الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى الثقافة والفنون والعلوم الإنسانية > التراث الأصيل



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2011-07-01, 09:56 رقم المشاركة : 6
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

c3 رد: فن الروايس .


فن الروايس :
بلاغة القول وجودة الكلام ووحدة الموضوع


أخي القارئ ، تعالى معنا لنقف عند إحدى قصائد "الرايس الحسين الباز " والتي مطلعها: لُـوحْـدْ أيِـــــــــــــــزْرِي أمْـطَّا ، لتكـتشف ما يخفيه " فن الروايس " من بساطة ساحرة وعذوبة صافية وموسيقى هامسة فـيّاضة ، فـقصائد " الروايس" عامة و " الحسين الباز" خاصة تمتاز بالتماسك الواضح على مستوى البنية السطحية من خلال عوامل معينة تتمثـل في مؤشرات لغوية مثل أدوات العطف والفصل والوصل ومثل أسماء الإشارة وأدوات التعريف والأسماء الموصولة وأبنية الحال والزمان وأسماء المكان...وفي هذه القصيدة استطاعت كلمة " غِـيكـَاد سَادِيطـَّارْ" أن تقوم بوظيفة الربط بين أبيات القصيدة مما يجعل القصيدة عامة واضحة الدلالة على مستوى البنية السطحية وكذا على مستوى المضمون لكونها يسيرة الفهم والاستيعاب لمتلقيها مستمعا أو قارئا. و لهذا المبتغى يرى " الباز" أن وجود التماسك لا بد منه فأولاه عناية قصوى فامتلأت قصائده بهذا التماسك الحي والتلاحم والبعد عن التشتت في شكل مزيج مركب من حقائق وجدانية وعقلية يجذبها بعضها إلى بعض لكونها ذات عناصر مترابطة ومتداخلة حيث وحدة الموضوع ووحدة المشاعر وتقدم القصيدة شيئا فشيئا إلى الخاتمة .

لـُوحْـدْ أييِزْرِي أمْطـَّا لـُوحْدْ أييزْري أمْطـَّا

غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْنْ وَامَانْ غـُـوسُـولِيـلْ نِـــيـمُــوزّارْ
غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْ أوصْمِّـيدْ إكْرْمْنْ فِــيـــــمُـــــودَالْ
غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْ الخَاتـْمْ غِيضُوضَــانْ نِـيــمُوضَانْ
غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْ وَاقـَّايْنْ نـُوسْــنْـگـارْ غِيـــــزْرْگـَانْ
غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْنْ تِيلاَّسْ فِـيزْنْكـَــاضْ غِـــيـمُودَالْ
غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْنْ وَاقـَّايْنْ وَّاضِـــــــيلْ فِــيـفْرْگـَـانْ
غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْ أومْطـَّا غـْيـَـانْ إكْرْزْنْ أورْ مْگْرْنْ
غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْ أومْطـَّا غْــــتـْوَالِـّينْ إيْـگِـيـــــگِيلْ
غِيكـَادْ سِادِ يطـَّارْ أوسَــافـُـو فـُوضَارْ نـْكْرَا حْرْگـْنْــتْ
غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْ انْ أوْرإسـّْنْ أيـِّيــسْ إسُّــودُوتْ
غِيكـَادْ سَاِد يطـَّارْنْ إشـُومَــاشْ نْ تـَـازَارْتْ إغْ رْزَانْ
غِيكـَادْ سَادِ يطـَّارْنْ أوسَّـــانْ فِيكـْرَّايْـــنْ أورَا گـَّانـْنْ
غِيكـَادْ سَاِد يطـَّـــارْ أوشْرْقِـــي فْ تالـُّوزِينْ غِيمُودَالْ
حــول الـشـاعـر
ازداد الرايس " الحسين الباز بن احمد بن عبد الرحمان " بدوار " جنان" فرقة رحالة قيادة ودائرة متوگة ناحية إمنتانوت سنة 1957، فانحدر من هذه المنطقة وهو ابن الثامنة عشر فاختار فن "الروايس" بشجاعة الشاعر الذي يحلم بالتجديد في الأداء والإيقاع والكلمة دون أن يتخرج من معهد ولا حتى من مدرسة ابتدائية..
لم يكن من الشعراء المطبوعين على الهجاء ، فلم تكن له من فطرته تلك النقمة الطبيعية على الجنس البشري التي لازمت أغلب الهجائين المطبوعين فلا تدعهم يرتاحون إلا إلى كشف النقاب عن العيوب وتناولها بالنقد كما فعل كل من
" احمد ألبنسير " و " بيسمومويـن " اللذان تعابثا بالصور المشوهة ودفع الأمر بأحدهما إلى أن قال للآخر :
إنـّاكْ أيْگانْ الطـّوبيسْ نكِـّي الشِّـيفـُورْ نسْ ".


وإن مدرسة " الباز" ورغم مرور أكثر من ربع قرن على نشأتها ستظل صامدة مادامت للإنسان طاقة عاطفية وشعورية لابد لها من وعاء ومتنفس، وستظل تتميز وتحتفظ بنبرات الوجدان البشري وحرارته.
حـول النص:
الشاعر في بدايـة هذه القـصيدة أمـر مرتــين عيـنيه كـي تذرف الـدمع ، وهذا التكرار في الأمر لم يأت للضرورة الشعـرية لأن بإمكان الشاعر أن يغيـّر الشطر الثـاني ويـقـول مـثلا : " لُـوحْدْ أيـيزرِى أمْطَّـا زود وَالي زْرِينِينْ" كما أن هذا التكرار في الأمر لم يأت لكون عين الشاعر عاصية بل لكون هذا الأخير أدرك جـيدا أن عـيـنـيـه ستتأخر في ذرف الـدمع لأن العـين إذا راحـت فضـحت أسرار القـلب ، لـذلك كــرّر الشـاعر أمـره هــــــــذا مرتين للتأكيد والإلحاح ويصـبغه بالصيـغة الإسـتعجـاليـة لأن القـضية ـ في نظر الشاعرـ لا تـحتـمل التأخر ولو بقـليل ، فـلم تعد العين تهمه إذا فضحت أسرار قلبه سيما وأنه فضحها بلسانه ما من مرة حين قال : أيْحْرْگْ رْبِّي يَنَاغْ إحْرْگـْنْ غْ القْـلْبْ نَّاغِي ـ شريط رقم 29 صوت المعاريف ـ وبعدما أقنع الشاعر عينيه وأدرك أنها ستفعل ما أمرت به، جاء ليوضح لها الطريقة الغير العادية التي ستذرف بها هذا الدمع في ألفاظ جاءت كلها متشابعة في سهولة وتدفق عن فطرة وإسماح ، صادرة عن نفس تجد ما تقول ، نفس تملك الينبوع الشعري وقوة الطبع نلمس فيها الحلاوة والقوة والانسجام في عبارات تواتي الشاعر عن يسر و هوادة من ناحية بلاغـة القول وجودة الكـلام ووحدة المـوضوع حيث لم يخرج عما رسمه في المقدمة ، إذ أمر عينيه أن :
تذرف الدمـع كما تنهمر المياه من فوق الشلالات أي: الغزارة
تذرف الدمع كما يغلـف الصقيع قـمـم الجبـال أي: القسوة
تذرف الدمع كما ينسـلُّ الخـاتم من أصبع المريض أي :الضعف
تذرف الدمع كما تـتنـاثر حـبوب الذرة في الرحى أي: الاستسلام
تذرف الدمع كما يسدل الليل على الغزال في الجبال أي: القنوط
تذرف الدمع كما تتساقط حبوب العنب فوق الأشواك أي: الهلاك
تذرف الدمع كما تذرف عين الذي زرع ولم يحصد أي: الندامة
تذرف الدمع كما تـذرفـه عين اليتيــــم أي: الخسارة
تذرف الدمع كما ترتمي الجمرة على القدم فتحرقه أي: الألم
تذرف الدمع كما يسقط من لا يعرف ركوب الفرس فركبه أي: الفشل
تذرف الدمع كما تسقط أغصان شجرة الكرم اليابسة أي: الوحدة
تذرف الدمع كما تتوالى الأيام على المكتري أي: الفتنة / الهول
تذرف الدمع كما تهب الرياح على غلة اللوز في الجبال أي: الإخفاق/ الموت
لعلك أخي القارئ أدركت الآن جمالية تكرار النسق اللغوي ( غيكاد ساديطـار) والذي منع القصيدة من التشتت وحقق تماسكها ووحدتها لحرص مبدعها حرصا واضحا على بنائها بهذا الشكل وخلق دلالات جديدة ما استطاع، فشاعرنا يبدع في الألفاظ وحتى في بنية قصائده فحقق بذلك حظوظا واسعة من صفاء التعبير ورشاقته ، ومن السرد المتدفق العذب ، وتفنن في خلق جو محزن يوازي حالته النفسية في شعر كان الخيال جوهره ، ويبدو جليا أن ما يعيشه الشاعر من الإحباط والوحدة القاتلة والجيشان العاطفي هو الذي دفعه إلى هذا التكرار فأصبح بؤرة خصبة تفيض منه دلالة القصيدة ويظل يسبح داخل ضفافها... فالشاعر أبان في القصيدة عن شيء وجده وجودا وأحس به إحساسا واندفع إلى الإفصاح عنه اندفاعا :
1)ـ الغزارة غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْنْ وَامَانْ غـُوسُولِيلْ نِيمُوزَّارْ
إن شاعرنا قد درج على أن يمزج بين حالته النفسية وبين الطبيعة ، فهي حزينة إذا كان حزينا، مبتهجة إذا كان مبتهجا ، فرغم أن هذا الشطر يوحي بالبهجة والسرور فقد حوّله شاعرنا بحكم نفسيته إلى مشهد حزين، فقام بإضفاء الأحاسيس الإنسانية على الطبيعة . فقد نستطيع أن نرى مياه الشلالات حبات لؤلؤ منثور بينما يراها شاعرنا دموعا على صفحة الكون تنسج التذكارات. أن تبكي عين الشاعر بهذه الغزارة التي تتساقط بها المياه من الشلالات أمر محزن، لكنها لوحة فنية تعبيرية تتألف فيها التشبيهات التي كانت سمة من سمات شعر هذا الفنان..
ورمزية الماء هنا يمكن أن تنطوي أيضا على الخصوبة والإنجاب والعيش والبقاء والحفاظ على الوجود، فالماء في هذا الشطر من القصيدة يدل على الغزارة ويدل أيضا على " الحياة" لذلك استهل به الشاعر قصيدته ووضعه في الشطر الأول لأن الماء أصل كل شيء ( وجعلنا من الماء كل شيء حي..) وهنا تكمن عبقرية الشاعر.
2)ـ القسوة غِـيكـَادْ سَادِيطـَّارْ أوصْمِّيدْ إكـْرْمْنْ فِـيمُودَالْ
أن تذرف عين الشاعر كما يغلف الصقيع قمم الجبال لا يفيد إلا القســوة، إنه فصل الشتاء البارد، أيــــام مخاض الطبيعة،
لم تورق البساتين وتزدهر ورودها بألف لون ولون، إنما الصقيع الذي يقتل العصافير ويشل حركة الأزهار ويغتال ابتسامة البستان، فصل تبكي فيه السماء ويبكي معها الشاعر، السماء رحمة بالأرض، والشاعر لأن لا أحد يسأل عنه في مثل هذه الأيام. قال الحاج محمد الدمسيري :
شْــركـَاغْ دِيگـرّابْـنْ الصّـنِـيعـْتْ يَـالـطِـيـفْ
يَـانْ أنْـگـا نْـكِي دِ يسْـنْ إغْ إكْــْرمْ الحَـــــالْ
إمّـا لـوقـت نْ الصِـّيفْ إگــوتْ مَاسِـيغ إتـْلِـيـنْ
تأمل قول الشاعر " أصميد إكرمن" وتأمل اختيار كل من " الدمسيري " و " الباز" لكلمة ( إكرمن ) لتدرك انبهارهما بالإحساس بالقسوة أثناء غيابهما عن الجمهور .
3)ـ الضعف غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْ الخَاتـْمْ غِيضُوضَانْ نِيمُوضَانْ
الشاعر أمر عينيه أن تذرف الدمع كما ينسل الخاتـم من أصبـع المريض ، يفيد ذلك اللاشعور ، وإذا نظرنا إلى مكانة " الخاتم" في الثقافة الأمازيغية فيعني ذلك " عربون الوفاء بالوعد" ، فالخاتم رمز الوفاء يبقى في الأصبع حتى الموت ولا يمكن أن يسقط منه إلا في حالة الغيبوبة أو اللاشعور .
أن يسقط الخاتم من أصبع المريض ، أو أن تسقط الدموع من عين الشاعر ، يعني " ضعفهما " أمام أمر الواقع وعدم امتلاكهما قوة الصمود ، فالمريض يحتاج إلى الطبيب والعناية ، والشاعر إلى الجمهور و الخشبة...
4)ـ الاستسلام غِيكـَاد سَادِيطـَّارْ وَاقـَّايْنْ نـُوسْنْگـَاْر غِيزْرْگــَانْ
أن تذرف عين الشاعر كما تتناثر حبوب الذرة في الرحى يعني الاستسلام لأمر الواقع المر ، فلا مقاومة ولا هروب سوى الإيمان بحياة لم يكن ابتداؤها في الحقل ( الرحم) ولن يكون منتهاها في الرحى (القبر) ، إنها سنة الحياة ، نور سينطفئ، محبة ستزول ، أماني ستضمحل ، موت سيهدم كل ما نبنيه ، إنه الاستسلام للقضاء والقدر .
5)ـ القنوط غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْنْتْ تِيلاَّسْ فِيزْنْكـَاضْ غِيمُودَالْ
الشاعر أمر عينيه أن تذرف الدمع كما يسدل الليل على الغزال في الجبال ، إنه القنوط ، الخوف من مخالب الليل المظلم الذي يهاجم الغزال في الغابة فيفرقها بعدما كانت في النهار في شكل قطيع ، زمن تشل فيه الحركة ولم يبق غير ظلام أسود غاسق مخيف ( تِـيلاّسْ ) ، فالطبيعة التي ابتسمت في الصباح وضحكت في الزوال وتأوهت في المساء أرادت أن تبكي في الليل ،ليل سكنت فيه الحركة ، وأوقفت هدوءه ضجة سنابك الغزلان ووقع أظلافها فينتشلها القنوط كلما أغرقها النوم وتعذبها أشباح النمور وظلمة الليل ، ليل طويل زمنيا ومعنويا ( على الشاعر وعلى الغزال) ليل تحتشد فيه الهموم والابتلاء واليأس منه .المهم أن تبكي عين الشاعر كليل بائس ليس فيه أي أمل أو نهاية لمأساته وهمومه...
6)ـ الهلاك غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْنْ واقـَّايْنْ نْ وَاضِيلْ فِيفرگــَانْ
الشاعر في هذا الشطر أمر عينه أن تذرف الدمع كما تتساقط حبات العنب على الأشواك، أي الهلاك، فالعنب الذي يتساقط على الأشواك في أسفل الدالية لا فائدة منه ويصبح طعام الطيور، والشاعر هنا أراد أن يقول إن دموعه ذهبت سداً..
7)ـ الندامة غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْ أومْطـَّا غْيـَانْ إكْرْزْنْ أورْ مْگـْرْنْ
كبكاء الذي زرع ولم يحصد أمر الشاعر عينه أن تذرف الدمع وهي نادمة على ما سلف، نادمة لأنها زرعت الحب، الود... ولم تجن سوى الحسرة...
إنها القمة في التصوير ، القمة في الإبداع ، فلم أجد أندم إنسان على وجه هذه البسيطة ممن زرع ولم يحصد ( سواء كان ذلك حسا أو معنويا ) ، إنها معاني حيـة ، جيدة ، مادية تبرهن عن تجربة واقعية في الحياة ، فالرايس قبل أن يتسلق سلم الشهرة مر بتجارب عدة ، مشى وراء حماره يجوب أزقة الدواوير وقد أفرغ الزمان سهامه في صدره...
8)ـ الخسارة غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْ أومْطـَّا غْ تـْوَالينْ إيگِـيگِـيلْ
الشاعر هذه المرة أمر عينه أن تبكي كما يبكي اليتيم الذي خسر والديه فعجز لسانه عن إيجاد لغة يعبر بها عما تركه هذا الفراق في قلبه من كآبة ، فكان الدمع أفصح من لسان المرء ، كأن ساعة الفراق تلك لم تقو على فصل الذاتـيين المعنويتين ( الشاعرـ الجمهور ) كأن الحقائق العظيمة الفائقة الطبيعة لا تنتقل من بشري إلى آخر بواسطة الكلام فقط بل تختار السكينة سبيلا بين النفوس حاملة رسائل الأسى والحزن ، رسائل أرق من تلك التي يرسمها الفنان على لوحته التشكيلية ..
الشاعر أمر عينه أن تبكي دموعا فيها مرارة الخسارة، دموعا قامت مقام النطق فكانت أفصح من لسان فـيلسـوف وأبلغ من دموع يتيم.
9)ـ الألم غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْ أوسَافو فوضَارْ نْكْرَا حْرْگـْـنْتْ
كما ترتمي الجمرة على القدم فتحرقه أمر الشاعر عينه أن تذرف الدمع ، إنه الألم ، وهذه الصورة يستوعبها أكثر من مارس فن الحدادة ، حيث ترتمي الجمرة فوق القدم وتنسل بين أصابع الرجل فتحدث ألما قاسيا ، وعجبا لا أدري من أين استقى الشاعر هذه الصورة الفنية التي أدت وظيفة " الألم " أحسن الأداء...
10)ـ الفشل غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْ يَانْ أورْ إسّْنْ أيِّيسْ إسُودُوتْ
كما يسقط من فوق الفرس من لا يعرف ركوبه ، أمر الشاعر عينه أن تذرف الدمع ، إنه الفشل أمام أعين العامة ، وهذه الصورة استقاها الشاعر من مسقط رأسه " متوگـة " حيث لا زالت الفروسية تقام هناك..
11)ـ الوحدة غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْنْ إشُومَاشْ نْ تَازَارْتْ إغْ رْزَانٍْ
أخي القارئ، لنقف عند هذه الصورة الشعرية الرائعة التي أبدعها شاعرنا في هذا الشطر الشعري الساحر للنفوس القوي والخلاب، فشجرة " الكرم" هي الشجرة الوحيدة التي تتساقط أغصانها اليابسة لكونها تتآكل من الداخل ويسكنها النمل ( أوطـّوفْ وّازَارْ ) عكس الأشجار الأخرى التي تبقى أغصانها اليابسة عالقة في مكانها ولا تتساقط.
والغرض من هذه الصورة هو أن الشاعر أراد أن تذرف عينه الدمع كما تتساقط أغصان شجرة الكرم اليابسة، أي في وحدة وسكون.
12)ـ الفتنة غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْنْ أوسَّانْ فِيكْرَّايْنْ أورَا گـانْـنْ
الشاعر هذه المرة أمر عينه أن تذرف الدمع كما تتوالى الأيام على المكتري وتشغل باله وتضعه في فتنة وهول يغتال النوم من عينيه ،فالشاعر حين سرد الطرق الغير العادية التي ستذرف بها عينه الدمع جاء هذه المرة ليؤكد لنا أن الأمر لا يشاركه فيه أحد بل هو وحده الذي يجتر آلامه ويشغل باله ويعد أيام ( البرد) كما يعدها المكتري وتمر عليه قاسية ..
13)ـ الموت غِيكـَادْ سَادِيطـَّارْ أوشْْرْقِي فْ تَالوزِينْ غِيمُوَالْ
الشاعر في بداية هذه القصيدة شبه دموعه بالماء أي هناك حياة، ليأتي في هذا الشطر ويشبه الدموع برياح عاتية أتت على غلة اللوز وأسقطتها من أعلى الشجرة حيث هناك ( حياة ) إلى أسفل الشجرة حيث هناك ( موت) وينتهي أمرها.
هـل رأيت أخي القارئ كيف يستفيض الشاعر في تصوير أحلامه وأشواق روحه ؟ على هذا النحو تمضي القصيدة نحو فضائها توجهها اللازمة البنائية ( غيكاد ساديطار ) في مطلع كل مقطع في شكل غزارة و قسوة وضعف واستسلام وقنوط وهلاك وندامة وخسارة وألم وفشل ووحدة و فتنة و في الأخير " موت".
فالشاعر رمز إلى الحياة بالماء وإلى الموت بالرياح العاتية وبينهـا أحزان وانكسارات ونوائب ومتغيرات وطوارئ..
فهذا هو " فن الروايس" فلسفة عالية وبلاغة أكاديمية و" الرايس " لم يتخرج حتى من مدرسة ابتدائية .


بقلم الأستاذ : الحنفي ماحا
إيمينتانوت





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس
قديم 2011-07-01, 10:10 رقم المشاركة : 7
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

c3 رد: فن الروايس .


الحاج عمر واهروش:أب القصَّـاصين


أحْبِيبْ نْـرَا أدِّيـــكْ نْـمُــون إغْـدْ الهَاوا أگــيـكْ إلانْ
أوْيَـاتـْـيِّــي دَارُونْ إغـْــكـْـــنْ نِـــيـــوِي دَارْنْــغْ
إوْنْـغْ يَانْ أوزْمـْزْ إوَاسِـيفْ أدْرَارْ أسْـنْــدّا غـَاصَّانْ
أنِّــيغْ لابُـودْ أگيـسْ نْمُوسْ نـْزْرْ أجْـدِّيگ أولا أمــان
إوْنــْـغْ إدَارْ الــعِــيـنْ سْـــلـغْ إدْبْــلِــيـــجْ أرْ إكـَّــاتْ
أتـَصْضْلـتْ إغْـلـبْ النـَّاقـوس زِيغْ يَاوْحْـبِيبْ إلا غين
أيُـوشگـاد أيَّـاگـم غ العِـين نـْرَارْدْ الوِيجَـابْ نِــّيغَـاس
إزد الـهَـاوَا أگـيـك إلانْ رْوَاحْ نْــرَا أدِّيــك نْــمُونْ
إغْــدْ الـهْــمْ أگـيـكْ إلان إفـْـكـَايَـاك ربِّــي لامَـــان
أرَّايْـس أورَا كـّْرْزْنْ فـْالعِينْ أولا البُورأولا دُّوَامَـاْن
إسَــاكـَا زنـْزَانْ أوَال إغْــيُـوفـَا مــَادَاسْ إسـّْــــــنْ
أيـَايْـگـانْ الجِـيدْ إغْ إفـْرْحْ إغـْرِيِّـينْ أدَاسْ نْــحُـوشْ
إرَارْدْ الوِيـجَـابْ إنـَّايَاغْ أورْدْ الهَـاوَا أگــيغْ إلانْ
أمُـونْ أوَا دُوغَارَاسْ إتِـّـيـنْ أكــِّـيـدْ أورْ أفِــيـــنْ
ألاحْــبـَابْ إنـُو دَايـْتـْمَا إرَادْ گـينْ العِـيبْ إوَاوَالْ
إنَّـا دْبَابَا رَادَاغْ نـْغِـينْ أورْ رْضِـينْ أدِّيـك نـْمُونْ
رَانْ يَانْ التـَّاجْرْ سْ المَال نـْسْ أدُورْ گينْ المْـسْـكِينْ
أشْكُو السَّاعْتَادْ المْسْكِينْ أورْ گــيسْ إسُّـوگـرْ يـَــاتْ
حول الشاعر
ازداد الحاج عمر بن احمد واهروش بدوار" تيحونا إيمزيلن "، مزوضة ، ناحية إيمنتانوت سنة 1926 كان يهوى الغناء والشعر منذ صباه ، وكانت بدايته باسايس منذ صغره حيث كان يشارك في نظم بعض القصائد مع الشعراء الأمازيغيين وارتبطت شهرته بقصيدة " الضابيط" التي سخر فيها من الاستعمار وصب فيها حزنه وغضبه الدفين عما آلت إليه الأوضـاع ومما يتعرض له المغاربة من ذل وقهر .. وبسبب هذه القصيدة سجن ثلاثة أشهر حبسا بسجن إيمنتانوت حيث سجنه القائد " محمد المزوضي" سنة 1952.
الشاعر ابن أسرة فنية تتلمذ على يد والده إلى أن بلغ سبع سنوات فأوكل تربيته للرايس " عمر إجيوي" الذي اعتنى به منذ ذلك الوقت إلى أن صار بدوره يقرض الشعر في كل المناسبات ، وقد انظم إلى فرقة مولاي موح ومجموعة مولاي علي ليستقل بعدئذ بنفسه كرايس محترف ومشهور وكانت قصيدة " القصر البديع" التي تحدث فيها عن مهرجان الفنون الشعبية الأول بمراكش سنة 1960 أولى تسجيلاته وقام بعد ذلك بعدة جولات خارج أرض الوطن زار خلالها فرنسا سنة 1963 وبلجيـكا سنة 1964 تم توجه إلى الديار المقدسية حـاجا سنة 1968.
الشاعر سخر فنه لوطنه في عهد الاستعمار أولا وثانيا للإسهام في البناء العام لمجتمع مغربي قائم على العدالة والمساواة واحترام الحق والإخلاص للواجب.. آخر مشاركاته كانت في مهرجان " أسايس" في يوليوز 1989 والسهرة التكريمية للمرحوم الحاج محمد الدمسيري سنة 1989بالدار البيضاء ، وبعدها مهرجان موسيقى الروايس بمدينة مكناس لينتقل في شهر غشت 1991 إلى مستشفى الأمراض العقلية بمراكش ، فانتهى به فنه وانتهت به شهرته إلى نسيان مؤلم ، لا أحد سأل عنه ، لا أحد اهتم لاختفائه إلى أن فارق الحياة.. فما أعجب سرعة نسيان الإنسان ..
الشاعر " الحاج عمر واهروش" انفرد بمجال اتخذه كميدان هو فارسه فأبدع فيه ما لم يبدعه غيره من الشعراء وهو مجال " القصة" في قصائد مطولة تحتوي على شخصيات وأحداث وأمكنة تضفي عليها من خلال أنفاس الكلمة الشعرية أبعادا جمالية رائعة ، وقد تناول إلى جانب الحكايات التي سمعها عن الرواة بعض الوقائع والأحداث الاجتماعية كقصة " تيفرخين ن الساعتاد " ومن أهم الحكايات والأساطير التي قام الشاعر بنظمها وتداولتها عنه الألسن أسطورة " حمو أونامير " التي تحولت إلى أفلام ـ أي من سرد الكلمة إلى سرد الصورة ـ وقصيدة " تافروخت د گماس" بالإضافة إلى قصص الأنبياء ك " سيدنا أيوب" وموت الرسول محمد "ص" ..
الحاج عمر واهروش فنان قصصي يملك القدرة العجيبة على إدراك الأبعاد الإنسانية للأحداث والتركيز عليها من خلال الحكي أو الحوار الذي يخلقه بين الشخصيات مثيرا لأكثر عناصر الحوار دقة وتأثيرا، وقد زاد ـ بكل صراحة ـ لهذا الفن الثراء والتنوع.
حول النص
النص قصة قصيرة لا تتجاوز مدة سماعها خمسة دقائق، تبدأ بصورة لموقع الحدث حيث المياه والزهور وتتوسطها مغامرة عاطفية لطفت الجو وطبعته بالتشويق والإغراء " حيلة فنية" لتنتهي وسط غبار سيارة غريب. قصة بمجرد سماعها يقفز إلى ذهننا سؤال وجيه وهو:
هل أقصوصة أهروش هذه أقصوصة فنية ؟ أم هي سيرة ذاتية للشاعر؟ أم هي لوحة سياسية صيغت في قالب أدبــي ؟
في النص جاءت الأحداث متسلسلة تسلسلا فنيا ، وبذلك أصبحت متطورة من بداية إلى مجهول لا جاهزة ، كما أن النص صاغه مبدعه في قالب قصصي شكل مع باقي العناصر وحدة منسجمة في مقاييس كلاسيكية تتوفر فيها البداية والعقدة والنهاية عكس المقاييس الحديثة التي تنسف هذه المقاييس الكلاسيكية وتخلخل تسلسل الأحداث وتغيب الحدث وتأتي بنهاية مطروحة للتخمين وإعادة التأسيس.
الشخصيات:
شخصيات هذه الأقصوصة ثلاثة: الشاعر ـ الفتاة ـ صاحب السيارة.
شخصيات تبدو قليلة لأن في هذه الأقصوصة انعدمت فرصة لرسم العدد الكبير من الشخصيات لضيق الحيز من جهة ولأن الأقصوصة ذاتها لم تنشأ لتحليل العدد الكبير من الشخصيات من جهة أخــرى.
المـعـنــــــى:
في كل قصة لابد للمعنى وإلا أصبحت أقرب إلى التاريخ، فلا حدث بدون معنى . وكل عناصر القصة ينبغي أن تخدم هذا المعنى ، ومعنى هذه الأقصوصة أن الشاعر حـاول أن ينـقل ابنة ترابه من مكان ولادتها إلى مكان آخـر حيث الرفاهية والحرية المطلقة... إلا أنــه ولعدم حرصه على الاحتفاظ على أصالتها وزيّهـا الذي يميزها عن غيرها سـاهم في جلب أعين الطامعين إليها فانتزعـوها منه بحيلة سهلة لم تكن في حسبانه وبقي كراعي الإبل فاتحا فمـه متأثرا بالصدمـة.
لحظـة التنويــر:
النهاية في كل قصة تكسب أهمية خاصة، لأن القصة بهذه النهاية تكسب الحدث معناه المحـدد. ونهاية هذه الأقصوصة نهاية مأساوية تعرف فنيا بالكارثيةCatastrophe جاءت نتيجة المصادفة الغريبة أو المفاجئة ، أصيب خلالها البطل/ الشاعر/ بصدمة نفسانية هزت المشاعر وأفقدت المستمع/ المتلقي/ تشوقه بسهــولة.
الـحــوار:
قبل أن نصف الحوار في هذه الأقصوصة نأخذ هذا النموذج الذي دار بين الشاعر والفتاة:
الشاعر:
إزْدْ الـهَاوَا أگــيـكْ إلاّنْ رْوَاحْ نْـرَا أدِّيـكْ نْــمُـونْ
إغْـدْ الهْـمْ أگــيـكْ إلاّنْ إفْـكَـايَـاكْ ربِّي لامَـــــانْ
أرَّايْسْ أورَا كرْزْنْ فالعِين أولا البُورْ أولا الدُّوَمَانْ
إسَـاكا زّنـْزَانْ أوَال إغْ يُـوفـَا مَـادَاسْ إسّْـــــنْ
أيَايْـگــانْ الجِـيدْ إغْ إفْـرْحْ إغْرِيِّـينْ أدَاسْ نْحُوشْ
الفـتــاة :
أمُــونْ أوَا دُوغَـارَاسْ إتِّـيــنْ أكـِّـيدْ أورَافِـيـنْ
ألاحْـبَابْ إنُـو دَايْـتـْمَا رَادْ گـيـن العِـيبْ إوَاوَالْ
إنـَّا دْ بَابَا رَادَاغْ نـْغِينْ أورْ رْضِينْ أدِّيكْ نْمُونْ
رَانْ يَانْ التَّاجْرْ سْ المَال نْسْ أدُورْ گـينْ المْسْكِينْ
أشـْـكـو السَّاعْتـَادْ المْسْكِينْ أورْ گـيسْ إسُّوگر يَاتْ
هذا النموذج من الحوار أبرز جوانب من الحالات النفسية للفتاة وهي تتحدث صريحة فيجعلها بذلك واقعية وأقرب إلى الحياة النابضة في عين المستمع بعيدة عن الوصف المباشر ورتابة السرد، لها دراية بمجريات الأمور وتذوقها لمعاناة المسكين ، تحكمت فيها تقاليد وأعراف لا تسمح لها ـ ولا لغيرهاـ بمرافقة " الرايس"..
ولحسن الحظ لم يقتصر الشاعر في مجال الحوار على هذا النوع وحده بل ضم إليه حوارا آخـر أجمل وأشد وقعا ، وهو الحوار الداخلي " حول البطل ونفسه".
الفـكــرة:
أقصوصة "أهروش" هذه المشهورة حدثت لتقول شيئا ، لتقرر فكرة ، فالفكرة هي الأسـاس الذي يقوم عليه البناء الفني القصصي ، والشاعر هنا غير مرغم على حل المشكلة إنما قرر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أن يضعنا أمام حقيقة عن الحياة أو السلوك الإنساني ، أي أنه صـور مشكلته تصويرا صحيـحا وحقيقة فإنني أعجبت كثيرا بفكرة القصة وبالصورة التي أديت بها هذه الفكرة. فقصص " أهروش" عامة جاءت في مرحلة تبلور فيها مفهوم الحركة الثقافية الأمازيغية وتجسدت الدعـوة إلى التمسك بالتراث ، وقصته هذه المسجلة تحت رقم5108KTP كتبيفون تحت عنوان " أحبيب نرا أديك نمون" جـاءت في مرحلة جعلتها تتمحور حول عنصر واحد وهي " الشخصية الأمازيغية" وهي تصارع واقع التحدي ، ومن هذا المنطلق يمكن تصنيفها في إطار الصورة القصصية النضالية حيث اتسمت بالمبالغة الشديدة في إذكاء روح الصمود..
والشاعر مال إلى تحديد أهمية فكرته بدقة وبسرعـة لأنه ربما قد عاناها أو حيرته من قبل ولذلك كان أمينا وصادقا وسريعـا في نقلها إلى المستمع ، وقد يبدو موضوع فكرته هذه بسيطا وصغيرا ولكن شاعرنا رأى فيه أهمية جعلته يفوق في نظره أهمية كثير من المواضيع الأخرى وأن الشاعر حين اختار موضوع هذه الفكرة فإننا بدورنا نقدر قيمة معنى هـذا الاختـيار.
الزمان والمكـان:
كـل حادثة تقع لابد أن تقع في مكان معين وزمان بذاته، وهي بذلك ترتبط بظروف وعـادات ومبادئ خاصة بالزمان والمكان اللذين وقعت فيهما ، والارتباط بكل ذلك ضروري لحيوية الأقصوصة ويسمى" Sting " ويقوم هذا العنصر بالدور الذي تقوم به المناظر على المسرح بوصفها شيئا مرئيا يساعد خيال المتلقي.
فزمن هذه الأقصوصة بداية السبعينات وقد جاء الشاعر بأشياء تحيلنا على هذا الزمان:
ـ إناء حديدي ( tasdlte) ففي تلك الفترة ساد جلب الماء في أواني حديدية قبل أن يغزو الخزف والمطاط البادية ..
ـ سيارة من نوع ( FIAT) : هي السائدة والرائعة في ذاك الزمــان.
أما من حيث المكان فهو بدون شك مسقط رأس الشاعر وهو " مزوضة" حيث توجد منطقة عبارة عن سهل ( أزغار) ومنطقة جبلية ( أدرار) وقد أشار إليها الشاعر حين قال :
إِوْنـْغْ يَـانْ أوزْمْزْ إوَاسِيفْ أدْرَارْ أسْنْـدّا غَـــاصَّانْ
مكان ازدحمت فيه المناظر حول عيني الشاعر حيث المياه والزهور، إلا أنه مرّ بهذه الأوصاف الخارجية الجميلة بسرعة حتى لا يشـل مسار تطور الأحــداث.
الشخصيــات:
في قصص " أهروش" يصعب التمييز بين الشخصية والحدث لأن الحدث هو الشخصية وهي تعمل ووحدة الحدث لا تتحقق إلا بتصوير الشخصية وهي تعمل ، ومن الطبيعي أنه من الصعب أيضا أن يجد المستمع/ المتلقي/ بينه وبين شخصية لم يعرفها ولم يفهمها نوعـا من التعاطف، ومن هنا اهتم الشاعر بالشخصية قبل أن يهتم بالحدث ، ولكي يجعل الشاعر المتلقي يتعاطف وجدانيا مع الشخصية والتي يريد أن تكون حية ، ويريد أن يتخيلها وهي تتحرك وأن يسمعها وهي تتكلم ويريد أيضا أن يراها رأي العين، سعى إلى الكشف عن جوانب من كل شخصية:
الفـتاة الـبدويــة: أصالة / ثقافة / هوية/ فن/ تراث...
الـــــــــــــراوي: شاعر/ بطل/ ابن المنطقة...
صاحب السيارة: غريب/ طرف آخر/ صاحب مصلحة...
والشاعر كان صادقا وعادلا في كلامه فلم يستطع أن يتحرك بشخصية " الفتاة البدوية" إلى بيئة لم تعرفها ولم تعشها عن قرب أو إلى مكان لم تزره ولم تعرف أهله ، لذلك سار بها إلى أن أوقفها بجانب الطريق الرئيسية المعبدة التي هي الخط الأحمر بالنسبة للفتاة في البادية ، فلو استطاع أن يفعل ذلك لما وفر لهذه الأقصوصة صفة الأمانة ويتبع ذلك أن تفقد أهميتها لأن حياة الإنسان محدودة بالزمان الذي يستطيع أن يعيشه ومحدودة بالمكان الذي يستطيع أن يعيش ويتحرك فيه ويتبع ذلك أن تكون خبرة الإنسان الذاتية محدودة بهذين الحديــن ، ولو افترضنا عكس ذلك لما فضلت الفتاة أن تركب سيارة خاصة لم تعرف صاحبها بدل حافلة عمومية ، فالفتاة إذن تنقصها الخبرة التي تحصل عليها من خلال تجارب الآخرين والتي لا تكاد تحدها حـــدود.
خـاتـمــة
ماذا يريد " الحاج عمر واهروش" أن يقوله من خلال أقصوصته هذه ؟
بكل صراحة، فالشاعر سعى إلى خلق صورة فنية واضحة المعنى ، هي في مجملها معبِّـرة ، ناقلـة للمشاعر الصادقـة نقلا مثيرا، ليست مجرد حشد مرصوص من العناصر الجامدة بل لها فلسفة جمالية مختلفة أبرز ما فيها ( الحيوية ) متخذة أداة تعبيرية كاملة تنقل مشهدا حيا متحركـا ، وتلخص خبرة وتجربة إنسانية رائعة فتسجل بذلك لحظة دالة وتبرز فكرة مفادها أننا نحن الذين جردنا ثقافتنا من زيها الأصلي وشردناها بأفعالنا تلك وساهمنا في رميها في دروب المدينة فأصبحت تائهة ، خادمة للثقافات الأخرى ، نحن الذين نقلنا ثقافتنا من مسقط رأسها بعد جردها من كل معالمها إلى مكان مجهــول لم يعرف حتى في الأقصوصة ، نحن الذين ساهمنا في ضياعها بعدما كانت تتميز بنشاط وحيوية وعفة وتحت مراقبة أعين الوالدين والأسرة والأهــل الذين يحظرون مسهـا بسوء . ومن عـاش زمن هذه الأقصوصة " بداية السبعينات" يتذكر جيدا أن المغرب عـرف ظاهرة الهجرة من البادية إلى المدينة أو إلى أوروبـا بشكل يثير الانتباه حيث إن شباب البادية أثناء عودتهم في مناسبات دينية أو عطل صيفية يجدون أنفسهم قد انتزعت منهم أصالتهم و ثقافتهم رغما عنهم ـ أي بنفس الطريقة التي انتزعت الفتاة من يد الشاعر ـ وحتى لسانهم يتعثر أثناء نطقهم بلغة أمهــم.
وإنني أناشد من وسط هذه السطور كل أما زيغي أرغمته الظروف على نقل ثقافته ( لغته، عاداته، أسرته، قيمه.....) من مكان ولادتها إلى مكان آخـر ألا يجردها من أصالتها وأن يحرص على الاحتفاظ على هويتها حتى لا يجد نفسه ذات يوم وسط غـبار من انتزعها منه قهرا .





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس
قديم 2012-02-21, 13:20 رقم المشاركة : 8
tagnaouite
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية tagnaouite

 

إحصائية العضو








tagnaouite غير متواجد حالياً


العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: فن الروايس .


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشريف السلاوي مشاهدة المشاركة
فن الروايس








إذا أخذنا شعر فن الروايس فسنجده يحمل الكثير من المضامين المسايرة لمجموعة من الظروف مثل الزمان و المكان حيث سنجد ان الحاج بلعيد كان مدافعا عن التقاليد المحافظة و عن الاصالة في عهد الاستعمار الهادف الى احتلال البلاد و تغيير هوية المغاربة الدينية و الثقافية و لهذا السبب ظهر شعر المقاومة عند الرايس الحسين جانتي و الرايس عمر واهروش الخ قصد نشر الوعي بضرورة طرد الاجانب و رجوع المرحوم الملك محمد الخامس من المنفى و هذا النوع من الشعر كان يستعمل الدين كسلاح مفيد و واقعي في تلك المرحلة.
و بعد الاستقلال ظهر جيل اخر من الروايس بمضامين مختلفة عن الجيل السابق كالارشاد الديني و الغزل الرمزي و بالاضافة الى الاغنية الوطنية التي كان يسجلها جل الروايس في بعض الاعياد الوطنية او في بعض الاحداث التاريخية كحدث انطلاق المسيرة الخضراء ,
إن هذا الجيل قد أنجب لنا مجموعة من الروايس و الرايسات و كذا عدة هموم مجتمعية كالفقر و تهميش الثقافة الامازيغية و قضية المراة من خلال نموذج الرايسة رقية تابنسيرت و الرايسة فاطمة تيحيحت الكبيرة التي تركت قصائد رائعة و راقية مع المرحوم الحاج البنسير و المرحوم الحاج عمر واهروش و تتحدث هذه القصائد عن معانات المراة خصوصا في العالم القروي,
فن الروايس هو متعدد الوظائف الاجتماعية و الثقافية و الدينية و ساهم بشكل كبير في مقاومة الاستعمار لكن الجهات الوصية على قطاع الثقافة و الاعلام البصري على وجه الخصوص لم تعطي الحق الكامل لفن الروايس كتراث مغربي اصيل حيث لم نسمع بان مؤسسة ذات طبيعة ثقافية قد حملت اسم احد الروايس باستثناء معهد الحاج بلعيد للموسيقى بتيزنيت و لم نشاهد قط برنامج تلفزيوني يستغرق ساعتان يتحدث عن حياة احد الروايس بينما نشاهد برامج سباق الاغاني العربية و برامج مسابقات اكتشاف الاصوات الغنائية في فرع الاغنية العربية و الدولية بمعنى بان هناك مشاكل مازالت قائمة في عملية ادماج الهوية الامازيغية في التلفزيون المغربي,


و في هذا الاطار يستعد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية لاصدار تقرير تقييمي حول وضعية الامازيغية في اعلامنا البصري منذ دجنبر 2006 أي منذ بداية بث البرامج الامازيغية في هذا الاعلام لكنني اسجل هنا مع كامل الاسف التمييز الصريح حيث على هامش مهرجان موازين المعروف قامت قنواتنا التلفزيونية ببث سهرات فناني العرب على الهواء مباشرة بينما تابعت سهرة الرايسة فاطمة تاباعمرانت عبر الاذاعة الامازيغية و صراحة اعتبر هذا التصرف بمثابة احتقار للفنان الامازيغي خصوصا لان هذه القنوات مازالت لم تحترم تعهداتها تجاه الهوية الامازيغية حتى اليوم
.

أشكرك أخي الشريف السلاوي على كل أعمالك المتميزة ...تحيتي لهذا العرض الفني الأمازيغي الرفيع ، والذي يحافظ على هويتنا ، وتماسكنا ضد أي مؤثرات خارجية ، أو أفكار سواء أكانت شرقية أو غربية تريد العصف بمكونات بلدنا المغرب الحبيب .. تحيتي وتقديري .





التوقيع

محمد الزاكي ( tagnaouite)

آخر تعديل tagnaouite يوم 2012-02-21 في 13:36.
 
    رد مع اقتباس
قديم 2012-02-24, 08:46 رقم المشاركة : 9
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

افتراضي رد: فن الروايس .


و أشكرك أخي المقتدر محمد الزاكي على حسن التتبع و التذّوق لمختلف فنون وطننا الحبيب
مودتي و تقديري





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس
قديم 2012-02-24, 09:12 رقم المشاركة : 10
نزيه لحسن
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية نزيه لحسن

 

إحصائية العضو







نزيه لحسن غير متواجد حالياً


مسابقة السيرة 2

وسام المرتبة الأولى من مسابقة السيرة النبوية العطر

الوسام الذهبي للمنتديات الأدبية

وسام المشارك مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام لجنة التحكيم

و وسام المشاركة المميزة في مسابقات رمضان 1433

وسام المشاركة

وسام المركز الثاني في المسابقة الأدبية

افتراضي رد: فن الروايس .


أعشق السماع ، كما أعشق أن أعرف الكثير عن التراث المغربي الأصيل .. هذه ضرورة تفرضها قيم الحضارة و التشبت بمعالم الوطن و الأمة ..

لكن ما يجعل المرء " يتهرب " و يُعيد النظر في أجواء التقديم للأطباق الفنية و التاريخية ، هو الإعتقاد السائد و الأكثر شهرة .. بكون الفنون ذات الأصل الأمازيغي معرضة و تتعرض للتهميش !!!

لا ياسادة ، الفن برمته معرض للتهميش داخل هذا الوطن ، لا فرق بين أغنية عصرية ، و مسرح ، و طرب شعبي سواء كان أمازيغيا / مغربيا أو مغربيا / عربيا .. والدليل أن كل الفنانين يطلبون الصدقات فوق أسرة المستشفيات !!

فبمقدمة البحث أعلاه ، تمّ التخصيص ، وهي ظاهرة غير صحيحة ، و إنما الحقيقة هي : التعميم .. تعميم اللامبالاة و التهميش و التحقير .

ومن أراد أن يتعرف أكثر على مسلسل التحقير ، فلينتظر مهرجان موازين ليلتقط له ما لذ و طاب من مشاهد الإقصاء و الضحك على ذقون الأوفياء للوطن و الفن .

أخي و أستاذي السي اشريف .. محبتي موصولة على الدوام ، وإنما الإشارة فرضت نفسها .






التوقيع



    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الروايس , فن


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 23:14 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd