منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   على هامش الملتقى الجهوي لهيئة التفتيش التخصصي بشأن برنامج العمل التربوي (https://www.profvb.com/vb/t6924.html)

RSS 2009-10-07 23:30

على هامش الملتقى الجهوي لهيئة التفتيش التخصصي بشأن برنامج العمل التربوي
 
على هامش الملتقى الجهوي لهيئة التفتيش التخصصي بشأن برنامج العمل التربوي
لحسن كجديحي
أثارت موجة اللقاءات التي أجريت أخيراً في المدرسة العليا للأساتذة بمدينة مراكش( إحدى المؤسسات التابعة لأكاديمية مراكش تانسيفت الحوز)، تحت عنوان"الملتقى الجهوي لهيئة التفتيش التخصصي بشأن برنامج العمل التربوي" وحواراتها، انتباه المتتبعين والباحثين التربويين بهذه المدينة. إلى ذلك الحراك التربوي الذي ظل يبحث عن مكان يتموضع ضمنه،
فقد جرت عدة لقاءات قدمت خلالها وعود عدة لم يتحقق منها أي شيء يذكر لهذه الجهة، من حيث الترسيخ الديموقراطي للشأن التربوي، سواء تعلق الأمر بحركية الأطر التربوية السليم والمتكافئ، أو باستحضار معايير جادة تعتمد الشفافية وتكافؤ الفرص لتكليف من بسهر على تدبير هذا الشأن. وإذا تجاوزنا هذا المنطلق، فلابد من رصد الظواهر المصاحبة للحظات التي مر بها جو اللقاءات ، وفهم طبيعة التحوّل الذي يحدث في توجهاتنا، وأثر التطور الذي يمكن أن يظهر عليه، ومفعول التدخلات، التي أصبحت تعيد صياغة العلاقة وفق أدواتها الجديدة، التي أرادت أن تربطها بالقيادة الجديدة في شخص مدير الأكاديمية الجديد. وعلينا الإقرار بأن طريق الحكم السريع قد يغيّر وجه طبيعة هذه العلاقة منذ الوهلة الأولى. وحتى لحظتنا الراهنة التي نعيشها، فقد أصبحت عدة سلوكات وللمرة الأولى مكشوفة، وأزيلت الحجب والأسوار التي كانت تعزل بعض هيأة التفتيش بعضها عن بعض، ولم يستثن من تأثيرها جهتنا، التي تبدو جامدة على السطح، ولكنها داخليا تمور بالعديد من المتغيرات، وبالطبع فإن الأداة الأولى في انخراط هيأة التفتيش في هكذا طريق هو جعلها تطمئن إلى أن هذا التحول هو تحول حقيقي، وذلك من خلال فسح المجال لها للقيام بأعمالها المنوطة بها باستقلالية ضمن القوانين المسطرة في هذا المضمار،هذا من جهة ، ومن جهة أخرى استحضارها وعدم إقصائها والتعاقد معها في كل ما من شأنه أن ينفع ناشئتنا ويسهم في تطور وطننا. وهذه النظرة الموضوعية التي أطلقتها هيئة التفتيش منذ سنوات طويلة، بدأت تأثيراتها تظهر واضحة في كل اللقاءات التي شهدتها الأكاديمية رفضاً أو قبولاً، فانطلقت مكرهة وحيدةً تسعى لمواكبة ركب التطور، وقد زرع فيها امتلاكها لهذا الفضاء المفتوح، وذلك القدر من تحمل المسؤولية ، رغبة عارمة في التصدي لإدارة شؤونها، وعدم تسليمها بمقولة " العام زين "، ووصاية من كانوا يعتقدون أنهم كبارا عليها. وما يمكن أن نستخلصه هو أن النظرة الموضوعية السالفة الذكر، بدأ يتشكّل بها وعي جديد ينتمي لقيم عصرية حداثية، ينحاز للتجديد وللتقدم، ويعلن بشكل صريح عن رغبة كبيرة تتشكل وتعلن عن نفسها في تزايد الإحساس من قبل هذه الهيئة، بضرورة الإسراع في اللحاق بركب العصر والتحديث، ورفض قيود التخلف والتشدد، عبر تأثرها بالعديد من المتغيرات، التي يرتبط بها الشأن التربوي الآن فيما يعرف بـالقيادة الرشيدة. ولكن الرسالة الأساسية، والمهمة التي نأمل أن تقدمها نتائج هذه النظرة الموضوعية، هي جعلها تواقة للتعددية والإيمان بأنه لا يوجد مستقبل لأي جهة تحاول أن تفرض رؤيتها الأحادية، أو يغلب مذهبها على طائفة أخرى. لم تعد هذه التصورات مجرد رغبات دفينة في الصدور، بقدر ما ينبغي أن تتحوّل إلى قوة تعكس إرادة حقيقية، حتى تصبح واقعاً على الأرض لمصلحة مستقبل الشأن التربوي. فالثورة التعليمية لأي مجتمع لا يمكن أن تتحقق من دون إرساء التشريعات القانونية والتعاقدات التي تجعل من الجميع ينخرط بتلقائية آخذا بعين الاعتبار أن مصلحة المتعلم فوق كل اعتبار. فنحن نعلم أن القرارات الأحادية تتسم بسمتين رئيسيتين: أولاها: اعتباطية هذه القرارات، وعدم استنادها إلى الأبحاث والدراسات والمناقشات حول جدواها وملاءمتها للأوضاع التربوية في الجهة. وثانيها: عدم دخول هذه القرارات في إطار خطة متكاملة مدروسة بحيث يأتي كل قرار مكملا لما سبقه، وجزءا مما يليه، والنتيجة غياب التوازن والتناغم والانسجام بين هذه القرارات.
لقد ظل حلم التسيير الأحادي حلما هشا ما إن هبت عليه رياح التغيير العاصفة حتى أزاحت رماد التماسك، وظهرت تحته شقوق الخطابات الخشبية الغائرة، فتأججت روح المبادرة الهادفة التي كان الجميع يحسبون أنها قد خمدت ليتحول من جديد أبناء الهيأة الواحدة إلى حالة من نكران الذات، مستحضرين أن هم الشأن التربوي هم قد لازمهم ويلازمهم حتى تحقيق التصحيح وجعل العملية التربوية والعمل التربوي الهدف الأساس رغبة في بناء الكفايات المسهلة للاندماج في بناء مجتمع سليم، والانخراط السلس في تطوير هذا البناء. من المؤكد إذن أن الانفراد بالقرار يحتضر. لا لأنه يرقد في نعشه الناعم، بل لأن القوة التعتيمية والتي ظلت تجذب في فلكها كل النظريات العقيمة قد اختنقت ثم اختفت ، وسقط الفكر الخشبي، واختلطت أحاسيس التوق إلى التشاركية في ظل التعاقدية بمحاولة التعبير عن الذات واستنشاق رياح الحرية والإبداع. وهكذا لا تبقى كل أسئلة المستقبل بلا إجابة. كان فعلا هذا أوان الخريف، والأشجار المتناثرة أخذت لونها الذهبي وأخذت تتعرى ببطء من أوراقها القديمة، فكان الجو مليئا بأنفاس الموت والميلاد الجديد في آن. إنه خريف غريب مليء بالنذر، يلقي بظلاله على واقعنا التربوي فيحول وهج الألوان إلى اصفرار الأفول. لقد حدث كل ذلك في تصورات سابقة بألوانها المختلفة كطريق لتخليص الشأن التربوي من الشرور وإيلاجه مداخل الخلاص والتجديد، فلم تفلح في ذلك، بل جاءت النتائج على عكس ما توقع لها مؤيدوها، وعلى أسوأ مما توقع لها معارضوها. لقد كانت مسيرة الأحداث والتصورات الجديدة و المخالفة لسابقاتها تشير بوضوح إلى أن شيئا أساسيا وجوهريا سوف تتمخض عنه الأحداث، فإن كان الفشل الذي حققته الأفكار الفردانية على المستوى التربوي واضح المعالم، بعد أن استنفدت هذه الأفكار كل قدرتها على البدائل التي طرحتها، فإن أفكارًا تربوية جديدة لابد من طرحها حيث تناسب الواقع وتقرؤه بعناية. كلما سمحنا لها بالظهور وحق الوجود. مرحلة الانتقال الصعبة التي نمر بها ليست مرحلة يمكن أن ينظر إليها باستخفاف، وهي مرحلة تحتاج - أول ما تحتاج - إلى إعمال الفكر لتحديد الأهداف المبتغاة والوسائل الكفيلة بالوصول إلى هذه الأهداف، والمطلوب هو وضع استراتيجية كبرى لها شروط دقيقة منها عدم العودة إلى الوسائل والتطبيقات السابقة ومنها أيضا أن يشترك الجميع في حوار ديمقراطي للوصول إلى تحديد هذه الأهداف ثم التواضع في وضعها موضع التطبيق حسب الإمكانات والقدرات المتاحة.
لقد خلطنا خلطاً بينا في كثير من الأوقات بين الوسائل و الغايات إلى درجة أن الاختلاف على الوسيلة استنفد منا جهدا وصراعاً عميقين، نسينا من جرائه أن ننظر إلى الغاية، بل غابت عنا الغايات وتلاشت بسبب هذا الاختلاف، بل وفرطنا في الغايات نفسها في بعض الأوقات، بحيث ما زال بعضنا يقوم عن جهل وقصر نظر أو عن عمد وسوء طوية بخلط الوسائل والغايات. الرفع من مستوانا التعليمي غاية كما هي الديمقراطية - مثلاً - غاية، قد تتحقق بوسائل مختلفة وقد نأخذ من الزمن أكثر مما توقعنا لتحقيقها، مثلها مثل التنمية، فهي غاية إن لم تتحقق بطريق في التطبيق تحققت بطريق آخر، فقط علينا أن نعمل العقل بشكل موضوعي، وإعمال العقل بشكل موضوعي لتحقيق هذه الغايات يقضي بأن الغاية النبيلة لابد أن تتحقق بوسيلة نبيلة. علينا إذن أن نعيد تجربة الوسائل المختلفة، وعلينا مناقشة هذه الوسائل بقلب وعقل مفتوحين دون أن تغيب عنا الغايات. لقد أقعدت أزمة الحوار مع الآخرين إمكان التطور العقلاني السليم واستخدام الموارد المتاحة للوصول لأفضل نتائج إنمائية، وما زال بعضنا تثقله مشكلة الحوار مع الآخرين فيهب إلى التهديد والوعيد، وهو قبل غيره يعرف أن هذا التهديد والوعيد لا ينجزان شيئا.
يتبع...
المصدر:المسائية


الساعة الآن 10:22

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd