واش كاينة الصراحة بين الأزواج؟






هل هناك صراحة بين الأزواج؟ ما هي حدود هذه الصراحة؟ وهل صحيح أن قول الحقيقة ثمنها غال في بعض الأحيان، وإنها قد تكون السبب المباشر في القطيعة والخصام والطلاق؟ إلى أي حد تكون المكاشفة بين الزوجين إيجابية؟.. أسئلة وغيرها نجيب عنها من خلال هذا التحقيق.

رحمة بوشيوع الجوهري


أثبتت إحدى الدراسات البريطانية أن الصراحة بين الزوجين تقود إلى إحساس كل منهما بالآخر وبهمومه وآلامه، لدرجة أن الشريك الذي يحب شريكه يعاني الأحزان نفسها التي تصيب الطرف الآخر. كما اجمع العلماء على أن المكاشفة والمصارحة والتعبير للطرف الآخر عن كل ما يضايقه منه، هو الطريقة الوحيدة لحياة صحية ولصحة نفسية سليمة ونوم مرتاح وحياة اقل توترا. فإلى أي حد تنطبق هذه الدراسة على أزواجنا المغاربة؟

نجاح العلاقة الزوجية

رضوان 40 سنة موظف وأب لطفلة يقول :"الصراحة بين الأزواج مهمة وضرورية لاستمرار ونجاح العلاقة الزوجية". يتساءل رضوان قائلا :" كيف يمكنني أن لا أكون صريحا مع زوجتي وهي نصفي الآخر وشريكة حياتي في كل شيء، فالرجل اللي كيكذب على مراتو أو ميصارحهاش بالحقيقة كيفما كانت هو راجل ماشي محل ثقة وممكن يخون، أو مراتو ماكتسوا عندو والو.
والأكيد أنه تيكذب عليها فكلشي" يعلق رضوان: "الصراحة بين الزوجين هي عامل مهم لنجاح العلاقة الزوجية وتعكس طبيعة الاحترام والثقة المتبادلة بين الزوجين".

راجلي كذبة كبيرة

أما غيثة ، 32 سنة أم لطفلين فتحكي بمرارة عن معاناتها قائلة:" بالنسبة لي الصراحة بين الزوجين أمر صعب التصديق خصوصا في وقتنا الحاضر، فراجلي كلو كذبة كبيرة، قبل ما يتزوجني وهمني بالدار أو المصاريف أو أنني المرأة الوحيدة في حياتو أو أنه مكيفرقش الصلاة أو التسبيح غير خاذني ودار فيا غزاوة لادار كيفما وعدني لا صاير ولا مصروف لقيت عندو مراة أخرى مطلقها أو والد معاها أو ما بينو وبين الصلاة غير التيقار أو مع ذلك راني صابرة على خاطر الوليدات اللي عندي معه ودائما أدعي له بالهداية.. آش من صراحة هذي " تتنهد غيثة بعمق محاولة درء دموعها قبل أن تسترسل قائلة :" الصراحة وهم كبير ولا محل له في العلاقة الزوجية".

العيالات متيبغيوش الصراحة

ويعلق العربي، 36 سنة مسير شركة بدون أبناء لـ"لالة فاطمة" قائلا:"الصراحة ما بين الزوجين حلاوتها في أنه ما خصها تكون، فمراتي نهار اللي كنصارحها بشي حاجة كتخلق لي مشكل أنا مثلا صارحتها بأنني دخلت شي فلوس في التجارة ، ذيك الساعة ما تيبقاوش الفلوس حيث تدير ليهم الطريق، لكنني إذا اخفيت عنها الأمر وكافأتها بطريقتي الخاصة دون الضغط علي ستمر الأمور بسلام".. وعلى العموم يضيف العربي :" العيالات مكيبغوش الصراحة أو الراجل اللي كيكون صريح مراتو تتركب عليه".

الصراحة راحة

في حين تقول أمينة 58 سنة، ربة بيت وأم لأربعة أطفال:"الصراحة بين الزوجين كنز لا يفنى، فالراجل والمرا فحال الحك مع الغطا إلى ماكانوش مفاهمين أو مصارحين في كلشي عمر هذاك الحك ميتغطى، حيث الحك فشكل والغطا في شكل آخر.. وعن تجربتها الشخصية تقول أمينة :" بعد 30 سنة زواج عمرني مخفيت على راجلي الشادة أو الفادة من هموم الدار أو العائلة أو الأولاد، أو راجلي كذلك لدرجة أن مشاكل عمله حاضرة معنا على طاولة الطعام فالصراحة بين الزوجين راحة وعندما يصارحك زوجك بهمومه ومشاكله يرتاح، وقد يجد عندك الحل أو تصلا إليه معا، وهنا تكمن أهمية الصراحة في بناء حياة زوجية سليمة".

هي تربية قبل كل شيء

وتصرح عائشة، 33 سنة، أستاذة وأم لطفلة قائلة :"أنا متزوجة منذ 10 سنوات ولله الحمد نصارح بعضنا بكل شيء. ومسألة الصراحة كانت شرطا فرضناه منذ فترة الخطوبة للتغلب على الصعوبات ومواجهة المشاكل، وعدم فسح المجال لأصحاب السوء للإيقاع بيننا أو تفريقنا، وأعتقد ان الصراحة مسألة تربية، فهي ليست دواء يشتري أو شيئا يصنع، بل هي تكتسب والإنسان الصريح منذ صغره لا يمكن إلا أن يكون كذلك داخل بيته وخارجه سواء مع زوجته أو مع غيره".

مهمة لبناء الحياة الزوجية

واش كاينة الصراحة بين الأزواج؟ سؤال طرحناه على نجوى 23 سنة طالبة غير متزوجة فأجابت :"الصراحة بين الزوجين أمر ضروري وشخصيا لا يمكن أن ابني حياتي مع شخص تحت سقف واحد وهو ليس صريحا معي مهما كانت الظروف والمبررات، لأنني على يقين تام بأن علاقتنا سيكون مآلها الفشل حتما".





الصراحة شرط وجوب لضمان استقرار الحياة الزوجية

عدنان زاهر باحث وداعية إسلامي

وفي معرض جوابه عن الصراحة بين الأزواج وكيف حددها الإسلام، قال الباحث والداعية الإسلامي عدنان زهار لـ"لالة فاطمة" :"لقد أسس الإسلام قواعد السعادة في الحياة الزوجية واستمرارها وذلك في قوله تعالى :"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". فالسكينة قصد من الزواج والمودة والرحمة أسباب مبقية له، ومعلوم أن المودة والرحمة لا قوام لهما مع فقدان الثقة بيم الزوجين وعليه فإن الثقة شرط وجوب لضمان استقرار الحياة الزوجية واستمرارها، ولا تكون إلا بمصارحة بينهما. والإسلام أمر بها قبل أن يطأ الإنسان بيت الزوجية كي تكون أساسها والبناء الذي يعلو به، فقال تعالى :"ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن" للمرأة التي تريد أن تتزوج وهي حامل لا يظهر حملها من زوج ميت، كما نهى عن التدليس في وصف صورتها، وكذلك الزوج في ذكر أخباره وأحواله. والمصارحة لها مراتب وصور عالجها الإسلام بطريقة راقية، فأهمها المصارحة بمشاعر الحب جهة الزوج أو الزوجة، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان من هدية ان يصرح في مناسبات كثيرة لزوجاته بحبه الشديد لهن، حتى يكون ذلك أثبت للعلاقة بينهم. بخلاف ما عليهم كثير من الرجال من التلكؤ عن التصريح بمشاعر الود والوئام لزوجته لأسباب تافهة لا تستحق ذكرها. ومن مظاهر المصارحة بين الزوجين مشاركة أحدهما الآخر في همومه الشخصية التي لا ارتباط لها بلب الحياة الزوجية كمشاركة الزوج زوجته في بعض مشاكله العملية استشارة وتخفيفا كي يشعر كل طرف الآخر بحاجته إلى الاستماع إليه ويحسسه بالقرب منه، فكذلك كان يفعل المصطفى عليه السلام مع زوجاته في تدبير شؤون الأمة. كما أن من صورها بل من أهمها أيضا مصارحة كل طرف بما لا يحبه في الآخر أو يؤاخذه عليه، أو مصارحته بما يجد فيه حرجا كعدم الإحساس بالإشباع الجنسي الذي هو حق أحدهما على الآخر، فإن عدم المصارحة بمثل هذا يسبب شقاقا خفيا، سرعان ما تظهر آثاره في النزاعات اليومية والمشاكل المستديمة، لكن لا بد أن يكون ذلك بألطف عبارة قصد الإصلاح والتوجيه ونزع جذور الشقاق.

ويضيف فضيلة الشيخ قائلا :" يجب أن يراعي الزوجان أمورا حساسة في موضوع المصارحة حيث لا يستقيم شرعا ولا عقلا ولا عرفا أن يصارح أحدهما الآخر بما يدخل في قلبه الشك ويسبب الحرج أو البغض، كتصريح امرأة لزوجها بعلاقة محرمة كانت لها مع بعض الرجال، بدعوى أنها لا تحب أن تخفي عليه شيئا من أمرها وكذلك هو ، فليس من الإسلام ولا العقل في سيء فضح الإنسان نفسه بما صنع من الموبقات وقد ستره الله عنه، فلا داعي للمصارحة ببعض الأسرار التي لا فائدة من ذكرها بل قد تؤدي إلى نزاعات كبيرة وخطيرة".





الأزواج يفتقدون الحوار والتواصل

الدكتور محسن بينشو

ومن جهة أخرى يؤكد الاختصاصي في الطب النفسي والعقلي والاضطرابات الجنسية الدكتور محسن بنيشو، أن الصراحة شرط أساسي في العلاقة الزوجية، لكن للأسف تفتقد لها العديد من البيوت لغياب الحوار والتواصل بين الزوجين.
وقال الدكتور بنيشو في تصريح لـ"لالة فاطمة" إن عمله اليومي يجعله يصادف حالات إنسانية متعددة وأنه أخيرا زاره زوج لم يكلم زوجته منذ ثلاث سنوات وآخر لا يعلم سوى لغة الشجار والخصام وفئة أخرى لا تعرف التعامل بسلطوية مع الزوجة ولا تستشيرها أو تأخذ رأيها في أبسط أمور بين الزوجية.
وأوضح الأخصائي النفساني أن المرأة قادرة على اتخاذ القرارات السليمة أحسن من الرجل أحيانا، لهذا فالحوار بين الزوجين قد يجعلهما يتخذا قرارات ناجعة لاسيما في الأمور المادية والمشاريع المستقبلية. وينصح الدكتور بنيشو الأزواج بالصراحة ولو في الأمور الحساسة لأنه بالحوار يمكن يجاوز المشاكل والصعوبات والتخفيف عن النفس.





مجلة لالة فاطمة