دبلوم الدراسات العليا المعمقة" وحكامة وزارة التعليم

بقلم: عبد الحفيظ اركيـبي



لا يخرج مفهوم الحكامة الجيدة في إدارة ميدان التربية والتعليم عن مسألة التدبير الجيد والملائم لهذا القطاع على أساس إدارة عقلانية ورشيدة للموارد المالية والبشرية في إطار حكم القانون وإقرار المساواة، وتأمين فرض متساوية للاستفادة من الامتيازات التي توفرها الدولة في هذا المجال خصوصا عندما يتعلق الأمر بأطر تميزها الكفاءة والتكوين العالي والمستمر.

وفي المقابل نجد وزارة التربية والتعليم وتكوين الأطر والبحث العلمي وكأنها تسير في اتجاه يمكن أن نسميه أي شيء إلا أن نطلق عليه حكامةً جيدة، فعلى مستوى التعليم العالي تم تغيير نظام الدراسة في سلك الدكتوراه بنظام جديد يطلق عليه اسم مركز الدراسات في الدكتوراه دون الأخذ بعين الاعتبار حق الفوج الأخير من دبلوم الدراسات العليا المعمقة في تسجيل أطروحاتهم في سلك الدكتوراه الوطنية، فإذا كان نظام مركز الدراسات في الدكتوراه يوافق نظام "الماستر"(bac+5) حسب منظومة الإصلاح الجديدة، فهو لا يوافق البتة نظام دبلوم الدراسات العليا المعمقةDESA (bac+7أوbac+ ولا يمكن أن يسري عليهم بالطريقة التي هي عليها الآن لأن الدولة في شخص وزارة التعليم هي التي غيرت النظام على نحو مفاجئ دون مراعاة للمسار الذي قطعته هذه الفئة في مجال البحث العلمي، حيث يقتضي الأمر أن يتم تخصيص فترة انتقالية من سلك الدكتوراه الوطنية لفائدة حاملي دبلوم الدراسات العليا المعمقة لآخر فوج على غرار الفترة الانتقالية التي خصصت للسنة الرابعة من النظام السابق لشهادة الإجازة حين بدأ نظام الإجازة في ثلاث سنوات، أو أن يُخَيٌَرَ حامل دبلوم DESA بين نظام الدكتوراه الوطنية والنظام الجديد خلال الفترة الانتقالية كما هو متعارف عليه في مختلف أنظمة التعليم والبحث العلمي في الدول الديمقراطية حين يتم تبني نظام جديد.

ومن غرائب الصدف أن يتعرض نفس الفوج2008 من حاملي دبلوم الدراسات العليا المعمقة لكن هذه المرة من أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي لحيف عجيب تجلى في حرمانهم من حقهم في تغيير الإطار والترقية إلى أساتذة التعليم الثانوي من الدرجة الأولى على غرار الأفواج السابقة من الأساتذة بناء على رسالة للسيد الوزير الأول الاستثنائية عدد0597 الصادرة في هذا الشأن بتاريخ13دجنبر2007 والتي لم تحدد سقفا زمنيا للاستفادة منها، حيث قامت وزارة التعليم بتفييئ غريب حرمت من خلاله فوج2008 من حقهم المكتسب من الاستفادة من الاستثناء المذكور بشكل يتنافى مع مبدأ"المساواة" بين موظفيها الذين يوجدون في نفس الوضعية القانونية (وقد واكبت جريدة المساء العديد من إضرابات واعتصامات هذه الفئة المغبونة، كان أبرزها الاعتصام المفتوح والإضراب عن الطعام) فبدل أن يُكافأ الذين استطاعوا تكوين أنفسهم بأنفسهم وحصلوا على شواهد علمية من الدرجة العالية بما يعود بالنفع على النشء، نجد الوزارة تتركهم معتصمين أمام سياجها الحديدي بل وتقتطع من أجورهم.

وفي شهر يونيو المنصرم نشرت المساء تصريحا لمدير اتصال لوزارة التربية والتعليم "سعيدالرهوني" يقول فيه أن الوزارة تنتظر فقط رسالة جديدة للسيد الوزير الأول لتسوية وضعية المعنيين بالأمر أسوة بالأفواج السابقة دون قيد أو شرط مضيفا أن: "الوزارة لا يمكن أن تقف عقبة في وجه مطالب أطرها"، وفي نفس السياق صرحت "لطيفة العابدة" كاتبة الدولة المكلفة بقطاع التعليم المدرسي داخل قبة البرلمان خلال نفس الشهر أنها تتفهم وتتبنى مطالب هذه الفئة المغبونة، وأن الملف في طريقه للتسوية التي تضمن نفس الحقوق التي استفادت منها الأفواج السابقة، خاصة بعد قيام الوزارة بإدماج عدد كبير من حاملي الشهادات العليا المعطلين بصفة مباشرة دون أي مباراة أو انتقاء؛ لكن الكلام شيء والواقع شيء آخر فلحد لكتابة هذه السطور لازالت هذه الفئة تواصل مسيرتها النضالية في غياب أية تسوية؛ فأي حكامة هذه؟ وعن أي إصلاح نتحدث؟

هذه هي السياسة...و هذه تبعاتها المجنونة يعاني منها أولئك الذين لا يمارسون السياسة....

سواء تعلق الأمر بدبلوم الدراسات العليا المعمقة أم بالدكتوراه فتدبير الموارد البشرية و معيار الكفاءة يبقى حبرا على ورق أو خطابا يشبه غيره من الخطابات التنويمية و الوعود العرقوبية، فمنسقية الدكاترة مؤخرا حتى ظنوا أنهم وصلوا إلى حل أتت التأجيلات و التنصلات التي ما فتئ مدير الموارد البشرية يوردها كلما اتصلوا به، و حاملو دبلومات الدراسات العليا يقفون و يفقون و لكن لا ساكن حرك و لا مبني أعرب.
و تبقى دار اخشوشن على حالها.