منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   قصص وروايات (https://www.profvb.com/vb/f218.html)
-   -   سبيلان لا ثالث لهما (https://www.profvb.com/vb/t69842.html)

أبو سامية 2011-05-16 16:49

سبيلان لا ثالث لهما
 
سبيلان لا ثالث لهما

من تأليف: محمد إبراهيم العريني

ظل طوال عشرين عاما يلهث وراء طموحات بسيطة وآمال ساذجة دون أن يحقق منها شيئا، يتدحرج ككرة ثلج فيجمع مع كل إطلالة يوم جديد هموما تضاف إلي حقيبته المثقلة بنكبات الزمان، أنهي دراسته الجامعية والتي كان يظنها سبيله إلي تغيير حاله البائس، فوجد نفسه واقفا في طابور المنتظرين لأكثر من سبع سنوات عجاف قبل أن يجد نصف عمل في إحدي المدارس الحكومية براتب لا يكفي لإطعام كلب، راتب يتقاضاه فقط أثناء أيام الدراسة شتاءا ويمنع عنه صيفا.

تزوج بعد أن تعدي الرابعة والثلاثين من عمره بإحدي قريباته ممن أوشك الزمن علي تجاوزهن، ولولا رغبة أبيها في زواج بنته العانس لما استطاع أن يتزوج طيلة حياته، ومن يرضي به والكل يعلم أنه تقريبا بلا عمل حتي وإن ارتدى كل صباح قميصه الأوحد وبنطاله المهترئ وتظاهر بأنه موظف، التقط هذه العانس لا لشيء إلا لأنه يريد أن يشعر بأنه إنسان كباقي الناس يأكل ويشرب ويتزوج النساء، كما أنه كان في حاجة إلي من يغسل ثوبه وينظف فرشه ويرتب شقته القديمة التي كانت تشبه خم دجاج.

طارت سنوات العمر دون أن تحمل جديدا يلتهم بؤسه وينهي أحزانه، بقي في نفس المهنة المؤقتة ولم تفلح كل محاولاته في الحصول علي وظيفة محترمة تكفيه قوته وتغنيه عن الإستدانة التي أصبحت شيئا من خصاله وعادة لا تنقطع، ولكن كيف السبيل إلي ذلك وهناك ملايين يعانون مما يعاني ويسبقونه إلي أي فرصة ليحظي واحد في المائة منهم بها ويعود الآخرون بخفي حنين، ينتظر كل مرة يوم لا يأتي ويجري وراء سراب لا ينتهي ويبحث عن آخر قطرالماء في بئر عشيرة قد رحلت منذ أمد هربا من الجفاف.

لم يتغير في حياته بعد قرب بلوغه الخمسين من عمره غير عدد الأفواه الملهوفة التي تجتمع حول الطاولة المكسورة كل صباح، ثلاثة أبناء وبنتان، تراكمت ديونه وأصبح كهلا رغم أنفه، تعيسا مغلوبا علي أمره تحكمه امرأة يائسة وأبناء لا يجيدون غير البلع والصراخ. حدث ذات يوم أن تذكر أستاذه القديم " الأستاذ عبد القوي" الذي كان يدرسه أيام المراهقة، تذكر ما كان يقوله هذا الأستاذ عن الطموح والأمل فتبسم ساخرا وقرر زيارته ليروي له مأسأته لعله يفتح المسدود ويصلح المثقوب ويصنع منه–حتي ولو بالكلمات- أشياء وأشياء.

دخل علي أستاذه الذي غير الزمن ملامحه فأصبح هيكلا يجلس علي أريكة في صحن البيت لا يعبيء به الصغار من أحفاده وهم يعبثون هنا وهناك، اقترب منه وذكره بنفسه، وبدا أن الرجل يمتلك ذاكرة حديدية إذ سرعان ما تذكر صاحبنا وأخذ يسأله عن أحواله فروي له كل شيء حتي أطرق العجوز برأسه ثم بدأ الكلام:
"اسمع يابني لم يعد أمامك أنت وأمثالك في هذا الوطن الجريح غير سبيلين لا ثالث لهما؛ إما أن تلقي بجبنك وخوفك خلف ظهرك وتتمرد علي ظلم قد أحاط الجميع من كل جوانب، فتطالب بحقك المسلوب وتقاوم من باع أرضك وقتل حلمك وفتك بأمالك، وإلا فلتحمل حقيبتك وتهجر أرضا قد نسيت نبتها، فمنعته ماءها وغذائها حتي جف أوكاد، وتبحث عن أرض أخري علك تعوض ما فاتك من حظوظ الزمان، أو حتي تجد فيها من يعبئ بك وبأمثالك". ثم سكت الشيخ فلم ينبس ببنت شفة.

فطيمة الزهرة 2011-05-16 18:01

رد: سبيلان لا ثالث لهما
 

أبو سامية 2011-05-17 05:58

رد: سبيلان لا ثالث لهما
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فطيمة الزهرة 2112 (المشاركة 378886)




ألف شكر لك أختي الكريمة على المرور

فاطمة الزهراء 2011-05-17 11:44

رد: سبيلان لا ثالث لهما
 
قصة رائعة استاذي القدير

اشكرك على الإنتقاء الموفق


أبو سامية 2011-05-19 19:45

رد: سبيلان لا ثالث لهما
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء (المشاركة 379057)
قصة رائعة استاذي القدير

اشكرك على الإنتقاء الموفق



بارك الله فيك أختي الكريمة فاطمة الزهراء و ألف شكر لك على المرور العطر


الساعة الآن 21:21

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd