2010-12-20, 14:36
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | فكرة قرأتها في كتاب: "نقد فكر المواطَنة العالمية". نقل مواطن العالم د. محمد كشكار | كتاب أدغار موران " ثقافة أوروبا و همجيتها " الطباعة حنّبعل للإنتاج, تونس 2010, 92 صفحة. نقل مواطن العالم د. محمد كشكار
تنبيه ضروري
ما أنشره في هذه السلسلة من نقل، تحت العنوان المشترك "فكرة قرأتها في كتاب"، لا يمثل موقفي الفكري بل هو عبارة عن مذكّرة خاصة، أعتمدها شخصيا عند الرجوع إلى الكتاب الأصلي. لا تغني هذه المذكرة عن قراءة الكتاب كاملا. يجب إذن توخّي الحذر الشديد في التعامل مع ما ورد فيها لأن لا تصل إليكم فكرة الكاتب ناقصة أو مشوّهة. أنشر هذه السلسلة مساهمة مني في رد الاعتبار لفن ثامن في طريق الانقراض، اسمه "مطالعة الكتب
أدغار موران
صفحة 49: فشل الأمميات
فقد نشأت مواطنة العالم (بفتح الطاء) بمناسبة حرب بيافرا. هذه المقاطعة النيجيرية التي كانت تحارب من أجل استقلالها. و تأسست منظمة أطباء بلا حدود. و تتمثل مهمتها في معالجة البشر مهما كان عرقهم أو دينهم. كانت تلك خطوة مهمة. و منذئذ، تكاثرت مثل هذه المنظمات الشاهدة على وعي كوني. في نفس الوقت الذي سقط فيه الفكر الأممي. فكر الأممية الشيوعية و الدولية الاشتراكية الديمقراطية
هذه الأمميات تركت نفسها فريسة للأمم. ففي فرنسا، كانت الأممية الثانية. القوية سنة 1914 مع حزب فرنسي يقوده جوراس. تريد السلام مثلما يريده الحزب الألماني. و لكن، ما إن انطلقت الأعمال الحربية حتى اصطف معظم الاشتراكيين الفرنسيين مع الحلف المقدس ضد ألمانيا، و معظم الاشتراكيين الألمان مع الحلف المقدس ضد فرنسا. وحدها بعض العقول النادرة ، مثل روما ن رولان و بعض النقابين نجت من هذا التنويم المغناطيسي القومجي (كشكار: أنا نقابي و أتمنى أن أرتقي بفكر مواطنة العالم و أنجو مثلهم من التنويم المغناطيسي القومجي الحالي). و هكذا التهمت حرب 1914 الأممية الثانية
أما الثالثة، أي الأممية الشيوعية، فكانت في خدمة الدولة السوفياتية، التي كانت بدورها في خدمة قوتها الذاتية أكثر فأكثر. لقد تم تحريف مُُثُل الاشتراكية الأممية لمصلحة وطنية كانت فوق ذلك حيوية للمحافظة على الاتحاد السوفياتي. و لئن سمّى ستالين الحرب العالمية الثانية بـ"الحرب الوطنية الكبرى". فإن الأممية الثالثة قد التهمتها قومية الامبراطورية السوفياتية. بشكل ما، كل تلك الأمميات أهملت حقيقة الأوطان و الأمم. و اعتقدت أن الأمم لم تكن إلا أداة في يدي الطبقة المهيمنة. حدث ذلك رغم أن أوتو باور حاول منذ القرن التاسع عشر أن يبني نظرية للأمة تقوم على فكرة وحدة المصير. و كان ستالين نفسه، خلال شبابه، قد كلفه لينين بتأليف كتاب حول الماركسية و المسالة القومية حاول فيه أن يقدم بعض مقومات الأمة
و لكن الماركسية كانت عمياء، و الثوريون أنفسهم الذين اعتقدوا أنهم قد قاموا بكنس كل شيء في الاتحاد السوفياتي قد هيئوا من حيث لا يعلمون لعودة القومية بقوة. لا فقط القومية الروسية، بل أيضا الأرمينية و الأزبكية و الليتوانية. كانوا يظنون أنهم قد أجهزوا على الدين، فعاد بقوة متجددة. و كانوا يظنون أنهم قد تخلصوا إلى الأبد من الرأسمالية بتصفية البورجوازيين. فجدت رأسمالية أدهى من رأسمالية العهد القيصري. كل هذا يدعم ما سميته "إيكولوجيا الفعل". ففي السياسة بالخصوص، يمكن للأفعال أن تتجه في الاتجاه المعاكس للنوايا. و أن يكون لها بالتالي انعكاسات تدمرها. و أي شخص يجهل إيكولوجيا الفعل محكوم عليه بالوقوع في الخطأ باستمرار
إذن، عجزت الأمميات عن أن تتحول إلى وعي كوني، مما ينم عن ضعف فكر المواطنة العالمية
صفحة 67: تحولت الأممية اليهودية إلى صهيونية على يد الصهاينة
كان اليهود إذن بين قطبين: قطب الاندماج القومي من جهة، و قطب الأممية من جهة أخرى. غير أن رد فعل ثالث أخذ ينمو ببطء حول القطب الصهيوني. فالصهيونية يعود أصلها جزئيا إلى قضية دريفوس. فقد حضر صحافي مجري شاب يدعى تيودور هرتزل مراسم الحط من رتبة النقيب دريفوس. انفعل و نقم على مناخ الكراهية المعادية للسامية و استخلص من ذلك أنه على اليهود أن يكفوا عن البحث عن الاندماج و أن يوجدوا لأنفسهم دولتهم القومية الخاصة بهم. و هكذا سينشئ الصهاينة بسرعة مستوطنات في فلسطين. و سوف تتوسع هذه الحركة متخطية المراحل نحو إنشاء دولة إسرائيل
في الأثناء، ستحدث عمليات الإبادة في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. و المفارقة هي أن الكثير من اليهود الألمان كانوا يحققون هويتهم بقوة في الأمة الألمانية. فأثناء زيارة لي إلى حيفا في إسرائيل، تمكنت من الالتقاء بمهاجرين من اليهود الألمان في مستوطنة كبيرة. و يبدو أن الكثير منهم قد بكى عند الإعلان عن هزيمة ألمانيا في ستالينغراد
رأيي الشخصي في فكر مواطنة العالم
نتج ضعف فكر المواطنة العالمية عن عدم صدق الذين نادوا و تاجروا به في القرن التاسع عشر و القرن العشرين من زعماء و مثقفي السلطة و يهود بلا هوية وطنية. ضعف هذا الفكر رغم أممية البسطاء من المواطنين الليبراليين و المسلمين و اليساريين الذين آمنوا بهذا الفكر عن صدق. أنا لست زعيما و لا مثقف سلطة و لا يهودي يبحث عن ميتا- قومية، أنا تونسي عربي الهوية و أومن بفكر المواطنة العالمية و ليس لي مصلحة في ذلك بل بالعكس، إيماني بالمواطنة العالمية قد يجلب لي بعض الأذى المعنوي و السخرية من بعض القوميين المتعصبين الذين يرون في المواطنة العالمية خيانة للوطن أو من بعض المتدينين المسلمين المتعصبين الذين لا يرون في الآخر غير المسلم إلا الكفر بالإسلام
فكر المواطنة العالمية لا ينفي و لا يدين حب الوطن الجغرافي لكنه يتناقض كل التناقض مع الوطنية العنصرية الضيقة مثل الستالينية و النازية و الفاشية و الطائفية و العرقية و القومجية عموما
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، و بكل نية طيبة و صادقة مع حفظ المقام العالي للرسول، أعمّم المقاصد من الحديث و أضيف: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لوطن الآخر غير العدو ما يحب لوطنه" و بهذا الحب للآخر، بشرا كان أو وطنا، تتحقق فكرة المواطنة العالمية التي يتبناها و يدافع عنها الفكر الليبرالي و الفكر اليساري و الفكر الإسلامي مجتمعين | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=310363 |
| |