الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى الثقافة والفنون والعلوم الإنسانية > الفكر و التاريخ و الحضارة > مختارات الدكتور محمد عابد الجابري


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2011-02-20, 18:00 رقم المشاركة : 1
رشدية جابرية
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية رشدية جابرية

 

إحصائية العضو







رشدية جابرية غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في دورة HTML

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي الفكر الجابري.



كاتب مفكر مغربي راحل. ولد بالمغرب عام 1936م، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة عام 1967، وعلى دكتوراهالدولة في الفلسفة عام 1970م من كلية الآداب بالرباط.
-
يعمل حالياً أستاذاً للفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط.
-
له مجموعة مؤلفات، ومشاركات في الصحف والمجلات.
-
كاتب مفكر مغربي معاصر. ولد بالمغرب عام 1936م، وحصل على دبلوم الدراساتالعليا في الفلسفة عام 1967، وعلى دكتوراه الدولة في الفلسفة عام 1970م منكلية الآداب بالرباط.
-
كان يعمل أستاذاً للفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط.

مؤلفاته :


-
أصدر الجابري مجلة (نقد وفكر)، وهي شهرية.
1-
أضواء على مشكلة التعليم بالمغرب، 1973م. 2-مدخلإلى فلسفة العلوم –بيروت-دار الطليعة- 1982م. 3-من أجل رؤية تقدمية لبعضمشكلاتنا الفكرية والتربوية، 1977م. 4-نحن والتراث –المغرب- المركز الثقافيالعربي 1983م . 5-تكوين العقل العربي –بيروت- مركز دراسات الوحدة العربية . 6-المنهاج التجريبي وتطور الفكر العلمي بيروت –دار الطليعة- 1982م. 7-فكرابن خلدون، العصبية الدولة –المغرب- دار النشر المغربية – 1984م. 8-إشكاليات الفكر العربي المعاصر، 1986م. 9-وحدة المغرب العربي –بيروتمركز دراسات الوحدة العربية –1987م. 10-التراث والحداثة: دراسات ومناقشات، 1991م. 11-الخطاب العربي المعاصر –بيروت- مركز دراسات الوحدة العربية – 1994م. 12-وجهة نظر: نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر، 1992م. 13-المسألة الثقافية ، 1994م. 14-الديمقراطية وحقوق الإنسان ، 1994م. 15-مسألة الهوية: العروبة والإسلام والغرب، 1995م. 16-المثقفون في الحضارةالعربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد، 1995م. 18-المشروع النهضوي العربي: مراجعة نقدية، 1996م . 19-قضايا في الفكر المعاصر، 1997م. 17-الدين والدولة وتطبيق الشريعة، 1996م.

-قال الأستاذ أحمد عبد العزيز أبو عامر في مقال له عن الجابري نشره فيالمجلة العربية (العدد 165): (تمهيد: تعاني جامعاتنا العربية ضمن ما تعانيهمن الضعف أن جل أساتذتها الذين تخرجوا من الجامعات الأجنبية وبخاصة فيالعلوم الإنسانية عادوا بتصورات أجنبية فعلاً تتنكر غالباً للأصولالإسلامية لفقدانهم الأسس الإسلامية الصحيحة، وفاقد الشيء لا يعطيه.
ولذا وجدناهم مختلفي المنطلقات الفكرية، ويمكن إجمالهم على النحو التالي:
ما حقيقة هؤلاء:
وهؤلاء الكتاب يزعمون أنهم يناقشون قضايا المجتمع العربي الإسلامي من منظورعلمي مع أنهم في الحقيقة يحاولون عمداً هدم الإسلام من الداخل ويسميالباحث القدير (د/يوسف نور عوض) هذا الاتجاه الجديد في علم الاجتماع. (اتجاه النقل المقصود به الهدم) ذلك أن معظم الكتاب العرب الذين بدأوايستخدمون هذا المنهج، لم يحاولوا في الواقع نقد المنهج ذاته بل استخدموهبأقصى درجات التطرف من أجل تفتيت كيان الأمة الثقافي. تارة تحت اسم (سوسيولوجيا المعرفة) وأخرى تحت اسم (سوسيولوجيا النقد) () ومعظم الذينيعملون في هذه الاتجاهات الخطيرة قد عملوا في إطار التنظيمات الأيدلوجيةالمشبوهة وغرضهم إسقاط أفكارهم على الواقع الاجتماعي دون الدخول مباشرة فيالمواجهة، ونعود لصاحبنا الجابري.
نبذة عن حياته([4]) :
ولد عام 1936م في قرية (فكيك) المغربية على الحدود الجزائرية ودرس بها ثمغادرها إلى (الدار البيضاء) حيث انخرط في خلايا العمل الوطني في بدايةالخمسينات، وفي عام 1958م انتقل إلى دمشق للحصول على الإجازة في الفلسفة. بعد أن حصل على البكالوريا كمرشح حر ولم يتم دراسته الجامعية وعاد للمغربلينتسب إلى الجامعة المغربية الفتية. وفيها يكمل مشواره الأكاديمي، وفي 1964م يحصل على (الليسانس) في الفلسفة وفي عام 1967م نال الماجستير بعدمناقشة رسالته (منهجية الكتابات التاريخية المغربية) والتي عن طريقها اكتشفعالم الاجتماع المسلم (عبد الرحمن بن خلدون) حيث قرر أن يكون بحثه لنيلشهادة الدكتوراه عام 1971م (العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية فيالتاريخ العربي الإسلامي). وهو الآن أستاذ الفلسفة والفكر العربي والإسلاميفي كلية الآداب بجامعة الملك محمد الخامس بالرباط، وله العديد من الكتب منأشهرها: (نحن والتراث) و(نقد العقل العربي) وقد صدر في أجزاء ثلاثة هي (تكوين العقل العربي) و(بنية العقل العربي) و(العقل السياسي العربي) و(الخطاب العربي المعاصر) وغيرها. وقد شارك في العديد من المؤتمرات العلميةوالثقافية وطرح بعض الآراء التي سيتم مناقشة بعض منها فيما بعد.
والملاحظ أن كثيراً من الكتاب المغاربة المشهورين اختطوا طريقاً فكرياًينحو المنحى الفلسفي بما يسمونه (قراءات التراث) وهي اتجاهات شتى يمكنالرجوع لمعرفتها في كتاب (التراث والهوية) لعبد السلام بن عبد العالي الذيتطرق فيه إلى كل من العروي والخطيـبـي والجابري وغيرهم.
ومحمد عابد الجابري والحق يقال: إنه من أنزه هؤلاء الكتاب وإن كان عليهمآخذ سأوضحها فيما بعد، وهذا التعريف السريع به وبفكره ينطلق من عنوانه منما يعرف بالبستمولوجيا وهي النظم المعرفية التي اشتهر في كتاباته عنها، فيدراسته عن (نقد العقل العربي) وكيف انحدر إلى ما أسميه (بالهذرلوجيا)(5) وأعني به السقوط في الرأي، حينما عرض وجهة نظره في أزمة الخليج والتي هيأقرب ما تكون للهذر من التحليل العلمي الذي عرف به وكيف أنه ناقض نفسه فيمفهومه للوحدة العربية والذي سبق أن أدلى به في عدة مقابلات صحفية كماسأوضحه إن شاء الله.
قراءات في التراث:
للجابري صلة قوية بدراسة التراث العربي الإسلامي ومن خلال قراءاته تلك يعرفبفكره وطروحاته حول التراث والتحديث، وقد وضع منطلقاته الفكرية هذه فيمدخل كتابه (نحن والتراث).. فحينما ذكر اتجاهات الفكر العربي المعاصر فيدراسة التراث وضعها في ثلاث فئات (السلفية الدينية) و(القراءة الاستشراقية) و(القراءة اليسارية) وقال: إن تلك القراءات كلها (سلفية) وإن اختلفتمنطلقاتها. وإنما الفرق بينها هو نوع السلف الذي يتحصن به كل تيار،فالقراءة الاستشراقية سلفها مفكرو أوروبا واليسارية سلفها الماركسية.. ومنخلال إطلاعي على بعض من كتب عن الجابري وجدت أن ما ذكره المفكر المغربي (سعيد بن سعيد) عن ملامح منهجه الفكري هو أقرب ما يكون له، حيث وضع منهجالجابري متمثلاً في ثلاثة أبعاد.
ماذا قال في دراسته عن نقد العقل العربي:
هذه الدراسة صدرت في أجزاء ثلاثة سبق ذكرها وهي دراسة مركزة وتحليليةللثقافة العربية والإسلامية تحتاج إلى كبير تأمل ومراجعة حتى يستوعبهاالقارئ لها، وسأقف معك أخي القارئ في الجزء الأول منها وهو (تكوين العقلالعربي) وقد ذكر في كتابه (الخطاب العربي المعاصر) والذي يعتبر تمهيداًلهذه الدراسة، ذكر أن الذاتية العربية الراهنة تفقد استقلالها لكونها تنطلقمن مرجعيتين متعارضتين منفصلتين عنها إحداها (تنتمي إلى الماضي العربيالإسلامي) والأخرى تنتمي إلى (الحاضر والمستقبل الأوروبي). وسبيل تحقيقالذات العربية هو التحرر من ذلك النموذج (الإسلامي والغربي) !!
تكوين العقل العربي:
تتبع الجابري مراحل تكوين الثقافة الإسلامية التي دونت وصنفت وأعيد بناؤهاخلال عصر التدوين وامتداداته فوجد نفسه أمام ممارسة نوع من التاريخ للثقافةالعربية يقوم على إعادة ترتيب العلاقات بين أجزائها، فبدلاً من تصنيف ضروبالمعرفة إلى علوم نقلية وأخرى عقلية.. أدى به رصد الأساس (البستمولوجي) لإنتاج المعرفة داخل الثقافة العربية إلى تصنيف آخر لا يؤخذ فيه بعينالاعتبار سوى البنية الداخلية للمعرفة (آلياتها ووسائلها ومفاهيمهاالأساسية) حيث وضعها في ثلاث مجموعات:

وهكذا صار يحلل البقية على ذلك المنوال، ثم ذكر أن تأخر المسلمين راجع لكونالعقل قدم استقالته استناداً إلى المشروعية الدينية، ففي حين بدأالأوروبيون يتقدمون باستيقاظ العقل بينما المسلمون في صراع حول الخلافةوصراع الفرق وأن تقدم غير المسلمين حينما فصل الدين عن الدولة.
وهكذا يدس السم في الدسم بطريق غير مباشر ولذا صدق د/يوسف نور عوض(7) بقولهعن هذا الكتاب: إنه نوع من الكتب التي يوهم القارئ بأنه يتحدث في أمورخطيرة ويتناولها بطريق علمية وموضوعية ولكن المتأمل فيه يدرك أن الكتابفارغ المضمون وأنه مليء بالمغالطات والآراء غير العلمية بعكس الدعايةالكبيرة له،ومن ملاحظاته ما يلي:
من آرائه العجيبة:
أولاً: في الوقت الذي يقول فيه: إن تطبيقالشريعة مبدأ لا يحتمل النقاش كمبدأ يقول: إن الشريعة في الإسلام مجالمفتوح وأن هناك مبادئ وجوانب معينة وتطبيقها فيه مجال للاجتهاد، ثم يقول: إن (حد الزنا) كان من الممكن تطبيقه في مجتمع البادية أما المجتمع الجديدفلا يمكن تطبيقه كما اشترط الفقهاء(8) ولا شك فهذه الدعوى ساقطة من أساسها؛لأن إجماع العلماء بأنه لا اجتهاد مع النص معروف ولا خلاف حوله، وتبقىالملابسات والظروف والتحديد العقلي، وهذا ما يقرره العلماء والجابري ليسمنهم، والإسلام دين شامل لكل زمان ومكان وتعاليمه السماوية لم تكن مؤقتةكما يزعم هؤلاء بلا علم (أأنتم أعلم أم الله).
ثانياً: يقولفي إحدى المقابلات معه (المستقبل العربي عدد 45/5): إن التمزق الذي يعيشهعالمنا العربي ليس في الحقيقة فشلاً لمفهوم القومية العربية كبديل عنالمجتمع القديم، بل نتيجة لغياب الديمقراطية عن مشروع القومية العربية!!
والحقيقة أن مأساة الأمة العربية في مشاريع الوحدة الكثيرة ليس لغيابالديمقراطية فحسب بل لكونها لم تتم على الأسس المفروضة المنطلقة من الإسلامذاته، ولو آمن المتحدون بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة لما حصلت أيخلافات أو تعثر. لكن مشكلة المشاريع الوحدوية أنها قامت لمصالح ومن ورائهاذوو اتجاهات حزبية متناقضة لا يأمن بعضهم جانب بعض فما تلبث إلا أن تسقطبين عشية وضحاها، إن الأمة بحاجة إلى منطلقات إيمانية وإلى معالم شوريةوحينها لن يحدث ما يحصل من تشرذم وسقوط، فهل نعي ذلك أم على قلوب أقفالها؟وليس هناك أكبر دليل على سقوط (القومية) من واقعنا اليوم وكيف أصبحتالمفاهيم القومية مصلحية ونفعية ولا تمت للمصالح العليا للأمة بصلة([9]).
ثالثاً: في حوار ثقافي بين الجابري وحسنحنفي على صفحات مجلة اليوم السابع (225/5) حول ما دعته المجلة (بالتخلي عنمنطق الفرقة الناجية) تطرق الجابري إلى حديث (افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعينفرقة كلها في النار إلا واحدة) وذكر بأن حصر الفرق الضالة كما جاء فيالحديث وكما يفعل علماء الشرع وتعيين الطائفة الناجية عمل فيه تحكم وتعسفلا يقبله العقل ولا الشرع مستنداً إلى ما ورد عن رأي لبعض علماء المغربوالأندلس.. والحقيقة أن الحديث صحيح كما أخرجه علماء الحديث قديماً وحديثاًوقد جمع الباحث (سليم الهلالي) طرق الحديث ورواياته وتقويم علماء الجرحوالتعديل له وبيان صحته والرد على بعض المعاصرين في طعنهم فيه وتأويل معناهبدون فهم في رسالة له بعنوان (نصح الأمة في فهم أحاديث افتراق الأمة) وختمالرسالة بست حقائق علمية في فقه الحديث جديرة بالإطلاع أكد فيها على وجودالطائفة المنصورة القائمة على نهج النبي صلى الله عليه وسلم متبعة سنته حتىيأتي أمر الله بالنصر والتأييد، وقد فصل الباحث الهلالي أوصاف هذه الطائفةفي كتابه (اللآلئ المنثورة بأوصاف الطائفة المنصورة).
مقالته في الهذرلوجيا:
قلت: إن الهذرلوجيا أعني بها الكلام غيرالموزون وغير القائم على أسس علمية وقد طرح الجابري رأيه حيال أزمة الخليجفي (مجلة اليوم السابع) حيث يرى أن خلاف العقيدة (العراق) مع (الغنيمة) الكويت وضع عربي متسلسل عن صراع التكوينات العربية والاشتراكية في الستيناتمع التقليدية والأمبريالية. انكمشت في الماضي زمن تطاول الاشتراكية ثمتجاسرت على الخروج فكان الصدام الذي جعل البترول الكويتي غنيمة يستحقهاالعراق نتيجة خوضه الحروب القومية!! فأدى تراكم الديون إلى بحثه عن حقه فيالغنيمة.. وأتساءل مع الأستاذ (تركي السديري) (9) في تعليقه على الجابريفيما ذكر: أي أمل لنا في فكر من هذا النوع من الكتاب الذي يتجاهل تشريد شعببكامله وسطو على حقوق غيره ثم يسمي ذلك بأنه رد فعل طبيعي، متحللاً تماماًمن صفته كمفكر ليتحول إلى كاتب إعلامي.
والجابري ينطلق في توهمه هذا على ما بنى عليه كتابه (العقل السياسي العربي) حينما قال: إن القبيلة والغنيمة والعقيدة محدودات ثلاثة حكمت العقلالسياسي العربي الماضي وما زالت تحكمه، وبعد أن احتككنا بالحضارة المعاصرةوظهرت الأيدلوجيات النهضوية من سلفية وعلمانية وليبرالية وقوميةواشتراكية.. تعرضت تلك المحدودات إلى نوع من القمع والإبعاد فشكلت المكبوتوبعدما تعرضنا له من نكسات واحباطات فتحت الباب على مصراعيه لعودة المكبوتوأن المطلوب هو تجديد مهام الفكر العربي اليوم بتجديد العقل السياسي ويتمثلفي رأيه فيما يلي:

والذي يعرفه الجميع أن تلك التحولات الجديدة حصلت في كثير من أنحاء العالمالعربي بالفعل، لكن السؤال المهم على أي أساس ينظم المجتمع المنشود. وعلىأي أساس يقوم الاجتهاد النقدي؟! لقد جربت الأمة العديد من المناهج الكثيرةمن قومية واشتراكية ورأسمالية وما زالت تدور في حلقة مفرغة ويبقى أن تجربالإسلام الفعال الإسلام الحق القائم على الشورى. لا الإسلام الانتقالي الذييريده (الجابري) وأمثاله.. ومما يؤسف له أن الجابري نسي أو تناسى جوابه عنالطريقة المعقولة للوحدة العربية في مقابلة معه في صحيفة القبس الكويتيةالعدد (5884) الصادر في 29/9/1988م حينما قال: (والوحدة في أية حال لا يمكنأن تتم أو تكون دون ديمقراطية، ودون تراضي الدول العربية المرشحة لأن تتحدإما كمجموعات إقليمية أو كوطن عربي ككل. لا طريق آخر للوحدة العربية إلاطريق التراضي الديمقراطي بين هذه الدول، إلى أن يقول.. وبالتالي ستكونالوحدة عبارة عن مراحل وتعاون متدرج وليس وحدة شاملة من خارج المحيط..) أيدعوى تلك التي زعمها في رأيه بأزمة الخليج وقد قال ما قال وناقض رأيهالسابق في الموضوع بلا مبرر معقول؟
حقاً إن الجابري لم يقدم إضافة مفيدة ولكنه خسر نفسه كمفكر) انتهى كلام الأستاذ أحمد أبو عامر –وفقه الله-.
وقال الأستاذ عبد العزيز الوهيبي في مقال له بعنوان (قراءة في فكر الدكتورمحمد عابد الجابري) نشره في مجلة البيان (العدد 71) : (هل يمكن بناء نهضةبعقل غير ناهض.. عقل لم يقم بمراجعة شاملة لآلياته، ومفاهيمه، وتصوراتهورؤآه… ؟ !
ثم لماذا لم تتطور أدوات المعرفة (مفاهيم، مناهج، رؤى..) في الثقافةالعربية (الإسلامية) خلال نهضتها في (القرون الوسطى) إلى ما يجعلها قادرةعلى إنجاز نهضة فكرية وعلمية مطردة التقدم، على غرار ما حدث في أورباابتداءً من القرن الخامس عشر (الميلادي)؟!
تلك هي الإشكالية التي شغلت ذهن المفكر المغربي د/ محمد عابد الجابري،ودفعته إلى إصدار دراساته المتنوعة حول كثير من قضايا الفكر الإسلامي التيمنها : (نحن والتراث) صدر عام 1980هـ و(الخطاب العربي المعاصر) صدر عام 1982م و(نقد العقل العربي) الذي بدأ صدور أجزائه عام 1986م. ولعل أهم هذهالدراسات وأكثرها ثراءً: الدراسة الأخيرة التي جاءت في ثلاثة أجزاء، كانالأول منها عن (تكوين العقل العربي)، والجزء الثاني عن (بنية العقل العربي) والجزء الثالث عن (العقل السياسي) .
والجزء الأول والثاني، أكثر أهمية في نظري من الجزء الثالث الذي درس نشأةالدولة في الإسلام، وتطورها… وحاول المؤلف فيه إبراز ما أسماه المحدداتالتي بقيت تحكم هذه الدولة في مختلف مراحل سيرتها الطويلة، هذه المحدداتحصرها المؤلف من وجهة نظره في ثلاثة جوانب لا تتجاوزها وهي: العقيدة،والقبيلة، والغنيمة… وأحسب أنه لا يزال في هذا الموضوع العقل السياسي زيادةلمستزيد ولم يكن تناول المؤلف لهذا الموضوع كافياً ولا شافياً.
لاحظ الجابري، عندما درس (بينة العقل العربي) أن التصنيف الشائع القديمللعلوم الإسلامية بتقسيمها إلى علوم نقلية وأخرى عقلية، أو علوم دين وعلوملغة، أو علوم العرب وعلوم العجم، لاحظ أن هذه التصنيفات لا تقوم إلا علىاعتبار المظاهر الخارجية وحدها، والتي تذكرنا بالتصنيف القديم للحيواناتحسب مظاهرها الخارجية وحدها: إلى حيوانات برية ومائية وبرمائية، لكننابحاجة إلى تصنيف جديد للعلوم الإسلامية كما ظهر التصنيف الجديد للحيواناتإلى فقريات ولا فقريات؛ الأمر الذي فتح أمام علم البيولوجيا آفاقاً جديدةخصبة وعميقة.
لقد كان عمل الجابري في هذا البحث (نقد العقل العربي) محاولة للكشف عن هذاالتصنيف الجديد، محاولة لدراسة البنية الداخلية للفكر الإسلامي، وإعادةالتصنيف على أساس لا يؤخذ فيه بعين الاعتبار سوى البنية الداخلية للمعرفة: آلياتها ووسائلها ومفاهيمها الأساسية.
من هذا المنطلق جاء التقسيم الجديد عند المؤلف للعلوم الإسلامية وتيارات التفكير الإسلامي إلى ثلاثة علوم أساسية هي:
-
علوم البيان: وتشمل الفقه وأصوله وعلم الكلام وعلوم اللغة.
-
علوم البرهان: وتشمل الفلسفة وخصوصاً فلسفة أرسطو !
-
علوم العرفان: وتشمل التشيع والتصوف والفلسفة الإشراقية.
كان الإمام الشافعي هو المؤسس للمنهج في العلوم البيانية وكتابه (الرسالة) يعتبر (قواعد المنهج) للفكر الإسلامي، كما وضع ديكارت (قواعد المنهج) للفكرالفرنسي والأوروبي الحديث، وقد لخص رحمه الله تلك القواعد بقوله: (ليسلأحد أبداً أن يقول في شيء حل ولا حرم إلا من جهة العلم، وجهة العلم: الخبرفي الكتاب أو السنة، أو الإجماع، أو القياس (الرسالة: 39) فجهة العلم بناءعلى هذا النص محصورة في أحد سبيلين: النص (من كتاب أو سنة أو إجماع) أوالقياس (الذي هو إلحاق فرع بأصل لاتحادهما في العلة) فقياس التمثيل إذن هوالآلية المفضلة عند الفقهاء، وهو الأسلوب الذي يحكم منهجهم في التفكير.. وعن الفقهاء انتقل المنهج إلى المتكلمين وعلوم النحو والبلاغة مُشكّلاًبذلك مدرسة البيانيين.
أما علوم العرفان وهي العلوم التي يقدم فيها العقل استقالته فتبدأ مع بدايةالترجمة، عندما أمر خالد بن يزيد بن معاوية (ت 85هـ) بترجمة كتب الكيمياء،والتنجيم، وكتب الطب اليونانية والقبطية، تلك الكتب التي تقدم رؤية هرمسيةغنوصية للكون والإنسان، ثم كان لجابر دور في نشر هذه النظرة الهرمسية،وشاركه في مثل هذا الدور الطبيب الرازي، أما في المجال العقائدي فقد كانالشيعة أول من تهرمس في الإسلام، ولم تسلم الجهمية هي الأخرى من هذا التلوثوكذا الصوفية، ثم جاء بعد ذلك دور التيارات الباطنية ممثلة في إخوان الصفاوفلسفة ابن سيناء، التي تزعمت التيارات الباطنية الإشراقية، ثم غدت بعدذلك طابعاً عاماً لكثير من التيارات المنحرفة التي كان مدار التفكير فيهاوالمنهج المفضل للوصول إلى المعرفة قائماً على أساس الكشف والعرفانوالإشراق الذوقي الباطني، وبخلاف كثير من الباحثين يرى المؤلف أن هذاالاتجاه لم يكن رد فعل ضد تشدد الفقهاء، ولا ضد جفاف الاتجاه العقلي عندالمتكلمين، كلا، لقد ظهر هذا النظام قبل أن تتطور تشريعات الفقهاء، ونظرياتالمتكلمين إلى ما يستوجب قيام رد فعل من هذا القبيل، لقد كان هذا التيارنتيجة لمحاولة عناصر معادية للفكر الإسلامي وللدولة الإسلامية قادته عناصرمن الزنادقة وأتباع الديانات الوثنية؛ من أجل تقويض البناء الفكري والسياسيللدولة الإسلامية.
هذا عن البيان والعرفان… أما عن البرهان فيذكر المؤلف تبعاً لما يراهالمستشرق كارل بروكلمان أن المأمون (198-218هـ) إنما أمر بترجمة الفلسفةاليونانية لمواجهة العرفان المانوي الغنوصي الذي اعتمده الشيعة والزنادقةلمواجهة الدولة الإسلامية، لقد كان الكندي (185-252هـ) هو أول فيلسوف عربيحيث أكد على أن المعرفة إنما تكون حسية أو عقلية أو إلهية أداتها الرسلالمبلغة عن الله، وهو بذلك يرفض العرفان الشيعي الصوفي، ثم جاء بعدهالفارابي (260-339هـ) الذي حاول (الجمع بين الحكيمين)، أرسطو وأفلاطونمحاولاً (التوفيق) بين تيارات الفلسفة اليونانية المختلفة، متوصلاً بذلكإلى أن العرفان إنما هو ثمرة للبرهان.
لقد بقيت مدرسة بغداد كما يرى المؤلف من المأمون وحتى الخليفة القادر (381-422هـ) مركزاً علمياً مخلصاً لاستراتيجية المأمون الثقافية القائمةعلى الارتكاز على أرسطو ومنطقه وعلومه في الحرب ضد الإسماعيلية العرفانيةالهرمسية، ثم تسلم بعد ذلك ابن رشد الراية عنهم، وهو المفكر الذي احتفظبصورة فلسفة أرسطو نقية كما جاءت عنه، رافضاً إضافات الفارابي وابن سيناإلى هذه الفلسفة. هكذا تشكلت الدوائر الثلاث البيانية والعرفانيةوالبرهانية في الفكر الإسلامي، لكنها لم تدم مستقلة بعضها عن بعض طوالالوقت، لقد حصل تدريجياً تداخل بين هذه التيارات… فلقد حاول ابن سينا تأسيس (العرفان) على (البرهان)، وذلك بالبحث في الفلسفة عن أسانيد للرؤيةالهرمسية للكون والإنسان وعلاقتهما بالإله.
كما حاول الغزالي تأسيس (البيان) على (العرفان)، وذلك بالتشكيك في كل قيمةللمعرفة الحسية والتجريبية والعقلية، متوصلاً بذلك إلى تفضيل طريقة (الكشف) والإلهام باعتبارها طريق اليقين الوحيد.
بينما حاول ابن حزم تأسيس (البيان) على (البرهان) وذلك برفض قياس الفقهاءالتمثيلي، ومحاولة اعتقاد البرهان المنطقي الأرسطي المبني على مقدمتين ينتجعنهما نتيجة ضرورية يقينية، وتابعه على ذلك الشاطبي بعض المتابعة فيمحاولته لتأسيس فقه المقاصد.
أما ابن رشد، فقد سن محاولات الخلط بين هذه الحقول، ورأى أن الشريعة صنوالحكمة وأختها الرضيعة، وأن لا سبيل للبرهنة من أحدهما على الأخرى.. وهينتيجة توصل إليها أبو سليمان المنطقي من قبل، لكن كان لابن رشد فضل بلورتهاوتوضيحها.
المؤسف كما يرى الجابري أن محاولة ابن رشد جاءت متأخرة فلم تلق أذناً صاغيةممن جاء بعده من المفكرين، بل كان النصر (للعقل المستقيل) في الحركةالصوفية والشيعية، كما كان النصر حليفاً لاختلاط الأنهر عند المتكلمين الذيظهر بظهور الرازي حيث قام تلميذه (الإيجي) بعد ذلك بوضع الصورة النهائيةلعلم الكلام في كتابه (المواقف) حيث يختلط فيه (البيان) بـ(البرهان) بـ(العرفان) وبذلك ظهرت أزمة الأسس في الفكر الإسلامي، وتشقي الحقيقة ثمساد بعد ذلك الجمود والتقليد، وتحريم الاجتهاد والنظر العقلي.
هذا عرض سريع لموضوع كتابي (بنية العقل العربي) و(تكوين العقل العربي) نأتي بعده إلى سؤال مهم:تُرى ما هي المدرسة التي يتبناها الجابري بين هذه المدارس المختلفة، والتييبشر بها ويدعو إليها؟! ثم ما هو المقياس الذي اعتمده في قبول أو رفض هذهالتيارات، وما هي الخلفيات الفكرية والاعتقادية التي كانت تحكم نظرته نحومختلف المدارس الفكرية…؟!
قبل الشروع في الإجابة على هذه الأسئلة، لابد من الإشارة إلى ظاهرة لا تخفىعلى القارئ لمختلف الإصدارات التي كتبها الجابري؛ ألا وهي رغبته الدائمةفي عدم الكشف عن توجهاته الفكرية بشكل سافر.. اتضح هذا جلياً في حواره مع (حسن حنفي) في كتاب (حوار المشرق والمغرب) حيث سود صفحات في بيان رغبةالقراء في كشف القناع عن الخلفيات الأيديولوجية التي تحكم من يقرؤون له،ومع ذلك فلم يحدد توجهاته بوضوح..!!
الذي يظهر لي أن حرص الكاتب على عدم إظهار توجهه الفكري يرجع إلى أحد سببين هما:
-
إما أنه لا يزال في مرحلة التأمل والبحث والنظر، فلم يحدد بعد توجهاته الفكرية.
-
أو أن الباحث يرغب في نشر إنتاجه الفكري بين مختلف الأوساط دون عوائق تصنيفية تلحق به الضرر عند من لا يوافق على توجهه الفكري.
على أي حال، فإنه يمكن من خلال التتبع لمختلف دراساته تبين خطوط رئيسية في خياراته الفكرية نشير إلى شيء منها هاهنا :
بادئ ذي بدء، لا يخفي الكاتب انحيازه للعقلانية حيث يقول:
(
نحن نصدر عن موقف نقدي ينشد التغيير، من التحرك من موقع أيديولوجي واعٍ،أي لابد من الصدور عن موقف تاريخاني؟ ، موقف يطمح ليس فقط في اكتساب معرفةصحيحة بما كان، بل أيضاً إلى المساهمة في صنع ما يتبقى أن يكون، وهوبالنسبة للمجال الذي نتحرك فيه: الدفع بالفكر العربي في اتجاه العقلنة،اتجاه تصفية الحساب مع ركام –ولا نقول رواسب- اللامعقول في بنيته.
(
تكوين العقل العربي: 52).. (لأن موضوعنا هو العقل، ولأن قضيتنا التي ننحاز لها هي العقلانية) (التكوين: ص7).
تبني العقلانية، والدفاع عنها، والتنويه برموزها كان هدف الجابري الذي لايخفيه في عامة دراساته التي أصدرها.. لكن العقلانية بأي معنى…؟!
إنه لا يوجد صراحة من يعلن الحرب على العقل والعقلانية(10) لكن الاختلافيظهر عندما يتحدد المقصود بالعقلانية.. فما هي يا ترى العقلانية التي يدعوإليها الباحث، وينافح عنها..؟ من خلال الرموز الذين دافع عنهم الجابري يمكنتلمس ملامح تلك العقلانية، وسماتها الأساسية.
لقد عرض الباحث فكر أرسطو في (بنية العقل العربي) (ص 384) دون أن يتحفظ علىشيء مما جاء فيه، كما اعتبر الفارابي الذي يسمى (المعلم الثاني) اعتبره هوالذي أعاد تأسيس العقلانية في الإسلام، نظراً لكونه أول من درس المنطقالصوري كاملاً، وقد تغافل الباحث عن الجوانب الغنوصية في فكره ولم يعطهاوزنها الذي تستحقه، نظراً لأنه كما يقول جعل (العرفان) ينتج عن (البرهان)،كما تبنى هجوم ابن حزم على القياس باعتباره منهجاً في البحث لا يفضي إلىاليقين، واعتبر المنهجية الظاهرية الحزمية في الأصول أمتن من منهجيةالبيانيين وأقوم، وكذا أعجب بمنهجية الشاطبي في الموافقات، حيث بنى الأصولعلى المقاصد التي تعرف باستقراء أدلة الشرع..

الموضوع الأصلى من هنا: منتديات كاري كوم http://www.karicom.com/vb/showthread.php?p=271561

لكن الشخصية الإسلامية التي تحتل قيمة لا منازع لها عند الجابري هي شخصيةابن رشد.. إن الخطاب الرشدي يبنى كله على النظر إلى الدين والفلسفة كبناءينمستقلين، يجب أن يبحث عن الصدق فيهما داخل كل منهما وليس خارجه، والصدقالمطلوب هو صدق الاستدلال، وليس صدق المقدمات، ذلك أن المقدمات في الدينكما في الفلسفة، أصول موضوعة يجب التسليم بها دون برهان: فإذا كانت الصنائعالبرهانية، في مبادئها المصادرات والأصول الموضوعة، فكم بالحري أن يكونذلك في الشرائع المأخوذة من الوحي والعقل. (تهافت التهافت 2/869)، ولذلك (فإن الحكماء من الفلاسفة لا يجوز عندهم التكلم ولا الجدال في مبادئالشرائع، وذلك أنه لما كانت لكل صناعة مبادئ، وواجب على الناظر في تلكالصناعة أن يسلم لمبادئها، ولا يتعرض لها بنفي ولا إبطال؛ كانت الصناعةالعملية الشرعية أحرى بذلك..) (التهافت 2/791).
علام تدل هذه الكلمات؟! اعتبار الشريعة نسقاً مغلقاً لا يمكن الاستدلالعليه من خارجه؛ ألا يعني هذا أن الدين تسليم دون استدلال؟! وإذا صح هذافكيف يمكن التمييز بين الدين الصحيح والزائف؟! ألا تحمل هذه الكلمات بذوراًعلمانية خطيرة؟!
-
يعلق الجابري على منهج ابن رشد بقوله: (كانت الرشدية قادرة على طرق آفاقجديدة تماماً، وهذا ما حدث بالفعل، ولكن في أوروبا حيث انتقلت وليس فيالعالم العربي حيث اختنقت في مهدها، ولم يتردد لصيحتها الأولى صيحة الميلادأي صدى إلى اليوم..) (بنية العقل العربي: ص323) أي صدى تردد في أوروبا،إنه الصدى الذي تبنى العلمانية منهاجاً، وجعل من الدين مواضعات اجتماعيةوأخلاقية خاصة، فمن تبنى العلمانية منهاجاً وجعل من الدين مواضعات اجتماعيةوأخلاقية خاصة، فمن شاء أن يلتزم بها فله ذلك ومن لم يشأ فلا جناح عليه !! أما أن يتدخل الدين في صياغة المنهج السياسي أو الاقتصادي، أو العلاقاتالخارجية، فكلا، ليس ذلك للدين وإنما هو للعقل البشري المجرد..!!
هل يريد الجابري هذه النتيجة..؟! من العدل أن نقول إنه لم يصرح بهذا في هذه الكتب…لكن القارئ بسوء نية يمكنه أن يفهم ذلك..
1-
الدعاة لمركسة الفكر العربي وأبرزهم عبد الله العروي.
2-الدعاة لعلمنة الفكر العربي وأبرزهممحمد أركون. 3-الدعاة لعقلنة الفكر العربي وأبرزهم محمد عابد الجابري، مدارالمناقشة في هذه الحلقة وهو من المبشرين بما يسمى بالمذهب الانتقالي،والذين يزعمون أن العلم شيء والعقيدة شيء آخر. 1-بين درسين اثنين درسالفلسفة الهيجلية الماركسية ودرس الابستمولوجيا التكوينية كما نجدها عند (جان بياجي) من جهة ثانية. 2-الدرس البنيوي حيث يأخذ فيه من البنيويين وعلىوجه الخصوص من الفرنسيين (التوسر) و(فوكو) بصفة خاصة. 1-علوم البيان: مننحو وفقه وعلم كلام وبلاغة ويؤسسها نظام معرفي واحد يعتد قياس الغائب علىالشاهد كمنهاج في إنتاج المعرفة سماه (المعقول الديني العربي). 2-علومالعرفان: تصوف وفلسفة وباطنية وسحر وتنجيم ويؤسسها نظام معرفي يقوم على (الكشف والوصال) و(التجاذب والتدافع) كمنهاج وسماه (اللامعقول العقلي). 3-علوم البرهان: من منطق ورياضيات وطبيعيات وإلهيات ويؤسسها نظام معرفيواحد يقوم على الملاحظة التجريبية والاستنتاج العقلي كمنهج وسماه (المعقولالعقلي) وقال بأن العقل العربي إنما تكون من خلال تشييده لعلوم البيان التيأبدع فيها أيما إبداع، فإن كانت الفلسفة معجزة اليونان فإن العلوم العربيةهي معجزة العرب!! وإذا كانت معجزة اليونان قد جعلتهم يتعاملون مع الكونلمحاولة فهمه فإن معجزة العرب قد جعلتهم يتعاملون مع النص وينغلقون منداخله بعد أن أغلقوا المعرفة التي تنتمي إليه. فماذا يا ترى يريد قوله بهذاالكلام الملفوف؟ 1-أن السياسة وحدها ليست هي السبب الجوهري في تخلفالمسلمين لأنه ليس هناك مجتمع في العالم لا يهتم بالسياسة فضلاً عن أنعلومنا الإسلامية هي الأساس للنهضة الأوروبية كما اعترف بذلك منصفو الغربأنفسهم كجوستاف لوبون في (حضارة العرب) وأن الاختلاف في التفاوت بين أوروباوالعالم العربي ليس في طبيعة العقل ذاتها وإنما لكون أوروبا اكتشفت الطاقةقبلنا واستطاعت عن طريق استثمار ثرواتها أن تنمي نهضتها الصناعية،واستطاعت عن طريق الاستعمار أن تثبت أركان نفوذها وقوتها. 2-إن الجابرييموه بمفهومي النص والبيان وإن ما يعنيه هو القرآن الكريم إذ يريد أن يقول: إن الثقافة الإسلامية كلها قد انحصرت في معرفة النص القرآني وهكذا أصبحتمن وجهة نظره معرفة مغلقة، ولم يدع أحد حتى الآن في الغرب أن دراسة اللغةمثلاً قد أصبحت غير مجدية، ودليلنا تطور علم اللغة الحديث لهم بطريقةمذهلة. 3-وحينما قال الجابري: إن العقل البياني العربي استقال من خلال مايعرف بالتصوف السيئ أكد د. يوسف بأنه لا يعترف بأن التيار الصوفي كان في أيمرحلة من مراحله قوياً بحيث يحجب الشريعة ويكون بديلاً عنها بحيث نصفالعقل الإسلامي بأنه عقل مستقيل. 1-تحويل القبيلة إلى مجتمع منظم مدنياًوسياسياً واجتماعياً. 2-تحويل الغنيمة إلى اقتصاد (ضريبة) أو اقتصاد منتج . 3-تحويل العقيدة إلى مجرد رأي.. ومن ثم التعامل بعقل اجتهادي ونقدي. 3-البعد الابستمولوجي الفرنسي ونجد تأثره بالمفكر الفرنسي (باشلار) أكثرمن غيره(6)، ولقد صاغ الجابري في هذه الأخلاط المتعددة قراءاته للتراثوالتي سنرى نموذجاً لها، ومما يتميز به الجابري أنه لم يصادم الإسلاممباشرة، ولا يرى التغيير في ترك التراث كالعروي مثلاً لكن له آراء عجيبةوغريبة، ومما جاء في (بنية العقل العربي) قوله: (اللغة والشريعة والعقيدةوالسياسة في الماضي والحاضر تلك هي العناصر الرئيسية التي تتكون منهاالمرجعية التراثية التي قلنا: إنه لا سبيل إلى تجديد العقل العربي إلابالتحرر منها) !! 4-دعواه أن العلم العربي ظل خارج الحياة ولم يدخل فياحتكاك مع الدين كما هو الشأن في الغرب ولم يبرر ذلك بموقف الإسلامالإيجابي من العلم وإنما برره بسلبية العرب واهتمامهم بالسياسة أكثر مناهتمامهم بالعلم. وأقول: كيف تقدم العلم العربي الإسلامي في عصور ازدهارهمع الاهتمام الكبير بالسياسة آنذاك والصراع حولها؟ لكن الحقيقة أن العلموالعلماء لم تتح لهم من الإمكانات والدعم ما كان موجوداً آنذاك، وفي نظريأن تقسيمه الجديد عقد العلم وفروعه وجعله مستعصياً عن الفهم عند الآخرين،ثم كيف تقدم أسلافنا في التقسيم التقليدي وكانوا غرة في جبين الزمان؟! فنهضتنا وتقدمنا ليس في تقسيم للعلم جديد بدلاً للتقسيم القديم فحسب. بل لابد من إعادة النظر في المناهج والتوجهات والخطط التنموية والعمل الجاد منكافة فئات الأمة بعد وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
ملاحظات ومراجعات
:
رغم الجهد الضخم الذي بذله الجابري في إعداد هذا المشروع الفكري مستفيداًفي ذلك ممن سبقه من الباحثين، مسلمين كانوا أو مستشرقين أو ماركسيين.. الخ؛فإن المرء لا يسعه إلا أن يتبنى موقفاً مغايراً لما تبناه المؤلف في كثيرمن المواضع في تلك الكتابات، نقف في هذا العرض عند بعض منها:
من الملفت للنظر في هذا المشروع النقدي، أنه في غمرة حماسته للفلسفةالأرسطية، قد غض الطرف عن النقد الجوهري المتين الموجه قديماً وحديثاً لهذهالفلسفة، سواء أكان ذلك في المنطق الذي يحكمها أو في النتائج والرؤية التيتنتج عنها، حتى أن العلم الحديث لم يتمكن من تحقيق فتوحاته العظيمة حتىتحرر من أسرها، والمؤلف خبير بالمنهج العلمي الحديث في البحث والتفكير، حيثوضع فيه كتاباً في جزأين تحت عنوان (فلسفة العلوم)، ظهر له من خلالهماالبون الشاسع بين التفكير العلمي الحديث والمنهج الأرسطي القاصر فلماذا ياتُرى جعل الباحث المنهج الأرسطي معياراً للحكم على فكر هذا العالم أو ذاكبالتقدم أو التخلف، بالعقلانية أو عدمها؟!
حقيقة.. لا يظهر لي سبب واضح وراء هذه الحماسة والاندفاع.
-
رغم أن الجابري لم يبد عداءً نحو منهج البيانيين (فقهاء وأصوليين ولغويين) فهو في ذات الوقت لم يحدد موقفاً واضحاً من القضايا التي أثاروها ولم يبدانحيازاً مع تلك الطروحات أو ضدها، وهو موقف غريب غير مبرر. ومن المسائلذات الدلالة في هذا الموضوع أن ابن تيمية رغم مساهمته الثرية والعميقة فيكل القضايا التي أثارها المؤلف في كتاباته، لم يلق أي اهتمام يستحق الذكرمقارنة بغيره من الشخصيات التي برزت في علم الأصول أو علم الكلام أوالفلسفة… الخ.
ورغم عدم تحيزنا للأشخاص، فإنه يمكن اعتبار هذه الظاهرة ذات دلالة لا تخفى،حيث أن ابن تيمية يشكل ربما الصورة الأخرى لابن رشد… فرغم إطلاعه الواسععلى الفلسفة بمختلف تياراتها، ودخوله في جدل عميق مع مختلف طروحاتها، إلاأنه ظل على إيمان عميق لا يتزعزع بأن العقل لا يعارض النقل ولا يُضادّه،وأن أكمل مناهج التفكير العقلي، إنما هي تلك التي دعى إليها النقل وحثعليها.
فهو بخلاف ابن رشد يؤمن بأن مبادئ الشرائع يمكن فحصها والاستدلال لهابالعقل، كما أن مقدمات الفلسفة هي الأخرى تخضع للفحص العقلي والنقلي؛ وذلكهو الموقف العلمي الصحيح، وإلا كيف لمسلم أن يتورط بالقول بأزلية العالم؟،وذلك مخالف لمسلمة قطعية من مسلمات الدين وهي الاعتقاد بأن هذا العالممخلوق بعد أن لم يكن؟!
كيف لمفكر يحترم نفسه أن يسلم بالرؤية الفلكية الأرسطية، ويبقى في ذاتالوقت محترماً للنص الشرعي مؤمناً بما فيه، بحجة أن هذه مقدمة فلسفية وتلكمقدمة كلامية شرعية؟!
أليس في ذلك تغييباً مقصوداً للوعي؟! وعودة لا تخفى إلى التناقض؟!
-
أشار المؤلف إلى أن منهجية البيانيين المفضلة هي الاستدلال بالشاهد علىالغائب، وهي دعوى غير مسلم بها، فلقد كان للأصوليين المتقدميين كلام فيالاستحسان، والمصالح، والاستقراء، والاستنباط، وهي طرائق في الفهموالاستدلال مغايرة لقياس الشاهد على الغائب.
كما أن للعلماء المسلمين في مجال العلوم الطبيعية، منهجياً تجريبياًمتقدماً حتى أن المسلمين يعتبرون بحق وبشهادة الباحثين الغربيين أنفسهمسباقين إلى اكتشاف المنهج التجريبي، وعنهم أخذته أوروبا في عصر النهضة، وهيقضية لم يعطها الكاتب حقها من الاهتمام والتقدير الكافيين.
هذه مسألة…. والمسألة الأخرى في هذا الصدد حول قيمة المنهج في الوصول إلىالحقيقة… إن التقدم العلمي الهائل الذي تشهده العلوم التجريبية المعاصرة،ليس في الحقيقة ناتجاً عن تقدم المنهج إطلاقاً… إنما هو في الواقع ناتج عنالإمكانات الهائلة التي أودعها الله في هذا الكون… إنها عظمة الله تتبدى فيعظمة خلقه، وليس ذلك ناجماً عن عظمة المناهج البشرية. إن العلم يكشفالطبيعة (الخلق) وقوانينها (السنن) ولا يخلقها من عدم… بل إن لبعض علماءالفيزياء المرموقين المعاصرين وهو بول ديفيس البريطاني كتاباً سماه "ضدالطريقة Against Method" يذكر فيه أن المنهج لم يكن في يوم من الأيامرائداً للبحث العلمي، بل كان دوماً متخلفاً وتابعاً للبحث العلمي!!
فالدور الضخم الذي يعطيه الجابري للمنهج يحتاج إلى مراجعة وتدقيق.
-
في حديث المؤلف عن مرحلة التدوين في العصر العباسي، أشار إلى ما كتبه ابنالمقفع في رسالته التي سماها "رسالة الصحابة" حيث يرى فيها كما يرى محمدأركون إنها ذات نفس علماني واضح…! وحجتهم الوحيدة على ذلك: هو أنه لميستشهد في هذه الرسالة بالقرآن، ولا بالحديث ولا بأي عنصر آخر من الموروثالإسلامي…! والحقيقة أن القارئ لهذه الرسالة لا يجد ذلك النفس العلمانيالمزعوم، وإنما غرض ابن المقفع الدعوة لتنظيم الدولة، وتوحيد القضاء، منعاًللاختلاط والاضطراب، وذلك باستخدام سلطة الخليفة دون أي دعوة ظاهرة أوخفية إلى تنحية الشريعة، أو تقديم بديل عنها، وهو مطلب لا يوجد أي غبارعليه، ولا يعتبر مطعناً في صاحبه!
-
يركز الجابري في دراساته المختلفة على البعد العربي لمناهج التفكيروالمدارس التي يحلل إنتاجها، وهو بعد ليس له مبرر، ذلك أن هذا التراث شاركتفي بنائه وتكوينه عقول مختلفة من شتى الشعوب الإسلامية، ولم ينفرد العربفي تكوينه ولا تدوينه، وإنما هو ثمرة لتضافر جهود آلاف من الباحثينالمسلمين في شتى التخصصات، فلعل الكاتب خشي من سوء الفهم عند نقد العقلالمسلم، إذ يفهم بعضهم ذلك بأنه نقد "للمنهج الإسلامي" وليس لمناهج "المفكرين المسلمين" والفرق بعيد بين الأمرين.
ورغم وجاهة هذا الاحتمال، فإنه لا يكفي مبرراً لإضفاء صفة "قومية" علىالتراث الإسلامي، ويمكن تلافي مثل هذه المخاطر بالتنبيه عليها في مطلع أوخاتمة مثل هذه الدراسة .
-
وأخيراً… رغم النجاح الواضح الذي حالف المؤلف في تعرية تيارات الغنوص،والعرفان الرافضي والباطني والفلسفي والصوفي، وكذلك في الكشف عن مناطقالضعف والخلل عند بعض التيارات الأخرى، إلا أنه في ذات الوقت لم يبلورللقارئ الملامح النهائية للمشروع النهضوي المنشود الذي تتبناه هذه الدراسةوتدعو إليه … فظاهر أن المؤلف لا يقف موقف الموتور المعادي للموروثالإسلامي، لكنه في ذات الوقت لم يبشر به، ويعتبره المخرج مما نعانيه منأزمة على شتى الصُعُد.
-
إن الحلول التي قدمها المؤلف في نهاية كتابه عن العقل السياسي وهي:



وقال الدكتور مفرح بن سليمان القوسي في رسالته (المنهج السلفي والموقفالمعاصر منه في البلاد العربية) (2/561-569): (الدكتور محمد عابد
الجابري : الذي قدم في كتبه ما يمكن أن يُسمى مشروعاً تحديثياً لتجديدالشريعة كي تبدو موافقة للتطور وموائمة لظروف العصر، والتجديد الذي يدعوإليه ليس هو التجديد بمفهومه السلفي الضيق –على حد تعبيره- بل تجديد بمفهومعصري واسع يقوم على العقل وحده، فنراه يقول: "والتجديد بالنسبة للرؤيةالإسلامية جزء من الحياة نفسها بدليل الحديث النبوي المشهور (إن الله يبعثلهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)، وبما أن الإسلام لايفصل بين الدين والدنيا، بل بالعكس من ذلك يربط صلاح أمور الدين بصلاح أمورالدنيا، فإن تجديد أمور الدين يعني في ذات الوقت تجديد أمور الدنيا. وبماأن أمور الدنيا تتغير من زمان إلى آخر، فإن مفهوم التجديد ومتطلباته لابدأن يتغير حسب الظروف والأعصار. وهكذا فإذا كان بعض الفقهاء القدامى قدفسروا "التجديد" على أنه كسر للبدعة والعودة بالمسلمين إلى سيرة السلفالصالح، فينبغي ألا نقف عند حدود هذا المعنى تقليداً لهم وتقيداً بالتعريفالذي أعطوه للبدعة، والذي استمدوه من ظروف عصرهم ومعطيات واقعهم"(12) .
ويقول كذلك محدداً (التجديد) الذي يحتاج إليه المسلمون اليوم:"والحق أن مايحتاج إليه المسلمون اليوم هو "التجديد" وليس مجرد "الصحوة"، إن التحدياتالتي تواجه العالم العربي والعالم الإسلامي تتطلب ليس فقط رد الفعل بلالفعل، والفعل في العصر الحاضر هو أولاً وأخيراً فعل العقل… لأن العصر يقومكل شيء فيه على الفعل العقلاني"(13) .
ويتمثل المشروع التحديثي الذي قدّمه الجابري لتجديد الشريعة فيما يلي:
أولاً: إعادة تأصيل الأصول ولاسيما أصول الفقه، وإعادة بناء منهجية التفكير في الشريعة، وفي هذا يقول: "إن المطلوب اليوم هو إعادة بناء منهجية التفكير في الشريعة انطلاقاً منمقدمات جديدة ومقاصد معاصرة، وبعبارة أخرى: المطلوب اليوم تجديد ينطلق لامن مجرد استئناف الاجتهاد في الفروع، بل من إعادة تأصيل الأصول؛ من إعادةبنائها"(14) ، ويقول أيضاً: "إنما نريد أن يتجه تفكير المجتهدين الراغبينفي التجديد حقاً والشاعرين بضرورته فعلاً إلى القواعد الأصولية نفسها، إلىإعادة بنائها بهدف الخروج بمنهجية جديدة تواكب التطور الحاصل، سواء علىصعيد المناهج وطرق التفكير والاستدلال أو على صعيد الحياة الاجتماعيةوالمعاملات الجارية فيها التي تفرضها مستجدات العصر وضروراته وحاجاته. إنالقواعد الأصولية التي ينبني عليها الفقه الإسلامي لحد الآن ترجع إلى عصرالتدوين (العصر العباسي الأول)، وكثير منها يرجع إلى ما بعده. أما قبل عصرالتدوين هذا فلم تكن هناك قواعد مرسمة تؤطر التفكير الاجتهادي بمثل ما حدثبعد، والفقهاء الذين وضعوا تلك القواعد قد صدروا في عملهم الاجتهادي ذاك عنالنظام المعرفي السائد في عصرهم، وعن الحاجات والضرورات والمصالح التيكانت تفرض نفسها في ذلك العصر، وبما أن عصرنا يختلف اختلافاً جذرياً عن عصرالتدوين ذاك، سواء على مستوى المناهج أو المصالح، فإنه من الضروري مراعاةهذا الاختلاف والعمل على الاستجابة لما يطرحه ويفرضه"(15)، ويقول كذلك: "إننا نريد أن نؤكد في هذا السياق أن الدعوة إلى تحقيق الأصالة والمعاصرة،وهي دعوة ما فتئت تتردد على ألسنتنا وفي كتاباتنا منذ أكثر من قرن ودونجدوى ستبقى مجرد دعوة تتقاذفها أمواج التغير والتبدل الذي يفرض نفسه علىالحياة المعاصرة ما لم ترتفع تلك الدعوة إلى المستوى الذي يجعل منها دعوةإلى التكيف الواعي مع المستجدات قصد السيطرة عليها ارتكازاً على تأصيل جديدللأصول"(16) .
ويقول كذلك مبرراً دعوته إلى تغيير أصول الفقه :"القواعد الأصولية هذه ليستما نص عليه الشرع لا الكتاب ولا السنة، إنها من وضع الأصوليين، إنها قواعدللتفكير، قواعد منهجية، ولا شيء يمنع من اعتماد قواعد منهجية أخرى إذا كانمن شأنها أن تحقق الحكمة من التشريع في زمن معين بطريقة أفضل"(17).
ومن القواعد الأصولية التي يريد الجابري تغييرها كي تبدو الشريعة مواكبةللعصر ومسايرة للتطور ما قرره معظم الفقهاء من دوران الحكم الشرعي مع علتهفي عملية الاجتهاد، ومعلوم أن العلة وصف منضبط في الشيء الذي صدر فيهالحكم؛ وبهذا الوصف يُعرف وجود الحكم فإذا وجد وُجد الحكم. ويريد الجابريتغيير ذلك بأن يكون دوران الحكم الشرعي مع الحكمة والمصلحة لا مع العلة،فإذا وُجدت الحكمة والمصلحة وُجد الحكم، وإذا عُدمت أُلغي الحكم، ويضربلذلك مثالاً وهو : الحكم بإباحة الفوائد المترتبة على بعض المعاملاتالمالية التي هي نوع من شهادات الاستثمار وسندات البنوك وذلك لعدم وجودالاستغلال في هذا النوع من المعاملات، ويقول: "ومعلوم أن منع الاستغلال هوالحكمة من تحريم الربا" (18).
ويحتج الجابري على ما ذهب إليه من ضرورة أن يكون دوران الحكم مع الحكمةوالمصلحة لا مع العلة بقوله: "وإذا كان عمر بن الخطاب قد عمل باجتهادهواجتهاد الصحابة الذي استشارهم في مسألة فيها نص، فوضع الخراج عن الأراضيالمفتوحة عنوة بدل تقسيمها بين المقاتلين مراعياً في ذلك المصلحة؛ مصلحةالحاضر والمستقبل، وإذا كان قد عدل عن قسمة الغنائم بالسوية كما كان يفعلالنبي وأبو بكر، وارتأى أن "العدل" يقتضي قسمتها على أساس السبق في الإسلاموالقرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا كان عمر بن الخطاب –المشرعالأول في الإسلام بعد الكتاب والسنة- قد اعتبر المصلحة ومقاصد الشرعفوضعهما فوق كل اعتبار فلماذا لا يقتدي المجتهدون والمجددون اليوم بهذاالنوع من الاجتهاد والتفكير بدل الاقتداء بفقهاء عصر التدوين والترسيم؟لماذا نضيق على أنفسنا ونسجن اجتهادنا في قواعد كانت تفي بالمصلحة والمقاصدقليلاً أو كثيراً في زمان إذا لم تعد تفي بنفس الغرض اليوم على أكمل وجه،والحال أنها قواعد مبنية على ظن المجتهد، وليس فيها شيء من القطع واليقينباعتراف أصحابها أنفسهم؟. أما دوران الأحكام مع المصالح فشيء يفرض نفسه مادمنا نقرر أن المصلحة هي الأصل في التشريع، وأعتقد أن هذا المبدأ هو الذيصدر عنه الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب، وإذن فالاجتهاد يجب أن يكون لا فيقبول هذا المبدأ أو عدم قبوله بل في نزع الطابع الميكانيكي عن مفهومالدوران، والعمل من أجل الارتفاع بفكرة المصالح إلى مستوى المصلحة العامةالحقيقية كما تتحدد من منظور الخلقية الإسلامية، إنه بدون هذا النوع منالتجديد سيبقى كل اجتهاد في إطار القواعد الأصولية القديمة اجتهاد تقليدوليس اجتهاد تجديد حتى ولو أُتي بفتاوى جديدة"(19) .
ثانياً: تأسيس معقولية الأحكامالشرعية، وذلك باتخاذ المقاصد والمصالح أساساً للتشريع، وربط الأحكامالشرعية بأسباب نزولها، وفي هذا يقول الجابري: "عملية تأسيس معقوليةالأحكام هي العملية التي بدونها لا يمكن تطبيق الشريعة على المستجدات، ولاعلى الظروف والأحوال المختلفة المتباينة، ولما كان مقصد الشارع الأولوالأخير هو مصلحة الناس (فالله غني عن العالمين) (20)، فإن اعتبار المصلحةهو الذي يؤسس معقولية الأحكام الشرعية، وبالتالي فهو أصل الأصول كلها،وواضح أن هذه الطريقة تتحرك في دائرة واسعة لا حدود لها؛ دائرة المصلحةوبالتالي فهي تجعل الاجتهاد ممكناً ولدى كل حالة"(21).
ويقول أيضاً داعياً إلى ربط الأحكام بأسباب نزولها كي تبدو الشريعة أكثرطواعية وأشد مسايرة لظروف العصر وأحواله المتغيرة: "لا سبيل إلا باعتبارالمقاصد والمصالح أساساً للتشريع، ذلك لأنه في هذه الحالة يتجه المجتهدبتفكيره لا إلى اللفظ (الحقيقة، المجاز، الاستعارة، الخصوص، العموم)، بلإلى (أسباب النـزول)، وهذا باب عظيم واسع يفتح المجال لإضفاء المعقولية علىالأحكام بصورة تجعل الاجتهاد في تطبيقها وتنويع التطبيق باختلاف الأحوالوتغير الأوضاع أمراً ميسوراً"(22) ، ويقول :"بناء معقولية الحكم الشرعي على (أسباب النـزول) في إطار اعتبار المصلحة يُفسح المجال لبناء معقوليات أخرىعندما يتعلق الأمر بـ(أسباب نزول) أخرى، أي بوضعيات جديدة، وبذلك تتجددالحياة في الفقه، وتتجدد الروح في الاجتهاد، وتصبح الشريعة مسايرة للتطورقابلة للتطبيق في كل زمان ومكان"(23) ، ويضرب الجابري لذلك مثالاً وهو: ضرورةربط عقوبة القطع في السرقة في الشريعة الإسلامية بأسباب نزولها؛ وهي: ما كان عليه العرب قبل الإسلام وزمن البعثة النبوية من حيث إقامتهم فيمجتمع بدوي صحراوي، واعتمادهم على التنقل والترحال طلباً للكلأ مما يلزممعه قطع يد السارق، وأما في وقتنا الحاضر وقت التطور العمراني والصناعيفقطع يد السارق غير ملائم لردعه عن تكرار السرقة، بل الملائم هو السجن بدلالقطع، فنراه يقول ما نصه: "إذا تحررنا من سلطة القياس والانشداد إلىالألفاظ، وانصرفنا باهتمامنا بدلاً من ذلك إلى البحث عن (أسباب النـزول)،وهي هنا الوضعية الاجتماعية التي اقتضت نوعاً ما من المصلحة وطريقة معينةفي مراعاتها.
1-تحويل القبيلة إلى تنظيم مدني سياسي اجتماعي: لأحزاب أونقابات..الخ، وفتح الباب لقيام مجال سياسي حقيقي، تمارس فيه السياسة ويصلبين سلطة الحاكم وامتثال المحكوم. 2-تحويل الغنيمة إلى اقتصاد ضريبة في إطار اقتصادي إقليمي جهدي وفي إطارسوق عربية مشتركة تفسح المجال لقيام وحدة اقتصادية عربية تنموية. 3-تحويل العقيدة إلى مجال يسمح بحرية التفكير وحق الاختلاف والتحرر من سلطةالجماعة المغلقة والتحرر من سلطة عقل الطائفة والتعامل مع عقل اجتهادينقدي" (العقل السياسي: ص37) هذه الحلول لا تمثل برنامجاً كافياً مبلوراًللخروج من أزمة التخلف والتبعية والتشرذم… ولذلك فإنني أدعو الباحث وغيرهمن الجادين في الرغبة بنهوض هذه الأمة، ومحاولة استئناف مسيرتها القياديةلذاتها وللناس أدعوهم إلى مراجعة موقفهم من الحل الإسلامي، واتخاذ موقفأكثر علمية من الموقف الهلامي الذي يتخذه كثير منهم.. لابد لهم لكي يكونواواقعيين مع أنفسهم أن ينحازوا للخيار الذي لا تقبل الأمة عنه بديلاً… ألاوهو رفع شعار الحل الإسلامي، والتبشير به والدعوة إليه والسير الحثيثوالفعلي لإنجازه…(عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ماأسروا في أنفسهم نادمين) (المائدة:25)… (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغةونحن له عابدون) (البقرة:138)… (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين منقبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس) (الحج:78) والحمد لله رب العالمين). انتهى كلام الأستاذ عبد العزيز الوهيـبـي –وفقهالله-.

التعديل الأخير تم بواسطة moussa salim ; 29-11-10 الساعة 08:21 AM,















: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=344613
التوقيع

"لا شيء يعتم الرؤية ويوقع في التيه الوجداني والضلال الفكري كالأسئلة المزيفة. الأسئلة المزيفة هي، كأسئلة الأطفال، أسئلة تطرح مشاكل مزيفة يعيشها الوعي على أنها مشاكل حقيقية"
محمد عابد الجابري
    رد مع اقتباس
قديم 2012-09-12, 14:30 رقم المشاركة : 2
رشيد زايزون
مشرف منتدى التعليم العالي ومنتدى التفتيش التربوي
 
الصورة الرمزية رشيد زايزون

 

إحصائية العضو









رشيد زايزون غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي رد: الفكر الجابري.


شكرا لك جزيل الشكر وخالصه أستاذتي المبجلة رشدية جابرية على هذه الوقفة الثقافية التي تفضلت بها علينا ، لك مني أستاذتي كل الاحترام






التوقيع




    رد مع اقتباس
قديم 2015-05-13, 06:30 رقم المشاركة : 3
المرتاح
أستـــــاذ(ة) متميز
إحصائية العضو









المرتاح غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الفكر الجابري.


اختي رشيدة أشكرك جد الشكر الجزيل .. وسأعيد القراءة مرة اخرى ع الورق بعد نسخها وتعديل تشابكات الأحرف .
يوفقك الله .






التوقيع

لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 01:51 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd