يوميات الثورة التونسية: يوم 10/03/11. مواطن العالم د. محمد كشكار

1
البارحة و في المدرسة الإعدادية أسد ابن الفرات شاركت و لأوّل مرّة في اجتماع تأسيس لجنة حماية الثورة بحمام الشط و أعلنت صراحة منذ اللحظة الأولى أنني لن أنظم إلى هذه اللجنة أو غيرها. مع العلم أنني أسخّر نفسي جنديا ناقدا لا مطيعا في خدمتها كالنحلة النشيطة في خليتها لكن عن وعي و دون خلفيات سياسية أو إيديولوجية بهدف بناء مجتمع تونسي أفضل مع احتفاظي باستقلاليتي الفكرية و تشبثي بدور الناقد الحر لنشاطها و نشاط غيرها من اللجان
2
تتعايش الكائنات الحية المختلفة في مجالها الحيوي في توازن بيئي رائع حسب الغريزة المنبثقة من تطورها البيولوجي عبر ملايين السنين. الأحرى بنا إذن، نحن معشر البشر أن يتعايش بيننا الناقد الفكري و الناشط السياسي في كنف الاحترام المتبادل و دون إقصاء أو تهميش أو تحقير، كل في اختصاصه كما يتعايش الإبستومولوجي، ناقد المعرفة، مع العالِم، مُنتج المعرفة و لا يقل دور الأوّل جدوى و نجاعة عن دور الثاني فالاثنان متكاملان في خدمة العلم
3
يتسابق الرؤساء و الملوك العرب هرولة في اليمن و ليبيا و البحرين و سوريا و المغرب و الأردن في التحايل و الالتفاف على الثورة العربية بتقديم شبه تنازلات خوفا من السيول الثورية البركانية القادمة و كشفوا عوراتهم لعامة الناس و تعرّى معهم حلفاؤهم الأمريكيين و الغربيين و الماسونيين و الصهاينة. أمّا نحن المثقفون العرب المعارضون فلن تنطلي علينا حيلهم الخبيثة لأننا نعرف حقيقتهم المُخزية منذ اليوم الأول لاغتصابهم السلطة من أيدي شعوبهم بأساليب غير ديمقراطية و بمساعدة الأنظمة الغربية التي تدّعي الديمقراطية في بلدانها و تساند أعتى الديكتاتوريات في بلداننا
4
صحيح أن الكرامة قبل الخبز لكن عندما يصبح الخبز حياتيا لدى عائلات الشهداء دون عائل، ينعكس الشعار. تظاهرنا و اعتصم شبابنا في القصبة بتونس العاصمة و في "قصبات" مدننا و قرانا التونسية من أجل إسقاط الحكومة و سقطت الحكومة و الحمد لله، و من أجل مجلس تأسيسي و تقرّر تاريخ 24 جويلية موعد إجراء الانتخابات و الحمد للشعب التونسي الأبيّ الذي أراد الحياة فاستجاب له القدر. آن الأوان إذن لكي نعود إلى الشارع و نبيت في القصبة من أجل ضمان لقمة عيش كريمة لعائلات الشهداء دون عائل و من أجل إعانة و علاج المصابين في المظاهرات و من أجل تحقيق أهمّ شعار في الثورة التونسية "التشغيل استحقاق ...يا عصابة السرّاق". ذهب التشغيل و استمرّت عصابة السرّاق. و لا تقولوا لي من فضلكم يا معشر معتصمي القبة و يا عصابة السرّاق "قَالِبِي الفِيسْتة": "تونس دولة فقيرة و ليس لديها إمكانيات" لأن لا أردّ عليكم ساخطا: "من أين أتيتم بالمليارات للترفيع بسرعة البرق في أجور الشرطة و الجيش و الديوانة و حرّاس السجون"، المُتهمون كلّهم و لو بدرجات متفاوتة و بتهم مختلفة من القتل العمد إلى التعذيب إلى الجروح البليغة إلى الضرب بالهراوات إلى الرشوة و الفساد و استغلال النفوذ و ترويع عائلات و أصدقاء المناضلين المعارضين و إهانتهم بجميع انتماءاتهم السياسية و الإيديولوجية إلى التستّر على عصابة "الطرابلسية" أصهار الرئيس "الحارق" إلى الخنق بالغازات السامة في الشوارع تحت أنظار الجيش "الوطني المحايد النظيف حامي حمى الثورة الشعبية" و هي ليست غازات مسيّلة للدموع كما تُسمّونها خطأ و تخفيفا من ثقل جريمتكم النكراء. نحن نعرف، دون إجازة في الحقوق، أن المتهم برئ حتى تَثبتَ إدانته و القضاء المستقل هو الجهة الوحيدة المخوّلة لتبرئته و لم يَمْثُل أمام المحاكم التونسية أحد منهم حتى الآن و هم يُعدّون بالآلاف و ليس مائتين كما قال وزير الداخلية الأيقونة في الفيسبوك و الشعبي لدى معتصمي القبة، لا بل عوض محاكمتهم، منحت زعيمهم تأشيرة حزب جديد في تونسنا الجديدة
في النهاية أنا مواطن فقير بسيط عادي منعزل و معزول قصدا من اليسار و اليمين بسبب نقدي للاثنين معا. لا أنتمي لأي حزب و لا أومن بأية إيديولوجية يسارية كانت أو يمينية لكن أومن بالمُثل العليا سماوية المصدر أو إنسانية الإبداع
لا حول لي و لا قوة إلا بالله و الشعب و الفكر و الثقافة الإنسانية و العلم و التكنولوجيا و ليس لي أي وزن أو تأثير مباشر على الأحداث و أمارس النقد الفكري و السياسي و الاجتماعي و العلمي و الثقافي كهواية أدبية دون اختصاص في هذا المجال الواسع و لا أملك بدائل جاهزة لِما أنقد لأن النقد مؤسسة قائمة بذاتها و غنية بما تقدّمه للمبدعين، كل في مجاله، و أرى أن البديل ينبثق انبثاقا من صنع و تفاعل أصحاب المشكلة فيما بينهم و أهل مكة أدرى بشعابها
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي