منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

إتمام البرامج الدراسية مجرد سراب

الصباح التربوي

الإضرابات استنزفت أزيد من 60 يوما

الوزارة حرصت بداية الموسم على تأمين زمن التعلم فووجهت بإكراهات تسببت في هدر دراسي غير مسبوق
دشنت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي الموسم الدراسي الحالي على إيقاع يستشف منه نوع من الإرادة، الصارمة والصريحة في الآن نفسه، التي تترجم عزمها على اجرأة حرصها على تمكين المتعلمين من "حقهم الكامل في التربية والتكوين، وضمان استفادتهم من الحصص الصفية المبرمجة ومختلف الأنشطة الداعمة المرتبطة بها في ظروف تربوية مناسبة"، لذلك "تشرفت" كاتبة الدولة لدى وزير التربية الوطنية المكلفة بالتعليم المدرسي، بإخبار المفتشين العامين والمديرين بالمصالح المركزية، والمسؤولين الجهويين والمحليين والمفتشين والمديرين، من خلال المذكرة رقم 54 الصادرة بتاريخ 06 شتنبر 2010 في موضوع "تأمين الزمن المدرسي" بأنه تقرر تعميم مقاربة تأمين الزمن المدرسي التي تم تجريبها خلال الموسم الدراسي المنصرم في 3 أكاديميات و9 نيابات و108 مؤسسات".
وتستهدف هذه المقاربة، حسب المذكرة نفسها، "تنسيق جهود المتدخلين وتدقيق المسؤوليات بشكل مندمج، وتعزيز المساهمة المجتمعية لمواكبة عمليات تأمين الزمن المدرسي، وترسيخ ثقافة الالتزام والمسؤولية والوعي بتكامل ثنائية الحق والواجب". وذلك بعد أن استحضرت "نتائج الدراسات التقويمية المنجزة بمؤسساتنا التعليمية بخصوص تدبير الزمن المدرسي وزمن التعلم، والتي أبانت عن وجود اختلالات وازنة، من تبعاتها عدم اتمام البرامج الدراسية المقررة، وتفويت قدر هام من فرص التعلم بالنسبة إلى المتعلمين، الأمر الذي يفسر، وبشكل دال، تواضع التحصيل والأداء الدراسيين لتلميذاتنا وتلامذتنا".
لكن يبدو أن هذه الإرادة الوزارية في تأمين الزمن المدرسي، والحرص على تمكين المتعلمين من حقهم الكامل في استنفاد الحصص التعليمية، ستصطدم بإكراهات متعددة ستمشي رياحها بما لا تشتهيه سفن الوزارة. ومن هذه الإكراهات ما هو ذاتي يتعلق بالتدبير المختل للوزارة ومصالحها الجهوية والإقليمية، وما هو موضوعي يرتبط أساسا بموجة الحركات الاحتجاجية للعاملين بالقطاع المدرسي.
فعلى مستوى العوائق الذاتية، انطلق الموسم الدراسي الحالي على إيقاع العديد من المشاكل التي اعترت تدبير الموارد البشرية، وتحديد عمليات الحركات الانتقالية والجهوية والوطنية، وكذا عمليات إعادة الانتشار داخل كل أكاديمية جهوية على حدة، إذ تأخرت هذه العمليات كثيرا بشكل غير مسبوق، وشهدت اجراءات إعادة انتشار هيأة التدريس ارتباكا شديدا أدى أحيانا إلى بروز نزاعات بين الإدارة والشركاء الاجتماعيين (نموذج أكاديمية الدار البيضاء)، ما عطل الانطلاق الفعلي للدراسة في كثير من الاقسام لأزيد من شهر، وذلك في عز الحرص الوزاري على "تأمين الزمن المدرسي" عبر الانطلاق فعلا في الدراسة في منتصف شهر شتنبر. وما زاد الطين بلة، بخصوص السلك الابتدائي، القرار الذي اتخذته الوزارة بتأخير فترة تعلم الادماج بأسبوعين اعتبرا حينها هدرا فظيعا للزمن المدرسي، وذلك لأسباب عزتها مصادر وزارية إلى مشاكل لوجستيكية تتعلق أساسا بعدم توفير كراسات الوضعيات الادماجية في الوقت المحدد.
أما العوائق الموضوعية فهي ترتبط كليا بموجة الحركات الاحتجاجية للمنتمين إلى القطاع، والتي تميزت بإضرابات استنزفت، حسب بعض الاحصائيات، أزيد من ستين يوما، توزعت على مدد وصلت أحيانا إلى ثلاثة أيام خلال أسبوع واحد، وتناسلت بحسب عدد النقابات الداعية إليها بين ما هو محلي وجهوي وما اتخذ منها طابعا وطنيا، فيما يجري التلويح حاليا بإضرابات فئوية قد تتخلل شهر يونيو وما تبقى من الشهر الجاري.
والسؤال الذي يطرحه عدد من الفاعلين والمهتمين بالشأن التربوي، وفي مقدمتهم الآباء وأولياء الأمور الذين اعتبروا ابناءهم رهينة حسابات نقابية ومطلبية ضيقة، إذا كانت الدراسات التي انجزتها الوزارة سابقا، وخلصت "إلى وجود اختلالات وازنة من تبعاتها عدم إتمام البرامج الدراسية المقررة وتقويت قدر هام من فرص التعلم"، فأي نتائج يمكن استخلاصها بخصوص الزمن الذي تم هدره هذا الموسم؟ والجواب لا يحتاج منا قدرا من التفكير، وجزء كبير منه يمكن تلمسه في ما اكتسبه المتعلمون من معارف ومهارات يفصح عنها سواد دفاترهم، إن كان بها سواد أصلا!وهو الواقع الذي لا يمكن لتأخير الامتحانات الاشهادية بأسبوع أن يتجاوزه.
عبد الكريم مفضال