منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   حدود السلوك العقلاني للمشاركين في حركة المعطلين بالمغرب (https://www.profvb.com/vb/t57684.html)

ابن خلدون 2010-12-16 21:14

حدود السلوك العقلاني للمشاركين في حركة المعطلين بالمغرب
 
حدود السلوك العقلاني للمشاركين في حركة المعطلين بالمغرب


المساء

المساء : 15 - 12 - 2010
تؤدي دراسة دوافع الحركة الاحتجاجية لحملة الشهادات العليا المعطلين بالمغرب، من منظور العقلانية، إلى خلاصة أساسية مفادها حدود عقلانية الحركة، إذ رغم أن المعطل المحتج لديه هدف عقلاني يتمثل في الحصول على الوظيفة العمومية -ولذلك فهو ينتظم داخليا وفق قانون تنظيمي ويخضع لنظام الضبط، الذي يحدد عدد ونسبة الغيابات وعدد النقط المحصل عليها
في كل شكل جماعي والعوامل الموجبة للإقصاء وكيفية انتقاء الممثلين، بالإضافة إلى تنظيم الجموع العامة، ولا ينخرط في هذه المجموعات لولا مزية التوظيف والاستقرار الذي تضمنه له الوظيفة العمومية- فإن عقلانيته تظل محدودة، وذلك لعدة اعتبارات، أولها ارتفاع تكلفة الاحتجاج، وثانيها ضعف الضمانات القانونية، وثالثها الخطاب الإيديولوجي والنزاعات غير الواقعية.
إذا كانت العقلانية تعني الحصول على أكبر المزايا بأقل تكلفة، فإن ارتفاع تكلفة الاحتجاج تتعارض مع هذا المعنى، فالعاطل عندما يراهن بجسده في الفضاء العام، فإنه لا يضع في حساباته ماذا سيخسر وماذا سيربح، وماذا سيكلفه الاحتجاج في الفضاء العام، فهو يحتج ولا يضع فرضيات حول ما ستكلفه إياه مظاهرة أمام بعض الفضاءات التي تعتبر حساسة، مثل مقر الإذاعة أو وسط الطريق العام، فهو يتصور أنه كلما تعرض للضرب كانت حظوظه كبيرة في التوظيف، كما أنه عندما يخرج للشارع لا يعرف ما هو حجم التكلفة التي تنتظره، في حين قد يتعرض لضربة على مستوى الرأس، كما قد يتم اعتقاله أو محاكمته، ومن الصعب فهم الأسباب التي تؤدي إلى ذلك.
يظهر هذا العنصر من خلال التزامات الدولة، حيث إنها غير ملزمة بتوظيف المحتجين استنادا إلى الالتزامات القانونية والمتمثلة في القرارات الوزيرية الثلاثة التي تخول لحاملي الشهادات العليا، بمن فيهم حاملو دبلومات الماستر، الحق في التوظيف المباشر، بل إن الدولة توظف هؤلاء المحتجين استنادا إلى «مشروعية تاريخية» تتمثل في العرف، حيث عهدت توظيف المجموعات المحتجة في الفضاء العام بهذه الطريقة، وذلك منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
وعندما يطالب المعطلون بالوظيفة العمومية، فإنهم يستندون إلى القرارات الوزيرية كشرعية للإدماج والاحتجاج، وليس إلى العرف، كما أنهم لا يستندون، مثلا، خلال احتجاجاتهم إلى قانون المظاهرة. وبالتالي، فالعقلانية في هذه الحالة محدودة بالنسبة إلى المعطل. ورغم ذلك، فالدولة تعطي ضمنيا الشرعية للتوظيف عن طريق الاحتجاج العلني، سواء أكان هذا الإدماج معبرا عن العرف أم مستندا إلى شرعية القانون.
ويبقى العنصر الأهم الذي يعبر عن ضعف الضمانات التي تحمي المحتجين واردا في قانون المظاهرة، فرغم أن هذا القانون يسمح للمجموعات بالتظاهر في الفضاء العام في غياب الترخيص، وذلك طبقا للعادات المحلية، فإنه لا يحدد ما إذا كان يسمح لهؤلاء المحتجين بتنظيم الوقفات. فما يفهم من هذا القانون هو أنه يقتصر، في تعريف المظاهرة، على كل موكب متحرك، أي على المسيرات، وهذا يؤدي إلى التساؤل حول مدى أحقية المعطل المحتج في احتلال الفضاء العام من خلال الوقفات، من جهة، ثم مدى أحقية الدولة في استعمال العنف المادي، من جهة أخرى، فهذا الأمر ضمنيا قد يكون من بين الأسس التي تبرر «تعنيف» المعطلين، خاصة وأنه بالرغم من كون قانون المظاهرة يضع مجموعة من الضوابط والإجراءات التي ينبغي اتباعها من طرف السلطات المعنية قبل التدخل، ومن بينها الإنذار، فإن هذا الإجراء غالبا ما يتم تغييبه في الواقع العملي بالشكل الذي ينص عليه القانون، فالواقع العملي جعل المعطلين يفهمون أن وجود سيارة القوات المساعدة أو التفاوض مع الأمنيين يعد إنذارا، وليس ما ينص عليه القانون.
صحيح أن حركة المعطلين لديها هدف عقلاني يتمثل في التوظيف، وليست لديها أهداف سياسية أو اتفاق حول إيديولوجية معينة، غير أن لها خطابا إيديولوجيا يعتبر مطلب التوظيف بمثابة صراع طبقي بين المعطل والنخبة، فشعارات مثل «حرمونا من التوظيف بسياسة طبقية. بني الفيلا زيد شري العمارة حنا أولاد الشعب التجويع والعطالة» . «الفيلا والبراكة، البرلمان والهرمكة»، تعبر عن خطاب واضح لتصور يعتبر قضية التوظيف مسألة طبقية، خاصة وأن عبارة «أولاد الشعب والجماهير» تتكرر بشكل واضح في خطابات المعطلين. كما أن مرجعية هذه الشعارات غالبا ما تكون لقوى اجتماعية معارضة.
والخطاب الذي تحمله الشعارات لا يعبر فقط عن هذا التصور، بل يعبر أيضا عن نزاعات غير واقعية تتمثل في المطالبة بالحرية وبالديمقراطية من قبيل شعارات «أول مطلب يا جماهير حرية التعبير. ناضل يا مناضل من أجل الحرية، من أجل الكرامة... من أجل الحقوق ضد الحگرة». كذلك فشعارات المعطلين تعبر عن خطاب معارض يتمثل في المطالبة بالتغيير وانتقاد السياسات المتبعة ورفض بعض الحلول التي يقترحها المسؤلون، وهناك شعارات أخرى عديدة تحمل نفس الخطاب، وذلك رغم أن هذه الحركة لديها مطلب اجتماعي ولا تساهم، بشكل كبير، في التغيير.

نادية البعون



الساعة الآن 01:44

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd