في عصرنا الحالي، فرضت علينا بعض المفاهيم والمعاني الغريبة، خصوصا في العلاقة الثلاثية بين الجدة والحفيدة والابن، هذه العلاقة التي اتخذت وجودها متعددة، فأصبحنا نرى داخل بعض الأسر جدات غيربات في منازلهن وغريبات عن أحفادهن، وفي أسر أخرى هناك جدات قويات مازالت لهن مكانة والسلطة على عائلتهن، وفي المقابل هناك جدات متمردات يرفض الاستماع والاستسلام ... فكيف هي عقلية الجدة المغربية في علاقتها مع أحفادها وأبنائها؟

"وباركة من لفشوش .. راه غادة تخرج عليه" عبارة أصبحت متداولة في مجتمعنا المغربي، فبمجرد دخولك" الدار الكبيرة" حتى تسمع صداها يتردد مرارا وتكرارا من طرف الاباء والأمهات، الذين يخشون على أبنائهم من كثرة التدليل من طرف جدات حنونات لا يبخلن على "طرف من كبدتهم " بالحب والرعاية، وأحيانا بالتكتم عن هفواتهم وأخطائهم... فهل كل جدة عندما تحتضن أحفادها بمحبة وطيبة وعفوية، قد تتصادم مع أبنائها من أجل






"ربينا ولادنا وهما يتكفلوا بوليداتهم.."

الحاجة زهرة في سن الثمانين، تفتخر بوجود 25 حفيدا في عائلتها الكبيرة، الأحفاد "عزاز عليها من معزة أبائهم وأمهاتهم" لأنهم "بحال بحال" لديهم المكانة نفسها في قلبها، تخاف عليهم وتستمتع بوجودهم في حياتها، تلاعبهم وتدللهم، لكنها تحرص في تعاملها أن يكون هذا التدليل مقننا، ولا يتجاوز الحدود المسموح بها، لأن الحاجة زهرة تؤمن بأن دور الجدة يقتصر على منح الكثير من الحب والعناية والحنان فقط دون التدخل في طريقة التربية ولا كيفية التعامل وأيضا تنفيذ العقاب، لأن هذه المسألة يجب أن تترك لاختصاص الآباء والأمهات "فكل واحد وخاصو يربي ولادو براسوا "حسب قناعته، فإذا ربى أبناءه وتربية حسنة فسوف يحصد ثمارالا طيبة، وكما تقول زهرة "احنا قمنا بدورنا ربيناهم ودابة جا وقتهم يربيوا أولادهم.. لأن هذا الجيل مختلف وأيضا كل "عصر يعرفوا ليه مواليه"... الجدة زهرة رغم أنها لا تعيش في بيت واحد مع جميع أحفادها إلا أنها تؤكد أن "كل واحد وبلاصتو"، وأنه لا يوجد فرق بين الحفيد البعيد ولا الحفيد القريب.





ابنتي تصرخ في وجهي "راه ولدي أنا ندير فيه ما بغيت"

حليمة جدة وأم لحفيدها أيوب الذي تكفلت برعايته منذ صغره" وهو باقي لحمة حمرا"، اهتمت به أو بالأصح فرض عليها بسبب التزام ابنتها بالعمل، هذا الواقع ادخلها غصبا عنها في علاقة مباشرة مع حفيدها، مع الوقت توطدت لتصبح علاقة روحية، لدرجة أنها أصبحت لا تستطيع أن تبتعد عنه، يضحكها من أعماقها يلهو معها، وعندما تمرض يعتني بها وينام بجانبها، ليصبح أيوب بهجة حياتها وعيشها في حلم رائع.. لكن للأسف الواقع لا يرحم لأنه مع الوقت أصبحت الجدة في صراع دائم ما ابنتها حول تربية حفيدها، لأنها ترفض أن تعاقبه أو تضربه، وعندما تعترض تصرخ في وجهها "هاداك راه ولدي أنا نديرفيه ما بغيت" ولكن كما تقول حليمة "ابنتي تنسى أنني أنا من ربيته وسهرت عليه.. ولكن أنا المخطئة لأنني ما كنتش عارفة أن ولد الناس كيبقى ولد الناس وخا يكون من دمك، لذلك صراحة أحسن للجدة تبقى بعيدة وحفيدها يزورها مرة مرة، لأن القرب" كيولد المشاكل وكيقطع الدم."

الجدة تعترف "غير كلمة أجي أنا مامك كتجرحني

تنعم الحاجة عائشة بوةجودها بين أحفادها من ابنتها التي جاءت للإقامة معها، بمجرد ولادة ابنها البكر حمزة، الحفيد المدلل للجدة الذي تعلقت به لدرجة كبيرة، وأصبحت تكن له معزة خاصة وهو فوق منهم كلهم تواحد ما يوصل بحالوا في المحبة".

بحسب اعتراف الجدة التي بفخر تحكي عن هذه العلاقة مميزة بحفيدها فتقول:" دوزت معاه العذاب" عندما كان طفلا تكلفت برعايته وسهرت على راحته، أطعمته بيدي ولاما نعستش حداه ماينعسش"... ولم أشتك يوما، بل على العكس عندما كان يسافر مع والدته أحس أن "الدار خاويا لم أرزق به لأنني أنجبت "غير البنات"، لذلك منحته حبا ودلالا بدون حدود، لدرجة أصبح "مفشش بزاف" وعندما يرتكب أخطاء فإنني لن أسمح لوالدته بمعاقبته، لأنني "مانبغيهاش تضربوا"، وكذلك تدلعوا أمامي فعندما أسمعها تقول:" أنا مامك وهذا بابك" كتجرحني هذه الكلمة، لأنه بيني وبينك" فين كانوا عندما كنت أنا كنضرب عليه تمارة..."





الأحفاد يميلون إلى ترجيح كفة الأجداد على الاباء...

تعتبر تربية الأبناء من الأمور المعقدة التي تحتاج إلى مهارات ومعرفة تربوية معمقة، بهدف خلق توزان، في شخصية الطفل، إلا أنه أحيانا تفرض بعض العوامل التي قد تخلق ارتباكا عند الاباء، ومن بينها وجود أبنائهم في بيئة تتحف بالتناقضات وبالأفكار التجاذبية التي تدخلهم في دوامة وحيرة بين الصواب والخطأ، كما هو الحال بوجود عائلة واحدة يعيش تحت سقفها الأحفاد وآباؤهم و وأجدادهم، هذه الوضعية قد تخلق أحيانا صراعات أسرية ، على اعتبار أن الآباء لهم رؤية مختلفة عن الطريقة التي يريدون بها تربية أبناؤهم، والتي يغلب عليها طابع الصرامة والانضباط، وفي الجهة الأخرى نجد الحنان الزائد والعاطفة الجياشة التي يمنحها الأجداد لأنها لا تحمل كلمة "لا "... وبالتالي يجد الآباء أنفسهم في حيرة من أمهرهم، بين احترام رأي أبائهم وبين فرض كلمتهم وسيطرتهم على أبنائهم، ويبقى الحل الوحيد لتمكينهم من السيطرة على زمام الأمور، هو تفادي خلق اصطدمات، بل يجب عليهم فتح حوار مع الأجداد، والتوضيح على أن المسألة تتعلق بمصير أبنهم وتكوين شخصيته، ومستقبله، وأنه ليس من مصلحته أن يتربى في هذه الازدواجية، وفي الوقت نفس يجب أن ينفردوا بأولادهم من وقت لآخر لكسب ثقتهم واحترامهم.

مجلة لالة فاطمة