2011-06-28, 21:14
|
رقم المشاركة : 8 |
إحصائية
العضو | | | رد: الطّرب الشعبي الصحراوي المغربي . | تابع نفهم أن القائلة تتغزل في رجل أسمر، في استعارة تامة للصورة الطبيعية.... انه إفصاح علني وانقلاب في الادوار، رغم ان الباحثين في الثقافة الصحراوية يرون ان هذا الابداع ليس عيبا ،فهو تعبير عن العذرية في العلاقة بينالمرأة والرجل ، وعن معاناة داخلية وانه نتاج طبيعي لوضعية متميزة للمراةفي بلد لاتزال الحياة البدوية بمعانيها ودلالتها النقية وقيمها الاصيلة تتجلى بابهى صورها. والحقيقة أن هذا النوع من الغزل الجريء تقول الباحثة الغالية له مكانة لا بأس بها في ديوان التبراع ويعززه كون قائلة التبراع تبقى دائما مجهولة ، بحيث أنه ينتشر بسرعة وتتناقله الألسن ولكن بدون معرفة مبدعاته... وهذا ما يعزز من مساحة الحرية التي تتبارى فيها الفتيات ... مثلا تقول إحدى الفتيات وقد شاهدت من تحبه وفي فمه مَسْواكًا أو سٍواكا على عادة أهل الصحراء ... فالتفتت إلى صديقاتها قائلة :
لُو كَنْتَ لْ هُـــــــــــوَ"""" """" ما نَحْرَكَ لُو جاتْ القٌُوَّة
والمعنى : لو كنت أنا ، هو( أي المسواك) لما تحركت (من فمه)حتى ولو بقوة الجيش... ويبقى الطابع الرومانسي هو الغالب أكثر على هذا الشعر ويتوزع بين الشكوى واللوعة والسهر وهجران الحبيب والنسيان ....
كَيْفَ أنْســــــــــــاهُ """ """"" ذلٍّ في الجَفْنٍ سُكْناهُ
ذَلٍّ : هذا الذي
كيف أستطيع نسيان من يسكن أجفان عيوني ...
عَــــنْـــدُو تَبْسٍيمَة """" """" تُحْيي لْعِظَامْ الرَّميمَة
تقول المتبرعة أن ابتسامة حبيبها تحيي العظام وهي رميم... أي تعيد الحياة وهي هنا تمتح من القرآن الكريم ...
والمعجم الديني حاضر بقوة في التبراع ولكن دائما لخدمة الغرض الرئيسي : الغزل ...ومن ذلك قول إحداهن :
حُبِّي ذَا اطَّــــــــــارِي "" """"" ثَابَتْ رَواهْ البُخَاري
اطَّارِي : الذي طرأ علي الاستعانة بقوة وبيان وحقيقة ما يُروى عن البخاري للتدليل على مدى صحة وقوة حبها الجديد ...
وكعادة الشعراء عندما يجنح بهم الخيال إلى الإبحار فوق الفواصل والحدود تقول التبريعة:
مَنْدَرْتِــــــــي يَكـــَانْ """" """ رَكَْ المَحْشَرْ فِيهْ الصَّبْيانْ
مَنْدَرْتي : يا هل ترى
الرَّكَْ : الفضاء الواسع المفتوح
الصَبْيانْ : الأحباب ، الصْبِي في اللهجة الحسانية معناه الصاحب والحبيب...
تتساءل العاشقة هنا : هل يا ترى سيكون أحبابها موجودين يوم يبعث الناس وهو ما عبرت عنه بقولها "رك المحشر" ...
وهناك معاجم متنوعة ينهل منها التبراع لا مجال لذكرها كلها ولكن نعطي فقط بعض الأمثلة على استعمال بعض الرموز التي لها علاقة بموضوع التبراع مثلا : قَيْس المُلَوَّحْ "" """" أطَـمْ أنا مَنُّ وَاشَحَ
تقارن نفسها وحالتها بقيس المجنون الذي ملأ الدنيا بعشقه وتجد أنها أكثر منه وتعبر عن ذلك بقولها:
أطم وأشح : بمعنى أكثر وأشد
وقول أخرى:
حُبَّكَ يالقَدِّيـــــــــــس """ """" حَيَّرْ نِزارْ وَ كْتَلْ بَلْقِيس
إن قوة حبها ، حيرت نزار قباني الذي يعتبر أستاذا في هذا الميدان وفي التبريعة إشارة إلى موت بلقيس زوجة الشاعر ... والقدِّيس هنا اسم مستعار ، وقد دأبت الفتيات كثيرا على اختيار اسم مستعار تطلقنه على الحبيب ولا يعرف حقيقته إلى الصديقات المقربات واللواتي يتضامن مع القائلة، بالتبراع على الاسم المقترح ...حتى لا يثير الاسم الحقيقي أي شبهة على صاحبته ،وقد شاعت الكثير من الأسماء المستعارة في التبرع من أشهرها /: القديس،سامي ،جوَّاد ،سهيل....... وفي علاقة بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية،عرف التبراع اتجاها عند بعض الشاعرات اللائي اصبحن يتغزلن برجال بعيدين كالزعماء والسياسيين وابطال المسلسلات حسب الباحث في التراث الصحراوي الأستاذ إبراهيم الحيسن.
الإبداع النسائي في الشعر الحساني
والموضوع كما هو واضح من العنوان يتحدث عن نوع من الشعر الشعبي النسائي السائد/المنتشر على امتداد فضاء الثقافة الحسانية (جنوب المغرب وموريتانيا) وأقول الشعر النسائي، بعيدا عن النقاش الأزلي حول مصطلح الأدب النسائي ذلك أن هذا شعر نسائي فعليا ولا يحق للرجال الخوض فيه...- و رغم أنني شخصيا لا أعاني أية عقدة اتجاه المصطلح .. و يطيب لي جدا أن توضع خربشاتي تحت مسمى الكتابة النسائية... فإني أعتذر مسبقا لمن لهن حساسية من المصطلح لأنه سيتكرر كثيرا... قي شيء يشبه الاستفزاز.. ولكنه ليس كذلك..- وبالرجوع إلى الموضوع، أقول إن هذا البحث مكنني من الإطلاع على العديد من النماذج الشعرية الشعبية النسائية.. محليا وعلى مستوى ثقافات أخرى أجنبية... هناك ما يسمى بالعروبيات أو الرباعيات. وهو شعر المرأ ة الفاسية. وقد سبق للمرحوم محمد الفاسي أن كتب بحثا قيما جمع فيه الكثير مما تفرق من هذه الأشعار.. هناك أيضا بعض النماذج في الشعر الأمازيغي السوسي... وعلى مستوى خارجي يبرز شعر نساء البشتون كواحدة من أهم التجارب الإبداعية النسائية الشعبية... والحقيقة أن المتأمل لهذا الإبداع المتنوع سيقف مشدوها.. أمام العديد من الملاحظات, من أهمها مسألة الكم الهائل (العصي على الحصر) وهي مسألة لها دلالتها خصوصا أن هذا النزيف يتركز بالأساس على الجانب الحميم عند النساء أي العلاقة مع الرجل، والذي يأتي في صورة المجتمع أحيانا الملاحظة الثانية أن هدا الشعر النسائي يتميز بنوع من الوضوح والمباشرة في التعبير عن العاطفة... و المقصود هنا ,وضوح المعنى العام وليس الفقر الإبداعي... ذاك أن هذه النصوص على قصر بعضها ( بيت واحد).. تعتمد الاستعانة ببعض الأدوات البلاغية لإحداث الأثر والدهشة من خلال الصور التي تعتمدها الشاعرات... تقول إحدى النساء العاشقات في "التبراع" أي الشعر النسائي الحساني :
أُ لا يَكْدَرْ يَنْعــــــــــافْ
لَخْظارْ فْعيمانْ الجفافْ
والبيت بالمعنى الفصيح يقول: لا يمكن أن نكره منظر الخضرة عموما.. فما بالك بأيام الجفاف... وإلى هنا تبدو التبريعة مجرد صورة طبيعية... ساذجة.. ولكن إذا علمنا أن "لَخْظارْ" في اللهجة الحسانية هو السمرة أي اللون الأسمر فإن المعنى الخفي يصبح غزلا في حبيب أسمر وكيف السبيل إلى عدم حبه.. وهو الخصوبة في عز الجفاف... ونقرأ في نموذج لإحدى العروبيات الفاسية.
يا ساداتي بغيتكم وبغيت الله
والتوبة غاليهْ..عْلِيَ و عْليكُمْ
نَطْلَبْ رب لكْريمْ
سجَّادهْ مْقابْله حومتكمْ
السَّجْدة لَكْريم والشُّوفة فيكُمْ
تحب الله وتحب أحبتها... وتطلب التوبة.. فهي لا تتمنى إلا السجود لله والنظر إلى وجه من تحب... أما بالنسبة لنساء البشتون فإن في شعرهم المدهش بكل المقاييس، و المعروف باللاندي... نماذج مذهلة.. وقد قام بنقل بعض أشعارهم إلى الفرنسية سيد بهاء الدين مجروح بمساعدة اندري فيلتير...
تقول إحدى البشتونيات :
إذا مات حبيبي لأكن كفنه
هكذا نتزوج الرماد معا...
في يدي وردة تذبل
فأنا لا أعرف لمن أعطيها
في هذه الأرض الغريبة..
وبالرجوع إلى هذه النماذج وغيرها... سنلاحظ أن المرأة تتحرر من مراقبة المجتمع وسلطته لأن القائلة مجهولة..لذلك فهي بعيدة عن المحاسبة وعصية على القيود... ولهذا فإن بعض هذه الأشعار يتميز بالجرأة أحيانا واقتحام مناطق محرمة قد تعرض صاحبتها للسخط الاجتماعي والإقصاء..لولا أنها غير معروفة... تقول إحدى بنات حسان في التبراع :
مَنْ عَـــــــــزَّتْ كَــــــمْيَ
بَكْمَ طَرْشَ عَدْتْ آُ عَمْيَبل | التوقيع | " اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا " | |
| |