منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

رسالة مفتوحة

عزيزتي،

منذ أن قررت التقدم لطلب يدك للزواج، و أنا دائم التفكير في أمرنا، إلى درجة أنني لم انم بعض الليالي لكثرة تفكيري، هاجسي الخوف من الفشل، أتدرين لماذا؟ لأنك لا تساعدينني....!!! في كل مرة تعطين لي ألف عذر للتراجع !!!
فعنادك، وعدم نضجك( رغم أن عمرك 27 سنة) يجعلني أعيد التفكير مرات متعددة، دون أن احسم، فقلبي و عقلي في صراع، الأول متمسك بك و الآخر يحاول إبعاده عنك....و لكن لإنجاح الزواج إلى جانب القلب يجب إعمال العقل، لان الزواج هو حياة ثانية للشخصين المرتبطين، ستدوم بقية عمرهما، إذا نجحا سيدوم نجحهما معهما إلى النهاية و معه السعادة و راحة البال، و أن فشلا فسيدوم معهما الفشل إلى النهاية و معه التعاسة و الشقاء و العياذ بالله...و لا احد يتمنى أن يعيش في التعاسة و الشقاء لدقيقة واحدة فكيف ب30 أو 40 سنة،و بطبيعة الحال شقاؤهما لن يقتصر عليهما فقط و لكن سيمتد إلى عائلتيهما و أبنائهما.....
عزيزتي،
الحب شيء جميل، و لكن إلى جانبه يجب أن يتوفر النضج و العقلانية... و الكلام الجميل مطلوب، و لكن إلى جانبه يجب أن يتوفر حسن التدبير و الرأي الصائب....
عندما طلبت مني مرة أن أقنعك بالزواج مني ظننت أن المطلوب هو إقناعك بأخلاقي مثلا أو بأفعال على ارض الواقع و ليس كلاما جميلا...أنا لا أحاول أن أقول أن هذا خطأ و لكن فقط لا يجب أن ينبني عليه قرار مصيري.....
عزيزتي،
يقول رسولنا الكريم (ص):‹‹ تنكح المرأة لأربع، لمالها و لحسبها و لجمالها و لدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك.››
و أنا لا أريد لا مالا و لا حسبا و لا جمالا، أريد أن اظفر بذات الدين لأفوز بدعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم..
نعم، لتوقع النجاح في الزواج لابد من توفر الوازع الديني لدى الفتاة التي تُختار للزواج، و الدين هنا لا يعني
العبادات فقط كالصلاة و الصوم ... لا ! إنه اتقاء الله في كل شيء، في كل صغيرة و كبيرة في هذه الحياة، و من بين هذه الأشياء اللباس، و السلوك و التصرفات، و الكلام....
عندما نتحدث عن اللباس،الذي هو الحجاب، لا اقصد به تلك القطعة من القماش التي توضع على الرأس، أبدا!!!
الحجاب قبل أن يكون لباسا هو شيء داخلي، يعني أن تخضع الفتاة لضوابط الحياء و الحشمة و الرزانة في لباسها و تصرفاتها و سلوكها، نعم فالفتاة التي تضع منديلا و لكنها تلبس لباسا ضيقا أو قصيرا يظهر مفاتنها و تفاصيل جسدها، لا تتقي الله، و الفتاة التي تجالس الشباب و تمازحهم و تقهقه في جماعتهم و تقول عنهم زملاء و أصحاب و إخوة ، لا تخاف الله، هذه بعض الأمثلة فقط و اللائحة طويلة، أما بالنسبة للزوجة التي تتصرف مثل هذه التصرفات فلا تستحق أن تكون زوجة، و الذي يحتفظ بها في ذمته لا يستحق أن يقال عنه رجل.....
أنا أريد زوجة تقول لي اتق الله، إذا رأت مني سلوكا يغضب الله، و تشجعني إذا رأت مني سلوكا يرضي الله، فكيف تفعل هذه الزوجة ذلك أن لم تكن تعرف حدود الله؟...
أريدك أن تعلمي انك دائما- و بدون استثناء – عندما ابدي ملاحظة اتجاهك، لا تقبلينها و لو كُنْتِ على خطأ، و الأسوأ أنك تعطين أعذارا لكل شيء و لو كانت هذه الأعذار غير شرعية ولا مقبولة....
يجب أن تتعلمي الاعتراف بالخطأ، فالاعتراف بالخطأ فضيلة و إصلاح الخطأ أعظم الفضائل.. حيث أن العناد لن يفيد إلا في تأزيم الأمور و تعقيد المشاكل...
عزيزتي،
فكري جيدا في توسيع مداركك في مجال الدين، فذلك هو ما سينفعك في دنياك و آخرتك، كم ستعيشين؟ 1000 سنة؟ أكثر أو أقل، مهما طالت هذه الحياة أو قصرت كلنا إلى الفناء و مآلنا إلى الله جل و علا...
ففكري في ذلك اليوم الذي ستقفين فيه بين يدي الرحمن و لا تغرنك الدنيا ....التمسك بالدين، و طاعة الله تبارك و تعالى و مرضاته و الابتعاد عن الحرام و الشبهات، هو طريق النجاة...
عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وأن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب )

سيدتي،
لقد كان أملي دائما في أن يصلحك الله و يهديك لتكوني لي عونا و سندا في ديني و دنياي، فأرجو الله أن يستجيب دعواتي، هو القادر على كل شيء سبحانه...
سيدتي،
بماذا يصف المولى عز و جل الزواج؟ يصفه ب: ( ميثاقا غليظا )، أي أنه رباط قوي بين الزوجين، يرعاه الله، و من يخل منهما بالتزامات هذا الرباط حسيبه الله...
و من بين هذه الالتزامات أن الزوجة لا تعرف أحدا من الرجال غير زوجها، و أن الزوج لا يعرف أحدا من النساء غير زوجته و كفى... فالزوج الذي يجد زوجته تعرف رجلا آخر و تقول عنه أنه زميل الدراسة أو زوج صديقتي أو أخ صديقتي أو أنه مثل أخي ( هذا ما أسميه ضحكا على الذقون فالأخوة بين الرجل و المرأة الأجنبية عليه ما هي إلا محاولة لإضفاء بعض الشرعية على علاقة غير شرعية ) أقول بأن هذا الزوج يجب أن يطلق هذه السيدة في الحين لأنها لا تستحق أن تكون زوجة بل مثل تلك مكانها الطبيعي هو الشارع... و كذلك بالنسبة للزوجة التي تجد زوجها يعرف امرأة أخرى خارج مؤسسة الزواج يجب أن تطلب الطلاق لأنه ليس إلا فاسقا لا يستحقها...
نعم سيدتي، فما نلاحظه اليوم من ارتفاع نسب الطلاق و خاصة بين حديثي الزواج يرجع السبب الرئيسي فيه إلى تفسخ الأخلاق المستشري في المجتمع...
عزيزتي،
لقد لاحظت من كلامك و طلباتك أنك تريدين زوجا يفعل ما تريدين و ينفذ ما تطلبين...و للأسف الشديد لست ذلك الشخص( إلا في حدود المعقول طبعا ) ... فأنا أريد زوجة تطيعني أنا و ليس العكس...في هذه الحالة لا أعرف كيف يمكن أن نتفق...لماذا نكابر إذن ؟ فلنقلها صراحة : في ظل هذه المعطيات صعب أن ننجح بل مستحيل...
أنا هكذا و لا يمكن أن أتغير لأنني مقتنع أنني على صواب، فأنا غيور و لا أحب قلة الحياء و لا يمكن بتاتا أن أتعايش معها... فإن أردت أن تسيري معي في الطريق التي اخترتها فمرحبا بك و لن أقول لك إلا أنني سأتقي الله في تعاملي معك و الله وليي و وليك...
سيدتي،
نحن الآن (أنا و أنت ) في مفترق الطرق، إما نسير معا في طريق واحدة تجمعنا إلى النهاية أو أن يسير كل واحد في طريقه التي يختارها و التي يظن أنها المناسبة له...فالآن هو وقت الاختيار فاختاري....

يقول الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون .) سورة الروم ... و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ....

مع محبتي