الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2011-02-11, 15:56 رقم المشاركة : 11
فارس الليالي
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية فارس الليالي

 

إحصائية العضو









فارس الليالي غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي رد: تفسير سوة ال عمران


رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ووعدُ الله بالنصر

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} أي فبسبب رحمةٍ من الله أودعها الله في قلبك يا محمد كنت هيناً ليّن الجانب مع أصحابك مع أنهم خالفوا أمرك وعصوك {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} أي لو كنت جافي الطبع قاسي القلب، تعاملهم بالغلظة والجفا، لتفرقوا عنك ونفروا منك، ولمّا كانت الفظاظة في الكلام نفى الجفاء عن لسانه والقسوة عن قلبه {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ} أي فتجاوز عما نالك من أذاهم يا محمد، واطلب لهم من الله المغفرة، وشاورهم في جميع أمورك ليقتدي بك الناس قال الحسن "ما شاور قومٌ قط إِلاّ هُدوا لأرشد أمورهم" وكان عليه السلام كثير المشاورة لأصحابه .

{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} أي إِذا عقدت قلبك على أمر بعد الاستشارة فاعتمد على الله وفوّض أمرك إِليه {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} أي يحب المعتمدين عليه، المفوضين أمورهم إِليه {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ} أي إِن أراد الله نصركم فلا يمكن لأحدٍ أن يغلبكم {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} أي وإِن أراد خذلانكم وترك معونتكم فلا ناصر لكم، فمهما وقع لكم من النصر كيوم بدر أو من الخذلان كيوم أُحد بمشيئته سبحانه فالأمر كله لله، بيده العزة والنصرة والإِذلال والخذلان {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أي وعلى الله وحده فليلجأ وليعتمد المؤمنون.



أمانة النبي صلى الله عليه وسلم وإصلاحه للأمة


{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} أي ما صحَّ ولا استقام شرعاً ولا عقلاً لنبيٍّ من الأنبياء أن يخون في الغنيمة، والنفيُ هنا نفيٌ للشأن وهو أبلغ من نفي الفعل لأنَّ المراد أنه لا يتأتّى ولا يصحُّ أن يُتصوّر فضلاً عن أن يحصل ويقع {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي ومن يُخن من غنائم المسلمين شيئاً يأت حاملاً له على عنقه يوم القيامة فضيحةً له على رؤوس الأشهاد {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} أي تعطى جزاء ما عملت وافياً غير منقوص {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} أي تنال جزاءها العادل دون زيادة أو نقص، فلا يزاد في عقاب العاصي، ولا ينقص من ثواب المطيع .

{أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ} أي لا يستوي من أطاع الله وطلب رضوانه، ومن عصى الله فاستحق سخطه وباء بالخسران {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي مصيره ومرجعه جهنم وبئست النار مستقراً له {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ} أي متفاوتون في المنازل، قال الطبري: هم مختلفو المنازل عند الله، فلمن اتبع رضوان الله الكرامةُ والثواب الجزيل، ولمن باء بسخطٍ من الله المهانةُ والعقاب الأليم {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} أي لا تخفى عليه أعمال العباد وسيجازيهم عليها.

ثمَّ ذكّر تعالى المؤمنين بالمنّة العظمى عليهم ببعثة خاتم المرسلين فقال {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} أي والله لقد أنعم الله على المؤمنين حين أرسل إِليهم رسولاً عربياً من جنسهم، عرفوا أمره وخبروا شأنه، وخصَّ تعالى المؤمنين بالذكر وإِن كان رحمة للعالمين، لأنهم هم المنتفعون ببعثته {يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءايَاتِهِ} أي يقرأ عليهم الوحي المنزل {وَيُزَكِّيهِم} أي يطهرهم من الذنوب ودنس الأعمال {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} أي يعلمهم القرآن المجيد والسنة المطهرة {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي الحال والشأن أنهم كانوا قبل بعثته في ضلال ظاهر، فنقلوا من الظلمات إِلى النور، وصاروا أفضل الأمم.



بعض أخطاء المؤمنين في أُحُد، وبعض قبائح المنافقين

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} أي أو حين أصابتكم أيها المؤمنون كارثةٌ يوم أحد فقُتل منكم سبعون {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} أي في بدر حيث قتلتم سبعين وأسرتم سبعين {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا}؟ أي من أين هذا البلاء، ومن أين جاءتنا الهزيمة وقد وعدنا بالنصر، وموضع التقريع قولهم {أَنَّى هَذَا}؟ مع أنهم سبب النكسة والهزيمة {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} أي قل لهم يا محمد: إِن سبب المصيبة منكم أنتم بمعصيتكم أمر الرسول وحرصكم على الغنيمة {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا رادّ لِقضائه .

{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} أي وما أصابكم يوم أُحد، يوم التقى جمع المسلمين وجمع المشركين فبقضاء الله وقدره وبإِرادته الأزلية وتقديره الحكيم، ليتميّز المؤمنون عن المنافقين {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} أي ليعلم أهل الإِيمان الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا} أي وليعلم أهل النفاق كعبد الله بن أُبي ابن سلول وأصحابه الذين انخذلوا يوم أُحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعوا وكانوا نحواً من ثلاثمائة رجل فقال لهم المؤمنون: تعالوا قاتلوا المشركين معنا أو ادفعوا بتكثيركم سوادنا {قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ} أي قال المنافقون لو نعلم أنكم تلقون حرباً لقاتلنا معكم، ولكن لا نظن أن يكون قتال {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإيمَانِ} أي بإِظهارهم هذا القول صاروا أقرب إِلى الكفر منهم إِلى الإِيمان {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} أي يظهرون خلاف ما يضمرون {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} أي بما يخفونه من النفاق والشرك .

{الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا} أي وليعلم الله أيضاً المنافقين الذين قالوا لإِخوانهم الذين هم مثلهم وقد قعدوا عن القتال {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} أي لو أطاعنا المؤمنون وسمعوا نصيحتنا فرجعوا كما رجعنا ما قتلوا هنالك {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أيقل يا محمد لأولئك المنافقين إن كان عدم الخروج ينجي من الموت فادفعوا الموت عن أنفسكم إِن كنتم صادقين في دعواكم، والغرض منه التوبيخ والتبكيت وأن الموت آتٍ إِليكم ولو كنتم في بروج مشيدة.



منزلة المجاهدين في سبيل الله عند الله، وصفاتهم في الدنيا


{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} أي لا تظنَّن الذين استشهدوا في سبيل الله لإِعلاء دينه أمواتاً لا يُحسّون ولا يتنعمون {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} أي بل هم أحياء متنعمون في جنان الخلد يرزقون من نعيمها غدواً وعيشاً، قال الواحدي: الأصح في حياة الشهداء ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن أرواحهم في أجواف طيور خضر وأنهم يُرزقون ويأكلون ويتنعمون.

{فَرِحِينَ بِمَا ءاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} أي هم منعّمون في الجنة فرحون بما هم فيه من النعمة والغبطة {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} أي يستبشرون بإِخوانهم المجاهدين الذين لم يموتوا في الجهاد بما سيكونون عليه بعد الموت إِن استشهدوا فهم لذلك فرحون مستبشرون {أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} أي بأنْ لا خوف عليهم في الآخرة ولا هم يحزنون على مفارقة الدنيا لأنهم في جنات النعيم.

{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} أكّد استبشارهم ليذكر ما تعلّق به من النعمة والفضل والمعنى: يفرحون بما حباهم الله تعالى من عظيم كرامته وبما أسبغ عليهم من الفضل وجزيل الثواب، فالنعمة ما استحقوه بطاعتهم، والفضلُ ما زادهم من المضاعفة في الأجر {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ} أي الذين أطاعوا الله وأطاعوا الرسول من بعد ما نالهم الجراح يوم أُحد، قال ابن كثير: وهذا كان يوم "حمراء الأسد" وذلك أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين كرّوا راجعين إِلى بلادهم ثم ندموا لم لا تتمّموا على أهل المدينة تجعلوها الفيصلة، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب المسلمين إِلى الذهاب وراءهم ليرعبهم ويريهم أنّ بهم قوة وجَلَداً، ولم يأذن لأحدٍ سوى من حضر أحداً فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والإِثخان طاعة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} أي لمن أطاع منهم أمر الرسول وأجابه إِلى الغزو - على ما به من جراح وشدائد - الأجرُ العظيم والثوابُ الجزيل {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} أي الذين أرجف لهم المرجفون من أنصار المشركين فقالوا لهم: إِن قريشاً قد جمعت لكم جموعاً لا تحصى فخافوا على أنفسكم فما زادهم هذا التخويف إِلا إيماناً {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي قال المؤمنون الله كافينا وحافظنا ومتولي أمرنا ونعم الملجأ والنصير لمن توكل عليه جلا وعلا {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} أي فرجعوا بنعمة السلامة وفضل الأجر والثواب {لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} أي لم ينلهم مكروه أو أذى {وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ} أي نالوا رضوان الله الذي هو سبيل السعادة في الدارين {وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} أي ذو إِحسان عظيم على العباد.

{إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أي إِنما ذلكم القائل {إِن الناس قد جمعوا لكم} بقصد تثبيط العزائم هو الشيطان يخوِّف أولياءه وهم الكفار لترهبوهم {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أي فلا تخافوهم ولا ترهبوهم فإِني متكفل لكم بالنصر عليهم، ولكن خافوا إن كنتم مؤمنين حقاً أن تعصوا أمري فتهلكوا، والمراد بالشيطان "نعيم ابن مسعود الأَشجعي" الذي أرسله أبو سفيان ليثبط المسلمين، قال أبو حيان: وإِنما نسب إِلى الشيطان لأنه ناشيء عن وسوسته وإِغوائه وإِلقائه.



مواساة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أُحُد، ومناقشة الكفار والبخلاء، وتمييز الخبيث من الطيب


{وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم أي لا تحزن ولا تتألم يا محمد لأولئك المنافقين الذين يبادرون نحو الكفر بأقوالهم وأفعالهم، ولا تبال بما يظهر منهم من آثار الكيد للإِسلام وأهله {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} أي إِنهم بكفرهم لن يضروا الله شيئاً وإِنما يضرون أنفسهم {يُرِيدُ اللَّهُ أَلا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ} أي يريد تعالى بحكمته ومشيئته ألاّ يجعل لهم نصيباً من الثواب في الآخرة {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} أي ولهم فوق الحرمان من الثواب عذاب عظيم في نار جهنم.

{إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالإيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي الذين استبدلوا الكفر بالإِيمان وهم المنافقون المذكورون قبل، لن يضروا الله بكفرهم وارتدادهم ولهم عذاب مؤلم {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ} أي لا يظنَّن الكافرون أن إِمهالنا لهم بدون جزاء وعذاب، وإِطالتنا لأعمارهم خير لهم {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} أي إِنما نمهلهم ونؤخر آجالهم ليكتسبوا المعاصي فتزداد آثامهم {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} أي ولهم في الآخرة عذاب يهينهم .

{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} هذا وعدٌ من الله لرسوله بأنه سيميّز له المؤمن من المنافق والمعنى لن يترك الله المؤمنين مختلطين بالمنافقين حتى يبتليهم فيفصل بين هؤلاء وهؤلاء، كما فعل في غزوة أُحد حيث ظهر أهل الإِيمان وأهل النفاق قال ابن كثير "أي لا بدّ أن يعقد شيئاً من المحنة يظهر فيها وليُّه ويُفضح بها عدوه، يُعرف به المؤمن الصابر من المنافق الفاجر، كما ميّز بينهم يوم أُحد".

{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} قال الطبري: وأولى الأقوال بتأويله: أي وما كان الله ليطلعكم على قلوب عباده فتعرفوا المؤمن من المنافق والكافر، ولكنه يميز بينهم بالمحن والابتلاء كما ميّز بينهم يوم أُحد بالبأساء وجهاد عدوه {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} أي يختار من رسله من يشاء فيطلعهم على غيبه كما أطلع النبي صلى الله عليه وسلم على حال المنافقين {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} أي آمنوا إِيماناً صحيحاً بأن الله وحده المطلع على الغيب وأن ما يخبر به الرسول من أمور الغيب إِنما هو بوحي من الله {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} أي وإِن تصدّقوا رسلي وتتقوا ربكم بطاعته فلكم ثواب عظيم .

{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا ءاتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} لما بالغ تعالى في التحريض على بذل النفس في الجهاد شرع هنا في التحريض على بذل المال في سبيل الله، وذكر الوعيد الشديد لمن يبخل بماله والمعنى لا يحسبنَّ البخيلُ أن جمعه المال وبخله بإِنفاقه ينفعه، بل هو مضرّة عليه في دينه ودنياه {بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ} أي ليس كما يظنون بل ذلك البخلُ شرٌّ لهم {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي سيجعل الله ما بخلوا به طوقاً في أعناقهم يعذبون به يوم القيامة كما جاء في صحيح البخاري (من آتاه الله مالاً فلم يؤدّ زكاته مُثِّل لهيوم القيامة شجاعاً أقرع - أي ثعباناً عظيماً - له زبيبتان فيأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك ثم تلا صلى الله عليه وسلم {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} الآية {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي جميع ما في الكون ملك له يعود إِليه بعد فناء خلقه {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} أي مطلع على أعمالكم.





بعض قبائح اليهود من نسبة الفقر إلى الله تعالى وتكذيبهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم

{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} هذه المقالة الشنيعة مقالة أعداء الله اليهود عليهم لعنة الله زعموا أن الله فقير، وذلك حين نزل قوله تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] قالوا: إِن الله فقير يقترض منا كما قالوا {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} قال القرطبي: وإِنما قالوا هذا تمويهاً على ضعفائهم لا أنهم يعتقدون هذا، وغرضُهم تشكيك الضعفاء من المؤمنين وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم أي إِنه فقير على قول محمد لأنه اقترض منا {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} أي سنأمر الحفظة بكتابة ما قالوه في صحائف أعمالهم ونكتب جريمتهم الشنيعة بقتل الأنبياء بغير حق، والمراد بقتلهم الأنبياء رضاهم بفعل أسلافهم {وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} أي ويقول الله لهم في الآخرة على لسان الملائكة: ذوقوا عذاب النار المحرقة الملتهبة .

{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} أي ذلك العذاب بما اقترفته أيديكم من الجرائم {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} أي وأنه سبحانه عادل ليس بظالم للخلق، والمراد أن ذلك العقاب حاصل بسبب معاصيكم، وعدلِ الله تعالى فيكم، قال الزمخشري: ومن العدل أن يعاقب المسيء ويثيب المحسن {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا} أي هم الذين قالوا إِن الله أمرنا وأوصانا في التوراة {أَلا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ} أي أمرنا بأن لا نصدّق لرسول حتى يأتينا بآية خاصة وهي أن يقدّم قرباناً فتنزل نار من السماء فتأكله، وهذا افتراء على الله حيث لم يعهد إِليهم بذلك .

{قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} أي قل لهم يا محمد توبيخاً وإِظهاراً لكذبهم: قد جاءتكم رسلٌ قبلي بالمعجزات الواضحات والحجج الباهرات الدالة على صدق نبوتهم وبالذي ادعيتم {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي فلم كذبتموهم وقتلتموهم إِن كنتم صادقين في دعواكم الإِيمان بالله والتصديق برسله؟ ثم قال تعالى مسلياً لرسوله صلى الله عليه وسلم {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} أي لا يحزنك يا محمد تكذيب هؤلاء لك، فإِنهم إِن فعلوا ذلك فقد كذَّبت أسلافهم من قبلُ رسل الله فلا تحزن فلك بهم أسوة حسنة {جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ} أي كذبوهِم مع أنهم جاءوهم بالبراهين القاطعة والمعجزات الواضحة {وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} أي بالكتب السماوية المملوءة بالحِكَم والمواعظ، والكتاب الواضح الجلي كالتوراة والإِنجيل.



الموت مصير كل نفس، والجزاء يوم القيامة، والدنيا هي دار الابتلاء



{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} أي مصير الخلائق إِلى الفناء وكل نفسٍ ميّتة لا محالة كقوله {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي تُعطون جزاء أعمالكم وافياً يوم القيامة {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} أي فمن نُحي عن النار وأُبْعِد عنها، وأُدخل الجنة فقد فاز بالسعادة السرمدية والنعيم المخلّد {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} أي ليست الدنيا إِلا دار الفناء يستمتع بها الأحمق المغرور، قال ابن كثير: الآية فيها تصغير لشأن الدنيا وتحقير لأمرها وأنها فانية زائلة .

{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} أي والله لتمتحننَّ وتختبرنَّ في أموالكم بالفقر والمصائب، وفي أنفسكم بالشدائد والأمراض {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} أي ولينالنكم من اليهود والنصارى والمشركين - أعدائكم - الأذى الكثير، وهذا إِخبارٌ منه جلّ وعلا للمؤمنين بأنه سينالهم بلايا وأكدار من المشركين والفجّار، وأمرٌ لهم بالصبر عند وقوع ذلك لأن الجنة حفَّت بالمكاره ولهذا قال {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} أي وإِن تصبروا على المكاره وتتقوا الله في الأقوال والأعمال {فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} أي الصبر والتقوى من الأمور التي ينبغي أن تعزموا وتحزموا عليها لأنها ممّا أمر الله بها.






    رد مع اقتباس
قديم 2011-02-11, 15:57 رقم المشاركة : 12
فارس الليالي
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية فارس الليالي

 

إحصائية العضو









فارس الليالي غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي رد: تفسير سوة ال عمران


أَخْذُ الميثاق على أهل الكتاب ومحبتهم المدح بغير حق



{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} أي اذكر يا محمد حين أخذ الله العهد المؤكد على اليهود في التوراة {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} أي لتظهرنَّ ما في الكتاب من أحكام الله ولا تخفونها، قال ابن عباس: هي لليهود أُخذ عليهم العهد والميثاق في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتموه ونبذوه {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً} أي طرحوا ذلك العهد وراء ظهورهم واستبدلوا به شيئاً حقيراً من حُطام الدنيا {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} أي بئس هذا الشراء وبئست تلك الصفقة الخاسرة .

{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا} أي لا تظننَّ يا محمد الذين يفرحون بما أتوا من إِخفاء أمرك عن الناس {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} أي ويحبون أن يحمدهم الناس على تمسكهم بالحق وهم على ضلال {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} أي فلا تظننَّهم بمنجاة من عذاب الله {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي عذاب مؤلم، قال ابن عباس: نزلت في أهل الكتاب سألهم النبي عن شيء فكتموه إِيّاه وأخبروه بغيره وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم إِياه ما سألهم عنه {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي له سبحانه جميع ما في السماوات والأرض فكيف يكون من له ما في السماوات والأرض فقيراً؟ والآية ردٌّ على الذين قالوا إِن الله فقير ونحن أغنياء {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي هو تعالى قادر على عقابهم.



توجيه العقول إلى التفكر في السماوات والأرض ، وبيان جزاء العاملين لله تعالى

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي إِن في خلق السموات والأرض على ما بهما من إِحكام وإِبداع {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي وتعاقب الليل والنهار على الدوام {لآيَاتٍ لأُولِي الألْبَابِ} أي علامات واضحة على الصانع وباهر حكمته، ولا يظهر ذلك إِلا لذوي العقول الذين ينظرون إِلى الكون بطريق التفكر والاستدلال لا كما تنظر البهائم.

ثم وصف تعالى أولي الألباب فقال {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} أي يذكرون الله بألسنتهم وقلوبهم في جميع الأحوال في حال القيام والقعود والاضطجاع فلا يغفلون عنه تعالى في عامة أوقاتهم، لاطمئنان قلوبهم بذكره واستغراق سرائرهم في مراقبته {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } أي يتدبرون في ملكوت السماوات والأرض، في خلقهما بهذه الأجرام العظام وما فيهما من عجائب المصنوعات وغرائب المبتدعات قائلين {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً} أي ما خلقت هذا الكون وما فيه عبثاً من غير حكمة {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} أي ننزهك يا الله عن العبث فأجرنا واحمنا من عذاب جهنم {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} أي من أدخلته النار فقد أذللته وأهنته غاية الإِهانة وفضحته على رؤوس الأشهاد {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} أي ليس لهم من يمنعهم من عذاب الله، والمراد بالظالمين الكفار كما قال ابن عباس وجمهور المفسرين وقد صرح به في البقرة (254) {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإيمَانِ} أي داعياً يدعو إِلى الإِيمان وهو محمد صلى الله عليه وسلم {أَنْ ءامنوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} أي يقول هذا الداعي أيها الناس ءامنوا بربكم واشهدوا له بالوحدانية فصدقنا بذلك واتبعناه {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} أي استر لنا ذنوبنا ولا تفضحنا بها {وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} أي امح بفضلك ورحمتك ما ارتكبناه من سيئات {وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ} أي ألحقنا بالصالحين، قال ابن عباس: الذنوب هي الكبائر والسيئات هي الصغائر ويؤيده {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] فلا تكرار إِذاً .

{رَبَّنَا وَءاتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} تكرير النداء للتضرع ولإِظهار كمال الخضوع أي أعطنا ما وعدتنا على ألسنة رسلك وهي الجنة لمن أطاع قاله ابن عباس {وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي لا تفضحنا كما فضحت الكفار {إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} أي لا تخلف وعدك وقد وعدت من ءامن بالجنة.

{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} أي أجاب الله دعاءهم بقوله إِني لا أُبطل عمل من عمل خيراً ذكراً كان العامل أو أُنثى، قال الحسن: ما زالوا يقولون ربنا، ربنا، حتى استجاب لهم {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} أي الذكر من الأنثى، والأنثى من الذكر، فإِذا كنتم مشتركين في الأصل فكذلك أنتم مشتركون في الأجر {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} أي هجروا أوطانهم فارين بدينهم، وألجأهم المشركون إِلى الخروج من الديار {وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي} أي تحملوا الأذى من أجل دين الله {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} أي وقاتلوا أعدائي وقتلوا في سبيلي {لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي الموصوفون بما تقدم لأمحونَّ ذنوبهم بمغفرتي ورحمتي {وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي ولأدخلنهم جنات النعيم جزاءً من عند الله على أعمالهم الصالحة {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} أي عنده حسن الجزاء وهي الجنة التي فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.





جزاء الكافرين والأتقياء ومؤمني أهل الكتاب


ثم نبه تعالى إِلى ما عليه الكفار في هذه الدار من النعمة والغبطة والسرور، وبيّن أنه نعيم زائل فقال {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ} أي لا يخدعنك أيها السامع تنقل الذين كفروا في البلاد طلباً لكسب الأموال والجاه والرتب {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} أي إِنما يتنعمون بذلك قليلاً ثم يزول هذا النعيم، ومصيرهم في الآخرة إِلى النار، وبئس الفراش والقرار نار جهنم. {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} أي لكن المتقون لله لهم النعيم المقيم في جنات النعيم مخلدين فيها أبداً {نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي ضيافة وكرامة من عند الله {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرَارِ} أي وما عند الله من الثواب والكرامة للأخيار الأبرار، خير مما يتقلب فيه الأشرار الفجار من المتاع القليل الزائل.

ثم أخبر تعالى عن إِيمان بعض أهل الكتاب فقال {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ} أي ومن اليهود والنصارى فريق يؤمنون بالله حق الإِيمان، ويؤمنون بما أنزل إِليكم وهو القرآن، وبما أنزل إِليهم وهو التوراة والإِنجيل كعبد الله بن سلام وأصحابه، والنجاشي وأتباعه {خَاشِعِينَ لِلَّهِ} أي خاضعين متذللين لله {لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً} أي لا يحرّفون نعت محمد ولا أحكام الشريعة الموجودة في كتبهم لعرضٍ من الدنيا خسيس كما فعل الأحبار والرهبان {أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي ثواب إِيمانهم يعطونه مضاعفاً كما قال {أولئك يُؤتون أجرهم مرتين} {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} أي سريعٌ حسابُه لنفوذ علمه بجميع المعلومات، يعلم ما لكل واحدٍ من الثواب والعقاب، قال ابن عباس والحسن: نزلت في النجاشي وذلك أنه لما مات نعاه جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي فقال بعضهم لبعض: يأمرنا أن نصلي على علج من علوج الحبشة فأنزل الله {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [آل عمران: 199].

ثم ختم تعالى السورة الكريمة بهذه الوصية الجامعة لسعادة الدارين فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامنوا اصْبِرُوا} أي اصبروا على مشاقّ الطاعات وما يصيبكم من الشدائد {وَصَابِرُوا} أي غالبوا أعداء الله بالصبر على أهوال القتال وشدائد الحروب {وَرَابِطُوا} أي لازموا ثغوركم مستعدين للكفاح والغزو {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي خافوا الله فلا تخالفوا أمره لتفوز بسعادة الدارين.






    رد مع اقتباس
قديم 2011-03-17, 19:07 رقم المشاركة : 13
وليد جاسم
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
إحصائية العضو







وليد جاسم غير متواجد حالياً


افتراضي رد: تفسير سوة ال عمران





    رد مع اقتباس
قديم 2011-03-17, 19:08 رقم المشاركة : 14
وليد جاسم
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
إحصائية العضو







وليد جاسم غير متواجد حالياً


افتراضي رد: تفسير سوة ال عمران





    رد مع اقتباس
قديم 2011-03-17, 20:02 رقم المشاركة : 15
وليد جاسم
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
إحصائية العضو







وليد جاسم غير متواجد حالياً


افتراضي رد: تفسير سوة ال عمران





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 07:26 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd