الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2011-07-12, 14:49 رقم المشاركة : 6
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل الثالث :
عذر المبتدع لا يقتضي إقراره على ما أظهره من بدعة، ولا إباحة اتِّباعه، بل يجب الإنكار عليه فيما يسوغ إنكاره، مع مراعاة الأدب في ذلك ‏

يرى ابن تيمية أن المجتهد المبتدع لا يُقر على إظهار البدعة والدعوة إليها(140)، متى تبينت مخالفتها للكتاب والسنة، بل لا يجوز متابعته فيها، (نعم، قد يكون متأولاً (141) في هذا الشرع، أي الذي ابتدعه، فيُغفر له لأجل تأويله، إذا كان مجتهدًا الاجتهاد الذي يُعفى معه عن المخطئ، ويُثاب أيضًا على اجتهاده، لكن لا يجوز اتباعه في ذلك، كما لا يجوز اتباع سائر مَن قال أو عمل عملاً قد عُلم الصواب في خلافه، وإن كان القائل أو الفاعل مأجورًا أو معذورًا، وقد قال سبحانه وتعالى : (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) (التوبة : 31)، قال عـدي بن حاتم(142) للنبي صلى الله عليه و سلم : (يـا رسـول الله! ما عبـــدوهم. قـــال : (ما عبدوهم، ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم، وحرّموا عليهم الحلال فأطاعوهم) (143) فمن أطاع أحدًا في دين لم يأذن به الله، في تحليل أو تحريم أو استحباب أو إيجاب، فقد لحقه من هذا الذم نصيب) (144).‏

ويؤكد رحمه الله، أنه لا يكون معذورًا من اتبع مخالفًا لأمر الله ورسوله صلى الله عليه و سلم مما هو ظاهر بيِّن، فيقول : (والذي يصدر عنه أمثال هذه الأمور(145) -أي المخالفة- إن كان معذورًا بقصور في اجتهاده، أو غيبة في عقله، فليس مَن اتبعه بمعذور، مع وضوح الحق والسبيل، وإن كانت سيئته مغفورة، لما اقترن بها من حُسنِ قصدٍ، وعملٍ صالحٍ، فيجب بيان المحمود والمذموم، لئلا يكون لبسًا للحق والباطل) (146).‏

وبيّن متى تجب المتابعة في الأمور الشرعية، ومتى تمتنع، وأحوال المجتهدين معها، فقال : إن (الأمور -الشرعية- تُعطى حقها من الكتاب والسنة، فما جاء به الكتاب والسنة من الخبر والأمر والنهي وجب اتباعه، ولم يُلْتَفت إلى مَن خالفه كائنًا مَن كان، ولم يجز اتباع أحد في خلاف ذلك كائنًا مَن كان، كما دل عليه الكتاب والسنة(147) وإجماع الأمة، من اتباع الرسول وطاعته... فإن كل أحد من الناس قد يؤخذ من قوله وأفعاله ويُترك إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم، وما من الأئمة إلا من له أقوال وأفعال -تَبَيَّنَ مخالفتها للكتاب والسنة- فهو لا يتبع عليها، مع أنه لا يُذم عليها) (148).‏

أما ما (لم يُعلم قطعًا مخالفتها للكتاب والسنة، بل هي من موارد الاجتهاد، التي تنازع فيها أهل العلم والإيمان، فهذه الأمور قد تكون قطعية عند بعض من بيّن الله له الحق فيها، لكنه لا يمكنه أن يُلزم الناس بما بان له ولم يبن لهم... وقد تكون اجتهادية عنده أيضًا، فهذه تسلم لكل مجتهد ومن قلده... بحيث لا ينكر ذلك عليهم) (149)، وأما الذي لا يسلم إليه حاله فهو آتي المحرمات وتارك الواجبات، من غير تأويل سائغ أو عــذر مشـــروع، فإنــه يجب الإنكــار عليه بحسب ما جاءت به الشريعة، من اليد واللسان والقلب(150)، ويلحق به كل من أظهر مقالة تُخالف الكتاب والسنة، فإنهــا من المنكــر الذي أمر الله بالنهــي عنـــه(151) في قولـه تعالـى : (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (آل عمران : 104).. أما مَن اشتبه أمره فيُتوقف معه، فإن الإمام أن يخطئ في العفو، خير من أن يخطئ في العقوبة (152).‏

وإذا كان الاجتهاد يغفر للعالم خطأه، فإن هذا يقتضي التأدب معه، ومراعاة حقه عند إنكار ما أظهره من بدعة وبيان مخالفته للسنة، وفي هذا يقول رحمه الله : (وإن كان المخطئ المجتهد مغفورًا له خطؤه، وهو مأجور على اجتهاده، فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب، وإن كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله، ومن علم منه الاجتهاد السائغ، فلا يجوز أن يُذكر على وجه الذم والتأثيم له، فإن الله غفر له خطأه، بل يجب لما فيه من الإيمان والتقوى موالاته ومحبته، والقيام بما أوجب الله له من حقوقه، من ثناء ودعاء وغير ذلك) (153).‏






التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2011-07-12, 14:50 رقم المشاركة : 7
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل الرابع :
عدم الحكم على من وقع في بدعة أنه من أهل الأهواء والبـدع، ولا معاداته بسببها، إلا إذا كانت البدعة مشتهرة مغلظة عند أهل العلم بالسنة ‏

بيّن ابن تيمية أن (البدعة التي يعد بها الرجل من أهـل الأهواء، ما اشتهر عند أهل العلم مخالفتها للكتاب والسنة، كبدعة الخوارج والروافض والقدرية(154) والمرجئة) (155).. وغلظت أقوال أصحابها فيها حتى أخرجتهم من عداد أهل السنة، وفي هذا يقول عند عرضه لأقوال هؤلاء انتهاءً ببدعة المرجئة : (أما المرجئة فليسوا من هذه البدع المعظلة(156)، بل قد دخل في قولهم طوائــف من أهل الفقــه والعبــادة، وما كانوا يعدون إلا من أهل السنة، حتى تغلظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلظة) (157)، ويلحق بهؤلاء، بل هم أشد بدعة، (الحجاج إلى القبور، والمتخذون لها أوثانًا ومساجد وأعيادًا، فهؤلاء لم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم منهم طائفة تُعرف، ولا كان في الإسلام قبر ولا مشهد يُحج إليه، بل هذا إنما ظهر بعد القرون الثلاثة.. والبدعة كلما كانت أظهر مخالفة للرسول صلى الله عليه و سلم يتأخر ظهورها، وإنما يحدث أولاً ما كان أخفى مخالفة للكتاب والسنة، كبدعة الخوارج) (158)، وهكذا فإن غلظ البدعة ليس مقصورًا على بدع القرون الأولى، فإن بدع الشرك ظهرت بعد ذلك، وهي أشد وأغلظ وأعظم خطرًا.‏

ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن الذين يعدون من أهل الأهواء والبدع، هم من اتصفوا بما يلي : ‏

أ ـ أنهم يجعلون ما ابتدعوه، قولاً يفارقون به جماعة المسلمين، يوالون عليه ويعادون(159).‏

ب ـ أنهم ينازعون فيما تواترت به السنة(160).‏

وبهذا يتميز أهل السنة عن أهل البدعة، فإن الذين وقعوا في البدعة (إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولاً يفارقون به جماعة المسلمين، يوالون عليه ويعادون، كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك، ولهذا وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمة وأئمتهـــا، لهــم مقــالات قالـوها باجتهــاد، وهي تخــالف ما ثبت في الكتاب والسنة، بخلاف من والى مُوَافِقَهُ، وعادى مُخَالِفَهُ، وفرّق بين جماعة المسلمين، وكفّر وفسّق مُخَالِفَه دون مُوَافِقَه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات) (161).‏

وكذلك فإن أئمة المسلمين متفقون على تبديع مَن خالف في الأمور المعلومة بالاضطرار، عند أهل العلم بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم كالأحاديث المتواترة عندهم في شفاعته وحوضه، وخروج أهل الكبائر من النار، والأحاديث المتواترة عندهم في الصفات والقَدَر والعلو والرؤية، وغير ذلك من الأصول التي اتفق عليها أهل العلم بسنته، كما تواترت عندهم عنه، بخــلاف من نــازع في مســائل الاجتهــاد، التي لم تبلغ هذا المبلغ في تواتر السنن عنه، كالتنازع بينهم في الحكم بشاهد ويمين، وفي القَسَامة والقُرْعَة وغير ذلك(162).‏

فمن كانت بدعته غليظة، ظاهرة المخالفة للسنة عند أهل العلم، وجبت عداوته بقدر بدعته، بل يرى شيخ الإسلام عقوبة مَن والاه، فيقول في معرض رده على الاتحادية، وينتظم معهم مَن كان مثلهم : (ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذبّ عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظّم كتبهم، أو عُرِف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدري ما هو؟ أو مَن قال إنه صنف هذا الكتاب؟ وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات، لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خَلْقٍ من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادًا، ويصدون عن سبيل الله) (163).‏

أما ما كان دون ذلك من المسائل التي وقع فيها خلاف، فإنه لا يستوجب الفرقة والمعاداة، والحكم على المخالف من أهل البدعة والهوى، فقد ذكر ابن تيمية أن من مسائل الاعتقاد التي وقع فيها خلاف بين أهل السنة والاتباع، مسألة رؤية الكفار ربهم في الآخرة، فجمهور أهل السنة يرون أن الكفار محجوبون عنها على الإطلاق، ومن العلماء مَن يرى أنه يراه مَنْ أَظْهَرَ التوحيدَ من منافقي هذه الأمة والكفار، في عَرَصات يوم القيامة، ثم يحتجب عنهم(164) عقوبة لهم.‏

لكــن أمـــــام هــــذه المســألـة، وغيـــرها من مثيــلاتــها، تجب مراعــاة الآداب التالية : ‏

أ ـ (أن مَن سكت عن الكلام في هذه المسألة، ولم يدع إلى شيء، فإنه لا يحل هجره، وإن كان يعتقد أحد الطرفين، فإن البدع التي هي أعظم منها، لا يُهجر فيها إلا الداعية دون الساكت، فهذه أولى.‏

ب ـ أنه لا ينبغي لأهل العلم أن يجعلوا هذه المسألة محنة وشعارًا، يفضلون بها بين إخوانهم وأضدادهم، فإن مثل هذا مما يكرهه الله ورسوله صلى الله عليه و سلم.‏

جـ ـ وكذلك لا يفاتحوا فيها عوام المسلمين، الذين هم في عافية وسلام عن الفتن، ولكن إذا سئل الرجل عنها، أو رأى من هو أهل لتعريفه ذلك، ألقى إليه مما عنده من العلم ما يرجو النفع به، بخلاف الإيمان بأن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة، فإن الإيمان بذلك فرض واجب، لما قد تواتر فيها عن النبي صلى الله عليه و سلم، وصحابته وسلف الأمة) (165).‏






التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2011-07-12, 14:50 رقم المشاركة : 8
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل الخامس :
لا يحكم بالهلاك جزمًا على أحد خالف في الاعتقاد أو غيره، ولا على طائفة معينة بأنها من الفرق الضالة الثنتين والسبعين، إلا إذا كانت المخالفة غليظة ‏

لا ريب أن نجاة الأفــراد والجماعـــات تكــون في السيــر على مثـل مـا ســـار عليــه رســول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابـــه رضــي الله عنهــم، لقـــول رســول الله صلى الله عليه و سلم : (تَفترقُ أُمَّتِي على ثلاثٍ وسبعين فرقةً : اثنتان وسبعون في النار، وواحدةٌ في الجنة، وهي مَن كان على مِثْلِ ما أنا عليه اليوم وأصحابي) (166)، هذه هي الفرقة الناجية.. فما مصير مَن خالف اعتقادها؟ وهل يعد من الاثنتين والسبعين فرقــة التي أشــار إليهـا الحديث؟‏

يبين ابن تيمية أنه (ليس كل مَن خالف في شيء مِن هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكًا، فإن المنازع قد يكون مجتهدًا مخطئًا يغفر الله خطأه، وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته.. وإذا كانت ألفاظ الوعيـــد المتناولــة له، لا يجــب أن يدخــل فيهــــا المتـــأول والقـــانـت وذو الحسنات الماحية والمغفور له وغير ذلك، فهذا أولى، بل موجب هذا الكلام أن من اعتقد ذلك نجا في هذا الاعتقاد، ومن اعتقد ضده فقد يكون ناجيًا، وقد لا يكون ناجيًا، كما يقال : مَن صمت نجا) (167)، فليس كل من تكلّم هلك.‏

كما يوضح ابن تيمية أنه لا يُحكم على طائفة معينة بأنها من الفرق الضالة الاثنتين والسبعين التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث، وأنه لا سبيل إلى الجزم بأنها واحدة منها، لأن (الجزم بأن هذه الفرقة الموصوفة هي إحدى الثنتين والسبعين لابد له من دليل، فإن الله حرّم القول بلا علم عمومًا، وحرّم القول عليه بلا علم خصوصًا) (168)، قال تعالى : (قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا) (الأعراف : 33).‏

وقــال تعــــالى : (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيبًا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) (البقرة : 168-169). وقـــال تعالى : (ولا تقف ما ليس لك به علم ) (الإسراء : 36).‏

نعم ورد تعيين بعض الفرق عن إمامين من أهل السنة همــا : يوسف بن أسباط(169)، وعبد الله بن المبارك(170)، أنهما قالا : أصول البدع أربعة : الروافض والخوارج والقدرية والمرجئة، فقيل لابن المبارك : والجهمية، فأجاب : بأن أولئك ليسوا من أمة محمد صلى الله عليه و سلم، وكان يقول : إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية.. وهذا الذي قاله، اتبعه عليه طائفة من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم، قالوا : إن الجهمية كفار، فلا يدخلون في الاثنتين والسبعين فرقة، كما لا يدخل فيهم المنافقون الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام وهم الزنادقة(171).‏

وروى المسيب بن واضح(172) أنه قال : (أتيت يوسف بن أسباط، فقلتُ : يا أبا محمد! إنك بقية ممن مضى من العلماء، وأنت حجة على من لقيت، وأنت إمام سنة، ولم آتك أسمع منك الأحاديث، ولكن أتيتك أسألك عن تفسيرها، وقد جاء هذا الحديث : (إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن هذه الأمة ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة) (173)، فما هذه الفرق حتى نجتنبهم؟ فقال : أصلها أربعة…) (174).‏

فهذه الطوائف اشتهرت أقوالها المخالفة مخالفة غليظة للكتاب والسنة، وافترقت عن أهل السنة والجماعة، افتراقًا بينًا في الأصول من الدين مما ثبت بالضرورة، فساغ لهذا الإمام الحكم عليها بأنها من الفرق الضالة الاثنتين والسبعين(175).‏






التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2011-07-12, 14:51 رقم المشاركة : 9
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل السادس :
التحري في حال الشخص المعين، المرتكب لموجب الكفر أو الفسق، قبل تكفيره أو تفسيقه، بحيث لا يكفر ولا يفسق أحد إلا بعد إقامة الحجة عليه ‏

نبه ابن تيمية إلى عظم مسألتي التكفير والتفسيق عمومًا، فقال : (اعلم أن مسائل التكفير والتفسيق هي من مسائل الأسماء والأحكام، التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها الموالاة والمعاداة، والقتل والعصمة، وغير ذلك في الدار الدنيا، فإن الله سبحانه أوجب الجنة للمؤمنين، وحرّم الجنة على الكافرين) (176).‏

ولعظم المسألتين وخطرهما، فإن إطلاق الكفر أو الفسق على أحد لا يكون إلا بموجب قطعي، ولاسيما الكفر فإنه يكون (بمثل تكذيب الرسول صلى الله عليه و سلم فيما أخبر به، أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم) (177)، ويتعلق بما يتعلق به الإيمان، وكلاهما متعلق بالكتاب والسنة، وهما متضادان، فلا إيمان مع تكذيب الرسول ومعاداته، ولا كفر مع تصديقـــه وطاعتــه، وحكمــه لا يتبين إلا عن طريق الشرع(178)، فليس لأحد أن يكفر أحدًا بهواه، لأن التكفير حق لله تعالى، والذين يكفّرون بهواهم هم المبتدعة، كالروافض الذين كفّروا أبا بكر(179)، وعمر(180) رضي الله عنهما، والخوارج الحرورية(181) الذين كفّروا عليًا رضي الله عنه، وقاتلوا الناس على الدين، (حتى يرجعــوا عمــا ثبت بالكتــاب والسنــــة وإجمــاع الصحابــــة، إلى ما ابتدعه هؤلاء بتأويلهم الباطل وفهمهم الفاسد للقرآن.. ومع هذا، فقد صرّح علي رضي الله عنه بأنهم مؤمنون، ليسوا كفارًا ولا منافقين، وهذا بخلاف ما كان يقوله بعض الناس، كأبي إسحاق الإسفراييني(182) ومن اتبعه، يقولون : لا نكفّر إلا من يكفّرنا، فإن الكفر ليس حقًا لهم بل هو حق لله، وليس للإنســان أن يَكْذِبَ على مــن يكــذب عليـه، ولا يفعل الفاحشة بأهل مَن فعل الفاحشة بأهله، ولو استكرهه رجل على اللواطة لم يكن له أن يستكرهه على ذلك، ولو قتله بتجريع خمر أو تلوط لم يجز قتله بمثل ذلك، لأن هذا حرامٌ، لحق الله) (183).‏

ويصرّح في موضع آخر بأن هذا المسلك هو مسلك أهل العلم والسنة، فيقول : (فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفّرون مَن خالفهم، وإن كان ذلك المخالفُ يكفّرهم، لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك، وزنى بأهلك، ليس لك أن تكذب عليه، ولا تزني بأهله، لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى، وكذلك التكفير حق لله، فلا يُكَفَّر إلا من كَفَّره الله ورسوله) (184).‏

كما أن أهل السنة لا يكفّرون أحدًا من أهل القبلة بالذنب والمعصية، وإنما ذلك من فعل الخوارج الذين يكفّرون بمطلق الذنوب(185)، وفي هذا يقول رحمه الله : (من شأن أهل البدع أنهم يبتدعون أقوالاً يجعلونها واجبة في الدين، بل يجعلونها من الإيمان الذي لابد منه، ويكفّرون مَن خالفهم فيها ويستحلون دمه، كفعل الخوارج والجهمية والرافضة والمعتزلة.






التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2011-07-12, 14:51 رقم المشاركة : 10
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل السابع :
الحرص على تأليف القلوب واجتماع الكلمة، وإصلاح ذات البين، والحذر من أن يكون الخلاف في المسائل الفرعية العقدية والعملية، سببًا في نقض عُرى الأخوة والولاء والبراء بين المسلمين ‏

يقول رحمه الله في هذا : (تعلمون أن من القواعد العظيمة، التي هي من جِماع الدين، تأليف القلوب، واجتماع الكلمة، وصلاح ذات البين، فإن الله تعالى يقول : (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) (الأنفال : 1)، ويقول : (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا) (آل عمران : 103)، ويقول : (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) (آل عمران : 105). وأمثال ذلك من النصوص التي تأمر بالجماعة والائتلاف، وتنهى عن الفرقة والاختلاف.. وأهل هذا الأصل، هم أهل الجماعة، كما أن الخارجين عنه هم أهل الفُرقة) (213).‏

وبيّن الشيخ أن الخلاف في المسائل الفرعية العقدية والعملية، جرى بين الصحابة والتابعين من سلف الأمة، مع محافظتهم على هذه القاعدة، وأن العاصم من ذلك كان في رد النزاع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم، وابتغاء الحق وحده، فيقول مقررًا مسلكهم رضي الله عنهم : (وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم، إذا تنازعوا في الأمر اتبعـــوا أمـــر الله تعالـى في قولــه : (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً) (النساء : 59). وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة، وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية، مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين.. نعم من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة، خلافًا لا يُعذر فيه، فهـــذا يعامــل بما يُعامـــل به أهــل البــدع، فعائشــة أُم المؤمنين رضي الله عنها، قد خالفت ابن عباس وغيره من الصحابة، في أن محمدًا صلى الله عليه و سلم رأى ربه، وقالت : (مَن زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله تعالى الفـرية) (214)، وجمهـــور الأمــــة علــى قــول ابن عباس رضي الله عنهما، مع أنهم لا يُبدّعون المانعين الذين وافقـــوا أم المؤمنين رضي الله عنها، وكذلك أنكرت أن يكون الأموات يسمعون دعاء الحي، لـمّا قيل لها : إن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (ما أنتــم بأسمع لمـا أقــول منهم) (215)، فقالت : إنما قال : (إنهم ليعلمون الآن أن ما قلتُ لهم حق) (216).. ومع هذا فلا ريب أن الموتى يسمعون خفق النعال، كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : (ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه، إلا ردّ الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام) (217)، وصح ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم، إلى غير ذلك من الأحاديث.. وأم المؤمنين تأولت، والله يرضى عنها، وكذلك معاوية(218) رضي الله عنه، نقل عنه في أمر المعراج أنه قال : (إنما كان بروحه) (219)، والناس على خلاف معاوية رضي الله عنه، ومثل هذا كثير).‏

وأما الاختلاف في الأحكام فأكثر من أن ينضبط، ولو كان كــل ما اختلف مسلمــان فــي شيء تهاجــرا، لـم يبق بين المسلمين عصمـــة ولا أخوة، ولقد كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، سيدا المسلمين، يتنازعان في أشياء لا يقصدان إلا الخير.. وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم لأصحابه يوم بني قريظة(220) : (لا يُصلين أحد العصرَ إلا في بني قُريظة)، فأدركتهم العصرُ في الطريق، فقال قوم : لا نصلي إلا في بني قريظة، وفاتتهم العصر. وقال قوم : لم يُرد منا تأخير الصلاة، فصلوا في الطريق، فلم يعب واحدًا من الطائفتين، أخرجاه في الصحيحين(221)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وهذا وإن كــان في الأحكــام، فما لم يكن من الأصول المهمة فهو ملحق بالأحكام (222).‏

وأكد الشيخ على مراعاة الأخــوة والمــوالاة بين المسلمين، بحيــث لا يؤثر عليها ما يقع من خلاف بسبب دواع اجتهادية، مبينًا أن العاصم من ذلك تقديم حق الله على حق النفس، وفي هذا يقول : (جعل الله... عباده المؤمنين بعضهم أولياء بعض، وجعلهم إخوة، وجعلهم متناصرين متراحمين متعاطفين، وأمرهم سبحانه بالائتلاف، ونهاهم عن الافتراق والاختلاف، فقال تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا) (آل عمــران : 103) ، وقـــــال تعــــالـــــى : (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله) (الأنعام : 159) الآية، فكيف يجوز مع هذا لأمة محمد صلى الله عليه و سلم أن تفترق وتختلف حتى يوالي الرجل طائفة، ويعادي طائفة أخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله تعالى، وقد برَّأ الله نبيه صلى الله عليه و سلم ممن كان هكذا. فهذا فِعْل أهل البدع كالخوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين، واستحلوا دماء مَن خالفهم.. وأما أهل السنة والجماعة فهم معتصمون بحبل الله، وأقل ما في ذلك أن يفضل الرجل من يوافقه على هواه، وإن كان غيره أتقى لله منه، وإنما الواجب أن يقدم من قدمه الله ورسوله، ويؤخر من أخّره الله ورسوله، ويحـب مــا أحبــه الله ورســوله، ويبغـض ما أبغضه الله ورسوله، وينهى عما نهى الله عنه ورســوله، وأن يرضــى بما رضي الله به ورسوله، وأن يكون المسلمون يدًا واحدة، فكيف إذا بلغ الأمر ببعض الناس إلى أن يُضلل غيره ويكفّره، وقد يكون الصواب معه وهو الموافق للكتاب والسنة، ولو كان أخوه المسلم قد أخطأ في شيء من أمور الدين، فليس كل مَن أخطأ يكون كافرًا أو فاسقًا، بل قد عفى الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، وقد قال الله تعالى في كتابه، في دعاء الرسول صلى الله عليه و سلم والمؤمنين : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (البقرة : 286). وثبت في الصحيح أن الله قال : (قد فعلت) (223)، لاسيما وقد يكون من يوافقكم في أخص من الإسلام، مثل أن يكون مثلكم على مذهب الشافعي، أو منتسبًا إلى الشيخ عدي(224)، ثم بعد هذا قد يخالف في شيء، وربما كان الصواب معه، فكيف يستحل عِرضه ودمه وماله؟ مع ما قد ذكر الله تعالى من حقوق المسلم والمؤمن) (225).‏

ولعل أظهر ما يقوّي وشيجة الأخوة بين المسلمين، ويحفظ تماسك جماعتهم، العمل بأحكام الولاء والبراء التي شرعها الله في كتابه، دون التفات إلى مناهج أخرى أو تعصّب لطوائف، ذلك أن (الولاية ضد العداوة، وأصل الولاية المحبة والقُرب، وأصل العداوة البغض والبُعد) (226)، وهما أوثق عُرى الإيمان كما أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم : (أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) (227).. وقد بيّن الشيخ أحكام الولاء والبراء، ولمن يكونان ويعطيان، فقال : (فأما الحمد والذم والحب والبغض والموالاة والمعاداة، فإنما تكون بالأشياء التي أنزل الله بها سلطانه، وسلطانه كتابه، فمن كان مؤمنًا وجبت موالاته من أي صنف كان، ومن كان كافرًا وجبت معادته من أي صنف كان، قال الله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) (المائدة : 55-56)...‏

ومن كان فيه إيمان وفيه فجور، أعطي من الموالاة بحسب إيمانه، ومن البغض بحسب فجوره، ولا يخرج من الإيمان بالكلية بمجرد الذنوب والمعاصي، كما يقوله الخوارج والمعتزلة، ولا يُجعل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون بمنزلة الفسّاق في الإيمان والدين والحب والبغض والموالاة والمعاداة، قال الله تعالى : (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) إلى قولـه : (إنما المؤمنون إخوة) (الحجرات : 9-10)، فجعلهم إخوة مع وجود الاقتتال والبغي) (228).‏

كما لا يتنافى وجود الشر والمعصية والبدعة في شخص، مع استحقاقه للموالاة والإكرام بقدر ما فيه من خير وطاعة وسنة، وفي هذا يقول الشيخ : (وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له هذا وهذا) (229).‏

وعملاً بمبدأ الولاء والبراء، فإن الشيخ يقرر : (أن الواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلي معهم الجمعة والجماعة، ويوالي المؤمنين، ولا يعاديهم، وإن رأى بعضهم ضالاً أو غاويًا وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك، وإلا فلا يكلّف الله نفسًا إلا وسعها، وإذا كان قادرًا على أن يُولّي في إمامة المسلمين الأفضل ولاّه، وإن قدر أن يمنع من يُظهر البدع والفجور منعه) (230).. وهكذا على مقتضى اتباع الحق وإظهاره، خلا المبتدعة الملاحدة، فهؤلاء يجب البراء منهم، فإن الشيخ أنكر على من يعاون أو ينصر أهل الحلول والاتحاد، فقال : (ومن هؤلاء من يعاونهم وينصرهم على أهل الإيمان المنكرين للحلول والاتحاد، وهو شر ممن ينصر النصارى على المسلمين، فإن قول هؤلاء شر من قول النصارى، بل هو شر ممن ينصر المشركين على المسلمين، فإن قول المشركين الذين يقولون : إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى(231)، خير من قول هؤلاء، فإن هؤلاء أثبتوا خالقًا ومخلوقًا غيره، يتقربون به إليه، وهؤلاء يجعلون وجود الخالق وجود المخلوق) (232)، بخلاف أهل الصلاح والتقوى إذا وقعوا في بدعة متأولة وليست غليظة(233)، فهؤلاء تجب موالاتهم ومحبتهم، لأن ما وقع منهم من قبيل الهفوة والزلة، التي لا تنسخ ما لهم من صلاح وتقوى، وقد وقع ذلك (من أكابر السلف المقتتلين في الفتنة، والسلف المستحلين لطائفة من الأشربة المسكرة، والمستحلين لربا الفَضْل والمتعة، والمستحلين للحشوش، كما قال عبد الله بن المبارك : رُبَّ رجل في الإسلام، له قدم حسن وآثار صالحة، كانت منه الهفوة والزلة، لا يُقتدى به في هفوته وزلته) (234).. فهؤلاء وأمثالهم معذورون، لأنهم مجتهدون، لم يقصدوا فعل الحرام، ولا مخالفة السنة، فهم حين استحلوا ذلك لا يعتقدون (أنه من المحرمات، ولا أنه داخل فيما ذمه الله ورسوله، فالمقاتل في الفتنة متأولاً لا يعتقد أنه قتل مؤمنًا بغير حق، والمبيح للمتعة والحشوش ونكاح المحلل لا يعتقد أنا أباح زنا وسفاحًا، والمبيح للنبيذ المتأول فيه، ولبعض أنواع المعاملات الربوية وعقود المخاطرات، لا يعتقد أنه أباح الخمر والميسر والربا.. ولكن وقوع مثل هذا التأويل من الأئمة المتبوعين، أهل العلم والإيمان، صار من أسباب المحن والفتنة، فإن الذين يعظمونهم قد يقتدون بهم في ذلك، وقد لا يقفون عند الحد الذي انتهى إليه أولئك، بل يتعدون ذلك ويزيدون زيادات لم تصدر من أولئك الأئمة السادة، والذين يعلمون تحريم جنس ذلك الفعل، قد يعتدون على المتأولين بنوع من الذم فيما هو مغفور لهم، ويتبعهم آخرون فيزيدون في الذم ما يستحلون به من أعراض إخوانهم وغير أعراضهم ما حرّمه الله ورسوله) (235).‏

وبهذا يتقرر أن الشيخ لا يرى الوقوع في البدعة عن شبهة أو تأول مبطلاً لحقوق المسلم، ومنها الموالاة، التي من معانيها المحبة والنصرة والحماية، بل هي ثابتة للمسلم المبتدع بقدر ما عنده من إيمان، فيحب بقــدر ما فيه من صلاح، وينصر على من ظلمه، وإن كان فيه سوء، وفي هذا يقول رحمه الله : (ومعلوم أن شر الكفار والمرتدين والخوارج، أعظم من شر الظالم، وأما إذا لم يكونوا يظلمون المسلمين، والمقاتل لهم يريد أن يظلمهم، فهذا عدوان منه فلا يعاون على عدوان) (236)، مصداق قول الرسول صلى الله عليه و سلم : (المسلم أخو المسلم لا يَظلمه ولا يُسْلمه) (237)، فما دام المبتدع مسلمًا، فإنه يثبت له هذا الحق.‏






التوقيع






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسوأ , المبتدعة , اليكم , الإسلام , ابو , تيمية , شيخ , على , غنى


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 21:26 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd