الطفل ثمرة رباط مقدس، ولكنه أيضا بذرة مقدر لها إن شاء خالقها أن تنمو فتصبح هذا الشخص الصالح الذي أدرك سبب وجوده أو ذاك الشخص الزائغ عما خلق له. كمرب (أب، أم، مدرس...) لا يمكنني أن أجعل البذرة تنمو إلا أنه بإمكاني أن أهيئ الظروف لنموها.
فهل نتبع نصيحة البعض حين يقولون "اضرب ولدك ضربا، يبصبح مؤدبا " أم نتبع أسلوبا آخر في التربية...
بالنظر إلى الواقع المرير و ما نراه من تصرفات و ما نسمعه من كلام في مدارسنا و بيوتنا و شوارعنا، يظهر لنا جليا أن المربي فشل في مهمته و أن أساليب التربية المعتمدة غير سليمة أو ناقصة... فعلى المربي أن يضع نصب عينيه أنه في حالة حرب و أن ينشد دوما الفوز لا شيء غيره، و عدوه اللذوذ هو: الإعلام المخرب و الشارع و التقاليد الفاسدة و إكراهات العصر المختلفة (مثل خروج الأسرة بأكملها للعمل)...
أساليب التربية كثيرة، يجب أن نختار الوسيلة المناسبة في الوقت المناسب:

للقصة دور كبير في التربية، فهي تسحر النفس عند الصغار و الكبار على حد سواء فتجعلها تنفعل مع المواقف، و يشارك الوجدان و يسرح الخيال في سماء القصة، فيصبح الشخص جزء من الحكاية.

القصص ذات الهدف ترقى بتفكير قرائها حتى أنها قد تكون محفزا لهم على التغيير وعلى محاولة بلوغ أهداف لم يفكروا يوما أن يطرقوا بابها. إذا كان الحال هكذا عند الكبار فماذا نقول عن الأطفال؟؟

أهمية القصة تظهر جليا في نهج القرآن الكريم إما بالإشارة أو بالسرد المتوسط أو الطويل الدقيق:

(فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )الأعراف176

{وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ }هود120

{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }يوسف111

و أيضا في نهج حبيب الخلق محمد صلى الله عليه و سلم مع صحبه في كثير من المواقف والأحاديث التي جاءت على شكل قصة.

وفي بعض المناطق من الوطن العربي و منها المغرب كان الناس يجتمعون في المقهى أو في السوق أو في مجالس خاصة ليسمعوا القصص من الحاكي .

الموعظة بالقصة مؤثرة وبليغة في نفس الطفل الذي يعتبر أصلا ميالا لسماع الحكايات، وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذاب؛ استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيه.

أهمية القصة وتأثيرها
*القصة من أقدر الأساليب الأدبية التي تعمل على تنمية الفضائل الإنسانية في النفس و غرس القيم والأخلاق: (الصدق، الأمانة،الشهامة و المروءة، التسامح، الاجتهاد، بر الوالدين، النظام، التواضع، الكرم، حب العلم...)
*القصة سبيل لولوج عالم الطفل وتعتبر جسرا للتواصل بين الآباء والأبناء.
*أثرها يبقى في عقل الطفل ووجدانه.
*الطفل يستجيب للقصة من تلقاء نفسه وبشغف دون أن يفرض عليه ذلك
*التنمية المعرفية.
*الثراء اللغوي.
*تعلم القراءة و الكتابة
*تطوير ملكة التعبير عند الطفل
*القصة تقلل من الساعات التي يقضيها الطفل أمام التلفاز...
*تحبب القراءة و تجعلها عادة
...........
أنواع القصص
*قصص القرآن الكريم.
*قصص السيرة.
*القصص التاريخية.
*القصص الفكاهية.
*قصص الطير والحيوان
*قصص الأساطير والخرافات.
*القصص الواقعية والخيالية.
............
نظرا للأثر القوي الذي تتركه القصة في نفس المتلقي وجب على الملقي احترام ما يلي
1- معايير انتقاء القصص:
*حسب الهدف المتوخى، مثلا قد تفرض واقعة ما سرد قصة مناسبة لعلاج الموقف...
*مراعاة سن المتلقي كي لا تكون صعبة أو مملة.
*عنصر التشويق.
*سلامة المحتوى من حيث القيم و اللغة.
*الابتعاد عن القصص التي تترك أثرا سيئا في نفس الطفل من تقليد لسلوك خاطئ أو اعتماد على العنف أو إثارة ا
للرعب أو تمجيد لقوى الشر...
2- طريقة العرض:
*اختيار الوقت المناسب للطفل، و عدم انشغال الطفل بشيء آخر
*المقدمة البسيطة المشوقة
*التوظيف السليم للغة، و تبسيطها من أجل الفهم
*التعبير الجسدي أثناء العرض ( الانفعال بالسرور، الانفعال بالحزن، إظهار الدهشة والتعجب، الغضب...)
*تسريب بعض القيم ضمن السرد بحكمة و لكن دون مبالغة بحشو القصة بكثير من المواعظ
*طلب رأي الطفل عن القصة و بعض المواقف فيها أو أن يقترح نهاية أخرى ....
أخيرا أوصيك عزيزي المربي كيفما كانت صفتك بعدم إغفال القصة في تربية أطفالك، و لا تستهن بما قد تقدمه هذه القصة من نفع للطفل. لنجرب جميعا هذا الأسلوب في المنزل و المدرسة و الله ولي التوفيق.

هذا الموضوع برعاية تاكسي

المهم يجب اختيار الأنسب و الأصلح و الأفيد
شكرا جزيلا