منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   { منتدى الخيمة الرمضانية } (https://www.profvb.com/vb/f142.html)
-   -   رمضان:مدرسة الاخلاق (https://www.profvb.com/vb/t75628.html)

اسلامي نور حياتي 2011-07-23 22:56

رد: رمضان:مدرسة الاخلاق
 
:::خامسا:::

۩ دعـه نظيفا ۩


هو الْمَلِك
وهو الآمِر الناهي

إذا صَلَح صَلَحت الرعية
وبِفَساده تَفْسد الرعية

وهو بيت الرَّبّ تبارك وتعالى .. إذ هو مَحَلّ التعظيم والاعتقاد ، وإضافته إليه إضافة تشريف ، كما يُقال عن الكعبة : بيت الله .

قال ابن القيم :
فالقَلْب بَيْت الرَّبِّ جَلّ جلاله = حُـبًّا وإخلاصا مع الإحسان

ولَمَّا كان هو بيت الرَّبّ تعظيما وتمجيدا وتقديسا وتألِيهًا وتَوحيدًا
وَجَب أن يبقى نظيفا ..
نظيفا من كل دَغل ودَخل ودَخَن ..
يُنَقَّى مِن كُلّ مَكر وخديعة وغشّ للمسلمين ..
ففي الحديث " ثلاث لا يَغِلّ عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله ، ومُناصحة ولاة الأمر ، ولُزوم الجماعة ؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ". رواه الإمام أحمد وابن ماجه والدارمي من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه .
ورواه الترمذي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
ورواه أحمد من حديث أنس رضي الله عنه وزاد في آخره : فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم .

قال ابن عبد البر : معناه لا يكون القلب عليهن ومعهن غليلا أبدًا ، يعني لا يَقوى فيه مَرض ولا نِفاق إذا أخلص العمل لله ، ولَـزِم الجماعة ، وناصَح أولي الأمر . اهـ .
وقال ابن القيم : أي : لا يَبقى فيه غِلّ ، ولا يحمل الْغِلّ مع هذه الثلاثة ، بل تَنْفِي عنه غِلّه ، وتُنَقّيه منه ، وتُخْرِجه عنه ؛ فإن القلب يَغلّ على الشرك أعظم غِلّ ، وكذلك يَغلّ على الغش ، وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة والضلالة . فهذه الثلاثة تملؤه غِلاًّ ودَغَلا ، ودواء هذا الغِلّ واستخراج أخلاطه : بِتَجْرِيد الإخلاص ، والـنُّصْح ، ومُتَابعة الـسُّـنَّة . اهـ .
وقال : فَالْمُخْلِص لله إخلاصه يمنع غلّ قلبه ويُخرجه ويُزيله جُملة ؛ لأنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه ، فلم يَبْقَ فيه مَوضع للغلّ والغش ... فالاخلاص هو سبيل الخلاص ، والإسلام هو مَركب السلامة ، والايمان خاتم الأمان .
وقوله : " ومُناصحة أئمة المسلمين " هذا ايضا مُنَافٍ للغلّ والغش ، فإن النصيحة لا تُجَامِع الغلّ إذ هي ضده ، فمن نَصح الائمة والأمَّـة فقد برئ مِن الغل .
وقوله : " ولزوم جماعتهم " هذا أيضا مما يُطَهِّر القَلْب مِن الغلّ والغش ، فإن صاحِبه لِلُزُومِه جماعة المسلمين يُحِبّ لهم ما يُحِبّ لنفسه ، ويَكره لهم ما يَكره لها ، ويسوؤه ما يسؤوهم ، ويَسُرّه ما يَسرّهم . وهذا بخلاف مَن انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعَيب والذمّ لهم . اهـ .

ومَحَلّ ذلك كُلّه هو القلب ، الذي إن صَلَح صَلحت الأعضاء ..

ومن هنا كان التقي النقي مخموم القلب : أفضل الناس ..
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أفضل ؟ قال : كل مَخْمُوم القلب ، صدوق اللسان . قالوا : صدوق اللسان نَعْرِفُه ، فما مَخْمُوم القلب ؟ قال : هو التَّقِيّ النَّقِيّ ، لا إثم فيه ولا بَغْي ، ولا غِلّ ولا حَسَد . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .

لقد جَـرَّد المؤمن قَلْبه
وأخذ مِكنسته
فَخَمَّ الحسد ، وطَرح البغضاء
وألقى الحقد ، ورَمى الإحَن
فذاق طعم الراحة وتذوق حلاوة الإيمان حينما لم يحمل حِقدا

وفي دعاء الخليل عليه الصلاة والسلام : ( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) .

قال علي رضي الله عنه : ليس من أخلاق المؤمن الـتَّمَلُّق ولا الحسد إلاَّ في طَلَب العِلْم .
والمقصود بالحسد هنا : الغِبطة والمنافسة ، مِن باب " لا حَسَد إلاّ في اثنتين .. " .

قال المقنع الكندي :
فإن الذي بيني وبين عشيرتي = وبين بني عمي لَمُخْتلف جِدّا
إذا قدحوا لي نار حرب بِزَندهم = قَدَحْتُ لهم في كل مكرمة زَندا
وإن أكلوا لَحْمي وَفَرْت لحومهم =وإن هَدموا مجدي بَنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم = وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
وأعطيهم مالي إذا كنت واجِدا = وإن قلّ مالي لم أكلفهم رِفـدا

فهنيئا لك أيها المؤمن بما نظفت من أرجاء قلبك
وهنيئا لكل مؤمنة شغلها عيبها عن عيوب الناس فاشتغلت بنظافة قلبها من كل دَرن ودَخَل وغِشّ وغلّ .


اسلامي نور حياتي 2011-07-23 22:58

رد: رمضان:مدرسة الاخلاق
 
:::سادسا:::


۩ الْتِفاتَة قَلْب ۩






كان عنوان الدرس الماضي " دَعْه نَظيفًا "


ولَمّا تَقَرَّر أن القَلْب بَيْت الرَّبّ تعظيما وإجلالا وإفرادا ، كان لا بُدّ للقَلْب أن يُوحِّد الله ويُفرِده بأعماله ..

ومِن هنا كان تصحيح أعمال القلوب أحبّ إلى الله مِن تصحيح كثير مِن أعمال الجوارح ؛ لأنها إذا صَلَحت أعمال القلب صلَحت سائر الأعمال ..
إذ القَلْب هو الأصل ، والأعمال ثَمَرة ، والقلب مَلِك ، والأعضاء جنوده ..
وفي الحديث : ألا وإن في الجسد مُضْغَة ، إذا صَلَحت صَلَح الجسد كله ، وإذا فَسَدت فَسَد الجسد كله ، ألا وهي القلب . رواه البخاري ومسلم .



قال أبو هريرة : القلب مَلِكٌ والأعضاء جنوده ، فإذا طاب الملك طابَتْ جنوده ، وإذا خَبُثَ الملك خَبُثت جنوده .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقول أبي هريرة تَقْرِيب ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم أحسن بَيَانًا ؛ فإن الملك وإن كان صالحا فالْجُنْد لهم اختيار ، قد يَعْصُون به مَلِكَهم وبالعكس ، فيكون فيهم صلاح مع فَسَاده ، أو فَسَاد مع صَلاحِه ، بِخلاف القلب ؛ فإن الجسد تابِع له لا يَخرج عن إرادته قط ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا صَلَحت صَلَح لها سائر الجسد ، وإذا فَسدت فَسد لها سائر الجسد "
فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان عِلْما وعَملاً قَلْبِيا ، لَزِم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق . اهـ .



وإن مِن أجلّ أعمال القلب إفراد الله تعالى بالتوكّل عليه .

والتوكّل : هو اعتماد القلب على الله ، والـثِّقَة بما عنده سبحانه وتعالى ، واليأس مما في أيدي الناس . كما قال ابن القيم .
وقال في كِتاب " الفوائد " : وسِرُّ التَّوَكًّل وحَقِيقَتُه : هو اعْتِمَادُ القَلَبِ عَلى اللهِ وحْدَه . اهـ .



وأن لا يَلتَفِت إلى الأسباب ، وإن عَمِل الأسباب لأنه مأمور بها ، إلاّ أنه يعمل بالأسباب ثقَة بِمُسبب الأسباب ..



وأعلى مقامات التوكّل مقامات الأنبياء ..

فَعِندما أُفْرِد خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وحيدا فريدا في المنجنيق ليُرْمَى في النار ، كانت ثقته بالله عزّ وَجَلّ ، ولم يلتفت إلى غيره ، فقال : حسبنا الله ونِعْم الوكيل ، فأتى الأمر مِن فوق سبْع سماوات : (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ) فَوَقَاه الله شرّ النار وشرّ الأشرار .



وعندما خَرَج نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام ببني إسرائيل ، ولحقه فرعون وجنوده ، قال بنو إسرائيل : إنّا لَمْدُرَكون ، فقال موسى عليه الصلاة والسلام بِلسان الواثق بالله عزّ وَجَلّ (كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) ، وهو يَرى البحر مِن أمامه والعدو مِن خَلْفه ، فما أسْرع ما أتاه الفَرَج لِثقته بالله عزّ وَجَلّ (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) .



وعندما نامَ نَبِيُّنا صلى الله عليه وسلم تحت شجرة وعَلَّق سَيفه بِتلك الشجرة ، جاءه رجل من المشركين ، فاخْتَرَط السيف ثم قال : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهُ . كما في الصحيحين . فَمَنعه الله بِثقته به وتوكّله عليه .



ولَمّا طابَتْ قلوب المؤمنين بالتوكُّل على الله ، وصَدَقَتْ في توكّلها عليه ؛ جزاهم بِما توكّلوا عليه جنة وحريرا ، وأدخلهم الجنة بِغير حِسَاب ..

ففي الحديث : يدخل الجنة مِن أمتي سبعون ألْفًا بغير حساب : هم الذين لا يَسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون . رواه البخاري ومسلم .
فالقاسِم الْمُشْتَرَك بين هذه الأفعال : أنهم على ربهم يتوكّلون ..



قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الذي عليه الجمهور أن الْمُتَوكِّل يَحْصل له بِتَوكّله مِن جَلْب المنفعة ودَفْع الْمَضَرَّة ما لا يَحْصل لغيره ، وكذلك الداعي . والقرآن يَدُلّ على ذلك في مواضع كثيرة . اهـ .



وكُلَّما كان توكّل الإنسان على الله أقوى وأتمّ نَفَعه تَوَكّله ..



ولا يجوز أن يلْتَفِت القلب في تَوَكّله على غير الله .. سواء كان ذلك بِجَلْب نَفْع ، أو دَفْع ضرّ ..



قال الله عزّ وَجَلّ لِنبِيِّـه صلى الله عليه وسلم : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)

وقال له سبحانه : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)
وأمَر المؤمنين بما أمَر به الْمُرْسَلين ، فقال : (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
ذلك لأن التوكّل لا يَصلح إلاّ على الحي الذي لا يموت ، لا إله غيره : (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) .



ولَمّا الْتَفَت قَلْب يوسف عليه الصلاة والسلام إلى بَشَر مثله لَبِث في السجن بِضْع سنين .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : عَثَر يوسف عليه السلام حين قال : ( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ، فَلَبِث في السجن بِضع سِنين ، وأنْسَاه الشيطان ذِكْر رَبِّـه . رواه ابن جرير في تفسيره .
وقال ابن عباس أيضا : عُوقِب يوسف بِطُول الحبس بِضع سنين لَمَّا قال للذي نجا منهما " اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ" ، ولو ذَكَر يُوسف رَبه لَخَلَّصَه .



فَكُلَّمَا كان اعتماد القلْب على الله أقوى ، كان حُسْن ظنِّ العبد بِربّه أعظم ؛ وكُلّما كان ذلك كذلك كان أسْرع إلى نَيْل المطلوب وتحقيق المقصود .



وقد تكفّل الله عَزّ وَجَلّ بِكفاية مَن توكَّل عليه ، فقال : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) .

قال الفضيل : والله لو يَئستَ مِنَ الْخَلْق حتَّى لا تُريد منهم شيئا ، لأعطاك مَولاك كُلَّ ما تُريد .
قال ابن رجب : ومِن لطائف أسْرار اقْتران الفَرَج بالكَرب واليُسر بِالعُسر : أنَّ الكربَ إذا اشْتدَّ وعَظُمَ وتَنَاهى ، وحَصل للعبد الإياس مِن كَشفه مِن جهة المخلوقين ، وتَعَلَّق قَلبُه بالله وحده - وهذا هو حقيقةُ التوكُّل على الله - وهو مِن أعظم الأسباب التي تُطلَبُ بها الحوائجُ ، فإنَّ الله يَكْفي مَن توكَّل عليه .










اسلامي نور حياتي 2011-07-23 23:00

رد: رمضان:مدرسة الاخلاق
 
يتبع باذن الرحمن

اسلامي نور حياتي 2011-08-04 14:38

رد: رمضان:مدرسة الاخلاق
 
:::سابعا:::
۩ الحبور ۩

إن النفس البشرية تَتَشَوَّف للسُّرور وتَتَطَلَّع للبِشْر
وربما كان فَرْط السرور وطَفْح البشر مُحَرِّكا لِدَمع العين ، ومثيرا للشؤون ، ومُسيلا لِمَيَازِيب الدموع !
طفح السرور عليَّ حتّى إنّه *** مِن عُظم ما قَد سَرَّني أبكاني

ولَمَّا كان البِشْر مُحَبَّبًا للنفس ، والسرور مَرغوبا لَديها ؛ جاءت بِشارات رب العالمين تَتْرَى لعباده المؤمنين
وتتوالى على الْمُتَّقِين
(الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)

وتأتيهم البشارات في الدنيا قبل الآخرة ..
( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
والبُشْرَى في الدنيا الرؤيا الصالحة
قَالَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه : سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) ؟ فَقَالَ : هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط .
وروى الإمام أحمد والترمذي نحوه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه .

بل إن القرآن كله بُشْرَى (وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ)

وسِيقت البشارات للمؤمنين زُرَافَات وَوُحْدَانا
فهناك مَن بُشِّر بالجنة وهو يمشي على الأرض ، كَخَديجة رضي الله عنها ، إذ بَعَث الله لها بالسلام وبِبُشْرَى بِبَيت في الجنة
وبَشَّر النبي صلى الله عليه وسلم جُملة مِن أصحابه بالجنة ..
فقال عليه الصلاة والسلام : عَشْرة في الجنة : النبي في الجنة ، وأبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير بن العوام في الجنة ، وسعد بن مالك في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة . قال سَعِيدُ بن زَيْد : ولو شئت لسمّيت العاشر . قال : فقالوا : من هو ؟ فَسَكَتْ . قال : فقالوا : مَن هو ؟ فقال : هو سعيد بن زيد . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

وفي الصحيحين عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ حائطا وأمَرَنِي بِحِفْظِ الباب ، فجاء رجل يستأذن ، فقال : ائذن له وبَشِّّره بالجنة . فإذا أبو بكر ، ثم جاء عمر ، فقال : ائذن له وبَشّره بالجنة ، ثم جاء عثمان ، فقال : ائذن له وبَشّره بالجنة .

ورأى النبي صلى الله عليه وسلم قصرا في الجنة لِعُمر رضي الله عنه .
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : بينا أنا نائم إذ رأيتني في الجنة فإذا امرأة توضأ إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا ؟ فقالوا : لِعُمَرَ بن الخطاب ، فذكرت غيرة عمر فولّيت مُدبِرا . قال أبو هريرة : فبكى عمر ونحن جميعا في ذلك المجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال عمر : بأبي أنت يا رسول الله أعليك أغار ؟

بل إن خديجة رضي الله عنها بَشَّرَتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم في فَجْر النبوة بِقَولها : " أبْشِر فو الله لا يُخْزيك الله أَبَدًا " رواه البخاري ومسلم .

ولم تَقِف البشارات عند حدود الدنيا
بل تَـزِفّ الملائكة البشارات للمؤمنين وهم على مَشَارِف الآخرة
فَتُسَاق البِشَارات للمؤمن وهو في السَّكَرات ..
فتأتيهم البشارات ، أن لا يخافوا مما أمامهم ، وأن لا يحزنوا على ما خَلَّفوا .
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ)
قال الشنقيطي : وَالْخَوْفُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ : الْغَمُّ مِنْ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ . وَالْحَزَنُ : الْغَمُّ مِنْ أَمْرٍ مَاضٍ . اهـ .
فجاءتهم البشارة بالأمرين : أن لا يخافوا مما أمامهم ، وأن لا يحزنوا على ما وراءهم ..

وما أن تَفيض روح المؤمن حتى يُبَشَّر بالرحمة والرضوان " أُخْرُجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان "
وما يكاد يُسْلِمه دَافنوه حتى يُبَشَّر بِمَا يَسُرُّه ، ويَرَى مقعده من الجنة
ويتتابع البِشْر على المؤمن فيأتيه عَمله الصالح في قبره في أحسن صورة .. " أبْشِر بالذي يَسُرّك "

وتَفْرح نفوس المؤمنين في مواقف القيامة بالنجاة من النار

وفي مواقف القيامة تبرز صورة المؤمن وهو يهتف في سرور : (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ)
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا)

وحينما يتكامل سرور المؤمنين في دار الحبور تَدخل عليهم الملائكة مِن كل باب ..
(أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)

وكم هو فَرَحهم يوم يَسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ، والناس في ظُلْمة .. ويزيد على ذلك أن بُشِّروا بالجنات ..
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

ويُسَرّ المؤمن بالسماع ..
() يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ)
(تُحْبَرُونَ) تُكْرَمُون . وقيل : تُنَعَّمُون . وقيل : تَفْرحُون . وقيل : تُسَرُّون . وقيل : تَعْجَبُون . وقيل : تَلَذَّذُون بِالسَّماع . والأَوْلى تفسير ذلك بالفَرح والسرور الناشئين عن الكَرامة والنعمة . اهـ . مِن " فتح القدير " .

ويَبْلُغ السرور مَدَاه ، والبِشْر مُنْتهاه حينما يَكْشِف لهم رب العزة الحجاب فَيَرَون ربهم عيانا ..
وفي الحديث : إذا دَخَل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تبارك وتعالى : تُريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبَيِّض وُجوهنا ؟ ألم تُدخلنا الجنة ، وتُنجينا مِن النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعْطُوا شيئا أحبّ إليهم مِن النظر إلى ربهم عز وجل . رواه مسلم .

ولَمَّا كان الجزاء مِن جنس العمل ، جاء الترغيب في إدخال السرور على النفوس المؤمنة
وكان أحب الأعمال إلى الله سُرور تُدْخله على مسلم ..
وفي الحديث : أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه دَيناً ، أو تطرد عنه جوعا ، ولئن أمشي مع أخ لي في حاجة أحبّ إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً - في مسجد المدينة - ومن كفّ غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له ثبّت الله قدمه يوم تزول الأقدام . رواه الطبراني في الكبير ، وقال الألباني : حسَن .
"سرور " هكذا نَكرة ، ليشمل كُلّ سُرور ، بِقَول أو فعل ، ولو بِكَلِمَة ..

فقد كان النبي يُسَرّ بِالكَلِمَة يَسمعها ..
عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ ، فَقَالَ : أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ؟ رواه البخاري ومسلم .

وفي حديث كعب بن مالك رضي الله عنه : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ . رواه البخاري .

وكان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْرص على إدخال السرور على أصحابه ، فيبشرهم بما يَسُرّهم ..
خَرَج على أصحابه وهو ينتظرون صلاة العشاء ، وقد تأخّروا إلى قريب منتصف الليل ، فبشّرهم وأخبرهم ، فقال لهم : أبْشِرُوا إن مِن نعمة الله عليكم أنه ليس أحدٌ مِن الناس يُصَلِّي هذه الساعة غيرُكم . رواه البخاري ومسلم .

وفي نظم المتنبي :
لا خيل عندك تُهْدِيها ولا مال ** فَلْيُسْعِد الـنُّطْق إن لم تُسْعِد الْحَالُ

فإن لم تُسْعِد الأحوال بإدخال سرور .. فلا أقل أن تُسْعِد الأقوال ..


اسلامي نور حياتي 2011-08-04 14:39

رد: رمضان:مدرسة الاخلاق
 
:::ثامنا:::
۩ ارفع لنفسك ذِكرها ۩

إذا دَخَل رمضان فُتِّحَت أبواب الجنة الثمانية ، وغُلِّقَت أبواب النار .

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ . رواه البخاري ومسلم .
وذلك لِكثرة أسباب المغفرة ، ولإجابة الدعاء ، والسلامة مِن الإثم ..
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : أتاني جبريل فقال : يا محمد مَن أدرك رمضان فلم يُغفر له فأبعده الله . قل آمين . قلت : آمين . رواه ابن خزيمة والحاكم وصححه .

فعلى المسلم أن يستغلّ هذا الشهر ليرفع لِنفسه ذِكْرها ، وذلك بكثرة العمل الصالح الذي يرفع قَدْر الإنسان في الدنيا وفي الآخرة ..
أما في الدنيا فـ (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)
وبالأعمال الصالحة تُنفّس الكُربات ، وتزول الشدائد ، كما في قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار ، فدعوا الله بِصالح أعمالهم ، ففرّج الله عنهم ، كما في الصحيحين .
والعمل الصالح مِن أسباب استجابة الدعاء ، وفي الحديث : إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ . رواه الإمام أحمد . شعيب الأرنؤوط : حسن لغيره . وصححه الألباني .
وسبق تفصيل أكثر في " دعوة صائم " .

والأعمال الصالحة أُنْس الإنسان في قبره ..
وفي الحديث قال في شأن المؤمن إذا وُضِعَ في قبره : ويأتيه رَجُل حَسَن الوَجه حَسَن الثياب طَيِّب الرِّيح ، فيقول : أبشر بالذي يَسُرّك ، هذا يومك الذي كنت تُوعد ، فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجئ بالخير ، فيقول : أنا عملك الصالح . رواه الإمام أحمد . وصححه الألباني والأرنؤوط .

والأعمال الصالحة هي سبيل الاجتياز على الصراط ..
قال عليه الصلاة والسلام : يَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ ؛ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ ، وَمَكْدُوسٌ فِى نَارِ جَهَنَّمَ . رواه البخاري ومسلم .

وهي سبيل الرِّفْعة في المنازل في الجنة ..قال عزّ وَجَلّ : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
وقال عليه الصلاة والسلام : إنَّ أهْل الْجَنَّة يَتَرَاءَون أهْل الغُرُف مِن فَوْقِهم كَمَا تَتَرَاءَون الكَوْكَب الدُّرِّي الغَابِر في الأُفُق مِن الْمَشْرِق أوْ الْمَغْرِب ، لِتَفَاضُل مَا بينهم . قالوا : يا رسول الله تلك مَنازل الأنبياء لا يَبْلُغُها غَيرهم ؟ قال : بلى والذي نفسي بيده ، رجال آمَنوا بالله وصَدَّقُوا الْمُرْسَلِين . رواه البخاري ومسلم .

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : أي : وَرِثْتُم مَنَازِلَها بِعَمَلِكُم ، ودُخُولُكم إيّاها بِرَحْمَة الله وفَضْلِه .
وقال ابن كثير في تفسيره : أي : بِسَبَبِ أعْمَالِكم نَالَتْكُم الرَّحْمَة فَدَخَلْتُم الْجَنَّة ، وتَبَوّأتُم مَنَازِلَكُم بِحَسَب أعْمِالِكم ، وإنّمَا وَجَبَ الْحَمْل عَلى هَذا لِمَا ثَبَت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :واعْلَمُوا أنّ أحَدَكم لَن يُدْخِله عَمَلُه الْجَنَّة . قَالوا : ولا أنْت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلاَّ أن يَتَغَمَّدَني الله بِرَحْمَةٍ مِنه وفَضْل .
وقال في قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : أي : أعْمَالُكم الصَّالِحَة كانت سَبَبًا لِشُمُول رَحْمَة الله إياكم ، فإنه لا يُدْخِل أحَدًا عَمَلُه الْجَنَّة ، ولَكِن بِفضلٍ مِن الله ورَحْمَته ، وإنّمَا الدَّرَجَات تَفَاوتها بَحَسَب عَمَل الصَّالِحَات . اهـ .

وكل عَمَل يتقرّب به الإنسان إلى الله يرفع درجاته ، وأخصّ ذلك : الصلاة .
قال عليه الصلاة والسلام : عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ ، فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً . رواه مسلم .
قال البهوتي : وَالسُّجُودُ : غَايَةُ التَّوَاضُعِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ وَضْعِ الْجَبْهَةِ ، وَهِيَ أَشْرَفُ الأَعْضَاءِ عَلَى مَوَاطِئِ الأَقْدَامِ ، وَلِهَذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الرُّكُوعِ . اهـ .

وَلَمَّا خَدَم ربيعةُ بن كعب رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له عليه الصلاة والسلام : سَلْ . فقال : أسألك مرافقتك في الجنة . قال : أوَ غير ذلك ؟ قلت : هو ذاك . قال : فأعِنِّي على نفسك بِكَثْرة السجود . رواه مسلم .
قال النووي : فِيهِ الْحَثّ عَلَى كَثْرَة السُّجُود ، وَالتَّرْغِيب ، وَالْمُرَاد بِهِ السُّجُود فِي الصَّلاة ، وَفِيهِ دَلِيل لِمَنْ يَقُول تَكْثِير السُّجُود أَفْضَل مِنْ إِطَالَة الْقِيَام ... وَسَبَب الْحَثّ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ فِي الْحَدِيث الْمَاضِي " أَقْرَب مَا يَكُون الْعَبْد مِنْ رَبّه وَهُوَ سَاجِد " وَهُوَ مُوَافِق لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) ؛ وَلأَنَّ السُّجُود غَايَة التَّوَاضُع وَالْعُبُودِيَّة لِلَّهِ تَعَالَى ، وَفِيهِ تَمْكِين أَعَزِّ أَعْضَاء الإِنْسَان وَأَعْلاهَا وَهُوَ وَجْهه مِنْ التُّرَاب الَّذِي يُدَاس وَيُمْتَهَن . اهـ .

فَدُونَك شَهْر الغُفران .. وشهر الرحمة .. وشَهر الطاعة والقُرُبات ..
وإياك والتواني والكسَل .. فَغَدًا يَنْدَم الكسلان ..

قال ابن الجوزي :
مَن تَبَصَّر تَصَبَّر . الْحَزْم مَطِية الـنّجح . الْطَّمَع مَرْكب الـتَّلَف . الـتَّوَاني أبو الفقر ! البَطَالة أم الْخُسْران . التفريط أخو الـنَّدَم . الكَسَل ابن عَمّ الْحَسْرة . ما يَحْصُل بَرْد الْعَيش إلاَّ بِحَرِّ الـتَّعَب . ما العِزّ إلاَّ تَحت ثوب الْكَدّ . على قَدْر الاجتهاد تَعْلُو الـرُّتَب .




الساعة الآن 00:52

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd