الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2011-07-12, 14:52 رقم المشاركة : 11
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل الثامن :
الإنصاف في ذكر ما للمبتدعة من محامـد ومـذام، وقبـول ما عندهم من حق، وردّ ما عندهم من باطل، وأن ذلك سبيل الأمة الوسط ‏

قرر شيخ الإسلام أن منهج أهل السنة والجماعة في الثناء والذم، قائم على الكتاب والسنة والإجماع، فقال : (وأهل السنة والجماعة يقولون ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وهو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله والثواب على حسناته، ويستحق العقاب على سيئاته، وأن الشخص الواحد يجتمع فيه ما يُثاب عليــه ومــا يعــاقب عليــه، وما يحمد عليه وما يذم، وما يحب منه وما يبغض منه) (238).‏

وبيّن رحمه الله، أن هذا هو المنهج الصواب، فقال : (والصواب أن يُحمد من حال كل قوم ما حمده الله ورسوله، كما جاء به الكتاب والسنة، ويذم من حال كل قوم ما ذمه الله ورسوله، كما جاء به الكتاب والسنة) (239)، ووضح الشيخ أن هذا المنهج يضاده منهج أهل البدع، الذين لا يعذرون من أخطأ مجتهدًا، فيذمونه متغافلين عن حسناته ومحامده، فقال : (ومن جعل كل مجتهد في طاعة، أخطأ في بعض الأمور، مذمومًا معيبًا ممقوتًا، فهو مخطئ ضال مبتدع) (240).‏

وقد أظهر شيخ الإسلام مسلك أهل السنة والجماعة، في ثنائه وذمه للرجال والطوائف والكتب، وبيانه لقربهم من الحق وبعدهم عنه، متبعًا في ذلك سبيل الأمة الوسط، القائم على العدل والإنصاف، وإعطاء كل ذي حق حقه، من غير مداهنة في باطل، ولا غمط في حق، ومن الأمثلة على إنصافه : ‏

أ ـ ذكره بعض محامد أهل البدع والأهواء، وبيانه أن أهل السنة يتبعون معهم العدل والإنصاف، يقول رحمه الله : (والرافضة فيهم من هو متعبد متورع زاهد، لكن ليسوا في ذلك مثل غيرهم من أهل الأهواء، فالمعتزلة أعقل منهم وأعلم وأدين، والكذب والفجور فيهم أقل منه في الرافضة، والزيدية(241) من الشيعة خير منهم، وأقرب إلى الصدق والعدل والعلم، وليس في أهل الأهواء أصدق ولا أعبد من الخوارج، ومع هذا فأهل السنة يستعملون معهم العـــدل والإنصــاف ولا يظلمونهم، فإن الظلم حرام مطلقًا، بل أهل السنة لكل طائفة من هؤلاء، خير من بعضهم لبعض، بل هم للرافضة خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض، وهذا مما يعترفون هم به، ويقـــولون : أنتــم تنصفوننــا ما لا ينصف بعضنا بعضًا، وهذا لأن الأصل الذي اشتركوا فيه أصل فاسد، مبني على جهل وظلم، وهم مشتركون في ظلم سائر المسلمين، فصاروا بمنزلة قطاع الطريق المشتركين في ظلم الناس، ولا ريب أن المسلم العالم العادل أعدل عليهم وعلى بعضهم من بعض.. والخوارج تكفّر أهل الجماعة، وكذلك أكثر المعتزلة يكفّرون من خالفهم، وكذلك أكثر الرافضة، ومن لم يكفّر فسّق، وكذلك أكثر أهل الأهواء، يبتدعون رأيًا ويكفّرون من خالفهم فيه، وأهل السنــة يتبعــون الحـق من ربهم الذي جاء به الرسول، ولا يكفّرون من خالفهم فيه، بل هم أعلم بالحـــق وأرحـــم بالخلــق، كمــا وصــف الله به المسلمين بقولــه : (كنتم خير أمة أخرجت للناس) (آل عمران : 110)، قال أبو هريرة(242) رضي الله عنه : (كنتم خير الناس للناس) (243)، وأهل السنة نقاوة المسلمين، فهم خير الناس للناس) (244).‏

ويقول في موضع آخر : (وقد ذهب كثير من مبتدعة المسلمين، من الرافضة والجهمية وغيرهم، إلى بلاد الكفار فأسلم على يديه خلق كثير، وانتفعوا بذلك وصاروا مسلمين مبتدعين، وهو خير من أن يكونوا كفارًا) (245).‏

ب ـ تفصيله في الحكم على الصوفية والتصوف، بما يظهر الإنصاف : فقد بَيَّن رحمه الله تعالى، أنه وقع الاجتهاد والتنازع في طريق الصوفية (فطائفة ذمت الصوفية والتصوف، وقالوا : إنهم مبتدعون خارجون عن السنة، ونُقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف، وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام، وطائفة غلت فيهم، وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء، وكلا طرفي هذه الأمور ذميم، والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين مــن قد يجتهـــد فيخطئ، وفيهـــم من يذنـب فيتـوب أو لا يتوب، ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه، وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم، كالحلاج(246) مثلاً، فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه وأخرجوه من الطريق، مثل الجنيد بن محمد سيد الطائفة وغيره، كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمـــن السلمي(247) فــي طبقات الصوفية(248)، وذكره الحافظ أبو بكر الخطيب(249)، في تاريخ بغداد(250)) (251).‏

جـ ـ دفاعـــه عـــن اعتقـــاد بعـض مشايــخ الصوفيــة، فقــد ناقـش أبا القاسم القشيري(252)، في دعواه أن اعتقاد أكابر مشايخ الصوفية مثل : الفضيــل بن عيــاض(253)، وأبي سليمــان الداراني(254)، ويوسـف ابن أسباط، وحذيفة المرعشي(255)، ومعروف الكــرخي(256)، والجنيــد ابن محمد، وسهل بن عبد الله التُّسْتَري(257)، موافق لاعتقاد كثير من المتكلمين الأشعرية بما يطول نقله، لذلك أقتصر منه على مقدمته : (فصل فيما ذكره الشيخ أبو القاسم القشيري في رسالته المشهورة، من اعتقاد مشايخ الصوفية، فإنه ذكر من متفرقات كلامهم، ما يستدل به على أنهم كانوا يوافقون اعتقاد كثير من المتكلمين الأشعرية، وذلك هو اعتقــــاد أبي القاســـم الذي تلقـــاه عن أبي بكــر بن فــورك(258)، وأبي إسحاق الإسفراييني. وهذا الاعتقاد غالبه موافق لأصول السلف وأهل السنة والجماعـــة، لكنه مقصـــر عن ذلك، ومتضمن تـرك بعض ما كانوا عليه، وزيادة تخالف ما كانوا عليه، والثابت الصحيح عن أكابر المشايخ، يوافق ما كان عليه السلف، وهذا هو الذي كان يجب أن يذكر، فإن في الصحيح الصريح المحفوظ عن أكابر المشايخ، مثل : الفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، ويوسف بن أسباط، وحذيفة المرعشي، ومعروف الكرخي، وأبي الجنيد بن محمد، وسهل ابن عبد الله التستري، وأمثال هؤلاء، ما يبين حقيقة مقالات المشايخ) (259).‏

وفي موضع آخر قال مفصلاً حال أهل التصوف بما يدل على الإنصاف والعدل : (والشيوخ الأكابر الذين ذكرهم أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية، وأبو القاسم القشيري في الرسالة، كانوا على مذهب أهل السنة والجماعة ومذهب أهــل الحديث، كالفضيـل ابن عياض، والجنيد بن محمـــد، وسهــل بن عبــد الله التستـري، وعمــرو بن عثمان(260) المكي، وأبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي، وغيرهم، وكلامهم موجود في السنة، وصنفوا فيها الكتب، لكن بعض المتأخرين منهم كان على طريقة بعض أهل الكلام في بعض فروع العقائد، ولم يكن فيهم أحد على مذهب الفلاسفة، وإنما ظهر التفلسف في المتصوفة المتأخرين، فصارت المتصوفة تارة على طريقة صوفية أهل الحديث، وهم خيارهم وأعلامهم، وتارة على اعتقاد صوفية أهل الكلام فهؤلاء دونهم، وتارة على اعتقاد صوفية الفلاسفة كهؤلاء الملاحدة) (261)، أي القائلين بوحدة الوجود، الملحدين في الإيمان بالله ورسله واليوم الآخر.‏

وبيّن رحمه الله، منهجه في مناقشة ما ذكره أبو القاسم فقال : (اجتهدتُ في اتباع سبيل الأمة الوسط، الذين هم شهداء على الناس، دون سبيل من قد يرفعه فوق قدره، في اعتقاده وتصوفه على الطريقة التي هي أكمل وأصح مما ذكره، علماً وحالاً وقولاً وعملاً واعتقادًا واقتصادًا، أو يحطه دون قدره فيهما، ممن يسرف في ذم أهل الكلام، أو ذم طريقة التصوف مطلقًا، والله أعلم.. والذي ذكره أبو القاسم، فيه الحسن الجميل الذي يجب اعتقاده واعتماده، وفيه المجمل الذي يأخذ المحق والمبطل، وهذان قريبان، وفيــه منقـــولات ضعيفــة، ونقول عمــن لا يقتدى بهم في ذلك، فهذان مردودان، وفيه كلام حمله على معنى، وصاحبه لم يقصد نفس ما أراده هو، ثم إنه لم يذكر عنهم إلا كلمات قليلة لا تشفي في هذا الباب، وعنهم في هذا الباب من الصحيح الصريح الكبير ما هو شفاء للمقتدي بهم، الطالب لمعرفة أصولهم، وقد كتبتُ هنا نكتًا يُعرف بها الحال) (262).‏

د ـ تأكيده على اتباع منهج العدل، في قبول قول المخالفين وآثارهم ورواياتهم وردها، وذلك تصديقًا لقول معاذ بن جبل(263) رضي الله عنه : (اقبلوا الحق من كل من جاء به، وإن كان كافرًا -أو قال فاجرًا- واحذروا زيغة الحكيم، قالوا : كيف تعلــم أن الكافــر يقـول الحــق؟ قال : على الحق نور) (264)، وهو ما عبّر عنه ابن تيمية بقوله : (والله قد أمرنا ألا نقول إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني، فضلاً عن الرافضي، قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون مافيه من الحق) (265).‏

ووضّح شيخ الإسلام كيفية الاستفادة من هذا المنهج، في التعامل مـــع مـــرويــات المخالفين وآثارهــــم، ممثـــلاً لهــا بمــــا (جمعـــــه الشيــخ أبو عبــد الرحمن السلمي ونحوه في تاريخ أهل الصُّفَّة، وأخبار زهّاد السلف، وطبقات الصوفية، يُستفـــاد منه فوائـــد جليلــة، ويتجنب منه ما فيه من الروايات الباطلة، ويتوقف فيما فيه من الروايات الضعيفة، وهكذا كثير من أهل الروايات، ومن أهل الآراء والأذواق، من الفقهاء والزهاد والمتكلمين وغيرهم، يوجد فيما يأثرونه عمن قبلهم، وفيما يذكرونه معتقدين له، شيء كثير.. وأمر عظيم من الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسولَه، ويوجد أحيانًا عندهم من جنس الروايات الباطلة أو الضعيفة، ومن جنس الآراء والأذواق الفاسدة أو المحتملة شيء كثير، ومن له في الأمة لسان صدق عام، بحيث يُثنى عليه ويُحمد في جماهير أجناس الأمة، فهؤلاء هم أئمة الهدى ومصابيح الدجى، وغلطهم قليل بالنسبة إلى صوابهم، وعامته من موارد الاجتهاد التي يُعذرون فيها، وهم الذين يتبعون العدل والعلم، فهم بعداء عن الجهل والظلم، وعن اتباع الظن وما تهوى الأنفس) (266).‏

هـ ـ دفاعه عن بعض طوائف أهل الكلام(267)، وتفضيله لهم على من دونهم، لانتسابهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة، في ردهم على أهل البدع المشهورين بمخالفة السنة والجماعة، كالخوارج، مما يدل على إنصافه، قال رحمه الله : (ومعلوم باتفاق المسلمين أن مَن هو دون الأشعرية، كالمعتزلة والشيعة الذين يوجبون الإسلام ويحرمون ما وراءه، فهم خير من الفلاسفة الذين يسوّغون التدين بدين الإسلام واليهود والنصارى، فكيف بالطوائف المنتسبين إلى مذهب أهل السنة والجماعة كالأشعرية والكرامية والسالمية(268) وغيرهم؟ فإن هؤلاء مع إيجابهم دين الإسلام وتحريمهم ما خالفه، يردون على أهل البدع المشهورين بمخالفة السنة والجماعة، كالخوارج والشيعة والقدرية والجهمية، ولهم في تكفير هؤلاء نزاع وتفصيل، فمن جعل الفيلسوف الذي يبيح دين المشركين واليهود والنصارى، خير من اثنتين وسبعين فرقة فليس بمسلم، فكيف بمن جعله خيرًا من طوائف أهل الكلام المنتسبين إلى الذب عن أهل السنة والجماعة) (269).‏

و ـ ثناؤه على بعض علماء المسلمين ممن لهم قدم راسخة، واعتذاره عن خطئهم، من أمثال القاضي أبي بكر الباقلاني(270)، وأبي ذر الهروي(271)، وهما من علماء الأشاعرة : ‏

قال عن القاضي الباقلاني : (فيه من الفضائل العظيمة، والمحاسن الكثيرة، والرد على الزنادقة والملحدين وأهل البدع، حتى إنه لم يكن في المنتسبين إلى ابن كُلاّب والأشعري أجلَّ منه، ولا أحسن كتبًا وتصنيفًا، وبسببه انتشر هذا القول) (272).‏

وقال عن الهروي : (أبو ذر فيه من العلم والدين، والمعرفة بالحديث والسنة، وانتصابه لرواية البخاري(273)، عن شيوخه الثلاثة، وغير ذلك من المحاسن والفضائل، ما هو معروف به، وكان قد قدم بغداد من هراة، فأخذ طريقة ابن الباقلاني وحملها إلى الحرم، فتكلّم فيه وفي طريقته من تكلّم، كأبي نصر السجزي، وأبي القاسم سعد بن علي الزنجاني(274) وأمثالهما من أكابر أهل العلم والدين، بما ليس هذا موضعه، وهو ممن يرجح طريقة الضبعي(275)، والثقفي(276)، على طريقة ابن خزيمة(277) وأمثاله من أهل الحديث.. وأهل المغرب كانوا يحجون فيجتمعون به ويأخذون عنه الحديث وهذه الطريقة، ويدلهم على أصلها، فيرحل منهم من يرحل إلى المشرق، كما رحل أبو الوليد الباجي(278)، فأخذ طريقة أبي جعفر السمناني(279) الحنفي، صاحب القاضي أبي بكر(280)، ورحل بعده القاضي أبو بكر العربي، فأخذ طريقة أبي المعالي(281) في الإرشاد. ثم إنه ما من هؤلاء إلا مَن له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع، والانتصار لكثير من مسائل أهل السنة والدين، ما لا يخفى على مَن عرف أحوالهم، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف، لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة، وهم فضلاء عقلاء، احتاجوا طرده والتزام لوازمه، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك : منهم من يعظّمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخيار الأمور أوسطها، وهذا ليس مخصوصًا بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين، والله يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات، ويتجاوز لهم عن السيئات : (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) (الحشر : 10)، ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين، من جهة الرسول صلى الله عليه و سلم، وأخطأ في بعض ذلك، فالله يغفر له خطأه، تحقيقًا للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين، حيث قالوا : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (البقرة : 286)، ومن اتبع ظنَّه وهواه، فأخذ يشنع على من خالفه بما وقع فيه من خطأ ظنَّه صوابًا بَعْدَ اجتهاده -وهو من البدع المخالفة للسنة- فإنه يلزمه نظير ذلك أو أعظم أو أصغر فيمن يعظمه هو من أصحابه) (282).‏

ز ـ دقة تقويمه لكتابي قوت القلوب وإحياء علوم الدين، وإنصافه في إثبات ما لهما وما عليهما، في إجابته لمن سأله عنهما، قال رحمه الله تعالى : (أما كتاب قوت القلوب، وكتاب الإحياء تبع له فيما يذكره من أعمال القلوب : مثل الصبر والشكر والحب والتوكل والتوحيد ونحو ذلك، وأبو طالب(283) أعلم بالحديث والأثر، وكلام أهل علوم القلوب من الصوفية وغيرهم، من أبي حامد الغزالي(284)، وكلامه أسدُّ وأجود تحقيقًا، وأبعد عن البدعة، مع أن في قوت القلوب أحاديث ضعيفة وموضوعة وأشياء كثيرة مردودة، وأما ما في الإحياء من الكلام في المهلكات، مثل الكلام على الكِبْر والعُجب والرياء والحسد ونحو ذلك، فغالبه منقول من كلام الحارث المحاسبي في الرعاية، ومنه ما هو مقبول، ومنه ما هو مردود، ومنه ما هو متنازع فيه، والإحياء فيه فوائد كثيرة لكن فيه مواد مذمومة، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة، تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد، فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدوًا للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين، وقد أنكر أئمة الدين على أبي حامد الغزالي هذا في كتبه(285)، وقالوا : مرضه الشفاء، يعني شفاء ابن سينا(286) في الفلسفة، وفيه أحاديث وآثار ضعيفة، بل موضوعة كثيرة، وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وتُرَّهَاتِهم، وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية، العارفين المستقيمين، في أعمال القلوب، الموافق للكتاب والسنة، ومن غير ذلك من العبادات والأدب، ما هو موافق للكتاب والسنة، ما هو أكثر مما يرد منه، فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس وتنازعوا فيه) (287).‏






التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2011-07-12, 14:52 رقم المشاركة : 12
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل التاسع :
رعاية شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الأمر بالسنة والنهي عن البدعة، وتقديم الأهم فالأهم في ذلك

أكد شيخ الإسلام ابن تيمية على أهمية العمل بشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الأمر بالسنة والنهي عن البدعة، وحذّر من سوء النية والانتصار للهوى، لما يؤديان إليه من إبطال العمل، وإشاعة الفرقة، فقال : (والأمر بالسنة والنهي عن البدعة، هما أمر بمعروف ونهي عن منكر، وهو من أفضل الأعمال الصالحة، فيجب أن يبتغى به وجه الله، وأن يكون مطابقًا للأمر، وفي الحديث(288) من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فينبغي أن يكــون عالمًا بمــا يأمــر بـــه، عالمًا بما ينهى عنه، رفيقًا بما يأمر به، رفيقًا فيما ينهى عنه، حليمًا فيما يأمر به، حليمًا فيما ينهى عنه، فالعلم قبل الأمر، والرفق مع الأمر، والحلم مع الأمر، فإن لم يكن عالمًا لم يكن له أن يقفو ما ليس له به علم.. وإن كان عالمًا ولم يكن رفيقًا، كان كالطبيب الذي لا رفق فيه، فيغلظ على المريض فلا يقبل منه، وكالمؤدب الغليظ الذي لا يقبل منه الولد، وقد قال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام : ( فقولا له قولاً لينًا لعله يتذكر أو يخشى) (طه : 44).. ثم إذا أمر أو نهى، فلابد أن يُؤذى في العادة، فعليه أن يصبر ويحلم، كما قال تعالى : (أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) (لقمان : 17).. وقد أمر الله نبيه بالصبر على أذى المشركين في غير موضع، وهو إمام الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فإن الإنسان عليه أولاً أن يكون أمره لله، وقصده طاعة الله فيما أمر به، وهو يحب صلاح المأمور، أو إقامة الحجة عليه.. فإن فَعَلَ ذلك لطلب الرياسة لنفسه ولطائفته وتنقيص غيره، كان ذلك خطيئة لا يقبلها الله، وكذلك إذا فعل ذلك لطلب السمعة والرياء، كان عمله حابطًا، ثم إذا رُدّ عليه ذلك، أو أوذي، أو نسب إلى أنه مخطئ، وغرضه فاسد، طلبت نفسه الانتصار لنفسه، وأتاه الشيطان، فكان مبدأ عمله لله، ثم صار له هوى يطلب به أن ينتصر على من آذاه، وربما اعتدى على ذلك المؤذي، وهكذا يصيب أصحاب المقالات المختلفة، إذا كان كل منهم يعتقد أن الحق معه، وأنه على السنة، فإن أكثرهم قد صار لهم في ذلك هـــوى أن ينتصـــر جـاهــهـــم أو رياستــهــم، وما نُســـب إليــهــم، لا يقصدون أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله، بل يغضبون على مَن خالفهم، وإن كان مجتهدًا معذورًا لا يغضب الله عليه، ويرضون عمن كان يوافقهم، وإن كان جاهلاً سيء القصد، ليس له علم ولا حسن قصد، فيفضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله، ويذموا من لم يذمه الله ورسوله، وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم، لا على دين الله ورسوله) (289).‏

ودعا شيخ الإسلام ابن تيمية إلى سلامة النية، واتّباع الإحسان في مراتب الإنكار، مع جميع المبتدعة مهما غلظت بدعتهم، ومنهم الرافضة، لقصد الإصلاح، فيقول : (وهكذا الرد على أهل البدع من الرافضة وغيرهم، إن لم يقصد فيه بيان الحق، وهدي الخلق ورحمتهم والإحسان إليهم، لم يكن عمله صالحًا، وإذا غلظ في ذم بدعة ومعصية كان قصده بيان ما فيها من الفساد، ليحذرها العباد، كما في نصوص الوعيد وغيرها، وقد يهجر الرجل عقوبة وتعزيرًا، والمقصود بذلك ردعه، وردع أمثاله، للرحمة والإحسان لا للتشفي والانتقام... وهذا مبني على مسألتين : ‏

إحداهما أن الذنب لا يوجب كفر صاحبه، كما تقوله الخوارج، بل ولا تخليده في النار ومنع الشفاعة فيه، كما يقوله المعتزلة.‏

الثاني : أن المتأول الذي قصده متابعة الرسول، لا يُكفَّر ولا يُفسَّق إذا اجتهد فأخطأ، وهذا مشهور عند الناس في المسائل العملية، وأما مسائل الاعتقـــاد فكثيــر من الناس كفّروا المخطئين فيهــا، وهذا القــول لا يُعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا يُعرف عن أحد من أئمة المسلمين، وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع، الذين يبتدعون بدعة، ويكفّرون من خالفهم، كالخوارج والمعتزلة والجهمية) (290).‏

ولما كان الأمر بالسنة والنهي عن البدعة من الواجبات العملية، فإن الشيخ يؤكد على مراعاة الأدب في ذلك، واتباع ما يؤدي إلى إصلاح النفوس واستقامتها، من جهة الاقتداء والقبول، ودفع ما يؤول إلى مفسدة أعظم، وتقديم الأهم فالأهم، ومراعاة المصالح، وفي هذا الشأن يدعو فيقول : (عليك هنا بأدبين : ‏

أحدهما : أن يكون حرصك على التمسك بالسنة باطنًا وظاهرًا، في خاصتك وخاصة من يطيعك، واعرف المعروف وانكر المنكر.‏

والثاني : أن تدعو الناس إلى السنة بحسب الإمكان، فإذا رأيتَ مَن يعمل هذا ولا يتركه إلا إلى شر منه، فلا تدعو إلى ترك منكر بفعل ما هو أنكر منه، أو بترك واجب أو مندوب، تركه أضر من فعل ذلك المكروه، ولكن إذا كان في البدعة من الخير فعوّض عنه من الخير المشــــروع بحســـب الإمكـــان، إذ النفــوس لا تتـــرك شيئًا إلا بشــيء، ولا ينبغي لأحد أن يترك خيرًا إلا إلى مثله أو إلى خير منه).‏

ثم قال : (وكثير من المنكرين لبدع العبادات والعادات، تجدهم مقصرين في فعل السنن من ذلك أو الأمر به، ولعل حال كثير منهم يكون أسوأ من حال من يأتي بتلك العبادات المشتملة على نوع من الكراهة، بل الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه، فلا يُنهى عن منكر إلا ويُؤمر بمعروف يغني عنه، كما يُؤمر بعبادة الله سبحانه، ويُنهى عن عبادة ما سواه، إذ رأس الأمر شهادة أن لا إله إلا الله، والنفوس خُلقت لتعمل لا لتترك، وإنما الترك مقصود لغيره، فإن لم يشتغل بعمل صالح وإلا لم يترك العمل السيء أو الناقص، لكن لما كان في الأعمال السيئة ما يفسد عليها العمل الصالح، نُهيت عنه حفظًا للعمل الصالح) (291).‏

وينبه الشيخ إلى أن حقيقة العلم تظهر من الآمر والناهي، في تقديم الأهم فالأهم عند ازدحام المصالح والمفاسد، أو تركه النهي في حال إذا كان الانتقال سيكون إلى ما هو أشد شرًا وفسادًا، وهذا يقع في الأعمال المختلفة التي فيها خير وشر، ويضرب أمثلة عملية لهذا الفقه، فيقول : (فتعظيم المولد(292) واتخاذه موسمًا، قد يفعله بعض الناس ويكون فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه و سلم، كما قدمتُه لك أنه يَحْسُن من بعض الناس ما يُستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء : إنه أنفق على مصحف ألف دينار أو نحو ذلك، فقال : دعهم، فهذا أفضل ما أنفقوا فيه الذهب، أو كما قال. مع أن مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة، وقد تأول بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجويد الورق والخط، وليس مقصود أحمد هذا، وإنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة وفيه أيضًا مفسدة كُره لأجلها، فهـــؤلاء إن لم يفعلوا هــذا وإلا اعتاضــوا بفسـادٍ لا صلاح فيه، مثل أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور، من كتب الأسمار أو الأشعار، أو حكمة فارس والروم. فتفطّن لحقيقة الدين، وانظر ما اشتملت عليه الأفعال من المصالح الشرعية والمفاسد، بحيث تعرف ما مراتب المعروف ومراتب المنكر، حتى تقدم أهمها عند الازدحام، فإن هذا حقيقة العلم بما جاءت به الرسل) (293). ‏

ومن الوقائع العملية التي يُقدم فيها الأهم فالأهم، دفعًا لمفسدة أعظم، ما ذكره ابن القيم(294) في هذا الشأن، مستشهدًا بفقــه شيخـه ابن تيمية : (إذا رأيتَ أهل الفجور والفسوق يلعبون بالشطرنج كان إنكارك عليهم من عدم الفقه والبصيرة، إلا إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحب إلى الله ورسوله، كرمي النشاب وسباق الخيل ونحو ذلك.. وإذا رأيتَ الفسّاق قد اجتمعوا على لهو أو لعب أو سماع مُكاء وتصدية، فإن نقلتهم عنه إلى طاعة الله فهو المراد، وإلا كان تركهم على ذلك خيرًا من أن تفرغهم لما هو أعظم من ذلك، فكان ما هم فيه شاغلاً لهم عن ذلك.. وكما إذا كان الرجل مشتغلاً بكتب المجون ونحوها، وخِفْتَ من نقله عنها انتقاله إلى كتب البدع والضلال والسحر، فدعه وكُتُبَه الأولى، وهذا باب واسع، وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية، قدس الله روحه ونوّر ضريحه، يقول : مررتُ أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم مَن كان معي، فأنكرتُ عليه، وقلتُ له : إنما حرَّم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس، وسبي الذرية، وأخذ الأموال، فدعهم) (295).‏

ومن الوقائع التي تُراعى فيها المصالح، وتُدفع فيها المفاسد، أو تُقلل بحسب الإمكان، ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة الصلاة خلف مُظْهِر المنكر، إذا لم يمكن صرفه عن الإمامة (إلا بشر أعظم ضررًا من ضرر ما أظهره من المنكر، فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، ومطلوبها ترجيح خير الخيرين، إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعًا، ودفع شر الشرين، إذا لم يندفعا جميعًا، فإذا لم يمكن منع المظهر للبدعة والفجور إلا بضرر زائد على ضرر إمامته، لم يجز ذلك، بل يُصلى خلفه ما لا يمكن فعلها إلا خلفه، كالجُمَع والأعياد والجماعة، إذا لم يكن هناك إمام غيره، ولهذا كان الصحابة يُصلّون خلف الحجاج(296)، والمختار بن أبي عبيد الثقفي(297)، وغيرهما الجمعة والجماعة، فإن تفويت الجمعة والجماعة أعظم فسادًا من الاقتداء فيها بإمام فاجر، لا سيما إذا كان التخلف عنهما لا يدفع فجوره، فيبقى ترك المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة) (298).‏

ولما كان قَدْر الإنكار مراعى فيه المصلحة، فإنها قد تكون في استعمال القوة للقضاء على البدعة الغليظة، وإلى هذا وجّه شيخ الإسلام ابن تيمية في التعامل مع (أهل البدع والضلال، والكذب والجهل، وتبديل الدين وتغيير شريعة الرسل -وأنهم- أولى بأن يُجَاهَدوا باليد واللسان بحسب الإمكان، وأنهم فيما استحلوه من جهاد أهل العلم والسنة، من جنس الخوارج المارقين، بل هم شر من أولئك، فإن أولئك لم يكونوا يدعون إلى الشرك ومعصية الرسول، وظنهم أنهم ينصرونهم، ظن باطل لا ينفعهم) (299).‏

وعلى العموم، فإن الإنكار على أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، وبيان حالهم، وتحذير المسلمين من باطلهم، ودفع أذاهم، واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، لا يجوز التساهل فيه أو التقصير نحوه، لما يترتب على ذلك من فساد القلوب وفساد الدين، وفي هذا يقول شيخ الإسلام : (ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم، وتحذير الأمة منهم، واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف، أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال : إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع، فإنما هو للمسلين، هذا أفضل. فبيّن أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم، من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته، ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك، واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاءإذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعًا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء) (300






التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2011-07-12, 14:52 رقم المشاركة : 13
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل العاشر :
مشروعية عقوبة الداعي إلى البدعة بما يحقق الزجر والتأديب والمصلحة، لأن ضرره متعد إلى غيره، بخلاف المسر فإنه تُقبل علانيته، ويُوكل سره إلى الله تعالى ‏

بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية أن السلف والأئمة نهجوا منهج التفريق بين المبتدع الداعية وغير الداعية، في التعامل معهما، (فإن الدعاة إلى البدع لا تُقبل شهادتهم، ولا يُصلى خلفهم، ولا يؤخذ عنهم العلم، ولا يُناكَحون، فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا، ولهذا يفرّقون بين الداعية وغير الداعية، لأن الداعية أظهر المنكرات فاستحق العقوبة، بخــلاف الكــاتم فإنــه ليس شرًا مــن المنافقين الــذين كــان النبي صلى الله عليه و سلم يقبل علانيتهم، ويكِل سرائرهم إلى الله، مع علمه بحال كثير منهم، ولهذا جاء في الحديث : إن المعصيــة إذا خفيت لم تضـــر إلا صاحبها، ولكن إذا أُعلنت فلم تُنكر ضرت العامة، وذلك لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (إن الناس إذا رَأَوْا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه) (301).. فالمنكرات الظاهرة يجب إنكارها بخلاف الباطنة، فإن عقوبتها على صاحبها خاصة) (302).‏

وهذه العقوبة مقيدة بما إذا لم يكن الداعي متأولاً، وكانت بدعته غليظة، وأدت إلى كفِّه عن البدعة، وتنفير الناس منها.‏

وعلى العموم، (من قامت عليه الحجة استحق العقوبة، وإلا كانت أعماله البدعية المنهي عنها باطلة لا ثواب فيها، وكانت منقصة له خافضة له بحسب بُعده عن السنة، فإن هذا حكم أهل الضلال، وهو البعد عن الصراط المستقيم، وما يستحقه أهله من الكرامة، ثم مَن قامت عليه الحجة استحق العقوبة، وإلا كان بعده ونقصه وانخفاض درجته، وما يلحقه في الدنيا والآخرة، من انخفاض منزلته وسقوط حرمته وانحطاط درجته هو جزاؤه، والله حكم عدل لا يظلم مثقال ذرة، وهو عليم حكيم لطيف لما يشاء، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا : (له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه تُرجعون) (القصص : 70)) (303).‏

ولما كانت الغاية من عقوبة المبتدع الداعية كفّه عن بدعته وزجره، وابتعاد العامة عن متابعته، تنوعت العقوبة بما يحقق ذلك ويرعى المصلحة، فإنه قد يعاقب أحيانًا بالذم، وذكر ما فيه من فجور ومعصية، لينكشف حاله للناس. ويعلل شيخ الإسلام مشروعية هذه العقوبة فيقول : (لهذا لم يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة، كما روي ذلك عن الحسن البصري(304) وغيره، لأنه لما أعلن ذلك استحق عقوبة المسلمين له، وأدنى ذلك أن يُذم عليه لينزجر، ويكف الناس عنه وعن مخالطته، ولو لم يُذم ويُذكَّر بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغتر به الناس، وربما حمل بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه، ويزداد أيضًا هو جرأة وفجورًا ومعاصي، فإذا ذُكِّر بما فيه انكفّ، وانكف غيره عن ذلك، وعن صحبته ومخالطته) (305).‏

وقد تقتضي المصلحة إيقاع عقوبة أشد على الداعية المبتدع، متى دعا إلى مفسدة عظيمة، وواجه الحق الظاهر، فيُعاقب بالهجر أو التعزير أو القتل، إذا كان لا يرتدع إلا بإحداها، وإلى هذا أشار ابن تيمية في قوله : (فإن الحق إذا كان ظاهرًا قد عرفه المسلمون، وأراد بعض المبتدعة أن يدعو إلى بدعته، فإنه يجب منعه من ذلك، فإذا هُجِر وعُزِّر، كما فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بصَبِيغ(306) بن عِسْل التميمي(307)، وكما كان المسلمون يفعلونه، أو قُتل كما قَتَل المسلمون الجَعْد بن درهم(308)، وغيلان القدري(309) وغيرهما، كان ذلك هو المصلحة، بخلاف ما إذا ترك داعيًا، وهو لا يقبل الحق إما لهواه وإما لفساد إدراكه، فإنه ليس في مخاطبته إلا مفسدة، وضرر عليه وعلى المسلمين... والمقصود أن الحق إذا ظهر وعرف، وكان مقصود الداعي إلى البدعة إضرار الناس، قوبل بالعقوبة) (310).‏

وبيّن شيخ الإسلام أن (الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه، ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة، بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته، كان مشروعًا، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته، لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهَجر، والهَجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبي صلى الله عليه و سلم يتألف قومًا ويهجر آخرين، كما أن الثلاثة الذين خُلِّفوا، كانوا خيرًا من أكثر المؤلفة قلوبهم، لما كان أولئك سادة مطاعين في عشائرهم، فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، والمؤمنون سواهم كثير، فكان في هجرهم عز الدين وتطهيرهم من ذنوبهم، وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة، والمهادنة تارة، وأخذ الجزية تارة، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح) (311). على أنه ينبغي أن يعلم أن الهجر عقوبة لدفع ضرر ناشئ عن بدعة غليظة أو معصية كبيرة، فلا يُهجر من كان مستترًا على معصية صغيرة، أو مسرًا لبدعة غير مكفرة(312)، أو من كانت بدعته فيما يسوغ فيه الاجتهاد من المسائل الدقيقة، وقد أشار شيخ الإسلام إلى بعض هذه المسائل عند جوابه على مسألة رؤية الكفار ربهم في عَرَصات يوم القيامة، فقال : (ليست هذه المسألة فيما علمت مما يوجب المهاجرة والمقاطعة، فإن الذين تكلموا فيها قَبْلَنا عامتهم أهل سنة واتباع، وقد اختلف فيها من لم يتهاجروا ويتقاطعوا، كما اختلف الصحابة رضي الله عنهم، والناس بعدهم، في رؤية النبي صلى الله عليه و سلم ربه في الدنيا، وقالوا فيها كلمات غليظة، كقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : (مَن زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية) (313)، ومع هذا فمـــا أوجب هـــذا النــزاع تهاجرًا ولا تقاطعًا.. وكذلك ناظر الإمام أحمد أقوامًا من أهل السنة، في مسألة الشهادة للعشرة بالجنة، حتى آلت المناظرة إلى ارتفاع الأصوات، وكان أحمد وغيره يرون الشهادة، ولم يهجروا من امتنع من الشهادة، إلى مسائل نظير هذه كثيرة) (314).. ومسائل الأحكام العملية أكثر، بل الخلاف فيها أشهر، ولم يتهاجر أئمة المسلمين في الفقه بسببها ولم يتقاطعوا، وقد خطَّأ شيخ الإسلام الذين فهموا أن الهجر عام في جميع الأحوال، والذين أعرضوا عنه بالكلية، فقال : (إن أقوامًا جعلوا ذلك عامًا، فاستعملوا من الهجـــر والإنكــار ما لم يؤمــروا بـه، فلا يجب ولا يستحب، وربما تركوا به واجبات أو مستحبات، وفعلوا به محرمات، وآخرون أعرضوا عن ذلك بالكلية فلم يهجروا ما أمروا بهجره من السيئات البدعية، بل تركوها ترك المعرض لا ترك المنتهي الكاره، أو وقعوا فيها، وقد يتركونها ترك المنتهي الكاره، ولا ينهون عنها غيرهم، ولا يعاقبون بالهجرة ونحوها من يستحق العقوبة عليها، فيكونون قد ضيّعوا من النهي عن المنكر ما أمروا به إيجابًا أو استحبابًا، فهم بين فعل المنكر أو ترك المنهي عنه، وذلك فعل ما نهوا عنه، وترك ما أمروا به، فهذا هذا، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه) (315).‏

ويقرر شيخ الإسلام أن القتل عقوبة تعزيرية، ذهب إليها الإمام مالك(316)، وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهم(317)، تشرع في حق (الداعية إلى مذهبه ونحو ذلك ممن فيه فساد، فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (أينما لقيتموهم فاقتلوهم) (318)، وقال : (لئن أدركتُهم لأقتلنهم قتل عاد) (319).. وقال عمر رضي الله عنه لصبيغ بن عِسْل : (لو وجدتك محلوقًا لضربتُ الذي فيــه عينــاك) (320).. ولأن علي بن أبي طـالب رضي الله عنه طلب أن يقتل عبد الله بن سبأ(321)، أول الرافضة، حتى هرب منه، ولأن هؤلاء من أعظم المفسدين في الأرض، فإذا لم يندفع فسادهم إلا بالقتل قُتلوا، ولا يجب قتل كل واحد منهم إذا لم يظهر هذا القول، أو كان في قتله مفسدة راجحة، ولهذا ترك النبي صلى الله عليه و سلم قتل ذلك الخارجي ابتداءً، لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه، ولم يكن إذ ذاك فيه فساد عام، ولهذا ترك عليٌّ قتلهم أول ما ظهروا، لأنهم كانوا خلقًا كثيرًا، وكانوا داخلين في الطاعة والجماعــة ظاهــرًا، لم يحاربوا أهل الجماعة، ولم يكن يتبين له أنهم هم) (322).‏

وعقوبة القتل لا تدل على ردة صاحبها، فهو إنما (يقتل لكف ضرره عن الناس، كما يقتل المحارب وإن لم يكن في نفس الأمر كافرًا، فليس كل من أمر بقتله يكون قتله لردته، وعلى هذا قتل غيلان القدري وغيره، قد يكون على هذا الوجه) (323)، وتتم هذه العقوبة بعد اليأس من صلاح الداعي إلى البدعة، وإقامة الحجة عليه، كما فعل المسلمون مع غيلان، فإنهم (ناظروه وبيّنوا له الحق، كما فعل عمــــر ابن عبد العزيز(324) رضي الله عنه، واستتابه ثم نكث التوبة بعد ذلك فقتلوه، وكذلك علي رضي الله عنه، بعث ابن عباس رضي الله عنهما، إلى الخوارج فناظرهم، ثم رجع نصفهم، ثم قاتل الباقين) (325).‏

كذلك فإن عقوبة الداعي، بأي نوع من العقوبات الزاجرة له ليست دليلاً على ما يلي : ‏

أ ـ استحقاقه للإثم، فإنه قد يكون المعاقَب معذورًا، وفي هذا يقول شيخ الإسلام : (يعاقب من دعا إلى بدعة تضر الناس في دينهم، وإن كان قد يكون معذورًا فيها في نفس الأمر، لاجتهاد أو تقليد) (326).‏

ب ـ سلب العدالة منه، فإنه قد يكون المعاقَب عدلاً أو رجلاً صالحًا، (ومن هذا هجر الإمام أحمد الذين أجابوا في المحنة -أي محنة القول بخلق القرآن- قبل القيد، ولمن تاب بعد الإجابة، ولمن فعل بدعة ما، مع أن فيهم أئمة الحديث والفقه والتصوف والعبادة، فإن هجره لهم والمسلمون معه، لا يمنع معرفة قدر فضلهم، كما أن الثلاثة الذين خُلِّفوا، لما أمر النبي صلى الله عليه و سلم المسلمين بهجرهم، لم يمنع ذلك ما كان لهم من السوابق، حتى قد قيل : إن اثنين منهما شهدا بدرًا، وقد قال : (كأن الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم) (327)… فإن عقوبة الدنيا المشروعة من الهجران إلى القتل، لا يمنع أن يكون المعاقب عدلاً أو رجلاً صالحًا) (328). ‏

أما غير الداعية ممن وقع في معصية أو بدعة، فإن حكمه حكم غيره من المسلمين، ولا أدل على ذلك مما وقع بين السلف من الصحابة والتابعين من اقتتال في الـجَمَل وصِفِّين، فإنهم كانوا (يوالي بعضهم بعضًا موالاة الدين، لا يعادون كمعاداة الكفار، فيقبل بعضهم شهادة بعض، ويأخذ بعضهم العلم عن بعض، ويتوارثون ويتناكحون ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض، مع ما كان بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك) (329).‏






التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2011-07-12, 14:53 رقم المشاركة : 14
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل الحادي عشر :
صحة الصلاة خلف المبتدع إذا لم يمكن الصلاة خلف المتبع، وإذا أمكن ذلك فالمسألة محل خلاف بين أهل العلم ‏

فَصَّل شيخ الإسلام في هذه المسألة على ما يلي : ‏

‏1 ـ (يجوز للرجل أن يصلي الصلوات الخمس والجمعة وغير ذلك، خلف مَن لم يعلم منه بدعة ولا فسقًا، باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم(330) من أئمة المسلمين، وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه، ولا أن يمتحنه، فيقول : ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف مستور الحال) (331).‏

‏2 ـ (لو علم المأموم أن الإمام مبتدع يدعو إلى بدعته، أو ظاهر الفسق، وهو الإمام الراتب الذي لا تمكن الصلاة إلا خلفه، كإمام الجمعة والعيدين، والإمام في صلاة الحج بعرفة، ونحو ذلك، فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف، وهو مذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة(332) وغيرهم) (333)، لأن (الصلاة في جماعة خير من صلاة الرجـــل وحـــده، وإن كـــان الإمـــام فاسقًا... والصحيـــح أن يصليهــا ولا يعيدها، فإن الصحابة رضي الله عنهم، كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون، كما كان ابن عمر يصلي خلــف الحجــــاج(334)، وابن مسعــــود وغيـــره يصـلـــون خلف الوليـــد ابن عقبة(335)، وكان يشرب الخمر، حتى إنه صلى بهم مرة الصبح أربعًا، ثم قال : أزيدكم؟ فقال ابن مسعود : مازلنا معك منذ اليوم في زيادة، ولهذا رفعوه إلى عثمان(336)، وفي صحيح البخاري أن عثمان رضي الله عنه، لما حصر صلى بالناس شخص، فسأل سائل عثمان، فقال : إنك إمام عامة، وهذا الذي يصلي بالناس إمام فتنة، فقال : يا ابن أخي، إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم(337)) (338).‏

ومن كره الصلاة خلف الإمام الراتب المبتدع، فإنما كره لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، والأصل أن من أظهر بدعة أو فجورًا لا يرتب إمامًا للمسلمين، وترك الصلاة خلفه يكون مشروعًا إذا حقق مصلحة، مثل أن يُؤثِّر هذا في توبته أو عزله، أو انتهاء الناس عن مثل ذنبه، ولم يفت المأموم التارك جمعة ولا جماعة، فمن فوّت ذلك من أجل البدعة، كان مبتدعًا مخالفًا للصحابة(339) رضي الله عنهم.‏

‏3 ـ (تنازع العلماء في الإمام إذا كان فاسقًا أو مبتدعًا، وأمكن أن يصلى خلف عدل، فقيل : تصح الصلاة خلفه وإن كان فاسقًا، وهذا مذهب الشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين، وأبي حنيفة(340)، و قيل لا تصح خلف الفاسق إذا أمكن الصلاة خلف العدل، وهو إحدى الروايتين عن مالك وأحمد(341)) (342).‏

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا التفصيل (إنما هو في البدعة التي يعلم أنها تخالف الكتاب والسنة، مثل بدع الرافضة والجهمية ونحوهم، فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس، مثل مسألة الحرف والصوت -في صفة الكلام- ونحوها، فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعًا، وكلاهما جاهل متأول، فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولى من العكس، فأما إذا ظهرت السنة وعلمت، فخالفها واحد، فهذا هو الذي فيه النزاع) (343).‏






التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2011-07-12, 14:53 رقم المشاركة : 15
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل الثاني عشر :
قبول توبة الداعي إلى البدعة ‏

يذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن البدعة مهما غلظت، ذنب من الـذنــوب، ومــا مــن ذنب إلا ويغفـــره الله تعـالـى، مستــدلاً بقولـه تعالـى : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا) (الزمر : 53)، قائلاً : هي (آية عظيمة جامعة، من أعظم الآيات نفعًا، وفيها رد على طوائف، رد على من يقول : إن الداعي إلى البدعة لا تقبل توبته، ويحتجون بحديث إسرائيلي، فيه (أنه قيل لذلك الداعية : فكيف بمن أضللت) (344)، وهذا يقوله طائفة ممن ينتسب إلى السنة والحديث، وليسوا من العلماء بذلك، كأبي علي الأهوازي(345) وأمثاله، ممن لا يميزون بين الأحاديث الصحيحة والموضوعة، وما يحتج به وما لا يحتـــج به، بل يـروون كل ما في الباب محتجين به، وقد حكى هذا طائفةٌ قولاً في مذهب أحمد أو رواية عنه، وظاهر مذهبه مع مذاهب سائر أئمة المسلمين، أنه تُقبل توبته كما تُقبل توبة الداعي إلى الكفر، وتوبة من فتن الناس عن دينهم، وقد تاب قادة الأحزاب، مثل أبي سفيان بن حرب(345)، والحارث بن هشام(346)، وسُهيل بن عمرو(347)، وصفوان بن أمية(348)، وعكرمة بن أبي جهل(349)، وغيرهم بعد أن قُتل على الكفر بدعائهم من قُتل، وكانوا من أحسن الناس إسلامًا، وغفر الله لهم، قال تعالــى : (قل للذين كفروا إن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف) (الأنفال : 38).. وعمرو بن العاص(350) كان من أعظم الدعاة إلى الكفر والإيذاء للمسلمين، وقد قال له النبي صلى الله عليه و سلم لما أسلم : (يا عمرو، أما علمت أن الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله؟) (351)) (352 ).. ومن البدع الغليظة التي نص شيخ الإسلام ابن تيمية على قبول توبة التائب منها، بدعة سب الصحابة(253) رضي الله عنهم، وبدعة الاتحادية ووحدة الوجود(254).‏

وقد بيّن شيخ الإسلام رحمه الله غلط مَن ذهب إلى أن توبة الداعي إلى البدعة لا تُقبل، من جهة الدليل من الكتاب والسنة، فإن الله بيّن في كتابه أنه يتوب على أئمة الكفر، الذين أهم أعظم من أئمــة البــدع، فـقال تعالــى : (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق) (البروج : 10). قال الحسن : (انظروا إلى هذا الكلام، عذّبوا أولياءه وفتنوهم، ثم هو يدعوهم إلى التوبة) (255). وقال تعالى عن المشركين : (فإذا انسلخ الأشهر الحُرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم ) (التــوبــــة : 5).. وقال تعالى : (قد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) (المائدة : 73-74).. وأما السنة فإنها دلت على قبول توبة القاتل، كما في حديث (الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل هل له من توبة، فدُلّ على رجل عالم، فقال : نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة) (256).. والقتل من الذنوب الكبيرة، ثم إنه ليس في الكتـاب والسنــة ما ينـافـي ذلك ولا نصوص الوعيد، بل علم يقينًا أن كل ذنب فيه وعيد، فإن لحوق الوعيد به مشروط بعدم التوبة، إذ نصوص التوبة مبينة لتلك النصوص، كالوعيد في الشرك وأكل الربا(257).‏

ووجّه رحمه الله أقوال القائلين بعدم قبول توبة الداعي إلى البدعة بما يلي : ‏

أ ـ مَن قال : توبة الداعي غير مقبولة، فيعني : أن التوبة المجردة تُسْقط حق الله في العقاب، دون حق المظلومين(258).‏

ب ـ ومَن قال : البدعة لا يُتاب منها، فيقصد بذلك : (أن المبتدع الذي يتخذ دينًا لم يشرعه الله ولا رسـوله، قد زُين له ســوء عملـه فـرآه حسنًا، فهـو لا يتوب مادام يراه حسنًا، لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه، أو بأنه ترك حسنًا مأمورًا به أمر إيجاب أو استحباب، ليتوب ويفعله، فمادام يرى فعله حسنًا، وهو سيء في نفس الأمر، فإنه لايتوب) (259).‏

جـ ـ ومَن قال : إن الله حجر التوبة على كل صاحب بدعة، فإنه يقصد : إنه (لا يتوب منها، لأنه يحسب أنه على هدى، ولو تاب لتاب عليه، كما يتوب على الكافر) (260).‏

وهكذا فما ورد مما يدل على عدم قبول التوبة، فمحمول على تلك المعاني، أو أن قائلي تلك الأقوال قالوها على وجه التغليظ على أهل البدع، لتنفير الناس من البدع، وذلك لقوة دليل من يقول بقبول التوبة.‏


--------------------------------------------------------------------------------

كتاب ( أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية)

رحم الله شيخ الإسلام كم أنصف غيره ، ولم ينصفه غيره






التوقيع






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسوأ , المبتدعة , اليكم , الإسلام , ابو , تيمية , شيخ , على , غنى


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 09:39 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd