه ، و استدل عليه بالحديث الصحيح الذي نقله عنه رواة الفقه و حملته من أصحابه المدنيين كمطرف بن عبد الله و عبد الملك ابن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشوني و عبد الله بن نافع المخزومي و أصحابه المصريين كأشهب بن عبد العزيز و عبد الله بن عبد الحكم و أصحابه العراقيين كمحمد بن عمر الواقدي و غيره ، و هو مقتضى رواية على بن زياد التونسي عن أصحابه القيروانيين و هو الذي نقله ابن المنذر الإمام الحافظ الذي تصدر لنقل المذاهب بالأسانيد الصحيحة و الطرق المتعددة عن الأئمة المجتهدين ، و هو الذي لم ترد السنة المطهرة و الأحاديث النبوية إلا به عن سيد المرسلين r و على آله الطاهرين )) أ. هـ. بتصرف من كتاب (الحسام الماحق على كل مشرك ومنافق) للعلامة محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله تعالى.


قلت: إنّ الذي يجب المصير إليه بعد كل ما تقدم ما يلي:

• لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم ولا عن أحد من أصحابه أنّه كان يرسل يديه في الصلاة.

• أنّ وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة هو السنّة وخلافه بدعة

• أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم ((كان يضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد)) أبو داود والنسائي وابن خزيمة (1/54/2) وصححه ابن حبّان (485) و((كان أحيانا يقبض باليمنى على اليسرى)) النسائي والدارقطني بسند صحيح.

• أنّ العلماء اختلفوا في موضع القبض. والصحيح الراجح الذي لا مرية فيه هو وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر لما رواه أبو داود والنسائي وابن خزيمة (1/54/2) وصححه ابن حبّان (485) أنّه صلى الله عليه وسلّم ((كان يضعهما على الصدر)) وهو مذهب إسحاق بن راهويه وأحمد ابن حنبل وهو ما رجحه القاضي عياض المالكي و الإمام الألباني عليهم رحمة الله. (راجع صفة الصلاة للألباني ص88)

• أنّ الروايات عن مالك اختلفت، فأشهب وابن الماجشون ومطرف وابن المنذر وأصحاب مالك المدنيون ينقلون عنه استحسان وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة مطلقا. وأمّا ابن القاسم فنقل عنه قولين:
الأول: الكراهة مطلقا.

الثاني: التفريق بين الفريضة والنفل. فكرهها في الأولى وأجازها في الثانية.

• ما دامت الروايات اختلفت وجب الرجوع إلى ما كتبه مالك بيده في كتابه الموطأ. قال العلامة محمد تقي الدين الهلالي المغربي في (الحسام الماحق):

ألف الإمام مالك رحمه الله كتاب الموطأ و درسه ستين سنة و تواتر عنه كل ما فيه . فكل قول ينسب إليه خلاف ما في الموطأ فإما أن يتفق الرواة عنه لذلك القول و إما أن يختلفوا عنه ، فإن اتفقوا و ذلك محال فرواية الموطأ مقدمة على اتفاقهم ، لأن رواته أكثر و أحفظ و لأنه كتبه بيده ، و هو متواتر عنه . فيرد كل ما خالفه و أما إذا اختلفوا فلا يحل لأحد أن ينسب إليه شيئاً مما اختلفوا فيه إلا إذا عرف التاريخ . فحينئذ يمكنه أن ينسب إليه آخر القولين أو الأقوال و حينئذ تتعارض تلك الرواية مع ما في الموطأ إن كانت مخالفة له فتسقط ، و يقدم عليها ما في الموطأ .

ثمّ قال : قال محمد تقي الدين : قد تبين لك أن مذهب النبي r و مذهب مالك هو وضع اليمنى على اليسرى بلا شك ، و ليس مقصودنا أن ثبوت هذه السنة و مشروعيتها لجميع المسلمين يتوقف على رواية مالك لها أو عمله بـها فإن الذي أوجب الله على جميع المسلمين قبل وجود مالك و في زمان صباه و جهله و في زمان علمه و إمامته هو اتباع رسول الله r و هو الواجب على جميع المسلمين إلى يوم القيامة و لم يجعل الله حجة على أحد من الناس – رجلاً بعينه – إلا رجلاً واحداً ، هو محمد رسول الله ، فمن اتبعه نجا و إن لم يسمع بمذهب أصلاً ، و من خالفه هلك و شقي و لا ينقذه زعمه أنه يتمسك بمذهب مالك لأن مالكاً قد تبرأ منه كما تقدم في كلام ابن عبد البر .

و مالك و غيره من أئمة أهل السنة ينقلون لنا سنة رسول الله r فنقلناها منهم إذا صحت بالقبول و نعمل بـها و نترحم عليهم و لا نفضل أحداً منهم على أحد ، و الذي نسأل عنه في قبورنا و في الحشر هو محمد رسول الله r .... اهـ

هذا والله أعلم.

.

قبطان 2011-09-06 21:31

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 
متابعة للموضوع :




الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.


لقد شاع عند كثير من الناس ان مذهب مالك هو السدل وهذا لا اصل له في السنة ولا عن الامام مالك فلقد تفرد بهذا القول عنه فقط ابن القاسم ،والحقيقة أنه صار سوء فهم لكلام الامام مالك في هذه الرواية الموجودة في المدونة،ومن المعروف في علم الحديث انه اذا تفرد راو واحد برواية و خالفه جمع فيه ان هذه الرواية تكون شاذة وضعيفة،وبالتالي يؤخذ برواية الاكثر لأنهم احفظ من الواحد فكيف لو اجتمع هذا مع مخالفة السنة،الحكم لكم.


1-قال ابن عبد البر: "وروى ابن نافع وعبد الملك ومطرف عن مالك أنه قال:" توضع اليمنى على اليسرى في الصلاة في الفريضة والنافلة" قال لا بأس بذلك"
قال أبو عمر ابن عبد البر: هو قول المدنيين من أصحابه .(الاستذكار2/291)


2-قال أشهب:سألت مالك:عن وضع الرجل احدى يديه على الأخرى في الصلاة المكتوبة؟ فقال:"لا ارى بذلك بأسا في المكتوبة و النافلة".(البيان و التحصيل1/394)



3-قال ابن عبد البر:قال مالك:" لا بأس بذلك في الفريضة والنافلة، وهي رواية المدنيين عنه".(التمهيد20/75)



4-قال مالك في الموطا باب:"وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلا ة" وذكر فيه بعض الروايات.
وقد صورت لكم الآتي من الموطأ رواية أبي مصعب الزهري التي تعتبر آخر روايات الموطأ ومن أصحها:

http://i81.servimg.com/u/f81/13/71/70/71/ouuuoo10.png




.

خالد السوسي 2011-09-06 21:52

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 



جزاكم الله خيرا إخواني الأفاضلبلابل السلام وابوخولة و قبطان على ردودكم القيمة والمفيدة وبارك الله فيكم وأحسن إليكم وكثر الله من الناصحين أمثالكم وجعل هذا المجهود الكبير في موازين حسناتكم

والحمد لله فقد شرح الله صدري واطمأننت كثيرا الى أن القبض ووضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر هو السنة الثابتة الصحيحة والتي وردت في مختلف كتب الحديث وشروح السنة بل وأوردها الامام مالك امام مذهب أهل المغرب في الموطإ واستغربت كيف أن بعض أهل العلم عندنا في المغرب تعصبوا لآثار غير صحيحة وغير ثابتة بخصوص السدل ولم يقدموا سندا صحيحا لها بل ومن الغريب أنهم أنكروا الصحيح من السنة وأنكروا ما أورده الامام مالك في الموطأ من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه فوق صدره في الصلاة

ومن النتائج التي توصلت إليها من خلال ما سبق :
وجوب اتباع السنة وترك ما سواها من الأقوال ولو كان صاحبها من أهل العلم والفقه فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله أولى واحق بالاتباع و كذا وجوب الرجوع الى الكتاب والسنة عند الاختلاف ووجوب الرضا بحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ووجوب الاستسلام لهما

وما استنتجته أخيرا أن وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة هي السنة وأن سدل اليدين أو ارسالهما خلاف ذلك وليس من السنة

والله أعلم

تقديري وامتناني

خالد السوسي 2011-09-06 22:47

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 










خالد السوسي 2011-09-06 22:49

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 







خالد السوسي 2011-09-06 22:51

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 





خالد السوسي 2011-09-06 22:51

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 





خالد السوسي 2011-09-06 22:52

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 





خالد السوسي 2011-09-06 22:53

رد: سؤال يؤرقني : السدل في الصلاة ؟
 






الساعة الآن 02:30

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd