منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

شكري: الغشاش يعيش سادية وعدوانية مفرطتين

إيمان رضيف

الصباح : 17 - 06 - 2011

الأخصائي في علم الاجتماع وعلم النفس قال إن بإمكان معاقبة الغشاش أن تحد من انتشار الظاهرة
قال عبد الجبار شكري، أستاذ باحث في علم الاجتماع وعلم النفس، إن أسباب الغش ترتبط أساسا بما هو نفسي واجتماعي، وأنه أنواعا مختلفة، يندرج تحته النصب والاحتيال والغش للحصول على الأجوبة في الامتحان، والتغرير بالآخرين وإعطاء معلومات وهمية. وأضاف شكري في حوار مع «الصباح»
أن الغشاشين المتحدرين من الطبقة الاجتماعية الفقيرة يستغلون غياب مراقبة الأهل لوجباتهم المدرسية فيغشون، والغشاشون
من طبقة ميسورة، فهم أصلا منحرفون اجتماعيا وخارجون عن القانون، في ما يلي نص الحوار:
ماذا نقصد بالغش كمفهوم عام؟
الغش سلوك منحرف يمارس فيه المنحرف النصب والاحتيال على الآخر، وهو أيضا الحصول على أجوبة الامتحان بالاعتماد على دروس مخبأة عند الغشاش، أو هو التغرير بالآخرين، وجعلهم يثقون بالشخص، يقوم بإعطائهم معلومات وهمية لا وجود لها في الواقع من أجل سلب أموالهم أو ممتلكاتهم، أو توظيفهم للحصول على أغراض أخرى. ويتم النصب والاحتيال بواسطة أشياء أو معتقدات أسطورية سحرية أو دينية أو سياسية إيديولوجية ، كما يتم أيضا النصب والاحتيال بواسطة انتحال صفة شخص ما ، إلا أنه يحضر بكثرة في الامتحانات من طرف التلاميذ والطلاب.
باعتبار أن الغش يحضر بكثرة في الامتحانات، على حد تعبيرك، ما هي أسباب انتشاره؟
هناك علاقة وثيقة بين الغش وبين الاضطرابات النفسية والاجتماعية، فهناك مجموعة من الأسباب النفسية والاجتماعية المؤدية إلى الغش والنصب والاحتيال. فنجد نجد في إطار الأسباب النفسية الشعور بالنقص وعدم الثقة في النفس. وهناك سبب ثان لانتشار الظاهرة الذي يصل إلى النصب والاحتيال وانتحال صفة، فمن وجهة نظر التحليل النفسي أن الجهاز النفسي للشخص يتكون من ثلاثة أنساق، نسق اللاشعور ونسق الأنا ونسق الأنا الأعلى، وفي تفسيري أن من أسباب وجود انتحال الصفة الاستهامي هو أنه يرجع إلى أحد النسقين السيكولوجيين اللاشعور أو الأنا الأعلى . ففي حالة انتحال الصفة الاستهامي الذي يدخل ضمن عملية الغش يرجع إلى نسق اللاشعور، فان الشخص النموذج كموضوع لانتحال الصفة الاستهامي يشكل موضوع رغبات ليبيدية مكبوتة تدفع الأنا إلى التقمص اللاشعوري للشخص النموذج والتماهي معه. أما في حالة أن هذا الانتحال الاستهامي، للشخص النموذج ، يرجع إلى نسق الأنا الأعلى فالأمر جد مختلف تماما، ففي هذه الحالة، يدخل هذا الشخص النموذج ضمن عناصر النموذج المثال، للأنا الأعلى والذي يشكل معيارا من المعايير الواعية لمراقبة سلوك الأنا في علاقته بالواقع وفي علاقته باللاشعور ، مما يؤدي بالأنا إلى استحضاره في عمق كينونته الواعية .
لكن في كلا المرجعيتين النسقيتين، فان الأنا يمارس انتحال الصفة الإستهامي، كتعويض نفسي براغماتي في تصريف التوتر المزعج له، وكتعويض سيكولوجي أيضا لضعفه أمام إكراهات الواقع بمختلف آلياته القمعية في تحقيق الرغبات اللبيدية المكبوتة في اللاشعور أو في المقابل كتعويض للأنا في شعوره بالنقص بسبب سلوكاته المنحرفة عن النموذج المثال في الأنا الأعلى .
من جهة أخرى، الغشاش يعيش سادية مرضية وعدوانية مفرطة، فهو يتلذذ بالحصول على نتائج إيجابية في الامتحان دون أن يبذل مجهودا فكريا في ذلك، متلذذا بتفوقه على الآخرين الذين لم يغشوا.
أما في ما يتعلق بالأسباب الاجتماعية التي هي وراء النصب والاحتيال نجد أن التلاميذ الذين يغشون في الامتحان تلقوا تنشئة اجتماعية ليس فيها إدانة للغش، فالطفل عندما يغش في قضية داخل الأسرة، كثيرا ما نجد الأسرة تدعم ذلك باعتبار أن الغش والتحايل هي صفات من صفة الذكاء. كما أن الأشخاص الذين يمارسون الغش المتحدرين من طبقة اجتماعية فقيرة، يعانون غياب مراقبة الأهل لواجباتهم المدرسية، والذين يمارسونه من الطبقة الميسورة فهم أصلا منحرفون اجتماعيا وخارجون عن القانون.
هل من الممكن أن يؤثر الغش على الحياة الشخصية والمهنية للشخص؟
بالفعل إن من يمارس الغش في دراسته وفي مهنته سيكون لذلك تأثير سلبي كبير عليه، لأنه في الغالب ما سينكشف للآخرين ومن ثم سيفقدون فيه الثقة مما سيؤدي إلى عدم ثقة الناس فيه، ومن ثم أيضا ستضيع دراسته ومهنته.
هل معاقبة الغشاشين من الحلول لوقف انتشار هذه الظاهرة؟
هناك مجموعة من الطرق لمواجهة ظاهرة الغش والنصب والاحتيال، أولها أن تكون المقاربة الأمنية قوية جدا في هذا المجال، إذ يجب أن تكون الحراسة مشددة في الامتحان وأن يخضع للعقاب الذي يسنه القانون في الإطار. ثانيا أن تكون الدولة قريبة جدا من المواطنين الذين تعرضوا للغش وللنصب والاحتيال وذلك بإجراء بحث مكثف ودقيق لاعتقال المتورطين وعقابهم. وثالثا أن تطبق الترسانة القانونية بقوة وفي أقصى العقوبات في حق كل من ضبط أنه يمارس الغش والنصب والاحتيال على المواطنين خصوصا إذا كان النصب متوجها إلى تهديد حياتهم أي إلى طعامهم وشرابهم وأدويتهم. ثم محاولة القضاء على العوامل السيكولوجية والسوسيولوجية من خلال فتح مجال المعالجة لعلماء النفس وعلماء الاجتماع المغاربة لمعالجة الظاهرة.