الأساليب الأدبية: أسلوب المحاجة - الأساليب الأدبية - أسلوب المحاجة كان العرب قديما، إما يلجؤون إلى سيف الحديد الذي يقطع، أو إلى سيف اللسان الذي يقنع، و قد المحاجة كأسلوب خلال العصر الأموي و ما بعده، بسبب الخلافات السياسية و المذهبية الفكرية، فكانت بين الموالي للحكم و بين الخرج عليه، بين صاحب مذهب كالسنة مثلا و بين معتزلي... ذلك الأسلوب الذي أصبحنا نفتقده اليوم في كتاباتنا و مناقشانتا مع الآخر عندما تصطدم الآراء ببعضها، فيتغلب أسلوب الغضب و العنف أو أسلوب الإعراض و المقاطعة على أسلوب الإقناع. و النص التالي، يحكي عن فترة عمر بن عبد العزيز بن مروان ، و كان فيه من لم يذعنوا بعد... (( أدخل رجلان على الخليفة عمر بن عبد العزيز فقال: - أخبراني ما أحرجكما؟ و أي شيء نقمتم علينا؟ - فقال أحدهما: و الله ما نقمنا عليك في سيرتك، فقد عرفنا عنك العدل و الإحسان و لكن بيننا و بينك أمرا إن أعطيتناه فأنت منا و نحن منك، و إن منعتناه فلست منا و لسن منك. - فقال الخليفة: فما هو؟ - قال: رأيتك خالفت أعمال بني أمية و سلكت غير طريقهم، و رددت المظال. فإن زعمت أنك على هدى و هم على ضلال فابرأ منهم و العنهم. فهذا هو الذي يجمعنا أو يفرقنا. - فقال: إني قد عرفت أنكم لم تخرجوا طلبا للدنيا و لكنكم أردتم الآخرة، فأخطأتم سبيلها. أرأيتم أبا بكر و عمر، أليسا من أسلافكم، و ممن تتولون و تشهدون لهما بالنجاة؟ - قال: بلا. - قال: فهل تعلمون أن العرب ارتدت بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقاتلهم أبو بكر، فسفك الدماء و سبى الذراري و أخذ الأموال؟ - قال: قد كان ذلك. - قال: فهل تعلمون أن عمر لما قام بعده رد تلك السبايا إلى عشائرهم؟ - قالا: قد كان ذلك. - قال: فهل برئ أبو بكر من عمر أوعمر من أبي بكر؟ - قالا: لا. - قال: فهل تبرؤون أنتم من واحد منهما؟ - قالا: لا. - قال: أرأيتم الدين واحدا أم اثنين؟ - قالا: واحد. - قال: فهل يسعكم فيه شيء يعجزني؟ - قالا: لا. - قال: فكيف وسعكم أن توليتم أبا بكر و عمر، و تولى كل منهما صاحبه، و قد اختلفت سيرتهما؟ و لا يسعني بزعمكما إلا لعن بيتي و البراءة منهم؟ فإن كان لعن أهل الذنوب فريضة مفروضة فأخبرني عنك متى عهدك بلعن فرعون؟ - قال: ما أذكر متى لعنته. - قال: ويحك فهل يسعك ترك لعن فرعون، و لا يسعني بزعمك إلا لعن آل بيتي؟ لقد أردتم أمرا فأخطأتموه، فأنتم تقبلون من الناس ما رد عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم، و تردون عليهم ما قبل منهم، و يأمن عندكم من خاف عنده، و يخاف عندكم من أمن عنده. هلا علمتم أن رسول الله جاهد عبدة الأوثان حتى يخلعوا أوثانهم و ينطقوا بالشهادتين، فإن فعلوا ذلك حقن دمهم و أمنوا عنده. - قال: نعم. - قال: أفلستم اليوم تبرؤون ممن خلع الأوثان، و ممن يشهد ألا إلاه إلا الله و أن محمدا رسول الله؟ فتلعنونه و تقاتلونه. و تلقون من يأبى ذلك من اليهود و النصارى فتحرمون دمه و يأمن عندكم؟ - فقال: ما رأيت حجة أبين و لا أقرب مأخذا من حجتك...)) يا لها من فطنة و ذكاء و بلاغة، حجة أبي بكر و عمر و حجة لعن فرعون و حجة عبدة الأوثان مع الرسول صلى الله عليه و سلم، ثلاث حجج في حوار واحد، فأقنع اللسان ما لم يقنع السيف. |
رد: الأساليب الأدبية: أسلوب المحاجة رائع ما اخترته أستاذنا الفاضل وجدي، أشكرك على جهودك في شبيل اثراء المنتدى بكل ماهو مفيد، لك مني كل التقدير والمحبة http://1.bp.blogspot.com/_qfVd_gP_ZK...ink_taxi_4.jpg |
رد: الأساليب الأدبية: أسلوب المحاجة اقتباس:
الرائع هو ردك كالعادة يا أخي رشيد |
رد: الأساليب الأدبية: أسلوب المحاجة ما اروع فقه وعلم وسرعة بديهة الامام الزاهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ! وما اقوى حججه وأدلته ! جزاكم الله خيرا أخي الفاضل وجدي على المساهمة القيمة و الدرس المفيد وبارك الرحمن فيكم وأحسن إليكم |
رد: الأساليب الأدبية: أسلوب المحاجة اقتباس:
|
الساعة الآن 00:39 |
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd