منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - هادِي ألِـّي مَا بْـغَاتْ تَهْدَا..........أعِــيَّادَة!!!

عِـبر مؤثرة تلك التي غرستها جدتي في وجداننا و مازالت تنمو، لكن واحدة من ذاكرتي أبدا لا تحيد.

خلف بيت على ربوة مطلة على سائر القرية الهادئة بسكونها المثير . تبدأ الجدة في سرد حكايات لا تنتهي ، تجعل لها مقدمة من كيانها و معاناتها مشيرة لأيام خير وعز خلت ، تأسف على رحيلها ، و بيوت مهجورة راح أهلها ، و أحباب فارقوها تاركين غصة في حلقها مجرد النطق بأسمائهم ، وما إن تأت على ذكر أبيها وأمها حتى تنساب دموع حارة نابعة من الأعماق على تجاعيد خدودها ، رمزها الصبر و الجلد على عوامل الزمن الذي نال منها ونالت منه في ريعان شبابها حسب زعمها .
غبي أنا،لما خالجتني حينه فكرة((أفي هذا السن المتقدم تتألم الجدة على والديها ؟ )) ها أنا اليوم كلما تقدمت في السن تنزل عبرات مضاعفة يصحبها أنين لفراقها . تنطلق بعنوان مجلجل و مدو لقصتها ، قائلة : تلكم يا أبنائي قصة المرأة الضريرة التي تحمل اسمي، رفضتها زوجة ابنها و ألحت عليه لفظها في أي مكان. راح المسكين بأمه في يوم مكفهر حتى بلغا مكانا رأى أن ينزلها في ((مطمورة)) زاعما الاختباء و الاتقاء من المطر.
تسلل صاعدا ...
تاركا إيَّاها ، وبعد تفكير لئيم و خبيث، سمحت له نفسه إصدار دوِي بكلتا رجليه ثم التبول على الغار ليوهمها بأن السماء تمطر و ترعد .
هنا طفا وبزغ عبق الأمومة و صاحت ظانة أن ابنها ربما يتعرض لسوء :(((هادِيألِـّي مَا بْـغَاتْ تَهْدَا دِيرْلْها دُّا أعِــيَّادَة، فيـنْ شَدُّاتَـكْ هادْ الـرَّعْـدَة أوْ لِـدي )) . تعاتب كبدها الذي يوخزه شيء كلما مس ضر ابنها و تتمنى كـيَّه كي لا تفكر فيه ولا ترتبط به كثيرا؛ كلمات زلزلت كيان الابن عند سماعها و نزلت عليه كالصاعقة أدمت قلبه و تراجع عن فعلته ...
وحتما قال يوما لما أتى الزمان عليه بدوره. ولما كبر أبناؤه واشتد عودهم و ردوا له الصاع صاعين ، حينئذ تفكر و تذكر ونطق قولة أمه الشهيرة مع حذف تاء التأنيث فقط : ((هادِيألِـّي مَا بْـغَاتْ تَهْدَا دِيرْلْها دُّا أعِــيَّادْ، فِـيـنْ شَدُّاتَـكْ هادْ الـرَّعْـدَة أوْ لِـدي)).
وحين أتمتم اليوم بنفس الكلمات أمام أبنائي ،يُـفهم من خلالها أن ناقوس جدتي رنَّ ، و أن ثمة شيء عكر صفو خاطري ........... و أن الدور لا محالة آت عليهم..........

الله يسمح لينا من الوالدين