منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   الغش... من ظاهرة مشينة إلى "فن" مباح (https://www.profvb.com/vb/t72530.html)

ابن خلدون 2011-06-18 08:45

الغش... من ظاهرة مشينة إلى "فن" مباح
 
الغش... من ظاهرة مشينة إلى "فن" مباح
تلاميذ يبدعون وسائل جديدة للغش في الامتحانات بدعم من آبائهم وأمهاتهم
بوشعيب حمراوي

الصباح : 17 - 06 - 2011


دخلت ظاهرة الغش خلال الامتحانات المحلية الجهوية والوطنية لنيل شهادة الدروس الابتدائية أو الإعدادية أو البكالوريا، منعطفا خطيرا، بتواطؤ مع بعض المدرسين، وتزكية من بعض المسؤولين محليا وجهويا ووطنيا، وبدأت عدوى الظاهرة تنخر عقول الممتحنين، نتيجة للصمت القاتل الذي تمارسه الجهات المسؤولة بمختلف درجاتها والتوافق اللاشعوري الذي تساهم فيه فعاليات المجتمع المدني، لتصبح الظاهرة حقا مشروعا ينادي به التلاميذ المتعثرين دراسيا بتزكية من بعض آباء وأولياء أمورهم.
ولم تعد الظاهرة حكرا على مؤسسة تعليمية أو مدينة أو قرية دون أخرى، فشعار الغش في الامتحانات أصبح من الأولويات التي يعد لها مجموعة من التلاميذ العدة اللازمة بمساندة أولياء أمورهم. فبسبب الممارسات اللاتربوية التي تسلكها قلة من المدرسين أو الإداريين في إطار المساندة العائلية أو العلاقات الزبونية و المصلحية، أو في إطار تلميع صورة بعض المؤسسات على مستوى الحصيلة الدراسية، ازداد عدد التلاميذ المعتمدين على الغش، واختلفوا بين من يكشر عن أنيابه مهددا المراقبين، أو المتسولين الذي يقضون فترة الاختبار في التوسل والسعي وراء الظفر بجواب ما، دون الانتباه للزمن المدرسي الذي يضيعونه في الالتفات يمينا ويسارا.
وتجرأ البعض الآخر على طلب مساعدة الأساتذة في إيجاد أجوبة الامتحانات، بل إن داء الغش تسلل إلى عقول العديد من التلاميذ النجباء، بسبب ما يعيشونه أثناء الامتحانات من تناقضات.
وقال حميد أحد المرشحين السابقين لنيل شهادة البكالوريا شعبة الفيزياء والكيمياء في تصريح للصباح إن كل تلاميذ فصله كانوا معبئين من أجل الغش، وإنهم تمكنوا فعلا من تبادل الأجوبة في عدة مناسبات سابقة، أمام الحراسة الضعيفة التي ينهجها المراقبون (عين ميكة ). وأضاف أنه وجد نفسه مشاركا في العملية لكي لا ينعته زملائه بكلام قبيح مثل (معقد ، سقرام ...).
ولم يستبعد حميد الذي فشل في الحصول على شهادة البكالوريا أن يعاود الكرة، موضحا أنه انتقى أساليب جديدة ومتطورة وأن المراقبين (الأساتذة ظريفين الله يعمرها دار).
حتى تلاميذ الابتدائي أدمنوا على "النقلة"
كم من مرة خرج العديد من تلاميذ المستوى السادس ابتدائي، بعد اجتيازهم للامتحان الإقليمي الموحد ، يهللون ( وراونا ، ذاك الشي ساهل، شكلوا لينا القطعة، حسبوا لينا الرياضيات بالكاكلتريس ...)، بل منهم من كان يكتب أجوبة صحيحة، وغيرها ليكتب أجوبة المراقبين، وتأكد لهم فيما بعد أنها خاطئة... ليتضح جليا على أن هناك بعض المدرسين يلقنون التلاميذ فن الغش منذ صغرهم، ويحثونهم على نهج هذا الأسلوب الذي يضعف تكوينهم، ويشل مسارهم التربوي والتنموي.
إبداعات سنوية في فن الغش
وإذا كان تلاميذ الأمس يمارسون الغش بأساليب متخفية و محتشمة، خوفا من اكتشاف الأستاذ المراقب لأفعالهم، فإن الممدرسين حاليا رفعوا شعار الغش و أقروا مشروعيته. و إذا كانت بعض المؤسسات التعليمية تعرف حالات يصفها البعض بالنادرة، فإن إهمالها وعدم الضرب على أيادي مرتكبيها، جعل العديد من التلاميذ يجدون فيها ملاذهم في مواجهة المواد الدراسية التي تعتمد على الحفظ . مما زاد استفحالها تدريجيا، و لعل المتتبع لما يجرى إبان الامتحانات الجهوية والوطنية لتلاميذ الباكلوريا يلاحظ مدى التعبئة الشاملة من طرف العديد من منعدمي الضمائر لاستعمال الغش والبحث عن طرق تمكن الممتحنين من الظفر بأجوبة لبعض الاختبارات بمساعدة المراقبين أو من ورائهم،
وتأتي في مقدمة الوسائل المستخدمة في "النقلة"، تصغير حجم أوراق الدروس وتقطيعها على شكل أحزمة ( السينتا)، وهي وسيلة تنشط فيها محلات النسخ ( الفوطوكوبي)، على مرأى ومسمع من عموم الناس، دون تدخل أو ردع من الجهات المسؤولة، و قد تمكن أصحاب بعض هذه المحلات بالمدن الكبرى (الدار البيضاء
والرباط و .....)، من الحصول على دروس مستويات السنتين الأولى و الثانية باكلوريا والثالثة إعدادي في مواد الاجتماعيات
والفلسفة والطبيعيات.... وكذا ملخصات لبعض قواعد مادتي الرياضيات و الفيزياء.. إضافة إلى مواضيع جاهزة للإنشاء في الفرنسية و الإنجليزية...... واللائحة طويلة. جمعوا كل هذه المقررات، وقاموا بتصغير حجمها وبيعها جاهزة للتلاميذ. واتسم الموسمان الدراسيان الماضيان بدخول الهاتف المحمول و(بلوتوت) مسرح الجريمة.
رغم المذكرات الوزارية التي تمنع استعمال الهاتف المحمول داخل المؤسسات التعليمية في الأيام الدراسية العادية، فقد ثبت وبشهادة بعض المراقبين من ذوي الضمائر الحية أن العديد من التلاميذ ضبطوا، وعلى مقدمة يدهم طرف الخيط الذي يصل الأذن بالهاتف المخبأ، حتى أن بعض الحراس كانوا على وشك رفع الحجاب على بعض التلميذات المحتجبات ( وما أكثر المحتجبات خلال فترة الامتحانات )، للتأكد من عدم وجود سماعة لاصقة على أذانهن، كما أن العديد من المتجولين على مقربة من الهواتف الثابتة لاحظوا ازدحام العديد من الأشخاص، واستمعوا إلى رسالاتهم الصوتية التي تتضمن الأجوبة وعيون البعض على أوراق مكتوبة. كل هذه التجاوزات مكنت من نجاح العديد من التلاميذ رغم عدم أهليتهم،
وزادت من المعدل السنوي للحاصلين على شهادات السلك الابتدائي والإعدادي والبكالوريا، ومكنت العديد من الحصول على رخصة اجتياز بعض الدورات الاستدراكية، ليبقى السؤال مطروحا حول المستوى الحقيقي للتلاميذ في جميع مستوياتهم؟
للمدرسين أسبابهم...
رد المدرسين على استفحال ظاهرة الغش كان صريحا وشفافا، إذ انتقد بعضهم مجموعة المراقبين المتواطئين مع التلاميذ الغشاشين، وأكدوا رفضهم القاطع لكل تجاوز من شأنه أن يؤثر على تكافؤ الفرص بين كل المرشحين، كما تحدثوا عن معاناتهم مع هذه الفئة من التلاميذ الذين يهددونهم ويشتمونهم داخل وخارج المؤسسات التعليمية، ومنهم من تعرض للعنف من طرف بعض التلاميذ أو ذويهم ردا على قيامهم بواجبهم المهني في المراقبة. فالأساتذة الذين قضوا الشهور رفقة تلاميذتهم. وتمكنوا من الوقوف على ما بجعبتهم، أكدوا غير ما مرة أن الاكتظاظ وسياسة (العتبة التي تغرف من تحت الوادي)، جعلت العديد من التلاميذ ينتقلون إلى أقسام عليا، وهم غير مؤهلين. وقال أحد المدرسين: كيف يعقل لتلميذ غير قادر على استيعاب دروس مستوى ما، أن يتمكن من تحصيل المواد المدرسة في مستوى أعلى منه؟
وإذا سألنا المدرسين في مختلف الأسلاك عن رأيهم في نسبة الناجحين، أجابوا بلا تردد إن النسبة عالية مقارنة بالمستوى الحقيقي للتلاميذ.
واستغرب بعضهم نجاح بعض التلاميذ، وبرروا ردهم( يوجد بالقسم الفلاني حوالي خمسة وأربعون تلميذا ضمنهم ثمانية أو تسعة تلاميذ لهم من الكفايات ما يمكنهم من استيعاب الدروس).
كما أن المستويات تضيف المجموعة، التي تنتهي في نهايتها بالتوجيه (الثالثة إعدادي،الجذع المشترك)، لا يكون لدور الأساتذة أي وزن أمام النقط المحصل عليها كل تلميذ والفيتو المدرسي (العتبة)، الذي يحمل شعار تعميم التعليم دون الدخول في الكم و الكيف، ويبقى على المدرسين تأشيرة( علمي، أدبي...)، التي تنتهي على التوالي بتصنيف التلاميذ إلى فئات ( كسول أو مجتهد...)، ومنحهم ميزات (إنذار، توبيخ تنويه، تشجيع)، التي غالبا ما ترتكز هي الأخرى على النقط المحصلة، وتكون معارضة للمستوى الحقيقي للتلاميذ، كما أنها لا تؤخذ بعين الاعتبار في مسار التلميذ الدراسي.



الساعة الآن 04:29

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd