منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - ملخص مقدمة الفصل الثاني : معايير الأستاذ المتميز

الفصل الثاني : المعايير العالمية للأستاذ المتميز

مقدمة :
في ضوء التحديات الدولية الجديدة لعالم يتطلب الجودة الشاملة في كل مناحي الحياة، و في مجتمع ينمو ويتقدم في ظل منافسة يفوز ويسود فيها الأقوى بامتلاكه أرقى أنواع التربية والتعليم ، اهتمت المؤسسات التربوية بتطبيق منهج الجودة في مجال التعليم العام والجامعي للحصول على نوعية أفضل من التعلم وتخريج جيل قادر على ممارسة دوره بصورة أفضل في خدمة المجتمع ، وأصبح عدد المؤسسات التي تتبع نظام الجودة في تزايد مستمر سواء في أمريكا والدول الأوروبية واليابان وكثيرمن الدول النامية وبعض الدول العربية التي بدأت تطبيق هذا النهج في بعض مؤسساتها التعليمية.
ولتطبيق الجودة في مجال التعليم العام لابد من اتخاذها قيمه محورية بحيث تنعكس في الاداء والانتاج والخدمات وتسخير كافة الامكانات المادية والبشرية ومشاركة جميع عناصرالنظام التعليمي من إدارات وأفراد في العمل كفريق واحد في تطبيق معايير الجودة في النظام التعليمي , وتقييم مدى تحقيق أهدافها , ومراجعة الخطوات التنفيذية التي يتم توظيفها .
ومن أهم عناصر نظام التعليم العام هو الاستاذ الذي يعتمد عليه بشكل أساسي في تطبيق نظام الجودة في التعليم للحصول على نوعية ذات جودة عالية من الطلاب , فقد ورد في تقرير DFEE " إن التعلم بإمكانه إخراج الكنوز الكامنة لدينا جميعا , وفي القرن الحادي والعشرين تعد المعرفة والمهارات مفتاح النجاح ..والاستاذ المتميز الذي يستخدم أساليب فعالة في التدريس هو مفتاح الوصول للمعايير عالية الجودة " (1) ويؤكدSammon "أن الهدف الرئيس للمدرسة هو عملية التعليم والتعلم الهادف"(2) ولهذا يعطي كثير من التربويين وزناً أكبر لدور الاستاذ وما يقوم به في حجرة الدراسة في عملية التغيير التربوي إذ يقول Fullan, " إن التغيير التربوي معتمد إلى حد كبير على ما يعتقد به الأستاذ ويعمله "(3), فالتعليم ذو الجودة العالية مرتبط بالمعلم الكفء الذي يمتلك الكفايات الشخصية والفنية والمهنية التي تجعله قادراً على تقديم تعليم نوعي متميز.
ومن هنا لابد من تحديد معايير لجودة أداء الاستاذ والسعي لإمتلاكه الكفايات اللازمة التي تجعله قادراً على تنفيذ هذه المعايير وتطبيقها في أدائه . ذلك أن التميز التربوي لا يأتي من فراغ بل يأتي من مدخل المعايير، و الإصلاح القائم على المعايير يعد بمثابة القوة الدافعة لكثير من السياسات التربوية ، التى تؤكد على ضرورة الارتفاع بمستوى أداء الأستاذ .
وانطلاقا من هذا ظهرت حركة المعايير فى التعليم ، وانتشرت بقوة فى الآونة الأخيرة ، حتى إنه يكاد أن يطلق على هذا العقد ، عقد المعايير EraofStandards .

تعريف المعايير :
المعايير بمعناها العام هي تلك النماذج التي يتم الاتفاق عليها و يحتذى بها لقياس درجة اكتمال أو كفاءة شيء ما.

وعرفها محمود الضبع بالتالي : "عبارات وصفية تحدد الصورة المثلى التي ينبغي أن تتوفر في الشيء الذي توضع له المعايير ، أو التي نسعى إلى تحقيقها ".

وفي معناها الخاص بالميدان التربوي يمكن تعريف المعايير التربوية إجرائياً على النحو التالي:
" المعايير التربوية عبارة عن موجهات أو خطوط مرشدة Guidelines متفق عليها من قبل خبراء التربية والمنظمات القومية ، تعبر عن المستوى النوعي الذى يجب أن تكون عليه جميع مكونات العملية التعليمية من طلاب ومعلمين وإدارة ومناهج ومصادر تعليم وتعلم وأساليب تقويم ، ومباني وتجهيزات ، …الخ "

وبما أن موضوع كتابنا هو الأستاذ ، فسوف نقتصر على دراسة معايير الأستاذ المتميز ، وهناك العديد من النماذج العالمية التي يمكن تطبيقها والاستفادة منها في هذا المجال، تختلف باختلاف الأسلوب أو الطريقة المستخدمة فمعايير الآيزو تختلف عن معايير الاعتماد الأكاديمي وتختلف عن معايير التقويم الشامل وهكذا ..

ويمثل النموذج الأمريكي في مجال وضع معايير الجودة للممارسة المهنية للأستاذ النموذج الرائد بين كافة النماذج العالمية, وذلك لكونه السابق من ناحية, وكونه النموذج الذي انطلقت منه كافة النماذج الأخرى من ناحية أخرى. وفي أواخر التسعينيات بدأت العديد من كليات التربية بالجامعات الأمريكية بإصلاح نظم وبرامج إعداد الأساتذة, وقام المجلس القومي لاعتماد تربية الأساتذة بوضع معايير لتحديد المعارف والمهارات التي ينبغي أن تتوافر في الأساتذة.

وهناك جهات اعتماد أخرى في أمريكا مثل لائحة اعتماد المعلم من قبل اتحاد التنمية التربوية (SEDA), واللجنة القومية للمعايير المهنية National Board for Professional Standards (NRPTS), واتفاقية أوكلاهوما لاعتماد المعلم (OCTA). وإذا كان هدف النموذج الأمريكي الأساسي من الاعتماد هو ضمان الحد الأدنى للجودة التعليمية, فهناك نماذج أخرى عالمية لاعتماد المعلم تهدف للتميز.

ومن أشهر النماذج نموذج اعتماد المعلم في كوريا الجنوبية, حيث إن الهدف الأساسي للمجلس الكوري للاعتماد الجامعي هو تشجيع التفوق والتميز في التعليم الجامعي الكوري The Korean Council for University Accreditation-KCUA.,

أما في نموذج تركيا, حيث يتم وضع مجموعة من المعايير في سبع مجالات وهي: المنهج, والطلاب, والعلاقات, والتسهيلات, والإدارة, وضمان الجودة. يتم شرحها ووضع أدلة لها, وطرح برنامج تدريبي لأعضاء هيئة التدريس, ثم يكون هناك تقييم ذاتي, تعطى الكلية بعد ذلك فرصة لتصحيح الأخطاء (المرجع السابق, 2006).

أما في أستراليا, فإن أبرز الجهود التي يمكن رصدها في هذا المجال هي البدء باعتماد معاهد المعلمين، واعتماد البرامج التعليمية والتدريبية التي تقدم لهم، والتي تعد جميعها خطوة أولى وأساسية للاعتماد المدرسي. وفي هذا السياق قرر المعهد الوطني لجودة التدريس والإدارة المدرسية National Institute for Quality Teaching and School Leadership (NIQTSL)، ويمارس المعهد نشاطه في أربعة مجالات: الارتقاء بالمعايير المهنية والاعتماد والتعليم المهني واعتماد البرامج الدراسية والبحث والاتصالات والارتقاء بالمهنة.

أما التجارب العربية, فهناك محاولات فردية وأخرى حكومية ، أهمها التجربة المصرية لمعايير المعلم في مشروع المعايير القومية للتعليم في مصر ، غير أن أهم ما يشغل الرأي العام التربوي بالعالم العربي في ميدان معايير الأستاذ المتميز هي تلك المعايير التي تضعها جوائز التميز التربوي في فئتها الخاصة بالمعلم المتميز، وفي مباحث هذا الفصل سوف نورد أهم هذه المعايير وفي المبحث الأخير سنقتصر على عرض بعض النماذج العربية منها .