يوميات الثورة التونسية: يوم 22 /01/11. مواطن العالم د. محمد كشكار

1.
لماذا "تونيزيانا" و "تليكوم" يُمطروننا دينارات في عزّ الحاجة للاتصال المحرّض و الداعي و المنظّم للمظاهرات السلمية ؟ لماذا اكتفى الجيش بعدم إطلاق الكرطوش و بقي يتفرّج على الشرطة و هي تقتّلنا بنفس الرصاص التونسي ؟ لماذا لم يحرس الجيش المؤسسات العمومية و حمى البلديات و المعتمديات و دار التجمع بالعاصمة ؟ لماذا اُُخليت كل مراكز الأمن في كامل الجمهورية تقريبا في نفس اليوم ؟ لماذا انضمت شرطة القمع إلى الشعب في آخر وقت ؟
2.
لماذا لم يتوقف الفيسبوك في عهد النظام البائد و لا في عهد خليفته النسخة المطابقة للأصل و قد أثبت لنا خلال أشهر خلت أنه قادر؟ من شلّ عصا البوليس و لم تعد تضرب بقوة بل أصبح بعض الشرطة يحرّضوننا على التظاهر بعيدا عنهم حتى لا يحاسبوهم على تقاعسهم ؟ روى لي صديق متفقد علوم، ابن الخمسين سنة: " ضربني شرطي في شارع بورقيبة فسقطت و لما أراد التمادي في ضربي مسكه زميله من يده و نهاه عن فعل هذا و مسك بيدي و أوقفني و قال لي مع السلامة.
3.
روى لي صديق آخر بالصدفة هو أيضا متفقد شباب و طفولة: مسكوني نفر من الشرطة و لما قدم ضابطهم، انزوي بي جانبا و قال لي: "ابعد علينا و اخلوها بالمظاهرات". لماذا لم يُرفع أي شعار إسلامي سياسي خلال المظاهرات إلا أمس رُفع شعار "وين الإسلام في الإعلام ؟" و لهم ألف حق في ذلك خاصة في دولة 99 في المائة من شعبها مسلمون. لماذا لم يرجع راشد الغنوشي من منفاه رغم العفو التشريعي العام و رغم رجوع كل المعارضين المنفيين ؟ لماذا لم يُدعى أي ممثل لحزب النهضة و حزب العمّال الشيوعي إلى التلفزات التونسية ؟
4.
تزامن تظاهري في العاصمة مع مظاهرة الأمن. هتف منفذي أوامر القمع الشعارات: "نقابة نقابة، تحمينا من العصابة" و "أبرياء أبرياء، من دماء الشهداء" و رفعت أنا شعاري: "نريد حكومة مخلصين صادقين، لا نريد حكومة تقنوقراطيين متواطئين". في ساحة محمد علي، هتفت و لم يتبعني أحد: "جراد ديڤاج (روّح)". رافقني في المظاهرة اليوم زوجتي و ابني الصغير - 8 سنوات - و ابني الكبير - 22 سنة - و ندّه ابن أخي و أصدقاء مقهى "البلميرا" بحمام الشط.

5.
قال الشابي مدافعا عن الغنوشي: "أعطوني دليلا واحدا على تورّط الغنوشي في القمع و الفساد". أجيبه و هو المحامي غير الحقوقي: "يسلّط القاضي على مدبّر الجريمة عقابا أشدّ من العقاب الذي يسلّطه على منفّذ الجريمة". و الله أنا مُشفق على هذا الوزير الغبي الذي لم يرتقي حتى إلى درجة انتهازي لأن الانتهازيين أذكياء و إلا كيف يعارض نظاما و يدخل في حكومته التي ستسقط غدا و يمسح ماضيه النضالي و ينسى القمع الذي سلّط عليه هو من الغنوشي.