الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > منتدى التنمية البشرية والتغيير نحو الأفضل > التشجيع على القراءة: إقرأ وارتق...


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2011-03-01, 13:37 رقم المشاركة : 1
جوهرة المحيطات
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية جوهرة المحيطات

 

إحصائية العضو







جوهرة المحيطات غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام المركز الثالث في مسابقة استوقفتني آية

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي فن الكتابة:تعلم أم تعليم؟؟؟



تهدف هذه الورقة إلى إمعان النظر في شيء من خبرات السابقين وتصوراتهم، بشأن إجادة الأداء اللغوي، وبخاصة الإبداع الكتابي، الذي نَسَبَه المنفلوطي إلى ما أسماه «التربية الكتابية». والأسئلة هنا هي: هل «الكتابة» فنٌ يمكن تعليمه وتعلمه؟ وهل الإلمام بالمقاييس النقدية يفيد الراغبين في تعلم الكتابة؟ وما دور التقليد والاحتذاء والمحاكاة في تعليم الكتابة وتعلمها؟ وهل يحتاج الكاتب إلى طول الإلف والمعايشة للكتب؟ وأي ألوان الكتب أجدر من سواها؟ وما وظيفة كتب المختارات والمنتخبات في تجويد الأداء اللغوي؟ وهل ثمة كتب يمكن وصفها بأنها كتب الأسلوب البليغ؟ وهل يفيد الحفظ والاستظهار في التربية اللغوية؟ وما ضرورة حفظ القرآن أو بعضه في تجويد الكتابة؟ وما ضرورة معرفة الكاتب لغات أجنبية؟ وهل تغني معايشة الكتب عن معاناة تجارب الحياة؟ وهل تكفي القراءة بديلا عن ثراء الخبرة الإنسانية وتنوعها وعمقها؟

إن محاولاتنا للإجابة عن تلك الأسئلة قد تصحح مسار البحوث التربوية التي طال نشوزها. ولعل الكتّاب والأدباء هم خير من يقدم أجوبة أو نقاشات أو أفكارًا حول هذه الأسئلة. وهنا أسوق الكلام عفو الخاطر، دون استقصاء لكل ما قيل، ودون التزام الترتيب التاريخي. وقد أبقيت على نص عبارات القدماء كما قالوها؛ لئلا أفرض فهمي إياها على القارئ.

عن الكتابة عموما ذكر جوركي (ت 1936) في كتاب له بعنوان «كيف تعلمتُ الكتابة»، قال: «سألني كثيرون شفهيًا وكتابيًا: «كيف تعلمتَ الكتابة؟» وُجِّه إليّ هذا السؤالُ من أقاصي جمهوريات (الاتحاد السوفييتي)، وخاصة الشباب المبتدئون بالكتابة. واقترح عليَّ الكثيرون تأليفَ كتاب عن كيفية تأليف القصة، أو تأليف كتاب الأدب أو النظريات الأدبية. إن كتابًا كهذا لا أستطيع كتابته، ولا أجرؤ على ذلك. إلا أن هناك كتبًا مشابهة، عِلمًا أنها ليست جيدة، ولكنها مع ذلك لا تخلو من فائدة. (مكسيم جوركي، ص11).

وأما مورجان فقال: «لا يكاد يوجد شيء مما يجب تعلمه عن الكتابة يمكن تعليمه في المدارس. إن صنعة الكاتب مراوغة إلى حد موئس». (تشارلس مورجان، 1964، 298)

وعن نمط محدد من الكتابة سئل جيرار براك Gerard Brach: «هل توجد قوانين عامة لكتابة السيناريو؟» أجاب: «لديّ حيلتان أو ثلاث أساسية.. وكلها نتيجة تجربة طويلة، وهي ليست مطلقة بالضرورة أو نافعة للجميع». وحين سئل جان أورنش Jean Aurenche: هل علّمك أحدٌ كتابة السيناريو؟ قال: «لا أظن أنه من الممكن تعليم كتابة السيناريو«. وعندما سئل: هل تظن أن هناك قوانين كبيرة تحكم هذه الكتابة؟ قال: «لا أدري. ولم أطرح على نفسي هذا السؤال». ولما سئل جان دابادي Jean Dabadie: «هل تعتقد أن تدريس السيناريو ممكن»؟ أجاب: «نحن لا نتعلم هذه المهنة إلا ونحن نمارسها بالفعل». وأضاف: «دائما ما ألتقي بكتاب سيناريو مبتدئين يطلبون مني النصيحة.. لا أتخلى عنهم، أعطيهم رأيي في أعمالهم، وأقدم لهم مقترحات وأفكارًا. ولكن تقديم النصح بمعنى مبادئ وتعاليم تنشر في كتاب، واستخراج قواعد، أي تنصيب أنفسنا معلمين.. فيا لها من مهزلة». وإذ سئل فرانسيس فيبر Francis Veber: «هل يمكن تعليم مهنة السيناريو«؟ رد بالقول: «إن علينا أن نكون كتاب سيناريو لنتعلم. لدي إحساس بأننا نولد كتاب سيناريو ثم نتحسن بعد ذلك. هناك بعض القواعد التي يجب معرفتها، ولكننا نتعلمها سريعًا. ولا تعني معرفة هذه القواعد أننا نستطيع كتابة سيناريو«. (عن كريستيان ساليه).

وعندما قُدّم السؤال عن كتابة المسرحية: «هل على من يتصدى للكتابة المسرحية أن يدرس أولاً أصول التأليف المسرحي، أم يكفي في ذلك وجود الموهبة لدى الكاتب؟». كان جواب علي أحمد باكثير: «لابد من وجود الموهبة على أي حال، ولكنها لا تكفي وحدها، بل يجب الإلمام بأصول التأليف المسرحي، سواء بدراستها في الكتب الموضوعة لهذا الغرض، أو عن طريق تتبعها وتأملها في النماذج الصالحة من أعمال الكتاب المسرحيين المشهود لهم بالفضل والتبريز، واستخلاص القواعد والأصول من تلك النماذج. وهذه الطريقة الثانية أفضل وأنجح»

وأردف باكثير: «وأكمل من ذلك كله أن يجمع الكاتب بين الطريقتين، بأن يكثر من قراءة النماذج الصالحة، ويعيد قراءتها والتأمل فيها مرة بعد مرة، وأن يدرس في الوقت نفسه الأصول النظرية للتأليف المسرحي، ويحاول تطبيق ما يقرأ منها على النماذج التي بين يديه». (فن المسرحية، ص6).

وأما عن كتابة الرواية فعندما سئل نجيب محفوظ: «ما مفهومك عن فنية الرواية وقواعدها، إنْ كان لها قواعد؟» أجاب بكلام شبيه بما قاله جوركي، وردّ على سائله: «يسرني ما احتطتَ به في كلامكَ.. إنْ كان لها قواعد».

وقد كان للمنفلوطي (ت 1924) رأيٌ قريبٌ، إذ قال عن الإبداع البياني: «هو أمرٌ وراءَ العلم واللغة والمحفوظات والمقروءات والقواعد والحدود» (النظرات، ص47) وأضاف: «الفرقُ بين الأدباء واللغويين أن الأولين كاتبون والآخرين مصححون..فمثلهما كمثل الشاعر والعروضي، هذا ينظم الشعر، وهذا يعرضه على تفاعيله وموازينه» (السابق، 48)

وتأكيدًا لرأيه ذاك قال المنفلوطي: «ما استطعت أن أكتب.. إلا لأني استطعت أن أتفلّتَ من قيود التمثل والاحتذاء. وما نفعني من ذلك شيءٌ ما نفعني ضعفُ ذاكرتي والتواؤها عليّ، وعجزها عن أن تمسك إلا قليلاً من المقروءات» (النظرات، ص 35).

ولم ينتفع كثير من النحاة بمعرفة النحو في إنشاء النصوص، كما لم ينتفع كثير من العروضيين بمعرفة العروض في إبداع الشعر. وقد شاعت مقالة أبي العباس المبرد (ت 285هـ): «لا أحتاج إلى وصف نفسي؛ لعلم الناس بي، إنه ليس أحد من الخافقين يختلج في نفسه مسألٌة مشكلٌة إلا لقيني بها، وأعدّني لها، فأنا عاٌلم ومتعلم، وحافظ ودارس، لا يخفى عليّ مشتبه من الشعر والنحو والكلام المنثور والخطب والرسائل. ولربما احتجتُ إلى اعتذار من فلتة أو التماس حاجة، فأجعل المعنى الذي أقصده نصب عيني، ثم لا أجد سبيلًا إلى التعبير عنه بيد ولا لسان. ولقد بلغني أن عبيد الله بن سليمان ذكرني بجميل، فحاولت أن أكتب إليه رقعة أشكره فيها، وأعرض ببعض أموري، فأتعبت نفسي يومًا في ذلك فلم أقدر على ما ارتضيه منها، وكنت أحاول الإفصاح عما في ضميري، فينصرف لساني إلى غيره. ولذلك قيل: زيادة المنطق على الأدب خدعة، وزيادة الأدب على المنطق هجنة». والمعنى أن مهام الكتابة ليست متماثلة، وأن الكتابة هي غير النحو واللغة، وإن كانت لا تقوم بدونهما.






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=348460
التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2011-03-01, 13:38 رقم المشاركة : 2
جوهرة المحيطات
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية جوهرة المحيطات

 

إحصائية العضو







جوهرة المحيطات غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام المركز الثالث في مسابقة استوقفتني آية

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: فن الكتابة:تعلم أم تعليم؟؟؟


ولكن المؤكد من سيرة الكتاب والأدباء أنهم كانوا دوما قراء نهمين بل مدمنين للقراءة. وقد ذكر المنفلوطي نفسه: «لم تكن ساعة من الساعات أحب إليّ، ولا آثر عندي، من ساعة أخلو فيها بنفسي، وأمسك عليّ بابي، ثم أسلم نفسي إلى كتابي، فأشاهد بعيني تلك العصور الجميلة، عصور العربية الأولى» (النظرات ص 36). وأما نجيب محفوظ فقال: «نحن في جيلنا نشأنا وقرأنا في كل الآداب سواء بالعربية المترجم إليها أو بالإنجليزية المؤلف بها أو المترجم إليها..قرأنا كل الألوان والأشكال التي لا تخطر ببال.. وكان يجب أن نقرأ». (نجيب محفوظ يقول، ص232) والقراءة للكاتب كالماء في النبع. فإذا خلا النبع من رصيده المائي فحينئذ لا يستحق وصف النبع. والكاتب الذي لا يحتشد بالقراءات يبدو كمن يفتح الصنبور والصهريج فارغ. وهذه في زعمي مسألة فلسفية -وإن شئت بَدَهية- لا يصلح لإثباتها منهجية البحث التجريبي أو البحث الإمبيريقي.

وأضاف المنفلوطي أن خلو الذهن من الأحكام النقدية قد ساعده على الانطلاق والتخفف من القيود: «كُفيت شر من يدخل بيني وبين نفسي في المفاضلة بين شاعر وشاعر، وكاتب وكاتب، أو الموازنة بين أسلوب وأسلوب. فلم يكن لي عون على ذلك غير شعور نفسي» (النظرات، ص 38)

وأما نجيب محفوظ فكان يقول عن كبار الكتاب الذين قرأ لهم: «لم أتأثر بكاتب واحد، بل أسهم هؤلاء كلهم في تكويني الأدبي، وعندما كتبتُ لم أكن أقع تحت تأثير أحدهم» (نجيب محفوظ يتذكر، ص 79)

وكنت قد قرأت يوما لأحد المشاهير أنه لا يقرأ مقدمات الدواوين الشعرية؛ لأنه يحب أن يكون خالي الذهن من الأحكام الجاهزة سلفًا، ولأنه يرغب في أن يبني المعاني بنفسه لنفسه، لا أن يتبنى أفهام الذين سبقوه بالقراءة.

ولم ينتفع مكسيم جوركي في بداياته بشيء انتفاعه بما قال عنه إنه «أعظم مكتبة في العالم»، التي جعلته يحب الكتب طوال حياته. ولم تكن تلك المكتبة إلا صندوقًا من (المختارات)، اختارها بدقة شخصٌ كان يعمل طباخًا على متن سفينة.

وذكر جوركي أنه لم يتبع في قراءاته أي برنامج؛ إذ ترك الأمر للمصادفات. وعند هذه النقطة تحديدًا تبرز قيمة التربية اللغوية المنهجية. فما من شيء يمكن تهيئته للمتعلم أنفع له من أن تيسر له facilitate برنامجًا مخططًا بوعي وبصيرة تربوية؛ فإن أدنى مستويات التعلم لهو ذلك التعلم الذي يحصل من خلال عشوائية المحاولة والخطأ.

وأستطيع أن أقول إن الكتابة - كالقراءة- مستويات ومدارج وطبقات، وإن منها فنونًا يمكن تعليمها وتعلمها. ويعتمد نجاح هذا التعليم على براعة المعلم، وموهبة المتعلم، والزمن المتاح للتعلم، فضلاً عن عمق التجربة الإنسانية. ولكن التعليم لا يغني شيئا مع عدم الاستعداد والموهبة، ومصداق ذلك قول ضياء الدين ابن الأثير (ت637هـ ) «وما مثلي فيما مهدته لك من هذه الطريق - فنون النثر والنظم- إلا كمن طبع سيفًا ووضعه في يمينك لتقاتل به، وليس عليه أن يخلق لك قلبًا؛ فإنّ حَمْلَ النصال غيرُ مباشرة القتال»‏.‏

مدارج إلى تعلم الكتابة

تصور ضياء الدين ابن الأثير مدارج إلى امتلاك صنعة الكتابة، وهنا ننقل كلامه بنصه:

المستوى الأدنى‏:‏ «أن يتصفح الكاتب كتابة المتقدمين، ويطلع على أوضاعهم في استعمال الألفاظ والمعاني، ثم يحذو حذوهم. وهذه أدنى الطبقات عندي‏».‏

المستوى الوسيط‏:‏ «أن يمزج كتابة المتقدمين بما يستجيده لنفسه من زيادة حسنة‏:‏ إما في تحسين ألفاظ أو في تحسين معان. وهذه هي الطبقة الوسطى، وهي أعلى من التي قبلها»‏.‏

المستوى الراقي‏:‏ «ألا يتصفح كتابة المتقدمين، ولا يطلع على شيء منها، بل يصرف همه إلى حفظ القرآن الكريم، وكثير من الأخبار النبوية، وعدة من دواوين فحول الشعراء، ممن غلب على شعره الإجادة في المعاني والألفاظ. ثم يأخذ في الاقتباس من هذه الثلاثة، أعني القرآن والأخبار النبوية والأشعار، فيقوم ويقع، ويخطئ ويصيب، ويضل ويهتدي، حتى يستقيم على طريقة يفتتحها لنفسه. وأخلِقْ بتلك الطريق أن تكون مبتدعة غريبة، لا شركة لأحد من المتقدمين فيها. وهذه الطريق هي طريق الاجتهاد. وصاحبها يعد إمامًا في فن الكتابة، كما يعد الشافعي وأبو حنيفة ومالك - رضي الله تعالى عنهم وغيرهم - من الأئمة المجتهدين في علم الفقه. إلا أنها مستوعرة جدًا، ولا يستطيعها إلا من رزقه الله تعالى لسانًا هجامًا وخاطرًا رقامًا... ولا أريد بهذه الطريق أن يكون الكاتب مرتبطًا في كتابته بما يستخرجه من القرآن الكريم والأخبار النبوية والشعر بحيث إنه لا ينشئ كتابًا إلا من ذلك، بل أريد أنه إذا حفظ القرآن الكريم وأكثر من حفظ الأخبار النبوية والأشعار ثم نقب عن ذلك تنقيب مطلع على معانيه مفتش عن دفائنه وقلبه ظهرًا لبطن، عرف حينئذ من أين تؤكل الكتف فيما ينشئه من ذات نفسه، واستعان من بالمحفوظ على الغريزة الطبيعية».(المثل السائر، ج1، ص29)

مفهوم الكتابة في حضارتنا

شتان ما بين الكتابة التي هي عمل الناسخ، والكتابة التي هي عمل المنشئ. يصف العوام الكلام الفارغ من الفائدة بأنه «كلام إنشاء». واستقر في مخيلة العامة أن قيمة الكتابة تكمن في (عدد) ما يسود من صفحات. ومن أسف أن تعليم الأعداد الكبيرة في المدارس المكتظة، مع نظم الامتحانات المركزية العشوائية، يكرسان ذلك التصور المريض.

ويتجلى مفهوم أجدادنا عن «الكتابة» من ملخص حكاية الوزير عمرو بن مسعدة، إذ لقي شيخًا، فسأله الشيخ عن صناعته، فقال عن نفسه إنه كاتب. فراح يسأله: كاتب كامل، أم كاتب ناقص؟ فإن الكتّاب خمسة، فمن أيهم أنت؟ فقال عمرو: فصِّلْ الخمسة.







التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2011-03-01, 13:38 رقم المشاركة : 3
جوهرة المحيطات
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية جوهرة المحيطات

 

إحصائية العضو







جوهرة المحيطات غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام المركز الثالث في مسابقة استوقفتني آية

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: فن الكتابة:تعلم أم تعليم؟؟؟


قال الشيخ: نعم، كاتب خراج، يقتضي أن يكون عالمًا بالشروط، والطسوق، والحساب، والمساحة، والبثوق، والفتوق، والرتوق. وكاتب أحكام، يحتاج أن يكون عالمًا بالحلال، والحرام، والاختلاف، والاحتجاج، والإجماع، والأصول، والفروع. وكاتب معونة، يحتاج أن يكون عالمًا بالقِصاص، والحدود، والجراحات، والمراتبات، والسياسات. وكاتب جيش، يحتاج أن يكون عالمًا بحلى الرجال، وشيات الدواب، ومداراة الأولياء، وشيء من العلم بالنسب والحساب. وكاتب رسائل، يحتاج إلى أن يكون عالمًا بالصدور، والفصول، والإطالة، والإيجاز، وحسن البلاغة، والخط. (القصة بتمامها في كتاب الفرج بعد الشدة) فالكتابة كما فهمها أجدادنا مجال يوصف بأنه عابر للتخصصات أو transdisciplinary (تكتب كلمة واحدة).

ومن منظور آخر حكى التوحيدي: «قال أبو الرَّبيع: الكتّاب سبعة: الكامل، والأعزل، والمبهِم، والرِّقاعيّ، والمُخِيل، والمخلّط، والسّكّيت. فأما الكامل فهو الذي له في الإنشاء والإملاء حظٌّ. والأعزل: الذي يُمْلي ولا يكتب. والمبْهم: الذي يكتُب ولا يُملي. والرقاعيّ: الذي يبلغ في الرِّقاع حاجته، ولا يصلُح لعظم الكتابة؛ والمُخيل: الذي له عارضةٌ وبيان، ورِواية وإنشاء، وتعرُّفٌ بالآداب، ولا طبعَ له في الكتابة؛ وإذا كان عاقلًا صلُح لمنادمة الملوك. والمخلّط: الذي يُرى له في الكتاب الواحد بلاغةٌ جيّدة وفَدامة عجيبة. والسّكّيت: المتخلّف المتبلّد، وربّما جاء بالشيء المحتمل إذا تَعَنَّى فيه» (أخلاق الوزيرين).

فالكاتب إذن هو العالِم. قال ابن الأعرابي: وقد تطلق الكتابة على العلم ومنه قوله تعالى: }أم عندهم الغيب فهم يكتبون{ أي يعلمون. وعلى حد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في كتابه لأهل اليمن حين بعث إليهم معاذًا وغيره «إني بعثت إليكم كاتبًا» قال ابن الأثير في غريب الحديث: أراد عالمًا» (صبح الأعشى).

وأما جلاء مفهوم الكتابة -على الإجمال- فهو ما فصّله صاحب «الرسالة العذراء»، بعد أن قرر أن «جميع المحاسن والمكارم تابعة لصنعة الكتابة؛ لأن من ينشدها يتخذ البرهان دليلاً والحق إمامًا قائدًا». فهكذا يكون مفهوم التربية اللغوية، وهكذا يكون الأداء الكتابي. لا كما يقول العوام عن كل كلام فارغ إنه «كلام إنشاء».

وإذا كان هذا هو مفهوم الكتابة عند أجدادنا فلا غرو أن يخاطب عبدالحميد الكتّاب: «ليس أحد من أهل الصناعات كلها أحوج إلى اجتماع خلال الخير المحمودة وخصال الفضل المذكورة المعدودة منكم». ولا غرابة أن يقول ابن الأثير: «ينبغي للكاتب أن يتعلق بكل عِلم. حتى قيل‏:‏ كل ذي علم يسوغ له أن ينسب نفسه إليه فيقول‏:‏ فلان النحوي وفلان الفقيه وفلان المتكلم، ولا يسوغ له أن ينسب نفسه إلى الكتابة فيقول‏:‏ فلان الكاتب؛ وذلك لما يفتقر إليه من الخوض في كل فن‏».‏ فالكتابة عند أجدادنا أُمّ الفنون والعلوم والآداب. وصدق الناظم:

إن الكتابة رأس كل صناعة

وبها تتم جوامع الأعمال

تجويد الكتابة

كيف كانت تصورات أجدادنا عن تجويد «الكتابة» وعن «الإنشاء»؟ جاء في كتاب الحيوان للجاحظ: «ينبغي لمن كَتبَ كتابًا ألا يكتُبَه إلاّ على أَنَّ النَّاس كلَّهم له أعداءٌ، وكلُّهم عالمٌ بالأمور، وكلُّهم متفرِّغ له. ثم لا يرضى بذلك حتى يدع كتابه غُفْلًا، ولا يرضى بالرأي الفطير، فإنَّ لابتداءِ الكتابِ فتنةً وعُجُبًا، فإذا سكنت الطبيعةُ وهدأت الحركة، وتراجَعَتِ الأخلاطُ، وعادت النفسُ وافرة، أعاد النَّظر فيه، فَيَتَوَقَّفُ عند فصوله توقُّفَ من يكونُ وزنُ طمَعه في السلامةَ أنقَصَ من وزَنِ خوفِه من العيب، ويتفهَّم معنى قول الشاعر:

إنَّ الحديثَ تَغُرُّ القومَ خلوتُه

حتَّى يَلِجَّ بهم عِيٌّ وإكثارُ

ويقفُ عند قولهم في المثل: كلُ مُجْر في الخَلاءِ يُسَرُّ، فيخاف أن يعتريه ما اعترى مَنْ أجرى فرسه وحدَه، أو خلا بعلمه عند فقدِ خصومه، وأهل المنزلة من أهل صناعته.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2011-03-01, 13:39 رقم المشاركة : 4
جوهرة المحيطات
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية جوهرة المحيطات

 

إحصائية العضو







جوهرة المحيطات غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام المركز الثالث في مسابقة استوقفتني آية

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: فن الكتابة:تعلم أم تعليم؟؟؟


ويحذر الجاحظ من الانسياق وراء تداعي المعاني في التأليف، فيقول: «وليعلم أنَّ صاحبَ القلم يعتريه ما يعتري المؤدِّبَ عند ضربه وعقابه، فما أكثر من يَعزمِ على خمسةِ أسواط فيضرب مائة؟ لأنَّه ابتدأ الضربَ وهو ساكنُ الطباع، فأراه السكونُ أنَّ الصواب في الإقلال، فلما ضرب تحرَّك دمُه، فأشاع فيه الحرارةَ فزادَ في غضبه، فأراه الغضبُ أنّ الرأي في الإكثار، وكذلك صاحب القلم؛ فما أكثرَ من يبتدئ الكتابَ وهو يُريد مقدارَ سطرين، فيكتب عشرة، والحفظُ مع الإقلال أمكَن، وهو مع الإكثار أبعَد». ولذلك قيل: «إن استطعتم أن تكون كتبكم كالتوقيعات فافعلوا».

ثم يعقد الجاحظ مقايسة بين الولد والكتاب: «واعلم أَنَّ العاقلَ إنْ لم يكن بالمتتبِّع، فكثيرًا ما يعتريه من ولده، أَنْ يحسُنَ في عينه منه المقبَّحُ في عين غيره، فليعلمْ أنَّ لفظه أقربُ نسبًا منه من ابنه، وحركَتَه أمسُّ به رِحْمًا من ولده، لأَنَّ حركتَه شيءٌ أحدثَه من نفسه وبذاتِهِ، ومن عين جوهرِه فَصَلت، ومن نفسِه كانت.. ولذلك تجِدُ فتنةَ الرجُل بشِعرِه، وفتنتَه بكلامِه وكتبِه، فوقَ فتنتِه بجميعِ نعمته».

منطلقات تعلم فن الكتابة

تعد المحاكاة والاحتذاء من الأساليب التربوية التي تتبع في تعلم الكتابة وترقية الأداء اللغوي عامة. وقد تنبه لذلك أدباء وتربويون قديمًا وحديثًا، فقيل: «يحتاج النشء في مرحلة التكوين الأدبي إلى نماذج يقتدي بها، وينسج على منوالها، ويخطو في مدارج الارتقاء على ضوئها.. فالموهبة الأدبية تتفتح وتنمو إذا وجدت من يتعهدها، ويحسن توجيهها. ويصقل جوهرها. والأديب يمر بمراحل متعددة: فيبدأ بالتقليد والمحاكاة، ثم يجمع بين التقليد والابتكار، ثم يستقل بنفسه، ويخط بقلمه لأسلوبه مجرى متميزا يُعرف به، ويُنسب إليه» (رشيد العكام، ص8).

وقد عاب الشيخ محمود شاكر (ت1997) على مناهج تعليم العربية أنها تتجاهل الآثار الأدبية، ولا تحفل بالمحفوظ الذي يسعف الذاكرة. وقال: «إن الحفظ الأول للآثار الأدبية الرائعة قديمها وحديثها هو الذي يخرج الأديب والكاتب والشاعر. انظر إلى المنفلوطي والرافعي وشوقي وحافظ والبارودي والزيات وطه حسين، كل هؤلاء لم يكونوا كذلك إلا لأنهم نشأوا وقد حفظوا القرآن أطفالاً، فحملهم ذلك على متابعة حفظ الآثار الأدبية الجليلة، ثم حفز هذا المحفوظ ما انطووا عليه من الطبيعة الأدبية التي استقرت في أنفسهم وأعصابهم، فلما استحكموا استحكمت لهم طريقتهم في الأدب والشعر والإنشاء، ولولا ذلك لما استطاعوا أن يكونوا إلا كما نرى من سائر من تخرجهم دور التعليم بالآلاف في كل عام ينقضي من أعوام الدراسة».

ومصداقُ ما سلف قولُ ضياء الدين ابن الأثير: «لقد مارستُ الكتابة ممارسةً كشفتْ لي عن أسرارها، وأظفرتني بكنوز جواهرها، إذ لم يظفر غيري بأحجارها، فما وجدتُ أعون الأشياء عليها إلا حل آيات القرآن الكريم والأخبار النبوية، وحل الأبيات الشعرية».

وتوسع الرافعي (ت 1937) فنصح من أراد معرفة الأدب والإنشاء العربي: «إنّكَ تريدُ امتلاكَ ناصيةِ الأدبِ – كما تقولُ -، فينبغي أن تكونَ لكَ مواهبُ وراثية ٌ تؤديكَ إلى هذه الغايةِ، وهي ما لا يُعرفُ إلا بعدَ أن تشتغلَ بالتحصيل ِ زمنًا، فإن ظهرَ عليكَ أثرها وإلا كنتَ أديبًا كسائرِ الأدباءِ، الذينَ يستعيضونَ من الموهبةِ بقوّةِ الكسبِ والاجتهادِ. فإذا رغبتَ في أقربِ الطرق ِ إلى ذلكَ فاجتهدْ أن تكونَ مفكّرًا منتقدًا، وعليكَ بقراءةِ كتبِ المعاني قبلَ كتبِ الألفاظِ، وادرسْ ما تصلُ إليهِ يدكَ من كتبِ الاجتماعِ والفلسفةِ الأدبيةِ في لغة أوروبية أو فيما عرّبَ منها.» (رسائل الرافعي، ص26).

ويؤمن الرافعي بجدوى «المنتخبات الأدبية» و«الأعمال الأساسية»، فينصح قائلاً: «واصرف همّكَ من كتبِ الأدبِ العربي - بادئ ذي بدء - إلى كتابِ كليلةَ ودمنة والأغاني ورسائلَ الجاحظِ وكتابَ الحيوان ِ والبيانِ والتبيين لهُ، وتفقّه في البلاغةِ بكتابِ «المثل ِ السائرِ»، وهذا الكتابُ وحدهُ يكفلَ لكَ ملكةً حسنة ً في الانتقادِ الأدبي، وقد كنتُ شديدَ الولوع بهِ. ثمّ عليكَ بحفظِ الكثيرِ من ألفاظِ كتابِ «نُجعةِ الرائدِ» لليازجي، والألفاظِ الكتابيّةِ للهمذانيّ، وبالمطالعةِ في كتابِ «يتيمةِ الدهرِ» للثعالبيّ و«العقدِ الفريدِ» لابن عبدربه، وكتابِ «زهرِ الآدابِ» الذي بهامشهِ» (السابق).

ولا يُكتفى في تعلم الكتابة وترقية الأداء اللغوي بما هو قديم، وإنما المعاصرة والأصالة جناحان، لا انطلاق إلا بهما جميعا. من أجل ذلك زاد الرافعي: «أشيرُ عليكَ بمجلّتينِ تُعنى بقراءتهما كل العنايةِ «المقتطف» و«البيان». وحسبكَ «الجريدةُ» من الصحفِ اليومية، و«الصاعقة» من الأسبوعية. ثم حسبكَ ما أشرتُ عليكَ بهِ فإنّ فيهِ البلاغ كلّهُ، ولا تنسَ «شرحَ ديوان ِ الحماسةِ» وكتابَ «نهجِ البلاغةِ» فاحفظْ منهما كثيرًا». (السابق نفسه) ولو عاش الرافعي في أيامنا لذكر الكثير الكثير من الصحف والمجلات والمؤلفات والموسوعات والمكتبات الرقمية.

ولم يفت الرافعي التفكير في الوقت المتاح للتعلم والاكتساب اللغوي، فقال: «ورأسُ هذا الأمر ِ بل سرّ النجاح ِ فيهِ أن تكونَ صبورًا، وأن تعرفَ أن ما يستطيعهُ الرجلُ لا يستطيعهُ الطفلُ إلا متى صارَ رجلًا، وبعبارة صريحة إلا من انتظرَ سنوات كثيرة. فإن دأبتَ في القراءةِ والبحثِ، وأهملتَ أمرَ الزمن ِ - طالَ أو قصرَ - انتهى بكَ الزمنُ إلى يوم يكونُ تاريخًا لمجدكَ، وثوابًا لجدّكَ» (السابق نفسه).

وكأنما كان الرافعي شاهدًا على أمنيات المتعجلين من المعلمين وطلابهم، من الذين يبحثون عن (وصفة) ناجعة لكل أدواء العجز اللغوي والحَصَر البياني. وفي الحق أن مثل تلك الوصفات لا وجود له. وقد كتب الرافعي إلى مراسله: « ما أشبهك برجل لا يصلي ولا يصوم ولا يؤتي الزكاة ولا يحج، ثم يريد أن يخرج كفارة تسقط عنه كل ذلك، ويبقى وادعا مستريحا وله ثواب الصائم بدريهمات معدودة...» (السابق، ص52).

وتعليل ما ذكر أن «الإنشاء لا تكون القوة فيه إلا عن تعب طويل في الدرس، وممارسة الكتابة، والتقلب في مناحيها، والبصر بأوضاع اللغة. وهذا عملٌ كان المرحوم الشيخ «محمد عبده» يقدر أنه لا يتم للإنسان في أقل من عشرين سنة. فالكاتب لا يبلغ أن يكون كاتبًا حتى يبقى هذا العمر في الدرس وطلب الكتابة.

فإذا أوصيتك فإني أوصيك أن تكثر من قراءة القرآن ومراجعة « الكشاف» ( تفسير الزمخشري). ثم إدمان النظر في كتاب من كتب الحديث «كالبخاري» أو غيره، ثم قطع النفس في قراءة آثار «ابن المقفع» «كليلة ودمنة» و«اليتيمة» و«الأدب الصغير»، ثم رسائل الجاحظ، وكتاب «البخلاء» ثم «نهج البلاغة» ثم إطالة النظر في كتاب «الصناعتين» و«المثل السائر» لابن الأثير، ثم الإكثار من مراجعة «أساس البلاغة» للزمخشري. فإن نالت يدك مع ذلك كتاب «الأغاني» أو أجزاء منه و«العقد الفريد»، و«تاريخ الطبري» فقد تمت لك كتب الأسلوب البليغ. (السابق، 52)

وبشكل إجرائي أوضحَ الرافعي خطوات عمليةً محددةً، فقال: «اقرأ القطعة من الكلام مرارًا كثيرة، ثم تدبرها، وقلب تراكيبها، ثم احذف منها عبارة أو كلمة، وضع ما يسد سدها ولا يقصر عنها، واجتهد في ذلك، فإن استقام لك الأمر فترق إلى درجة أخرى. وهي أن تعارض القطعة نفسها بقطعة تكتبها في معناها، وبمثل أسلوبها، فإن جاءت قطعتك ضعيفة فخذ في غيرها، ثم غيرها، حتى تأتي قريبًا من الأصل أو مثله.

اجعل لك كل يوم درسًا أو درسين على هذا النحو، فتقرأ أولاً في كتاب بليغ نحو نصف ساعة، ثم تختار قطعة منه فتقرأها حتى تقتلها قراءة، ثم تأخذ في معارضتها على الوجه الذي تقدم – تغيير العبارة أولاً ثم معارضة القطعة كلها ثانيًا – واقطع سائر اليوم في القراءة والمراجعة. (السابق، 53)

ومتى شعرت بالتعب فدع القراءة أو العمل، حتى تستجم، ثم ارجع إلى عملك ولا تهمل جانب الفكر والتصوير وحسن التخييل. هذه هي الطريقة ولا أرى لك خيرًا منها».

وكلام الرافعي أحسن تفصيلا من قول ابن الأثير: «مَنْ أحبّ أن يكون كاتبًا أو كان عنده طبع مجيب فعليه بحفظ الدواوين ذوات العدد، ولا يقنع بالقليل من ذلك. ثم يأخذ في نثر الشعر من محفوظاته. وطريقه أن يبتدئ فيأخذ قصيدًا من القصائد فينثره بيتًا بيتًا على التوالي، ولا يستنكف في الابتداء أن ينثر الشعر بألفاظه أو بأكثرها؛ فإنه لا يستطيع إلا ذلك. وإذا مرنتْ نفسه وتدرب خاطره ارتفع عن هذه الدرجة، وصار يأخذ المعنى ويكسوه عبارة من عنده، ثم يرتفع عن ذلك حتى يكسوه ضروبًا من العبارات المختلفة. وحينئذ يحصل لخاطره بمباشرة المعاني لقاحٌ، فيستنتج منها معاني غير تلك المعاني. وسبيله أن يكثر الإدمان ليلًا ونهارًا. ولا يزال على ذلك مدة طويلة حتى يصير له مَلَكة».

والقول الجامع في فن الكتابة ما جاء في الرسالة العذراء: «اعلمْ أن الاكتساب بالتعلم والتكلف، وطول الاختلاف إلى العلماء، ومدارسة كتب الحكماء».

استدراكٌ واجبٌ

ولئلا يساء تأويل ما قدمنا، فإننا نرفض - مثلما رفض نزار قباني- أن « تغدو الكتابة تأليفًا لما سبق تأليفه، وشرحًا لما انتهى شرحه، ومعرفة بما سبق معرفته». ونعيد معه القول إن «الكتابة الحقيقية، هي نقيض النسخ، ونقيض النقل، ونقيض المحاكاة الزنكوغرافية أو الطباعية».

وإن من جليل الوصف أن توصف الكتابة بأنها (اجتهاد) الذي يعني لدى أجدادنا ذروة الجهد الذهني وثمرته. وشتان بين الكتابة/الاجتهاد، والكتابة الملوثة للعقل.

وإن الحفظ الذي نعنيه هنا هو الحفظ الذي يعصم الكاتب من أن يكون ضمن القطيع الذين وصفهم نزار بأنهم «جاؤوا من العدم.. العدم الثقافي، والعدم الجمالي، والعدم القومي، والعدم التاريخي..إن اللغة العربية تضايقهم لأنهم لا يستطيعون قراءتها... والعبارة العربية تزعجهم لأنهم لا يستطيعون تركيبها»

أولئك - ومازال الكلام لنزار- هم المعوقون الذين «تسأل الواحد منهم عن المتنبي، فينظر إليك باشمئزاز كأنك تحدثه عن الزائدة الدودية، وحين تسأله عن «الأغاني» و«العقد الفريد» و«البيان والتبيين» و«نهج البلاغة» و«طوق الحمامة» يرد عليك بأنه لا يشتري أسطوانات عربية.. ولا يحضر أفلامًا عربية..إنهم يريدون أن يفتحوا العالم وهم عاجزون عن فتح كتاب.. ويريدون أن يخوضوا البحر وهم يتزحلقون بقطرة ماء.. ويبشرون بثورة ثقافية تحرق الأخضر واليابس.. وثقافتهم لا تتجاوز باب المقهى الذي يجلسون فيه، وعناوين الكتب المترجمة التي سمعوا عنها».

وصنف آخر من المعوقين لا يرى للكاتب من وظيفة سوى وظيفة المهرج أو البهلوان الذي -كما وصفه جوركي- يمشي على رأسه لتسلية الجماهير الضجرة. فهذا الصنف حين يفتقر إلى موهبة حقيقية يعمد إلى مصادمة مشاعر المجتمع، وإلى التجرؤ على النظام العام، وإلى قذف ذوي المكانة وذوي المروءات. وما ذاك إلا محاولة صبيانية لجذب الانتباه من خلال الشذوذ والإغراب. وأسمج الشذوذ شذوذ المبتدئين في كل فن. أولئك الذين يريدون أن يكونوا علماء بغير علم، فقهاء بغير فقه، مثقفين دون ثقافة، أدباء دونما أدب.

أجل! إن المتطلع إلى صناعة الكتابة ليس مضطرًا إلى أن يكون (صدى) للذخيرة الأدبية والمعرفية التي استوعبها، بل يمكنه إذا استطاع أن يكون «إماما في الكتابة، كما يعد الشافعي وأبو حنيفة ومالك وغيرهم من المجتهدين في علم الفقه». بشرط أن يضع نصب عينيه قول القائل: «وأول أمرك أن تستفيد، وآخر أمرك أن تجتهد».

فإذا كان الأمر كذلك فما قيمة الحفظ إذن؟ استمع لابن الأثير يجبك: «لا أريد بهذا الطريق أن يكون الكاتب مرتبطًا في كتابته بما يستخرجه من القرآن الكريم والأخبار النبوية والأشعار، بحيث أنه لا ينشئ كتابًا إلا من ذلك، بل أريد أنه إذا حفظ القرآن الكريم، وأكثر من الأخبار النبوية والأشعار، ثم نقّب عن ذلك تنقيب مطلع على معانيه، مفتش على دفائنه، وقلّبه ظهرًا لبطن، عرف حينئذ من أين تؤكل الكتف فيما ينشئه من ذات نفسه، واستعان بالمحفوظ على الغريزة الطبيعية».

ويردف ابن الأثير: «لابد للكاتب المرتقي إلى درجة الاجتهاد في الكتابة - مع حفظ القرآن الكريم، والاستكثار من حفظ الأخبار النبوية، والأشعار المختارة - من العلم بأدوات الكتابة وآلات البيان: من علم اللغة والتصريف والنحو والمعاني والبيان والبديع؛ ليتمكن من التصرف في اقتباس المعاني واستخراجها، فيرقى إلى درجة الاجتهاد في الكتابة».






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2011-03-01, 13:39 رقم المشاركة : 5
جوهرة المحيطات
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية جوهرة المحيطات

 

إحصائية العضو







جوهرة المحيطات غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام المركز الثالث في مسابقة استوقفتني آية

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: فن الكتابة:تعلم أم تعليم؟؟؟


ومما هو وثيق الصلة بموضوعنا ما حكاه القاضي الفاضل (ت 596هـ): «كان من العادة أن كلاً من أرباب البيوت إذا نشأ له ولد أحضره إلى ديوان المكاتبات ليتعلم فن الكتابة ويتدرب ويسمع، فأرسلني والدي - وكان إذ ذاك قاضيًا بثغر عسقلان- إلى الديار المصرية في أيام الحافظ العبيدي وهو أحد خلفائها، فدخلت ديوان المكاتبات. وكان الذي يرأس به في تلك الأيام وهو صاحب الإنشاء بمصر موفق الدين أبا الحجاج يوسف المعروف بابن الخلال، فلما مثلتُ بين يديه وعرّفته من أنا وما طلبي رحّب بي، ثم قال: ما الذي أعددتَ لفن الإنشاء وكتابته؟ فقلت: ليس عندي سوى أني أحفظ القرآن الكريم وكتاب الحماسة. فقال: «في هذا بلاغ». ثم أمرني بملازمته. فلما ترددتُ إليه، وتدربتُ عليه، وطال تدريبي بين يديه، أمرني أن أحل عليه ديوان الحماسة، فحللته من أوله إلى آخره، ثم أمرني أن أحله مرة أخرى فحللته» (ثمرات الأوراق لابن حجة الحموي).

وبالرغم من كل ما قدمناه فإننا نُصِرّ على أنه لا توجد (وصفة) ناجعة لكل أدواء العجز اللغوي والحَصَر البياني. ونؤكد أن مثل تلك الوصفات لا وجود له. ومن بدائع المفارقات أن مخطوطة صبح الأعشى قد سقط منها جواب الشرط الذي طالما انتظره المتعلمون والمعلمون، وذلك حين كتب القلقشندي: «فإذا أراد الكاتب المتصف بصفة الاجتهاد في الكتابة إنشاء خطبة أو رسالة أو غيرهما مما يتعلق بفن الإنشاء...» ولم يمهلنا تاريخ المخطوطات العربية لكي نعرف جواب إذا. (يسرني كل السرور أن أجد لدى أحد الفضلاء تتمة النقص في المخطوطة، فيرسله مشكورًا إلى مجلة المعرفة).

من ثقافة الكاتب

قال ضياء ابن الدين ابن الأثير: إذا ركّب الله تعالى في الإنسان طبعًا قابلاً لهذا الفن فيفتقر حينئذ إلى ثمانية أنواع من الآلات:‏

النوع الأول‏:‏ معرفة علم العربية من النحو والتصريف‏.‏

الثاني‏:‏ معرفة ما يحتاج إليه من اللغة، وهو المتداول المألوف استعماله في فصيح الكلام، غير الوحشي الغريب، ولا المستكره المعيب‏.‏

الثالث‏:‏ معرفة أمثال العرب وأيامهم، ومعرفة الوقائع التي جاءت في حوادث خاصة بأقوام؛ فإن ذلك جرى مجرى الأمثال أيضا‏.‏

الرابع‏:‏ الاطلاع على تأليفات من تقدمه من أرباب هذه الصناعة، المنظومة منه والمنثورة، والتحفظ للكثير منه‏.‏

الخامس‏:‏ معرفة الأحكام السلطانية: الإمامة والإمارة والقضاء والحسبة وغير ذلك‏.‏

السادس‏:‏ حفظ القرآن الكريم، والتدرب باستعماله، وإدراجه في مطاوي الكلام‏.‏

السابع‏:‏ حفظ ما يحتاج إليه من الأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والسلوك بها مسلك القرآن الكريم في الاستعمال‏.‏

الثامن‏:‏ وهو مختص بالناظم دون الناثر، وذلك علم العروض والقوافي.

ثم قال: «وبالجملة فإن صاحب هذه الصناعة يحتاج إلى التشبث بكل فن من الفنون حتى إنه يحتاج إلى معرفة ما تقوله النادبة بين النساء، والماشطة عند جلوة العروس، وإلى ما يقوله المنادي في السوق على السلعة. فما ظنك بما فوق هذا؟ والسبب في ذلك أنه مؤهل لأن يهيم في كل واد، فيحتاج أن يتعلق بكل فن‏».

وهذا كله كلام يذكرنا بالثقافة التي تلزم كاتب الدراما وكاتب السيناريو. وإن شئت يذكرنا بثقافة المرشحين للعمل بالسلك الدبلوماسي. ولكنا في الأساس سقنا الكلام لتوجيه أنظار التربويين، وبخاصة صناع المناهج، ومن يهندسون برامج التربية اللغوية.

من أصول الأداء اللغوي الكتابي

استصفى القلقشندي (المتوفى 821هـ) من إرث الكتابة العربية خلاصات وضعها في كتابه: «صبح الأعشى». والكتاب في مجمله عبارة عن تبيان للمعارف اللازمة للكاتب، والقدرات اللغوية التي يلزمه التزود بها. والمؤلف - كغيره- ابن عصره. فهو معني بمعارف عصره هو، مما يعني أن يهضم كل كاتب معارف عصره كذلك. ولو أدرك القلقشندي عصرنا لضمّن كتابه فصولاً عن الاستنساخ والاحتباس الحراري وأسعار النفط، والطاقة المتجددة، وانهيار البورصة، والأوبئة العابرة للحدود.

ومفهوم الكتابة لدى المؤلف يدلنا عليه محتوى الكتاب أجمعه. لذلك صنف «صبح الأعشى» على أنه موسوعة أو دائرة معارف. وقد رأى القلقشندي أن الكتابة تقوم على المحسنات البديعية، شأنه في ذلك شأن الكتاب في زمانه، مثل ابن نباته والقاضي الفاضل. ولو عاش في أيامنا لكان له من المحسنات موقف مغاير. وأغلب الظن أنه كان سيبسط القول في خصائص الكتابة للوسائط الرقمية، وما يجمل منها وما يقبح. وبدلاً من أن يصف أنواع المحابر والأقلام، كان سيصف قدرات الحواسيب، وبرامج تشغيلها، ومهارات التعامل معها، وأصول تحرير النص الرقمي، والتلخيص الآلي، والترجمة الآلية، والنشر الإلكتروني، ودمج الوسائط، والمدونات، والمكتبات الرقمية، وما شابه ذلك.

مما يحتاج إليه الكاتب على سبيل الإجمال

ما يحتاج إلى معرفته من مواد الإنشاء: المعرفة باللغة العربية، والمعرفة باللغة الأعجمية، والمعرفة بالنحو، والمعرفة بالتصريف، والمعرفة بعلوم المعاني والبيان والبديع، وحفظ كتاب الله العزيز، والاستكثار من حفظ الأحاديث النبوية، والإكثار من حفظ خطب البلغاء، ومكاتبات الصدر الأول، وحفظ الأشعار الرائقة، وحفظ الأمثال، ومعرفة أنساب الأمم من العرب والعجم، والمعرفة بمفاخرات الأمم ومنافراتهم، والمعرفة بأيام الحروب الواقعة، ومعرفة عادات العرب، والنظر في كتب التاريخ. والمعرفة بخزائن الكتب وأنواع العلوم. (القلقشندي، ج1، ص ص 69-237).

وأجمل عبدالحميد حيث وصف الكاتب بأنه الذي «نظر في كل فن من فنون العلم فأحكمَه، وإن لم يحكمْه أخذ منه بمقدار ما يكتفي به». ثم فصل شيئا فقال: «فتنافسوا يا معشر الكتاب في صنوف الآداب، وتفقهوا في الدين‏.‏ وابدؤوا بعلم كتاب الله عز وجل، والفرائض، ثم العربية؛ فإنها ثقاف ألسنتكم. ثم أجيدوا الخط؛ فإنه حلية كتبكم. وارووا الأشعار، واعرفوا غريبها ومعانيها، وأيام العرب والعجم وأحاديثها وسيرها؛ فإنّ ذلك معين لكم على ما تسمو إليه هممكم. ولا تضيعوا النظر في الحساب؛ فإنه قِوام كتاب الخراج‏.‏ وارغبوا بأنفسكم عن المطامع، سنيها ودنيها، وسفساف الأمور ومحاقرها».

ونستأنس هنا بقول ابن المقفع: «يا طالب الأدب اعرف الأصول والفصول؛ فإن كثيرًا من الناس يطلبون الفصول مع إضاعة الأصول، فلا يكون دركهم دركا. ومن أحرز الأصول اكتفى بها عن الفصول، وإن أصاب بعد إحراز الأصول فهو أفضل».

من الأصول التي يبنى الكلام عليها

الأصل الأول: المعرفة بالمعاني: والنظر فيه من وجهين، الوجه الأول: في شرف المعاني وفضلها، اعلم أن المعاني من الألفاظ بمنزلة الأبدان من الثياب، فالألفاظ تابعة والمعاني متبوعة، وطلب تحسين الألفاظ إنما هو لتحسين المعاني، بل المعاني أرواح الألفاظ وغايتها التي لأجلها وضعت وعليها بنيت. الوجه الثاني: في تحقيق المعاني ومعرفة صوابها من خطئها وحسنها من قبحها.

الأصل الثاني: النظر في الألفاظ من صناعة إنشاء الكلام النظر في الألفاظ. والنظر فيها من وجهين: الوجه الأول في فضل الألفاظ وشرفها، قد تقدم في الكلام على المعاني أن الألفاظ من المعاني بمنزل الثياب من الأبدان، فالوجه الصبيح يزداد حسنًا بالحلل الفاخرة والملابس البهية، والقبيح يزول عنه بعض القبح، كما أن الحسن ينقص حسنه برثاثة ثيابه وعدم بهجة ملبوسه، والقبيح يزداد قبحًا إلى قبحه. فالألفاظ ظواهر المعاني، تحسن بحسنها، وتقبح بقبحها.






التوقيع

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أم , الكتابة:تعلم , تعليم؟؟؟ , فن


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 13:33 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd